عرض مشاركة واحدة
قديم 14-07-19, 10:10 PM   #26

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم
ميعادنا مع الفصل الرابع


الفصل الرابع :
" هل انت بخير؟!! "
ألقت وصال سؤالها بحذر بعدما لاحظت صمت امين المطبق منذ أن خرجا من البيت .. فهو لم يبدي اي ردة فعل منذ أن اخبرهم جده بخطة مساء الغد حتى إنه لم يبارك للعم امام و لو من باب الذوق !
توقعت أن يظل سؤالها دون اجابه حين طال صمته لكنه فاجئها حين همهم بلا مقدمات :
" لقد كانت تبكي "
قطبت وصال بعدم فهم و انتظرت أن يقول شيئاً آخر لكنه غرق في صمته من جديد فأخذت هي المبادرة مجدداً و سألت ببعض الشفقة و هي ترى ملامحه المشدودة رغم يقينها أنه لا يدري عن حقيقة مشاعره شيئاً و هذا بالضبط ما يؤلمها لأجله فما اصعب ان يكون الإنسان جاهل لحقيقة ضيقه و ألمه .. يتألم هكذا فقط دون أن يضع يده على سبب معاناته !
" من التي كانت تبكي ؟! ... عهد ؟! "
تكلم امين بنبرة صخرية لا حياة فيها :
" هلا نتحدث لاحقاً ؟! .. لقد وصلنا على كل حال "
بعد لحظات دخلا الشركة معاً ليتوجه امين مباشرة ً الى مكتبه بينما جلست وصال في الردهه الخارجية تبحث بعينيها عن وجود عهد التي ظهرت بعد لحظات تحمل عدد لا بأس به من الملفات دون أن يؤثر ذلك على مشيتها الانيقة التي تغيظها دائما ً .
بحق الله الفتاه دائما ً ترتدي كعب عال جدا بالنسبة لها دون ان يؤثر أبداً على حركتها بينما هي تتعثر في الهواء وهي حافية القدمين !
" مرحباً بأبنة عمتي الخائنه "
القتها وصال بمرح زائف بينما تقطع طريق عهد التي توقفت مبتسمه بصمت دون أن تصل تلك الابتسامه لعينيها التي عكست شرود لا حدود له فأكملت وصال بمزاح مفتعل :
" هذه نهايتها !! .. اعرف في الصباح و بالصدفة انكِ على وشك الزواج و انا اخر من يعلم ! .. لا انا حزنت ، والله حزنت "
ردت عهد بنبره رتيبه دون أن تتفاعل مع مزاحها بينما تتجنب النظر إلى عيني وصال بشكل واضح :
" لا تحزنِ هذه مجرد خطبه لنرى إن كنا سنناسب بعضنا ليس أكثر من هذا "
عقبت وصال بلؤم مقصود تأمل أن توقظ تلك الحمقاء من غفوتها :
" ما كل هذا الحماس الذي يظهر على وجهك ؟!! .. خففي حماسك قليلاً سيغرقنا يا فتاه "
تنهدت عهد لتجد لسانها ينطق دون إرادة منها و كأنه سأم المداراه :
" الامر ليس بحاجه لأن اتحمس له .. هذا مشروع ارتباط تقليدي اما سينجح أو سيفشل "
نظرت لها وصال بصدمه من منطقها لتهمس في النهاية قبل أن تتركها لمصيرها الذي ينتظرها مع أمين في الداخل :
" اهم شيء أن لا تستنزفين نفسك في محاولة إنجاحه ، اتركِ نفسك لقدرك يا عهد لتري الى اين سيسوقك "
ابتسمت لها عهد دون تعقيب لتتحرك بخطوات متثاقلة إليه ..
لا تعلم الى الان كيف ستكون ردة فعله على الأمر خاصة ً و أنه يظن أن أبيها هو من يجبرها على إتمام الأمر !
سحبت نفساً تهدأ نفسها ثم رسمت ابتسامتها المعتادة و طرقت الباب لتجده واقفاً أمام النافذة يراقب الطريق و كم بذلت من الجهد حتى يخرج صوتها طبيعياً و هي تبدأ حديثها العملي معه :
" صباح الخير يا امين .. أحتاج لتوقيعك على بعض العقود بشكل عاجل "
وضعت الاوراق بهدوء على طاولة مكتبه ثم نظرت لوقفته الغريبه التي طالت امام النافذة ليلتفت هو اخيراً يحدق فيها بهدوء جامد لبعض الوقت ثم يسألها بعدها بشكل مباشر :
" الا تثقين بي يا عهد ؟!! .. الا تجديني رجلاً بما يكفي للدفاع عنك ؟! "
ضيقت عيناها بعدم فهم لترد سؤاله بسؤال آخر :
" لما تتكلم هكذا هذا ؟! "
" لأنني اخبرتك انني في ظهرك و سأدعمك أمام الجميع حتى لا تكوني مجبرة على فعل ما لا تريدين لأفاجئ في الصباح انكِ رضختِ لأمر والدك و بسرعه قياسيه .. لما لم تأتي لي ؟! "
كانت تنظر إليه و الى غضبه الذي توقعته نوعاً ما نظراً إلى صداقتهم و قربهما الشديد من بعضهما بينما كان هو يحاول كتم غضبه فنظرت اليه ببعض العجب من أعصابه المشدودة لتبتسم له في النهاية فيما تقول :
" و لما لا تقول انني اقتنعت بوجهة نظره ؟! .. امين انت تعلم كم يحبني ابي و الى أي مدى تهمه سعادتي لهذا فقد جلسنا و تناقشنا في الأمر من كل الاتجاهات و بصراحه تامه اقتنعت برأيه و الرجل لا يعيبه شيء "
ابتسامه ساخرة ارتسمت فوق ملامحه ليعقب :
" حقا ً ! .. اولاً تبكين و تشكين إجباره لكِ و الان تقولين جلسنا و تناقشنا و اقنعني بالأمر و الرجل لا يعيبه شيء ! "
تنهدت عهد لتكتم ألمها عن عينيه التي كانت تفترس كل ذرة من ملامحها لتقول بعدها :
" اسمع يا امين .. انا اعلم جيدا ً انك تحاول مساعدتي ظناً منك أن ابي يجبرني على الزواج من أنس و اعلم أيضاً أنه خطئي انا من البدايه لأنني انا من اوحيت لك بتلك الصورة من البدايه دون قصد .. لكن ها أنا اخبرك الآن أن كل شيء على ما يرام ، انا فقط كنت مشدودة الاعصاب في الفترة الأخيرة و فهمت حديث أبي بشكل خاطئ و حين فكرت بعدها اقتنعت بكلامه بل و اعتذرت منه أيضاً "
تمنت من كل قلبها أن يصدق تلك الكلمات الكاذبه التي ابتدعتها و هي تقف أمامه لتذهب كل امانيها ادراج الرياح حين عقب بهدوئه المعتاد دون أن تعطيها ملامحه اي انطباع عما يفكر به في تلك اللحظه :
" أنس ! "
ظلت على صمتها و هي تواجه نظراته الغامضة التي بدأت بالتلاشي بعد لحظات لينهي هو الأمر قائلاً بابتسامه غريبه لعينيها و كأنه ... مشوش :
" حسناً يا ابنة عمتي .. بما انك تقولين أن امورك على ما يرام و انكِ موافقه إذاً لم يبقى إلا أن ابارك لك ِ "
ماذا به ؟!! .. ما الذي يؤلمه ؟!
هي متأكدة أنه لا يحبها و لا يراها الا في إطار القرابه و الصداقة التي تجمعهما
هل يمكن ان يكون...... !!
لا مستحيل !
امين لم يحب سوى علياء و لن يرى غيرها أبداً مهما طال الزمن
لقد حاولت هي أكثر من مرة و على مر سنوات أن توضح له أن الدنيا لا تقف عند موت احد مهما كان عزيزاً على القلب لكنه كان دائما ً منغلق الفكر عند هذا الأمر ..
كانت تراه حبها و هو يرى علياء القلب
كانت تعتبره ملجئها بينما كان مأواه الاول و الاخير علياء
لقد سلمت منذ سنوات طويلة بخسارتها أمام علياء نفسها أولاً ثم أمام ذكراها فيما بعد .
و الان اخيراً امتلكت القوه للاستسلام لقدرها مع اخر فلما يحاول تشويش عقلها بتلك النظرة المختبئه بين حدقتيه و التي تطعن قلبها بوجعها !
اسبلت اهدابها حين طال الصمت بينهما ثم قالت بخفوت قبل أن تغادره :
" بارك الله فيك يا امين .. لا تنسى توقيع الاوراق حتى ارسلها للأقسام المختصة "
اومئ لها بهدوء يراقبها و هي تغادره ليتحرك بعدها يجلس على مكتبه ينظر إلى ملف الاوراق دون أن يجد في نفسه الطاقة حتى لرؤيتها و توقيعها ...
لا يعرف ماذا حل به !!
قلبه منقبض بشعور مبهم .. مشوش و غريب يسيطر عليه بالكامل
لا يفهمه و لا يدري كهنه لكنه احساس بغيض .. مؤلم يشبه إحساسه يوم عرف بحقيقة علياء !
و كأنه هوى من فوق جبل فكسر عنقه و عموده الفقري فبات هالكاً لا محاله .
أستغفر ربه بصوت مرتفع محاولاً جذب انتباه نفسه لشيء آخر بعيداً عن تلك الأيام وظل بقية اليوم يشحذ تفكيره ناحية اي شيء عداها دون نتيجه.
.....................
مساءاً ..
" جاسم "
همس بسيط جعله يلتفت قبل أن يدخل الى منزل عائلته ليجد وصال تقف في بداية المرآب بينما تشير إليه بالاقتراب
تحرك ناحيتها بضيق يتملكه في كل مره يراها أو بالأحرى في كل مره يرى عينيها التي تشبه عينا علياء الى حد كبير !
تنهد ثم قال بجفاف حين اقترب منها :
" ماذا هناك ؟! .. ماذا تريدين ؟! "
رفعت له يديها المغطاة بالشحوم فيما تقول بمسكنه :
" لقد جلبوا سيارتي اليوم من ورشة التصليح و حين جربتها وجدتها على حالها ... الا يمكن تراها من فضلك ؟! "
قطب محاولاً عدم النظر إلى عينيها ليرد بعد لحظات :
" و ما ادراني انا بتلك الأمور ! .. اطلبي الميكانيكي فليأتي هو ويراها "
تحرك بعدها ليوقفه صوتها المستنكر :
" الرجل الحقيقي يجب أن يكون على درايه بالمعلومات العامه المختلفه "
كانت تعلم انها تجازف بقلبها بحديثها معه لكنها سأمت من انتظار اليوم الذي يراها فيه لتقرر اليوم و بشكل فاجئها هي شخصياً انه لها و لو رغماً عنه ، خاصة ً بعد ان ارتفعت معدلات غيرتها للمراحل القصوى حين رأته واقفاً مع جزاء محاولاً مغازلتها لولا وجودها هي و امين فوق رأسه ليأتي بعدها و يقذفها برصاصة " العقبى للجميع " التي ضربها بمقتل وهو ينظر للأخرى !
لكن لا .. وحق الله سيكون لها هي و لو اضطرت إلى ضربه بمطرقه فوق رأسه ليستعيد نظره و يراها !
لن تتحول ابداً الى امين اخر .. ترى بعينها خسارتها لمن تحب و تقف متفرجه !
" ماذا تقصدين ؟! "
أخرجها من أفكارها صوته المحتد فعادت تشجع نفسها على اداء دورها الذي تحاول إتقانه الان فيما تجيب بهذر بدى غريب لأذنيها :
" اقصد انك بالتأكيد تعرف بعض الاشياء الأساسيه في الميكانيكا ، يعني مثلاً إذا تعطلت سيارتك في طريق عام ألن تحاول إصلاحها أولاً أم ستظل واقفاً مكانك محلك سر منتظر فرج الله عليك و ........ "
قاطعها مستغرباً ثرثرتها و هي التي كانت لا تستطيع تكوين جمله مفيدة في العادة منذ أكثر من خمس سنوات :
" توقفي عن الثرثره وصال ، ماذا حدث لكِ؟! .. منذ متى تملكين لساناً من الأساس ؟! "
اوجعتها الجملة و كأنه أهان طبع الثرثرة المتأصل فيها الذي يظهر في غير وجوده و الذي قررت إطلاق سراحه اليوم لتكرر سؤاله باستنكار :
" منذ متى املك لسان !! "
ثم تعود و تثرثر من جديد مجيبه على سؤاله بطريقه جعلت حاجبيه يرتفعاً تعجباً من حالتها التي يراها عليها لأول مرة منذ زمن إذ تخلت نهائيا ً عن دور الفتاه الهادئه الخبيثه الذي اعتاده منها و تحولت لأخرى تتحدث بذراعيها بالكامل أو بالأحرى عادت لما كانت عليه في الماضي :
" انا املك لسان منذ خلقني الله .. لكني احجمه و أطلقه وقت ما اشاء يا باشا ، انا ...... "
فيقاطعها هو من جديد هادراً بخفوت :
" وصال .. منذ متى تتحدثين معي بهذه الطريقة ؟! .. هل جننتِ ام تعاطيتِ شيئاً في ليلتك هذه ؟! "
بلعت بقية حديثها فغالباً قد تطاولت عليه دون أن تقصد !
لكن ليس بيدها .. يجب أن يفيق اليوم قبل غد
ظل ينظر إليها بغضب لبعض الوقت و قد أعاده أسلوبها القديم الى ذكريات لا تعد ولا تحصى تجمعه بها و بأمين و علياء قبل أن يتغير كل شيء و عند الخاطر الاخير تعكرت ملامحه مجدداً فحاول المغادرة من جديد متجنباً الغوص في تلك المنطقة المميتة من ذاكرته ليوقفه مره اخرى صوتها الذي عاد لهمسه بنفس المسكنه المضحكه :
" جاسم "
لا يعلم لما أراد أن يبتسم في هذه اللحظه لكنه تمرد على نفسه و التفت للمرة الثالثه بنفس العبوس دون أن يقول شيئاً فتشير هي بإصبعها المتسخ ناحية السيارة فيما تقول بطفوليه دون يأس :
" ألن تصلح لي السيارة ؟! "
......................
" غريب ! .. لما انت في المنزل الان ؟! "
التفت بكر على صوت رغده التي كانت تتبعه ليجيب ساخراً :
" و هل انا بحاجه الى اذن من الأمم المتحدة قبل دخول بيتي ؟! "
لم تتوقف خطواته و لم تكل خطواتها الملاحقة له منذ دخل من باب البيت ليأتيه صوتها الحاد في نبرته و هي تقول بتهكم و حشريه يصيبوه بالضيق بينما تحاول الإسراع للحاق به :
" انت في العادة لا تعود قبل الواحدة ليلاً .. لهذا أسأل ، هل حدث معك شيء ؟!!! "
توقف اخيراً أمام غرفته هامساً من بين أسنانه بتوسل ساخر و صوتها يطن كالجرس في رأسه :
" يا ابنة الناس ابتعدي عني الآن أنا رأسي ستنفجر دون شيء "
لكنها تعانده و ظلت واقفه خلفه لتعيد السؤال و كأنها تملك الحق فيه :
" أخبرني اولاً لماذا عدت باكراً ؟! "
" شيء لا يخصك يا رغده .. انا حر اذهب و أعود وقت ما اشاء ، توقفِ عن إحراج نفسك معي "
حدقت فيه دامعة العينين فهتف بضيق تملكه :
" لماذا تضطريني دائما ً لإيذائك ؟!! .. لما لا تفهمين بكل بساطة انكِ بالنسبة لي مثل البقية بالضبط .. ابنة عمي لا اكثر ، لما كل هذا الإصرار عليّ لا افهم ! "
أوشكت أن تهتف بحبها من جديد لكنه قاطعها بجلافته التي يستخدمها وقت الحاجة :
" و لا تقولي احبك .. انا و انتي نعرف جيدا ً انكِ لا تفعلين ، هل كل هذا لأنني لم ابادلك المشاعر مثلاً فبت هدف يجب الوصول إليه ام ماذا ؟! "
هتفت بحده دون أن تهتم بأن يسمعها أحدهم :
" و لما لا تقول انني لا استطيع تخطيك ؟! .. لا تنكر يا بكر انك مستمتع بمطاردتي لك ، انت فقط تحب لعب دور الثقيل اللامبالي .. لكنك في داخلك معجب بي انا متأكدة "
حدق فيها بكر للحظات مذهولا ً مما يسمعه ليترجم أفكاره بعدها هادراً :
" و انتِ متى رأيتِ قلبي و علمتِ بما يدور فيه ؟! .. متى انشك لساني و لمح لكِ عن الهراء الذي تتحدثين عنه ؟! "
أوشكت على الرد فقاطعها من جديد و قد ضاق صدره مما يحدث :
" اسمعي جيدا ً .. قسما ً بالله إن لم تعتدلي و تكفي عن افعالك الطفوليه و اعترافات الحب التي تمطريني بها صباح مساء سأخبر جاسم و ليتصرف هو معك ، انا سأمت من محاولة افهامك و جربت كل الطرق معك لكن بما انك مصره فليرى هو حلاً لك ِ .... بالإذن "
تركها و دخل غرفته مغلقاً بابه خلفه بالمزلاج فهو لا يضمن جنونها فيما يُحدث نفسه مستنكرا ً :
" قال في داخلك معجب بي قال ! .. انا داخلي يحثني على الركض فور أن اراكِ من الأساس "
بحث عن مسكن لألم رأسه ثم خرج إلى شرفته ينعم ببعض الهدوء قبل أن يستعد للقاء الجبابرة الذي سيقام الليلة بين جزاء و نساء العائلة أو بالأحرى شمطاواتها !
تلك العلكة رغده أصابت حين تعجبت من وجوده لكن ليس بيده فهو لم يستطع الصمود و الانتظار بعيداً بينما هو يعرف جيداً انها ستتعرض لكل انواع المضايقات و التنمر إذا اجتمعت معهن لذلك ترك ما تبقى من العمل و لم يذهب حتى لأصدقائه كما وعدهم و عاد الى هنا عسى أن يلحق الحرب من بدايتها .
صوت ضحكتها الذي يسمعه لأول مره كاد أن يسقطه من الشرفة بينما يميل بكل جسده محاولاً معرفة هوية محدثها و لم تمر لحظات حتى أتاه صوت قصي الطفولي الذي هتف في هذه اللحظة :
" انتي لطيفه و جميله للغاية كما أخبرني أبي "
اوشك بكر على الصراخ هاتفاً بحنق بأنه هو من أخبره بتلك الاشياء لكنه صمت منصتاً حين وصله صوتها من جديد :
" ممممممم .... و ماذا اخبروك عني أيضاً ؟! "
" لئيمه "
همس بها بكر بينه وبين نفسه بينما ينصت أكثر لما يقال في الغرفة المجاورة فيصله صوت قصي مردداً كإذاعة الشرق الأوسط :
" جدي قال انكِ خالتي و يجب أن احترمك .. و الخاله وصال اخبرتني انكِ ستلعبين معي و تحبينني مثلما تفعل هي "
ابتلعت تعجبها من حديث اختها البيولوجيه و هزت رأسها ليكمل الطفل مجدداً :
" اما جدتي فقد حذرتني من القدوم إليكِ أو الجلوس معك و تقول انكِ سيئه للغايه و حين اخبرت العم بكر بما قالته أخبرني انها تهذي و انكِ حلوه و لطيفه كما أخبرني أنني أستطيع التسلل إلى غرفتك وقت ما اشاء كما يفعل هو "
كاد بكر ان يلطم خديه مما يسمع و لم يتعجب حين سمع صوتها المستنكر فيما تقول :
" ماذا ؟! .. لحظه .. لحظه .. من هذا الذي يتسلل ؟! .. كيف يتسلل إلى غرفتي لا افهم ؟! "
هز قصي كتفيه بلا أعلم لتتنهد جزاء بحنق شديد فيما تقول بغيظ لتصلح الموقف :
" اسمع جيداً .. لا تقل مثل هذا الكلام مجدداً أمام أحد ،عمك كاذب و لا يتسلل لغرفتي كما يقول "
" إذا ً لما يقول هذا ؟!! "
فكرت جزاء في أكثر رد منطقي ثم قالت بعد لحظات :
" لأنه يريد طمأنتك حتى تأتي وقت ما تشاء وتجلس معي لكنه غبي و اختار الحجه الخاطئه للإقناع "
هز بكر رأسه مصدقاً باستسلام لحديثها فهذا اقل ما يستحق أن يُقال عنه بعد أن فضحه ابن أخيه تلك الفضيحة المدوية عندها ليتحرك بعدها مكتفياً بما سمعه دون أن يدري بأن الحديث توقف عند هذا الحد .
فتح باب غرفته و استعد للنزول ليجدها هي الأخرى في طريقها للأسفل بصحبة قصي لكنها توقفت حين رأته و ارسلت الصغير ليسبقها فيما تنظر إليه بشر اقلقه منها فابتلع ريقه و تحرك في اتجاهها راسماً دور الجاهل المرح فيما يقول محاولاً احراجها :
" هل تنتظريني يا غزال ؟! ... هذا شرف لا استحقه "
تكلمت بحده مفاجئه مما اجفله :
" انت فعلاً لا تستحق سوى أن تُصفع علك تتوب عن قذارتك "
قذارة !
أوشك أن يشرح لها أن قصي نسى كلمة ( كنت ) في جملته و أن تعبيرها عن غضبها مبالغ فيه بعض الشيء لكنها سبقته و قد غلبها سوء نيتها و حكمها المسبق عنهم فقالت بنفور واضح صدمه :
" تريد أن تنشر في المنزل أنك تتسلل إلى غرفتي ، بالطبع و ما المنتظر من ابنة الخاطئه كما تقولون غير ذلك ! .. أن تستقبل رجال المنزل هذا إن استحقوا أن يقال عنهم رجال من الأساس .. هذا اقل شيء تفعله أليس كذلك؟!! .. لكنك غبي .. هل يتم الأمر بمثل هذه السرعة ؟! .. انا وصلت بالأمس فقط ومهما كنت عديمة تربيه لن اتعجل الأمر بهذا الشكل "
كان ينظر إليها مذهولاً بما اهتدى إليه تفكيرها ليتمالك نفسه في لحظات ثم يسألها بنبره خافته تحمل بروداً معاكس تماماً لغضبه في تلك اللحظه :
" الا ترين ان تحليلك درامي بعض الشيء ؟! .. انا لست احمق لدرجة ان اصور الى قصي معنى جملتي بهذا الشكل رغم معرفتي بأنه سيكون في غرفتك اليوم بعد سيل الطمأنينه الذي سكبته عليه انا و أبيه ، حين ارغب بإيذائك لن اخبرك قبلها أليس كذلك ؟! "
و كأنه كان يكلم الحائط إذ قالت دون أن يؤثر حديثه فيها ذره :
" لأخر مره سأقولها لك .. لا تعبث معي "
تجاهل هذيانها ليسألها بغتةً دون أن يبعد عيناه عنها :
" الى اين سعيك يا جزاء ؟! .. الى اين تريدين الوصول ؟! "
صمتت كلياً لا تفهم الى اي شيء يلمح ليستطرد هو بعد لحظات قائلاً بنبرة جافه و ملامح تنافس صلابة ملامح أبيه :
" أنتِ لستِ هنا لتجدي انتمائك و تسعدين وسط عائلتك كما هو مفترض .. نظراتك النافرة تحكي الكثير مما تخبئينه أنتِ ، هل ظني صحيح يا ابنة عمي ؟! .. هل عدتِ للأخذ بثأر امك و تحقيق عدالتك ؟! .. هل أنتِ هنا للانتقام من اهلك ؟! "
اقتربت منه تبتسم له ببرود لتسأله دون نظرة تردد واحده او ارتباك بل رأى في عينيها شراسه بدائيه و نيران لا أول لها من اخر :
" و هل أنتم اهلي بحق ؟! "
ردد مجدداً بنبرة حادة :
" هل عدتِ للانتقام ؟! "
" لا ايها المحقق .. انا لن اتدخل لكني اتوقع انكم انتم من ستقتلون بعضكم يا ابن العم ، فور أن يموت الجد ستنقلبون جميعاً إلى وحوش ضاريه تنهشون بعضكم البعض من أجل مصالحكم الخاصة "
تنهد بكر ليقول بعد لحظات من التوتر :
" أتعلمين .. امي كانت تقول دائما ً أن المنتقم يجب أن يحفر قبرين واحد لعدوه و الآخر ... له "
قطبت بريبه لتسأله بعدها :
" ماذا تقصد ؟! "
اقترب منها مجدداً فبات لا يفصل بينهما شيء و الجدار خلفها يحدق كلاً منهما في الآخر لتخرج كلماته القاسيه مناقضة تماماً لنظراته الشغوفه :
" اقصد انك ِ ستسقطين في القبر المجاور لنا غزالتي و هنا سيأتي دوري لأنتشلك هذه المرة قبل أن يفوت الأوان و يغطيكِ التراب .. فأنا لن اسمح أن يغطيكِ تراب غير الذي تنوين دفننا به ، اذا كنا سننهار فلننهار سوياً "
قاطع تواصلهما صوت مرتفع حاد أشبه بصرخه مجنونه لينظرا سوياً الى رغده التي كانت تحدق فيهما بصدمه تحولت إلى غضب عارم و هي تحدق في بكر الذي يحاصر اللعينة في الزاويه يكاد فمه يلامس فمها بينما عيناه تعكس شغفاً لا يوصف فهتفت بجنون :
" ما الذي يحدث هنا ؟! "
في ثانيه عادت النظرة العابثه تحتل عينيه و الابتسامة الوقحة تزين وجهه ليجيب رغده ساخراً دون أن يتحرك قيد أنمله :
" إياك ِ أن تفهمي الموضوع بشكل صحيح .. انا فقط انفخ لها عينها ، مسكينه طُرفت "
" ماذا ؟!! "
هتفت بها رغده بحاجبين معقودين ليبتعد بكر عن تلك التي يحاصرها و يتحرك الى الأسفل فيما يسأل رغده ساخراً غير مبالياً إطلاقا ً باحتراقها :
" هل بدأ اجتماع مجلس الامم ام ما زال هناك بعض الوقت على الحفل النسائي ؟! "
لم ترد عليه و لم ينتظر هو منها أي رد إذ اكمل طريقه الى الاسفل بينما اقتربت رغده تصرخ في جزاء بحده طفوليه :
" ابتعدي عن بكر .. بكر خاصتي أفهمتِ ؟! "
لم تتأثر الأخرى بصوتها المرتفع لتكتف ذراعيها امام صدرها فيما تسألها بهدوء مستفز بينما تغمز لها :
" أتحبينه ؟! "
نظرت لها رغده من أسفل إلى أعلى تحاول اظهار الازدراء على ملامحها لكنها كانت تشعر بالغبطة الشديدة فهذه الدخيلة تبدو جذابة للغاية بطولها الفارع و شعرها الطويل الذي ينافس سواد عينيها الواسعتين .. تباً رغم نحافتها تبدو مثيره فكيف إذا اكتسبت بعض الوزن ؟!
" هل يعجبك ما ترين ؟! "
اقتربت منها رغده دون أن يتوقف هتافها للحظه :
" ما الذي سيعجبني بحق الله ؟! .. انظري الى نفسك قليلاً في المرآة .. هزيله و باهته لا تملكين ذرة أنوثه بل لولا شعرك الطويل لظننتك رجل "
ضحكت جزاء باستمتاع لتتحرك من أمام المشتعله التي تكاد تقذفها من فوق الدرج فيما تقول بنبرة ضاحكة :
" أنتِ طفله بحق .. لكن الحمد لله أن شعري على الأقل اعجبك "
تبعتها رغده على الدرج تهتف كمن تنفي عنها تهمه :
" انا لم اقل ذلك "
لم تعيرها جزاء انتباهها و تحركت تبحث عن جدها فعلمت أنه بغرفة المكتب لكن قبل أن تصل إليه اوقفها صوت ناهد التي نادتها فور أن لمحتها فاقتربت منها جزاء و كادت تضحك على هيئة مديحه التي تبدو كطفله قامت ببث السم في اذن معلمتها و تنتظر نتيجة فعلتها !
" اراكِ اعتدتِ المنزل بسرعة و بتِ تتحركين بحريه اكثر من قبل "
قالتها ناهد بابتسامه بارده و هي تتأملها من أعلى إلى أسفل بهدوء لترد لها جزاء ابتسامتها دون أن تبادر بالجلوس معهن فيما تقول بثقة مزعجة :
" معك حق .. بت اشعر انني منزلي "
أوشكت مديحه على قول شيء ما لكن أوقفتها ناهد تربت على كفها مما وضح لجزاء أن العقل المدبر لكل شيء هي ناهد بينما الأخرى مجرد بيدق متهور قد تتخلص منه بسهوله !
تكلمت ناهد مجدداً و هي تشير إليها بالجلوس
" كلميني عن نفسك قليلاً يا ابنة اخي .. أليس غريباً أن نكون من نفس الدم و لا نعرف شيئاً عن بعضنا ؟! "
ابتسمت لها جزاء ابتسامتها الصفراء ثم تحركت تجلس أمامها فيما تجيب بثبات :
" ليس هناك الكثير لتعرفيه يا ..... عمتي "
" لا تشبهين امك على الاطلاق يا فتاه ، تملكين بعضاً من ملامحها لكن روحك مختلفه تماماً عنها "
لم تعقب بأي شيء ليظهر اخيراً صوت مديحه التي قالت بكيد :
" لم تجيب ِ على سؤالي القديم بعد .. هل انهيتِ تعليمك ام ورثتِ عمل امك ؟! "
التفتت لها جزاء تشير بأصبعيها فيما تجيبها :
" الاثنين يا زوجة أبي "
قبل أن تكمل أياً منهن تحقيقها وقفت جزاء تعلن انتهاء وقتهن فقالت ناهد :
" اجلسِ قليلا ً انا اود حقاً التعرف عليكِ "
ابتسمت لها برسميه مغيظه فيما تجيبها :
" مره اخرى يا عمتي .. الوقت أمامنا طويل و انا اريد ان ارى جدي الان قبل أن يذهب إلى النوم .. آه بالمناسبه مبارك خطبة ابنتك "
فور أن خرجت من الغرفه هتفت مديحه بغيظ :
" لعينه مثل امها "
بينما جاء صوت ناهد هادئ فيما ترد :
" على العكس تماماً .. هذه الفتاه لا تشبه صباح في شيء ، لهذا يجب التعامل معها بحذر "
............................
" إياك يا بكر .. ذلك الملف اذا وصل ليد صخر المنصوري سنخسر الكثير ، سيضربنا في السوق و ستكون كارثه و حلت فوق رؤوسنا "
هز بكر رأسه مطمئنا ً فيما يقول بثقه :
" لا تقلق يا جدي الملف لا يخرج من مكتب امين أبداً و لن يخرج إلا بعد توقيع الاوراق المتفق عليها "
تنهد صفوان ثم سأله مجدداً دون أن يشعر أياً منهما بمن تسترق السمع خلف الباب :
" هل انت واثق من الأمر ؟! .. انت تعلم جيداً أن الكثير سيترتب على نجاح هذه الصفقة و إذا نجح صخر في اخذها منا ستكون أزمة مالية كبيرة بالنسبة لنا "
ابتسم بكر قائلاً بمكر :
" قلت لك لا تقلق .. ألم ترسلني بنفسك الى العاصمة حتى اتابع الأمر بنفسي و ها انا اقول لك الأمر تحت السيطرة يا كبير و على نهاية الشهر سنوقع العقود و ننهي الأمر "
لم يطمئن صفوان فقال مجدداً و كأنه يحدث طفلاً :
" و إياك أن تأمن إلى أي غريب .. إذا تسرب اننا نعاني من أزمة سيوله سيصبح الموقف اكثر صعوبة "
ثم أشار إلى بطاقه مزقها في وقت باكر قائلاً بتحذير :
" و ذلك المتملق بالأخص لا تأمن له .. ليس هناك اسوء من رجل يلعب على الحبلين "
عاد بكر يطمئن جده من جديد و يمازحه ليتمتم صفوان بصوت خفيض بعد لحظات :
" ربنا يقدم ما به الخير "
دقت جزاء الباب بعد أن سمعت نصف حديثهم و فهمت معظم فحواه ثم دخلت بهدوء تبتسم في وجه جدها بينما ظل بكر محدقاً فيها و عقله يخبره بأنها أتت في أمر جلل !
" تعالي يا جزاء .. هل تحتاجين شيء ؟! "
جلست جزاء على الكرسي المقابل لبكر ثم قالت بعدها تتصنع الخجل :
" كنت اريد ان اطلب منك شيئاً يا جدي "
ضحكه خائنه أوشكت على الإفلات من بكر و هو يرى مدى براعتها في المسكنه فلا تعير هي وجوده اعتبارا ً بينما تكلم صفوان :
" بالطبع يا ابنتي .. ماذا تريدين ؟! "
فركت كفيها بحركه مقصوده و هي ترمي نظره خبيثه ناحية البطاقة الممزقة ليقول الجد ناظراً الى بكر الذي يتابع الموقف بتسلي :
" اتركنا بمفردنا قليلاً يا بكر "
قاطعته جزاء بأدب :
" لا داعي يا جدي .. كل ما في الأمر انني اريد ان اعمل ، فكما اخبرتك من قبل انا اعتدت العمل منذ أكثر من عشر سنوات لذا بصراحه لا أشعر بالراحة بجلوسي هكذا في المنزل دون فائده "
نظر لها صفوان ببعض الصمت يقلب الأمر برأسه ثم قال بعدها :
" رغم انكِ اتيتِ بالأمس فقط لكن لا بأس انا موافق لكن بشرط "
نظرت له بتساؤل فأكمل بعد لحظات :
" اريدك في المقابل أن تصعدي كل يوم الى غرفة اباكِ تجالسينه قليلاً "
" و انا ليس لدي مانع "
القتها بهدوء جاف فيقول الجد مستبشراً بقبولها السريع :
" و انا عند كلمتي .. من الغد اذا احببتِ ستنضمين إلى العمل مع ابناء عمومتك و انا سأطلب من أمين تدريبك على كل صغيرة وكبيرة في الشركة "
" و لما لا ادربها انا يا جدي ؟! .. اترك امين الى مشاغله و انا سأتكفل بأمر جزاء "
شعرت جزاء ان وراء جملته الاخيرة معنى آخر لكن مع ذلك ابتسمت حين قال الجد موافقاً :
" حسناً .. ستكون ابنة عمك مسؤوليتك انت ، آه و دربها على القيادة بالمرة مثلما فعل امين مع بقية البنات "
كانت عيناه تأكلها اكلاً و هي تجلس أمامه بشموخ و غموض خُلق لها ليرد بعد لحظات :
" امرك يا جدي .. سأعلمها كل شيء "
شكرتهم جزاء بهدوء ثم نهضت و غادرت الغرفه بينما نادى الحاج صفوان على أحد العاملات لتجمع النفايات فلحقتها جزاء دون أن يشعر بها أحد ثم انتظرت رحيلها و لملمت قطع البطاقة الممزقة و وضعتها بجيبها لتنتفض برعب حين سمعت صوت خلفها يسألها ببرود :
" ماذا تفعلين بالضبط ؟! "

نهاية الفصل الرابع
في انتظار ارائكم


Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس