عرض مشاركة واحدة
قديم 25-07-19, 10:09 PM   #91

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


سلام
اليكم الفصلين
الفصل السابع والعشرين والثامن والعشرين
.........................

من أين يأتيك الحزن ؟ من مسام جلدي.
محمود درويش
................
البصرة
..............
- اخبرتك وحذرتك اكثر من مرة .. جد حلاً ..... لا ..الحل كان موجوداً لكنك تجاهلته كالعادة وقابلته ببرود ولامبالاة !!

كان حيدر يتكلم بحدة وغضب بينما معاذ يجلس على مقعد الانتظار في المشفى ... يتكأ بمرفقيه على ركبتيه مطرق الرأس بجمود وصمت ليكمل حيدر هجومه بضراوة ..يتعمد جرحه واشعاره بالذنب ...
- نصحتك بأن تتزوجها ... تزوجها يا رجل وانهي هذه المهزلة .... لم تهتم ولم تبالي لنصيحتي ... تفضل ..انظر لما حدث بسببك انت ووالدتك !

اخترقت كلمة حيدر الأخيرة أذنه كالرصاصة الحارقة .... بسببه !! هل ما حصل لصغيرته كان بسببه ؟! اجل ربما حيدر محق .. ماجرى بسببه ..سابقاً عندما كان شقيقه وزوجته على قيد الحياة لم تكن مسؤولية ملك ملقاة على عاتقه لهذه الدرجة .. صحيح هي كانت متعلقة به اكثر من الجميع الا ان والدتها كانت موجودة في المنزل ..تهتم وتعتني بها !! لم يكن ليحمل هماً عند ذهابه للعمل ! وكذلك الحال بالنسبة لوالدته ايضاً ..كانت تهتم بأحفادها لكن ليس لهذه الدرجة !!
شرد بخياله وهو يتذكر عندما اتصلت والدته تولول وتبكي قائلة بهلع ان ملك هربت من المنزل لم يصدق ما سمعه ...خرج من المكتب ومعه حيدر الذي كان يستمع لكل ما يجري ليبدأن رحلة البحث عنها مباشرة ... لم يبقي شبراً ولا زقاقاً في البصرة الا وبحث فيه ..كما انه ذهب لأبلاغ الشرطة التي كالعادة لم تفعل شيئاً غير ان يطلبو منه بكل برود ولامبالاة الانتظار لمدة 24 ساعة ....
اربع وعشرون ساعة وملك مفقودة ! ومن المفترض ان يقف منتظراً مساعدتهم البائسة !!
حتى شباب المنطقة التي يسكن بها أيضا ساعدوه في البحث .. لكن بلا فائدة ..الطفلة كانت كفص ملح وذاب في باطن الأرض ...اصبح الوقت منتصف الليل عندما عاد خالي الوفاض ... بعد ان اتفق مع حيدر على ان يعاودوا البحث من جديد .. فالأخير ايضاً اراد الذهاب ليطمئن على اطفاله الثلاثة اللذين أمنهم عند شقيقته ...
عندما دلف لداخل المنزل لكي يغير قميصه الذي التصق بجسده المتعرق بغزارة ..شاهد والدته تجلس في الصالة تضرب فخذيها وتبكي بحرارة ... وما ان رأته حتى هرعت اليه قائلة
- الم تجدها يا معاذ !
هز رأسه بيأس وقال هامساً
- ليس بعد يا امي ..اعدك لن تشرق الشمس الا وملك معنا في المنزل ان شاءلله
اتجه الى الدرجات ليصعد لغرفته الا انها أوقفته قائلة
- اتصل بها يا معاذ ؟!
التفت ينظر لها مقطبا
- اتصل بمن ؟!!!
اجابت بحقد وغل وقد تحولت عيناها فجأة لقطعتي من الجليد
- من غيرها رأس البلاء ... رضاب ! لعلها ذهبت اليها !
هز معاذ رأسه مستنكراً وقال بتعجب
- كلا يا امي كيف تعقليها ! طفلة لم تتجاوز الخامسة تسافر من البصرة لأربيل !!!
عادت لتولول من جديد وهي تقول بهستيرية
- اذن اين هي ..اين ذهبت ... اااه ياربي منذ ظهور تلك الأفعى الساحرة بحياتنا ونحن لم نتذوق طعم الراحة ابداً
رمى ناحيتها نظرة فارغة وجوفاء ثم تركها وصعد لغرفته صامتاً متجهماً .. ليس له الوقت ولا الصبر للأخذ والعطاء مع والدته التي تكره رضاب كرهاً جماً ودون سبب مقنع !!!
دلف لغرفته وسارع بفتح قميصه المبلل بالعرق ليتوجه الى الدولاب ويفتحه ولكنه تسمر مكانه كالمشلول عندما رأى المنظر الذي امامه !!

- هذا ما تجيده ..الصمت والفرار .. لقد بدأت اسأم من تصرفاتك الصبيانية يا معاذ ... انت اناني ولا تحب الا نفسك !

عاد حيدر ليهمس بخفوت وبلهجة مؤنبة .لينتشله من ظلمات ذكرياته المؤلمة ... كان يريد ان يضرب الحديد وهو ساخن .... يجب ان يجعل ابن عمه يتحرك قليلا ... يكشف عن مكنونات قلبه ...اجل هو يعرف جيداً ان معاذ يحب تلك المرأة ...وهو يتخذ من ملك حجة لكي يذهب اليها .... ان كذب وادعى على الجميع وعلى نفسه فهو لن يستطيع ان يكذب عليه ..لانه وببساطة شديدة يحفظ معاذ كخطوط كفه .. يعرف متى يكون سعيداً ومتى يكون حزيناً ..ومتى يصبح عاشقاً .....
- لا افهم لماذا انت رافض الزواج منها ان كنت تريدها .... حسناً ان اصررت على النكران فتزوجها من اجل تلك اليتيمة .... اليوم وجدتها بأعجوبة وبعناية الآهية مختبئة في خزانتك والله ستر قبل فوات الاوآن .. من يعلم في المرة المقبلة اين ستختبئ .. ربما في خزان الماء الموجود في سطح المنزل .... صدقني ملك ستعيد الكرة مرة ومرتين وثلاث ....
هب معاذ واقفاً وكلمات ابن عمه تطرق رأسه كالمطارق الحديدية ليهمس من بين اسنانه المطبقة وهو يمسك بتلابيب حيدر بوحشية وشراسة
- يكفي يكفي يكفي ...اصمت يا حيدر ليس وقتك الان !!!
اجابه حيدر بتحدي واصرار ..غير مهتم لتعبيرات وجهه المظلمة
- بلا ..الان وقتي ...والان يجب ان تتخذ القرار !
نظر له معاذ بصمت وقد لانت ملامحه واتسعت حدقة عينان ... ليتركه ببطء وهدوء ... ثم التفت ينظر لوالدته التي لم تهدأ عن البكاء منذ دخولهم الى المشفى بل حتى قبل ذلك ..توجه نحوها بخطوات واسعة وصلبة ...جلس جانبها وقال بهدوء خطر
- اخبريني الصدق يا اماه مالذي فعلت لها لتهرب منك بهذا الشكل وتختبئ بالخزانة !!
التفتت والدته تنظر له بعينان حمراويتان وشفاه متيبسة ... لتجيبه بتلعثم طفيف جعل الشك يساوره
- مالذي تقصده بكلامك يا معاذ !!!!! اتقصد اني ضربتها او عنفتها !!!
لتكمل ينشيج خافت
- اقسم بالله اني لم المسها قط يا ولدي !
اجابها متنهداً وقد رق قلبه لها .... والدته تحب ملك ..للأن يتذكر دعواتها وتضرعها لله لكي تعود سالمة عندما كانت مفقودة في الشمال ...وايضاً بكائها الهستيري وصرخاتها التي رجت انحاء المنزل ما ان رأته يحمل ملك بين ذراعيه كالجثة الهامدة
- اذن ماسبب اختبائها وهروبها منك يا امي !!!!
مسحت دموعها بيدين مرتعشتين واعترفت مذعنة بعد ان احست انها محاصرة بين المطرقة والسندان .... معاذ لن يسكت ولن يهدأ الا ان عرف الحقيقة ...وهي والله يشهد تحب حفيدها ... رباه هي من رائحة ولدها الغالي كيف تمسها بسوء .... لكن كل ما في الامر انها تغار .... تغاااااار من حب وتعلق ملك بتلك المرأة الغريبة ...اصبحت تفضلها على جدتها ..... رغم انها تحاول بشتى الوسائل ان تنسيها ذكر رضاب ... تبذل ما بوسعها لأسعادها ومراضاتها ومجاراتها لعبها ونشاطها في المنزل رغم تعبها ومرضها وآلام مفاصلها التي لاتهدأ ابداً .... لكن ماحدث اليوم جعل غضبها يتصاعد لتنفجر بوجهها وتصرخ بحرقة وغيرة ..... همست بخفوت وكأنها طفلة مذنبة
- حسناً يا ولدي ... في الحقيقة ... اقصد ... كل مافي الأمر ..اني ..اني ... مزقت بضعة اوراق كانت مرمية جانبها ... لم تكن تحتاجها بل كانت تثير الفوضى في الصالة ..
رفع معاذ حاجبيه بعدم تصديق واجابها ببهوت
- فقط !!!! أهذا ما حصل فقط !!!
هزت رأسها وارادت ان تجيبه الا ان خروج الطبيب انقذها من استجواب معاذ لها وكأنها تتعرض لمحاكمة قاسية ...هرع الجميع ناحيته ليسألوه بلهفة فهو عندما ادخلها الى غرفة الفحص منع دخولهم منعاً باتاً ...
- طمئني دكتور كيف حالها !!
قالها معاذ بلهفة وذعر ليجيبه الطبيب قائلا ببرود
- اطمئنوا لاشيء يدعو للقلق هي الان بخير ...الظاهر انها لم تأكل منذ فترة طويلة لذلك حدث لها هبوط حاد في السكر !
قالت والدته ودموعها لم تهدأ عن الهطول
- هل لي ان ارى حفيدتي دكتور !!
اجابها وهو يحدجها بنظر متفحصة
- تستطيعين الدخول لها الان ! لكنها ستظل نائمة الى الصباح لا تحاولوا إيقاظها او ازعاجها !
اومأت بسرعة وهرولت بخطوات متعثرة لتدلف الى الغرفة ...باغت الطبيب معاذ قبل ان يتحرك من مكانه ليلحق بوالدته ... ليسأله بحدة
- هل لي ان اسأل اين والدتها !!!
اجابه معاذ بتجهم وعبوس
- متوفية !
قال الطبيب بلهجة هجومية مستجوبة كان يشوبها تهديد واضح
- وانت والدها ! ومن المفترض ان تهتم بها اكثر !!! كنت سأبلغ الشرطة بسبب اهمال هذه الطفلة وتعريضها لهذا الجوع المهلك ...كما انها كانت على وشك الاختناق ! وهي تعاني من سوء تغذية ! لكني الان فهمت القصة المعتادة ... بما ان والدتها متوفية فبالتأكيد هذا سيكون حالها !
لم يعقب معاذ على كلامه ولم يصحح له ويبين صلته بملك ..بل ظل وجهه مظلماً عابساً ... ليتركهم وهو يرغي ويزبد بكلام متذمر وحاد... جعل شعور معاذ بالذنب والغضب يتزايد ...
- ان لم تهتموا بأطفالكم لماذا تنجبوهم اذن ! آباء اخر زمن ! مستهترين وعديمي المسؤولية !

سوء تغذية !!! ملك تعاني من سوء تغذية ! اجل ولماذا يتعجب ..والدته شكت له اكثر من مرة قائلة ان ملك لا تأكل الطعام ولا الفاكهة ... وهي امرأة كبيرة في السن و تعبه ... لا طاقة لها لمجارتها والتوسل بها !!
همس حيدر قائلا بهدوء وتفهم
- لماذا لم تخبره بأنك عمها !!
حث معاذ خطاه ليجيبه بعبوس وتجهم وكأن طاقة صبره قد نفذت بالفعل
- لايهم يا حيدر لايهم !
.........................
....................................
محبوبتي , أنتِ الشجر أونا المطر
لولا جميل عناقنا ماكان في الدنيا ثمر
نحن بأحلى مكان وثالثنا الحنان
من أين يأتي النوم ؟
همسٌ يذيب الصدر ووسادة كالجمر
من أين يأتي النوم ؟
................
السليمانية
.....
يلمس وجنتها بإبهامه ...وجنتها كانت ناعمة جداً تنافس نعومة الحرير ... كانت تمرغ انفها بصدره وكأنها قطة التهمت للتو وجبه دسمة ... عينيها مغمضة بينما ابتسامتها تتسع مع كل حركة يقوم بها .... كل لمسة يلمس به جسدها كانت تمس جزءاً من روحها وقلبها ....
في اليومين السابقين اصبحت اكثر جراءة وحرية معه ...اختفى جدار الخجل الذي كان يفصل بينهما ... لكنها تعترف انها لاتزال محرجة من النظر مباشرة لوجهه ..خاصة بعد ان ينتهيا من اقترابهم الحميمي .... كانت لاتزال مسبلة الاهداب ..لا تقوى على رفع نظراتها ناحيته .. خاصة وانها كانت تبادله بخجل متردد كل لمسه وهمسه كان يقوم بها .... وكأنها طفل صغير يقلد والده ويتعلم منه !!
سمعت همسه الخشن وهو يقول
- وجنتاك ناعمة جداً يا غسق ....في بعض الأحيان اخشى ان اخدشهما بخشونه يدي
امسكت يده التي كانت لاتزال ترسم دوائر صغيرة على بشرتها لتقبل باطنها بعمق وعشق حقيقي ...رفعت نظراتها له هامسه
- احب ملمس يدك على جسدي يا وليد ...واحب كل شيء يخصك
ثم مررت يداها على لحيته وعيناه وخط شفتيه واخيراً ذلك الجرح المختبئ تحت لحيته المشذبه ...استقرت يدها هناك لتهمس متسائلة
- لم تخبرني ماسبب الندبة يا وليد ؟!
كان وليد بعالم اخر ...لمستها كانت تشبه البلسم الشافي لكل جروح روحه وقلبه ... وكأنها نسمات منعشة عطرة تشبه نسمات الهواء الباردة التي تهب في ايام شهر تموز الحارة ... تجاهل سؤالها الذي يحيي داخله ذكريات مؤلمة لايريد تذكرها ...او ربما هي عالقة في ذكرته للأن متشبثه بها بقوة لكنه يتجاهلها ويدعي نسيانها ... اجل يريد نسيان كل شيء مؤلم مر بحياته السابقة ... يريد ان يطوي صفحته القديمة ليفتح صفحة جديدة معها .....
احتضن خصرها الدقيق بساعديه وقلبها لتكون فوق جسده الساخن ...ليجبها هامساً بتسلية
- اذن ...فغسق فراشتي الذهبية طويلة اللسان تعرف كيف تقول كلام الحب والغزل ! لماذا كنت تحرميني من هذه الكلمات المنعشة يا ظالمة ؟!
قهقت بخفة ثم داعبت انفها بأنفه قائلة
- لاني كنت خجولة !!
نظر لها وهو يرفع حاجبيه بعدم تصديق ..لتهتف بأستنكار مصطنع
- اجل ..لاتنظر لي بهذا الشكل ! فعلا كنت خجولة ..كما ان حيائي كأنثى كان يمنعني !!
نظرت لوجهه القريب منها وهي ترفرف بأهدابها الطويلة ببرائة تامة لتمط شفتيها اخيراً قائلة بدلال
- ماذا !!! الا تصدقني !!!
احكم من احتضان خصرها هامسا بحشرجة قبل ان تلتف اصابعه القوية خلف رقبتها ليقربها منه اكثر
- بلا طبعا اصدقك غسقي ..
نظرت له بعينها التي يعشق التحديق بهما ...وكأنهما محيط واسع انعكست عليهما اشعة الشمس لتزيدها جمالا وعمقاً
- هل تحبني وليد ؟! اقصد متى احببتني ..لالا ..اقصد متى تأكدت انك تحبني !!
اجابها بأبتسامة جانبية وبنبرة صادقة بشوبها بحة خافته
- يشهد الله اني احبك ..وما عرف قلبي معنى الحب الا معك !!!
ليكمل متنهداً
- اما متى تأكدت من حبي لك !! ففي كل يوم كان يمضي وانا انظر لك من بعيد اتأكد اني احبك ...مع كل بسمة كنت تبتسميها بسعادة تأكدت انك هي فتاة احلامي ...ومع كل نفس يصعد وينزل في صدري اقتنعت واعترفت بأني ان لم اتزوجك فأني سأضرب عن الزواج نهائياً
همست بتأثر وهي تنحني لتقبل طرف شفته
- وليد ...لم اكن اعرف انك رومانسي وشاعري لهذه الدرجة
تأوه وهو يسحبها ليلتقط شفتيها بقبلة عميقة ... بينما يده الاخرى كانت تداعب جسدها بجرائة وحميمية ...كان شعرها منتشراً على صدره كشلال من العسل الحريري تماماً .... ابتعدت عنه شاهقة بقوة ..تحاول التقاط انفاسها التي سلبها اياه زوجها تواً ... قالت بأصرار
- هيا لودي ..ارجووووووك ..كيف حصلت عليها ؟!
اجابها مقطباً بتسائل وعلامات الأستنكار والاستهجان بانت على ملامحه الرجولية
- لودي ؟؟؟
رفعت كتفها قائلة بأبتسامة واسعة وطفولية
- بالنسبة لي اجل ... بيني وبينك فقط لودي .. اما امامهم انت وليد زوجي وحبيبي وتاج رأسي !
قهقه قليلاً بخفة ثم قال بخشونه وهو يبتسم ابتسامة صغيرة
- ما دام الامر كذلك .. انا موافق يا عسل !
عادت لتنظر له بتوسل وهي تعاود سؤالها مرة اخرى ...كانت تبدو وكأنها طفلة صغيرة جداً امام صدره القوي الواسع
- اخبرني سبب الندبه وليد ..ارجووووووك .. كيف اصبت بها ؟!
تنهد بحرارة ثم ابعدها عنه قليلا وهو يقول
- انت مصرة !
هزت رأسها بصمت وهي تحدق به بترقب تنتظر ان يكمل كلامه
زفر الهواء بقوة ثم نظر الى السقف وصندوق ذكرياته بدأ يطفو فوق بحر ماضيه البعيد ... ذلك الماضي الذي رغم ما يحتوية وما يتخلله من لحظات سعيدة تقابله ايضاً لحظات وومضات تعيسة ومؤلمة ... خاصة فيما يتعلق بوالده ... رغم حنانه وحبه الذي لا يشك به ولو بمقدار ذرة الا ان ذلك الحب كان يتخلله في بعض الاحيان قسوة وحزم ...
ربما سبب رزانته وهدوئة وتحكمه بغضبه ناتج عن تربيته الصارمة التي تلقاها في صغرة ... وربما كان ذلك في صالحة ..لكنه بمطلق الاحوال ان رزقه الله بأولاد لن يعاملهم ولن يربيهم بمثل طريقة والده ابداً ... بدأ كلامه بهدوء وهو لايزال يحدق امامه ... يركز بنقطة وهمية

- كنت في السابع عشر او ربما اكبر بقليل ... عندما بدأت اعاون والدي في اعمال المزرعة ... زهير كان لايزال صغيراً جداً ..لذلك الحمل الاكبر كان ملقى على كاهلي انا ..خاصة واننا بذلك الوقت لم نكن نملك الكثير من المزارعين والعمال ... كنت انهض مع صلاة الفجر واذهب مع والدي للمزرعة التي كانت في بادئ الامر تقتصر على بستان التفاح والبرتقال ... كان يجب علي تقليب الارض ..والبدأ في رمي البذور ومراقبة الزرع وسقيها يومياً بالاضافة للجولة التي يجب ان نقوم بها على حظيرة الابقار والماعز ... وفي مرة من المرات !
صمت وهو يقطب حاجبيه وكأنه لايستطيع الكلام او كأن الكلمات اختنقت في صدره ...همست غسق بفضول
- ماذا حصل !!! اكمل يا وليد ارجوك !
قلب شفته السفلى وابتلع ريقه قائلا بجمود
- كنت اعاني من الحمى ..الحقيقة كانت جسدي كله يؤلمني للغاية لدرجة ان عيناني كانت حمراء من شدة الحرارة التي عصفت بجسدي ...كالعادة ايقضني ابي مع صلاة الفجر ..اتذكر في حينها توسلته امي ان يتركني اليوم في المنزل لأني محموم .. توسلته كثيراً ..لكنه لم يوافق ..قال لها ان ولدي رجل .. ولن يؤثر عليه القليل من الحمى التي يصاب بها الاطفال الصغار .. انا لم اعارض ابداً
انقلب على جانبه ثم حدق بعينيها الزرقاء المتسعة ..وقد بان الالم والتعاطف بهما ليكمل بأبتسامة صغيرة
- منذ صغري تعلمت ان اطيع والدي لكن بالحق ... رغم انصياعي لأوامره الا انني كنت اتميز بأستقلالي في اتخاذ قراراتي ...لم يستطع احد على أجباري وارغامي لفعل شيء لا اريده ابداً ...
رفعت غسق اناملها واخذت تمررها على الندبة هامسة بتعاطف
- لم تخبرني كيف اصبت بها ؟!
رفع كتفه واجابها بهدوء واقتضاب .. كان يتكلم وكأن صوته يخرج من اعماق المحيط .. بل وكأن شفتيه هي فقط من تتحرك
- اغمى علي وانا اقلب التربة ...وقد صادف وجود محراث بالقرب مني ..فأنغرس في جانب وجهي كما ترين ... هذه كل القصة !
همست غسق بتأثر ... كانت غير قادرة على ان تواسيه ...الامر الذي تعرض له كان بشعاً .. مؤلماً ... شعرت ببعض الندم لأنها اجبرته على التذكر والكلام ..لكنها زوجته ...ويجب ان تشاركه ماضيه وحاضره ومستقبله
- ووالدك ..ماذا كانت ردة فعله ؟!!
تذكر وجه والده المتألم وعلامات الذنب والندم بادية على ملامحه ..وربما هذا ما جعله يشعر بالشفقة عليه ويسامحه في حينها
- حزن وتألم ..واعتذر لي !
لمح التعاطف والدموع تلوح بعمق عينيها المتلألئة ... غير دفة الحديث بمهارة ..فهو لم يكن يريد ان يرى الحزن والدموع مرتسمة بعينها الحبيبتان ..غسق لم تخلق للبكاء والألم بل يجب ان تعامل كأميرة متوجة على عرش قلبه وحياته .. لقد وعد نفسه وعاهدها على ان يسعدها طوال العمر ... ولن يكون وليد ان خالف وعده يوماً
- هيا انهضي وغيري ملابسك سنقوم بجولة ليلية في شوارع السليمانية الرائعة ...
قالت بتساؤل وتعجب
- لكن الساعة تجاوزت الثانية عشر ليلاً !!!
ليجيبها شارحاً بتفهم
- المحلات والمطاعم تظل مفتوحة للفجر ... ثم اننا بعد يومين سنعود الى اربيل ويجب ان نعوض ما فاتنا في اليوميين السابقين يا عسل !!
قبلت وجنته ونهضت بخفة وهي تقول بخيبة أمل
- اشعر بالحزن لأننا سنغادر السليمانية ..لقد احببها جداً
اجابها وهو يلتهم جسدها الغض الذي ظهرت منحنياته من خلال قميص نومها الاحمر ... عينيه الداكنتين الجريئتين تمشطانها بلهفة وجوع لاينتهي
- اعدك يا غسق ....سأحضرك الى هناك دائماً
ليكمل بوقاحة وهو يعض شفته السفلى
- هيا الان غيري ملابسك قبل ان اغير رأي ....
التفتت تنظر له مقهقة بينما يدها تفتح الخزنة ... لكن ضحكتها اختفت عندما لمحت معالم وجهه الجادة وهو يرفع حاجبيه بثقة .... ليكمل قائلا بتحدي
- وانا جاد فيما اقول قطتي !!!
لم تفهم ما يقصده اذا استدارت لتخرج لها ما ترتديه الا ان ذراعيه القويتان اللتان التفتا حول خصرها أنبئتها ووضحت لها مايريد ..اذ حملها بخفة الى السرير هامساً بصوت عميق وثقيل ...الرغبة الحارة كانت واضحة عليه جداً واستطاعت الشعور بها بكل سهولة
- لقد غيرت رأي بالفعل ...فأنا لم اشبع بعد من العسل يا عسل !!
تاهت غسق وغرقت بلجة بحور عينيه السوداء العميقة الداكنة ... وهي تشعر بأمواج عشقه وحنان التي ترفعها دائما الى السماء وتجعلها تسبح بين الغيوم والسحب الوردية قبل ان تعيدها برقة الى الارض مرة اخرى

...........................
.................................................
اربيل
...............
بعد جولة قصيرة وسريعة قامت بها تبارك في السوق ..اشترت القليل من الحجابات والإيشيربات الناعمة الحريرية لحبيبة .. لقد خرجت من المصرف قبل انتهاء العمل بساعة اي في الواحدة ظهراً .. كانت تتمنى لو انها خرجت بوقت ابكر من ذلك ..الا ان المدير لم يسمح بأعطائها اذن للخروج الا في الساعة الواحدة ... لابأس ان شاءلله في اليوميين القادمين ستفرغ نفسها لكي تاخذها بجولة اخرى وهذه المرة ستكون طويلة جداً ... تختار الملابس والفساتين بنفسها .... فأغلب ملابس حبيبة كان مقتصراً على بنطايل الجينز والقمصان الطويلة ...
السؤال المهم الان والذي راودها فجأة هو ... لماذا قادتها قدماها لذلك الشارع الذي يفتح به عبد العزيز عيادته ...هي بالعادة تأخذ شارعاً اخر اقل صخباً ...
ربما وجودها هنا ورغبتها بمشاهدة العيادة ناتجة عن شعورها بالسعادة لقرب عودته !!
تعلم انها تأخرت بأكتشاف حبها ومشاعرها الوليدة تجاه عبد العزيز ... لا هي اكتشف هذه المشاعر قبلا ...لكنها تجاهلته وكبحته بمهارة اعتادت عليها ...وربما لولا غيابه الطويل هذا ...و الذي امتد لأكثر من شهر هو السبب القوي الذي دفعها لكي تعترف بأهميته في حياتها واحتياجها اليه والى عاطفته وحنانه ورزانة اخلاقه وتصرفاته ..هي وعبد العزيز متقاربين بالميول وطريقة التفكير ....
تنهدت براحة وهي ترفع نظراتها ناحية العيادة ...لتتوقف عن السير وقد اتسعت عيناها باستغراب حقيقي بينما قلبها بدأ يخفق بشدة .... العيادة كانت مفتوحة ...والأقفاص الحديدية الخاصة بالحيوانات كانت متراصة على العارضة الزجاجية الخاصة بواجهة العيادة !!!!
تجمدت مكانها ...وكأنها تشاهد سراباً بعيداً كاذباً .... هل عاد ! متى عاد ! ولماذا لم تتصل بها رونق لتخبرها ! ظلت تحدق امامها ببهوت ..بينما السعادة وبعض التوتر والقلق تسللا داخلها ولا تعرف لماذا !!!
كم بقت واقفه لا تعرف حقاً ...ربما لبضع ثوانِ او عدة دقائق !!!
اخيراً وبعد جهد عادت لوعيها المغيب مرة اخرى ... ثم التفتت حولها لتنتبه انها لاتزال في الشارع ... ابتلعت رقها بخوف ثم اجبرت قدميها المتخشبتان لتسير ناحية العيادة كالمنومة ... ومع كل خطوة تقترب بها يزداد لهاثها المتزامن مع خفقاتها الصاخبة ... توقفت قليلا لترطب شفتيها الجافة وتأخذ نفساً عميقاً مرجفاً قبل ان تدلف الى الداخل ببطء وترقب ....
..............
البصرة
..........
يجلس جانبها على الفراش ..ينظر لوجهها الشاحب بحنان ...بينما يده تمسد على شعرها برقة ... مالذي كان ليحصل لو تأخر بأكتشاف مكانها ؟! رباه ..بالتأكيد كانت ...لالا هو حتى لايريد ان يتخيل مجرد تخيل ما يمكن ان يحصل لها !! منذ البارحة وهو يجلس على الكرسي يراقب تنفسها المنتظر ... صلى لله ركعتين حمداً وشكراً وامتناناً على سلامتها !
همس بخفوت قبل ان ينحني ليقبل جبينها الشاحب
- اسف اخي ..اسف ..لم احافظ على ابنتك ..لم احافظ على وعدي وعهدي لك !!
اعتدل بجلسته وهو متجهم الملامح لقد طلب من حيدر ان يقل والدته الى المنزل ..وبعد رحلة اقناع طويلة وافقت على المغادرة على ان تأخذ دوائها وتغير ملابسها وتعود مرة اخرى ....فهي الاخرى لم يغمض لها جفن الى الفجر ... بكل ثانية تقبل يدي ووجه ملك بلهفة وندم !

اشتدت قبضتيه وهو يتذكر ما اخبرته به .. كيف امكنها ان تكون قاسية لهذه الدرجة ..صحيح ان والدته دائما كانت ذات طبيعة قوية وصلبة ..الا انها ورغم ذلك كانت حنونة ... وعطوفة .... خاصة مع ملك ..ام ربما وجود زوجة شقيقه رحمها الله كان له الفضل الاكبر بعدم اظهار هذا الجانب الخفي منها !!!!
هز رأسه وهو يعاود النظر ناحية ملك ...ليتنهد بضياع وحيرة ..ماذا يفعل ...وكيف سيطمئن عليها في الايام القادمة !!!
بدأت ملك تتململ قليلا ثم فتحت عيناها ببطء شديد ...وما ان رأته حتى همست بابتسامتها الطفولية
- عمو مواذ !
اجابها بحنان ولهفة وهو ينحني قريباً منها
- ياعيون عمك يا ملاكي الصغير
همس بعتاب .. قلبه المذعور لم يترك له الفرصة لالتقاط انفاسه يجب ان يفهمها ويأخذ وعداً منها بعدم تكرار ماحصل مرة اخرى
- لماذا فعلت ذلك يا ملك ؟! لماذا هربت واختبأت في الخزانة !!!
اجابت بهمس وبكلمات طفولية متلعثمة
- انا ..اردت انتظارك عمو ...لكي تأخذني لأمي كما وعدتني
هز رأسه قائلا بعتاب وتأنيب
- لماذا لم تنتظريني مع جدتك او في غرفتك !
اجابت وهي تقلب شفتيها بطفولية
- جدتي صرخت علي ...ومزقت الرسمه !
قطب قائلا بتساؤل ونظراته تطوف حول وجهها الصغير بحيرة
- اية رسمه ؟!
اجابت بعيناها تغرق بالدموع وبلهجة طفولية متقطعة قطعت نياط قلبه معها
- الرسمه التي رسمتها لأمي ...ما ان رأتها جدتي حتى اخذتها مني ومزقتها بقوة وقالت اياك ان اسمعك تقولين امي رضاب ... مرة اخرى
قبل جبينها متنهداً بقلة حيلة ..اذن هذا ما فعلته والدته !!! كيف امكنها ان تخيفها بهذا الشكل !! كيف تنزل بعقلها الكبير الواعي لمستوى طفلة في الخامسة !!! حتى وان اردت ملك نسيان رضاب فأن تصرفات والدته تجبرها على التشبث بها اكثر ..لاعجب من انها تفضل صحبة رضاب على جدتها ...فهي ان وجدت الحب والحنان والاهتمام من جدتها لم تكن لتتعلق بتلك المرأة الغريبة لهذه الدرجة الكبيرة ابداً ... وبهذا الوقت القياسي ... همست ملك قائلة بدلال
- متى ستأخذني لماما !!!
اومأ وهو يرسم ابتسامة صغيرة لم تصل لعينيه
- قريباً طفلتي ..قريباً ان شاءلله سترينها وتشبعين منها !!!
اجابت ملك بأصرار وطفولية
- اذن اتصل بها اريد ان اتكلم معها ..ارجوووووك عموووو
اومأ بصمت ثم نظر لساعة يده ..كانت تشير الى الثانية ظهراً ... الطبيب امر بمراقبتها لمدة اربع وعشرين ساعة لكي يتأكدوا من سلامتها وبعد ان يطمئنوا عليها سيصرح لهم بالخروج ... قال بهدوء وبلهجة لينه وصبورة
- حسناً صغيرتي ..سأتصل بها ... لكن قبل ذلك عديني بأنك لن تكرري الهروب والاختباء ابداً ابداً ..اتفقنا !!
اومأت بسرعة وسعادة وعيناها الصغيرتان تلتمعان بشدة
- اتفقنا عمو
ليكمل بأبتسامة حنونة وهو يمسد شعرها المنكوش
- وايضاً عديني بأنك لن تخبريها عن وجودك في المشفى ولا عن اختبائك في الخزانة !! لقد اصبحت فتاة كبيرة والفتيات الكبيرات يحتفظن بالسر !!!
اومأت بسرعة وقالت بتلعثم
- اجل ..اجل ..انا كبيرة ولن اتكلم ابداً !!
اخرج هاتفه ثم اتصل بزهير واخبره برغبة ملك بالتحدث مع رضاب .. الامر بات محرجاً جداً بالنسبة له .... حقاً لا يعرف كيف يجد الحل لهذه المشكلة ...... همس بخفوت
- سأدعك تكلميها الان وكما اتفقنا لا تخبريها عما حصل !!! !!
كان ينظر لها بثقة وتاكيد لتجيبة وهي تحرك رأسها بسرعة وعيناها متسعة بقوة ... وكأنها ستحتفظ بسر خطير
- اتفقنا
لكن ما حصل بعد ذلك ..تحديدا ما ان وضعت ملك الهاتف في اذنها جعله يفغر فاهه بتعجب ولسان حالة يقول الأطفال لا يؤتمنون على سر ابدا !!!
- امي لست بخير ...انا مريضة .... ذهبت للمشفى وقد هربت ......
رباه ستخبرها كل شيء بلحظة واحده .... كانت ملك تتكلم وكأنها خرطوم ماء انفتح على اخره ... الكلمات تخرج من شفتيها بسرعة وتعلثم ..وجمل غير مترابطة ... التقط الهاتف من يدها وغطاه بكفه الضخمة وهو يهمس بتعجب وذهول
- يا الهي !! ملك اين الاتفاق الذي لم يمضي عليه دقائق !!
لتجيبه بذات الهمس وهي تنظر له ببراءة
-نسيت عمو !!!

هبط قلبها لقدميها وهي تستمع كلمة مشفى ...مريضة ....منذ البارحة وهي تشعر ان هناك خطب ما نار .. نار حارقة كانت تنشب بصدرها ودون سبب .. ارادت ان تطلب من زهير الأتصال بمعاذ إلا أنها تراجعت في اخر لحظة ..ماذا سيقول عنها وهي تطالبه الأتصال بشخص غريب !!
حتى لو كان الاتصال من اجل ملك والكل يعرف مدى اهتمامها وتعلقها بها !!!
ضاقت عليها جدران الغرفة فجأة وانفاسها اصبحت لاهثة .. اجابت بأختناق والكلمات تخرج من شفتيها بصعوبة
- اي مشفى واي مرض ..ماذا حصل طفلتي .. يقين ..اين ..انت ..لماذا صمتِ !!!
سمع صوتها المرتعب تنحنح بحرج ثم اجابها بصوت رجولي خشن
- مرحباً سيدة رضاب كيف حالك !
تجاهلت تحيته وقالت بسرعة ولهفة وذعر حقيقي
- مابها يقي.. اقصد ملك ..مالذي حدث !!
سارع يطمئنها قائلا وهو يوجه لملك نظرة مؤنبة
- لاتقلقي سيدتي ..هي فقط تعرضت ..اقصد حرارتها ارتفعت قليلا ..تعرفين فصل الصيف وهي تحب اللعب بالمسبح المطاطي في الحديقة ثم تذهب لتقف امام التبريد ... حرارة وبرودة ..حرارة وبرودة ... وهكذا تعرضت للزكام !!
همست بشك وقد هدأت انفاسها قليلا
- حقا !!!! ارجوك اخبرني الصدق هل هناك شيء ما !!
اجابها متنهداً يحاول ان لايبدي ارتباكه من لهجتها الناعمة
- صدقيني لايوجد شيء اخر فقط زكام بسيط !
قالت رضاب بحنان ورقة وبعفوية تامة ... الواضح انها لم تتقصد ان تنطق اسمه هكذا ... وكأنها تعرفه منذ فترة طويلة ... همسها الخافت بحروف اسمه ..جعل قلبه الضخم ينبض بعنف لم يسبق له مثيل
- ارجوك يا معاذ ... انتبه لملك جيداً ..هي طفلة رقيقة وحساسة ...تحتاج الى الرعاية والاهتمام المستمر فلا تهملها ابداً
لايعرف كيف انهى الاتصال معها .. ولا ما قاله لها ... حتى انه لم يركز بملك التي كانت تجر كم قميصه بأنزعاج وهي تقول
- عمو ..عمو ...لماذا اغلقت الهاتف ..كنت اريد التكلم معها اكثر !!!
عقله وفكره مشغولين بتلك المرأة الناعمة الحنونة ..كيف تهتم وتوصيه بملك وكأنها ابنتها فعلا ... مالذي يجذبه لها !!! مالذي وجده بها ليفكر بها هكذا ليلا ونهاراً !!! ربما هي تدابير القدر .. الله سبحانه وتعالى بمشيئته وقدرته ... جعل طرقهم تتلاقى ... هو بالبصرة وهي في اربيل ! كيف خط القدر طريق اللقاء !
تذكر لثانية واحدة ... كيف التقى بها ..كيف رأها اول مرة !!! كيف تلاقت نظراتهم للمرة الاولى !!
عينان بنيتان لامعتان حزينتان وجذابتان ! كانت تناديه بصمت ..تطلب العون منه بمجرد نظرة واحدة ! وكأنها غريقة تمد يدها له تناشدة وتصرخ بأسمه بألم ويأس ! هذا ما يحس به واحساسه ليس بيده !!
لقد اسرته وجعلت قلبه الفارغ يمتلئ بشيء لايعرف تفسيره ... بل يخاف ويرتعد من تفسيره !!! ا
اجل يا معاذ انت جبان وخائف من تفسير مشاعرك الواضحة ! والتي فسرها واكتشفها ابن عمك بسهولة !!
..........................
...............................
اربيل
..............
اليوم ومنذ الصباح الباكر قرر ان يفتح عيادته التي اشتاق لها كثيراً ...رغم المدة القصيرة التي تم افتتاحها الا انه ارتبط بكل ركن فيها .... التفت ينظر للحيوانات التي ما ان رأته حتى بدأت بإصدار اصوات صاخبة وكأنها كانت ترحب بقدومه هي الاخرى ...ابتسم براحة ...من الجيد انه اوصى صديق له بأن يهتم بها ريثما يعود من بغداد ...لولا ذلك لكانت هذه الحيوانات المسكينة ميته الان من الجوع والعطش والحر ....
تنهد وهو يتذكر نظرات كل من يصادفه سواءاً صديق ام غريب ...شعور بالألم داهمة مرة اخرى ... لكن هذه المرة الالم كان اقل وطئة .... ربما بسبب انه بدأ يعتاد على وجهه المشوه .... بل يجب عليه قبول الواقع ...قبول نفسه ...شكله الجديد ورغماً عنه !
انفجارات ..سيارات مفخخة ..احزمة ناسفة .... مقتل العشرات من العراقيين ... نفوس بريئة لا ذنب لها غير انها مجبرة على تحمل العيش في بلد عانى ويعاني من ويلات الحرب التي لا تنتهي ...لقد اصبح يشمئز من سماع الاخبار التي طالما كان يسارع لسماعها ... لكن الان مل وتعب من تكرار سيناريو الأنفجارات والأغتيالات والدمار ... منظر الجثث والدماء اصبحت تخنقه وتذكره بذلك الانفجار البشع !!!
في خضم افكاره السوداء ودواماته التي لاتنهي جاء صوتها المندهش المتعجب .. لتزيد الطين بلة ... انقبض قلبه ... واختنقت انفاسه ... مالذي اتى بها ! كيف عرفت برجوعه !!
اغمض عينه متألماً بينما تجمعت قطرات العرق على جبينه ...الان ليس وقتها ....ليس مستعداً للقائها ..ليس مستعداً على الاطلاق
- عبد العزيز !!!
بالمقابل كانت تبارك تتأرجح بين امرين محيرين وهي تحدق بظهره الذي تشنج ...وكتفيه التي تصلبت فجأة ... لماذا رونق لم تبلغها بوصوله ....ولماذا تشعر بأنه ليس سعيداً لرؤيتها ...اجل الامر واضح من خلال لغة جسده التي نفرت من مجرد سماع صوتها !!!
تقدمت لتدلف داخل العيادة وهي تبتلع ريقها بينما يتلون وجهها بحمرة الخجل والحرج وهي تقول
- حمدلله على سلامتك ..متى عدت ؟!
انتبهت للعصى الخشبية التي يمسكها بيده لتقطب بصمت ..كانت تنتظر ان يستدير ويبادلها التحية بحرارة وشوق يضاهي شوقها ... الا انه ظل واقفاً متخشباً في مكانه ....همست مرة اخرى
- اسفة لاني اقتحمت عيادتك لكني ....
بترت جملتها عندما استدار لها ببطء بينما نبضات قلبه كانت تدوي كطبول الحرب ... فلتراه وليحصل مايحصل .... لماذا يؤجل هذا اللقاء البائس ....
- اهلا آنسة تبارك ..سلمك الله ...
ما جرى بينهما كان شيئاً مختلفاً عما يشعران به في هذه اللحظة .... هو كان ينظر لها بعين مشتاقة ..متلهفة ...لكنها بذات الوقت كانت باردة وباهته ....وهي ..كانت تنظر له بصدمة ...عيناها السوداء اتسعت بقوة وملامحها باتت مبهوته وشاحبة .... الم ..رهيب بدأ ينخر الجزء الايسر من صدرها ....تحديداً بذلك التجويف النابض الذي يسمى قلب .....
الصمت ....الصمت المخجل المؤلم بالنسبة له ...والصمت الثقيل البشع بالنسبة لها ..امتد بينهما ... صمت اٌجبر عليه هما الاثنان ... استمر ... واستمر ... السكون كان يعم المكان ..لا يقطعه الا اصوات الحيوانات ورفرفة اجنحة الطيور .... تحرك عبد العزيز بصعوبة بالغة ..هذا ماكان يخشى منه ..نظراتها ...نظراتها التي لن يخطئها ابداً ....
تبارك ...تلك النسمة العذبة ....الماء الرقراق البارد ...عندما نظر لها احس وكأن الدنيا بيضاء نقية ...لايشوبها شائبة ... تبارك كانت واصبحت حلماً بعيد المنال ... جلس خلف المكتب ثم قال بصوت بارد وجدي
- هل من خدمة اقدمها لك !

كل شيء كان ضبابي ومشوش امامها ... مالذي جرى له !! متى وكيف اصيب ؟! لماذا لم تخبرها رونق ! لماذا جعلتها تنصدم بهذا الشكل المفاجأ !!!
تقدمت الى الداخل اكثر وهي تهمس بعينان تهددان بذرف الدموع التي كانت تكبحها بأستماته
- مالذي جرى لك عبد العزيز ؟!
لوهلة نسي تشوهه ...نسي عينه المفقوعة ..وكأنه شخص عادي ..عبد العزيز القديم ... لكن صوتها الهامس جعله يجفل ويفيق من غفلته الصغيرة هذه ... اجلى حنجرته ليجيبها بهدوء ... وهو يتجنب النظر مباشرة لوجهها الناعم ... كان يحاول ادعاء التماسك والثقة ..اخبرها واختصر الطريق بكلمتان معروفتان لدى العراقيين
- سيارة مفخخة !
غطت فمها بيدها المرتعش ثم اغمضت عيناها لتهبط دموعها بصمت ... ثم فتحتهما لتحدق به وكأنه خيال بعيد يتراءى امامها ... احتاجت لبضع ثوانِ لكي تستوعب ما قاله ... تعتاد على النظر لوجهه الحبيب ....فتحت فمها تريد اخراج حرف واحد الا انها عادت لتغلقه من جديد ... فجأة انتبهت وتذكرت فتور استقباله لها ...وكأنه كان يغتصب اخراج الكلمات ...بل وكأنه يقول لها اتمنى ان تخرجي وتدعيني بسلام ... همست مرة اخرى وهي تشعر بالألم يجتاحها وكأنها سهام حادة جارة تخترق روحها دون رحمة
- متى .... متى .. حدث ذلك !!
يجب عليه اخبراها ..يجب عليه ان يشاركها كل شيء ...اليست هي بحكم خطيبته !! ام ..ربما !! اخيراً وبعد عدة لحظات بائسة من وقوفها المحرج امامه .. ضربتها الحقيقة المرة وكأنها امواج بحر عاتية تضرب صخور الشاطئ مخلفة تصدعاً واحجاراً مكسرة ...بل وكأن سقف احلامها التي بدأت للتو قد سقطت متكسرة على رأسها بقوة .. قوة مؤلمة لكن حقيقية ... وجعلتها تدرك بشكل مثير للشفقة ان عبد العزيز لا يريدها .. لا يريدها في عيادته !
لكن لا ...ربما هي متوهمة ومخطئة بحكم مفاجئتها من اصابته البليغة هذه ...اجل لقد اصبح تفكيرها مشوشاً واصبح يصور لها امور لا مكان لها من الصحة !!
هز كتفيه وقال بذات البرود وهو ينظر لها كالغريبة التي يراها للمرة الاولى ...حواره معها كان رسمياً جداً ...بارد وقاسي جداً جداً ...لامبالاته هذه كانت اشد الماً من صدمتها بما اصابه
- عندما كنت في بغداد لشراء بعض المعدات الطبيبة .. والان ..هلا اخبرتني ماهو طلبك انستي ؟! ارجوك اخبريني بسرعة فأنا مشغول جداً !
بيد مرتعشة مسحت جبينها وهي حقاً لا تعرف ما عليها قوله ... لماذا يعاملها بكل هذه الرسمية والجفاء ... لماذا يقول لها آنستي ؟! كان يناديها تبارك بكل اريحية وتملك وهي التي كانت تناديه دكتور عبد العزيز !!! مالذي جرى الان وغيره !!!
همست بشحوب وهي تغتصب ابتسامة صغيرة
- اسفة على ازعاجك ... انا ..أنا ..اعتقد ..اني يجب ان ..اغادر.... الان !!
اومأ بصمت ثم احنى رأسه يحدق ببعض الأوراق امامه ...شعر بخروجها ...شعر بإحراجها من بروده معها ..وشعر لأول مرة بأنه ليس عبد العزيز الطيب البشوش الذي لايقوى على اذية نملة صغيرة فما بالك وهوي قوم بجرح اغلى واعز مخلوق له في الدنيا بعد اخته رونق !!!
انها تبارك نصفة الثاني وتؤم روحة ...
رفع رأسه يحدق بالباب الذي خرجت منه للتو ..هامساً بحزن
- آسف يا تبارك .. آسف يا مهجة الروح والقلب .. تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن .. وليس كل احلامنا تتحقق بسهولة ...
هذا ما ادركه الأن ...ادرك انه وتبارك خطان متوازيان لن يلتقيان ابداً !!!
...............................
.................................................

كان يقف في الحديقة ينظر الى الأعشاب والحشائش الخضراء بشرود .. لقد وعدها بأن يأخذها الى السوق من اجل ان يشتري لها الفساتين والحجابات و الإيشيربات الخاصة بالمحجبات .. اخيراً سيتخلص من بناطيل الجينز التي ترتديها حتى وان كانت ترتدي فوقه القمصان الفضفاضة الا انها رغم ذالك كانت جميلة وملفته !
القى نظرة على ساعة معصمه ..الساعة تشير الى السادسة عصراً .. الوقت ملائم جداً للخروج !
لقد طلب من رضاب ان تذهب وتطلب منها ان تتهيأ للخروج وتخبرها انه ينتظرها في الحديقة ... حسناً بغض النظر عن كونها لاتزال تتجنب الجلوس او الوقوف امامه الا انه يشعر بالراحة والسكينة ...وكأن جبلا من الهم قد انزاح من فوق ظهره ....
كم هو جميل عندما تتزوج من فتاة انت ترغب بها وتحبها ... خاصة وانه هو من ربى حبيبة على يديه .. الأمر يشبه زراعة نبته صغيرة .. وانتظارها ومراقبتها وهي تكبر امام عينيك يوماً بعد يوم ... لتجني اخيراً ثمار ما زرعته وسقيته بتعبك وجهدك !
عندما كان في الجامعة شاهد وسمع الكثير من الكلام عن الحب وعن مشاعر العشق التي يعيشها أصدقائه ... كان يتعجب .. يفكر بينه وبين نفسه ..هل يوجد حقاً شيء اسمه حب في الدنيا هذه !!
لم يمر بتلك التجربة ابداً ... تنهد بعمق وحرارة ...الظاهر ان قلبه اقسم على عدم فتحه الا لمن ملكته منذ الازل وهو كان كالأبلهة الغبي يظن ان ما يكنه لها ما هي الا مشاعر اخويه !!
صدرت منه ضحكة ساخرة قصيرة وخافته وهو يهمس
- اجل اجل اخويه ..اخويه جدا جداً يا غبي !
ليكتشف متأخراً انه غارق لأذنيه بحب تلك الفأرة الصغيرة !
بكل تأكيد الحياة الزوجية ستكون هادئة ومسالمة مع فتاة رقيقة وخجولة كحبيبة ... كلما يتذكر كيف جعل السعادة التي كانت امامه طوال الوقت تهرب من بين يديه ... يود لو ان يضرب رأسه بالحائط عدة مرات !
عملياً ونظرياً ومعنوياً قلبه الان يمكن ان يسمى اعذراً مذكر كلمة عذراء ... او بتولاً بما انه لم يجرب الحب قبلا !!
اجل حياته بدأت منذ اكتشاف حبه لحبيبة ...وكل ما كان قبلها كان مجرد رماد ذهب مع ادراج الريح ... ما ان تقع عيناه عليها يعود ثمانية اعوام الى الوراء ... يعود صبي في العشرين من عمره ... يراقب حبيبته .... ويحاول اسعادها بشتى الوسائل !!!
اه منك يا حبيبة كيف غيرتي زهير المؤدب الرزين وقلبتي موازينة مئة وثمانين درجة !!
تتدلل عليه وتبيع الثقل والغرور وهو يعشق ذلك ..ويعشق كل ما تفعله به !!

شعر بحركة ورائه ليستدير مبتسماً بسرعة لكن ابتسامته اختفت وحاجبيه الكثيفان التقيا بتقطيبه عميقة ومنزعجة وهو يقول باستغراب
- رضاب !!! اين حبيبة الم تخبريها بأني انتظر !!!
فركت رضاب يديها بتوتر وهي تبتسم له ابتسامة صغيرة وحرجة ..لتجيبه هامسة
- الحقيقة يا زهير حبيبة طلبت مني ان ابلغك انها لن تستطيع الخروج معك !
اعتدل بوقفته وقد تحفز جسده وتشنج ... ثم اجابها قائلا
- نعم نعم !! وهل الامر على مزاجها ؟!!
ليكمل بتوعد وهو يتوجه للطابق العلوي بسرعة وغضب ... متجاهل صوت رضاب وهي تناديه وتطلب منه ان يتمهل قليلا لتفهمه
- لم تعرف من هو زهير بعد ! حسناً حبيبة ..اصبحت عينك قوية جداً ولا تحترمين من هم اكبر منك سناً !
لحقته رضاب وهي تؤنب حبيبة بسرها على وضعها بهذا الموقف المحرج
............................
..........................................
كانت تجلس على فراشها وهي مستنزفة القوى كلياً ..منذ رجوعها اليوم وهي بعالم اخر ...الكل لاحظ شحوبها وتغيرها .....حتى ان والدتها لحقتها للغرفة وسألتها عن سبب عيونها الحمراء التي فضحت بكائها ... لتجيبها متعلله بأنها تعاني من ألم في بطنها ... والحمدلله انها صدقتها وتركتها وحدها لترتاح قليلا بعد ان أحضرت لها كوب من الحليب الدافئ .....
كانت تشعر ببشرتها السمراء توخزها كأنها دبابيس صغيرة ... بينما قلبها ينقبض بشدة مؤلمة ....لم يؤلمها رؤية وجه عبد العزيز الذي فقد القليل ..القليل جداً من وسامته التي كانت ولا تزال تراه بعينها اجمل من وجه اوسم رجل في العالم ... لكن ما ألمها حقاً هو ذلك القناع القاسي البارد الذي كان يرتديه والتي كانت تراه لاول مرة !!!!
ظلت طوال فترة الظهيرة والعصر جالسة بغرفتها ..تسترجع كل ثانية مرت معهما ..كل حركة قام بها ... وطريقة كلامه المتضايقة الباردة التي كان يتكلم بها !!!
ليست مستعدة بعد لكي تتصل برونق ...اليوم هي تعبه جداً ..حزينة جداً ومصدومة .... كان يقف قريباً منها في المكان لكن ما فصل بينهما كان بمثابة الالف الأميال او كعازل جداري سميك لا يمكن اختراقه ابداً ...
لكنها حتما ولابد من ان تتصل لتفهم كل ماجرى .... يجب ان تسكت ذلك الصوت الساخر البغيض الذي يصرخ داخلها ...وتخنق الهاجس الذي يراودها منذ لحظة خروجها من العيادة .... هاجس يخبرها بأن عبد العزيز تغير ..تغير كلياً !!!

في الجهة الاخرى كانت تقف تنظر من النافذة وهي تقضم شفتها السفلى بتوتر ... الحمدلله انها رفضت الذهاب معه ...هذا الذي ينقصها ان يأخذها زهير للسوق ويختار معها ملابسها ! هي تخجل من تبارك فكيف الحال مع زهير الذي قال لها بكل هدوء وثقة بأنه يحبها ويردها زوجة له !!
كما انها للأن تشعر كما لو انها متسولة علقة طفيلية تعيش بينهم خاصة عندما قطعت والدتها المبلغ المالي الذي كانت ترسلة للخالة سعاد .. صحيح ان خالتها طيبة وحنونة ولا تشتكي ابداً لاهي ولا وليد .. الا ان الامر ليس بيدها خاصة الان مع وجود رضاب ايضاً !!!!
في خضم افكارها المحرجة داهمها ذكرى والدتها كالخنجر المسموم الذي طعن قلبها بقوة .... هي لم تعد تتذكرها كالسابق ...ربما بسبب وجود رضاب جانبها او ربما بسبب تلك القسوة التي تغلف قلب والدتها التي لن ولم تبذل جهداً بالاتصال بهم او حتى الاطمئنان على رضاب المسكينة !!!
طرقات قوية جعلتها تجفل وتستدير بسرعة لتدلف رضاب قائلة
- زهير يرد التكلم معك !
قطبت جبينها وقالت بضيق
- الم تخبريه بأني ...
قاطعتها رضاب بسرعة وهي تحمل الوشاح وتتجه لها
- بلا بلا اخبرته ..لكنه رفض وثار ..خذي ارتدي وشاحك ولنرى مايرده
اخذت الوشاح من يدها وهي تزفر بتوتر ثم لفته حول رأسها ... ذهبت لتفتح الباب وهي تحاول ان تتسلح بالشجاعة الزائفة التي لا تمت لها بصلة
- نعم زهير ماذا هناك !
كان يقف متكئاً على اطار الباب وما ان فتح حتى اعتدل قائلا بغطرسة
- خمسة دقائق .. خمسة دقائق واراك جاهزة للخروج !
اجابت بتحدي وقوة
- وانا لا اريد الخروج معك زهير !!!
ليرد عليها بغيض وحدة
- وانا قلت ستأتين ورغماً عنك !
تدخلت رضاب قائلة بأبتسامة بلهاء ورقيقة
- انا يمكنني ان ارافقكم و ...
قاطعها ببرود وهو يركز نظراته العميقة على حبيبة الصامته التي كانت تزم شفتيها برفض
- ستأتي معي لوحدها ... و دون ان يرافقها احد !
ثم اكمل بأبتسامة شريرة وسمجة وهو يرفع حاجبيه بتحدي وغرور جعلها تود لو انها تفعل اي شيء ... اي شيء لتخفي عن وجهه هذه النظرات الواثقة
- سأنتظرك في الاسفل ان لم تأتي سأصعد وأأخذك هكذا بملابس المنزل
ثم جالت عيناه على ملابسها قائلا بوقاحة
- ملابسك محتشمة كما انك ترتدين الحجاب ولا بأس بالخروج وانت بهذا المنظر
وقبل ان تفتح فمها كان قد غادر المكان بسرعة سمعت صوت تبارك وهي تقول متدخلة لأول مرة .... ببهوت وفتور
- اذهبِ معه حبيبة ...هذا مجنون ويفعلها .. ارجوكِ اذهبِ ولا داعي لإثارة المشاكل !
.........................
...............................

صغيرة جنت وانت صغيرون
حبنا بدا بنظرات العيون
قالو ترى ذولة يحبون
من الصغر لما يكبرون
مثل نجمة والقمر
كبر حبنا وازدهر
بعيونك حبيبي
تبتدي دروب السفر
...............
كانت تستمع لتلك الأغنية التي ادارها زهير في السيارة ... لا تعرف أهو تعمد تشغيل هذه الاغنية تحديداً ام هي مجرد مصادفة !! لكن بكلا الحالتين فكلماتها كانت تجعل قلبها يخفق بقوة ... بينما السعادة تنشر اجنحتها الكبيرة لترفرف بها عالياً محلقة في السماء الواسعة بحرية وانطلاق .... ادعت اللامبالاة وهي تنظر لواجهات المحلات لكن عقلها كان مركزاً ومنتبها لذلك الرجل الذي يزفر الهواء كل دقيقة بضيق وانزعاج !!!!
بعد مرور عدة دقائق على خروجهم والصمت الثقيل المربك كان يلتف حول السيارة ... قطعه قائلا ببرود
- اذاً ..حبيبة ليس لديك اي تفسير لما حصل قبل قليل ؟!
التفتت تنظر له وهي مقطبة الحاجبين ...اجابت بعدم فهم ..فهي فعلا لم تفهم معنى كلامه ..عن ماذا يتحدث واي تفسير هذا الذي يطلبة ؟!
- تفسير لأجل ماذا ؟!
زفر بضيق واجابها وهو يركز على القيادة وعيناه مثبته على الطريق الممتد امامه
- لماذ رفضت الخروج معي ؟!
عضت باطن فمها بتوتر ... ماذا يفترض بها ان تقوله له الان !!! اتقول بأنها ومنذ اعترافه المسفر بحبه لها وهي مشتته ..هائمة لا تركز على ماتفعله ... دائماً شاردة بعالم اخر خيالي وحالم !!! حتى خالتها لاحظت تغيرها في اليومين السابقين !!! ام ربما تخبره بأمانيها وصلاتها ودعواتها الصامتة التي كانت تتلوها وتتضرع بها الى الله لكي يقرب لها الحلم المستحيل الذي كانت تحلم به طوال حياتها !! ام تخبره بخجلها منه وانها لا تستطيع الاختيار او الشراء وهو يقف جانبها بوسامته وحضوره القوي !!
ربما لو لم يعترف لها لما كانت شعرت بهذا الكم الهائل من الخجل والاحراج !!! ربما لو ظل يناغشها ويلمح لها بالكلام افضل مئة مرة من قذفه المباغت لكل تلك الحقائق المدمرة ...او ربما لو كان قد اعترف لها بعد الزواج ...لما احست بكل هذا التوتر والتشنج الذي يصيبها ما ان تسمع صوته يدلف لداخل المنزل !!!
طالبها بالحاح ليقطع عليها افكارها المتخبطة
- انتظر الجواب حبيبة !!!
اجلت حنجرتها ثم قالت بهدوء وهي تلتفت لتنظر الى واجهات المحلات من النافذة تدعي الهدوء بينما قلبها يخفق بشدة اكبر من السابق
- لاشيء عندي لأقوله زهير ..غير اني لم اشأ ازعاجك باللف والدوران معي من محل لأخر فأنا احب ان اشتري ملابسي على مهل وببطء دون استعجال !
رفع حاجبيه الكثيفين وكأنه لم يصدقها ...بالفعل هو لم يصدقها ...هي تشعر بالخجل منه ..وهذا واضح جداً ... لكن لابأس هو يحبها خجولة وناعمة ...لكن ليس لدرجة التهرب منه في كل دقيقة ...فهي وبعد تلك الليلة الرائعة اصبحت تتحاشاه بشكل مبالغ ... ليس مبالغاً فقط بل بشكل يدعو على الريبة والشك ! امن المعقول انه تسرع بأفصاح مشاعره الدفينة لها !!
اجابها بتعمد وبنبرة صلبة واثقة جعلت جسدها يرتعش بقوة
- لالا من الان وصاعداً انا مسئول عن اخذك للسوق وايضاً اختيار الملابس معك ...ثم يا خانم من قال لك اني انزعج من اللف والدوران في الأسواق !! بالعكس لاشيء احب لي من شراء الملابس ل
ثم التفت لينظر لها وقد انصهر العسل الذائب بعينيه الواسعتان ليكمل بنبرة ذات مغزى
- لزوجتي الجميلة التي ستلبسها لي بكل تأكيد !
كادت ان تفتح الشباك وتصرخ بصوت عالي من فرط خجلها وارتباكها .. هل يتعمد فعل هذا !!! لربما فعلا يتعمد ..يريد استفزازها ...لكن لا ..لن تبين له .... لأنها تعرف نفسها جيداً ... ان فتحت فمها الان ستتلعثم وتهذي بكلام غير مترابط ...
ربما ستعطيه موافقتها الفورية لو كانت حبيبة القديمة الخانعة الضعيفة ... لكنها لن تنطق بكلمة موافقة رغم انها تتمناه بيأس مثير للشفقة ...وتتمنى ان تغرق ببحيرتي عينيه العسليتان ... تتوسد هذا الصدر الواسع الصلب ... تحلم بجراءة ووقاحة ان تلمس اصابعها وتتبع عضلاته النافرة عضلة عضلة ... تحدق بوجهه الوسيم عن قرب وكأنها فنانة ترسم لوحه فنية لحبيبها وهي تحدق وتتبع ادق تفاصيل معالمه المثيرة ... تلثم شامته الصغيرة السوداء التي تزين اسفل عينه اليسار ... تستنشق عطره .. تغرق وجهه بقبلات محمومة كانت تتدخرها له طوال السنين الماضية ...
لكنها تظل احلام بعيدة لن تحصل ابداً ..حتى ان تزوجها هي لن تفعل ذلك ..بكل تأكيد خجلها سيمنعها ! عضت شفتها وهي تشعر بخروج الحرارة من وجهها ... همست بخجل شديد رباه حبيبة الى اين اخذتك افكارك المخجلة ! تماسكِ وظلِ قوية ! انت صبرتِ وتحملت الكثير !
عادت لتصبر نفسها وتبث داخلها القوة وهي تفكر بالماضي المؤلم الذي عاشته منذ صغرها .. للان لم تشفى جروحها القديمة التي خلفته لها سناء ورحلت ... اكثر من ثمانية عشر عاماً وهي تتحمل الألم ...القهر ..والوحدة ..تحمل فوق اكتافها ذنوباً ليس لها يداً فيها ...كتلعثمها بالكلام ..فشلها الدراسي .... وحبها الميئوس منه ....والذي بات الان شبه حقيقة بل هي الحقيقة بعينها ... أبعد ان تحملت كل هذه الصعاب تاتي الان لتستسلم بسهولة ... لا ...لن تكون حبيبة ان لم تدعه ينتظر ... لشهور الى ان ينال الرضى والموافقة .... فليتذوق لوعة الانتظار ومرارة الشك والخوف ....كما تذوقته هي واكتوت بنارها .... اجابته اخيراً بلامبالاة
- ومن قال بأني موافقة على الزواج منك !!!
التفت ناحيتها بسرعة وقال مقطباً
- وانا اخبرتك ...لا احتمالية للرفض ابداً ...فهمتِ ابداً !
اجابته بتحدي بينما السعادة تتخلل وتنتشر بكل حنايا جسدها ....ارادت ان تصرخ برعونة وتسرع هاتفة بصوت عالي ..اجل ..اجل..موافقة ..موافقة جداً جداً ....وابصم لك على موافقتي بالعشرة الا انها تماسكت ...وقررت أن تكون اكثر شجاعة وحكمة
- وانا لن اربط حياتي برجل مثلك !!!
ردد ورائها بتعجب وذهول
- رجل مثلي !!!!!
اجابت بقوة وثبات
- اجل مثلك يا زهير ..انت مطلق ...ومن المعروف ان المطلق الذي جرب الطلاق للمرة الأولى يمكن ان يطلق للمرة الثانية والثالثة بسهولة ودون ندم ...ثم ماادراني انا ..ربما انت للان تفكر بطليقتك !
وقبل ان تتم جملتها اوقف السيارة بقوة حتى كاد رأسها ان يرتطم بالزجاج الامامي ...بينما صوت اطاراتها تكاد تصم الأذن ليهتف بأنفعال وقوة وعيناه متسعة وحمراء للغاية ولدرجة مخيفة
- مالذي تهذين به يا فتاة !!!! أجننت !! عن اي طلاق تتحدثين !
لتجيبه بخوف وتلعثم وهي تنكمش على نفسها
- طلاقك من سلمى !
هز رأسه بعدم تصديق ثم مد يده ليمسك ذراعها ..يغرس اصابعه عميقاً بها
- لا شأن لك بمسألة طلاقي منها .. ثم ماذا تريني يا حبيبة !! ها اجيبي !! انت تعيشين معنا منذ الطفولة ..اخبريني ..هل شاهدتني او سمعتني يوماً أواعد الفتيات و اوهمهن بالزواج ! ثم اتركهن بنذالة !!! اجيبِ ! اجيبِ ! تباً !
ملامحه كانت مخيفة بالفعل الغضب الأسود عصف بوجهه ... عيناه كانت تحدق بها بحدة ...بدى لها وكأنه سيضربها لامحالة ...بحياتها لم تراه غاضباً بهذا الشكل ...أكان عليها ان تستفزه هكذا بالكلام ! همست بصوت مرتعش وهي تنظر له بخوف
- ز..هير ..اترك ذراعي ..انت تخيفني !!
ظل ينظر لها متجهماً عابساً ..ما قالته عن الطلاق آلمه كثيراً .. كما آلمه وطعنه نظراها الخائفة منه لكن مع ذلك هو يعذرها ...حبيبته لاتزال صغيرة وطائشة ...غداً عندما يتزوجان وتلمس مقدار حبه وعشقه لها ... ستغير تفكيرها ورأيها عنه بكل تأكيد ... تركها ببطء ثم تنفس عدة مرات ... نظر امامه بصمت لعدة ثوانِ .... ثم مرر اصابعه بشعره ساحباً نفساً عميقاً ... قبل ان يعاود النظر اليها ... يركز على عينيها الجميلة ... شفتيها المزمومة .... جسدها المرتعش
ليقول بلطف ونعومة .. وكأنه ليس ذلك الوحش الذي صرخ عليها وعنفها قبل قليل
- انت تخافين مني ! مني انا يا حبيبة من زهير ! زهير الذي رباكِ على يده ! زهير الذي لاهم له الا العناية بك والبحث عن سعادتك !
صمت قليلا ثم اكمل بهدوء وهو مصمم على افهامها وتوضيح وجهة نظره لها
- اسمعيني جيداً يا حبيبة! انا لم اطلق سلمى هكذا !
لوح بيده في الهواء وكأنه يبحث عن كلمات مناسبة ليكمل متنهداً بتعب
- لم انم واصحى صباحاً لأتخذ هكذا قرار كبير ومهم... كان هناك سبب قوي ومقنع جداً جداً صدقيني ..ربما سأخبرك به في المستقبل !
اذن هناك سبب مقنع وقوي ؟! حتى لو ... هولن ينكر انه تزوجها بإرادته الحرة ...
نظراته كانت متعبة ومعاتبة ... وكأنه كان يؤنبها ويعاتبها على ما تفوهت به قبل قليل ... لوهلة شعرت بالذنب والشفقة وكادت ان تعتذر له الا انها تماسكت وهي تبادله النظرات بصمت ليكمل بجدية وصوت عميق وواثق
- ثم لا تذكري اسم سلمى نهائياً امامي ...اسمعتِ نهااااائياً !!
هتفت بأنفعال وعيناها غرقت بدموع الغيرة البلهاء ..التي داهمتها من جديد ... وهي تكتف ذراعيها على صدرها اللاهث
- اذن انت لازلت تفكر ....
قاطعها بعنف وهو يستدير بجلسته لينظر لوجهها المحمر بوضوح اكثر ...
- سلمى صفحة سوداء وطويتها من حياتي ... انا لم اندم على شيء فعلته مثلما ندمت على الزواج منها !
همست بألم وقد استكانت وهدئت ثورتها الرعناء و غيرتها الأنثوية
- اذن لماذا تزوجها ...لماااااذا !
مسح وجهه بكفيه ثم استغفر بخفوت ... اخذ ينظر لها بعمق وصمت ... كان سيتجاهل الاجابة على سؤالها ...حبيبة امامه دائما كالطفلة الصغيرة ... التي يجب لا تتلوث بالخطايا والكره الموجود في الدنيا وبين قلوب اليشر ...يجب ان تبقى بيضاء ناصعة ... لكن ما رأه الان كان مختلفاً ...فهذا الاصرار الذي يقرائه بعينيها هو ليس اصرار وفضول الطفلة التي كانت عليها سابقاً بله هو اصرار حبيبة الشابة ...الكبيرة .... القوية بنعومة ....المتعالية ذات الكبرياء لكن بأنوثة ممزوجة بالرقة ....
هي تحتاج للفهم والتبرير ... وربما هذا من حقها ... وهو مضطر لأن يخبرها ويشرح لها وجهه نظرة للأمور سابقاً
- رباه حبيبة ...سبب زواجي منها كررته لعدة مرات .. مرة لوليد ..ومرة لوالدتي ..والان سأكرره لك ايضاً .... رغم اني اعتقد بل متاكد بأنك تعرفين كل ملابسات القصة وكيف تزوجت منها !!
تنفس بعمق ثم زفر الهواء بحرارة ليكمل
- أتذكرين كيف رفضها وليد !!! اتذكرين نظرات والدي المنكسرة !! انت كنت موجودة معنا حينها وتعرفين كيف تم الامر ! انا لم اكن لأدعه بموقف محرج ... كان علي التضحية .... زواجي كان امراً محتوماً وسلمى شأنها كشأن اي فتاة اخرى كانت امي ستخطبها لي فلما اعترض اذن !!! ثم انا في ذلك الوقت البائس ..لم اكن اعرف اني احبك ..... لا بل كنت احبك لكن ذلك الحب والاهتمام كنت اترجمة على انه اخوي بحت ..شأنك كشأن تبارك تماماً ...رباه حبيبة ارجوك افهميني ويكفي نبشاً وتنقيباً في الماضي الذي لا طائل منه الا الألم والوجع لكِ ولي !!!

صمتت تنظر له والدموع مترقرقة في عينها ..تتذكر كيف ابلغ والده موافقته ...وكأن سكيناً حاداً اخترق صدرها الان ...حتى بعد مضي كل تلك السنين القليلة .. لاتزال تذكر ماذا احست وكيف بكت بحرقة ولوعة لا احد يواسيها الا وسادتها الباردة المبتلة بدموعها
اكملا باقي الطريق بصمت ... كل منهما يغوص بافكاره الخاصة المتشابكة .... حبيبة تفكر بكلامه المنطقي والذي اقتنعت به جداً خاصة وانه كما قال ...كل شيء تم امامها في ذلك الوقت .... اما زهير فكانت افكاره حائرة ومتعبة ..الن يرتاح وينسى ذكر تلك المسمى زوجته ...الن يفتح صفحة جديدة وبيضاء مع حبيبة ..حبيبته التي اختارها بعد طول انتظار و عناء وتعب !!!
..............................
.....................................
- لم لا تدعها تختار ماتريده سيدي !
قالتها البائعة بضجر ونفاذ صبر ...فزهير كان يدور ويبحث بكل ركن في المحل ...يأمر حبيبة بارتداء الفساتين والحجابات التي اختار معظمها هو ... اجابها ببرود وهو يحمل فستاناً كريمي اللون يحتوي على تعرجات ناعمة عند الإرداف
- نشكر نصيحتك .. لكنها خطيبتي وارغب بأن اشاركها الاختيار
غمغمت البائعة بكلمات مستاءة ليلتفت وينظر لها قائلا ببرائة زائفة
- هل قلت شيئاً يا حاجة ؟!
احتقن وجه المرأة الثلاثينة بغضب حتى كاد الدخان ان يخرج من اذنيها لتوجه كلاما لحبيبة التي وقفت مرتبكة تنقل نظراتها ما بين الاثنين وهي لاتعرف ماعليها فعله اتضحك على تصرفات زهير الصبيانية ام تواسي الشابة وتعتذر لها عن وقاحته وجلافته
- انستي ان احتجتي لشيء نادي علي ... انا سأذهب لأساعد باقي الزبائن ومن الظاهر ان ..
ثم حدجت زهير بنظرة حاقدة و حادة لتكمل قائلة وهي لاتزال توجه الكلام لحبيبة
- انكم تحتاجون وقت اطول للأختيار
ما ان تركتهم وغادرت حتى همست حبيبة بخفوت وهي تؤنبه بنظراتها المعترضة
- لم يكن عليك قول ذلك
اجابها بلامبالاة
- لاتشغلي بالك بها ... امرأة مجنونة ومعقدة ... والان خذي اذهبِ لقياس هذا الفستان سيكون رائعا عليك !
همست قائلة بحرج وخجل شديد فقد اشترى لها الكثير من الفساتين وحتى اشترى لها ملابس منزلية ايضاً
- يكفي يا زهير لقد اشتريت الكثير !
لم يلقي بالا لما قالته بل أمرها بصرامة وهو يدفعها بلطف نحو غرفه قياس الملابس
- دون اي كلمة اذهبِ وقيسي الفستان ..الان هيا !!
اخذت منه بصمت وإذعان ثم ذهبت لغرفة الملابس ... على الرغم من انه اشترى لها الكثير ... الا ان كل المشتريات هو من اختاره لها ... لم يسمح لها بإبداء رأيها ابداً ... وهي بطبيعتها الخجولة لم تكن تستطيع ان تجادله امام الباعة خاصة وهو يتحدها ويصر على موقفه دون حتى ان يأخذ رأيها بعين الاعتبار ..لكن رغم ذلك هي مضطرة للاعتراف بأن زهير يمتلك ذوقاً راقياً ورائعاً ...
...................................
...........................................
الندم : هو أن تقف أمام الساعة , وتناشد xxxxبها بأن تعود للوراء
....................
بقدمين عاريتين باردتين صعدت فوق السرير لتقذف جسدها المتهالك على الأرض بقوة ... كانت تكررها مرة بعد مرة ..وفي كل مرة تشعر بمشاعر مختلفة
ندم ..ألم ..قهر ...خذلان ..ويأس
وكأنها تقف على حافة منحدر عميق ..وعالي جداً ... الوحدة والخوف من المجهول يأكل من روحها ويلتهمها ليلة بعد ليلة ...
تعاود الكرة بقوة اكبر وإصرار أكثر ... حبيبات العرق تجمعت على جبينها .... وخصلات شعرها تهدلت على أكتافها .... ومع قفزتها الأخيرة القوية شعرت بطعنة أسفل بطنها مع تدفق سائل دافئ بين فخذيها .... لتبتسم هامسة بألم قبل ان يلفها الظلام بقوة
- اخيراً ...تخلصت منه !!
................
نهاية الفصل








Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس