عرض مشاركة واحدة
قديم 03-08-19, 12:13 AM   #886

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

لامس (عماد) الوسادة التي وضع رأسه عليها بشرود قبل أن يميل ليدفن وجهه فيها ويتنفس بعمق ليحبس بقايا عطرها الذي التصق بالوسادة علّ قلبه يهدأ قليلاً ويكف عن التوجع مفتقداً لها .. أغمض عينيه وعطرها الرقيق يغزل حول عقله المتعب غلالة وردية تسلل خيالها من خلفها مداعباً ومعذباً وعيناها تخبرانه أنّه سيتعذب كثيراً حتى يجدها من جديد، ليتنهد بحرارة وهو يستدير ليرقد فوق ظهره وأسند رأسه لكفيه المتشابكتين فوق الوسادة وتنهد بحرارة وهو يتطلع للسقف بشرود وعقله يدير للمرة الألف ربما ما دار بينهما .. لامس قلبه الذي لا زال يتوجع لفراقها .. لقد أفسد كل شيء .. هل ضيع فرصته حقاً معها؟ .. لقد رفضت كل محاولاته لإقناعها .. كل ما فعله ليرقق قلبها لم يجعلها تتخلى عن أسوارها الجليدية وتفتح قلبها له وتسمع الحقيقة منه .. كلما ظن أنّه اقترب من قلبها سارعت برفع جدرانها أعلى وفي النهاية .. انهارت وتحطم كل شيء وتسربت من بين يديه كسراب .. لماذا يلومها إن كانت لا تريد تصديقه؟ .. رغم كل شيء هو يستحق .. رغم الألم والمرارة التي تلتهم قلبه من الداخل لأنها لم تثق به وفضلت الإصغاء لأكاذيب أحدهم لا يحق له لومها بعد كل ما فعله .. عاد يتقلب في الفراش لتصطدم عيناه بباب الغرفة حيث احتجزها قبل أيام ليجبرها على الاستماع له .. غامت عيناه وهو يتذكر اللحظات التي مال فيها نحوها محاصراً إياها وقلبه كان يرتجف رغم ابتسامته وملامحه العابثة المتحدية .. أنفاسها المرتجفة التي لامست وجهه ونظراتها المرتبكة التي تعلقت بعينيه أصابته في مقتل .. نسى كل شيء عن وضعهما .. عن سبب إحضاره لها إلى شقته الخاصة .. عن كل ما يقف بينهما .. أخطاءه .. ماضيهما .. حياته التي انقلبت بعد معرفة الحقيقة .. نسى كل شيء إلا هي وتهديده العابث قبل ثوان فقط أن يمنحها سبباً إضافياً لكراهيته تبخر من رأسه في اللحظة التي نظرت له فيها بضعف واستسلام أذاب قلبه وارتجفت أصابعه بقرب شفتيها اللتين انفرجتا قليلاً بصدمة وخوف وهي تهمس اسمه ليرتجف قلبه بجنون ويميل نحوها تاركاً العنان لمشاعره وهو يغمض عينيه .. قبل أن ينغلق جفناه تماماً لمح رفرفة جفنيها وهما يوشكان على الانغلاق لينتفض قلبه بترقب واشتياق .. همس اسمها بعاطفة شديدة وهو يغلق المسافة بين شفاههما .. ثانية واحدة .. ثانية واحدة فقط فصلت بينه وبين أحلامه .. ثانية واحدة بالكاد مس فيها شفتيها لتنفجر نبضات قلبه أكثر وفي الثانية التالية انفجر الألم بقسوة في قدمه التي غرست فيها (سؤدد) كعب حذائها بكل قوتها ليبتعد متأوهاً بألم ولم تمنحه الفرصة ليستوعب ما فعلت وهي ترفع ساقها لتغرس ركبتها في بطنه وهي تهتف
_"كيف تجرؤ على لمسي أيها الوغد؟"
أمسك بطنه وهو يعض على شفتيه بألم ونظراته امتزج فيها الألم برغبة مجنونة في الضحك وهو لا يصدق ما فعلته .. لمح وجهها يحمر بشدة بينما ترفع كفها تلامس شفتيها بأصابع مرتجفة قبل أن تمسحهما بقوة وترمقه بنظرة قاتلة وتهتف
_"تباً لك (عماد) .. لن أسامحك أبداً"
اعتدل وهو يدلك بطنه قائلاً بابتسامة متوجعة
_"لقد سبق وقلتِ هذا حبيبتي .. أضيفي هذا للحساب إن أردتِ"
وتحرك نحوها وقد استعاد عبثه وقال وهو يغمز بعينه
_"ولو أنها لا تحتسب في الواقع"
اتسعت عيناها مع وقاحته وارتجفت شفتاها وهي تتراجع خطوة للوراء بينما يواصل
_"لا أحب صراحةً أن أحاسب على شيء لم يكتمل .. لو أردت إضافتها للحساب فيجب أن تكون قبلة حقيقية .. هل نعيدها؟"
ازدادت عيناها اتساعاً وقبضت على كفها بقوة وهي تهتف
_"أيها الوقح ما الذي تقوله؟"
عض على شفته بوقاحة زادت ملامحها صدمة بينما يقاوم رغبته في الضحك ولا يعرف أي شيطان تلبسه مثيراً رغبته في مشاكستها أكثر رغم أن الوضع لا يحتمل
_"أقول الحقيقة .. لا يمكنني أن أقبل بهذا الظلم حبيبتي"
صرخت بغضب
_"لا تقل حبيبتي هذه"
ابتسم بحب زادها غضباً بينما يقول بتسامح
_"لكنكِ حبيبتي فعلاً (سؤددي) ورفضكِ لهذا الأمر لن يغير من حقيقته شيئاً"
رفعت قبضتها في وجهها
_"توقف مكانك .. وإياك أن تفكر في تجاوز حدودك معي (عماد) .. لا تتصور أنني ضعيفة ولن أوقفك عند حدك لو حاولت أن .."
اقترب منها سريعاً بحركة أجفلتها
_"أعرف أنكِ لست ضعيفة أبداً (سؤدد) .. أنتِ أقوى وأروع امرأة عرفتها في حياتي .. بل .. أنا لم أر امرأة غيركِ طيلة عمري .. أنتِ حبيبتي الخارقة"
همس كلماته الأخيرة بحنان لتقطب وهي تتحرك متجاوزة إياه وتمالكت نفسها مرددة بجمود
_"لا تحاول معي (عماد يزيدي) .. أنت لا تعرفني من الأساس .. حاول الخروج من ذلك الوهم في أنك عرفتني يوماً أو أننا لا زلنا نفس الشخصين"
تراجع مستسلماً وتنهد بقوة ليقول
_"حسناً (سؤدد) .. أنا أستسلم"
قطبت بشك ليتابع وهو يتحرك ليجلس على حافة الفراش وزفر بيأس وهو ينظر إليها
_"أعرف أنني أخطأت يا (سؤدد) .. أخطأت حين اقتربت منك بهذه الطريقة .. أنا لم أقصد خداعكِ أبداً .. لم يكن أمامي سوى هذا الحل لأكون بجواركِ وأحميكِ"
رددت بحدة
_"توقف .. أنا أريد مغادرة هذا المكان"
نظر لها برجاء وهو يقول بصرامة مخالفة لنظراته بينما يرفع لها يده حاملة مفتاحاً لتقطب وهي تلتفت نحو الباب لتدرك أنّه أغلقه في غفلة منها
_"كما أخبرتك .. لن تغادري إلا بعد أن تسمعيني"
زفرت بحنق وهي تتراجع لتستند للباب المغلق ليبتسم بأسى وعاد ليردد
_"لسنوات .. كنت مكتفياً رغم عذابي، برؤيتكِ من بعيد .. كانت أخباركِ تصلني وأنا بالخارج .. كل شيء عنكِ .. أنا لم أنسكِ لحظة (سؤدد) .. لقد انتظرت حتى صار باستطاعتي الوقوف على قدمي والحضور بنفسي لأكون بقربكِ .. لم يكن بمخططي الاقتراب منكِ بالوقت الحالي من الأساس .. أعترف أنني كنت سأفعل في الوقت المناسب .. لكن .. عندما عرفت بما تخططين له أنتِ وزميلك الصحفي وسعيكِ خلف (منذر) ومن يقفون خلفه لم أستطع الوقوف بعيداً والتفرج .. كان علي أن أقترب لأتأكد من حمايتكِ بنفسي .. لقد غيرت خطتي وتركت أي شيء وأصبحت حمايتكِ هاجسي الأول .. كنت في الخارج عندما أخبرني صديقي الذي كلفته بمراقبتكِ وإبلاغي بكل ما يحدث معكِ وعندما عرفت بالتهديدات التي تتعرضين لها عدت سريعاً تاركاً كل شيء خلفي .. بدأت أراقبكِ بنفسي من بعيد دون أن تنتبهي .. كنت قريباً لدرجة أن أتدخل لو حدث شيء لكن ليس بالدرجة التي تجعلكِ تنتبهين لوجودي"
صمت يبتلع لعابه وتنفس بعمق وهو يراقب تعابيرها الصامتة وتساءل لوهلة إن كانت تستمع له من الأساس أم أغلقت أذنيها وتدعي الاستماع .. لا بأس .. هو سيخبرها بكل ما عنده ويترك الحكم لقلبها الذي يتمنى ألا يخذله مثلها .. عاد ليتابع وهو يشد جسده بحزم
_"ذلك اليوم الذي ظهرت فيه أمامكِ .. لم يكن لدي علم بالحادث الذي كاد يقع .. كنت أتتبعكِ كعادتي يومها حين انتبهت لتلك السيارة فجأة قبل حتى أن تنتبهي لها أنتِ .. لم أعرف كيف استطعت الوصول إليكِ بهذه السرعة .. لا أعرف حتى كيف تحركت من مكاني واندفعت نحوكِ دون أن أشعر .. كل ذرة في جسدي وقلبي كانت تصرخ باسمكِ في رعب"
خيل إليه أنه لمح رجفة بسيطة بجسدها ونظراتها لكنّها ظلت جامدة دون أي تعبير ليكمل بصوت متحشرج
_"كنت أصرخ داخلي لكن خيل إلي أن كل العالم قد سمع صراخي باسمكِ والزمن الذي كنت أتوسله أن يتوقف قبل أن أخسركِ خيل إلي أنه استجاب حين شعرت بكِ بين ذراعي وانتزعتكِ بعيداً عن براثن الموت الذي كاد ينتزعكِ مني"
ضحكة مرتجفة غادرت شفتيه وابتسم بأسى وهو يغمض عينيه بلوعة يستعيد تلك اللحظات التي شعر أنّ عمره قد تضاعف خلالها قبل أن يشعر بنبضها فوق صدره وبجسدها بين ذراعيه ليغمض عينيه متنهداً بارتياح وذراعاه تشتدان عليها بتملك وحماية .. شعر أنه كان في حرب طويلة وعاد لوطنه في النهاية .. انتصر على الموت وعاد لحبيبته .. تلك اللحظات التي قاوم فيها مشاعره التي كادت تفضحه أمامها وهي ساعدته يومها بانفعالها وصراخها فيه .. كل ذرة فيه كانت تنتفض سعادة لقربها وفرحا لًسلامتها لكنه قاوم ليرسم البرود والعجرفة على ملامحه وصوته .. فتح عينيه ينظر لها ليجد عينيها معلقتين به ومشاعر متخبطة خانتها ولمعت داخلهما ليبتسم في حنان فأشاحت بوجهها ليواصل
_"لم يكن باستطاعتي الابتعاد بعدها .. ليس وأنتِ مهددة بالخطر في كل لحظة .. كان علي التحايل لأبقى بجواركِ طيلة الوقت وأرافقكِ كظلكِ .. كنت قد استغليتِ اسم صديقي المقرب الذي يمتلك شركة الحراسات الخاصة تلك .. كان من المفترض أن أستغل أحدهم في الوصول لعائلتكِ والإيحاء لهم بحاجتكِ لحراسة شخصية وكانوا سيعرضون اسم الشركة وعندها أبدأ خطوتي نحوكِ .. لكن قبل أن أتخذ أي خطوة تفاجأنا في شركة الحراسة باتصال خاص من جدكِ يطلب فيه حارساً شخصياً لحفيدته وبعض الرجال لدعم الحراسة حول القصر"
ارتفع حاجباها في دهشة ليحصل على أول رد فعل حقيقي منها ليبتسم مكملاً
_"كانت فرصتي وأتت حتى عندي .. لم أتوقف لأسأل إن كانت صدفة قدرية أم لا .. كل ما كان يهمني أنني سأقترب منكِ وسأصبح حارسكِ الشخصي .. ذهبت للقاء جدكِ والتعاقد معه والتقينا مجدداً يومها وتعرفين الباقي"
تنهد بقوة مع نهاية كلماته وانتظر لبرهة أن تنطق بشيء لكنّها اكتفت برمقه بنظرات غامضة لا تعبر عن أفكاره ليقول بعد لحظات وهو ينهض ليقف أمامها
_"لم تكن نيتي سيئة أبداً حين قررت دخول حياتكِ بشخصية (مراد) يا (سؤدد) .. كانت الطريقة الوحيدة لحمايتكِ دون أن أخاطر بطردكِ لي بعد أن عرفت كراهيتكِ الشديدة لاسم (اليزيدي) .. خفت رد فعلكِ حبيبتي"
تشنج جسدها وضغطت على كفيها ليزفر بقوة ويتحرك نحوها ببطء
_"لو عاد الزمن بي مرة أخرى لفعلت نفس الشيء (سؤدد) .. كنت أعرف أنكِ ستغضبين وستكرهينني أكثر لكن حياتكِ كانت أكثر أهمية من أي شيء آخر"
توقف أمامها مباشرة ونظر في عينيها بكل صدق مشاعره وهو يهمس
_"أنا آسف .. آسف لأنني اضطررت للكذب عليكِ .. آسف لأنني عجزت عن مواجهتكِ وآسف لأنني انتظرت كل هذا الوقت قبل أن أخبركِ بالحقيقة"
تنفست بقوة وهي تتأمله ملياً ثم قالت بصوت مختنق
_"لماذا كذبت إذن؟"
نظر لها بحيرة لتكمل
_"لماذا قلت أنك لم تعد إلا من أجلي؟"
ردد بحيرة وتوجس
_"لكنني عدت لأجلك (سؤدد)"
قست نظراتها وهي تتقدم نحوه بحدة هاتفة
_"هل تنكر أنك عدت وأنت تنوي الانتقام من (فاروق رضوان)؟"
شحب وجهه وهو يحدق فيها وانقبض قلبه مع رؤيته للدموع التي تجمعت بعينيها
_"هل تنكر أنك عدت لتنتقم من أبي أيضاً؟"
فتح فمه لينطق لتقاطعه هاتفة بحرقة
_"إياك أن تكذب"
_"(سؤدد) .. أنا"
هتفت فيه بانفعال
_أقسم أنك لم تعد هنا إلا من أجلي وحدي .. أنه لم يكن برأسك أي نية للانتقام من أي شخص .. أقسم أنك لم ترتكب ذنباً في حق عائلة (رضوان) وأنك لم تحاربهم أبداً"
ارتجفت نظراته وشفتاه تحاولان النطق ليطرق مردداً بألم
_"لا يمكنني"
سمع شهقتها المرتجفة فرفع رأسه ينظر لوجهها الشاحب وهي تحدق فيه بصدمة وعيناها أخبرتاه بوضوح أنها لا تريد أن تصدق .. أنها كانت تتمسك بأمل خافت أن يكون كل هذا كذباً وسمعها تهمس بصوت أشد اختناقاً
_"هذا يعني أن لك يداً بالفعل فيما أصاب عائلة (رضوان) .. أنت سبب إفلاسهم .. أنت قتلت (فاروق رضوان)"
ازداد شحوبه وعاد الاختناق ليمسك قلبه بقبضة حديدية وهو يهمس اسمها برجاء وألم وعيناه تعلقتا بالدموع التي سالت على خديها بصدمة وهي تتراجع حتى التصقت بالباب وهي تهتف
_"أنت سبب ما حدث لـ(رهف) بعد أن قمت بـ"
رفع رأسه هاتفاً برفض قاطع
_"لا .. لا يا (سؤدد) .. إلا هذا"
الكراهية عادت لتتغلغل في نظراتها له ليكمل بوجع
_"إلا هذا يا (سؤدد) .. سأقبل بأي اتهام ترمينني به ولو كان كاذباً لكن ليس هذا"
رمقته بكراهية واشمئزاز جعل روحه تتلوى داخله مذبوحة وهو يسمعها تهتف
_"يكفي .. أنا لم أعد أطيق سماع صوتك .. لا أريد سماع أي كلمة أخرى"
هتف وهو يندفع يمسك بكتفيها
_"كلا يا (سؤدد) ستسمعينني .. أنتِ لن ترميني بهذا الاتهام الحقير وتذهبي دون أن أدافع عن نفسي"
ضربت صدره تحاول التحرر من قبضتيه اللتين اشتدتا عليها
_"ابتعد .. لا تلمسني بيديك القذرتين"
هزها هاتفاً بانفعال
_"أجل .. أنا فعلت كل هذا .. عدت لأنتقم .. خططت طويلاً .. حاربت (فاروق رضوان) حتى أفلس .. أجل .. أنا أحمل ذنب موته على عاتقي ولا شيء أبداً سيمحو خطيئتي في حقه هو وأسرته .. لكنني .. أبداً ... أبداً .. لم أمس ابنته بأذى .. مستحيل أن أفعل .. لم يكن أنا أقسم لكِ"
هتفت وهي تضرب صدره
_"كاذب .. لقد أكدت كل كلامه .. كان محقاً في كل كلمة قالها"
اشتدت قبضتاه على ذراعيه واشتعلت النار في عينيه وهو يهتف بالمقابل
_"من هو؟ .. ستصدقين كلمة شخص مجهول اتصل ليوقع بيننا ويؤذيكِ وترفضين تصديقي أنا"
ضربته مرة أخرى بكفيها وهي تصرخ
_"أجل .. سأصدق أي شخص ولا أصدقك يا (عماد) .. هل تعرف لماذا؟ .. لأنك كاذب وخائن .. كذبت علي قديماً وتكذب علي الآن .. لن أصدقك أيها الكاذب .. لن تخدعني .. لا تنكر أنك عدت وتقربت مني لتنتقم من أبي"
أحاط خصرها بذراعه ورفع كفه الأخرى ليمسك رأسها من الخلف وقربها منه لينظر في عينيها هاتفا بانفعال مماثل
_"أنتِ كنتِ خارج كل الحسابات (سؤدد) .. لقد وعدني عمي بكِ ذلك اليوم الذي ودعتكِ فيه .. أنتِ كنتِ لي في كل الأحوال مهما كانت علاقتي بعمي .. أنتِ كنتِ لي وعدت لآخذكِ يا (سؤدد) كما كان يفترض بي أن أفعل قبل سنوات إن لم يفرقنا القدر بهذه القسوة"
لمعت الدموع في عينيها أكثر وهي تهتف به
_"ليس من حقك .. لقد تخليت عني .. لم يعد من حقك أن تعود وتطالب بي"
اشتدت يده خلف رأسها تشدها إليه أكثر وهو يهتف بحرقة
_"لم يكن بيدي .. لم أترككِ بإرادتي .. لقد تعذبت لسنوات بعيداً عنكِ وتعذبت بعودتي إليكِ وأنا أقاوم مشاعري نحوكِ كل لحظة .. وأتعذب الآن مع كل كلمة قاسية واتهام منكِ لي":
ركلت ساقه بقدمها صارخة
_"أنت تستحق .. أنا أكرهك (عماد) .. أكرهك .. لقد دمرتني .. لقد خنتني قديماً وتأتي الآن لتكمل علي .. أنت لم تعد (عماد) صديقي .. (عماد) لم يكن يكذب .. لم يكن ليخدع أو ليقتل شخصاً بريئاً"
كان جنوناً وسيطر على المكان ومشاعرهما تحررت بكل طاقتها ولوعة وآلام السنين المكبوتة تفجرت بكل حرقة .. ركلته مرة أخرى مع نهاية كلماتها ليصرخ وهو يتراجع بها حتى اصطدمت بالحائط خلفها ليحاصرها بجسده
_"أنتِ محقة .. أنا أستحق .. أنا لم أعد (عماد)الذي عرفتِه قديماً .. هل لديكِ فكرة كم تعذبت السنوات الماضية؟ .. هل تعرفين شيئاً عني قبل أن ترمينني باتهاماتكِ القاسية؟ .. هل تعرفين حجم المرار الذي عشته بالخارج؟ .. لسنوات كنت أتعذب مع أشباح الماضي وبكاء أمي وحرقة قلبها التي لم تتوقف عن إشعالها بقلبي .. هل تعرفين كم تعذبت بعد مقتل أبي؟ .. كم عانيت من أجل إخوتي وأمي وأنا أحاول حمايتهم وإصلاح ما أفسده عمي و(فاروق رضوان)؟"
صرخت بحرقة وهي تفقد سيطرتها على مشاعرها بينما تضرب صدره بكفيها وتركل ساقه بقدمها
_"أبي لم يفعل شيئاً أيها الكاذب .. أبي أذنب بسبب عائلتكم اللعينة .. أنتم السبب .. أنتم دمرتم حياتنا .. خالك الملعون هو ووالدك هما السبب .. أبي لم يقتل أحداً .. لقد أتى فقط لإنقاذي .. كان يحاول الدفاع عني .. بسببهم .. بسببهم أنا .. أبي قد .."
تقطعت الكلمات وهي تتوقف عن مقاومته بينما تستوعب ما كشفته من جروحها الغائرة ولمح الشحوب يتسلل لوجهها وجسدها بدأ يرتجف كأنما تقاوم حتى لا تعود لتلك اللحظات بينما تهمس بانفصال عن الواقع
_"أبي أتى لينقذني .. أبي قتل لأجلي .. لقد دافع عني .. أتى لأجلي عندما .."
توقفت عن الكلام كأنما انتبهت لما تقوله وتجمدت نظراتها وبدأ الجليد ينساب إليها ولم ينتظر هو حتى تختبيء مجدداً خلف حصونها فهتف وهو يرفع كفيه يحتضن وجهها
_"أنا أعرف .. أعرف أنه لم يكن ذنبه (سؤدد) .. كان مرغماً .. لقد أخبرني الحقيقة كلها"
بدا أنها قد انفصلت تماماً عن الواقع وهي تحدق فيه بجمود قبل أن تهمس
_"أخبرك الحقيقة؟"
هز رأسه وهو يميل ليسند جبينه إلى جبينها ويهمس بحرقة
_"لقد قابلت عمي .. لقد عرفت كل شيء منه .. عرفت أنني ظلمته هو و(فاروق رضوان) .. عرفت البشاعة التي ارتكبتها في حق الجميع بتصديقي لأمي دون أن أبحث بنفسي عن الحقيقة .. عرفت كل شيء ولم أعد أطيق مواجهة نفسي .. أنتِ محقة .. أنا أستحق كل ما يحدث لي .. كل هذا العذاب أنا أستحق كل لحظة منه"
شعر بدموعها تلامس أصابعه فابتعد قليلاً ينظر لوجهها بجزع لتهمس بخفوت وارتجاف وجسدها ارتجف باشمئزاز واضح
_"عرفت كل شيء؟ .. عرفت بشأن .. بشأن ما .."
تمزق قلبه لأجلها وهو ينظر في عمق عينيها اللتين غمرهما الوجع وروحها المذبوحة أطلت بوضوح عبرهما ليردد بألم
_"آسف يا (سؤدد) .. آسف لأنني لم أكن معكِ .. لأنني لم أعرف قبل الآن .. آسف لأنكِ تعذبتِ ولم أكن هناك لأحميكِ"
شعر برجفتها تزداد وأنفاسها تحشرجت وهي تردد بانفصال
_"تعذبت؟"
همست الكلمة مرة أخرى وهي تبتعد لتنظر له بعينين ميتتين قبل أن يرتفع صوتها وهي تضرب صدره بكل قوتها
_"تعذبت؟ .. هل تقول تعذبت؟ .. أنا لم أتعذب هناك .. لم يعذبونني يا (عماد)"
أغمض عينيه بعذاب وهو يستسلم لضرباتها بينما تصرخ بكل حرقة
_"لقد قتلوني .. قتلوني بلا رحمة .. هل تسمع؟ .. قتلوني"
_"يكفي (سؤدد) يكفي"
هتف وهو يمسك كتفيها يهزها بينما واصلت ضربها له
_"قتلوني وأنت لم تكن هناك .. تخليت عني .. ناديتك حتى بح صوتي .. حتى قتلوني .. حتى ذبحوني و .. أنت .. أنت لم .."
لم يدعها تكمل جلمتها التي اختنقت بدموعها وهو يحيطها بين ذراعيه ويضمها بكل قوته هاتفاً بوجع ماثل وجعها
_"يكفي .. يكفي أتوسل إليكِ لا تذبحيني أكثر"
شعر بمحاولاتها التخلص من احتواء ذراعيه لها بينما تهتف بحرقة

_"دعني وشأني .. اتركني .. لن أسامحك .. لن أسامحهم"
ضمها بقوة ودموعه سالت لتلامس شعرها بينما يهتف
_"يكفي حبيبتي يكفي .. أنا آسف .. أقسم لكِ سأنتقم منهم جميعاً .. كل من لمسكِ بأذى سأنتقم منه .. كل دمعة ذرفتها سيدفعون ثمنها غالياً .. سآخذ بحقكِ منهم (سؤدد) .. أقسم لكِ .. لن أسامحهم"
شعر بمقاومتها تخمد وهي تهمس
_"أنت مثلهم .. أنت لا تفرق عنهم شيئاً .. لا أريد شيئاً منكِ"
همس اسمها بألم وذراعاه تسترخيان قليلاً مع توقف مقاومتها بينما تكمل
_"لا أريد انتقامك ولا أريد قربك مني .. أنت مثلهم .. مخادع وشيطان .. أنت قاتل"
هتفت بها وهي تدفعه بكل قوتها في صدره ليتراجع للخلف وراقبها تسترجع كل قوتها وتمسح دموعها بقسوة وعاد الجليد أكثر صلابة في عينيها وهي تواصل
_"لا أريدك قربي بعد الآن .. إن ظهرت أمامي مرة أخرى سأقتلك بيدي (عماد يزيدي) هل سمعت؟ .. سأقتلك"
حاول الاقتراب منها لتتراجع مشيرة للباب وتهتف
_"افتح ذلك الباب اللعين ودعني أغادر قبل أن تندم لبقية حياتك على احتجازي هنا"
تنفس بقوة وعيناه تتعلقان بعينيها وران الصمت على الغرفة إلا من صوت أنفاسهما المتسارعة بانفعال قبل أن يطرق برأسه متنهداً بتعب وتحرك نحو الباب لتتراجع هي بحذر لكنّه تجاهل حركتها وهو يخرج المفتاح من جيبه ويفتح الباب ويشير للخارج ولم تنتظر كلمة واحدة منه واندفعت تغارد نحو باب الشقة وتبعها هو لتهتف وهي تفتح الباب
_"لا تتبعني"
قطب بشدة لتسود عيناها وهي تهمس ببرود وتحذير
_"أنت لا تعرف بعد ما أنا قادرة على فعله (عماد) .. صدقني .. سترتكب خطأ عمرك إن حاولت اللحاق بي"
ألقت بتهديدها وتحركت بخطوات غاضبة لتغادر بعد أن صفعت باب الشقة بكل قوتها لينتفض قلبه بعجز وهو يتوسله اللحاق بها فتحرك بسرعة إلى حيث هاتفه والتقطه ليتصل بأحد الأرقام وقال سريعاً
_"لقد غادرت لتوها .. اتبعها بحذر حتى تصل للقصر بأمان"
أغلق الهاتف وزفر بقوة وهو يلقي بجسده على أقرب مقعد ودفن رأسه بين كفيه وهو يهمس بألم
_"لقد انتهى كل شيء يا (عماد) .. لقد أفسدت كل شيء في النهاية"
استرجع عقله شريط ما حدث بينهما مراراً لينقبض قلبه أكثر وهو يخبره أنّه لا يقبل باستسلامه وخسارته لها .. لا يقبل أبداً وعليه أن يجد حلاً ليعيد حبيبته إليه مهما كان الثمن.

صوت جرس الباب انتزعه من ذكرياته ليفتح عينيه معترضاً بزمجرة خافتة وهو يتقلب في الفراش .. استمر الرنين بازعاج لينهض متمتماً بنزق _"حسناً .. حسناً .. أنا قادم"

نهض بتثاقل متجهاً لباب الشقة وهو يهتف

_"من؟"

أتاه صوت (مراد) يقول بعصبية

_"هذا أنا يا (عماد) .. افتح يا رجل"

فتح الباب واستقبله بوجه متجهم ليدلف (مراد) للداخل وهو يهتف

_"ما بك؟ .. لماذا تغلق هاتفك وتنعزل عن العالم هكذا؟ .. هل تعرف كم حاولنا الاتصال بك؟"

زفر وهو يتحرك دون رد وألقى جسده على الأريكة وأغمض عينيه ليتأمله (مراد) بغير رضا وهو ينظر لوجهه المرهق ولحيته التي استطالت أكثر عن السابق وهتف فيه وهو يجلس مقابله

_"ماذا حل بك يا رجل؟ .. هل رأيت شكلك بالمرآة؟ .. تبدو مخيفاً"

ابتسم بسخرية ليميل (مراد) مقترباً منه ويقول بحزم

_"أين ذهب صديقي (عماد)؟"

هز رأسه وابتسامته الساخرة تتسع

_"صديقك (عماد) خسر كل شيء يا (مراد) .. خسر نفسه وروحه وحبيبته .. كل شيء .. اتضح كم كان غبياً وساذجاً .. هل رأيت ما فعل صديقك بنفسه؟ .. لماذا لا تقول "ألم أنصحك كثيراً يا (عماد)؟""

قطب قائلاً بهدوء

_"وما الفائدة من قولها الآن يا (عماد)؟ .. هل ستغير ما حدث؟ .. أنت بالأصل لم تخبرني بكل ما كنت تخطط له .. لو عرفت ربما استطعت منعك في الوقت المناسب لكن .. حسناً .. كان للقدر كلمته في النهاية .. هل ستبقى هنا تبكي على اللبن المسكوب؟"

تنهد بحرارة وهو يتراجع بظهره مسترخياً

_"أنا لا أبكي على اللبن المسكوب .. أردت الاختلاء بنفسي لأعيد حساباتي .. لأعرف من أين سأبدأ خطوتي القادمة .. أنا لن أتراجع عن وعدي بالانتقام .. هذه المرة ممن يستحق بالفعل .. سأحاول التكفير عن ذنوبي بأي طريقة رغم أنني أعرف أنني ربما لن أنال المغفرة .. لكن لا بأس .. أنا أستحق .. سأدفع ثمن أخطائي حتى النهاية"

تأمله ملياً ثم قال مشيراً إليه

_"لا يبدو لي هذا مظهر رجل يختلي بنفسه ليعيد حساباته .. هذا شكل رجل متشائم لو تركته يوماً آخراً سأعود لأجد رسالة انتحار أسفل جثته المعلقة"

لم يقاوم (عماد) ضحكته ليبتسم (مراد) بخفوت ومد يده يربت على ساقه ويقول

_"هيا يا صديقي .. انهض واغتسل وبدل هيئة المتسولين هذه وعد معي للبيت .. معي أمر صارم بإحضارك للضرورة"

نظر له بتساؤل ليقول

_"عمك يريدك .. حاولنا الاتصال بك لكنّ هاتفك مغلق .. يقول لك أنّك قد حصلت على خلوة كافية ويريدك أن تتخلى عن يأسك وتعود لتقاتل بكل قوتك كما وعدته"
تنهد (عماد) بقوة ارتجفت شفتاه بابتسامة مهتزة بينما تابع (مراد)

_"كما أن السيد (رفعت هاشمي) اتصل به وأخبره أنّه يريد لقائك لأمر هام"

نظر له بدهشة ليهز كتفيه ويقول

_"لا أعرف شيئاً عن الأمر .. هذا فقط ما قاله .. هو أيضاً حاول الاتصال بك ولم يستطع الوصول لك"

قطب (عماد) مفكراً .. هل يريده بخصوص ما حدث مع (سؤدد) أم هناك سبب آخر؟ .. تمتم بتساؤل

_"هل قال متى سيأتي لمنزل (راجي)؟"

هز رأسه نافياً وهو يجيب

_"لا .. هو لن يأتي بنفسه .. يريدك أن تذهب لقصر (هاشمي) وتقابله هناك"
ارتجف قلبه بقوة .. هل يريده هناك؟ .. حيث حبيبته الغاضبة التي منذ غادرت شقته وعادت لقصرها لم تغادر ولا لأي مكان .. هل سيراها؟ .. وماذا سيكون رد فعلها؟ .. نهض سريعاً وهو يقول

_"حسناً .. دعنا لا نتأخر عليه أكثر"

اتجه نحو غرفته بحماس وقلبه يرتجف أكثر .. لا يهم كيف سيكون رد فعلها ولا كم ستغضب إن رأته .. لا يهم حتى إن لم يرها .. يكفي أنّه سيكون قريباً منها .. للوقت الحالي هو يكتفي بهذا .. مجرد وجوده قربه بنفس المكان .. هذا كاف ليستعيد أنفاسه من جديد.
**********************
انتهى الفصل الحادي والأربعون
إن شاء الله ينال إعجابكم وفي انتظار آرائكم
قراءة ممتعة
أرق تحياتي


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس