عرض مشاركة واحدة
قديم 20-08-19, 07:10 PM   #86

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

*********************************************
-"سيد كمال، السيد عبد الغفور يريد رؤيتك".
قال كمال بهدوء لمساعده عبر الهاتف: "فليتفضل بالدخول".
أغلق السماعة في الوقت الذي تعالى فيه طرق على الباب قبل أن يدخل السيد عبد الغفور ملقيا التحية بوقاره المعتاد، جلس على الكرسي المقابل للمكتب الفخم الأسود، فقال كمال ببشاشة: "أية صدفة سعيدة دفعتك للتواجد في مكتبي المتواضع سيد عبد الغفور؟"
غمغم عبد الغفور بنبرة مرحة: "أتيت لأسحب أذني عضو يغيب عن اجتماعات الحزب منذ فترة طويلة جدا".
أسبل كمال أهدابه للحظات قبل أن يتمتم: "حسن، لقد فهمت نفسي سيد عبد الغفور، لا داعي للضرب تحت الحزام...لكنني كنت منشغلا في الآونة الأخيرة بصفقات جديدة أحرص على أن أشرف عليها تماما".
أومأ الرجل برأسه بتفهم ثم سأله باهتمام: "هل سيطول غيابك؟ أنت تعرف أننا نحضر للانتخابات الجماعية القادمة و بالتأكيد يهمنا حضورك".
-"إن كانت هذه طريقة غير مباشرة لتعرض علي أن أكون ضمن لوائح المترشحين يؤسفني أن أخبرك أنني لا أود الترشح من جديد بعد الذي حصل قبل سنوات".
قال عبد الغفور بهدوء: "دعني أذكرك أن هذه مجرد انتخابات جماعية و لا تحدث فيها مثل هذه الأمور...كما أننب متأكد أن لا أحد يستطيع أن يؤذيك أو يؤذي غيرك في الانتخابات التشريعية".
ثم قام من مكانه ليسير حول مكتب كمال الواسع قبل أن يتوقف خلف كرسيه و يهمس و هو يربت على كتفه: "لست هنا لأقنعك بأن تكون ضمن لوائح اقتراع العام القادم، لأن المنصب الذي يليق بك أفضل بكثير من جميع المناصب التي سيحصلون عليها في هذه الانتخابات...أتمنى أن نراك قريبا يا كمال، لست من يتخلى عن حلم بسبب حادث لم يكتمل".
غادر الرجل المكتب بالوقار الذي دخله، تاركا صاحبه غارقا في التفكير العميق...
*********************************************
استقلت المقعد الخلفي من السيارة ليُفْتح الباب المجاور لها فيطل رأس زيد و على شفتيه ابتسامة متسلية قبل أن يقول ببراءة مفتعلة: "أحتاج إلى توصيلة".
استقل السيارة بجوارها ما إن لمح إيماءة السائق الكهل، فهتفت قمر بحنق: "ما الذي تفعله؟ من أعطاك الحق لتصعد على متن سيارتي؟"
همس ببراءة: "لقد تعطلت سيارتي فجأة...هل ستتركينني أذهب إلى البيت في هذا المطر الغزير...لا أملك مظلة حتى".
كان السائق قد انطلق بالفعل، لذا أشاحت قمر بوجهها أثناء قولها الحانق: "كان بإمكانك أن تستقل سيارة أجرة".
قال بهدوء: "مع الأسف نسيت حافظة نقودي في البيت صباح اليوم".
شخرت قمر بسخرية قبل أن تقول: "انسى نفسك المرة القادمة، حتى لا تزعجني بطلتك البهية".
ارتسمت على شفتيه ابتسامة واسعة ثم مال ليخبرها في همس: "اشتقت لك قمري".
كزت قمر على أسنانها حتى تمنع نفسها من التفوه بأية شتيمة أو كلمة جارحة ثم أشاحت بوجهها لتنظر بشرود إلى الطريق الذي خلا من الناس في هذا الجو العاصف...سمعته يقول فجأة: "شغل لنا المذياع يا عم صلاح، لعلنا نجد أغنية تفك عبوس القمر".
ازداد عبوس قمر و هي تسمع السائق يبحث بين قنوات المذياع حتى تتوقف على واحدة خاصة بالأغاني...بذهن شارد كانت تستمع قمر لإحدى الأغاني الاسبانية التي تحبها فسمعت دندناته للحن و الكلمات قبل أن يقول: "أحب هذه الأغنية جدا".
قالت بفتور: "أما أنا فأكره الأغاني الاسبانية، ألحانها تسبب لي الصداع...عم صلاح لم لا تغير الإذاعة لأية إذاعة أخرى...رأسي يؤلمني و لا أريد سماع الأغاني".
اضغن السائق لطلبها في الوقت الذي غمغم زيد باستنكار: "أ حقا تكرهين الأغاني الاسبانية؟"
أومأت برأسها دون أن تنظر إليه...حسنا، لقد كذبت عليه هي تعشق الأغاني الاسبانية، حتى أن المغني الذي كان يغني قبل قليل مغنيها المفضل...لكنها لا تريد أن تظهر له أن لهما نقطة مشتركة حتى لا يتمادى...
لا تدري لماذا لا تستطيع تقبله؟ ربما قبلت بقرابته لها على مضض لكنها لا تستطيع أن تعتبره صديقها...زيد يستفزها لحد لا يتصور و كم تمنت لو تقتله حتى يختفي من حياتها....
ربما يظن محيطها أن مناقرتهما هذه تدل على حبهما، لكنها أبدا لن تستطيع أن تحبه...لأن قلبها مملوك إلى الأبد من مالك...
توقفت أفكارها مع توقف السيارة، فسمعت تكة الباب الذي فتحه ليغادر بعد أن ودعها ثم يجري بسرعة ليحتمي بسقيفة باب بيته...
انطلقت السيارة من جديد، فانطلقت أفكارها من جديد حول مالك و ما أخبرها به قبل قليل...مالك المتكتم يفتح لها قلبه و يخبرها بأحد أسراره...ألا يعني هذا أنها تحتل مكانة كبيرة في عقله أو في قلبه معها؟ نهرت نفسها و هي تهمس لها في سرها : "توقفي فقط عن الأحلام يا قمر و سيكون كل شيء بخير"...
*********************************************
ارتمت على سريرها و هي تهمس بمرح: "أفضل شيء يقوم به المرء بعد تناول غذاء دسم النوم خصوصا في هذا الجو العاصف".
قالت والدتها: "أحسدك إذن بما أن لدي محاضرات علي أن ألقيها بعد قليل".
زمت قمر شفتيها و هي تقول: "لقد كنت في البيت طوال الصباح يا أمي، لم تغارين من ابنتك التي حصلت على زوال فارغ بسبب تغيب أستاذ المادة التي سأدرسها".
قالت والدتها بجدية: "لا أغار منك يا قمري، أنا فقط أشعر برغبة بأن أشاهد فيلما و أنام".
قفزت قمر من مكانها و هي تقول: "أمي ما رأيك أن تلغي محاضرات هذا اليوم و لنقض زوالا رائعا و نحن نشاهد فيلما و نتحدث، لم نفعل ذلك منذ زمن طويل".
أومأت والدتها نفيا فتشبثت قمر بعنقها و هي تهمس برجاء: "أرجوك ماما، لن يضرهم شيء إن أجلت محاضرتين ليوم آخر...أنا أحتاج إلى قضاء بعض من الوقت معك".
-"عيب أن يأتي الطلبة في هذا الجو و لا يجدون الأستاذ".
ابتعدت عنها قمر و هي تهتف بحنق: "بحق الله يا أمي، جل طلبة الجامعة الدولية يملكون سيارات، سيعودون إلى منازلهم دون أن يصيبهم أي شيء".
-"أنت قلتها جل، و ماذا عن الباقي يا قمر؟ لو كان هناك سبب قوي لعدم حضوري كنت تغيبت...لكنني لا أتدلل و أغيب وقت أشاء".
زفرت قمر بحنق ثم قالت دون أن تنظر إلى والدتها: "معك حق أمي...لقد بالغت".
ربتت والدتها على شعرها و قالت بحنان: "عندما أعود من العمل نقضي وقتا مسليا إلى حين عودة والدك...لا تنسي أن تختاري فيلما لنشاهده عزيزتي".
غادرت والدتها الغرفة فتنهدت بعمق و هي ترتمي على سريرها...تعرف والدتها جيدا أنها عندما ترغب بشيء تسعى لتحقيقه في وقته...ليس أنانية منها، لكنها تفقد الشغف في ما كانت تخطط له بعد وقت قصير...الرغبة و الإلهام عندها وجهتان لعملة واحدة، يأتيان بسرعة ثم يرحلان بغير استئذان...
حملت هاتفها لترى ثلاثون رسالة واردة من المجموعة الخاصة بتكوين يسعون لدراسته...فتحت حسابها و هي تغمغم: "أغيب عنهم لدقائق، أجد أكثر من رسالة يتطلب علي قراءتها"...قرأت الرسائل بملل، نفس الكلام يعاد منذ أن أخذ رئيس المجموعة الأوراق المطلوبة منهم إلى كلية الهندسة قبل أشهر بدون أن يطبقوا حرفا واحدا مما يقولونه هنا...ضغطت على زر تسجيل رسالة صوتية ثم قالت ببرود: "على الأقل، إن أردتم الحصول على شيء، توقفوا عن الأقوال و اعملوا لتحقيقه".
ما إن قرأت رسالتها حتى وصلت رسالة جديدة من أحد الأعضاء، بالضبط من صديق رئيس المجموعة الذي تتمنى لو تراه أمامها و تخنقه: "و ما الذي تقترحينه يا برنسيسة؟"
لجمت جموح غضبها و أجابته كتابة: "أن تتصلوا بالأستاذ و تسألوه عن سبب هذا التأخير...زميلة لي كانت ضمن مجموعة أرسلوا أوراقهم بعدنا، فحصلوا على شهاداتهم منذ شهرين".
وصلتها رسالة جديدة منه: "لم لا تتصلي به أنتِ إذن؟"
-"ليتصل به نور الدين، أليس هو المسؤول عن المجموعة".
باستفزاز أجابته، ليصلها جوابه بعد لحظات ينعتها فيه بالمدللة...تتابع تراشق الكلمات بينهما في المحادثة دون تدخل الأعضاء الآخرين رغم قراءة أغلبيتهم للرسائل...حتى أرسلت عائشة رسالة كتبت فيها: "صلوا على النبي يا جماعة".
غمغمت قمر بالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم في سرها، ثم رفعت عيناها لتقرأ ما كتبته صديقتها: "أرسلوا لي رقم هاتف الأستاذ و سأحدثه بنفسي".
بسرعة كان "البوص" يرسل لها رقم هاتف الأستاذ، فألقت قمر بهاتفها على السرير بإهمال و هي تغمغم في سرها: "حتى الاسم الذي أنشأ به حسابه يدل على أنه مغرور، أتمنى أن تمر هذه الدورة التعليمية على خير، رغم أنني لا أجد خيرا ضمن جماعة جلها مجانين"...
*********************************************
-"ما بكِ حبيبتي؟ منذ أن أتينا إلى هنا و أنت تتململين في جلسك، هل أنتِ بخير؟"
رفعت تماضر عينيها لتلتقي بعينيه السوداوين القلقتين...زفرت ببطء و عندما فتحت فمها لتخبره ما الذي يحزنها؟ عادت لصمتها و شرودها من جديد!
و ما الذي ستخبره؟ أنها كانت تخونه طوال أشهر مع شخص آخر كانت مرتبطة به في الوقت الذي كان بدوره مرتبطا بها و أن علاقتها مع الثاني انتهت صباح اليوم بسبب صورة...
حسنٌ، لقد كان هدفها منذ بداية ارتباطهما أن تثير حنق شادي و غيرته فتتأكد من حبه لها، لم تشعر في كل مرة تتجاوز فيها مع شاب آخر أنها تؤذيه؟ لم كانت تشعر طوال ارتباطها بالآخر أنها تخونه؟ بل تخون نفسها أيضا...
تنهدت بعمق و هي تتذكر بداية القصة في العطلة الصيفية الماضية، حيث كانت هي و قمر متواجدتان في النادي كعادتهما كل نهاية أسبوع و بقلب مقهاه التقت الفتاتان صدفة بمغن شاب مشهور تعشق أغانيه و حتى أنها من إحدى معجباته...لا تدري حتى كيف خطر الأمر ببالها لتخطط له؟ ربما مجرد رؤيتها لنظرات الفتيات الحالمات من حوله التي اجتمعن حوله كفراشات تجذبهن شرارة من نار، كل واحدة تسعى لالتقاط صورة معه أو للحصول على توقيعه...جعلها تطمح لتحقيق شيء تتمناه الكثيرات: أن تكون حبيبته...وجدت نفسها تخبر قمر بذلك فسخرت منها قمر بقولها: "و أين سيراك حتى تصبحين حبيبته؟"
لتقول وقتها بتحدٍ: "سأذهب لقضاء الشهر المقبل في المدينة التي يعيش فيها...قرأت على الفايسبوك أنه سينظم حفلين هناك...وقتها سأسعى ليراني و ليعجب بي و تذكري أنني سأعود و أنا مرتبطة به".
هتفت قمر وقتها: "ماذا عن شادي؟ هل ستنفصلين عنه؟"
ضحكت تماضر ثم قالت: "لا بالتأكيد، لكنني سأستغل علاقتي مع آدم جيدا في حرق قلب شادي إن أساء لي".
كالعادة انتهى بهما الأمر متجادلتين لأن صديقتها المثالية لا توافقها على جنونها، لكنها لم تعد تبالي لهذا الجدال، فكالعادة ينتهي بهما الأمر متصالحتين لأن قمر و رغم كل شيء لن تترك صديقتها و تنقطع عن أخبارها فيحدث لها شيء من وراء جنونها و تظل عاجزة على إنقاذها، فهي فارستها المنقدة في النهاية".
و حصل ما تمنته تماضر عندما ذهبت للمدينة الساحلية لتقضي العطلة برفقة عائلة عمها...حتى أن الأمر كان أسهل مما ظنت لأن صديق المغني الشاب المقرب يعمل مع ابنة عمها في نفس المكان و كان معجبا بها منذ زمن و يخطط أن يخطبها...فكانت هذه ورقة تماضر الرابحة أن تساعد صديقه في إقناع ابنة عمها الغبية ذات الرأس المتحجر -كما تحب أن تسميها- حتى توافق على الخطبة مقابل أن تلتقي بآدم بعيدا عن الأضواء، فقرر دعوته ذات ليلة على العشاء في الوقت الذي دعا فيه تماضر و قريبتها التي تعجبه...و بعد لقاءين متتالين استخدمت فيهما تماضر جميع أسلحة الإغواء من تحت الطاولة كانت ترتبط به و على شروطها التي قبلها برحابة صدر متعللا بعدم رغبته بأن تعرف الصحافة بعلاقتهما...لينتهي الأمر بمجرد صورة لهما معا، نشرتها على حسابها الشخصي على أحد مواقع التواصل الاجتماعي...صورة تبدو عادية جدا و كأن فتاة صورت مع مغنيها المفضل في إحدى حفلاته، لكن آدم ثارت ثائرته عندما رآها و طلب منها أن تحذفها ثم أنهى علاقتهما ببساطة لأنها أخلت بأحد الشروط التي وضعتها هي منذ البداية...
-"تماضر".
انتبهت إلى شادي من جديد، فأجابت على سؤاله الأول قائلة بهدوء: "لا، لقد أعجبني المكان...أنا فقط متعبة قليلا".
رفع شادي يده بعفوية ليضعها على جبينها يقيس حرارتها، فتسارعت نبضات قلبها للفتته التي ذكرتها بسنوات طفولتها عندما كانت مدللة والدها و كان يقلق أن يصيبها المرض لأنها كانت سريعة التأثر بتغير الجو و الفصول...منذ متى لم يتذكر والدها أن يطمئن عليها بهذه الطريقة؟ تساءلت في نفسها لتسترجع سنواتها الماضية فتجيب نفسها أنه تراجع عن فعل ذلك منذ بلوغها خمس عشرة سنة...كما تراجع عن القيام بالكثير من الأشياء ليصب كامل حبه و اهتمامه على أختها الصغرى...
سالت دمعة من عينها فتتبعت عيناه مسارها باستنكار ليمسحها بإبهامه برقة و هو يقول بتأنيب: "لم تبكين الآن؟"
لتجيبه بسؤال آخر بصوت يائس: "هل تحبني يا شادي؟"
تفاجأ للحظة من سؤالها قبل أن يقول: "بالتأكيد، لم تظنيني استمررت في هذا العلاقة بعد مرور أكثر من عام على بدايتها؟"
همست بسخرية: "هل هذا يعني أن علاقاتك السابقة لم تتجاوز السنة؟"
قال بصراحة: "أطول واحدة كانت مدتها أربعة أشهر".
ارتفع حاجبها بريبة و كأنها لا تصدقه، لتعود ملامحها إلى طبيعتها فور أن أومأ برأسه مؤكدا على كلامه...سألته فجأة: "لم لم تخبرني بذلك من قبل؟"
-"أناديك دوما حبيبتي...ما الذي تريدينه أكثر؟"
همست بضعف فتاة تستجدي الحب من المحيطين بها: "أريدك أن تقولها لي صراحة في كل مرة...أحب سماعها جدا".
ظل صامتا، فقالت له برجاء: "أرجوك شادي".
مرر نظراته حول المكان الذي يجلسون فيه، كل واحد من المتواجدين من حولهم يعيش بقلب عالمه الخاص...اقترب منها أكثر ليميل و يهمس في أذنها بصوت أجش: "أحبك...أحبك تماضر".
رفرفت بأهدابها قبل أن ترفع وجهها ناحيته فور ابتعاده عنها و تحرك شفتيها هامسة: "و أنا أيضا أحبك".
اتسعت ابتسامته فشعرت بالرضا لأنها اعترفت بها أخيرا...دون أن تعرف أن ما يدور في باله بعيد جدا عن اعترافه الكاذب و اعترافها الساذج...
*********************************************
مرت ثلاث ساعات منذ أن أرسل "البوص" رقم الأستاذ حتى تتصل به كما أخبرتهم لكنها لم تفعل ذلك حتى الآن...
جالسة على سريرها في غرفتها بدار الطالبة التي تشاركها معها ثلاث فتيات أخريات...تحدق في الأرقام العشرة المدونة على شاشة الهاتف دون أن تتصل بصاحبها...
و كيف تتصل برجل غريب بعد الذي حدث لها مع خطيبها السابق؟
لقد أصبحت تخاف الرجال، لا تراهم سوى حفنة من الخونة و الظالمين كأيمن و أخوها علاء...
أجل، حتى علاء خائن، لقد خان حب زوجته الكبير له...خان العهد الذي قطعه أمام الله و الناس بأن يحميها و يكون لها نعم السند و الشريك، خان ابنيه و هو يقرر قراره الجائر قبل أشهر بأن ينهي زواجه...و لا أحد يعرف سبب الانفصال الذي قبلت به زوجة أخيها بادغان...كل ما قالته أنه قرار مشترك بينهما...
مشترك؟ ضحكت عائشة بسخرية و هي تفكر أن علاء لا يؤمن أبدا بالمشترك...هو الآمر الناهي في كل شيء: في حياته مع زوجته، في حياتها هي، في حياة والدتهما، حتى أنه يمارس سلطته على أخواته المتزوجات أثناء زيارتهن لوالدتهن...و لا أحد يجب أن يعارض أو يتحدث أو يعلو صوته على صوته لأنه ببساطة رجل...
عفوا بل ذكر...طاووس مغرور يتباهى بين نسائه لأنه يملك ريشا جميلا، لأنه الأقوى، لأنه الفعل أما هن...
مجرد نون توكيد مبنية لا محل لها من الإعراب...
زفرت بحنق و صوت بداخلها يقول: "حسنٌ، أنت لن تربطك أية علاقة بالأستاذ حتى لا تتصلِ به...ستتحدثين مع الرجل في مصلحتكم و كفى، إذن لن يضرك الأمر يا عائشة".
أومأت موافقة صوتها الداخلي و بدون أي تردد، رفعت الهاتف و ضغطت على زر الاتصال...
*********************************************
جالس بين زملاء دراسته القدامى في المكان الذي اعتادوا الذهاب إليه نهايات الأسبوع حتى يرفهون عن أنفسهم بعد أسبوع طويل متعب...أخذ نفسا من سيجارته و هو يتساءل منذ متى لم يأتِ إلى هذا المكان؟ ليجيبه أحد أصدقائه و كأنه قرأ ما يدور في عقله من أفكار: "لم نعد نلتقي مذ أن أصبحت معيدا يا نسيم".
قال بهدوء بعد أن أخذ نفسا آخر من سيجارته: "أنت تعرف أنني بالكاد أوازن بين عملي في الجامعة و عملي الخاص".
قال أحد الجالسين و هو يلوح بيده مبعدا دخان السجائر الذي أحاط بالمكان كضباب كثيف: "و ما الذي حصل الآن حتى تشرفنا بهذه الزيارة يا صاح؟"
ما الذي حصل؟ ربما وجود قريبته و ابنتها في شقته بعد أن تشاجرت مع زوجها مساء الأمس، فلم تجد ملتجئا سواه بما أنه الشخص الوحيد من عائلتها الذي يعيش في العاصمة هو الذي يمنعه من الذهاب الآن و نيل قسط من الراحة بدلا من قضاء الوقت مع رفاقه العاطلين عن العمل رغم شهاداتهم العليا...يأخذون أنفاسا متلاحقة من أحلامهم و ينفثونها من جديد، فتظل صدورهم تحمل بين مساماتها شيئا واحدا تقتل كل ذرة أمل تملأ دواخلهم بورديتها: أن هذه الأحلام لن تتحقق أبدا...
رن هاتفه فجأة، فأخرجه من جيبه و هو ينظر بحيرة إلى الرقم غير المسجل قبل أن يقطع الاتصال دون أن يجيب...دقيقة كاملة قبل أن يتعالى الرنين من جديد بإلحاح فمال صديق له يهمس بتسلية: "من المتصل؟ هل هي حبيبتك؟"
حدجه نسيم بنظرة محذرة قبل أن يقوم من مكانه مبتعدا عن أصوات الموسيقى الصاخبة حتى يجيب على الاتصال المجهول...
*********************************************


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس