عرض مشاركة واحدة
قديم 12-09-19, 09:34 PM   #528

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي


الفصل التاسع عشر الجزء الأول

" تنسى كأنك لم تكن .. تُنسى كمصرع طائر .. ككنيسة مهجورة تُنسى .. كحُب عابر وكوردة في الليل .. تُنسى"

" لماذا أريتني وجهك الآن.. لماذا "

كان يهز جسدها وهو يتفوه بهذه الكلمات بحرقة شديدة وغضب أشد...بينما هي لم تملك إلا أن تحدق بملامح وجهه المشدودة بعينين تملؤهما الدموع... لو يعلم كم هي آسفة... آسفة جدًا... لم تتمنى له الألم أبدًا... شخص كعامر لا يستحق هذا منها لكنها مجبورة... مجبورة أن ترفض حبه كما هي مجبورة أن لا تقحم نفسها معه حتى لا تسبب له ألم مضاعف بعدها....
توقف عن هز جسدها وسكن وجهه يتأملها بصمت وقهر... قبضته المتشنجة على عضديها تراخت ورأت بذهول رأسه يقترب منها ببطء حتى أسند جبينه على جبينها هامسًا بضعف :
" أفنان..."

همت أن تبتعد لكنه شد منعها وهو يتمسك بذراعيها... لم يكن يشعر بنفسه وهو يقترب أكثر يريد.. يريد أن..

" أرجوك سيد عامر... دعني أذهب..."

جملتها المتوسلة وأنفاسها المتسارعة هلعًا جعلته يفتح عينيه ويترك ذراعيها بقوة أرجعتها للخلف بضع خطوات... مسح على وجهه بانفعال ثم قال دون أن يمنحها نظرة واحدة :
" اخرجي أفنان..."

تقلص قلبها في صدرها ألمًا إلا أنها تكمنت من القول بتعثر شديد :
" و.. والورق!"

رد وهو ما زال مطرقًا برأسه كأن جبل من الهموم يثقله :
" سأبعثهم من إحدى الموظفين بعد قليل.."

أومأت برأسها وهي تحبس شهقتها وتراجعت تخطو تجاه الباب لكنه ناداها مرة أخرى بنبرة غريبة :
" أفنان..."

التفتت له بلهفة فقال وهو يحدق بعينيها بندم و.. ألم :
" أنا آسف..."

هذه المرة لم تستطع من دمعتها من النزول على خدها وهي تشعر بأن الأبواب على وشك الانغلاق بينهما أو ربما.. أُغلقت..!
أخذت نفس عميق ورسمت ابتسامة مرتجفة وهي ترد :
" لا عليك..."

راقبها بقلب مفطور وهي تخرج وتغلق الباب خلفها... وشعر بأنه لن يقدر على التماسك لنهاية اليوم فأمسك بهاتفه وخرج من المكتب قائلًا لسكرتيرته بجمود :
" الغي جميع المواعيد لليوم.."

وصل البيت وصعد لغرفته فورًا دون أن يملك الطاقة ليحي والدته... ارتمى على سريره بملابسه نفسها... يحدق بالسقف عله يجد حلًا لمشكلته هناك... سمع طرقة على الباب فأغمض عينيه وهو يقول :
" ادخلي يا أمي..."

وكما توقع جاءه صوتها المذهول القلق مرحبا تتقدم ناحيته :
" بني هل حصل شيئًا.... هل أنت بخير..."

دون أن يفتح عينيه أو يتحرك رد بهدوء :
" لا تقلقي.. كل شيء بخير"

شعر بها تجلس بجانبه تهمس بصوتها الحنون :
" بل سأقلق... وجهك شاحب.. ما بك "

فتح عينيه يتنهد تنهيدة أوجعتها فلامست وجهه بينما هو يسأل بخفوت :
" متى سيعود أبي... "

ردت بقلق :
" قريبًا... لماذا... هل هناك مشكلة بالعمل.."

لتفاجئ به يقول بنبرة مرتعشة لأول مرة تسمعها منه :
" أنا فقط مرهق... مرهق جدًا وأحتاج لإجازة طويلة.. "

قالت بلوعة وهي تربت عليه :
" لماذا لا تخبرني ما بك... دومًا أغاظني كتمانك لكل شيء... "

ابتسم بوهن وهو يربت على خدها قائلًا بمرح :
" أحب أن أراكِ مهتمة بي هكذا يا جميلة ..."

قالت بنزق :
" عامر..."

انقلب جانبًا وهو يضع رأسه على حجرها هامسًا :
" فقط أريد النوم بحضنك... هل أستطيع"

حضنته وقلبها يتقطع حزنًا وقلقًا عليه.... منذ أسبوع وهو بهذه الحالة من الحزن والغضب بآن واحد.. وكلما أرادت أن تستفسر يتهرب منها بطريقة أو أخرى... تنهدت بهم وهي تربت على رأسه وقد ذهب بنوم عميق وشخيره الذي ارتفع يدل على إجهاده.

************************

بابتسامة صغيرة صادقة ما لبثت أن ترسمُ على وجهها خلال الأيام الماضية... ابتسامة من قلبها... ابتسامة سعيدة.... نعم إنها سعيدة... حتى لو كانت هذه السعادة تزورها بخجل لكنها تبقى سعادة لم تزرها من قبل... لم تطرق أبواب وحدتها وعتمتها... وقد ظنت أنها لن تطرقهم أبدًا.... لكن شخص واحد... بل شخصان لم تعرفهما إلا منذ مدة قصيرة جعلاها تعيش هذه السعادة بكل إرادتها... وليد وفراس.
أخذت نفس عميق وهي ترتب حجابها بحركة عفوية ونسمات الهواء التي تهب من شرفة المنزل جعلتها تشعر بالانتعاش.... لقد أخبرها وليد أنه بالطريق ففضلت أن تأتي هنا وتنتظره... وقد أمرت الخادمة بتجهيز المكان على أكمل وجه...
كل يوم تقابله هو وصغيره التي تعلقت به بشدة.... يلتقيا ويتكلما بشتى المواضيع... يتعرفان على بعضهما كمراهقين خجولين... وإن مر يوم ولم يستطع لقائها فإنه يقضي معظم الليل وهو يتحدث معها بالهاتف.... صوته الدافئ... الحنون... يصل لأذنيها فتكاد تشعر بأنفاسه تلامسها..
شعرت بوجنتيها تحمران من أفكارها فأغمضت عينيها واتكأت برأسها على الحاجز الحديدي وأخذتها الغفوة... شعرت أثناء غفوتها بلمسات على حجابها ووجهها... لمسات غربية!
فتحت عينيها واستقامت بحدة قائلة :
" من..."

لا رد إلا أنفاس سريعة.. بل لاهثة.... شعرت ببعض الرعب يهاجمها على حين غرة فقبضت على عصاها ثم نهضت من على الكرسي... معاودة سؤالها بصلابة :
" من أنت..."

جاءها آخر صوت توقعته يقول بضحكة خافتة :
" كالعادة محاولة إرعابك لم تجدي نفعًا..."

عبست وهي تقول باستدراك :
" مصعب!.."

ابتسم مصعب وعينيه تشتعلان بالعاطفة بينما يلامس أصابعه التي نالت من نعومة بشرتها نصيبًا... أخذ نفس عميق وسأل بمكر :
" هل تنتظرين أحدًا..."

على نفس عبوسها المتحفز ردت بهدوء :
" أنتظر وليد... "

هذه المرة كانت عيناه تشتعلان بالكره والحقد الشديد... تماسك وهو ينظر لوجهها وقال بنبرة ادعى فيها اللامبالاة :
" حقًا خيبتِ ظني بقرارك الارتباط منه..."
رفعت حاجبها ولم تبدو متفاجئة لكنها قالت ببرود :
" لماذا...."

اقترب منها ورغمًا عنه صوته ارتفع بانفعال وهو يبث سمه الحاقد :
" لماذا!... حسنًا إن لم تنتبهي فأن زواجك منه جعلك تبدين مجرد دمية يتبادلوها لأجل المصالح... كلانا نعلم أنه لم يتزوجك إلا لمصلحة تربطه مع والدتك!.... وأنتِ مع ذلك وافقتِ ... وافقتِ أن تحطي من قدر نفسك!"

كلاهما لم يشعرا بالظل القاتم الذي يقف قريبًا ويسمع محادثتهما بغضب مكتوم سينفجر لا محالة.... لكنه صبر عن ألا يذهب ويشبع ذلك الحقير ضربًا... صبر حتى يسمع إجابتها بنفسه... يحتاج أن يسمعها.

تكتفت ماريا وبداخلها تبتسم... فقط تبتسم... ثم قالت بنبرة برودًا بل صقيعًا :
" لا أعلم ما علاقة كل هذا الكلام بك... ببساطة يمكنك تجاهله ما دام لا يؤثر بك..."

توسعت عينيه ومد ذراعه ناحيتها دون أن يلمسها هامسًا بحرارة :
" كيف يمكنني التجاهل!... أنا.. أنا أهتم بكِ... أهتم بأن تكوني راضية ومرتاحة..."

هنا برقت عينيها تحذيرًا وغضبًا... واشمئزازًا أذهله وهي تقول :
" أنا بغاية الرضا بل السعادة... لا تقلق أنت... "

فقد سيطرته وهو يمسك ذراعها وكتفها يكاد يضمها يقول بكره شديد :
" لا تكذبي... ذلك الحقير.... "

لم يكمل كلامه إلا وقبضة قوية تنهال على وجهه وتطيحه أرضًا.... شهقت ماريا التي لم تكد تستوعب إمساكه بها حتى تستوعب ماذا حدث بعدها بينما يأتيها صوت وليد صارخًا :
" أيها الحقير البائس... أيها الدنيء"

تحركت بارتجاف تحاول تخمين موقعه وفور أن وقفت بجانبه مسكت ذراعه التي توشك على ضرب المزيد من اللكمات... قالت بقوة :
" يكفي وليد... توقف..."

لم يرد وهو يحاول أن يفك ذراعه من قبضتها.....أغمضت عينيها بيأس وصوت والدتها وشقيقتها بل والخدم أيضًا ينهال على أذنها... بعدها شعرت بأنها وسط دوامة كبيرة تكاد تبتلعها... وأصوات الجميع تختلط بإذنها... صوت وليد الغاضب ومصعب المتوعد... ووالدتها التي تحاول استيعاب الموضوع وشقيقتها الباكية.... بينما هي وسط كل هذا تتمسك بذراعه وكأنها حبل نجاة!...فجأة هدأت الأصوات واختفى الجميع وشعرت بمن يجلسها على الكرسي وينحني أمامها هامسًا بصوته الذي لم يغب الغضب عنه :
" ماريا..."

اهتاجت وهي ترفع قبضتها تضربها على صدره هاتفة ولمعة عينيها تكشف أنها على وشك البكاء :
" ما الذي فعلته... ما الذي فعلته..."
أمسك قبضتها بنعومة لا تشابه صوته الذي خرج محتدًا :
" يستحق ذلك..."

نظرت له برفض شديد وهي تقول :
" كنت سأتعامل مع الأمر وحدي دون تدخلك... أرأيت ما حصل"

فغر شفتيه ذهولًا ثم أمسك ذراعيها يصرخ مهتاجًا بغيرة عمياء :
" إنه يضع عينيه عليكِ... ألم تلاحظي... ذلك الدنيء يكاد يتحرش بكِ...أنت!... أخت زوجته... هل يجب علي أن أصمت على ذلك أيضًا..."

تكلمت بحدة وهي تبعد يديه عنها :
" أنا أكثر من قادرة على ابعاده... ودون أن يشعر أحدًا بذلك..."

هذه المرة ضحك بعدم تصديق مرددًا :
" أي أنكِ تعلمين نواياه وصامتة!...بدلًا من أن تخبري الجميع بحقارته "

كان صدرها يهبط ويعلو من الانفعال ثم ردت بهدوء استفزه :
" كلانا نعلم أن هذا الإجراء لن ينفع... قلت لك أستطيع التعامل مع... "

قاطعها بعصبية :
" اخرسي..."

قالت بذهول :
" ماذا..."
وضع كفه على فمها يشعر الآن بأنه لا يستحمل أي كلمة غبية منها ثم صاح بعصبية أشد وكل جسده يتشنج :
" اخرسي... اخرسي..."

صمتت وهدأت... أنفاسها المكتومة تصطدم بكفه بينما جفنيها مسبلان بغموض... أبعد كفه ببطء ثم مرر ابهامه على شفتها وهو يهمس بكل ما أستطاع من هدوء :
" منذ متى وهو... هكذا..."

فهمت سؤاله دون أن يشرح وارتعشت شفتاها وهي ترد :
" منذ فترة... قصيرة... "

سأل بقهر وهو يحدق بوجهها :
" لماذا لم تخبريني... لماذا يا ماريا"

قالت وهي تتلاعب بأصابعها بتوتر :
" إنه زوج أختي..."

قال باستغراب من منطقها العجيب :
" وهل كونه زوج أختك يعطيه الحق بذلك... بل العكس هذا يظهر كم هو حقير لا يملك أدنى رجولة... "

رفعت رأسها وتنهدت تقول بألم ترجوه التفهم :
" مايا تحبه... رغم كل ما يحصل تحبه ولا تريد الانفصال عنه..."
لامس خدها موجوع لعجزها بينما هي تتابع بحرقة :
" لا أريدها أن تتألم... لا أريدها أن تكرهني... "

وجد ذراعيه ترتفعان وتسحبانها لصدره يضمها بقوة... يشتم رائحته التي يعشق...يهمس بإذنها بخفوت :
" لا بأس... سنجد طريقة... "

ابتسم عندما شعر بذراعيها تلتفان حول خصره باستيحاء ليعاود الهمس :
" أنا أغاار عليكِ... "

تجمدت بين ذراعيه ولم ترد ليجد نفسه يقول بجرأة ومنظر ذلك التافه يمسك ذراعها لا يفارق مخيلته :
" أريد أن أقبلك..."

شعر بشهقتها على صدره ثم رفعت رأسها له وملامحها تشي بذهولها وخجلها.... تأملها بهيام... كل لمحة من وجهها يعشقها دون استثناء... اقترب من شفتيها وقبلهما بخفة ثم ابتعد وأنفاسه تتسارع... أغمض عينيه متكئًا على جبينها للحظات ثم استقام مرة واحدة ورفعها لتقف برفق قائلًا :
". لندخل... والدتك تنتظرنا... لا تظني بأنها ستتجاهل الموضوع"

أمسك بكفه ثم قال يبثها الدعم :
" أنا معك..."

كانت نظرات علياء قوية بل ثاقبة وهي تحدق بهم جميعًا... بدءًا من مصعب الصامت وملامحه مهتاجة بالحقد والغضب ثم ابنتها مايا المرتبكة في ضعف.. ثم انتقلت نظراتها لابنتها الأخرى التي كانت تجلس في هدوء تام وكفها لا يفارق يد وليد... وليد ذلك الرجل الذي لا يقارب ما رأته منه قبل قليل من غضب وفقدان سيطرة بل بدا الآن مستكينًا ومسيطرًا... لم تملك إلا أن تعجب بشخصيته القوية وداخلها يؤكد أن ما سعت له هو الصحيح... زواجه من ماريا هو الخطوة الصحيحة التي لن تدع أي أحد يشكك من مصداقيتها.
وضعت فنجان القهوة على الطاولة ثم قالت بنبرتها العملية :
" حسنًا... أما من أحد يخبرني ماذا حصل قبل قليل.."

تكلم وليد وهو يرمق ماريا بنظرات جانبية :
" مجرد سوء فهم لا أكثر..."

توسعت عينا مصعب وهو يلتفت له بحدة... لم يكن غبيًا ليدرك أن وليد قرر تجاهل ما حدث ببساطة.... إنه على ما يبدو يخبئ له أمرًا ما.... عاد ليعنف نفسه.... لقد فقد سيطرته... فقدها بأبشع الأوقات.... فقدها وماريا تخبره أنها سعيدة مع ذلك السارق.... لكن لا بأس... لا بأس.... لن يدعها له... لن يتركها...




Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس