عرض مشاركة واحدة
قديم 26-09-19, 12:49 AM   #156

ظبية البان$

كنز سراديب الحكايات


? العضوٌ??? » 439964
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 503
?  نُقآطِيْ » ظبية البان$ is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثاني والعشرون





لم يكن دخولي لقسم الشرطة أمرا صعبا ، اتصال واحد كان كافيا لجعلهم يستقبلوني وكأني قائدهم وكان اكثر من كافي ليتجاهل ذاك الشرطي الصغير الخنجر الصغير حول خصري عندما قام بتفتيشي قبل الدخول لغرفة الحجز وهو إجراء روتيني كما صرح
فتح لي بعدها بوابة حديدية لها فتحة مربعة في الأعلى بقضبان حديدية رفيعة اقفلها بعد دخولي الباب واخبرني انه لن يكون بعيدا يكفي ان اناديه فقط ليفتح لي ان اردت الخروج وابتعد بعدها
نقلت بنظري في ارجاء الغرفة محاولا الأعتياد على ظلمتها لم يكن هناك منفذ عدا هذا الباب ولكنه يفتح على زقاق ضيق ممتد لم يكن هناك طريقة ليدخل الضوء إليها ناهيك اننا أصبحنا في الثلث الأول من الليل ويبدو ان القابع هنا لم يشا ان يفتح الانارة الوحيدة هنا
بعد لحظات من دخولي واستكشافي للغرفة الصغيره نسبيا انتبهت للجسد القابع في زاوية الغرفة كان يراقبني بعينين وساعتين منذ دخولي على الأرجح تقدمت خطوتين ناحيته لاتمكن من رؤيته بوضوح اكثر
كان شابا هزيلا الجسم اسمر البشرة شعره طويل يصل لرقبته ملامحه هادئة جدا ولا يتبين منه شيء بسبب أثار كدماته
كان يحدق نحوي بشيء من الترقب والخوف الا انه سرعان ما أخفى شعور الخوف بعيدا

تمتم بصوت أشبه بالهمس الا انه وصلني لهدوء المكان
“ لقد استغرق جدك عشر سنوات ليصل لجدي وانت لم تمهلني حتي قضاء ليلتي هنا ”
نقل بنظره حول المكان وأضاف قائلا بابتسامة وقد ارتفع وتيرة صوته
“ لا باس في كل الأحوال لم يعجبني المكان
انها تذكرني بغرفتي القديمة ”
صمت بعدها وانزل براسه يخفيه بين رجليه وتمتم بشيء لم اسمعه مما جعلني أتقدم اكثر
رفع راسه فجأة وقال ضاحكا
“ أتراك أتيت لتأخذ بثار أبناء الماجدي ترى ماذا حل بثارك يا ابن المختار”
نظرت اليه مشدوها بينما اكمل قائلا
“ اتعيش تحت سماء وطن واحدة مع غريمك يا عماد أهذا ما عاهدت جدك عليه ام تراك نسيت ما وصاك به قبل لحظات الاخيرة ”
وقفت انظر اليه بصدمة بينما اكمل هو قائلا بسخرية
“ بالتأكيد انت لا تعلم أن ابن المازني عاد الي البلاد
أليس كذلك ”
انفجر بعدها ضاحكاثم أضاف بكلمات متقطع
“ اني أشعر بالشقة اتجاهك يا عماد لقد قضيت على عمرك وانت تسير كالاعمى خلف ثأر لن تدركه يوما”
ثم اعتدل جالسا وقال بجدية
“ اتعلم لماذا؟! لان الجميع ضدك يا عماد
الجميع
لا تظن ان هناك من يناصرك
والا كيف لم تعلم حتى الآن باسم غريمك
أليس أقرب أصدقائك ابن للزعيم لم لا يساعدك أخبرني اخي انك لن تستطيع الحصول على أي معلومة من اي جهة حكومية وذلك بطلب خاص من زعيم القبيلة فكيف تريد لابنه ان يساعدك
واجزم انه يعلم بعودة ابن المازني هذا لم يكن يعلم بمكانه فعلا ”
مالذي يتحدث عنه وما ادراه هو بكل هذا
ابن المازني عاد الي البلاد وعصام يعلم بذلك ولم يخبرني
مستحيل لا يمكن أن يحصل ذلك
جاء صوته هذه المرة مختلفا تماما وهو يقول بغصة
“ خذها نصيحه مني لا تثق بأحد لا أحد في هذا العالم سيقف معك ان علم ان في ذلك خطر عليه ولو كان بمثقال ذرة ”

“ اتصدق ان اخي سلمني للشرطة كان يدرك انه ان خباني ستنهال عليه المصائب من كل جانب لذا اختار ان يضحي بي من اجل العائلة والقبيلة كما قال
هو لم يحبني يوما على كل حال ولكن كان عليه أن يصدقني انا لم اقصد قتلهما كنت كنت..... ”
كان يرتجف فعليا وهو يحاول إكمال حديثه لا أفهم شخصية هذا الفتى هل هو مجرم قاتل حقا ام انه طفل لم يتجاوز السابعة رفع عينيه لي وقد امتلئت بالدموع وقال بصوت مرتجف
“ هو من تهجم علي ما أن فتحت له الباب و.. و. ثم بدا يشتم و... وانا كنت... لا اعرف كان هناك سلاح و.. انه لعمي.. ثم... اقسم لك لم ارد قتله ”
انا لا أفهم هذا السيناريو لقد أكد شهود عيان رؤيته هاربا من منزل عمه بعد أناطلق النار على حسان
مما يعني ان يوسف هو من ذهب اليه ومن حديثه يتضح انه كان غاضبا ترى ماذا حدث فيوسف انسان هادئ ما جرى جعله يخرج من طوره
ولم لحق به حسان
هناك قطعة ناقصة فيما حدث فما هو يا ترى
توقفغافر فجأة عن البكاء وأطلق ضحكة عالية ارتد راسه للخلف من اثرها ثم امسك راسه وقال
من بين ضحكاته
“ المضحك في الأمر انني اخذت بثأر عمي في النهاية ”
ثم توقف عن الضحك وقال بجزع
“ ربااه ماذا تقول يا غافر لقد قتلت شخصين للتو اتبرر نفسك بثار عمك الذي مضى عليه السنين حتى تحول جسده لرماد
ثم منذ متى كنت تهتم لثاره”
عدل من جلسته وقال بملامح متجهمة
“ ولكن ليس من العدل ان يقتص مني ويقال عني قاتل على الأقل ارفع رأس عائلتي اني اخذت بثأر عمي ”
ثم تابع قائلا بصوت باكي
“ ولكن الماجدي لم يقتلوا عمك يا غافر”
بدا يبكي بعدها كطفل صغير فتحت عيني على وسعها انظر للأثر الدائري حول قدمه اليسرى وبصدمة تراجعت للخلف وشيئ واحد يجول بذهني
.
.
أوقفت السيارة امام المشفى ونزلت منها أسير بهدوء اتجاه الاستقبال
سألت عن محسن الماجدي فاخبرتني الموظفة عن رقم غرفته
وقبل ابتعد عدت اسألها عن حسان
فقالت وهي تضغط على لوحةالمفاتيح أمامها
“ حسان سعيد الماجدي لا يزال في غرفة العمليات
ليس هناك معلومات أكثر عن حالته ”

هززت براسي وابتعدت أسير باتجاه غرفة محسن
عند وصولي للممر لمحت عصام واقفا مستندا على الجدار ويقف بجانبه صديق نبيل
وفي الجانب المقابل يقف عمير وصهره
عمر السالمي يتحدثان بجدية وكان عمير متجهما
عندما أصبحت قريبا منهم فتح الباب بقوة وخرج منها نبيل بحالة هائجة وتجاوزني مبتعدا
ولحق به صديقه وهو يناديه هامسا
قلت باستغراب
“ ما به نبيل”
قال عمير بينما يتبع نبيل ببصره
“ تنازل جدي عن الثأر والدية ونبيل منزعج من ذلك في الواقع جميعنا كذلك ”
لم اصدم من الامر في الواقع بل كنت أجزم بذلك
فمحسن لن يخاطر بخسارة فرد اخر من عائلته
ليس هناك منطق يجعلنا نعتقد ان الامر سيتوقف عند غافر
سيعتقد الكثيرون ان غافر كان يقصد ثار عمه وان فعلنا المثل سيكون أشبه بإعلان للجزء الثاني لمسلسل الثارات
الكل سيسعى للاخذ بثأره وهذه المرة ستمتد أطراف النزاع هذه المرة فاخوال يوسف ليسوا سهل المراس
ولن يسكتو عن ثاره ولن يتوانوا عن الوقوف بجانب المجادي
الأمر أشبه بما حدث في الماضي عندما وقفت بني حمدان بجانب المازني وكذلك الخالدي
لصلة قرابة ليست بالقريبة وإنما للمناصرة فقط
قال عمر بجدية
“ لن يفتح الحاج محسن بابا اخر للنزاع بين أطراف القبيلة ومعه حق في ذلك قد يسفك الكثير من الدماء
وهذا ليس لصالحنا في الوضع الراهن للبلاد ولا سيم ان علاقاتنا مع النعمان تزداد توترا في الآونة
فمن الحكمة ان نتجنب الصراعات الداخلية وهذا ما يسعى له الحاج محسن والزعيم قبله
أرى أن ندع الامر للقانون ففي هذه الحالة قرار مجلس القبيلة لن يكون لصالحنا وان أصر الحاج محسن على رأيه لن نستطيع فعل شيك ويضيع ثأرنا ”
عمر يعتبر نفسه واحدا من أبناء محسن وهو بالفعل ربيبه
فقد تزوج محسن من والدته وهو طفل لم يتجاوز العاشرة ولم يستقل بنفسه الا بعد تخرجه من الكلية العسكرية
قلت وانا انظر اليه
“ انت مخطأ في ذلك
أن تركنا الامر لللقانون لن يكون هناك ثار بل لن تكون هناك محاكمة من الأساس”
نظر الي كلاهما باستغراب ثم قال عمير
“ ماذا تعني بذلك عماد ”
قلت وانا ابعد نظري عنهما
“ كنت في مغفر الشرطة قبل أن اتي”
قال عمر بصدمة
“ كنت عنده!!؟؟”
ثم اضاف بعد أن صمت لبرهة
“ انت لم تقتله أليس كذلك؟ ”
هززت راسي نفسا فسأل عمير
“ ماذا عنيت بكلامك هذا”
قالت
“ اظن الفتى يعاني من مشاكل نفسية خصام شخصية او اضطرابات نفسية وقد يصل الامر للجنون لا أدري الا انه لم يكن طبيعيا
اظنني أفهم لم سلمه شقيقه بنفسه ”
بأن الصدمة عليهما جليا سأل عمر قائلا
“ الا تظنه يتظاهر بذلك”
هززت براسي وقلت
“ لا أعتقد ذلك لقد رأيت آثار حول ساقه واظنه كان مقيدا لفترة من الزمن كما أنه أشار الي كونه كان محبوسا ”
ثم نظرت لعمير وقلت ناظرا في عينيه
“ قل لي يا عمير مالذي جعل يوسف يذهب الي هناك ألم يكن معنا بعد العصر مالذي حدث جعله يترك الحفل ويذهب اليه غاضبا”
اطرق عمير براسه وصمت للحظات وقال بعدها هامسا
“ لا أعلم بالتفاصيل الا انه كان برفقة حسان حين تلقى اتصالا قلب حاله ليصعد سيارته ويغادر بجنون وكان على حسان اللحاق به واتصل بي لالحق بهما وعندما وصلت وجدتهما في سيارة الإسعاف ”
نظرت اليه بشك
أجزم ان عمير يخفي شيئا هو أول من علم بالأمر واختبرنا بعنوان المشفى
وما يثير بي الشك انه لم يلحق بسيارة الإسعاف وإنما عاد الي المنزل اولا
فما الذي حدث فعلا
قال عمر بعد تفكير
“ اتظنان ان هناك طرفا اخر في الحكايه”
صمتنا جميعا نفكر في الأمر فاحتمال وجود طرف اخر قد يقودنا الي طرق اخرى
هل هناك احتمال وجود شخص يسعى لاشعال الفتيل بين القبيلة ولكن لماذا يوسف
هل أراد أن يكون الضحية من الماجدي ام ان له مآرب اخرى
كان علي الدخول لرؤية محسن فاعتذرت منهما واتجهت للباب
كان في الغرفة كل من غانم ومنير
غانم كان واقفا بجانب النافذة يجري اتصالا
بينما كان منير يجلس على مقعد بجانب سرير محسن
الذي كان جالسا يتكا على عصاه بذقنه
بدا الإرهاق جليا عليه وقد كساه الحزن وطغى عليه
ألم يكن هو من قال ان
محسن الماجدي صاحب الإمبراطورية الحديديه يكسره الفقد اكثر من اي شيء اخر
اقتربت منه أكثر ثم جثوت أمامه مقبلا راسه
الا انني لم أقل شيئا بل لم أستطع ان اقول شيئا ما حدث اليوم يذكرني بأشياء كثيرة حدثت في الماضي
اقسم اني اشعر به وبالمه ليس هناك ألم في الدنيا أعظم من الفقد
الا انني لا ازال اشعر بالالم من اجل يوسف

قال محسن بابتسامة صغيرة تكاد ترى
“ اني ارى في عينيك عتابا يا ابن المختار أتراك تلومني على أمر تعلم انه أصعب على من
فوالله ليوسف احب من الدنيا
ويكفي انه خير ابنائي وابرهم بي فوالله لا أقول يوسف حتى يعلم ما في نفسي فيبادر الي تنفيذه
كان تقيا نقيا واسع الصدر لا تراه عابسا ولا متجهما
كان ابنا بارا صديقا وفيا وأخ سندا وعزوة
كان يحمل هم صغيرهم قبل كبيرهم
واني والله لاشعر بضيق الدنيا لفقده
وما اقول الا كما قال يعقوب عليه السلام
صبر جميل والله المستعان
وأثار ابني بيد خالق الأكوان مدرك الثارات
والمجرم ينال جزاءه ولو بعد حين ”
ونزلت مني دمعة رجل عرف الفقد
كما عرف راحة يده
.
.
.
.
يتبع يوم السبت بإذن الله
تصبحون على خير




ظبية البان$ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس