عرض مشاركة واحدة
قديم 27-09-19, 10:04 PM   #69

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

شقة عز الدين

أجفل عز الدين من شروده على تلك اليد التي ربتت على كتفه ليغلق هاتفه بإجفال بينما يحي ابنه مدحت الذي التف ليجلس جواره على الأريكة:
"مساء الخير بني ... كيف حالك؟ ...لم تخبرني انك ستمر على عندما هاتفتك صباحا "
"لم أكن اعرف أنني سأكون قريبا من شقتك وقتها "
أجاب مدحت بهدوء بينما ينزع عنه سترته ليلقى بها على حرف الأريكة ويمد يده ليتناول بضع حبات من العنب الموضوع بطبق الفاكهة أمام أبيه ...
ساد صمت متوتر للحظات قبل أن يقطعه مدحت بسؤال مباشر وهو ينظر لأبيه :
"من تكون تلك المرأة أبي؟!! هل هي نفسها من حكيت لنا عنها؟...تلك السكرتيرة من الجامعة التي أحببتها بالماضي وطلقت أمي لتتزوجها؟"
قاطعه والده بحدة يرمقه بغصب :
"لا تخلط الأمور مدحت ...أنا لم أطلق أمك لأجل سامية ...لم تكن هي السبب ...إياك أن تضعها بتلك الخانة"
ليرفع مدحت حاجبه الأيمن، يلوي فمه ساخرا بينما يقول :
"أي خانة أبي؟... أنا لم أضعها بأي خانة ...لقد سألتك مجرد سؤال بسيط إن كانت هي نفس المرأة ....ولأعيد صياغة السؤال.. هل هي المرأة التي جعلتك تتخذ قرار الانفصال عن امي بعد سنوات من تحمل طباعها الصعبة حتى تستطيع الزواج منها؟( ليستدرك بسرعة وهو يرى انقباض ملامح ابيه ) أبي أنا لا الومك ...إن كان هناك من يتفهم صعوبة العيش مع امي فسيكون أنا ...فقط ارغب في المعرفة"
أدار عنه وجهه يرد بمراوغة :
"لماذا اعتقدت أنها هي؟"
بشخرة ساخرة أجابه:
"أبي ...أبي ...هل ظننت حقا أن كل تلك المرات من مشاهدة حفل زفافنا خاصة هذا المشهد ...وسؤال الجميع عن الحضور مع التركيز على تلك المجموعة سيمر حقا دون أن انتبه له ؟"
حينها زفر بضيق ونظر إليه بجانب عينيه :
"لماذا تريد أن تعرف؟!!"
اتكأ بظهره للخلف، رافعا ذراعيه ليقاطعهما خلف رأسه، يستند بهما على الأريكة بينما يجيب أباه :
" عندما لاحظت كثرة سؤلك ...وبدأت اشك بالأمر ...أخذت افعل مثلك أعيد هذا المقطع وأدقق النظر لتلك المرأة ...وحقا أبي شعرت بالحيرة "
ليصمت قليلا كما لو كان يبحث عن الكلمات التي يرغب بها بتوصيل ما يريده قبل ان يزفر بعمق، يستطرد:
"اعني انها عادية جدا بل أقل من العادية ...تبدوا امرأة شعبية ...مظهرها ...هيئتها ..ملامحها ...كما أنه من الواضح انها كبيرة بالعمر ...حتى لو فكرت بمضي الأعوام السبعة عشرة السابقة فلا تزال تبدو بعمر كبير"

أرخى عز ظهره على مسند الأريكة، يجاور كتفه بكتف ابنه بينما تسترخي ملامحه وتغيم عيناه بذكريات الماضي، فيجيبه بشجن :
"قد تنظر اليها أنت و تراها امرأة عادية ..شعبية كما تقول ...ترى ظاهرها الغير أنيق ...تلك الأناقة التي اعتدت عليها في محيطنا...لكن عندما انظر أنا إليها أرى شيئا آخر ..أرى عيونا داكنة خالية من كل زينة لكنها مكحلة بالطيبة والحنان ...حنان كان آخر مرة استشعرته في حياة أمي..أرى حبا واحتوائا يسع العالم برحابته...أرى أناقة سلوك ...رفعة روح ...رقى خلق ...كنت أراقب رعايتها لشقيقيها ...حمايتها لهما... لأجدنى رغما عني أقارنها بما تفعله أمك من استغلال لأشقائها ..كنت أشاهد اهتمامها واحتوائها لهما ...فأندم لأني لم اختر لأبنائي من تفعل المثل لهما بدلا من اعتبارهما مكملا اجتماعيا ووسيلة لتحقيق مآربها"

ثم زفر بحرارة وهو ينظر لمدحت قائلا باعتذار :
"اعتذر بني ...لا يجب أن أقول تلك الأشياء عن والدتك لكن... "
قاطعه مدحت مشيحا بيده بلا اهتمام، ساخرا يقول:
"لم تقل شيئا لا اعرفه ...ولكن أبي لمَ تسأل عنها؟ ...اعني ...لقد تأكدت الآن أنها هي ...لكن ...من معها لابد أن احدهم زوجها ...لقد كان بصحبتها رجلين.. أحدهما كان يضع يده على كتفها "
ليسارع عز نافيا :
"لا من كان يضع يده عليها محمود شقيقها ...لقد عرفته عندما تمعنت بملامحه ...لا أعرف من يكون الآخر ...لكن ...لا أدرى مدحت.... احتاج للتأكد ...أحتاج لمعرفة كيف سارت أمورها ؟...لا أريد أن أضايقها أو اظهر لمرة أخرى لإرباك حياتها ...لكن فقط... أريد الاطمئنان عليها "
تمعن مدحت بملامحه والده قليلا ثم سأله بفضول:
"هل ما زلت تحمل مشاعر عاطفية ناحيتها ؟....رغم مرور كل هذه السنوات ..هل لا زلت لم تنس حبك لها؟ "
أغمض عينيه وأراح رأسه أكثر مجيبا بخفوت:
"لا ادري بني ...حقا لا أدرى إن كان ما استشعرته لحظة رؤيتها من مشاعر راجعا للشعور بالحب أم بالذنب ...كل ما أنا واثق منه أني لن ارتاح إلا بعد أن اطمئن عليها ..أن اعرف أنها تعيش بسعادة وراحة ..هذا ما أريده فقط ..لا شيء أكثر ..لا أطمع بما هو أكثر ...لقد عانت وأسرتها كثيرا بسببي ...لم استطع حمايتها وحماية شقيقيها الذين تعشقهما من مؤامرات أمك رقية ...وفي النهاية تركت البلد بأكملها دون أن اعرف مصيرها ...لابد أنها تكرهني ...لو كنت مكانها لم أكن لأطيق النظر في وجهي "
وانتفض واقفا، يشيح بوجهه يقول مغيرا الموضوع:
" هل ستتناول غدائك معي اليوم أم أن سارة ما زالت تضيق الخناق عليك؟ "
ضحك ساخرا لينهض بعدها متناولا سترته، يجيبه بمرح:
"إنها تطبق علي كل قواعد الزوجة المصرية الأصيلة بمحاصرة الزوج ...ترغب أن تعرف أين أنا في كل وقت ... اليوم لن استطيع تناول الغداء معك فحماي سيسافر مساءً لديه مؤتمر طبي بفرنسا وسأوصله للمطار مساءً - ليستدرك مضيفا- سنحضر إليك غدا أنا وسارة ونتناول الغداء معك ...كما أريد أن اعرض عليك بعض الأمور المتعلقة بالعمل"
ربت عزالدين على كتفه قائلا بحنان :
"أسعدكم الله بني ...سأهاتف ماهي لأرى إن كانت قادرة على الانضمام لنا هي وسامح ...وسأجعل عم مصيلحي يطهي لكم كل الأطعمة التي تحبونها "
ضحك مدحت وهو يتجه للباب قائلا :
"أظن سامح سيرحب بالانضمام حتى يحصل على إجازة من طهي شقيقتي ...المسكين يعاني مع كوارثها بالطهي "
ثم أشار لأبيه بيده وهو يغلق الباب خلفه دون أن يفوته اختفاء بسمة أبيه الذي عاد للجلوس على الأريكة شاردا ليفكر مدحت أنه إن كان معرفة ما حل بتلك المرأة هو ما سيجلب الراحة لأبيه فسيقوم هو بالبحث والتنقيب عنها ...وهو يعرف جيدا من بإمكانه أن يساعده ..........
*************


رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس