عرض مشاركة واحدة
قديم 03-10-19, 12:15 AM   #109

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثانى عشر .... الجزء الثانى :
*****************************************


إستيقظت غزل على رنين منبه هاتفها متثاقلة لكونها لم تأخذ قسطا كافيا من النوم ... جلست على فراشها شارردة متذكرة ذلك الغازى لعقلها و الذى يثير حنقها و غضبها من تصرفاته المتناقضة ....

خرجت من غرفتها فلم تعثر على ليال التى تستقبلها بإبتسامتها العذبة كل يوم .... فطرقت باب غرفتها و دلفت ... رفعت ليال عينيها الحمراويتين عن كتابها و قالت برقة :
_ إنتى صحيتى يا غزل ... ثوانى و هحضرلك الفطار يا قلبى .
إقتربت غزل منها و أغلقت الكتاب بغضب و قالت لها بعصبية :
_ إنتى لسه ما نمتيش يا لولو ... يا بنتى كتب كتابك بكرة و وشك مجهد جدا .
طأطأت ليال أناملها و قالت بإرهاق :
_ كنت بذاكر شوية لغاية ما تصحى و أحضرلك الفطار و أناااااام .
جذبتها غزل من يدها و أوقفتها و سارت بها نحو فراشها و مددتها بالقوة قائلة :
_ و انا مش هعرف أفطر يعنى ... نامى إنتى و إرتاحى و تيتة كمان نايمة و شكلها مش هتصحى دلوقتى .
تثائبت ليال بكسل و أغلقت عينيها قائلة بصوت ناعس :
_ تصبحى على خير يا زولا .
إبتسمت غزل عليها و مالت نحوها و قبلتها بجبهتها و أغلقت الإضائة و تركتها و خرجت ......


ذهبت غزل لعملها براحة بعدما إختفى سبب إزعاجها و باتت تتحرك بالحارة بأريحية .. دلفت للمشفى و إتجهت لغرفتها مباشرة .. رحبت بها سالى قائلة بمداعبة :
- يا مرحبا يا مرحبا نورك يا غزل غطى على الكهربا .
ضحكت غزل و جلست على مكتبها قائلة بسخرية :
- رغم إنها قديمة بس منك زى العسل .. وحشتينى يا سولا .
أجابتها سالى و هى ترتدى مأزرها الخاص بها :
- مشيتى إمبارح قبل ما أقابلك تانى ليه .
ردت غزل معتذرة و هى تفتح حقيبتها و تخرج منها أدواتها :
- آسفة والله بس بكرة كتب كتاب بنت خالتى و إحنا مالناش إلا بعض .. فمشيت بسرعة علشان كنا هنخرج .
إتسعت عينى سالى بفرحة و قالت برجاء :
- الله ... يا بختك ياغزل .. ممكن أبقى أجى النهاردة معاكى نهيص للعروسة و كده .
وقفت غزل و إرتدت مأزرها الأبيض و قالت مؤكدة بإبتسامة شغوفة :
- sure .. ممكن تيجى معايا طبعا .. تعرفى إنتى أول صديقة ليا فى مصر .
إستندت سالى بيديها على مكتب غزل و قالت بهدوء :
- خلاص هستأذن ماما .. و لما هخلص شغل هجيلك هنا و نمشى مع بعض .. تمام .
أومأت غزل برأسها و قالت :
_done .
إتجهت سالى لباب الغرفة فتحته مغادرة لعملها فتفاجأت بأحمد على الباب .. و يقف أمامها بهيئته الجذابة و عطره العصرى المثير .. ففغرت فمها ببلاهة و قالت بهيام :
- هاااه .... دكتور أحمد .. منور الدنيا و الله .
إنتبه أحمد لنظراتها الهيمانة به فقال بإبتسامة يأسة :
- شكرا يا دكتور .. هى غزل موجودة .
أومأت سالى رأسها ببطء و قالت بتنهيدة :
- أيوة جوة .. بنت المحظوظة .
أشارت له بيدها ليدخل قائلة برقة :
_ إتفضل يا دكتور .. بعد إذنك.
و تركته و إنصرفت و هى هائمة .. لاحظ حالتها و نظراتها الملتاعة إليه فزادت إبتسامته الساخرة .. دلف الغرفة لغزل و قال و هو يحدجها بشوق مستمتعا بإبداع ربه بتلك المخلوقة الساحرة :
- صباح الخير يا غزل .
أجابته بعملية و هى تحمل أدواتها :
- صباح النور .. أنا جاهزة يا دكتور .
تطلع لحماسها فقال بإبتسامة هادئة :
_ شكلك مستعجلة على الشقىَ .
هزت رأسها بحدة و قالت بقوة :
_ لما حضرتك المشرف عليا تقول على شغلنا شقى أنا بقا أقول إيه ؟!
ضحك ضحكة عالية ظهرت معها أسنانه المتراصة بدقة و الزاهية البياض ... فأردفت غزل قائلة بثقة :
_ عموما يا دكتور أنا أسعد لحظات حياتى و أنا بشتغل .
كانت نظرات الإعجاب تنطلق من عينيه نحوها و هى تستقبلها ببعض من البلاهة و اللامبالاة .. أشار إليها بيده لتتقدمه و هو فى قمة سعادته .. تقدمته بثقة فعض على شفته و هو يتأمل إيبائها و ترفعها و ثقتها بنفسها و سار خلفها منوما مغناطيسيا ....

بدأ مرورهم اليومى على المرضى الذين كان بعضهم فى إنتظار غزل .. و منهم من أهداها وردا ... و منهم من أمطرها بكلمات المداعبة و الغزل .... و منهم من طالعتها بغيرة و قلق على ذويهن ... و أحمد يشتعل من غضبه و غيرته .... و لا يجد تفسيرا لحالة الضيق التى تمتلكه كلما و قعت عليها عينى أحدهم سوى أنها .. غيرة ...
و رغم ذلك تأكد أحمد من خبرتها و جاهزيتها للعمليات الجراحية ذلك الإختبار الصعب .. و ما أسعده أكثر أنها لم تتأثر بما قيل لها و تعاملت مع الجميع بعملية .... إنتهى هذا الروتين اليومى .. فدونت غزل بمفكرتها معلومات عن آخر مريض كانت عنده ... فسألها أحمد بفضول :
_ هو إنتى ليه بتكتبى دايما عن كل مريض دخلنا ليه رغم إن المستشفى عاملة فايل كامل لكل حالة .
إبتسمت بهدوء و أنهت ما تدونه و أغلقت مفكرتها و وضعتها فى جيب مأزرها و أجابته ببديهية :
_ بس تقرير المستشفى مش مركز على حالة المريض النفسية ... و دى صدقنى بتفرق جدا فى نجاح اى عملية أو إكتمال شفاء المريض ... و لما الطبيب المعالج ياخد باله إن معدل الطاقة الإيجاية للمريض بيقل لازم يتدخل بنفسه أو يكلف طبيب نفسى مختص بمتابعة الحالة .
إرتفع حاجبى أحمد و هو يفكر بوجهة نظرها المقنعة ... بينما أردفت هى لتوضيح فكرتها أكتر :
_ يعنى الحالة الأخيرة دى للمدام اللى داخلة تعمل عملية الزايدة ... أسألتها دايما كانت هركب قسطرة و لا لأ ... هركب درنقة و لا لأ ... العملية هتسيب آثر فى جسمى و هتشوه و لا لأ ... فأنا بقيت أطمنها إنه جسمها هيفضل زى ما هو و إنى هستعين بطبيب تجميل معايا .. و إنه ممكن أخلصها من بعض دهون بطنها و إنها هتخرج من العملية أحلى ... فانسيت قلقها و خوفها و بقت تفكر فى شكلها هيبقى إزاى .. فهمت بقا قصدى .
عقد ذراعيه أمام صدره و قال بتعجب :
_ منكم نستفيد يا دكتور ... إنتى نبهتينى لنقطة مهمة جدا و هشتغل عليها فى نفسى الأيام اللى جاية .
إبتسمت بهدوء و قالت بعملية :
_ أنا معايا نسخة pdf من الماجستير بتاعى و هو فى الموضوع ده ... لو حابب ممكن أبعتلك نسخة إقرأها و ناقشنى فيها .
هز رأسه بالإيجاب و قال متحمسا :
_ طبعا إبعتيهالى على الميل وانا هقولك رأيى فيها بصراحة .
اجابته بثقة :
_ هستنى رأيك ... بعد إذنك .
_ إتفضلى .

عادت لغرفتها مرهقة و خلعت مأزرها .. و جلست على الأريكة و أسندت رأسها بتعب على ذراع الأريكة و أغمضت عيناها .. و سحبتها دوامة إرهاقها و لم تشعر بنفسها فنامت على الفور ..
توالت الحالات على المشفى .. فوقف أحمد و توجه لغرفتها .. طرق الباب فلم ترد عليه .. ففتح الباب و دلف باحثا عنها ليتفاجأ بها نائمة .. تطلع إليها مطولا .. و إقترب منها و هو يتأمل ذلك الملاك النائم و قلبه ينتفض بداخل قفصه الصدرى كأرنب مذعور ... حملته قدميه مقتربا منها أكثر و مسحورا من برائتها و هدوئها .... ولم يشعر بيده و هى تمتد نحو وجهها لملامسته .. إستيقظت غزل فوقعت عيناها على أحمد فإنتفضت جالسة و هى تشعر بذعر و قالت بتلعثم :
- أنااا ... أنا آسفة جدا يا دكتور .. مش هتتكرر تانى .
رفع يديه فى الهواء أمام وجهها و قال مهدئا :
- إهدى .. أنا آسف بس خبطت و إنتى ماردتيش عليا فدخلت .
وقفت مسرعة و عدلت من ملابسها و قالت بجدية :
- طب بس دقيقتين و هاجى لحضرتك المكتب .
أومأ برأسه و قال بهدوء :
- تمام هستناكى .
و تركها و خرج .. أغلق ورائه الباب و إستند على الحائط و تنفس بصعوبة واضعا كفه على قلبه .. لاعنا نفسه و هو يتذكر كيف ضعف بهذه الدرجة البائسة .. لقد كانت على وشك رؤية يده الممدودة ناحيتها .. بما كان سيفسر موقفه وقتها .... تمالك نفسه و عاد لغرفته مسرعا .

غسلت وجهها و طالعت نفسها بمرآة المرحاض ثم جففت وجهها بمحارم ورقية و أعادت تظبيط مكياجها و حجابها و خرجت .. توجهت لغرفة أحمد الذى إرتبك فور رؤيتها و قال مسرعا :
- يالا بينا عندنا شغل كتير .
اومأت برأسها و قالت بهدوء :
- حاضر أنا تحت أمرك .


كان قلمه يدور و يدور على الأوراق بشرود و تخبط .. تحمله مشاعره لعينيها و يعود به عقله لأنه يبالغ بما يشعر به تجاهها ... إنه مجرد حنين لماضى ذهب مع الريح منذ أمد .... ليطرق قلبه معلنا عن وجوده و إنذاره أنه لم تمسه ريح من الأساس و أنها ظلت حبيسة قلبه تلك السنوات العشرون و الآن بعدما تجسدت أمامه و غادرت من داخله طفلة و عادت أميرة متوجة على عرش قلبه الذى لم يمسه ريح إمرأة غيرها حتى ... زوجته الراحلة .... فعن أى مبالغة يتحدث ... من المؤكد أنها لها مكانة خاصة بها و فقط داخله ... مكانة و فقط .....

دلف رامى على مكتب فارس بالوكالة و تأمل شروده و لوحته الفنية الذى يرسمها على تلك الورقة المسكينة و التى ذابت تحت قلمه فقال له بضيق :
_ اللى واخد عقلك .
إنتبه إليه فارس ورفع عينيه قائلا بحدة :
_ الناس الطبيعية اللى إنت مش منهم خالص بيقولوا السلام عليكم أول .
رسم رامى خطا مملا على شفتيه مسمى إبتسامة باهتة و أجابه قائلا بحدة :
_ السلام عليكم ... كده بقيت طبيعى .
ألقى فارس بقلمه على مكتبه و قال بضيق :
_ إصطبحنا و إصطبح المُلك لله ... عاوز إيه بقا ؟!
جلس على طرف مكتبه و قال بنبرة آمرة :
- كلم الناس بتاعت النور يا عوو .. إتأخروا عاوزهم يركبوا الكهارب فى الحارة قبل بالليل .
أومأ فارس برأسه و قال و هو شارد بمطالعة الأوراق أمامه :
- ماشى آهندزة .
لملم رامى الأوراق من أمام فارس و قال بعبوس :
- ما تركز مع أمى .. وده وقت شغل ده و باعدين إنت نمت إمتى وصحيت إمتى .
أجابه ببرود :
_ مالكش فيه ... عاوز حاجة تانية .
زفر رامى بضيق و قال برجاء :
_ آه عاوز ... ركز معايا قولنا هتجوز بكرة يا صاحبى .
ضحك فارس على حالته و قال مازحا :
- هتفتح عكا يا خى .. ما عادى يعنى لا إنت أول و لا آخر المتأهلين .
عبس رامى بضيق ورد عليه مستنكرا ما قاله :
- إصحى كده يا صاحبى وصاحينا .. ده أنا بقالى تسع سنين خاطب .. يعنى تقولى كفارة يا معلم .
زادت ضحكات فارس و وقف و إستدار حول مكتبه و إحتضنه قائلا بحنو :
- مبروك يا حبيبى عقبال الليلة الكبيرة .. و الله لهيتعملك الحلو كله .
إحتضنه رامى بقوة و قال بهدوء :
- حبيبى يا أبو الصحاب ربنا يخليك ليا .
إبتعد عنه فجأة متذكرا شيئا ما قائلا و هو يعد على أنامله :
_ آه إفتكرت كلم بتوع الجاتو ... و الحلويات .. و الشوكولاتة .. و الساقع .. و إحجز الحلاق ... و أكد على الواد سعيد يجيبلى بدلتى .
إبتعد عنه فارس و قال بنبرة محتدة :
- هو أنا هعمل كل حاجة .. وسيادتك هتعمل إيه بقا .
صرخ به رامى و قال موضحا بنفاذ صبر :
- هتجوز .. والله هتجووووووز .
كتم فارس فمه بيده و قال بقوة و هو منهار من الضحك :
- إخرس ياض هتفرج علينا الناس يا أهبل .
أزاح يده عن فمه و قال موافقا :
- تمام ... بس فوق معايا كده ورانا كوارث لسه .
هز فارس رأسه و قال مؤكدا :
_ حاضر ... هخلصلك كل حاجة .. ما هى كده ناس تتجوز و ناس تتدبس .
عاد لمكتبه مجددا و فرد الأوراق أمامه ... فجمعها رامى بحنق و حملها و خرج يتمتم بغضب ... ضرب فارس كفيه ببعضهما بتعجب ... و عاد لوجومه متذكرا ليلة عقد قرانه و بروده وقتها كأنها كانت لشخص آخر غيره .. و زواجه من أخت له و كان عليه أن يعاملها كزوجة ... تنهد بأسى متذكرا مأساته مع إبنة خالته و زوجته و قال بخفوت :
_ الله يرحمك يا هديل ... سامحينى .


إنتهت غزل من عملها .. و عادت لغرفتها و لملمت أشيائها و إنتظرت سالى حتى جائت بشغبها التى دلفت به للغرفة و هى تخلع معطفها و تقول بتأفف :
- أوف بقا رجليا ورمت .. الضغط النهاردة كان صعب .. بقولك إيه عندكم غدا ولا هنتسوح .
ضحكت غزل ضحكة عالية و قالت ساخرة :
- don't worry يا طقة هانم دى العروسة بنفسها اللى طبخالك .
أومأت سالى برأسها و قالت و هى تحمل حقيبة يدها :
- طب يالا بينا يا قطة .. عاوزة أروح بدرى .. صحيح يا غزل إنتى ساكنة فين .
ضحكت غزل بمكر و قالت بإبتسامة متسعة :
- لأ دى مفاجأة .
عقدت سالى حاجبيها و تسائلت بفضول :
_ مفاجاة إيه ؟!! هتكونى ساكنة فى كومباوند مثلا .
حكت غزل أسفل أنفها و قالت لها بغموض :
_ لا كومباوند إيه.... حاجة أنقح .
و أشارت لها بيدها قائلة :
_ إتفضلى قدامى .
طالعتها سالى بشك و هزت كتفيها بتسليم و سارت أمامها .


وضعت ليال المنشفة من يدها و قالت بهدوء :
_ لا و الله يا مينو مش هعمل حاجة ... بكرة بقا نبقى نفرح مع بعض .
فسألتها ميناس بتعجب عبر سماعة الهاتف الخارجية :
_ هو صوتك بيبعد و يرجع يقرب ليه يا بنتى .
تذوقت ليال الحساء و أجابتها ببديهية :
_ لأنى بكلمك و أنا بطبخ فافتحة الإسبيكر .
ضحكت ميناس ضحكة عالية و قالت لائمة :
_ يبقى كتب كتابك بكرة و واقفة تطبخى ... مش كفاية مش هنهيص ليكى .
إستندت ليال بظهرها على رخامة المطبخ و عقدت ذراعيها أمام صدرها و قالت بقلق :
_ أحسن أنا أصلا مش بحب الزحمة و الإختلاط .. و بكرة هيبقى يوم تقيل عليا .
تنهدت ميناس بضيق و قالت لها بحدة :
_ إنتى لازم تروحى لدكتور نفسى يا ليال ...حبستك فى البيت دى عملتلك رَهاب و بقيتى تخافى تكلمى حد غريب و ده خطر .
إعتدلت ليال فى وقفتها و قالت لتغير الحوار :
_ كان نفسى تكونى معايا النهاردة يا مينو ... بس مش مشكلة هشوفك بكرة .
أجابتها ميناس بنبرة حزينة :
_ و أنا كمان يا حبيبتى كان نفسى أبقى جنبك و أقعد أرقص للصبح .
إبتسمت ليال و قالت بمشاغبة :
_ عرفاكى ما بتصدقى تسمعى أغنية و تنطلقى .
إختفى صوت ميناس قليلا و كأنها تحدث شخصا ما و عادت إليها قائلة :
_ ليال هقفل دلوقتى علشان حمزة عاوزنى ... هكلمك تانى إن شاء الله .
حملت ليال هاتفها و قالت بهدوء :
_ تمام يا عمرى .. سلام .
و أغلقت الهاتف و عاودت إتمام وجبتهم بسعادة و إبتسامتها العذبة تزين ثغرها الرقيق مثلها .....

فى السيارة تطلعت سالى للطريق بتعجب و سألت غزل قائلة :
_ إحنا رايحين فين يا بنتى .
إبتسمت غزل بخفوت و قالت بمكر :
_ دى مفاجأة .. إصبرى شوية .
و عادت بعينيها للطريق و فجأة لمعت عينيها و عقلها بفكرة ستسعد ليال جدا.. ففتحت حقيبتها و أخرجت هاتفها و هاتفت فارس .. الذى نظر لشاشة هاتفه متعجبا من هذا الرقم الغريب ثم رد قائلا بحدة :
- ألو .
إضطربت دقات قلبها .. وإبتلعت ريقها قائلة بتوتر :
- إزيك يا فارس .
إبتسمت شفتيه فور ترجمة عقلة لذبذبات صوتها المتوتر .. ثم قال مسرعا ببرود :
- إزيك إنتى يا غزل .
قطبت حاجبيها بتعجب و سألته بفضول :
- عرفت منين إنه أنا غزل .
رد بإقتضاب أصبح يغضبها :
- مش مهم .
رفعت حاجبها بضيق .. ثم قالت فاقدة صبرها :
- عموما .... كنت عايزة منك favor.
رد بجدية هادئة :
- تؤمرينى طبعا .
أغمضت عينيها و هى تستمتع بلين صوته و لو لثوانى ثم قالت برقة تلائمها :
- كنت محتاجة ميناس معانا .. و لو روحت أنا لجوزها همسك فيه فاياريت تقوله إنت يخليها تيجى تبات معانا و بكرة بعد كتب الكتاب ترجعله .
تنهد بألم و هو يتذكر أخوه و الذى تحول لوحش بعد الحادثة و خصوصا مع زوجته .. لاحظت صمته المقلق و إنتظرت رده .. فخرج من صمته قائلا بنبرة حزينة :
- حاضر ساعة بالكتير و تبقى قدامكم .
إتسعت مقلتى غزل من الفرحة و قالت شاكرة .
- Thanks so much .
رد عليها و هو يتخيل فرحتها الطفولية و لمعان محيطى عينيها الغامضتين :
- إنتى بس تؤمرى و أنا عليا التنفيذ .. يالا سلام .
تنهدت مطولا و قالت بهيام :
- سلام .
وأغلقت الهاتف بإبتسامة عذبة .. تطلعت عليها سالى ببلاهة و زمت شفتيها بخبث و قالت متسائلة بفضول :
- مالك يا حاجة .. ومين فارس ده .
إنتبهت غزل لسالى فقالت بإحراج :
- هاه .. ده أخو عريس بنت خالتى .. سيبك ده موضوع عائلى .
وصلوا أخيرا للحارة .. و ترجلوا من السيارة .. وقفت سالى تتطلع للقصر بدهشة و قالت بإعجاب :
- واو .. إيه القصر ده .
أجابتها غزل و هى تتأمله بمشاعر مضطربة :
- ده القصر اللى هتسكن فيه العروسة ... و أختها كمان متجوزة فيه .
غمزت لها سالى بعينها و قالت بتلقائية :
- عقبالك .. وأهه كده فرقتكم تبقى إكتملت فى القصر .
ضحكت غزل عليها و قالت و هى تزفر بضيق مصطنع :
- قدامى يا لمضة .
دلفا للحارة .. تطلعت سالى حولها و قالت بتعجب :
- لأ فجأة أصلى .. إنتى ساكنة فى الحارة دى ... بجد .
أومأت غزل برأسها و قالت بفخر :
- أيوة ساكنة مع تيتة هنا فى الحارة دى .
أومأت سالى بتفهم .. فعادت تكمل حديثها بإبتسامة :
- عقبالك ياغزل .. وعقبالى يا رب براجل زى القمر كده زى الدكتور أحمد .
ضحكت غزل عليها .. ثم إتسعت عيناها بذعر و هى ترى العمال يحاوطون منزلها بأسلاك كهربائية .. فتجهم وجهها و قالت بفزع :
- إيه ده البيت هيقع و لا إيه .
ضحكت سالى بصوت عالى غير مبالية بوجودها فى الشارع و قالت ساخرة:
- دول بيعلقوا نور عالبيت يا هبلة .. مش فيه فرح .
إستدركت غزل مقصدها و قالت براحة :
- يعنى دول بيعلقوا نور .. و الله خفت .. تعالى يالا .
وقف رامى يتابع تركيب الإنارة بنفسه .. حتى إنتبه لغزل فقال بإبتسامة ودودة :
- إزيك يا غزل .. إتأخرتى ليه .. ليال لوحدها .
ردت غزل و هى تتابع بعينيها تعليق الإنارة بشغف :
- ما تقلقش يا عريس .. أحب أبشرك إننا هنهد الحارة دلوقتى من الفرحة .
غمز لها بعينه و قال محمسا :
- أيوة كده .. عاوز ليال تفرح ولو ناقصكم أى حاجة قوليلى فورا تمام.
لاحظ سالى فمد يده إليها لمصافحتها قائلا :
- أهلا وسهلا .
مدت سالى يدها و قالت :
- أهلا بيك .. و ألف مبروك .
أجابها بلباقة :
- الله يبارك فيكى يا فندم .
عرفتهم غزل قائلة :
- دى يا رامى سالى دكتورة زميلتى من المستشفى اللى بشتغل فيها .
رد رامى مسرعا :
- منورة الدنيا يا دكترة .
أجابته سالى بإبتسامة متسعة :
- ده نورك يا عريس .
إستأذنت منه غزل و صعدت الدرج .. أوقفتها سالى أمام باب الشقة و قالت بتبرم :
- إستنى هنا ... إحنا هندخل على العروسة كده من غير شبورة .
زمت غزل شفتيها بعدم فهم و قالت مستفسرة :
- شبورة إيه ؟!
هزت سالى رأسها بيأس و قالت موضحة :
- يعنى نغنى للعروسة و كده و تزغرطى معايا و نلم عليكوا الحارة .
فكرت غزل قليلا و قد إقتنعت بكلمات سالى فقالت بعيون لامعة :
- أنا ما أعرفش أعمل اللى إنتى قولتى عليه ده .. بس أعرف اللى تعمله .

إنتظرونى فى الفصل الثالث عشر .....

قراءة ممتعة ....


ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس