عرض مشاركة واحدة
قديم 17-10-19, 12:00 AM   #140

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الرابع عشر ..... الجزء الثانى :
*****************************************

شتان ما بين قوة ... و قوة ......
قوة ... أن تكون على حق .. أن تكون على أساس متين يخدمك و يخدم من حولك ... و تسمى أيضا بقوة الرضا و الحمد .....
و .. قوة ... أن تستقوى بعقلك و الذى يخدعك دائما و يجعلك تظن أنك الأقوى .. و لكن على أساس واهى ... يضرك و يضر من حولك .. و تسمى أيضا بقوة الطمع و الجشع .....
و هذا النوع عندما تزرعه بيدك فى قلب صغارك .. تحولهم بمنتهى البساطة .. لنسور ... مختبئة دائما و فى إنتظار الوقت المناسب لإنقضاضها حتى لو تحولت .. أنت .. إلى فريسة لن يتراجعوا و سينالون منك حتما بدافع القوة الوهمى .......

وقف فارس قبالة عونى و إبنه يحدجهم بنظراته القوية الغاضبة .. فإنكمش إسلام فى والده من رعبه و تمسك بذراعه ...
خرج فارس عن صمته و سار قليلا حتى أصبح قبالة عونى و قال بحدة :
- بقا إنت يا حاج هتقفلنا الحارة بالبوليس .
ثم تطلع لإسلام و ضيق عينيه قائلا بصوت قاتم :
- و إنت بتقول علينا صِيع مش كده .
إبتلع عونى ريقه بصعوبة و قال متصنعا القوة :
- يالا يا إسلام نمشى من هنا .
وقف فارس أمامه معترض طريقه بجسده الضخم و قال بإبتسامة ساخرة :
- على فين بس .. لسه الحساب ما خلصش .
ثم إلتفت برأسه ناحية رامى و قال بنبرة متسلية :
_ رامى هو قالك إيه ياهندزة .
ضحك رامى بسخرية و وضع يده فى جيب بنطاله و قد فهم مغزى فارس و قال بقوة :
- قالى لو قلبك مات .. ماتجيش على إتنين إخوات .
و أخرج هاتفه و هاتف بونجا و صاح به قائلا بشراسة :
- وله يا بونجا ..... عاوز الحارة تتقفل فورا بالرجالة بتوعنا .. و إعلن حظر التجوال .
و أغلق الخط .. و أعاد هاتفه فى جيبه .. مرت عليهم لحظات أذاب بها فارس أعصابهم .. ثم إقترب رامى من عونى و حاوط كتفيه بذراعه و أجبره على السير معه قائلا :
- تعالى معايا يا حاج .... متخافش هفسحك شوية فى الشقة .
و إتجه به ناحية الشرفة .. و أشار إليه على رجاله المحاوطين للمنزل و هم محملين بالعصى و الجنازير و الأسلحة البيضاء .. و متحفزين للهجوم بأى وقت ....
إتسعت عينى عونى من الخوف .. فإقترب منه رامى و قال بنبرة ماجنة و هو يطالعه بحدة :
- قولنالك اللعب معانا خطر .. و إحنا ألعابنا متعددة .. تحب تختار إيه .. أنا شخص ديمقراطى .
إلتفت عونى ناحية إبنه بقلق .. إبتسم رامى و قال مسرعا ببساطة :
- متقلقش عالعيل إبنك ده بقى عهدة العوو بذات نفسه .
إقترب فارس من إسلام بعدما ضيق عينيه بغضب و قال بصرامة :
- بقا إحنا صيع مش كده .. أنا هوريك الصيع دول هيعملوا فيكم إيه .
و لكمه فارس فى وجهه فجأة ... فسقط على الأرض من قوة اللكمة .. فمال عليه مرة أخرى و أوقفه على قدميه بسرعة و إنهال عليه باللكمات والضربات .. و تعالت صرخات إسلام المتألمة .. فحركت غزل رأسها بعدما وصلها صراخ إسلام و قالت بشفقة :
_ ما قولتلكوا بلااااااش .
إلتفتت إليها ليال الواقفة خلف باب الغرفة و تسترق السمع بقلق و قالت :
_ ربنا يستر يا غزل ... ده فارس اللى بيضربه .
أشاحت بيدها و قالت بجمود :
_ يستاهل ... فاكرينى لقمة سهلة و هينصبوا عليا .. يالا ربنا معاه .

وقف مهاب فى نافذته ينتظر غزل بلهفة كعادتهما اليومية بعد عودتها من عملها و عودته من روضته .. و لكنها اليوم تأخرت عليه .. فزفر بضيق و وضع يده أسفل وجنته مستندا على إطار النافذة بملل ... تطلع ناحية الطريق فرأى رجال الوكالة و جمعهم المتحفز .. فإعتدل فى وقفته و قال بحماس :
_ أوبا .... خناقة .
ثم تذكر آخر عراك لوالده مع مسعد الحقير .. فإبتلع ريقه بتوتر و قال بضيق :
_ ده أكيد رامى و لا بابا اللى بيتخانقوا ... لما أقول لجدو .

خلعت زينب عبائة زوجها و هى تجيبه بتوتر يعلمه جيدا :
_ يا حاج دى المرة العشرين اللى بقولك فيها عاليا جوزها كلمها و كان زعلان فإضطرت تمشى فجأة .
جلس على مقعد بجواره و قال بتعجب :
_ يعنى هى مشيت فجأة ... و رامى كان والع من سيرتها فجأة ... إنتى شيفانى حاطط بزازة فى بوقى يا زينب و هتعاملينى زى الواد مهاب و هتاكلى بعقلى حلاوة .. إنطقى إيه اللى حصل .
بهتت من صراخه بها .. و لكن مهاب أنقذها و هو يركض نحوهما و يقول بلهاث :
_ إلحق يا جدو .. بابا و لا رامى شكلهم بيتخانقوا ... الشارع مقفول تحت برجالتنا .
صفعت زينب صدرها و قالت بقلق :
_ تانى .. هو إحنا لحقنا نرتاح .
وقف صبرى مسرعا و قال بغضب :
_ الظابط محذرهم و هما أغبيا ... هاتيلى عباية بسرعة ألحق المصيبة قبل ما تحصل .

حاول عونى الخروج لإبنه أكثر من مرة .. و لكن رامى وقف حائل أمامه و قال بصرامة :
- إهدا يا حاج .. ده بس بيربهولك علشان إنت قصرت معاه فى التربية.
تكور إسلام من ألمه و لكن فارس لم يرأف بحاله و إستمر فى ضربه بقوة على تطاوله و الأسوء تلك النظرات البغيضة منه ناحية غزل .. ألا يكفيه ذلك الطبيب الوسيم و الذى صرح لها بحبه ليأتى ذلك الأقرع و يلتهمها بعينيه ...

- كفاية يا عوو .
قالها صبرى و هو يدلف للشقة بغضب .. إبتعد فارس عن إسلام و هو يحدجه بإزدراء .. ركض عونى ناحية إسلام و إنحنى مسرعا و إحتضنه قائلا بعويل :
- إيه .. هى بقت عافية .. بتضربه بالشكل ده .
ضرب صبرى الأرضية بعكازه و قال مستفهما بنفاذ صبر :
- مين الرجالة دى يا عوو و عملوا إيه ؟!
أجابه فارس بغضب و هو يطالع عونى و إبنه بقوة :
- ده عم غزل و إبنه .. و فاكرين مالهاش حد فاهيستقوا عليها .. و إطاولوا علينا كمان .. فحبيت أعرفهم غلطهم .
رفع عونى سبابته فى وجه فارس و قال مهددا بنبرة قاتمة :
- هتدفع تمن اللى عملته ده غالى قوى .
ضرب صبرى الأرضية بعكازه و قال بحزم :
- إقطم الكلام يا راجل إنت و لا مش عايز يطلع عليك نهار .
ثم صاح قائلا :
- يا غزل .. غزل ... تعالى يا بنتى .
خرجت غزل من الغرفة و وقفت أمام صبرى و قالت بإنصياع :
- تحت أمرك يا عمى .
ربت صبرى على كتفها و سألها بهدوء :
- قوليلى يا بنتى الراجل ده هو و إبنه زعلوكى فى حاجة .
إلتفتت نحوهما و قالت بشفقة :
- ﻷ يا عمى .
ثم أخذت نفسا طويلا و قالت بهدوء :
_ بس أنا عوزاهم يرجعولى حقى .
سألها صبرى بجدية :
- حق إيه يا بنتى .
ردت و هى تتطلع لعونى بقوة :
- شقة بابا و محله .. هو أجرهم من ورانا و بقاله سنين بيستفيد من فلوسهم .. كفاية عليه كده و عاوزاه يفضيلى الشقة و المحل من المستأجرين .
رفع صبرى يده فى الهواء و قال بسخرية :
- كده وقعت فى المحظور يا عمو .. و حق البت هيرجع .. قدامك يومين تكون فضيت الشقة والمحل و إلا هفضى أنا البيت كله و مش هيبقالك فيه قشاية ... سامع و لا ﻷ .
رد عونى بذعر قائلا بقوة واهية :
- تمام .. بس برضه غزل هاتيجى معايا .. و أهى هتقعد فى شقتها لما تفضى .. بس أنا مش هسيب لحمى لكلاب السكك تنهش فيه .
قال جملته الأخيرة و هو يتطلع لفارس بتوجس .. فرد عليه فارس بغضب هادر قائلا :
- شكلك ما بتتعلمش بالساهل .. و وقعت مع الشخص الغلط .
أوقفه صبرى قائلا :
- إهدا يا عوو مش كده .
حدجه عونى بمكر و قال بإبتسامة شيطانية :
- هو فى حاجة بينك و بينها و لا إيه .. مش فاهمك الصراحة .
إتسعت عينى غزل بصدمة و صرخت به قائلة بتعجب :
- إنت إتجننت .. بتقول عليا أنا كده .. إتقى ربنا عندك بنت زيى .
أمسكها فارس من رصغها و قال لعونى بهدوء :
- بصراحة يا حاج إنت لماح .. فعلا فى حاجة بينى وو بينها .
تطلعت إليه غزل بتعجب .. فأردف قائلا ببساطة :
- أنا خطيبها .

بوووم 👊 ...

قنبلة و سقطت فوق رأس الجميع .. سأصور لكم المشهد كما تفعل الدراما الهندية ... و الكاميرا تدور على وجوه الجميع .. نبدأ بعونى و الذى سقط فكه من المفاجآة .. و إسلام بنظراته المتألمة و هو يطالع غزل بحزن .. و رامى الذى وصل حاجبيه لمقدمة رأسه و ليال و التى هزت رأسها أكثر من مرة و رجت أذنها علها لم تسمع جيدا .. و رافة التى إبتسمت بمكر و كأنها كانت تنتظر ذلك الخبر بيديهية و صبرى أيضا مثلها .....

و نقف قليلا عند غزل التى تطلعت إليه بسعادة غريبة و راحة إفتقدتها منذ طفولتها .. منذ كانت يدها قابعة فى عشها الآمن بين راحتى حارسها ... كما الآن .. طالعت يده القوية و التى تقبض على رسغها بتملك واضح و حنان قاتل ...
إتسعت عينى عونى من المفاجأة .. ثم قال بإندهاش :
- خطيبها !!!!!
إلتفتت إليه غزل و قالت مؤكدة :
- أيوة خطيبى عندك مانع .
قطب عونى حاجبيه و قال مستفسرا :
- مش شايفك لابسة دبلة يعنى .. و لا دى إشتغالة علشان أسيبك .
ردت غزل بثقة و دهاء :
- إحنا قرأنا الفاتحة بس .. و هنتخطب قريب .
قالت جملتها الأخيرة و هى تحتضن كف فارس براحتها بتملك أكبر ... تطلع إليها فارس بإعجاب من سرعة بديهتها .. و تعجب من كفها الجريئة و التى تلامسه برقة جعلته يبتلع ريقه بتوتر و هو يطالعها بقوة نافذا لأعماق محيطى عينيها لإكتشاف كنوزها المخبئة بداخله ...
شعر بإنجرافه وراء مشاعر مجنونة .. فإلتفت ناحية عونى و قال بنفاذ صبر :
- أظن كده مالكمش حاجة هنا .. خد إبنك و إمشى .. و حقها هيرجع و زى ما قال الحاج يومين و تفضولها الشقة و المحل .
وقف إسلام بصعوبة متثاقلا و إستند على والده الذى تطلع إليهم بحقد و خرج هو و إبنه فى هدوء بعدما فشلوا فى مهمتهما .. أخرج رامى هاتفه و هاتف بونجا و طلب منه أن يصرف رجاله لعملهم مرة أخرى .
خرجت رأفة متكأة على ليال و جلست على الأريكة و قالت بتقدير :
- مش عارفة أشكركم إزاى .. تسلم يا حاج .. يا زين ما ربيت .
إبتسم إليها صبرى و قال مجاملا :
- دول تربيتك برضه يا حاجة .. ربنا يديكى الصحة .. و لو إحتاجتم أى حاجة فى أى وقت كلمونا .. بعد إذنكم .
و خرج من الشقة و لحقه رامى و فارس الذى ترك كفها بعد عناء و مجاهدة من قلبه الذى خالف أوامره بقوة ... بعدما ودع كل منهم حبيبته بعينيه .. جلست ليال و قالت براحة و قد تهدل ذراعيها بجوارها :
- مش مصدقة إنها عدت على خير .. الحمد لله .
جلست غزل جوارها و قالت بفرحة مصطنعة :
- سيبك من الحوارات دى .. فرحك بعد بكرة يا عروسة و بكرة الحنة .. إحنا لازم نكلم ميناس تيجى .
تنهدت رأفة مطولا و قالت بإبتسامة هادئة :
- عندك حق يا غزل عاوزين نفرح بقا .




إنتبهت هناء على طرقات على باب الشقة متتالية بقوة .. فتركت ما بيدها و أسرعت و فتحت الباب لتتفاجأ بإسلام و الذى تغيرت هندسة وجهه و تلوث بدماء جافة و جارية ... فإتسعت عينيها و قالت بذعر :
_ إبنى .. مالك يا حبيبى .
دلف عونى للداخل و هو يساعد إسلام بكل قوته قائلا بغضب :
_ دخلينا أول يا هناء و بعد كده إبقى إفتحى محضر براحتك .
إقترب به من الأريكة و ممده عليها و صرخ بها قائلا :
_ هاتيلى شنطة الإسعافات بسرعة .. و فوطة مبلولة أنضفله بيها وشه .. يالا يا هناء .
خرجت بسمة من غرفتها و طالعتهم بجمود و قالت بصوت ميت .. جامد .. لا حياة به :
_ ما رجعتوش السنيوريتا ليه .
أغمض عونى عينيه بغضب و قال محذرا :
_ إختفى من قدامى يا بسمة مش وقتك .
ضحكت بسخرية و قالت بشماته و حقد :
_ تستاهلوا .. مش كنت عاوز ترجعها و لو على حساب وجع قلبى علشان الفلوس .. إشربوا بقا .. إشربوا كلكم .
صرخ إسلام متألما من ذراعه .. فإقتربت منهم هناء و قالت بتعجب :
_ مين اللى عمل فيه كده يا عونى .
أخذ منها المنشفة المبللة و بدأ فى تنظيف وجهه و هو يجيبها بغضب :
_ روحنا للحيوانة .. فلقينا عندها كلبين مسعورين هجموا علينا و واحد منهم ضرب إسلام لغاية ما عدمه العافية .
صكت هناء أسنانها و قالت بشراسة :
_ لازم نبلغ البوليس فورا .. و هو هيجيب لنا حقنا .
ناولها عونى المنشفة و أجابها بذعر :
_ لأ .. بوليس لأ ... إنتى ما شوفتيش رجالتهم عاملين إزاى .. دول ممكن يدبحونا من غير ما حد يحس .
فسألته ببديهية رغم كل ما هم فيه :
_ يعنى فلوس البت دى راحت مننا خلاص .
رفع عونى عينيه بملل و اجابها بحدة :
_ فلوس إيه و زفت إيه .. بقولك عصابة و بلطجية .. تقوليلى فلوس ... ده بسبب شورتك الهباب حكموا علينا نفضيلها الشقة و المحل فى خلال يومين .
عقدت هناء زراعيها أمام صدرها و قالت بتحدى :
_ على جثتى مش هيحصل .
بدأ فى تضميد جراح إسلام و أجابها بصوت يائس :
_ ما هو هيبقى على جثثنا كلنا .


فى اليوم التالى .. جالسا على مكتبه و يعبث بقلمه بشرود كلما تذكر قوتها و ترفعها يزداد إعجابه بها ... رفع كفه و تطلع إليه بإبتسامة هادئة ... متذكرا لمستها الرقيقة لكفه .. و إعلانها الصريح و الجرئ لإرتباطها به ... حتى و لو بدافع الكذب و الدفاع ... يالله ... مازال يشعر بملمس كفها و الذى شابه تلامس بتلات الورد على كفه .....
خرج من شروده و حمل سماعة هاتفه و هاتف سكرتيرته قائلا :
_ لو سمحتى إدى خبر لدكتورة غزل إنى عاوزها ......... شكرا .
و وضع السماعة و بدأ فى تعديل هندامه و مرر أنامله بشعراته و إعتدل فى جلسته منتظرا قدومها ...
طرقت الباب فأذن لها قائلا :
_ إتفضل .
دلفت غزل و على ثغرها إبتسامة متسعة و وقفت أمامه و قالت بود :
_ صباح الخير .
بادلها إبتسامتها و قال بهدوء :
_ صباح الورد .
أشار بيده قائلا :
_ إتفضلى إقعدى يا دكتور .
جلست أمامه و قالت بقلق من طريقته الرسمية :
- عاوز منى حاجة يا فارس .
تابع نظرات الفضول بعينيها فقال بتفهم :
- عارف إنك مستغربة .. بس فى موضوع مهم و عاوز أكلمك فيه .
سألته بنفاذ صبر :
- موضوع إيه ؟!
- ستى رأفة .
قالها بسرعة .. فقطبت حاجبيها بدهشة و تسائلت بإهتمام :
- مالها تيتة مش فاهمة .
إستند على مكتبه بمرفقيه و قال موضحا :
- دلوقتى ليال هتتجوز بكرة .. و إنتى بتشتغلى .. مين بقا اللى هيهتم بستى و أكلكم و شربكم و شغل البيت .
فكرت غزل قليلا .. و تعجبت من نفسها كيف أنها لم تفكر من قبل فى جدتها و أمور المنزل و التى هى على جهل تام بها .. ردت على فارس بحيرة :
- عندك حق .. بس إيه الحل .
رد عليها بإبتسامة ثقة :
- الحل عندى طبعا .. فى واحد كان بيشتغل فى المصنع اللى مسئول عنه رامى مات من فترة و ساب بنته لوحدها و مالهاش حد .. ففكرت إنها تيجى تعيش معاكم منها تساعدكم و منها تلاقى عيلة جديدة تعيش فى وسطهم .
زمت غزل شفتيها بتبرم و قالت بغيرة خفية :
- و دى عندها كام سنة و لا شكلها إيه .
شعر بغيرتها فقال بمكر :
- عندها 20 سنة .. و هى بنت طيبة جدا و متربية و جميلة .. قد ميناس كده .
ردت بغضب مسرعة :
- طب ما تشوفلها عريس أحسن .. و لا .. إكسب فيها ثواب و إتجوزها.
إبتسم على حالتها الغاضبة و وقف و إلتف حول مكتبه ببطء كأنه يستعد للإنقضاض عليها .. و وقف أمامها و هو يحدجها بقوة و قال ساخرا :
- ما ينفعش أتجوزها .. أصلى .. مرتبط .
إشتعلت عيناها و وقفت مسرعة و قالت بتعجب :
- مرتبط بمين إن شاء الله .
إقترب منها و هو يلتهمها بعينيه و قال هامسا :
- بيكى .. إنتى ناسية إننا قرأين فاتحة .
إرتاحت ملامحها و ضحكت ضحكة عالية أذابت بها جزء كبير من ذلك الجلمود الثلجى الواقف أمامها و قالت برقة :
- قول للبنت دى تيجى النهاردة .. هستناها .. هى صحيح إسمها إيه ؟
كانت عينيه قد إستقرتا على شفتيها فرفع عينيه بصعوبة و أجابها بجدية :
- دنيا .
هزت رأسها بخفوت و سألته بمكر و هى تحدجه بتحفز :
_ و جسمها زى ميناس كده و لا إيه .
حرك عينيه بمشاغبة و أجابها ببرود :
_ تقريبا .... زى ميناس طولها و مقاسها .
أومأت برأسها و قالت بإبتسامتها الساحرة و ببحة صوتها المغرية و هى تتركه :
- ok .. هستناها النهاردة لو سمحت أكد عليها .. و شكرا على مساعدتك لينا .. بعد إذنك .
رد ببروده المعتاد :
- إتفضلى .
خرجت و هى مبتسمة إبتسامة بلهاء .. و أخرجت هاتفها من جيب مأزرها و هاتفت ميناس التى أجابتها قائلة بمرح :
_ أهلا يا دكتور وحشتينى جدا .
إبتسمت غزل بهدوء و اجابتها قائلة :
_ و إنتى كمان وحشتينى ... جهزتى نفسك و لا هتروحى لليال متأخر .
ردت ميناس مسرعة :
_ لأ خلاص بس حمزة يجهز و هنمشى فورا .
هزت غزل رأسها بتفهم و قالت بجدية :
_ تمام ... ركزى بقا معايا ... أنا عاوزة من عندك كام طقم خروج و بيجامات تكونى مش محتجاهم .
أجابتها بتعجب :
_ ليه يا غزل ؟!
_ علشان بنوتة فى سنك و مقاسك تقريبا .. هتعيش معايا أنا و تيتة بعد ليال ما تتجوز .. و هى يتيمة و غلبانة جدا .
أجابتها ميناس بتفهم :
_ من عنيا حاضر .... هخلى البنات يجهزوا ليها شنطة تكفيها مؤقتا على ما نشتريلها جديد .
إبتسمت غزل براحة و قالت :
_ تسلميلى يا مينو يا أم قلب أبيض .. سلام دلوقتى و ما تتأخرش على ليال .. ما فيش حد معاها غير مهجة .
_ حاضر ... سلام يا قمر .
أغلقت غزل الهاتف و عادت لعملها مرة أخرى .


علقت ليال فستانها على الخزانة من الخارج بفرحة .. فضمتها مهجة إليها و قالت بحنو :
_ مبروك يا ليال ... ربنا يهنيكى يا حبيبتى .
ربتت ليال على ظهرها و قالت بود :
_ عقبالك يا مهجة .
إنتبها لطرقات خفيضة على باب الشقة .. فخرجت ليال من غرفتها و إرتدت حجابها و فتحت الباب لتتفاجأ بفتاة غريبة تقف أمامها ....
تطلعت إليها بتعجب من عبائتها السوداء و حجابها الإسود و مع ذلك فجمالها هادئ .. بشرتها بيضاء جدا .. و عيونها سوداء متسعة ذات أهداب طويلة و ملامحها رقيقة .. فسألتها ليال بتوجس :
_ مين حضرتك ؟!!!
لعقت الفتاة شفتيها بتوتر و اجابتها بصوت خفيض :
_ ده بيت الآنسة غزل .
هزت ليال رأسها بالإيجاب و قالت بتعجب :
_ أيوة هو .. بس إنتى مين .
تذكرت ليال محادثتها مع غزل فقالت مسرعة :
_ إنتى دينا مش كده .
إبتسمت الفتاة و قالت بخجل مصححة إسمها :
_ أنا دنيا .
جذبتها ليال من ذراعها و قالت بود :
_ إتفضلى إدخلى .. يا أهلا و سهلا .
تطلعت دنيا حولها بخجل .. بينما إقتربت منها ليال و قالت بمداعبة :
_ بس إيه الجمال ده .. إنتى قمورة قوى .
إبتسمت دنيا بخفوت و قالت بإستحياء :
_ يعنى حضرتك .. اللى جميلة بجد .. أنا مش بحسد و الله .
أتاهم صوت رأفة قائلة :
_ ميناس اللى جت يا ليال .
اجابتها ليال بصوت عالى :
_ لا يا تيتة دى دنيا اللى غزل كلمتنا عنها .
و أشارت ليال بيدها لدنيا ناحية غرفة رأفة و قالت :
_ تعالى يا دنيا أعرفك على تيتة .
أومأت دنيا برأسها و تبعت ليال حتى دلفت لغرفة رأفة و توجهت نحوها و صافحتها قائلة :
_ إزى حضرتك يا حاجة .
أجلستها رأفة بجوارها و قالت بحنو :
_ الحمد لله يا بنتى .. بس عوزاكى تقوليلى يا ستى أو يا تيتة زى البنات .
اومأت دنيا برأسها .. فسألتها رأفة بفضول :
_ إنتى يتيمة مش كده يا بنتى .
تنهدت دنيا مطولا بحزن و قالت بشجن :
_ أيوة .. خسرت أمى و أبويا و أخويا الصغير فى يوم واحد .
قطبت رأفة جبينها بحزن و قالت بتعجب :
_ إنا لله و إنا إليه راجعون .. بس .. إزاى يا بنتى .
طأطأت دنيا رأسها و قالت بصوت مختنق :
_ كنا ساكنين فى منطقة شعبية أو زى ما بتسموها عشوائية ... و خرجت أشترى لأمى طلبات الإسبوع رجعت لقيت المنطقة كلها كوم تراب .
هبطت دموعها بحرقة و تابعت قائلة بعويل :
_ بقيت أدور عليهم تحت الأنقاض زى المجنونة .. لحد ما الحكومة طلعتهم ميتين و قالولى البقاء لله .. ماتوا .
ربتت رافة على كفها لتهدأتها .. و جلست ليال بجوارها تشاركها بكائها .. بينما مصمصت مهجة شفتيها و قالت بضيق :
_ الدنيا ماليانة بلاوى .. صحيح .. اللى يشوف بلاوى الناس تهون عليه بلوته .


دلفت عليهم ميناس قائلة بمرح :
_ وحشتونى .
وقفت ليال مسرعة و إحتضنتها قائلة بشوق :
_ حبيبة قلبى .. إنتى اللى وحشتينى قوى .
إبتعدت عنها ميناس و سارت نحو ذلك الصدر الرحب و الذى عوضها خسارة والدتها و إرتمت به و قالت بحب :
_ روفا حبيبتى .. وحشتينى .
ضمتها رأفة بقوة و قالت بحنو :
_ إنتى اللى وحشتينى يا حبيبتى .. إنتى كويسة .
هزت ميناس رأسها و أجابتها بهدوء :
_ الحمد لله كويسة .
تطلعت ناحية دنيا و إعتدلت فى جلستها و قالت بتخمين :
_ إنتى دنيا مش كده .
أومأت دنيا برأسها .. فوقفت ميناس و جذبتها من ذراعها و قالت بحزم :
_ طب قومى معايا بقا .. ده أنا جيبالك هدوم و بلاوى و لازم تقسيها كلها علشان لما غزل تيجى نديها التمام العسكرى دى مواصية عليكى جدا .
إلتفتت ميناس برأسها ناحية ليال و سألتها بتوجس :
_ جهزتيلها أوضتى يا لولو .
اجابتها ليال بإبتسامة هادئة :
_ تمام يا فندم .
عادت ميناس لسيرها مجددا و هى مازالت قابضة على معصم دنيا و قالت بمداعبة :
_ يبقى يالا بينا قبل المعمعة .


عادت غزل لمنزلها هى و سالى زميلتها و تعجبت من هيأة الحارة بعدما نصب بها سرادق كبير و به مسرح عالى و متسع .. ضحكت سالى و قالت بفرحة :
- واو .. فرح شعبى دى هتبقى ليلة .
صعدوا لشقة الجدة .. ففتحت لهما ميناس التى قالت بضيق :
- إتأخرتوا ليه إنتوا الإتنين .. ورانا بلاوى لسه .. إدخلوا يالا .

و بدأت مراسم ليلة الحنة .. بعدما إجتمعت نساء الحارة بمنزل رأفة .. و إشتعلت الإضاءة فى الحارة .. و تعالت أصوات الموسيقى .. بعدما إمتلأ السرادق بالمهنئين بزواح رامى من المعلمين و رجال الحارة ..
بدأ مقدم الحفلة بكلماته المعتادة بالترحيب بالمعلمين و المهنئين .. صعد فارس على المسرح و هو يحمل بيده مبلغ مالى كبير .. إستقبله مقدم الحفل بترحاب كبير و قال :
- سمعنى سلام للمعلم الكبير .. سيد الحارة .. و سيد الناس .. منفذ الرجولة فى مصر كلها .. المعلم العوو .
و تعالت الصيحات و النغمات .. خرجت غزل للشرفة مسرعة بعدما سمعت إسم فارس .. وقفت تتابع الحفل بفرحة و هى تراه بهيئته الجذابة و هيبته التى تجذبها إليه يوما بعد يوم .
إنتهت النغمات فقال مقدم الحفل مرة أخرى :
- و سمعنى سلام أول و تانى و تالت ... و دوس عالزرار بهبل و سمعنا سلام ذئاب الجبل .
وعادت النغمات مرة أخرى .. أعطاه فارس مبلغ مالى كبير و قال بمكبر الصوت :
- ألف شكر لكل المعلمين و الرجالة اللى بجد اللى نورونا و كبرونا و شرفونا .. و حابب أبارك لأخويا و صاحبى و عشرة عمرى الباش مهندس رامى .. و بالرفاء و البنين يا أبو الصحاب .
تعالت الصيحات فقدم مقدم الحفل الراقصة قائلا :
- إسمحولى أن أقدم لكم .. قنبلة الموسم و كل موسم الراقصة القنبلة ....... .
تعالت الصيحات و التصفيق و الصافرات .. حتى صعدت الراقصة المسرح .. و بدأت الموسيقى فى العزف و هى ترقص على أنغامها .. ألقى رامى لفارس بعصى ليحفزه على الرقص .. إلتقط فارس العصى و حركها إستعدادا لرقصته .. ثم رفع عينيه ناحية شرفة غزل فتقابلت نظراتهم .. فأشار إليها بالعصى و بدأت رقصته .. إقتربت منها ميناس و قالت بمكر :
- شاور عليكى .. ده هيرقص علشانك إنتى .
إبتسمت غزل بفرحة و هى تتابع رقصته المثيرة و تمكنه من الرقص بالعصى .. بين الحين و الآخر تتلاقى عيونهم و كأنه يخبرها ويؤكد لها أنه يرقص من أجلها هى .. صعد رامى هو الآخر و شاركه رقصته .. و صعد مهاب و شاركهم رقصتهم بفرحة .

فى شقة رأفة .. لم تهدأ الفتيات و لم ينتهى رقصهم و ليال فى قمة سعادتها و فرحتها .. كانت رأفة تتطلع حولها براحة و هى ترى السعادة بوجوه الجميع و خصوصا حفيداتها .. لم تكن تريد من الدنيا شئ آخر فحمدت الله على هذه النعمة و شعورها بالوهن يتزايد و رفضت البوح كى لا تعكر صفو إحتفالهم .. إقتربت غزل من دنيا و قالت بمعاتبة :
- من ساعة ما جيتى يا دنيا و إنتى قاعدة فى جنب لواحدك .. ليه .
ردت دنيا بخجل :
- سامحينى يا ست غزل بس مش متعودة عالدوشة .
ربتت غزل على كتفها و قالت بحنو :
- معلش إستحملى النهاردة بس .. على فكرة إشتريتلك فستان يجنن علشان تلبسيه بكرة .. يارب يطلع مقاسك .
رفعت دنيا حاجبيها بدهشة و قالت بفرحة :
- فستان علشانى أنا .
أومأت غزل برأسها و قالت برقة :
- أيوة يا حبيبتى علشانك .. و قومى يالا إرقصى معايا .. يالا .
جذبتها غزل من ذراعها و حمستها للرقص معها .. حتى علت الإبتسامة على وجه هذه اليتيمة .. و التى قبلهم كانت وحيدة لمدة ستة أشهر ... و رقصت معها بفرحة إفتقدتها .


إنتهى اليوم بسعادة كبيرة .. و جلست الفتيات فى غرفة ليال .. إحتضنتها ميناس و قالت :
- أخيرا هتبقى معايا تانى يا لولو .. القصر هينور يا عروسة .
زمت غزل شفتيها و قالت بضيق :
- إنما أنا هتوحشينى قوى يا ليال .. مش عارفة هعمل إيه من غيرك .. لولا دنيا هتبقى معايا .. كنت هنطلكوا كل شوية .
إحتضنتها ليال و قالت بحب :
- و الله هتوحشينى قوى إنتى و تيتة .. خلى بالك منها يا غزل .
ملست غزل على ظهرها بحنان و قالت بمداعبة :
- ﻷ .. وصى دنيا علينا إحنا الإتنين .. دى هتبقى مسئولة عننا .
إبتسمت دنيا بصفاء و قالت شاكرة :
- مش عارفة أشكركم إزاى على إنكم بتحسسونى إنى مهمة عندكم .. ربنا بيحبنى إنى قابلتكم و الله .
و ذرفت دموعها بألم .. كففت غزل دموعها و قالت بضيق :
- لا بقولك إيه .. مافيش دموع تانى .. من هنا ورايح وشك الجميل ده يضحك و بس مفهوم .
إبتسمت دنيا و هى تكفف دموعها و قالت :
- مفهوم .. ربنا يسعدكم .
فسألتها ميناس بتعجب :
_ هو إنتى تعرفى فارس و رامى منين ؟!
إبتسمت دنيا بخفوت و قالت بإمتنان :
_ دول مهما شكرتهم هيبقى قليل عليهم ... لما أبويا مات .. زارونى و عزونى و أجرولى شقة و خلونى أشتغل فى المصنع و بقيت أصرف على نفسى بقالى ست شهور .
ربتت ليال على ذراعها و قالت بفضول :
_ ليه يا حبيبتى مالكيش أهل .
إبتسمت بطرف شفتيها و قالت بضيق :
_ ليا طبعا .. بس بعد العزا إختفوا .. و بدأت الأعزار .. اللى يقول أنا ولادى شباب و ما ينفعش تعيش معاهم .. واللى يقول أنا ظروفى على قدى .. و اللى قالت أنا عندى بنات و عوزاهم يتخطبوا و وجودى هيقطع عليهم .. كده .
هزوا جميعا رأسهم بتفهم ... رن هاتف ليال .. فوقفت مسرعة و ردت بسعادة :
- ألو .. أيوة يا رامى .
أجابها رامى بمداعبة :
- عمر رامى .. وحشتينى قوى .. إفتحى الشباك بسرعة هموت و أشوفك .. دى آخر مرة لينا .. و الله هتوحشنى وقفة الشباك دى قوى قوى .
تنحنحت ليال و قالت هامسة :
- مش هينفع البنات قاعدين معايا فى أوضتى .
فقال بغضب :
- و أنا مالى بالكلام ده .. أنا عاوز أشوفك و بس .
لاحظت غزل توتر ليال فجذبت منها الهاتف و قالت ساخرة :
- رامى .. أخبارك إيه يا عريس .
أجابها رامى بحنق :
- كويس يا غزل .. بقولك إيه ما تروحوا تناموا يالا و سيبوا ليال ترتاح شوية .
ضحكت غزل ضحكة عالية و قالت بعبث :
- ﻷ .. ما إحنا هنبات معاها فى الأوضة .. روح نام إنت و سبنا نرتاح.
رد بضيق و زفر بحدة قائلا :
- بقا كده يا غزل ماشى بس خليكى فاكرة إنك بتلعبى معايا و إنتى مش قدى .
زادت ضحكاتها و قالت بثقة :
- و لا ياكل معايا كلامك .. ده أنا معايا العوو يا إبنى .. عموما مش هينفع تشوف ليال ليلة فرحكم و إلا هيبقى فال وحش و الفرح يتفشكل يرضيك .
ضحك رامى ضحكة عالية و قال بسخرية :
- متأكدة إنك كنتى فى أمريكا عشرين سنة .. ده إنتى لو من السابتية مش هتتكلمى كده .
ضحكت غزل بسخرية و ضيق و قالت :
- ظريف يا عريس .. روح نام بقا و متتصلش تانى مفهوم .. تصبح على خير .
فقال بنبرة خافتة .. راجيا ما تبقى من رحمة بقلب غزل :
- طب بس إديها التليفون أسمع صوتها قبل ما أنام عالأقل .
ردت غزل بحزم :
- ﻷ .. علشان تفضل وحشاك لبكرة .. سلام بقا .
و أغلقت الهاتف .. ثم أغلقته نهائيا و قالت بضحكة شريرة :
- أنا متأكدة إنى لو قدامه دلوقتى هيدبحنى .
ضحكت الفتيات عليها .. و بعد دقائق إنطفأت الأضواء و ناموا جميعا بتعب.

فى الصباح إستعدت الفتيات و جائت إليهم سالى و والدتها و إنضمت إليهم مهجة و قد ملأن المنزل بالزغاريد .. و لكن كل هذا لم يكن كافى لإيقاظ غزل التى مازالت نائمة من التعب .. دخلت إليها سالى غرفتها و حاولت إيقاظها قائلة :
- قومى بقا يا كسلانة هانم .. النهاردة فرح .
ردت غزل و هى تضع الوسادة فوق رأسها بتذمر :
- بعد صلاة الجمعة إبقوا صحونى .
دلفت لها مهجة و جذبت الوسادة من فوق رأسها و قالت بتحذير :
- إنتى هتصحى و لا أحميكى بإزازة الماية دى .
ردت غزل بعصبية :
- لو مش خايفة على نفسك إعمليها يا مهجة .
إتسعت عينى مهجة من المفاجأة و أخذت تزغرد و تزغرد من فرحتها .. فصاحت بها غزل بغضب قائلة :
- روحى زغردى عند العروسة مش هنا يالا .
ضحكت مهجة ضحكتها الرنانة و قالت :
- ده أنا بزغرط من فرحتى إنك أخيرا إفتكرتى إسمى .
جلست غزل على الفراش و قالت بضيق :
- قمت خلاص .. إخرجوا بقا .
تركوها و خرجوا لينهمك كلا منهم بأشغاله .. و أرسل رامى إليهم طباخات لإعداد وجبة الغداء إليهم .. و أخريات للتنضيف .. كانت ليال فى حالة لا تحسد عليها من التوتر و الرعب و لازمت غرفتها .. فجلست معها غزل بمفردهما وهدأتها قائلة :
- مش فرحانة ليه يا لولو .. ده إنتى أخيرا هتبقى مع السمج اللى بتحبيه .
إبتسمت ليال على مزحتها و قالت بتوتر :
- خايفة قوى يا غزل .. لأ مرعوبة .
إحتضنت غزل كفها و قالت بإبتسامتها الهادئة :
- متخافيش هو للأسف بيحبك قوى .. و صدقينى هيقدر يسعدك بس عاوزاكى تبقى قوية لأنه لو قدر يسيطر عليكى أكتر بعد الجواز هتبقى زى ميناس بالظبط .. خلى ليكى شخصية و لو لمرة .. تمام .
أومأت ليال برأسها و قالت :
- المشكلة إن إمتحانى بعد جوازى بفترة قصيرة .
إحتضنت غزل وجهها بين راحتيها و قالت بتشجيع :
- أنا واثقة فيكى .. إنتى ماكنتيش بتضيعى وقت و ذاكرتى كويس الفترة اللى فاتت .. و دى آخر سنة ليكى .
تنهدت ليال مطولا و قالت برجاء :
- ربنا يوفقنى .. وأنجح زى كل سنة بتقدير .
تركتها غزل و وقفت و قالت بحزم :
- إن شاء الله يا حبيبتى .. قومى يالا خدى دش العروسة .. يالا .
تناولوا جميعا وجبة الغداء و إستعدت الفتيات للتوجه لمركز التجميل .. فتحت غزل باب الشقة و قالت :
- هنزل أنده للسواق ييجى ياخد الفساتين .
و هبطت الدرج وتوجهت صوب سيارة ميناس و حمزة .. حتى إبتسمت بمكر و أطلت برأسها من نافذة السيارة و قالت بهزل :
- بتعمل إيه هنا .. و فين السواق .
رد بصرامة :
- أنا اللى هوصلكم .. يالا بسرعة علشان ما تتأخروش .
ضحكت غزل ضحكة عالية و قالت بعند :
- ﻷ .. إنده للسواق و روح شوف اللى وراك مش عاوزين نعطلك يا عريس .
زفر رامى بضيق و قال بعصبية :
- يا بنتى إنتى طلعتيلى منين .. هو أنا جوز أمك و لا حاجة .
ردت ببرود :
- برضه مش هتشوفها غير و هى عروسة .
صك رامى أسنانه بغضب و قال بنبرة حازمة :
- مش عايز أحطك فى دماغى .. إخلصوا إنزلوا بقا .
عقدت غزل ذراعيها أمام صدرها و قالت بحنق :
- ﻷ .. و خلينا بقا هنا و الفرح يتأخر و إحتمال يبوظ .. براحتك .
ترجل رامى من السيارة وةصفع الباب ورائه .. و وقف قبالتها و قال و هو يضم كفه بقوة أمام وجهها مانعا نفسه من تحطيمها و تحويلها لأشلاء :
- أنا على أخرى منك .. بس هعديها النهاردة .
و تركها و إنصرف و هى منهارة من الضحك .. و بعد دقيقة ظهر السائق .. صعد معها و حمل فستان العروسة و فساتينهم و وضعهم بسيارة أخرى .. و ودعت ليال جدتها بدموعها و نزلوا جميعا و إستقلوا السيارة و توجهوا لمركز التجميل .


فى المساء إرتدى فارس بذلته التى إختارتها له غزل .. وقف يتأمل وسامته و يتخيلها عندما تراه بأناقته .. دخلت عليه والدته و هى تحمل المبخرة وأخذت تبخره و هى تتلو بعض من أيات الله لتحصينه من العين و لم تنسى رامى و حمزة و مهاب من تحصيناتها .. وقفت عاليا تعدل من وضع رابطة عنق زوجها .. الذى مال عليها و قبلها فى وجنتها و داعبها هامسا .. و هى فى عالم آخر من حزنها على حبها الأول و الأخير ... رغم محبة زوجها لها ..
إجتمعوا جميعا فى إنتظار خروج العريس .. فسبقه مهاب و قال مازحا :
- إستعدوا كلكم العريس هيخرج .
خرج رامى و ضربه على رأسه مازحا و قال بحنو :
- هتوحشنى لماضتك يا زميلى .
تفاوتت الأراء المبدية بجمال رامى و أناقته بين زغاريد و تصفيرات و همهمات .. إحتضنه صبرى و قال بحنو:
- مبروك يا إبنى .. يا رب أكون ما قصرتش معاك و كنت قد الأمانة .
إبتعد عنه رامى و قال بنظرات شكر و عرفان :
- لو كان أبويا عايش ماكانش هيعاملنى زيك يا عمى .. ربنا يخليك ليا.
إحتضنته زينب و قالت بدموعها :
- هتوحشنى قوى يا رامى .. مش عارفة هنام من غير ما أطمن عليك إزاى .
رد عليها و هو مستمتع بدفء حضنها :
- حبيبة قلبى يا ست الكل .. ربنا مايحرمنى من حنيتك يا أمى .
أجابته و هى تربت بكفها على ظهره :
- و لا يحرمنى منك يا حبيبى .
كانت عاليا تتأمل وسامته و تتمنى بداخلها لو كانت هى عروسه كما تمنت طوال عمرها منذ نعومة أظافرها .. و هو لم يشعر بها من قبل .. أشاحت بعينيها عنه و قد ملأها الحزن و الإحباط ..
صفق فارس بكفيه و قال بفرحة :
_ يالا يا جماعة كده هنتأخر .

أنتظرونى فى الفصل الخامس عشر ....

قراءة ممتعة ....


ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس