عرض مشاركة واحدة
قديم 30-10-19, 01:06 PM   #169

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 2

اصطفت السيارات أمام دار الدهاشنة الكبير وسط الحقول .. وخرج منهم رجال ضخام الهيئة يبدو عليهم شدة البأس .. فرفع حراس الدار بنادقهم في حالة دفاع .. بينما تكلم حسن في هاتفه وهو يقف مع أخويه وبعض شباب الدهاشنة في باحة البيت في حالة استنفار قائلا لأحد رجاله " أرسل لي مددا من الرجال والأسلحة .. أسرع "


خرج فارس من أحد السيارات وتقدم نحو البوابة ..فأشهر أحد شباب الدهاشنة السلاح في وجهه .. ليتقدم الشيمي يقف أمام فارس في اتجاه فوهة البندقية بتحدي بينما قال فارس بهدوء حازم" ارغب في مقابلة الحاج عبد الراضي الدهشان "
أشار عبد الراضي من الداخل لأحد الشباب فأتاح مجالا لفارس ليدخل بينما الباقون لايزالون يشهرون الأسلحة في وجه الرجال الآتين مع فارس.


دخل فارس يتبعه الشيمي فاعترضوا دخوله ليقول له فارس "ابق بالخارج يا شيمي"
ابتعد الأخير خطوتين في طاعة .. رغم نظرة القلق التي رمق بها فارس ليطمئنه الأخير ويدخل قائلا " السلام عليكم .. "
رد الحاج عبد الراضي "كيف سيكون سلاما وأنت تحاصرنا برجالك !"
قال فارس بصرامة" أنتم من بدأتم الحرب يا حاج ..ولديكم ما يخصني"
سأله الحاج عبد الراضي " من أنت؟"
تكلم فارس بثقة " أنا فارس سعد الدين .. وأخي يونس وصاحبه واختنا عهد في حوزتكم"
قال عبد الراضي بحزم " تكلم فيم يخصك فقط"


رد فارس بتحدي " ثلاثتهم يخصونني يا حاج .. فزياد وجدي وخطيبته اخوة لي"
أشار الحاج بعصاه لبعض المقاعد في الباحة " تفضل بالجلوس وسنحدد بالضبط ما يخصك وما يخصنا"
وقف فارس متخصرا طرفي سترته للخلف وقال " لن أجلس إلا بعد أن أراهم بعيني"
هم حسن بالرد بعصبية كعادته لكن الحاج عبد الراضي أشار بيده لأحد الشباب قائلا "أحضروهما ".


فتحرك فارس يخرج بطاقات العمل ويوزعهم على الواقفين بادئا بكبيرهم الذي تطلع في البطاقة متفحصا.. ليتدخل الحاج حسين محاولا تلطيف الأجواء .. خاصة بعد أن أدرك أن فارس من رجال الأعمال .. فحاول اقناعه للجلوس لكن الأخير أصر على الرفض ..


في الخارج ظل الوضع كما هو الشيمي بجوار البوابة متحفزا وأمامه الرجال المرافقين لفارس والواقفين في وضع استعداد لأي إشارة للهجوم بينما رجال الدهاشنة يرفعون أسلحتهم في وضع استعداد مماثل فأثار هذا المنظر فضول أهل البلد الذين تجمع بعضهم يشاهدون راغبين في معرفة ماذا يحدث في بيت أولاد دهشان .
بعد دقائق حضر رجلين ومعهما زياد الذي يتأبط ذراع يونس بإعياء وقد ارتدى سترة الأخير كما طلبوا منهما حتى لا يلتفت أحد للجرح الذي في ذراعه.


نظر يونس للشيمي الجاد الملامح وللمنظر المتحفز خارج بيت الدهاشنة فلاحت ابتسامة ساخرة من بين شفتيه وهمس للشيمي وهو يمر من أمامه يدخل بوابة البيت " أشعر بأني في لعبة قتالية على الانترنت"
لاح شبح ابتسامة على وجه الشيمي بينما دخل يونس وزياد لباحة البيت .


" هذا اخي "
أنه ذلك الشعور بالفخر الممزوج بالثقة هو ما يعتري يونس دوما حين يرى فارس أمامه في كل كارثة كان يقع فيها حين كان مراهقا .. وها هو قد كبر ونضج ودارت به الأيام ليجد نفسه في مشكلة جديدة ويجد فارس كما هو ظهره القوي ..


بينما تنفس فارس الصعداء حين رآه سالما .. فمنذ أن أتصل به صباحا ولم يستطع الوصول إليه بعدها كاد أن يموت من القلق من أن يتصرف هؤلاء الناس بأي طريقة قد تؤذيه قبل أن يصل إليه .. حتى أنه حين أخبره عاصم بمعرفته لمدير الأمن في المنطقة وأنه سيتصل به لتسهيل مهمته لم يستطع انتظار مدير الأمن ليأتي معه بل أسرع بركوب السيارات التي تم الاتفاق عليها مسبقا بمجرد نزوله للمطار ليقطع المسافة بين البلدة المجاورة وبلدة الدهاشنة في سباق مع الزمن .


قال الحاج عبد الراضي" أخوك وصاحبه عندك فعلمهما ألا يقتحما بيوت الناس في وقت متأخر من الليل وبدون استئذان "
تكلم يونس معترضا "نحن لم نقتحم بيتكم إلا حين بدأتم أنتم بالتعدي على خطيبة صاحبي وخطفها"
أشار الحاج عبد الراضي للجميع بالدخول لمجلس الرجال بعد أن نبهه أحد أبنائه أن أهل البلدة قد تجمعوا لمحاولة فهم ما يحدث .. فأطاعه الجميع متوجهين نحو الداخل .
××××


بعد دقائق
دخل أحد أبناء الحاج عبد الراضي يميل عليه يزف إليه الخبر من الحاجة نعمة .. فأغمض الحاج عينيه في راحة بينما تعلقت أنظار أخويه به قلقا ليأمر الحاج ابنه بالانصراف ويرد على تساؤل أخويه الصامت بحركة مختلسة من يده يقبل ظاهرها وباطنها ..ليتنفس الحاج حسين الصعداء .. وتضيق عيني الحاج حسن مفكرا في احتمالية فوزه في المعركة الدائرة .
تكلم فارس وهو يجلس أمام الدهاشنة "زياد من حقه أن يعرف لماذا أخذتم خطيبته"
سأله الحاج عبد الراضي "وممن خطبها لتصبح خطيبته"
رد زياد منفعلا" خطبتها من أمها ولم أجدكم حتى أخطبها منكم .. هي نفسها لم تكن تعرف أين عنوانكم بالتفصيل"


انخرس الحاج عبد الراضي شاعرا بالحرج ..فتكلم الحاج حسن يقول بعنجهية "وها انتم عرفتمونا .. وليس لدينا بنات للزواج .. عهد ستتزوج من ابن عمها لملوم"
صاح زياد معترضا" كيف !!.. لقد خطبتها وهي وافقت!!"


تكلم فارس بهدوء قائلا "يا حاج عبد الراضي أنتم أهل أصول ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه .. لو كنا نعرف مكانكم لما تأخرنا أبدا فمعرفتكم ومصاهرتكم شرف لنا .. ( وربت على فخذ زياد الجالس بجانبه )زياد أخ لي كيونس وأعرفه منذ أن كان مراهقا .. وعهد ابنتكم مثال للفتاة المحترمة "


تكلم زياد بضيق مقاطعا "أسف يا فارس لكن هناك كلمتين في حلقي أريد قولهما لأن ما سمعته حين حضرت ليلة أمس من هذا الرجل كان صادما ( وأشار على الحاج حسن ليكمل ) لقد طعن في سلوكها واتهمنا واتهمها بالوقاحة وهذا كلام لن أمرره أبدا .. فإن كنتم لا تعرفون عن ابنتكم شيئا فنحن نعرف ".


تدخل يونس يقول بهدوء" ابنتكم ذهبت للدراسة بالخارج والتقينا على الطائرة بالصدفة .. وكانت مثال للفتاة التي يفخر بها أي بيت وعادت تحمل رسالة الماجستير في إدارة الأعمال .. وتعمل لدينا بشهادتها وأثبتت أنها مثال للموظفة الناجحة .. أنا ابن بلد مثلكم هل تعتقد بأني سآتي هنا أنا وصاحبي نضع حياتنا في خطر من أجل فتاة رخيصة !!"


قال زياد منفعلا والألم في ذراعه يشتد " وهل تعتقد بأني سآتي معرضا نفسي للخطر من أجل فتاة رخيصة .. أنا اسمي زياد رأفت وجدي أبي كان وزيرا سابقا .. هل تعتقد أني قد أقترن بفتاة لا تليق بمكانة عائلتي !"


قال الحاج حسين محاولا تهدئة الوضع" ما حدث ليلة أمس كان كارثيا ومخزيا وانفلتت أعصابنا جميعا (وحدج أخوه حسن بنظرة غيظ وهو يقول ) جاءتنا معلومة خاطئة فارت لها الدماء في عروقنا "
هتف زياد بغضب" إن جاءكم فاسق بنبأ...يا حاج حسين"


شعر حسين بالحرج ونظر لأخيه عبد الراضي المتابع في صمت فرد الحاج حسن بإصرار" كما قلنا .. هذه ابنتنا ونحن من سنقرر من ستتزوج ( وتوجه لفارس يقول) اخوك وصاحبه عندك فاصرف رجالك من هنا وانصرف ولا تتدخل فيما يخص عهد ..."
شعر الحاج عبد الراضي بالحرج من طريقة أخيه المستفزة بينما قال زياد بعند " وأنا لن أتحرك بدون أن أراها وأسمع منها بأنها ترفض الزواج مني "


فقال فارس "وأنا لن أتحرك لا أنا ولا رجالي إلا وزياد معي"
هدر الحاج عبد الراضي بعصبية" هل تريدونها حربا!"
قبل أن يرد أحد سمعت أصوات سيارات الشرطة تقترب جعلت الجميع يتساءلون .. فاقترب الحاج حسين من النافذة يتطلع منها بفضول ويرى أحد الرجال ينزل من سيارة خاصة تابعة لوزارة الداخلية فصاح متفاجئا" اللواء شكري الجهيني مدير الأمن !!"


بعد دقيقة كان الحاج حسين والحاج حسن في استقبال اللواء شكري بينما الأسلحة التي كانت مشهرة في وجوه أتباع فارس قد نكست .. ليجدا فارس خلفهما يعرف نفسه " فارس سعد الدين سعدنا بتشريف سيادتك"


صاح اللواء شكري مهللا "أهلا فارس بك .. عاصم السيوفي اتصل بي .. وحميد بك أيضا وعدد من رجال الأعمال .. ماذا حدث يا رجل لكل هذا كان يكفي أن تأتيني بنفسك فارس بك وتخبرني بأنك صهر عاصم السيوفي ولن أردك خائبا أبدا "


شعر الحاج حسن بالغيظ بينما قال فارس مرحبا " الأمر كان عاجلا فلم استطع أن أمر على سيادتك وكنت أعلم بأنك لن تحرمنا من تشريفك"
قال الحاج حسين "تفضل سيادة اللواء أنرت دار الدهاشنة"
قال اللواء وهو يدخل من البوابة" أريدك بعد أن ننتهي من الزيارة يا حاج حسين لنتحدث في بعض الأمور الأمنية التي تخص البلدة"




في الخارج ازداد الفضول عند أهل البلدة .. فالموضوع وصل لزيارة من مدير أمن المنطقة شخصيا .. وحاولوا استدراج أفراد عائلة الدهشان .. لكنهم راوغوا في الإجابة لحين ورودهم تعليمات من كبيرهم .


في قاعة المجلس تكلم اللواء شكري مستفسرا "ما المشكلة بالضبط ؟.. سمعت عن حبس شابين وخطف فتاة وأمور غريبة يا حاج عبد الراضي لم أصدقها .. فأنا أعرف أنك رجل حكيم ولك كلمتك ولن تسمح بتلك الأمور أبدا"
قال الحاج عبد الراضي في صلابة" الأمر كان سوء تفاهم لقد أرسلنا لإحضار ابنتنا بعد عودتها من الدراسة في الخارج .. فظن هاذان الشابان أننا اختطفناها وجاءا يقتحمان دارنا بعد منتصف الليل"


هم يونس وزياد بالرد بانفعال فأشار لهما فارس ألا يكذِّبوا الرجل الكبير مدركا حرج موقفه فقال معقبا "كما قلت لك يا حاج عبد الراضي خطيبها ( وشدد على الكلمة ) فهم ما حدث بالخطأ خاصة حين لم يستطع الاتصال بها لهذا كان لابد أن يأتي مفزوعا"


رد الحاج حسن بعناد "قلنا لسنا موافقون على هذه الخطبة التي لم تتم في حضورنا"
رد عليه فارس بإصرار " لا بأس ..نحن نطلبها منكم الآن وفورا ولن نغادر إلا وهي زوجة لزياد"
ساد الصمت المشحون وشعر مدير الامن بتوتر الجو فتدخل يقول " الحقيقة أنا لا أفهم لماذا ترفضون زواج ابنة اخيكم من زياد وجدي ؟.. إن والده وزير سابق ( وتوجه بالحديث لزياد قائلا بسعادة لا تتناسب مع الموقف المحتدم بين الطرفين ) أنا تقابلت اكثر من مرة مع والدك حين كان وزيرا أرجوك ابلغه سلامي "


أومأ زياد برأسه بلباقة بينما قال الحاج عبد الراضي "ولماذا لم يأتي والدك لطلبها مني"
تكلم زياد بهدوء "والداي يعيشان خارج البلاد ولا اعتقد أن صحة والدتي ستحتمل ركوب الطائرة حاليا ..لهذا أنا هنا أطلب يدها منكم ومعي فارس سعد الدين انه في مقام أخي الكبير"
تحدث مدير الأمن مؤكدا "وأنا أيضا معه يا حاج"


صمت الحاج قليلا يفكر بينما شعر حسن الدهشان بأن كل خططه توشك على أن تذهب أدراج الرياح ..فقال الحاج عبد الراضي بعد فترة من الصمت" مجيئك يا سيادة اللواء ومجيئ فارس بك شرف لنا ..وبالتأكيد مصاهرة شخصية كرأفت وجدي شرف كبير لكني سأسأل ابنة أخي للمرة الأخيرة لأتأكد من رأيها "
قال فارس بإصرار "ونحن منتظرون ردك هنا يا حاج عبد الراضي"
شعر الحاج بأنه محاصر فاستقام واقفا يستند على عصاه وترك الجلسة .


بعد قليل دخلت عهد متماسكة إلى غرفة عمها عبد الراضي وكلمات الحاجة نعمة في رأسها " كوني هادئة ولا تهيني شيبة الرجل الكبير حتى لا يعند معك فالحاج أن عاند في شيء لن يثنيه حتى عزرائيل على أن يترك ما يريد "
اقتربت عهد وضربات قلبها تصم أذنيها فقال الحاج دون أن يرفع نظراته نحوها "هل هذا الشاب خطيبك؟"


لم يكن لديها فرصة للنجاة سوى بالكذب وبالرغم من أنها لم تكن تعلم أيهما .. لكنها كانت تعلم أن هذه الكذبة لإخراجها من المكان فقالت بحشرجة "أجل"


رفع ناظريه إليها يقول بهدوء" أنا لا أملك حق تعنيفك على أنك اخترتيه دون الرجوع إلينا لأني أعترف بأني قصرت في حقك .. التهيت بمشاغل الدنيا واطمأننت لوجودك مع والدتك"
غامت عينا عهد وقد ألح عليها ذلك الشعور باليتم الذي يسكن فيها .. بينما أضاف الحاج موبخا "لكني لم احاسبك بعد على سفرك وحدك مع الشباب حتى لو كان للدراسة ولا على السكن بمفردك .. كيف تسكن فتاة وحدها وتعرض نفسها للقيل والقال؟!"


أرادت عهد أن تبوح بكل شيء .. وخاصة عن عبود لكنها شعرت بأنها قد نالت ما يكفي من المشاعر المرهقة للروح والبدن ..ولم ترغب في تعقيد وضعها أكثر من تعقيده .. أو أن يعرف زياد ويونس عن عبود .. تشعر بالحرج الشديد من ذلك .. فقالت باختصار " لم اشعر بالراحة مع زوج أمي وكنا كثيري الشجار ولم يكن لي مكانا في بيته"


قال موبخا رغم اعترافه بالتقصير "إن كنا قد التهينا عنك .. كنتِ بحثت أنت عنا وأتيت إلينا .. هل كنا سنطردك إن لجأت إلينا؟!! .. أنت متعلمة وحاصلة على شهادة عليا من الخارج لن يصعب عليك البحث عنا وإيجادنا"
غمغمت عهد بصوت يخنقه البكاء" لم أعرف إن كنتم تريدوني أم لا"
تنحنح الحاج عبد الراضي يداري شعورا بالشفقة واللين في قلبه نحوها .. بينما طرق الحاج حسين الباب ودخل يتبعه اخاه الذي حدج عهد بنظرة ممتعضة .. فاشتعلت عيناها بالغضب ووقفت أمامه بذقن مرفوع بتحدي تداري ارتجافها الداخلي.


قال الحاج حسين " هل تعلم ماذا يدور بالخارج يا حاج ؟ .. الناس متجمهرون يتملكهم الفضول لمعرفة ماذا يحدث عندنا.. وسبب زيارة مدير الأمن لنا شخصيا .. وذلك ابن الوزير يصر على أن يعقد قرانه عليها الليلة ويعود بها للعاصمة"
"ابن الوزير !!!"


أغمضت عهد عينيها وهي تسمع العبارة التي دغدغتها رغم ادراكها بأن كل ما يحدث منه أو من يونس هو فقط لإخراجها من هنا .. لكن رغما عنها لم تستطع ألا أن تتأثر بكون زياد هو من طلبها .. دوما هو شهم ذا اخلاق عالية.


أكمل الحاج حسين "وحاولنا اقناعه بأن يذهبوا ويعودوا فيما بعد لكنه مصر على ذلك ويؤيده مدير الأمن .. وأشعر بأن سيادة اللواء يستشعر شيئا غير طبيعيا في الجلسة أنا أعرفه جيدا يجلس بهدوء لكنه ماكر كالثعلب .. وبصراحة أخشى أن ينفلت لسان ابن الوزير ويخبره بأنه قد تعرض لإطلاق الرصاص "


مط الحاج حسن شفتيه بامتعاض قائلا" أرى أنك تعظم الأمر .. أستطيع أن احضر الكثير من الشهود بأني كنت في حالة دفاع عن النفس "
رد الحاج حسين بعصبية " اثارة الأمر نفسه وتدخل الشرطة فيه سينشر الشائعات في البلدة .. لقد أصبح كل شيء مرهونا بهذه الزيجة يا حسن فهل سترد طلب مدير الأمن ؟.. وان رفضت الطلب ماذا ستخبر الناس المتجمهرون بالخارج؟ كان آتيا ليخطب ابنتنا منا أمر غير مقنع"
نظر الحاج عبد الراضي لعهد يسألها "هل توافقين على هذا الكلام ؟.. أن نعقد قرانك عليه الليلة وتعودي معه للعاصمة"


عقد قران !!
لم تحسب أن الأمر سيصل لذلك .. لكن إن كان هذا ما سيخرجها من هنا ستفعل أي شيء فقالت بسرعة "أجل أوافق"
مط حسن شفتيه شاعرا بالعجز أمام تعقد الموقف بينما أشار الحاج عبد الراضي لعهد بأن تخرج قائلا بلهجة صارمة "عودي للغرفة التي أتيت منها ..ولو تحركت خطوة واحدة لمكان آخر .. أو تحدثت مع أحد حتى آذن لك ..سأفرغ المسدس فيكِ بدون أي اعتبار لأي أحد بالخارج .. اذهبي وانتظري مني خبر"


لم تشعر عهد بالراحة لكلامه لكنها أطاعت بهدوء وتحركت مغادرة لتعرف إلى أين سيصل الأمر بالضبط .. ليقول الحاج حسين "أنا أرى أن الشيء الوحيد الذي سيبدو مقنعا أمام أهل البلدة هو أن يكون مدير الأمن موجودا لحضور عقد قران ابنة أخينا .. ودعونا نفكر بهدوء .. الفتاة ليست معتادة على حياتنا .. وعاشت في العاصمة طيلة عمرها .. وابسط تعويض نقدمه لها هو أن نزوجها ممن اختارت .. وسنكون وقتها مطمئنون عليها .. كما أن هذه المصاهرة تشرفنا أمام أهل البلد ابن وزير سابق .. ومدير الأمن ورجل أعمال شهير حاضران كل هذا سيرفع رؤوسنا أمامهم"


تكلم الحاج حسن بقرف وهو يغادر" لا تفكر إلا في مصلحتك وفي الانتخابات ومنصبك البرلماني فقط .. عموما افرحا بمهرجان المصاهرة هذا .. وسأثبت لكما يوما أنها مجرد تمثيلية بينها وبين الشابين لإخراجها من هنا لتعود وتعيش وحدها"
وخرج صافعا الباب خلفه.. فضرب الحاج حسين كفا بكف متمتما بتعجب "لا حول ولا قوة الا بالله"
ثم نظر لأخيه الواجم ينتظر رأيه فقال الأخير بعد تفكير .. "لا مفر أمامنا إلا الموافقة ..لكن سنطلب منهم تأجيل عقد القران للغد ..فعلينا أن نظهر بمظهر يليق بنا .. وأتمنى أن نكون قد فعلنا الصواب من أجل الفتاة"
××××



بعد ساعتين :


وقف فارس في باحة دار الدهاشنة يقوم بعدة اتصالات تخص عقد القران الذي تم الاتفاق عليه بأن يكون بعد صلاة العصر في اليوم التالي مما سيجبرهم للمبيت في البلدة ..فوضع أمامه الكثير من المتطلبات للانتهاء من هذا الأمر بشكل لائق لا يترك غضاضة بين الطرفين .. وذلك بعد أن غادر مدير الأمن واعدا بالعودة لحضور مراسم عقد القران غدا ..


بعد أن أجرى فارس عدة اتصالات هامة طلب كارمن في عجالة منشغلا بما ينتظره من مهام فانتفضت واقفة حين ظهر اسمه على الهاتف بينما تطلعت فيها العيون القلقة في غرفة المعيشة .. أسرعت ترد بصوت خرج متأثرا دون أن تدري " فارس أين أنت؟ "


لم ينتبه فارس لصوتها وقال بلهجة عملية متعجلا "كارمن أريدك في مهمة عاجلة"
سألته بإلحاح" هل أنت بخير يا فارس طمئني أولا"
عقد حاجبيه مستوعبا ورد" أنا بخير ماذا حدث؟"
قالت بصوت مبحوح أشعل النار في أعصابه رغم انشغال ذهنه " أنت لا ترد على هاتفك منذ الصباح و .. ( وتذكرت عدم معرفة الحاجة بما أخبرها به والدها فهمست تقول ) ويونس هاتفه مغلق ونحن هنا جميعا متوترون وبباه اخبرنا بالمشكلة التي تواجه يونس "
أدرك فارس أنه نسي أمرهم فقال "مطمئنا" أنا بخير الحمد لله "
حاولت فريدة أن تأخذ منها الهاتف لكن كارمن ابتعدت بشعور بالتملك انتباها و..
بعض الغيرة ..
بينما هتفت فريدة بصوت عال" حمدا لله على سلامتك يا أبيه (وقالت لكارمن) أرجوك اسأليه عن يونس "


سألته كارمن" طمئننا على يونس "
رد فارس بسرعة " انه بخير .. اسمعيني"
زفت كارمن الخبر للحاجة "يونس بخير "
تمتمت فريدة بالحمد لله بينما صاحت الحاجة نفيسة "هل هو متأكد بأنه بخير لماذا لم يتصل بي "
فقالت كارمن مشفقة عليها "والدتك تريد أن تطمئن عليكما "


أخذت الحاجة نفيسة الهاتف تقول "طمئنني على يونس يا فارس فقلبي مشغول عليه"
قال بسرعة "اطمئني يا أمي ابنك بخير (واستدار حوله يبحث عنه فلم يجده فقال )سأجعل هذا الجحش يتصل بك بنفسه لقد وقع هاتفه وانكسرت شاشته"
تمتمت الحاجة بالحمد وقالت" ما الموضوع يا فارس؟"


قال فارس بسرعة "الموضوع يخص عهد وزياد ويونس كان يساعدهما .. نحن في بلدة عهد الآن.. وسأضطر للمبيت الليلة أنا ويونس .. في المساء سأتصل بك وأحكي لك الأمر بالتفصيل المهم اعطي الهاتف لكارمن من فضلك "
أخذت كارمن الهاتف بينما جلست فريدة بجوار الحاجة تحاول استجوابها عما أخبرها به فقال فارس" اسمعي يا كارمن أريد أن تشتري فستانا للزفاف "


اتسعت عيناها وتمتمت "نعم !"
فأكمل فارس "وأريد حلة رسمية من حلاتي وحلة ليونس وأخرى لزياد .."
هتفت كارمن بعدم استيعاب" فستان زفاف !!!.. لمن ؟.. ولمَ تريد حلة رسمية لك وليونس وزياد ؟؟"
استدارت فريدة وقد هربت الدماء من وجهها وتوقفت عن التنفس وهي تستمع لما ستقوله كارمن بانتباه غير قادرة على الحركة بينما قال فارس " فستان زفاف لعهد .."
سألته بغباء "من عهد؟؟"


جحظت عينا فريدة وجف حلقها .. فطالعتها الحاجة بقلق بينما رد فارس "عهد صديقة يونس .. اسألي فريدة عنها ستخبرك بمقاساتها .. أما حلة زياد فأريدها حلة عريس أعتقد أنه نفس مقاس يونس "
سألته كارمن بغباء "من سيتزوج من عهد؟؟؟ "
قال فارس بقلة صبر "يا كارمن ركزي معي قلت حلة زياد أريدها حلة عريس فمن في رأيك يكون العريس ؟"


قالت مستدركة " حسنا ولكن هل من الممكن أن أفهم ماذا يحدث ؟"
قال بسرعة" سأتصل بك مرة أخرى وأطلعك على التفاصيل المهم أن تلك الأشياء أريدها أن تأتيني صباح الغد بالبريد السريع لأقرب نقطة من العنوان الذي سأعطيه لك وبلغيني حين ترسلينها وأنا سأبعث شخص لإحضارها من شركة الشحن "


قالت بإحباط "هل ستبيت خارج البيت؟"
رد بلهجة عملية "أجل .. كما قلت لك أريد تلك الأشياء أن تكون عندي صباح الغد سأعطيك العنوان ومن الممكن أن تستعيني بسكرتيرتي لإرسالها لي بأسرع وقت فهي بارعة في هذه الأمور"
أسندت يدها على خصرها وردت بضيق" ريتا ؟؟"
تسمر فارس لوهلة يحاول الاستيعاب ثم قال "ريتا شريكتي يا كارمن أنا اتحدث عن سكرتيرتي ما بك اليوم ؟!"
ردت بكبرياء مدافعة " أستطيع أن ارسلها لك يا فارس أنا لست صغيرة "


دخلت خضرة تقول بلهجة مرحبة" أهلا وسهلا خطوة عزيزة (وقالت للحاجة ) الأستاذة رفيدة يا حاجة"
قالت الحاجة مرحبة" تعالي يا ابنتي تفضلي "
بينما ظلت فريدة تتابع الحديث في الهاتف فقالت رفيدة بحرج " أعتذر على التطفل لكني .. لكني شعرت بالقلق حين سمعت بموضوع عدم استطاعتكم للتواصل مع فارس بك واستاذ يونس ( وابتلعت الاسم الثالث وأكملت ) فجئت لأطمئن عليهما "


ردت الحاجة مطمئنة " حمدا لله يا بنيتي .. رد فارس علينا أخيرا ومعه يونس ويبدو انهما خارج العاصمة .. تعالي تفضلي "
شعرت رفيدة بالراحة فما سمعته منهم ظهر اليوم أنهم سافروا من أجل حل مشكلة ما أشعرها بالقلق الحقيقي على الشيمي .. وها هي الآن تتسع ابتسامتها بسعادة وتتمتم بالحمد والشكر لله بعد أن أطمأنت.. بينما انهى فارس المكالمة قائلا " اذهبي أنت وفريدة لشراء الفستان سلام "


أغلق الهاتف .. فرفعت كارمن حاجبيها تتطلع فيه بتعجب بينما ظلت فريدة تحدق فيها غير قادرة على سؤالها .. فتدخلت الحاجة تقول بسرعة "فهمنا أن الفستان لعهد من العريس ؟"
انتبهت كارمن وردت بهدوء "زياد .. العريس هو زياد "


فأغمضت فريدة عينيها وتنفست الصعداء تحمد ربها.


××××


مساء الثلاثاء


في خلال ساعات قليلة تحولت الباحة في بيت الدهاشنة لمقر استقبال المهنئين بعد أن تم إعلان أن ابنة وحيد الدهشان التي تعيش في العاصمة قد جاءت ليعقد قرانها في بيت الدهاشنة .. محددين الليلة لتلقي التهاني واليوم التالي لعقد القران في المسجد بعدها يعود العروسين للعاصمة.


وقف فارس الذي لم يستريح لحظة منذ أن توصلا لاتفاق على عقد القران يشرف على الذبائح التي أوصى عليها بأن تذبح لأهل البلدة كرامة للدهاشنة في محاولة لكسب ودهم ولإعلاء شأن زياد الذي وقف بجانبه يتحمل ألم ذراعه الذي يزداد حتى بعد أن أتوا له بطبيب .. وقد تملكه التأثر والحرج من فارس لما يفعله من أجله فقال بامتنان "أنا شاكر لما فعلته وتفعله من أجلي يا فارس .. ولا أعرف كيف كنت سأتصرف بدونك .. لكن أرجوك كل ما ستصرفه هنا عليك بإخباري به فأنا العريس وعلي أن أفعل هذا بدلا منك لكني لا أعرف عاداتهم "
ربت فارس على كتفه يقول بمحبة " أنت مثل يونس يا زياد .. ووالدك له فضل عليّ .. وأنا لا أنسى أصحاب الفضل أبدا"


قال زياد بتأثر " بل أنت من بدأ بالأفضال يا فارس ألا تذكر؟"
قال فارس بمحبة خالصة " كبرت يا زياد وستتزوج"
أمسك زياد بذراعه المتألم وقال " العقبى ليونس .. وأتمنى أن يتزوج ممن تملك قلبه .. أعرف بأنك ستنفض عنك الصدمة قريبا"
ربت فارس على كتفه قائلا بحرج "إن شاء الله"
في داخل البيت تجمع النسوة يطبلن ويرقصن احتفالا بالأستاذة بنت الدهاشنة كما لقبوها .. فجلست عهد تحدق فيهم بذهول واستغراب وكأن ذلك الاحتفال يخص شخصا آخر .. شاردة فيما يحدث .. تتمنى لو تستطيع التواصل مع أي منهم وخاصة زياد لتخبره بأنها تعرف بما يفعلونه من أجل إخراجها .. وتخبره بأنها لن تورطه معها .. ولن تضغط عليه .. ستسافر للخارج وتريح الجميع منها ..


تسلل إليها شعور بالذنب نحو عائلتها التي لم تعرفهم سوى من ساعات قليلة حين اعترفت بأنها تكذب عليهم .. لكنها بررت لنفسها بأنها لم تكن لتفعل ذلك إلا مضطرة.. فلا تتخيل أنها ستستطيع البقاء هنا خاصة وذلك العم الذي يصر على تزويجها كزوجة ثانية لأبنه .


تطلعت في الحاضرات واستقرت أنظارها على وردة التي علمت منذ قليل أنها زوجة ابن عمها حسن .. والتي لم تتوقف عن الرقص منذ أن بدأ الاحتفال بالرغم من انتفاخ بطنها تشع السعادة من ملامحها وكأنها هي العروس .. بينما الحاجة فتنة تجلس مكمودة ممتعضة تمط شفتيها بقرف متوعدة زوجة ابنها .


شعرت عهد بأنها تهلوس .. فما مرت به خلال الأربع وعشرون ساعة الماضية لم يكن هينا .. وستحتاج وقتا طويلا حتى تتوازن وتستوعب ما تعرضت له خلال تلك الساعات ..
كيف يمكن أن تنقلب دنيانا هكذا في لمح البصر .. فنجد انفسنا وقد انقلب عالمنا كله فجأة دون سابق انذار !..


حدقت في العباءة التي ترتديها والتي لا تعرف لمن تكون عباءة مطرزة لامعة .. بينما شعرها ترك مسدلا على ظهرها .. بعد أن جهزوها البنات وكأنها دمية فلم تشعر بأي شيء أما وجهها المنتفخ من أثر البكاء قد اضطروا لأن يكثروا من زينته ليخفين انتفاخه ..


في جلستها الصامتة الذاهلة حاولت استيعاب ما يحدث حولها بأنها في مثل هذا الوقت كانت تدخل بيتها مرهقة تفكر كيف ستصالح زياد .
و حاولت استيعاب أنهم يحتفلون الآن بليلة حنتها قبل ساعات من عقد قرانها على زياد .. وأنها ستحمل اسمه ولو لساعات أو لأيام ..
حاولت الاستيعاب بأن فارس ويونس لم يغادرا بدونها وأن زياد هددهم بأنه لن يتحرك إن لم يأخذها معه ..


حاولت استيعاب ما يفعله زياد .. وما فعله .. حاولت تصنيفه .. منطقته .. تفسيره ..
حاولت الاستيعاب .. لكن ما يحدث كان أكبر من اداركها.


فاستسلمت مؤقتا لما يحدث تحدق بنفس ملامح الذهول في المحيطين حتى شكت بعضهن في أنها غريبة الاطوار آملة أن تنتهي هذه الهلاوس سريعا وتعود لشقتها .. شقة زياد وجد..


وتنااااااام بملء جفنيها كما تفعل منذ أن سكنتها وحدها.


××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس