[طارق خلف]

جناح للنسر
انسابت دموعه قطرات لؤلؤ على وجنتيه المتوقدة من قسوة المفاجأة، اخفى رأسه بين راحتيه، انحنى على ركبتيه قبل أن يستوعب الموقف و
ينتفض، يغمر بقبلاته رجلا لا تسعفه قوته لتخطى هوة انزلق نحوها، مد يديه جسرا ينتشله ، أضاء بابتسامته شعلة فى عتمة انكساره، انفرجت عقدة بجبين الأب أحتضن ولده بيد واهنة، حانية ، ذاب جليد قلة الحيلة المتجمع كجبل فى أفقه المسكون بتحديات النهاية عقب صعوده أعلى قمة تمناها، دارت العجلة فى الاتجاه العكسى ، جال بخاطر الولد وجه أبيه المتورد ، نظارته ذات الماركة العالمية تخفى حدقة صقر واثق، تأمل أركان بيت عاشت الأسرة فى ظله أياما رائقة لم ينغص عليها سوى رنين الهاتف.
أغمض الأبن عينيه -فى زياراته المتباعدة- عن وهن تتابعت ركلاته لقوة مربيه، تسيد الشعر الأبيض رأسه، عرج طفيف لحق بساقه اليسرى، نقص وزن الرجل، صارت ملابسه تليق بسواه، صد الرجل هجمات المرض، قاوم الخضوع رغبة فى التشبث بموقع نال عليه التقدير تلو الإشادة حتى ادركه الخريف،
إرتد للخلف و ما زال على بلوغه التقاعد عقدا كاملا، اختنقت عصافير تزقزق فى صدره، شطرت سكاكين خلفه فطيرة انجازاته، إلتهمتها أفواه جائعة. سكن هاتفه، إلا من رسالة مسجلة تستحثه على مد جسور المودة مع صديق لتستمر الخدمة . بث شكواه لوحيده، داس الأبن على مائة دولار يتقاضاها يوميا فى غربته، حمله طائر الحنين ليشحن رصيد أب شارف على النفاد من بنك السعادة، فاض على أبيه بمشاعره فسرى نهر الحياه متدفقا بالأمل فى أورده يأسه و رفرف النسر القعيد بجناحيه متطلعا للتحليق فى سماء صافية.
طارق الصاوى خلف