عرض مشاركة واحدة
قديم 08-11-19, 02:00 AM   #113

bella snow

نجم روايتي وكاتبة في قصص من وحي الاعضاءوفراشة الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية bella snow

? العضوٌ??? » 348392
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 2,857
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » bella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

في الجامعة

"الوداع لا يعني دوما النهاية فبعض القصص تبدأ بعد أن تنتهي "


تجلس ماريا على أحد الكراسي في معزل عن البقية ، تنظر للكلمات التي على دفتر ملاحظاتها دون أن تستوعبها
كانت مشوشة العقل ،مجهدة النفس و قد أثقلتها المواجع فتتساءل ما خطبها ؟
لمَ عليها أن تكون مختلفة ؟
لماذا لا تكون كغيرها ؟ فتستعيد نفسها القديمة قبل ثمان سنوات ، حينما كانت مراهقة لا تخش شيئا .
أكلُّ تلك السنوات التي مضت لا تكفي ؟
أعليها دفع المزيد من عمرها ثمنا لتنتصر على آلامها و أسقامها ؟
لمست معصمها فوق سترتها و تنهدت تغمض عينيها بأسى ، فلا الوجع الذي تحمله انتهى و لا الذي تُحدثه هي بنفسها سينتهي ..تلك هي الحقيقة التي باتت تعانقها و تؤنس وحدة أيامها
كأنها خلقت إلى الوجع .
- ماريا .
انتفضت حينما رأت مصطفى يقف أمامها ، بهالة السيطرة التي تحيطه ، بوسامته ، و نظراته الغريبة نحوها ،فازدردت ريقها و نبضات قلبها تتخذ منعطفا صاخبا فتنقل رجفان فؤادها لأطرافها و أعلى معدتها
و لما ابتسم ،ابتسمت فصبغ الحياء بياضها
جلس دون إذن و لم تمانع
وضع كيسا مزينا بينهما فأبقت نظراتها عليه
في حين كان هو ضائعا في ملامحها و بستمها التي تجعل العالم حوله يُزهر و يبتهج
كانت جميلة بحزنها و وجعها
فتغازلها نظراته ، أنفاسه ، و كل خلية فيه تترنم على وقع ما يحمله لها من مشاعر مخيفة له و لها على حد سواء
استهل كلامه بلغته الانجليزية :
- أنا لن أسأل عن حالك ، و لا تستغربي ذلك مني ، فإن صرختِ بأنك بخير فستكونين كاذبة يا ماريا .
حدقت فيه باستغراب فتابع :
- دفتر مذكراتك كان معي ، و قد قرأته ...و ليتني ما فعلت .
تساؤلات كثيرة عكستها ملامح وجهها ، من حيرة و دهشة و استفسار ، و دون أن يسمع منها أي كلمة كان يتحدث :
- والدي كان مدمنا على الخمر ، كان كل ليلة يضربني و أمي ، و كنت حينها ضعيفا لا أستطيع الدفاع عنها ، في إحدى الليالي أخذ يضربها بشكل عنيف جدا حتى ظننتها ستموت، فلم يكن أمامي سوى ضربه بمزهرية ، بعد ذلك كنت و أمي في الشارع لا نملك شيئا ، هي عملت و تعبت ليلا و نهارا و حرصت على أن أتعلم ..آمنت بي و استطعت أن أبني شركتي من الصفر حتى صارت تساوي مئات الملايين من الدولارات .
تنهد بحزن ، فرغم مرور السنوات لا يزال صوت أنين و صرخات أمه يرن في مسامعه و خيالها يساوره كل ليلة
و قال بحزن :- حينما فقدتها إنهار كل ما حولي ، كانت كل عائلتي و لم يملأ الفراغ الذي تركته سوى زجاجة الخمر التي رافقتني في كل يوم طوال سنة كاملة .
راقب اتساع عينيها فأكمل :
- كدت أفقد كل شيء بسبب إدماني و أدركت أنني صرت نسخة أخرى عن الرجل الذي ظللت طول عمري أكرهه .
بعد صمت طويل أسمعته صوتها الندي الذي طربت له أذناه :- و كيف تعالجت؟
ابتسم :- دخلت إلى مركز معالجة ثم التقيت بصديق قديم عرفني على الإسلام ..وبعد سنة تغيرت حياتي ..و ها أنا أمامك .
- و لماذا اخترت اسم "مصطفى" ؟
اتسعت ابتسامته أكثر و أجاب :
- لأنني أشعر بأن الله اصطفاني لأتبّع هذا الدين .
- أنا سعيدة من أجلك .
-me too ,kotyonok
( و أنا كذلك ،يا قطة ) .
لما أبعدت عينيها عنه و انكمشت على نفسها أدرك غايتها في الهروب فلم يمنحها سبيلا لذلك و استطرد:
- ما بك من وجع لا يحتمله بشر ، فلا تكتميه داخلك ، لا تتهربي فهذا ما تفعلينه طوال سنواتك الماضية ، واجهي مخاوفكِ الآن قبل أن تواجهيها في وقت لاحق لأنكِ حتما ستفعلين .
سحب الدمع ظللت جفونها فنأت بعينيها عنه هامسة :
- توقف ، أرجوك .
صمت قليلا يحتوي ألمها بنظراته ، تمنى لو كان له القدرة على مد ذراعيه و احتواء ضعفها بين أضلعه التي تئن لحضن منها
لعله يخفف عنها و يشدد أزرها ، لعل ضيق صدره يمنحها حرية لتلتقط أنفاسها فما بها من سقم قد تفاقم و اعتلى حتى يكاد يخنقها
عيناه الزرقاوين عكستا اهتمامه و تعاطفه و هو يقول :
- لا يمكننا اختصار الحياة في سنوات عمرنا التي نقضيها ،فالحياة لها معنى أكبر من ذلك ، فلا تقاس بعدد و طول السنين بل بحجم اللحظات الصغيرة التي نعيشها ،بالناس الذين يحيطوننا ، بالأثر الذي نسعى لتركه خلفنا ، أحيانا الوجع يجعل رؤيتنا ضبابية فلا نكاد معها نفهم و لا نفسر أيا مما يحلّ علينا ،فنتعلق بالأشخاص و ننسى أنفسنا
ننتظر الإنقاذ من الغير و نخذل أنفسنا
تلعثمت سعيا منها للإتيان بأي كلام ..أي شيء ..فعجزت ، فما كان منه سوى أن يستأنف :
- هذه حياتك ، الوجع وجعك ، لا أحد سيفهمه أو يدرك حجمه لذا لا تنتظري أحدا ليمد لك يد العون فينتشلك من غرقك ..انهضي لوحدك ..حاربي ..حتى إن سقطت مجددا ..حتى و إن فشلت لمرات أُخر ..انهضي و حاولي و افشلي مجددا .. فقط لا تستسلمي .
غمغمت و الدمع يتسابق على خديها الناعمين :
- اصمت أرجوك ،يكفي هذا القدر.
لم يكن ليمنحها ما تسعى إليه ، يريدها قوية و سعيدة كما تستحق أن تكون ،فقال و قد غشى صوته الكثير من الحنان و الرقة :
- بجرحك لذاتك فإنك تضعين نفسك في ذات المرتبة مع المختل الذي عذّبك بأبشع الطرق ..هناك حلول أخرى غير الأذى .
هتفت بانفعال :- لا حل آخر ..لا يوجد حل ..
قال :- لا تنغلقي على نفسك ، لا تعزلي نفسك عن البقية ، لا تفكري بالمشكلة بل ركزي على الحل فما مضى قد مضى .
همست باكية:- أنا وحيدة وسط جموع الناس ، أشقائي يعاملونني كأنني سأنكسر في أية لحظة ، شعوري بالذل و بالانهزام هو ما يدفعني لجرح نفسي ، تلك الآلام التي أنالها هي المهدئ الوحيد لأسقامي .
كور قبضته يكتم انفعاله و يكبح نفسه من التهور ، فتقلقلت أحشاؤه ما أن نظرت إليه بكل برائتها ، بكل مآسيها و قالت :
- أتعلم يا ألكساندر ؟ أنا أرى انعكاسه في الجروح التي نسخني بها لهذا أدمغهم بأثري أنا لكي أمحوه من كل شيء حولي ، صرت بشعة و مشوهة بسببه .. و لا أحد سيفهمني .
همس لها بكل رقة :- أنت أجمل شيء قابلته في كل حياتي .
علقت الكلمات في حلقها و الدموع أثقلت نظراتها فأبقتها أرضا ، كانت كورقة هشة ترتجف ما أن يلامسها نسيم مداعب ، سهلة العطب و الكسر ، و هو لم يكن هناك ليداوي جراحها و لا ليلملم شتات روحها ،كان يبغي من اللقاء وداعا و هي التي تنتظر وعدا
فتح كيس الهدايا يخرج منه علبة مربعة الشكل قدمها لها لتفتحها ، ترددت للحظات ترفع أصابعها المرتجفة تمسح بها دموعها ثم تفتح بها العلبة فتشهق و ترتسم ابتسامتها على شفتيها ما أن ترى الكرة الزجاجية التي تتوسطها أشجار نحيفة عارية الأغصان تكسوها الثلوج التي تملأ المساحة الدائرة للكرة و يتوسطها كلب أبيض لطيف ..ضحكت فأشرق الكون حول مصطفى الذي همس :
-happy birthday ,kotyonok
(عيد ميلاد سعيد ، يا قطة ) .
عقدت حاجبيها باستفسار فأشار نحو الدفتر ،فهزت رأسها بفهم تشكره بهمس لا يكاد يسمع
لما يقارب العشر دقائق بقيا على صمتهما ، هي تمعن النظر في هديتها و هو يحفظ ملامحها و يودعها
بشق الأنفس أجبر قدميه على الوقوف ، فحدقت فيه من استطاعت اقتحام قلبه دون إذن و تساءلت :
- ستغادر ؟
أومأ فكررت السؤال :- ستعود ؟
- لا .
- لماذا ؟
انحنى حتى يكون قريبا منها و تكلم :
-الطريقة الوحيدة للتعامل مع رجال مثلي هي بالمواجهة، لا الهرب، لأنهم حتما سيطاردون ..و أنتِ يا ماريا حياتك مشوشة فلا أريد أن أزيدك اضطرابا ، هذا أفضل .
بظهر سبابته مسح دمعة تدلت على طرف ذقنها ثم قرب إصبعه نحو شفته يقبّله ،دافعا بوجهها إلى الاحمرار و دون إنذار و قف يوليها ظهره و يقول :
- الوداع يا ماريا .
رحل تاركا قلبه معها و بقيت هي ترتجف كأن روحها تنشق من جسدها
تلك كانت النهاية .. أو هكذا ظنّ .


يتبع...



التعديل الأخير تم بواسطة bella snow ; 08-11-19 الساعة 02:21 AM
bella snow غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس