عرض مشاركة واحدة
قديم 10-11-19, 09:53 PM   #190

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الخامس عشر

الفصل الخامس عشر:
- أنا مش موافق على زواجك من نور.
تغضنت الجباه و شُلَت الحناجر لتلك الكلمات.. قد أصبحوا على مقربة من واحة المنتهى .. منتهى سلسال الثأر.. و الآن يأتي هذا الغريب و يخبرهم بكل قسوة أن واحتهم تلك ما هي إلا سراب.. سراب تحسسوا طريقه بغيبوبة يسيرهم عطشهم لراحة الارتواء، تبادلوا فيما بينهم النظرات المستنكرة و خاصة جاسر الذي نظر للحاج عبدالعزيز بحاجب مرفوع كمن يقول ( ما هذا الهراء الذي أسمعه ؟!) كلهم يستنكرون ما عدا بطل القصة التي يبدو أنها ستُمزق أوراقها البيضاء قبل أن تكتب.. كان جامدا و قد تباطأت ضربات قلبه ليشعر بالخدر يسري بكامل جسده.. لا يعلم لما لا يغضب و يهدر هديره المعتاد.. لما لا يصدح بصوته و يخبر ذاك المتبجح بالقصة الصحيحة و التي لو علمها لعلم كم هو مغفل.. لكن ليس الخسارة ما توجعه بل هو لا يتوجع فالوجع ميعاده لم يحن بعد.. هو خائف.. بل فزع.. فزع من فكرة أنها لن تكون له.. تاه في هذه الفكرة البغيضة التي لا يجد لها تفسيرا فلتحل عليها اللعنة هي و أهلها و كل من يشد على يدها و هو لا يعلم لما و كيف دخلت حياته لتربكها و تجعل شغله الشاغل الحصول عليها كغنيمة حرب.. حرب طالت و لو كانت باردة في أغلبها لكنها تبقى حربا.. أرادها.. بكل جوارحه و كيانه أرادها.. يشعر أن الأرض قد توقفت عن الدوران بعد أن نحر نزار وريد القبول.. و مع ان مبتدأ القصة لم يكن لا بها و لا لها.. بل ابتدأت بكذبة حين انتقاها دون غيرها من فتيات العائلة لتفدي شباب العائلة و هو يراهن على رفضها.. صرح أنه باق على العهد القديم مع أهلها.. العهد الذي خرج من لسان جده ليكون كما طوق النار حول أعناقهم.. بلى كان كاذبا فهو كان ينتظر حتى يبتعد عمه عن تسيير أمور العائلة ليعلن وقتها ان العهد قد انتهى و السيف قد افترق عن غمده و سنت حوافه.. و ليس له مقصد سوى رأس أحد شبابهم ليكون فدوة لدم أبيه.. بذرة خبيثة زرعت في عقله و نفسه من يوم كان صغيرا.. و لم تمل والدته يوما من ترويتها.. لكن كل شيء اختلف ما أن التقاها في أرضه و أهدته صفعة أيقظته من سبات عمر بأكمله.. كأنه الأمير النائم و هي الأميرة الفارسة التي أيقظت الأمير الوسيم بصفعة !! تبا لقلبه الخائن الذي انتفض لحظتها بثورة على العقل ما أن أحاطته سحب سماء عيناها.. و الان ها هو يقف بين العقل و القلب متهدلا لا يعلم لمن ستكون الغلبة.. هو أعلن براءته من دم أبيه مقابل أن تكون هي له.. قد أكد لها أنها ستكون له و أنه سيعلمها الأدب و سيرد صفعتها كما يشتهي .. انتشت النفس لدى هذا الخاطر في حين يسخر القلب كأنما يقول ( من سيؤدب من يا ابن حرب ؟! ) .. خرج من أفكاره و هو يمسح وجهه بكفه لتقع أنظاره على سالم المتأهب على مقعده و هو يتهامس مع والده بكلمات لم يتبينها لكنها بدت له ساخطة.. استطاع حينها الحاج عبدالعزيز أن يهدأ من ثورة ابنه سالم الذي كان معارضا لتدخل نزار السافر في شؤونهم و شؤون نور و التي هي ابنتهم هم لكن الحاج عبدالعزيز زجره و أكد عليه التروي و ترك زمام الأمور له لتنتقل كلماته لنزار الذي كان يطالعهم بوجوم كأنما يعلم على ماذا يتهامسون:
- ليه اكده يا دكتور.. ده احنا قرينا الفاتحة خلاص ؟!! و تنساش انه البت رايداه و احنا أهلها ( شدد عليها ) راضيين و قلنالك انه احنا نضمنه غير اكده ما تنساش انه عمته هاتكون في بيتنا ( بإشارة ان المعاملة ستكون بالمثل ).
رسمت شفتا نزار خطا مستقيم غير راضٍ.. ثبت نظره على الحاج عبدالعزيز قائلا بتقرير :
- ما في داعي تذكرني يا حج إنه نور بنتكم هاد شيء مفروغ منه بس انا كمان الي نصيب فيها و يمكن أكثر منكوا.. البنت تربت ببيتي لمن كان ابوها ينشغل بشغله و قدام عيني كبرت و صارت عروس و أنا ما بنكر إنه الشب عجبني بس في عندي تحفظات بصراحة ما بقدر أغض الطرف عنها.. الشب حكى عن طباعه و ما كذب و انا حكيت انه بإذن الله لما يتزوج مرته هاتغير هاي الاطباع الحادة لكن ليش لتكون نور.. شو جابرنا انه نخليها تدخل بمعادلة يمكن تنحل معها و يمكن لاء ( ثم وجه أنظاره لسراج ) يا عمي يا سراج انت شب و النعم منك بس أنا بقولك اياها بكل صراحة انت عندك مشاكل داخلية ( استعاض بها عن نفسية ) و الحب يا ابني مش كفاية لازم يكون في توافق و انت باينك عصبي و هي عنيدة يعني بنتنا و عارفينها.. فاعذرني ...
و قبل أن يتسنى له إكمال عبارته قاطعه سراج بحدة لم يبتغيها:
- و انا مش هاقبل برفضك يا دكتور.. انا و نور عايزين بعض ( كاذب و هو يعلم لكنه يعلم أيضا انها لن تكذبه ) و أنا هاديك كلمة رجالة و شرف اني هاعاملها بما يرضي الله و مش هاجي عليها يوم.. و كلمتي دي تقدر تاخدها من الرقبة دي ( قالها و هو يضع كفه على رقبته ) و ان رفضت دلوقت هاطلبها تاني و تالت و في الاخر مش هاتكون غير ليا.
رفع نزار حاجبيه لجرأته و استبساله في السعي خلف مطلبه.. وضع كفه على فمه ليكور الكف على شكل قبضة استقرت فوق شفتيه.. تنهد بامتعاض قبل أن ينهض عن جلسته قائلا:
- أنا لازم أحكي مع نور.. من بعد إذنك يا حج عبدالعزيز طبعاً.
زفر الحاج عبدالعزيز أنفاسه بارتياح مؤمنا أن نور ستحل المعضلة ليقول برحابة صدر:
- توكل على الله يا دكتور عبال ما نقوم بواجب الضيافة.
ثم وجه حديثه لابنه سالم:
- روح ويا الدكتور يا سالم و اتأكد ان الطريق خالي و قولهم بالمرة يهموا بالضيافة.
استقام سالم عن جلسته بصمت لتسبق خطواته خطوات نزار إلى الداخل بينما نظرات الجميع تشيعهما بوجل و ترقب.
----------------------------
دخل الرجلان المنزل ليجدا الجدة و أحلام برفقة محمد يجلسون بصمت يرتشفون الشاي.. هللت الحاجة فتحية ما أن رأتهم و نهضت بتثاقل تتقدم نحوهم ليستبقها سالم و هو يهرول نحوها يعينها لتزجره و هي تبعد يده:
- ابعد اكده يا ولد لساتني بقوتي و لله الحمد.
ابتسم لها سالم بصفاء مؤمنا على قولها:
- أكيد يا اماي.. ربنا يديم عليكي الصحة يا ست الناس.
- الله يديم الصحة حجة.
كان الدعاء هذه المرة من فم نزار لتركز الحاجة فتحية بصرها عليه و تتساءل :
- طمني يا ولدي إيه قولك بالعريس؟
مطَ نزار شفتيه و هو يتنهد بقنوط يجيبها:
- و الله يا حجة الموضوع مش مرتاحله كثير مشان هيك بدي أحكي مع نور للمرة الأخيرة قبل ما نبت بالموضوع لاخر مرة.
أومأت الحاجة فتحية بتفهم و هي تلفت انتباهه لنقطة بحد ذاتها:
- يا ابني انت باينلك اكده مش عاوزها تتجوز من برات بلدها عشان ما تبعدش عن عينك.. و عشان اكده انت مش متقبل العريس.
ضحك نزار بخفوت يجيبها بحيرة:
- يمكن يا حجة.. يمكن.
نقل نظره لسالم كمن يحثه على المضي نحو حجرة نور ليلتقط سالم إشارته و يستأذن من والدته يتبعه نزار نحو نور.

وصلتهم أصوات ضحكات نور و رحمة ليعقد سالم جبينه بضيق قد بدا واضحا من طرقه العنيف على الباب مما أفزع الفتاتين.. تبادلت الفتاتان النظرات الحائرة قبل أن تصيح نور :
- مين؟
- أنا خالك سالم يا نور وياي عمك نزار.
أسرعت الفتاتان بلف حجابيهما على شعرهما و ما أن انتهيتا أقدمت نور على فتح الباب ليطالعها الرجلان يطلان عليها بهيبة خفق لها قلبها توجسا.. تسللت رحمة للخارج بينما دخل نزار لداخل الحجرة تتبعه نور بخطوات متمهلة.. قابلته في جلسته على الأريكة ليصمت قليلا كمن يوازن الحديث في رأسه قبل النطق به:
- يا بنتي هاسألك لاخر مرة.. هاد الشب انتي رايديته؟
رطبت نور شفتيها و ابتلعت ريقها بعسرة لتجيب سؤاله بسؤال:
- ليش عم بتعيد السؤال عمو؟ حضرتك ما ارتحتله؟
- شوفي يا بنتي بكون كذاب ان حكيت الشب ما عجبني.. لكنه عصبي و خلقه ضيق و اللي زي هيك صعب تقدري تتعاملي معهم.. صحيح قلبهم بيكون طيب لكن كثرة المشاكل هاتهد الود يا بنتي.
- ليش متوقع مشاكل عمو؟
حك نزار رأسه قبل أن يقول:
- لأنه يا بنتي هو عصبي و انتي عنيدة.. من دون زعل يعني.
ابتسمت بحب .. لكم تحبه و تقدره و كم تحمد ربها على وجوده في حياتها:
- اذا من هالناحية ما تقلق عمو.. ان شاء الله ما بيصير مشاكل و ناس كتير بيبينوا ملائكة بالاول و بعدين بتكتشف انهم استغفر الله.. فما تقلق.
ركز عيناه يزرعها بعيناها و هو يسأل السؤال الأخير الذي سيحسم الجدل:
- يعني متأكدة يا بنتي؟
أومأت له دون نطق ليتنهد قائلا:
- خيرا ان شاء الله.. اتكلنا على الله.
ثم ابتسم لها بفرح و هو يبارك:
- مبارك حبيبتي.. عقبال ما أشوفك بالفستان الأبيض و بعدها يا رب أشيل اولادك.
اصطبغت وجنتيها بحمرة الخجل و هي تتلقى مباركته.. أسبلت أهدابها تقول:
- الله يبارك فيك عمو.. عقبال عند الشباب يا رب.
اقترب منها نزار و قد أحنى رأسه يقول مؤكدا:
- شو ما صار معك يا نور اعرفي انه في الك بيت بتدفشي بابه برجلك و بتفوتي و انه في الك ظهر بتستندي عليه مهما صار و عمرك ما هاتسمعي مني كلمة لوم.
ترقرقت العبرات في عينيها تأثرا.. لكم تريد الغرق في أحضانه.. يا ليته كان عمها بحق.
خطى لخارج الحجرة بخطوات متأنية مخلفا نور و قد تساقطت دموعها راحة.. تلك الراحة التي خرجت من رحم كلماته.. قد أعطاها الدعم المطلق مهما حدث و صك غفران أبدي على أي ما كان و ما سوف يكون.
وصل نزار لأول السلالم ليتنحنح كي ينبه عن وجوده .. انتبه له سالم فتقدم نحو الدرج من الاسفل و أومئ بما معناه أن الطريق سالك.. ليحث نزار الخطى و من قبله سالم عائدان نحو تجمع الرجال.
جلس نزار و التجهم ما زال يسكن محياه.. هناك غصة لا يستطيع لفظها من جوفه.. لكنه أجبر نفسه و لسانه على ذلك:
- أنا بعرف إنكوا قرأتوا الفاتحة.. بس مش مشكلة بنقرأها مرة ثانية.
زفروا أنفاسا مرتاحة قبل ان يرفعوا أكفهم يقرأون فاتحة الكتاب.. و ما أن أنهوا مسحوا بأكفهم على وجوههم ليتبادلوا المباركات تارة أخرى.
كانت عيناه تلمع بظفر.. هذه أكبر عقبة و قد تجاوزها ( ابتسم بعبث و هو يفكر ) أن قد يخيل للغريب أنها تسعى لهذا الزواج أكثر منه بإصرارها على الموافقة بالرغم من كل التنبيهات، نفض رأسه من أفكاره و هو ينخرط بالاحاديث مع الجالسين.. حانت منه التفاتة نحو نزار ليجده يتهامس مع الرجل الآخر و الذي علم أن أسمه أحمد.. قطب بحيرة فحديثهما قد بدا جديا و بالتالي له الحق أن يرتاب.
- مش عارف.. أنا مش مرتاح يا نزار.. أنا سبتك تتكلم وحدك يعني قلت أنت ليك فيها اكتر مني بس برضه مش مرتاح.
ربت نزار على كتف أحمد بتفهم و عيناه يكتنفهما الغموض:
- معلش.. أنا كمان ما بخفيك قلبي مقبوض بس ان شاء الله خير.. بالنهاية هاي رغبتها و مش حاب أضغط عليها أكثر من هيك و أخسرها خاصة إنه الموضوع جاي على مراق أهلها.. خليني نمشي مع الموجة و نشوف وين هاتودينا.. الله يجيب اللي فيه الخير.
- يا رب.
اتفقوا أن تكون الجاهة ليلة الغد خاصة مع تواجد نائب البرلمان الذي يمثل البلدة في البلد ليكون على رأس المدعوين و ان يكون عقد القران في اليوم الذي يليه في وزارة العدل في مصر و أخبرهم سراج أنه سيتوجه من فوره للعاصمة ليعمل على ترتيب كافة الإجراءات اللازمة كي لا تواجههم أي عقبات يوم كتب الكتاب.. أمنوا على حديثه ليستأذن سراج و جاسر مغادرين و يتفرق جمع الموجودين كل إلى وجهته ما عدا نزار و أحمد اللذان فضلا المكوث في الحديقة لمزيد من الوقت بخلوة يحتاجها الصديقان.
-----------------------
هاتف سراج صديقه و معاونه في عمله " عدي " و أكد عليه أن يتمم إجراءات التجهيز لكتب الكتاب من اليوم و قبل ان تغلق مكاتب الوزارة اليوم.. أخبره عدي أنه بحاجة لصورة عن جواز السفر الخاص بنور ليتنهد بإحباط كونه نسي هذه التفصيلة.. أغلق معه الهاتف سريعا ليبحث في الاسماء و تتلكأ عيناه على إسم " سالم التهامي" ابتسم و هو يضمر أمرا ليلغي البحث و يعيده من جديد و يضغط على إسم " منزل التهامي ".. أصدر الهاتف رنينه المعتاد قبل أن يأتيه صوت فتاة:
- ألووو.. ايوووة مين معايا؟
صدرت منه قهقهة واحدة ساخرة من أسلوب الرد البدائي ليجيبها بسؤال:
- إنتي الشغالة ؟
انعقد جبينها بتعجب بدا واضحا في نبرة إجابتها:
- إيوة يا بيه مين معايا؟
فأجابها بإسلوبه المعتد:
- أنا سراج حرب .. اسمعي.. عايز منك تروحي تندهي لنور و تقوليلها إنه في حد عاوزها على التلفون بس ما تقوليلهاش مين.. عايزها تبقى مفاجأة.. فاهمة !
صمتت لبضع ثوان تقلب الأمر برأسها خاصة مع علمها بخطبة نور إليه.. و بالتالي بدا لها الأمر منطقيا لترد باتفاق:
- حاضر يا سراج بيه هاروح أنادم لها دلوقت.
في الطابق العلوي و بالأخص في حجرتها كانت تجلس متربعة على السرير ترتدي إسدالها و هي تموضع كتاب الرحمن بين يديها و تقرأ ما تيسر منه.. قاطع قراءتها طرقات على باب حجرتها و من بعده صوت حسنية تستأذن بالدخول..
- ستي نور.. في واحد على التلفون رايد يتكلم واياكي.
هزت رأسها باستفهام منطوق:
- ما حكى إسمه؟
ردت بثبات و حنكة:
- لاه يا ستي ما قالش.
أومأت لها نور و هي تستقيم ناهضة فتقبل كتاب الله قبل أن تسنده إلى المنضدة بجوار سريرها و تلتحق بخطوات أمينة للأسفل..
- ألو مين معي؟
اتسعت ابتسامته لسماع صوتها من جديد.. و كأنها جرعة مخدر ما ان حصل عليها سكن جسده براحة..لتحثه نفسه أن يستزيد من العبث هذه المرة:
- مبروك يا عروسة.
رفعت نور كلا حاجبيها و بلا اكتراث أجابت:
- الله يبارك فيك .. بس كمان مين معي؟
- إيه ده انتي مش عارفة صوت خطيبك.. لا لا لا دي كبيرة بحقي و الله.
بهتت نور و توسعت عيناها بصدمة.. المفاجأة الجمت لسانها في البداية لكنه انطلق لاحقا برنة تكبر:
- إحم .. أهلين.. خير شو في؟
- هو في واحدة تكلم خطيبها بالنشافة دي.. طب ارميلك كلمة حلوة حتى لو من غير قصد.
رفعت حاجبا متعجبا من مشاكسته إياها.. لكن هيهات أن تنوله مراده في استفزازها:
- هاد على أساس إنه ظروف خطبتنا كانت طبيعية.. عالعموم هاد اللي موجود عجبك عجبك ما عجبك بطل.
أبعدت الهاتف عن أذنها بغتة بعد أن كادت ضحكته العالية أن تثقب طبلة أذنها.. تأففت بانزعاج و هي تعيد وضع السماعة مقابل أذنها تستمع لحديثه:
- آآآه قولي كده بقى.. أنا دلوقت فهمت.. انتي بتخططي تطهقيني بعيشتي و تعيشيني جو النكد الأصلي عشان أطفش أنا.. بس بعينك يا قمر لابدلك في البخت يا اختي.
حاولت منع ضحكتها لكنها فشلت لتخرج رنانة استدرجت الابتسامة لشفتيه و هو يقول مناغشا:
- طب ما احنا بنضحك حلو أهو أنا كنت فاكر ضحكتك وحشة زي لسانك بس لاء.. أمال ليه دايما مصدرالي الوش الخشب.
ارتفع جانب شفتها العلوية مع أنفها و هي تستمع لسؤاله الغير منطقي:
- أولا اللي فهمك إنك بتعرف تتغزل غشك و بيطلعلك تشتكي عليه.. تانيا دايما اللي هو إيمتى هاد بالزبط.. على اساس طول نهارنا وجهنا بوجه بعض.. و سبحان الله كل لقاء إلنا بيكون أنيل من اللي قبله على أي أساس بدي أضحك بخلقتك.
- خلقتي!! على فكرة انتي voulgar قوي يا نور..
أراد المتابعة لكن قاطعته شهقتها المستنكرة و من ثم كلماتها الفجة:
- أناااا voulgar!! أنااا.. لاء يخزي العين عنك بتعرف تحكي حلو كتير.. عالعموم تركنالك الكلاس سيدي.. و بعيد و بكرر إن ما كان عاجبك بطل.
- خلاااص يا نور ما كانتش كلمة.. أنا كنت بناغشك بس.
قالت بنفاذ صبر و هي لا تعي لما هما يتحادثان من الأساس او بالأحرى بأي حق عدا الود المفقود:
- سراج خلصني إحكي شو بدك.. ليش متصل؟
- متصل عشان حاجتين يا قمر.. أول حاجة حبيت أباركلك و أقولك " welcome to my world ".
انتظر منها تعليقا و لم تبخس عليه:
- أها مية أهلين.. و الشي تاني.
كز أسنانه من برودها المستفز.. هو لم يتوقع أن تبادله حديثاً ودياً لكنه بالفعل توقع مناوشة من أي نوع لإغضابه على أقل تقدير:
- الحاجة التانية هي إني عايز صورة عن جواز السفر بتاعك فيا ريت تبعتيهولي واتس آب.. خدي عندك الرقم......... .
سجلت نور الرقم بالمفكرة الصغيرة الملحقة بالهاتف.. مزعت قصيصة ورق و التي كتبت عليها الرقم و قالت تنهي الحديث:
- خلص هلأ ببعتلك الصورة.. سلام.
صاح يستبقيها:
- استني استني.. بعد كتب الكتاب إحنا لينا قعدة مع بعض.. في حاجات كتير لازم نقولها لبعض.
وافقته بجرأة:
- مزبوط معك حق.. و أول شي بدنا نحكي فيه هو انفصام الشخصية اللي عندك.. انت يا بني آدم مش احنا المفروض ما بنطيق بعض.. مش فاهمة ليه عم تحكي معي بالتباسط هاد.
زفر بغيظ من محدودية تفكيرها و قال بغموض:
- شوفي يا نور.. فكك من جو الروايات و الافلام الاهبل بتاع البنات.. مش معنى انه احنا ظروف جوازنا كانت مش معتادة زي ما قولتي قبل كده إنه ما نقدرش نتفاهم و نتعايش مع بعض.
صاحت به دون اكتراث لعلو صوتها:
- هاي الظروف اللي بتحكي عنها انت اللي فرضتها علي.. انت ما بيطلعلك تحكي انك خاضع للظروف.. انت اللي دخلتنا بهالدوامة.. جد جد نفسي أفهم كيف متخيل تتعايش مع وحدة مغصوبة عليك حتى لو كانت وافقت بس عشان تمنع الدم... انت شو مستني مني بالزبط؟!
- مستني داهية تاخدني.
خرجت منه زاعقة قبل أن يغلق الهاتف و يلقيه على المقعد بجواره.. أما نور فكانت تناظر سماعة الهاتف بغير تصديق.. هل صرخ بها للتو و أقفل الخط بوجهها.. ( باينها هاتكون أيام فل ) فكرت باختناق و أضافت بتمتمة ساخطة:
- أنا مش فاهمة ليش أصلا بيرنلي.. كان رن لواحد من خوالي.. بيستاهل هو اللي جابه لحاله.. بارد وجه.
دلفت لحجرتها و حالة العصبية ما زالت تتملك منها.. فتحت أحد الأدرج بقوة تبعثر محتوياته فتلتقط جواز سفرها و تتجهه نحو سريرها.. التقطت صورة للجواز و أدخلت رقمه بغية تسجيله على الهاتف.. و حين أتتها خانة التسمية ابتسمت بحقد و هي تكتب
"الثور البارد".. أرسلت الصورة لتلقي هي الأخرى بالهاتف إلى جانبها و تلقي بجسدها على السرير بتأفف و حنق جلي.
أمسك بهاتفه يتأمل صورتها التي على صفحة جواز السفر.. و رغما عنه اشتعلت جذوة التوق في جوارحه من جديد..
" لاموا افتتاني بزرقاء العيون *** لو رأوا جمال عينيك ما لاموا افتتاناتي
لو لم يكن أجمل الألوان أزرقها *** ما اختاره الله لونا للسماواتِ "
من أشعار حسن المرواني
أيقظه من سكرته صوت أبواق السيارات التي تحثه على المضي.. رفع أنظاره لإشارة المرور ليجدها خضراء.. تنهد بقلة حيلة و هو يشرع بالقيادة من جديد نحو العاصمة.
---------------------
- مبروك يا عرييييس.. أيوة يا عم تخطب و تكتب الكتاب و أنا آخر من يعلم.
صاح بها عدي و هو يحتضن سراج رغما عنه.. أبعده سراج بغلظة متحدثا من بين أسنانه:
- يا راجل بلا هم.. عالعموم عقبالك يا سيدي.
رفع عدي كلا حاجبيه مستغربا من رد فعله الغير مناسب لبهجة الخبر.. اقترب منه و ربت على كتفه متسائلا باهتمام:
- مالك يا صاحبي.. لسه مش عارف تقرأ اللي في قلبك؟
جلس سراج على المقعد الجلدي المخصص له خلف المكتب.. فرك مقدمة رأسه بالإبهام و السبابة و صداع مقيت يكاد يفتك برأسه.. أراح رأسه للخلف و حتى اللحظة لا يجد إجابة يجيب بها صديقه الذي يتأمله باهتمام:
- ما تفرقش يا صاحبي.. انا هاتجوزها عشان التار و بس.
ابتسم عدي بسخرية أقرنها بقوله:
- أيوة بالزبط كده إفضل عيد و زيد بالاسطوانة عشان تقدر تصدقها.. و برضه مش هاتقدر.
- ما خلاااص يا عدي فضها سيرة بقى.. قولي خلصت الإجراءات ؟
- آه يا عريس كله جاهز عشان كتب الكتاب.
أومأ شاكرا لينسحب عدي من غرفة المكتب و قد لاحظ مزاج صديقه المنهك فارتأى أن يدعه و أفكاره.. أراح سراج رأسه للخلف يتطلع بشرود لسقف غرفة مكتبه في الشركة خاصتهم.. مضى وقت ليس بقليل و هو على نفس الحالة و حين وعى لنفسه كانت رقبته قد تصلبت ليحاول تحريكها يمينا و شمالا كي يزيح الألم منها.. رفع سماعة هاتفه طالبا فنجان قهوة من مساعدته الشخصية.. بعدها استل هاتفه الشخصي و عاد لصورتها و تأمله لقسمات وجهها الساحرة.
-------------------------
في المساء كان الكل مجتمعون في غرفة المعيشة.. الكل يتبادل الأحاديث العامة و نور تشاركهم.. لكنها كل حين كانت تضيع منهم و تشرد للبعيد.. و لم يفت أمرها عن نزار الذي كان يتابع حركاتها و إيماءاتها بتفحص.. يريد الاطمئنان و هي لا تمنحه إياه.. هناك شيء خاطئ.. شيئ يغفل عنه.
بينما في الطابق العلوي كانت رقية تحادث خطيبها الدكتور عمر.. و ليتها كانت تحادثه بل هي همهمات غير مفهومة و كلمات مقتضبة زادته حيرة:
- رقية انا عايز أسألك سؤال و تجاوبيني بصراحة.. انتي مغصوبة عليا؟
انتفضت بجلستها تنفي بسرعة:
- إييه.. أكيد لاء يعني ليه بتقول الكلام ده؟
- لأني مش شايف أي تجاوب معايا منك.. بحسك بتكلميني من غير نفس كل كلامك قليل و بتردي على قد السؤال.. ان كنتي مغصوبة قوليلي و انا اوعدك اتصرف من غير ما تتضرري.
تجمعت الدموع بعينيها و هي تعلم أنه محق.. هي ناشفة معه لكن الأمر ليس بيدها هذه هي طبيعتها و لم تعتد يوما على التباسط في مشاعرها خاصة أنه لم يتسنى لها الوقت لمعرفته قبل عقد القران.. صدقت أختها رؤى حين قالت عنها يوما " قفل ".. فتحشرج صوتها تجيبه:
- لاء يا عمر انت فاهم غلط.. أنا بس مش متعودة على كلام الحب و السهوكة يعني.
أرادت أن تطبب الجرح فزادته قيحا.. توسعت عيناه بصدمة من كلمتها " سهوكة " لتخرج منه شاردة:
- سهوكة!! هو انتي لما تكلميني زي أي اتنين مخطوبين تبقي بتتسهوكي يا رقية.. عالعموم براحتك.. انا تعبان و بكرا عندي شغل من الصبح .. ابقى أكلمك بكرا ان شاء الله.
لم ينتظر ردها بل أغلق فورا.. نزلت دموعها تتخبط ببعضها بعضا و هي تعلم أنه محق.. هي لا تجيد حديث المحبين لكنها تقسم أنها أحبته.. كيف و متى و هل من الممكن بهذه الفترة القصيرة.. ستكون إجابتها بلى هو أول الرجال و آخرهم في قلبها.
اقتحمت حجرتها رحمة تهرول نحوها و تجلس بجاورها على السرير.. لم تنتبه لحالة الشرود التي كانت غارقة بها فهي أتت بروح حماسية لتخبرها بآخر ما فعل محمد.. تشعر كأنها مراهقة من جديد و هو حبيبها المترصد دوما بها..تحدثت عن الموعد الذي تم تحديده لأهل " الدكتور " الذي يريد التقدم لها و قد تم تأجيل موعد الغد إلى اليوم الذي يلي عقد قران نور.. وصفت نظرات محمد النارية لها و التي تجعلها تنتشي زهوا أيما انتشاء.. بثت لها شكها أنه يعلم بمخططها و أنه يعلم عن العريس المتقدم إليها.. كانت تتحدث و تتحدث بينما الأخرى ساهمة حزينة.. حزن ولَده الخذلان لكنها هي من خذلت.. تشعر بنفسها أنثى ناقصة.. هل هي كذلك فعلا؟ لما لا تجيد حركات الإناث و دلعهن و و و.. هي حتى الحديث النقاشي تتهرب منه خجلا مع عمر.. لكم تتمنى لو تعتاد أكثر عليه لربما حينها تنفك عقدة لسانها و تتجرأ أكثر معه.. لكم تمنت لو كانت والدتها موجودة فتستسقي من خبرتها في الحياة.. لربما هذه هو السبب.. أنها ترعرعت دون أم توضح و تشرح لها كيف التصرف.

اندست في فراشها تتمطى بجسدها كسلا و إرهاقا.. تثائبت و هي تنزلق تحت اللحاف و ما كادت أن تغمض عيناها حتى وصل لمسامعها صوت نغمة وصول رسالة على هاتفها.. مدت يدها بتثاقل نحو المنضدة الملاصقة لسريرها تلتقط الهاتف.. فتحته بأعين شبه مغلقة لتجحظ فجأة و هي تدرك أن الرسالة منه.. تثائبت من جديد لكن هذه المرة كانت مع تقطيبة جبين.. قرأت الرسالة مرة أخرى " نمتي و الا لسة ؟ " لتلوي شفتيها باستهزاء .. بحق الله صدقت حين قالت انه يعاني من انفصام في الشخصية.. لما يصر على التعامل مع زواجهما كأنما حصل بعد قصة حب.. او على الأقل برضى و قبول خالص، أغلقت الهاتف دون رد لتلتف بجسدها و هي تضع الهاتف بالقرب من وسادتها..
- أووووه علينا بعدين مع هالليلة!!
قالتها متأففة و قد وردتها رسالة أخرى.. ناوشها فضولها لفتحها و بالفعل فتحتها لتجدها منه أيضا " يعني شفتي المسج و ما رديتيش!! " ثم أتبعها برسالة أخرى و قد أيقن أنها تقرأ من إشارة الصحين بقرب الرسالة " فاكرة لما جيتيلي البيت عندي بنص الليل.. قولتلك وقتها إني هاربيكي من اول و جديد و الله كنت ناوي أغير رأيي بس بعد تناكتك دي اعتبريني عند كلمتي ".. رفعت حاجبا مغتاظا من تذكيرها بتلك الليلة المخزية.. نقرت بإبهامها ترد عليه " بارد ".. ثم وضعت الهاتف على وضع الصامت و أغمضت عينيها.. لكنها ما كادت أن تغفو حتى أيقظها صوت قرعٍ على بابها.. رفعت رأسها بحنق و صداع بدء بالتشكل يضج في رأسها لحاجتها للنوم.. نفضت فراشها عنها بهياج و اتجهت نحو الباب لتفتحه بقوة أفزعت رقية التي كانت ترفع قبضتها بنية قرع الباب من جديد..
- رقية !! في شي؟
تململت رقية متحرجة من الإزعاج الذي تسببت به لنور فمن هيئتها المبعثرة توضح لها انها كانت نائمة..
- إحم آسفة و الله يا نور أصلي كنت عاوزة أتكلم معاكي في موضوع كده بس خلاص بايني صحيتك.. ارجعي نامي و نتكلم بكرا.
أمسكت نور بمرفقها تحثها الدخول و هي تقول باستسلام:
- تعالي فوتي هي وقفت عليكي.. اللية شكلها مضروبة عالخالص.
استقرت الفتاتان على السرير و نور تنتظر رقية أن تستهل الحديث دون جدوى.. في حين كانت رقية متحيرة كيف ستبدأ و ماذا تقول !!
- رقية في بتمك حكي.. خشي بالموضوع من دون مقدمات الله يرضى عليكي .. يعني لحقيلك شوية خلايا صاحية بمخي قبل ما تطفي كلها.
قضمت رقية إظفر إبهامها بتوتر لتقبض نور على كفها تزيحه من أمام فمها و تقول آمرة:
- إحكيييي.
- مم بصراحة مش عارفة يعني أبدا منين و ..
بدا حديثها متوترا غير مترابط.. مما اجج القلق بنفس نور لتحثها و هي تهديها نظرات مطمئنة:
- حبيبتي خدي نفس و احكي كل اللي بصدرك عادي حتى لو حكيك مش مترابط انا راح أفهم بإذن الله.
أخذت رقية نفسا عميقا و زفرته على مهل.. ثبتت أنظارها على نور قائلة:
- أنا عندي مشكلة مع عمر.
- عمر خطيبك؟ شو المشكلة؟
بدأت الدموع بالتجمع في مقلتيها و هي تجيب بصوت قد بُح فجأة:
- بيقول عني ناشفة.. يعني ما بتجاوبش معاه و كلامي قليل.. ده حتى شك إني مغصوبة عليه.
ضيقت نور عينيها بتشكك طارحة السؤال الأول الذي تبادر إلى ذهنها:
- حكي شو بالزبط؟ يعني حكي عادي و الا اللي بالي بالك.. لو كان اللي بالي بالك فالمفروض يفهم انه هالاحاديث تؤجل و لا تلغى .. و انتي لسة خام على هيك حكي.
نفت رقية اتجاه أفكارها بيدها:
- لا لا يا نور فكرك راح لبعيد.. هو قصده على الكلام العادي.. مش عارفة ليه لحد دلوقت ببقى خجولة معاه و مش عارفة ألم كلمتين على بعض.
- طيب وضحتيله إنه هالشي سببه الخجل مشان ما يروح فكره لبعيد زي ما فعليا راح.
- لاء أصلي مش عارفة اجيبهاله ازاي.
وضعت نور كفها على مقدمة رأسها بتعب.. فكرت قليلا لا تعلم كيف أو بماذا ستنصحها.. تنهدت و قالت أول شيء منطقي خطر لها:
- حبيبتي رقية المفروض تحكيله إنك لسة بتخجلي منه.. إنك بدك لسة وقت تا تتعودي عليه مزبوط و ان شاء الله بعديها بتفكي.. لا تتركيه للوساوس تاخده و تجيبه.. و كمان انتي التانية حاولي تتلحلحي شوي يعني اعتبري حالك بتحكي مع واحد من اخوانك..
لكنها توسعت عيناها بغتة و هي تستنكر و ترجع عما تفوهت به:
- لا لا انسي اللي حكيته ما بيزبط تتخيليه واحد من اخوانك.. و الله ما انا عارفة خلص انتي بس حاولي تغصبي حالك انك تتباسطي معه بالحكي.
ثم التمعت عيناها بمكر أنثوي خاص بها:
- بعدين البنت الشاطرة ما بتخلي خطيبها يستنى إنها تحكي من الأساس يا حلو انت يا حلو.
تغضن جبين رقية بعدم فهم لتجيب نور سؤالها الصامت:
- بكرا بترنيله و بتعزميه على العشا.. بتزبطي الصالة الصغيرة و بتحطي شموع و هيكا و بتتوصي باللبس.. بدي أشوف ما حرم الله النظر إليه من دون الزوج.. فاهمتيني يعني.. البسي شي يبسطه يا رقية.. صدقيني هو هاينربط لسانه و تعالي حاسبيني إذا ما روح من عندك مبسوط و منشرح صدره.
ارتد جسد رقية للخلف لتنهض بغتة عن السرير و هي تشير بسبابتها لنفسها:
- أنا؟ عايزاني أنا ألبس خليع يا نور!! ده لا يمكن يحصل أنا ما تربتش كده.
خرجت شهقة طويلة من نور أتبعتها باللطم التمثيلي على وجهها:
- يا ويلي يا ويلي يا ويلي!! و الله الزلمة معه حق ينجلط منك.. ولك هاد صار زوجك يا غبية يعني حلالك كمان انا ما بحكيلك خليع كتير يعني إشي و منه.. بعدين تعالي هون انتي بتعرفي شو هو الزواج؟
- يا نور افهميني انا أمي متوفية و ما عنديش حد يفطمني.. يعني أكيد مش هاروح لجدتي و أسألها.. من و انا صغيرة بابا و جمال هم اللي واخدين بالهم مننا.
- يا سلاااام.. طب ما انا أمي متوفية من لمن كان عمري سنتين.. بس عندي صاحبات و كمان كنت أشوف عمو نزار كيف بيعامل زوجته بكل حب و تقدير.. عالعموم ما تقلقي انا راح أمشي معك خطوة بخطوة ان شاء الله و نقدر نعدي.. المهم ( احتدت نظراتها بتصميم بغتة و هي تردف ) لازم نشوفلك فستان.. و أنا بإذن الله عندي شريطة ..آآآآ قصدي فستان راح يجيب جول بنص المرمى.. انتي بس اتركيلي حالك.
همهمت رقية بما أشبه بالموافقة لتفترق عن نور متمنية لها احلام سعيدة.. أغمضت نور عينيها بعد أن عادت لحضن فراشها لكنها تذكرته فجأة لتفتح عينيها و الفضول يتحرك بداخل نفسها.. و بحركة متمهلة التقطت الهاتف و فتحته لتجد رسالة جديدة منه " هاحاسبك على كلمة بارد دي لما تبقي ببيتي.. المهم قوليلي بتعرفي ترقصي أصل انا بحب الفرفشة فاعملي حسابك لو ما بتعرفيش تتعلمي من دلوقت ؟ "
انفرج ما بين شفتيها بعدم تصديق.. هذا الرجل بالفعل مخبول!! و بعنفوان أنثى معتاد أرسلت " هارقصلك بس أمك ترجع عروس "







وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس