عرض مشاركة واحدة
قديم 14-11-19, 12:50 AM   #280

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الحادى و العشرون .. الجزء الثانى :
****************************

رسائلى إليك ....
جلست غزل على مقعدها المدداد أمام البحر تطالع موجاته الصغيرة المتحطمة على الشاطئ .. كأحلامها البسيطة ...
تأوهت بألم و هى تفكر بكل ما مر بها ....
طفولة معذبة ...
مراهقة لعوب ...
نضج مبكر ...
و شريط حياتها يمر أمام عيناها بألم مرهق ...


لم يشعر بنفسه و هو يلتهم تلك المذكرة بعينيه و كأنه يراها أمامه الآن و يسمع صوتها و هى تقص عليه ما مر بها و هو بعيدا عنها و فقط يشعر بصراخها ...
إحساس شديد بالعجز إنتابه و هو يمرر عينيه على حروف كلماتها الموجعة و المؤلمة و هى تعرى نفسها أمامه ...
كانت عيناه غريبتين ... بهما قهرا و نارا مستعرة ... و خلف كل ذلك حزن عميق دقيق ....
أجفل فارس قليلا و شعر و كأن قلبه قد فقد إحدى دقاته .. فإختل توازنه كليا و هو يقرأ أول كلماتها ...

《 فارس حبيبى 》

و كأن حية لسعته فوقف منتصبا بفزع جعل الدنيا تميد به و قد عجزت قدميه عن تحمل ثقل جسده .. فتهاوى مجددا و جلس ببطء شديد و عيناه مازالت تطالع تلك الكلمتين الرائعتين و المؤلمتين بشدة ....

تحركت مقلتيه قليلا لمتابعة حديثها متشربا حبر كلماتها بشوق مهلك و تحركت عضلات حلقه بتشنج و توجس من القادم ...

《 رغم إنى مجروحة منك قوى .. بس هتفضل حبيبى .. و مش بضحك و لا بلعب عليك .. حابة أكلمك عن غزل اللى إنت ما تعرفهاش .. عنى .. 》

عند هذه النقطة توقفت أنفاسه و لمعت عينيه ببريق خاطف و خطير و فى عمق تلك العينين تلهف و قسوة و ... شئ يشبه الألم ...

《 حابة أبدأ من حكايتنا أنا إفتكرتك كنت دايما بلعب معاك .. و إنت اللى جبتلى العروسة و لما سألتك و إنت فين عروستك قولتلى إنى أنا عروستك .. يا ريت ما بعدتش عنك .. و لا سبت مصر .. كنت هحتفظ ببرائتى اللى إختفت مع كل اللى مر بيا .. 》
و كأن الضياع قد لازمه الآن .. و سيظل يلازمه للأبد بعد خسارته لحبيبة عمره .. و هو يطالع الأسطر بذهول كالذى يطفو على حافة بركان كان خامدا و الآن يوشك على قذف حممه الغاضبة و القاتلة .....

《 سافرنا و سبنا مصر بسرعة غريبة قبل حتى ما جرحى يطيب .. و لما وصلنا أميريكا إختفى جو الأسرة من حياتنا تماما .. ماما كانت طول الوقت بتتخانق مع بابا و كنت بسمعه دايما بيضربها كنت بقفل ودانى بإيديا علشان ما أسمعش صراخها .. كانت رافضة تاكل أو تشرب من فلوس بابا الحرام .. أنا ما كنتش فاهمة حاجة .. 》

كلما تذكر صفعته المتسرعة و التى سقطت على وجنتها الرقيقة بقوة .. لعن غباؤه و ثقته الغبية بنفسه و هو يتابع قراءة بنظرات نهمة و مجنونة .. و قبضته على المذكرة تزداد قوة كادت أن تحول تلك الكومة من الأوراق لرماد واهى سهل إذابته بين أنامله ....

《 تصدق إنها رفضت تمس أى حاجة بابا جايبها .. و إشتغلت و إتكفلت بمصاريفها .. و فضلت تزرع فيا الدين اللى ما كانش موجود فى أى مكان حواليا .. علمتنى الصلاة و الصوم و لبستنى الحجاب .. كانت كل الدنيا ليا .. لغاية ما سابتنى لوحدى و ماتت 》
لاحظ فارس تشوه كلمة ماتت بدموعها .. فإعتدل فى جلسته وأنا لا أستطيع أن أصف لكم ملامح الجنون على وجهه و التى بدأت تتعمق و تصبح أكثر شراسه و توجس من القادم ..
و على وجهه قدرا كافيا من الجدية الكابتة لصراخ أسد جريح .. و لكنه قاوم و أكمل قرائته بشغف ليتعرف أكثر عليها ..

《 بس هى ماتت مقتولة .. و أنا الوحيدة اللى عارفة هى ماتت إزاى و ليه .. إتقتلت علشان دافعت عن دينها و مبادئها .. تخيل إنها كانت أجمل منى بمراحل .. أنا جمالى جزء صغير من جمالها ..أكيد أنت لسه فاكرها .. يبقى ليه جزاءها القتل .. ليه ؟!! 》
تسمر مكانه و الصدمة إرتسمت على تشنج جسده و تصلب فكه القوى و هو يضغط أسنانه بقوة كادت تحطمها دون أن يشعر بأى ألم ..
و شعور بالإنقباض فى صدره لا يبارحه ..
إرتفع حاجبيه بشدة و هو يتابع و شعور الغضب و القتامة بداخله يزداد و يقوى و يستهلكه بشدة ...

《 رجل أعمال عربى طمع فيها لما شافها فى شغلها .. و هو عارف إنها متجوزة .. بس هو إفتكر إنه بفلوسه يقدر ياخد كل اللى هو عاوزه .. و اللى يصدمك ....
إن بابا ما كانش عنده مانع .. طالما الراجل هيدفع .. و صدمتها فيه كانت أكبر من طاقتها .. 》

كان كالتمثال .. من الذهول و الخطر .. و تلك الصدمة الصاعقة مرتسمة على وجهه بقوة ..
متسائلا بملامح مرعبة .. أى رجل هذا الذى يذيق زوجته ذلك العذاب و يقبل أن يمسها غيره ..
تحولت ملامحه المتصلبة فجأة لملامح مزدرية باهتة و عيناه ترسمان نارا توشك على الإندلاع ...
و هو يجبر عقله على الصمود و المتابعة بعدما قرأه فهل ما رآه حقيقة أم هو مجرد وهم يتلاعب بعقله المشتت و المصدوم ..
أخذ حاجبيه ينعقدان ببطء و تركيز قبل أن يشدد قبضته على المذكرة متابعا بنظرات هائجة ....

《 و رفضت و كان جزائها إنه بقا يضربها أكتر و عذبها و أنا حاولت أحميها منه بس ما قدرتش .. ما قدرتش أعملها حاجة .. و بعد يومين سمحلها ترجع شغلها و بصراحة .. كان كمين قذر منه ..
و بالليل لقيناها مقتولة بطلقة فى المخ .. و مرمية فى الشارع .. و اللى عرفته بعد كده إن اللى قتلها إيد الراجل العربى اليمين لما قاومت و رفضت إنه يغتصبها و ضربت الراجل ده على وشه جزائها كان قتلها .. قتلوها بدم بارد كأنها فرخة .. أو شئ مالوش لازمة .. يا ريتنى ما سبتها تروح شغلها فى اليوم ده ... 》

رفع كفه و كتف فمه بقوة .. غير مستوعبا لما تقصه عليه أميرته و صدره ينهج بقوة و إرتجاف .. و قلبه يصرخ بعنف .. خالتى حور .. هل صدقا هذا ما حدث معك ..
يتذكرها و يتذكر حنانها معه و إبتسامتها العذبة و القادرة على إشفاء العليل ..
و ملامحها الجميلة الرقيقة و الملائكية كميناس ...
هل تألمت بهذا الشكل .. و هو يدور بعينيه فى الغرفة غير مدرك لما يحدث معه و ما يقرأه ...
و الرؤية تهتز أمام عيناه .. و هو يلهث بألم و حالة من الذعر تنتابه قبل المتابعة ....

《 كان عندى وقتها 18 سنة .. و فضلت ورا الموضوع ده لغاية ما سمعت دادى و هو بيتكلم مع الراجل اللى قتلها و بيلومه .. ساعتها صدمتى فيه كانت أوجع من خبر موتها ..
تخيل هو اللى بعتها ليه .... إتغلبت على ضعفى و صدمتى و قررت إنى هجيب حقها منهم .. و دى كانت أول مرة أستغل جمالى فيها و ألعب عليهم .. و قدرت و وصلت للراجل الكبير و علقته بيا و أحسنلك ما تعرفش إزاى .. 》

تجمدت مقلتيه على آخر كلماتها و رأسه منحنية بحدة و بات العجز متملكا منه و هو لا يرى أمامه سوى الدم ..
لو بإمكان قبضته التى على إثرها إبيضت مفاصل أصابعه و إنغرست أظافره بلحم كفه غير عابئا بذلك الألم المفرط .. أن تطال تلك الأوغاد للقنتهم درسا لن ينسوه ...
فألم قلبه و كرامته و رجولته أكثر وقعا ... و صدره ينقبض أكثر و شحبت ملامحه أكثر .. إلا أنه تمالك نفسه ..
و سيطر على ذلك الشعور البغيض و نظراته المشتدة كالوتر تتابع إسترسالها ....

《 و فى نفس الوقت لعبت على إيده اليمين و خليته يحبنى و يستنى اليوم اللى هبقى ليه فيه .. خصوصا إنى لسه فيرجن و دى هناك الجايزة الكبرى .. 》

تلك الجائزة و الذى تحصل عليها هو فى ليلتهم الأولى ...
نعم فاز بتلك الجائزة و خسرها كليا ...
قذف ذلك الدفتر فى آخر الغرفة و وقف منتصبا و هو يدور حول نفسه بإهتياج أسد مذبوح ...
متطلعا حوله بعينين حمراوين بلون الدم .. و لم يشعر بيده التى إمتدت و حطمت أقرب لوح زجاجى قابله على المكتب الصغير .. فهشمه محدثا به شروخ عميقه كالتى بقلبه و روحه الآن ...
لم يهدأ بعدما أفرغ شحنته المجنونة تلك .. إلا إنه إستند على ذلك المكتب بيديه متنفسا بصعوبة ..
مستجديا الأكسجين أن يملأ رئتيه .. مطأطأ رأسه بحدة و هو يحاول السيطرة على أعصابه و غضبه الظاهر بتحفز عضلات جسده و قبضتيه المشتدتين ....
و بعد وقت طويل من الصمت و الجمود الذى لا يقطعه سوى صوت تقطير الدماء من يده التى جرحت من قوة ضربته للزجاج ...
و صنعت بركة دماء سائلة من طول وقفته المتصنمة .. و أخيرا رفع وجهه و هو يتنفس بصعوبة كالذى كان يعدو لساعات دون توقف ....
إلتفت برأسه قليلا و طالع ذلك الدفتر بعينين بهما طاقتين من حمم صامته داخل جحيم مستعر و تحركت عضلات عنقه بتشنج غارقا بتفكيره الغامض العميق ...

توتر فك فارس أكثر و إزداد إنقباض أصابعه على ذلك المكتب المسكين و هو يقنع نفسه بالتوجه ناحية ذلك الدفتر و مطالعه الباقى ...
و بالفعل تحركت ساقيه المتشنجتين و تركت قبضتيه المكتب و إلتف بجسده كاملا و سار ناحيته بخطوات ثقيلة و مخيفة .. على نحو إستثنائى رغم تماسكه ...
كان العالم يدور من حوله و هو شبه يترنح يمينا و يسارا ..
و الصداع يكاد يفتك برأسه ..
و قدماه تتابع تقدمها و هو يزفر بتنهيدة مكبوتة معذبة .. قبل أن ينحنى و يلتقطه بطرف أصابعه و يعود به ..
و كأنه طريق طويل يفصله بينه و بين ذلك الفراش الذى إحتواها من قبل ..
و جلس عليه بصمت و هدوء شاعرا بقرب إنهياره و الأسوء هو تلك النظرة المنكسرة بعينيه ..
و هو يفتحه بقلق و يعود بعينيه لأسطره متابعا ببطء .. شديد ..

《 و أقنعت الراجل ده بدلعى و إستغلالى لحبه ليا إن اللى بيشتغل عنده حاطط عينه عليا رغم إنه عارف إنى بحبه هو .. و لعبت عليهم هما الإتنين فترة .. و فى يوم قرأت خبر قتل الراجل الكبير و عرفت بعدها إن اللى قتله إيده اليمين .. و بدأت أكتشف بعدها موهبتى فى إنى أقدر أركع أى راجل تحت رجليا ..
و الأخطر إنى كرهت كل الرجالة حتى دادى .. و بقيت أمشى كل أمورى بطريقتى .. بس تصرفات العنصريين هناك خنقتنى و كان حلم حياتى إنى أرجع مصر تانى 》

تسارعت دقات قلبه مع كل كلمة قرأها .. و هو يراها أمامه الآن و تقص عليه ما حدث معها و هو بعيدا عنها .. سائلا نفسه بوهن هل تألمت و عانت لهذه الدرجة لو أنها أمامه الآن لضمها إليه بقوة كى تذوب بعظامه ..
توقف قليلا و هو يعود للهاثه المتعمق .. غير مستوعب بعدما تعطلت كل تروس عقله من شدة سخونتها و ذلك الصداع القوى يعصف بها ..
و هز رأسه بخفوت و عدم تصديق .. و كأنه ببساطة غير قادر على الإستيعاب ..
و شعور غريب بأن هناك من نال من رجولته و هو لا يعلم يخنقه ..
بل يحرقه حيا و يذيب جلده و يسوى لحمه بقسوة ..
بينما إمتقع وجهه و هو جالسا بتصلب كالطود .. و صوت أنين منهكا هو ما قطع ذلك الصمت الذى بات يصم أذنيه من قوته ...
و تلك الدماء المنسابة تغرق سرواله دون أن يشعر بتدفقها ...
تنهد مطولا بأسى و تابع القراءة ...

《 صحيح كنت بتعامل مع دادى عادى .. و أنا جوايا نار منه .. بس للأسف إبنه ما فرقش عنه كتير .. قرر يبيعنى لراجل أعمال مصرى هيدفع فيا مبلغ خيالى .. أقنعنى فى مرة إن بابا تعب و هو عند الراجل ده فى قصره و لما وصلنا إختفى بحجة إنه هيشوف بابا و بعدها هشوفه أنا و قبض التمن و سابنى و مشى .. الحقير ... 》
رفع عينيه للسماء مناجيا ربه بقوة فذلك القذر كان بين يديه و تركه .. رغم تطاوله عليه و عليها إلا أنه ترفق به من أجلها فابالنهاية ظنه أخ لها مهما كانت أطماعه ..
و لكن ذلك المستوى المتدنى أخلاقيا لم يصل إليه عقله ..
أى نوع من الرجال هؤلاء .. يستبيحون أعراضهم و شرفهم من أجل المال ...
كانت عيناه تهتزان بألم .. و أصبح يرتجف فعليا .. و بداخله رغبة عنيفة للبكاء ..
و أخذ يلتقط أنفاسه بصعوبة أكثر و الألم بقلبه يزداد تشعبا و قسوة ..
و أغمض عينيه متنهدا بقهر و حدة و بمنتهى السلاسة خرجت من بين شفتيه شهقة بكاء خافتة ..
نعم فهو على وشك البكاء و لم لا و هو بشر مثلنا ربما ظروفه صنعت منه جلمودا ثلجيا ...
و لكن ما أخبرته به أميرته وصل به لمراحل غضب مشتعلة أذابت معها بروده الثلجى و حطمت ذلك الجلمود الواهى بداخله ...
و أخيرا فتح عيناه فجأة بقوة بعدما أصبحتا جاحظتين من شدة نظرتهما و بأسها و بمنتهى الهدوء الغير مناسب لحالته رفع ذلك الدفتر مجددا و تجول على طرقات أسطره بنهم ...


《 و فجأة لقيت نفسى لوحدى مع مجد .. إتكلم معايا بهدوء الأول و بعد كده حسيت إن فى حاجة غريبة .. نظراته ليا و جلسته المتحفزة .. فوقفت و كنت ماشية فشد حجابى بالقوة .. و لفنى ناحيته و حاول إنه ... إنه يغتصبنى ..
دافعت عن نفسى كتير و إتخيلت أمى و هى فى نفس الموقف قبل ما يقتلوها .. إحساس صعب قوى .. و مرعب قوى .. 》

ضرب فارس الفراش بجواره بالقوة و هو يتخيلها أمامه و أحد يعتدى عليها .. و يستبح لمسها و إنتهاكها بهذه الطريقة البشعة .. لم يشعر بدموعه التى بدأت فى الإنهمار و منعت عنه الرؤية ..
و شعر بنفاذ الهواء من رئتيه تدريجيا .. و هو يلهث بقوة و شياطين الأرض كلها تآمرت على عقله البائس ..
و شعور غريب بالإنتقام يتملكه .. لو طال ذلك الحقير لنزع جلده ببطء شديد و إلتهم لحمه بأسنانه و إتساع عينيه أصبح مرعبا .. و مجنون ....
و دموعه تنهمر بصمت مؤلم .. و باتت ملامحه أشبه بالرخام البارد .. و هو على وشك الإصابة بالإغماء من شدة شحوب وجهه ...
و وجع غريب يغزو روحه الجامحة و يوشك أن يهزمه إلا أنه قاومه ..
و كفف تلك العبرات الساخنة بقوة و هو يعاود القراءة بألم على ما أصاب أميرته الصغيرة ...

《 جريت على المطبخ و مسكت سكينة و هددته إنى هموت نفسى لو قربلى .. خاف عليا .. و هنا إتأكدت إنه بيحبنى .. فلعبت على شعوره ده ..
و أقنعته إنى ممكن أتجوزه بس محتاجة فترة أفكر و أنسى خوفى منه .. فرح قوى .. و طلب منى أنزل السكينة رفضت .. و لبست حجابى و خرجت من عنده منهارة ..
مش عارفة كنت بعيط ليه يمكن من خوفى أو من صدمتى فى أخويا و سندى فى الدنيا .. بس هو راجل زى أى راجل .. مش غريبة يعنى ..
أنا متأكدة إن اليوم ده أنا صدعتك بصراخى يا فارس ..
المهم رجعت البيت و ما كلمتش علاء فى حاجة .. كأنه ماحصلش حاجة بينا .. وهو مسألش ..
بعدها بأيام عرفت إن مجد عاوز يتجوزنى .. رفضت و باعدين وافقت بس بشرط إن بابا يتنازلى عن نصيبه فى بيته اللى فى مصر .. و وافقوا .. لأن جوازى من مجد كان هينقذهم من موقف شركتهم المالى و اللى كان فى أسوء حالاته بسبب علاء و جريه ورا البنات و القمار ..
أقنعتهم و ضحكت عليهم و رجعت مصر علشان ألاقى عمى خسيس زى أخوه .. آسفة كلمة بابا مالهاش لزوم دلوقتى .. لعبت على إسلام علشان أعرف عنوان تيتة رأفة و عرفته من بسمة الحقودة .. و جيت إنت و حمتنى من إسلام .. حسيت يومها براحة غريبة لما شوفتك و حكيت عنك لليال و أنا مبسوطة قوى إن لسه فى رجالة بجد فى دنيتنا دى 》

صرخ فارس بضيق و قال بدموعه بنبرة متوحشة عنيفة :
- شيفانى راجل يا غزل بعد اللى عملته فيكى .. طب إزاى .. أنا آسف يا عمرى .. و الله آسف .
و إرتجف أكثر و تلك الصرخة المتوحشة التى أطلقها منذ برهة صداها برأسه يكاد يفتك به ...
تابع قراءته و هو يتشبث بالدفتر أكتر قبل أن تخونه يديه و يسقط منه ....

《 نفسى تصدقنى فى اللى جاى .. لما قابلتك تانى .. يوم ما وقفت للبلطجى مسعد .. ما صدقتش نفسى لما شوفتك تانى .. كنت حاسة نفسى بحلم بس أول ما لمستنى و وقفتنى وراك إتأكدت إنك حقيقة مش خيال .. و عرفت بعدها من ليال إنك أخو حمزة و إبن عم رامى ..
فرحت أكتر إنى هقدر أشوفك تانى .. بقيت أيقونة الآمان فى حياتى .. و مرت أيامنا و أنا بتعلق بيك أكتر و أكتر .. كأب شديد و حنين .. و أخ سند و ضهر ..
كحبيب بيوحشنى و قلبى دق بس ليه هو .. لما عرفت موضوع إنك بتحس بيا و إن فيه بينا صلة و رابط أكبر من وصفه أو تصنيفه .. حبيتك أكتر .. و لما إستفزك مسعد و غلط فيا و إتخانقت معاه كنت هموت عليك من قلقى .. و كنت على إستعداد ياخد روحى و لا يأذيك .. 》

تنفس فارس مطولا وهو يشعر بخناجر تخترق قلبه مع كل حرف من كلماتها المؤلمة و قال بصوت متحشرج مضطرب :
- بعد الشر عنك يا عمرى .. ليه بتعذبينى كده يا غزل .. قاصدة توجعينى كده .. ياريتك ضربتينى و صرختى فيا و عرفتينى إنى حمار و مش بفهم و لا تسبينى بعد ما أعرفك بجد .

《 برودك كان بيقتلنى .. كنت خايفة تكون مش بتحبنى .. كنت خايفة تضيع منى .. حبيتك حب مرضى و كنت مستعدة أعمل أى حاجة بس تبقى ليا .. بعترف إنى راهنت نفسى إنى هقدر أوقعك زى اللى قبلك بس مهمتى معاك كانت صعبة قوى ..
لأنك أنضف من اللى قبلك .. كنت فرحانة قوى و إنت بتحمينى من علاء .. و لما طلبت تتجوزنى شفقة .. كان نفسى أخنقك بإديا .. حسستنى إنك مش بتحبنى و إنك بس عاوز تكمل مسلسل إنك أبويا أو أخويا ..
رفضتك و أنا هتجنن .. و لما إتكرر الطلب وافقت لما عرفت بإصرارك عليا .. أقنعت نفسى إنك فعلا بتحبنى .. رغم إن غيرتك عليا فى مواقف كتير قالتها .. نظراتك ليا قالتها .. بس خوفى إنى أكون بوهم نفسى هو اللى سيطر عليا ..
لما بوستنى و إعترفتلى بحبك .. قلبى كان هيقف من الفرحة .. و قولتلك فورا باللى جوايا ليك و إنى بموت فيك .. و إتجوزنا .. و حلمى إتحقق .. بقيت ملكى لوحدى .. 》

قالت له تلك الكلمات بيومهما الأخير .. و أخبرته أنها لن تفارقه و ستظل معه و هو يشعر بها و يحتفظ بها داخل أعماق قلبه ..
كلماتها صادقة .. رغم لين قلبه إليها إلا أنه قاوم غزو أشعتها الفيروزية لقلبه ..
خوفا من الحب ..
وقتها ظنه ضعفا .. و أكثر شعور كان يبغضه هو الضعف ..
لم يكن يقاومها هى .. بل كان يقاوم شعورا لم يختبره من قبل و يغزوه بسرعة جعلته يرتدى قناعه الرخامى أمامها ...
هل عشقته لهذا الحد ..
هل رهانها كان على إخراج حبها من غابات قلبه المهلكة إلا النور ..
إبتسم بسخرية حزينة سوداء على غبائه و تصلب عقله المزرى ..
عائدا بعينيه إليها و هو يراها أمامه و تقص عليه جرحها الدفين المتقرح ...

《 ما كنتش عارفة إنه هيبقى كابوس و وجع أكبر من إحتمالى .. كنت ببان قوية قدامك و أنا بتقطع من وجعى.. قررت أبعد عنك و أنا بحكم على نفسى بالموت .. بعدت عنك غصب عنى بس مش هقدر أشوف الكره ليا فى عنيك .. و برضه مش هقدر أسامحك على اللى عملته معايا ..
هتوحشنى قوى .. ﻷ إنت وحشتنى من دلوقتى .. أكيد هنتقابل تانى بس مش دلوقتى محتاجة أرمم اللى إتكسر جوايا منك .
حبيبى و روحى و أخويا و أبويا و أمانى
فارس
مراتك الشريفة و الله العظيم
غزل 》
أغلق المذكرة و هو فى عالم آخر .. و تمدد بالفراش على جانبه و وضع كفه تحت رأسه إحتضن بكفه الآخر الدفتر .. و غفى فورا ..
سمه هروب من الواقع .. سمه تأنيب ضمير .. سمه قلب متألم .. لا أستطيع تفسير شعوره .. لأنه ببساطة ..
غفى ...


إنتظرونى فى الفصل الثانى و العشرون .........

قراءة ممتعة ......


ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس