عرض مشاركة واحدة
قديم 18-11-19, 07:36 PM   #1112

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
1111

تاااااااااااااااااااابع الفصل التاسع عشررررر




دخلت بدور ليلاً إلى المطبخ تفرك عينيها بنعاس ويدها تبحث عن قابس النور بشكل عشوائي...
متوجهة إلى المبرد بشكل تلقائي باحثة بين محتوياته عن شيء يسد جوعها الشديد الذي أصبحت تعاني منه مؤخراً...
"إذاً حديث الخادمات صحيح، أنتِ تغير كل روتينكِ وأصبحتِ من بني البشر!"
انتفضت بدور من الصوت المكتوم الذي فاجأها حتى أنها أوقعت إحدى المعلبات الزجاجية دون قصد!
هتفت "رباه ، ما الذي تفعلينه هنا, لقد أخفتني؟!"
هزت سَبنتي كتفيها بلا مبالة ثم قالت باستفزاز "سؤالكِ ينفع مع إجابتين، ماذا أفعل في تلك الساعة، اممم جائعة كالعادة.. هذه إحدى أفعالي العادية والتي لم تهتمي يوما بأن تعرفينها... للحقيقة أنتِ لم تعيري شيئاً يخصني أي نوعٍ من الاهتمام على الإطلاق وكأني هواء لا يُرى! والإجابة الأخرى ما الذي أعادني إلى هنا، حسناً اشتقت لزوجة عمي، هل ظننتِ أنكِ ستتخلصين مني بسهولة؟!"
عبست بدور وهي تقول بنزق "ما كل هذه الثرثرة يا فتاة، أنتِ صداع... صداااااااع يحمل فم كبير لن يتغير!"
شهقت سَبنتي مدعية الصدمة وهي تضع يدها على قلبها في إشارة للألم "أنتِ تجرحيني بدور، وأنا من ظننت أن حملكِ بأخي... تباً!! أعني ابن أخي سيغيركِ ويجعلكِ تتقبليني أخيراً!!"
تصلب جسد بدور والنوم يتبدد منها سريعاً ملتقط عقلها زلة لسانها غير المقصودة.. أم كانت بالفعل مقصودة!
"ماذا قلتِ؟!"
ابتسمت ببراءة وهي تقف من مكانها تتوجه إليها وهي تقول "حملكِ بابن أخي... راشد لا يتوقف عن الحديث عنه وعن ترتيباته عندما نجتمع سوياً أنا وهو والصغير... لقد وعدني باللعب معه وحمله كما أريد دون أن يسمح لكِ بمنعي!"
صمتت أمام وجه بدور الذي شحب ثم أكملت بنبرة وضعت فيها كل الحزن الذي تستطيع "آسفة ولكن لم أقدر على منع نفسي من إخباره بعدم مقدرتي على لمس الصغير... إذ أنكِ تكرهينني جداً دون سبب فكيف ستسمحين لي بالاقتراب منه؟!"
"آسفة لتحطيم أحلامكِ وهو، هذا لن يحدث!"
قالت باندفاع مقصود "هو لن ينتظر رأيكِ، إذ أنه لن يسمح أبداً بأن يكبر أطفاله بعيداً عنه حتى وإن اضطر لإجبار أمه للتخلي عنه، امممم هكذا أخبرني"
كورت بدور يديها ومشاعر عنيفة تنطلق من كل انشٍ في جسدها بطاقة مشحونة من الغضب القادر على تحطيم ما أمامها..
انكمشت سَبنتي لبرهة واحدة قبل أن يعود ذلك الاحتراق يمنحها طاقة كره عنيفة ليجعلها تقف أمامها بثبات...
رفعت بدور جفنيها أخيراً ثم قالت ببرود شديد "لا تتدخلي في أحاديث الكبار مرة أخرى، ولا... أنا لا أكرهكِ يا سَبنتي... فقط أتجنبكِ حتى لا أدخِلكِ في حربي مع أخيكِ... كما أفعل الآن تماماً!"
عينيها الواسعتين كانت تتأملها بنظرة غريبة وكأنها تُدخلها في تقييم من نوع ما غير غافلة عن المشاعر العديدة التي تعتمل فيهما وتنجلي على ملامحها... هناك شيئا مختلف في الفتاة، أمراً غيرها كلياً عن الصغيرة التي كانت رغم تجنبها إياها تضعها تحت نظراتها باهتمام كما الجميع هنا!
راقبتها تنحني نحو الزجاج تجمعه بكفيها العاريتين وهي تقول "لا بأس، لقد تخطيت مشاعركِ تجاهي منذ زمن، أنتِ غير مجبرة على الكذب!"
أمرتها بفتور "توقفي عما تفعلينه ستؤذين نفسكِ!"
رفعت سَبنتي رأسها تنظر لوجهها المطل عليها من علو ونبرة ضائعة مهتزة تفلت منها مرغمة وهي تقول "لقد تأذيت بالفعل، بسببكِ!"
انحنت بدور سريعاً بما يسمح به حملها الذي ثقل، ثم جذبتها عنوة من ذراعيها لتعيد وقوفها مكانها ثم قالت بضيق وهي تتفحص يديها التي بالفعل حملت جرحاً آخر بسبب الزجاج ، ما المشكلة مع تلك الغبية، هل تعد نفسها لدخول موسعة جينيس في عدد الجروح وأثار الحوادث التي يحملها جسدها؟! ثم قالت بلهجتها الباردة "لم أخبركِ أن تنظفي مكاني... رباااه، إضافة لاندفاعكِ وجنونكِ أنتِ غبية أيضاً!"
توسعت عيني سَبنتي وهي تنظر لدمائها التي لوثت يدي بدور التي سحبتها نحو الحوض وهي تمتم بسباب ساخط.. هي بالفعل لم تشعر بهذا الجرح ولم تعني مؤكد أذيتها بهذا الشكل، بل طامتها الكبرى التي أخرجت وحش كاسر ينهش داخلها! ما الذي أتى بها إلى هنا، لبراثن تلك العائلة التي اغتالتها هي وتلك المرأة جوان؟!
أجلستها بدور على المقعد، وهي تجلس أمامها جاذبة منشفة ورقية كاتمة الجرح الصغير بها وهي تقول "سنحتاج ضمادة كما التي تعلو جبهتكِ!"
سحبت سَبنتي يدها وهي تقول بخفوت "لن أحتاجها سأكون بخير!"
قالت ببرود "حسناً أنتِ حرة والآن هل يمكنني سؤالكِ عن ماهية هذا العرض الغبي؟!"
قالت بغلظة "أنا لست غبية، فقط أخبركِ عن خططي المستقبلية مع هذا الطفل!"
قالت بدور بمهادنة زائفة "هل أزعجكِ خالد مرة أخرى وتريدين إفراغ غضبكِ في أي شخص متاح؟"
رمشت بعينيها وكأن ذكره وحده كافي لردع تهورها، تلاعبها الذي تنويه... همست باختناق كاذب "لا، أنا أتجنبه منذ ما حدث إذ أن راشد أمرني بهذا ولن أستطيع إزعاجه!"
هزت بدور كتفيها وهي تقول "قرار حكيم من كليكما!"
صمتت بدور وهي تتحاشى كل ما دار معزية الأمر أنه مجرد عبثية معتادة منها وزلة لسان عادية بالفعل..
ولكنها كانت أكثر إصراراً أن تجعلها تعاني كما هي دُفِعت للجحيم "هل تعرفين امرأة تدعى جوان، هي في عمركِ تقريباً؟!"
في البداية ظهرت عليها الحيرة وهي تبحث في ذاكرتها عن اسم خُيل لها أنه مر في حياتها يوماً... كادت أن تنفي قبل أن يسطع شيء جارح في الذاكرة توسعت له عينيها بتوتر شديد مخالط لألم غابر "نعم أعرفها فتاة صغيرة في عمر نوة لا أنا، واختفت منذ زمن طويل بعد أن قُطعت كل روابطنا العائلية بهم... هل تعنين نفس الشخص؟"
قالت بنبرة جامدة "أخمن هذا!"
ساد الصمت للحظات طويلة مشحونة قبل أن تقول بدور ببرود "من أين عرفتها، ولماذا تسألين عنها؟!"
تظاهرت سَبنتي بالتوتر الشديد، راسمة الندم على ملامحها وهي تعض على فمها بقوة وكأنها تؤنب نفسها على شيءٍ لا يجب قوله!
"متى تلدين الصغير؟!" ادعت التهرب بسؤالها!
برقت عيناها بالغضب وهي تقول بنبرة لا حياة فيها "لم أتلقى إجابتي سَبنتي، كيف تعلمين عن جوان؟!"
ارتعشت شفتي سَبنتي وهي تزيح شعرها بحركة أجادت توترها وارتعاش أناملها فيها ثم قالت ببراءة "إن أخبرتكِ سأغضبه مني جداً... أنا فقط أردت أن أعرف عن المرأة التي عرفني عليها وتحمل تشابه كبير مع ملامحي لقد ظننت أنها قريبة لي من ناحية أمي!"
تقبضت يدي بدور بقوة على طرف المائدة متشبثة فيها وكأنها ستمنعها من سقوط محقق صدرها يعلو وينخفض بلهاث شديد لم تستطيع إخفائه متذكرة جملتها الأثيرة "تلك هي المشكلة سَبنتي لا تشبهنا بل تحمل ملامحك بأخرى غريبة لا تخصنا!!"
"جوان... جوان الأمير المراهقة الصهباء تلك التي كانوا يتمازحون بأنها زوجته المستقبلية... تلك التي اختفت من حياتهم تماما بلا أثر قبل عامين من ظهور سَبنتي يحملها راشد بين ذراعيه أتى بها من لندن إلى أمها!"
أمسكت أناملها عبر الطاولة وهي تقول بقلق "بدور... أنتِ بخير، هل أوقظ زوجة عمي؟!"
هزت رأسها رفضاً وهي تُبعد كفها الصغير عنها تنظر إليها بجمود وهي تقول بنبرة لا حياة فيها "ماذا أخبركِ عنها؟!"
"اممم... لا شيء أصدقكِ القول لقد أخافتني المرأة احتضنتني باكية، وعندما قاومت طمأنني راشد وهو يقول بأنها تعرفني جيداً وتحبني!"
أومأت بدور برأسها عدت مرات دون رد... ثم وقفت أخيراً تنقل خطواتها بثبات شديد! الطعنة قوية هذه المرة ولكن ما الجديد ألم تكن تشك منذ البداية؟!!
إذاً لماذا سوف تدعي الآن صدمة المعرفة؟!
"هل تريدين تناول شيء معي؟" صدمتها بطرح السؤال وهي تعود تفتح المبرد متناولة منه شرائح من الجبن واللحم البارد!
ارتبكت سَبنتي للحظات وهي تنظر إليها مسيطرة قوية كما عاداتها وكأنها لم تطعنها للتو بما قالته عن وجود امرأة أخرى سبقتها إليه بل وانجب منها!
يديها كانتا تتحركان في تناغم وهي تعد شطيرتين، ثم تضعهما على طبقين متفرقين... توجهت نحوها بعد دقيقة من الصمت تضع حصتها أمامها وهي ترسم ابتسامة عريضة على وجهها ثم قالت "هذا لتعويض أذيتي إياكِ! أحلام سعيدة بقة!"
رفعت سَبنتي عيناها الواسعتين تحدق فيها بتضارب مشاعر غريب لم تتبين منه غير الخوف والندم!
"بدور" همست بنبرة أشبه بنداء نجدة
أجابتها بحلاوة مزيفة "نعم بقة، هل تريدين إخباري بشيء آخر؟"
لم تنقطع نظرات كلتيهما حتى أخفضت سَبنتي وجهها لينسدل شعرها كستار يحجب ملامحها، وكأنها تراجعت خوفاً في تلك المواجهة القصيرة... ثم همست بشحوب "شكرا لكِ على الشطيرة!"
هزت كتفها في علامة أشبه بإجابة ثم غادرت المكان ساحبة طعامها معها!
سامحة لفقدان سيطرتها أن يظهر أخيراً متمثلاً في رقرقة دموع خفيفة داخل عينيها، وارتعاش أناملها التي استراحت على صغيرها وكأنها تستمد منه الدعم لاستقبال مزيد من الحقائق التي لن تتوقف هذه المرة حتى تعرفها جميعاً.
*************

عبثاً كان يقاوم نفسه ألا يقتحم غرفتها المنفصلة منذ أن أقامت معه في هذا المنزل الذي أسسه من أجلها بعيداً عن أعين أي يد قد تفكر أن تطالها أو تطاردها!
صوتها المكتوم ببكائها المعتاد كان يخبره أنها ما زالت مستيقظة!! لقد تعمد أن يتهرب من مواجهتها طوال اليوم بعد مواجهتها مع صغيرتها... حتى وهو يعلم أنها في أكثر الأوقات احتياجاً إليه ولكنه كان غاضباً، يا الله كم يحمل نحوها غضب عاصف لا يُحتمل، جحيم مكبوت داخل صدره حاجباً عنه حتى إحساسه بالتعاطف أو الترفق بها... كل هذا الألم الذي يشعره، هذا الندم الذي يشطره... تأنيب ضميره والنوم الذي يجافيه من خيانته أمانة بسببها، من تلوي طرق لم يتبعها يوماً...
دائماً ومنذ طفولته ونشأته وسط عائلة متوسطة الحال، بين أب وأم علماه معنى الشجاعة والإقدام والإخلاص والصدق... لقد مثل طوال رحلته معنى الوفاء والأخلاق اللذان جعل كل من يعرفه يقدم له احترامه وتقديره قبل ثقته العمياء في إسناد حمايته وهو لم يفشل يوماً... بل طوال مسيرته المهنية كان مثالاً للحارس الخاص الناجح، الذي تُقدم له عروض مغرية ليصبح بجانب أكبر رجال الأعمال في البلد... ولكنه ارتبط منذ سبع سنوات وأكثر بعائلة الراوي بالقرب من راشد بالذات... الذي وثق فيه بدوره ليوكله حماية أخته "ابنة أخيه" صحح لنفسه! مرافقها في كل مكان...
جحيم يغلي في صدره يريد التهرب منه، الصراخ حتى يفرغه عله يوقف جَلده الذاتي مريحاً نفسه قليلاً!
مندفع بالكثير من الغضب الحقد والاحتياج الشديد وطاقة الجسد العنيفة كان يفتح باب غرفتها عنوة دون استئذان لأول مرة منذ أن أقامت معه.. إذ أنها دائماً ما كانت هي التي تبدأ!
انتفضت جوان من تمددها تحدق فيه بعينين متورمتين، مضطربتين وهي تهمس ببحة أثر البكاء "هل تحتاج شيئاً؟"
الصمت ما قابلها وهو ينظر إليها بنوعٍ من الصرامة... ثم رفع يديه يمسك طرفي قميصه ممزقه من على جذعه بغضب، أجفلت وهي تقفز من مكانها وهي تراقب الأزرار التي طارت لتقع على أرض الغرفة مصدرة صوت مكتوم، همست وهي تتراجع بخوف من الطاقة العنيفة التي تفوح من كل عضلة في جسده الأسمر تتحرك بتناغم عنيف مع صوت أنفاسه اللاهثة "اخرج من هنا!"
اقترب منها بتمهل وكأنه أسد يحاصر صيده الثمين، ويسن أسنانه حتى يفتك ملتهماً أخر قطعة فيه "أريدكِ، أرغبكِ، هذا حقي في صفقتكِ, ثمن ما منحته لكِ اليوم!!" نطق أخيراً بنبرة جمدت الدماء في عروقها ذعراً... نبرة كانت شديدة الخفوت ومنزوعة الرحمة إذ أنها كانت أمراً لا طلباً... رغبة محتقرة في جسد تعلم يقيناً أنه يثير كل جنونه!
تدفقت دموعها التي لا تنضب من عينيها وهي تقول بنشيج مكتوم "أنت لست نفسك يا نضال، من الأفضل أن تهدأ قبل أن تفعل شيئاً تندم عليه... أه!"
صرخت مصدومة عندما جذبتها يديه القاسية ناهشة إياها من على الحائط الذي احتمت فيه ثم ألقاها على الفراش الذي نالها فيه مرة واحدة من قبل!
"لا تفعل، أرجوك!" همست بتوسل وهي تنظر لوجهه المظلم ولبراكين السخط في عينيه السوداويين!
لم يجبها وكأنه أصابه الخرس موقفاً عقله عن التفكير، وحاجب عن عينيه رؤية جسدها الذي يتلوى ذعراً تحته محاولاً الفرار...
هبط بفمه مجتاح شفتيها وكأنه ينهي أي نزاع قد يوقفه عن ما يفعل وكأنه بهذا يحجب أية عاطفة قد تجعله يرق لها ويتركها لحال سبيلها!
قُبلته كانت عنيفة، وحشية تهز جسدها هزاً تحت وطأة الخوف من عاطفة رجل تحطم كل دروعها التي أقامتها لسنين القمع التي عاشتها حتى لا تضعف أبداً ثانية ...لا دروع صححت لنفسها وهي تشعر بأصابعه الغليظة التي مزقت قميصها الحريري الرقيق، ثم حمالة صدرها ليقبض على معالم أنوثتها بباطن كفيه... نضال يُحييها من جديد، يذكرها أنها أكثر من جسد قد يُفرغ فيه أي رجل متعته... رغم عنفه ورغم توحشه في التعامل أو حتى إهانته القاتلة... وحده كان قادراً على إحياء احتياجها تذكيرها بأنها تستحق أن تُحب... أن تُعبد في محراب يخصها، أن يكون لها السلطة على رجل في ضخامته، ينتفض فوقها صارخاً دون مداراة بتضور كل إنشٍ من جسده جوعاً إليها!!
ركبته التي ارتفعت تضغط على ساقيها بشراسة مع تقبض يديه على جزءٍ هش وحساس فيها جعل مزيداً من الدموع تهبط من عينيها لتبلل شفتيها، مخترقة قُبلته التي لم تنقطع وقطعت أنفاسها...
تركها لبرهة خاطفة ينظر إلى عينيها متنفساً بصعوبة شديدة "لا تؤذيني" همست باستسلام من بين نشيج بكائها المكتوم فلم يرد عليها، لقد كان أكثر انشغالاً في تلك اللحظة من أن يفعل، أكثر إصراراً أن ينالها بأية طريقة تقربها منه حتى لو كانت مرغمة لقد كان ضائعاً بحق، فلم يحدد أي مشاعره أقوى... أخذها أخيراً في علاقة حميمية دائمة دون حساسيته الزائدة، متقبلاً ما تلقيه له من مقابل دون أن تبادله أياً من احتراق قلبه الذي وقع في حبال غرامها... أم أنه فقط أراد هذا اللقاء الذي لن يتنازل أن يكون بأقصى درجات العنف مفرغاً غضبه فيها؟!
بشيءٍ من القسوة كانت يده تغرز في شعرها الأحمر الكثيف جاذباً رأسها لأعلى وبشفتيه تعود تُدفن على بشرتها الكريمية يلتهمها التهاماً بكل ما للكلمة من معنى، إذ كان أياً ما يفعله لا يمت لقُبلات رجل بصلة!!
ازداد نحيبها قوة مع إحساسها بعبث يده الغاشمة التي لا تقرب لأي رفق أو رحمة، ممرها على طول قدها قابضاً على كل معلم فاتن فيها بنوعٍ من الوحشية...
ورغم كل هذا وعند وصوله لنقطة لا رجوع فيها بعدها متمكناً منها لينالها مسبباً لها نوعٍ من الألم الجسدي، ألم جسدي ممتع!! ليست متعة حيوانية أو جنسية، إذ أن ما تشعره معه ورغم كل جنونه وحماقته لم يكن إلا العاطفة، نضال الجاف الجلف والذي رغم موافقتها على تسليمها كل أمرها بين يديه... كان لا يجيد مطلقاً أية كلمات غزلية ترضي أنوثتها الجريحة... ولكنه كان يعرف كيف يوصل لها بحد رهيب كيف هي قيمتها في عينيه، هي غالية ثمينة يقدرها... جوان المنحلة كانت في عينيّ هذا الضخم الشرس عزيزة جداً وبريئة، امرأة طاهرة، امرأته هو، وهو فقط... وحتى إن تركها لن يكون أبداً بعده أحد!!
عند هذا الحد كانت دموعها أخيراً تهدأ، لتقشع غمامة الألم عن عينيها ليحل مكانها التقبل الرضا وربما التلهف والتمسك الذي عبرت عنه بإحاطة كتفيه بذراعيها بقوة حتى تخبره دون صوت ألا يتركها لأكبر قدر يريده!
محتوية لأول مرة غضبه وعنفه وإحباطه!
********
عندما ارتفع من فوقها أخيراً، التفت حول نفسها تسحب الملاءة حتى تحت ذقنها ثم أعطته ظهرها، مغلقة عينيها بقوة حتى لا تراه ككل مرة وهو يغادرها، مضيعاً كل ما عاشاه من حلاوة مشاعر بنظرة القرف والنفور التي تعلم خداعها... انتظرت وانتظرت دون أمل أن تشعر بالفراغ جانبها أخيراً... بل كانت صدمتها الأخرى عندما شعرت بذراعيه التي أحاطت خصرها ضاممها بقوة إليه وبجسده العاري الذي توحد معها تحت الغطاء... أفلتت منها شهقة بكاء وهي تدفن وجهها في ذراعه..
وضع وجهه في عنقها وسمعته يهتف من بين أنفاسه بصعوبة "أنا آسف... آسف يا جوان لا أعلم ما الشيطان الذي كان يتملكني!"
استمرت في البكاء على ذراعه لفترة أخرى وجيزة وهي تشعر بيديه نافذة الصبر تمسد بعض المناطق في جسدها وهو يطلق زفير مقهور "يا رب... ماذا فعلت؟!"
هزت رأسها بحركة أشبه بالنفي وهي تقول بنبرة هي نفسها لا تصدق فحواها "لا بأس... لقد أرضاني هذا!"
اتسعت عيناه المخفية عن رؤيتها، وهو يقول مضطربا "ما كان عليّ اهانتكِ بهذا الشكل... أن أسبب لكِ الرعب!"
هدأ بكائها نسبياً لتعدل نومتها بين ذراعيه دون أن يترك احتضانه إياها.. تسطحت ملتصقة فيه لتنظر إلى السقف في ظلام الغرفة التي ينيرها على استحياء نور خافت أتى من الباب المفتوح على غرفة المعيشة ثم قالت بسخرية حزينة "رعب؟! هل تمزح يا نضال... أنا ما عاد شيء في العالم قادر على إرعابي!"
كان عاجزاً تماما أن يتعاطى مع كل مشاعره وما حدث بينهما من لقاءٍ ضاري لم تتبدد حدته وصخبه أو رائحة علاقتهما التي فرغا منها لتوه... ولكنه تغلب على نفسه وهو يمسد بأنامله شفتيها المنتفختين إثر قبلاته بشيء من الرقة وهو يقول "اغضبي عليّ يا جوان، اصرخي إن أردتِ، لا تحاولي كالعادة تقبل أي أمر يُفعل بكِ!"
بالكاد استوعب كلماته وهي تدير عينيها لتنظر إليه باستنكار شديد ثم قالت "هل أصابك خلل ما نتيجة جلوسك معي؟!"
عقد حاجبيه بضيق وهو يقول بجفاف "لا خلل، ولكن تحويلي لرجل آخر معدوم الكرامة ربما وخائن للأمانة!"
عم صمت مشحون في أرجاء الغرفة وهي تنزع عيناها بعيداً معيدة تحديقها في سقف الغرفة "لم أجبرك, أنت تعهدت بكل ما يحدث من تلقاء نفسك!"
"واجبي حمايتكِ، دفع أي أذى بعيداً عنكِ، حتى وإن تخليت عن حياتي لا مبادئي فقط ومهما كانت أسبابكِ أو النتيجة!"
كانت عيناها تحدق في نقطة مفرغة في السقف وهي تقول بنبرة خاوية "عندما اكتشفت أمي بطني الذي يكبر، لم تحتضني أو تطمئن رعبي كما يُفترض، لم تصرخ عليّ، تضربني حتى إذا كنت استحق، بل سحبتني من يدي بجمود شديد وألقتني أمام أبي في غرفة مكتبه وهي تعلق باختصار "جوان حامل، ماذا سنفعل؟!""
انفعالاته كانت تتصاعد فوق صفحة وجهه مجاهداً أن يحتفظ بأعصابه هادئة تاركها تفرغ طاقة من الكبت بداخلها ربما إخراجها لما عانته، يساعد في علاجها بأية طريقة...
قالت بجمود "لقد طرحت السؤال وكأني مشكلة عرضية بفرقعة إصبع ستعالجها، وكأني مجرد قطعة من حليها فقدت بريقها وسترسلها لإحدى المحلات لتلميعها!"
صمتت تأخذ نفساً عنيفاً وعينيها تسكنها نظرة رعب خالص "ولكن أبي لم يتعامل مع الأمر بتلك الصورة، لقد كانت كارثة لا علاج لها، انهيار عالمه حوله... ابنته الوحيدة التي أفنى عمره ليؤمن مستقبلها على حد قوله! جلبت له العار، فضيحة ستهز عالمه ستضع رأسه في الوحل بين عائلته!"
غمغم نضال بما عرف منها سابقا "حاول إجهاضكِ هناك، فلم يفلح الأمر لتقدم حمل بجانب صغر عمركِ، ورفض المشافي فعلها، فأقنعكِ ووالدتكِ بالقدوم إلى هنا سراً وإيجاد الحل!"
قالت بنبرة مهزوزة "وقتها لم أكن أفصحت عن اسم هذا القذر، في الحقيقة أنا لم أنطق بأي شيء كنت صامتة طوال الوقت مرتعبة، حتى دخل لي في ليلة ووعدني بالحماية، بتخليصي من ذلك الطفل وإنقاذ مستقبلي، بالعودة جوان صغيرته وحبيبته وكأن شيئاً لم يحدث!"
قال بحزم "دائماً ما كنت تتخطين هذا الجزء يا جوان... ماذا بعد أن تحدثتِ؟!"
نظرت إليه بنظرة ذعر نظرة امتلأت بالرعب الصافي وهي تهمس بارتجاف "فُتِحت أبواب الجحيم التي لم أخرج منها قط، جُلِدت عارية على أمل تأديبي وإجهاضي... الاستعانة بامرأة بشعة... بشعة يا نضال حُبست معها في غرفة من جدران عفنة، سبتني بأشنع الألفاظ التي أصبحت أفهمها الآن، حتى أنها تعدت عليّ بالضرب.. ساقطة، منحلة، وعاء قذر يفرغ فيه كل كلب متعته... الكثير الكثير!"
ضمت رأسها بكفيها وهي تشهق بعنف محاولة استنشاق أكبر قدر من الهواء وكأنها كانت تكتم أنفاسها منذ بدأت تسرد ماضيها الأشنع!!
كان مجبراً أن يسايرها رغم نار سقر التي شبت حارقة فؤاده "كيف نجوتِ؟!"
قالت بنبرة هستيرية "لم أنجُ... أنا لم أخرج من تلك الأيام قط ما زلت هناك حتى بعد أن تحرك قلب أمي أخيراً كاسرة الباب بعنف وطاردة تلك الحقيرة، واحتضانها لي... هل تصدق، هل أنا كنت لأصدق هذا... أمي رأتني أخيراً رق قلبها نحوي وقفت في وجهه مخبرة إياه أنها ستحميني وطفلي العنيد الذي يتشبث بالحياة!"
صمتت تبتلع ريقها وهي تقول "لقد خافت أن تفقدني، حتى أنها بدأت في رعايتي صحياً محاولة أن تمحو ذلك الجحيم من رأسي... ولكن أبي كان له رأياً آخر!"
انتفض جسدها الرقيق بين يديه عدة مرات وكأنها تقاوم ألا تفقد وعيها من فرط الخوف والانفعال وهي تكمل "لقد خدعها بموافقته أتفق معها على بقائي هنا حتى إنجاب صغيرتي، وبعدها سيجد حلاً مع بلال الراوي... وهي صدقته، بالنهاية كما رقت هي لوحيدتها سيفعل هو الآخر!"
"ماذا فعل؟!"
شهقت وهي تقول "أخبرتك من قبل دفنني حية!"
********
الحاضر أصبح شبحاً مرعباً يغتال ماضيها ومستقبلها...
ساعة بعد ساعة وليلة تجر في ذيلها ليلة... ما عاد ما يسكن أحشائها يستطيع تجنبه وعاجلاً أو آجلاً سيُطلب منه أن يفصح للعالم بأثره عنه... و أن يواجه العالم بما اقترفته يديها...
صوته الجامد المرعب كان يأمرها رغم غموض ملامحه "اهبطي"
عينيها توسعت بهلع وهي تتأمل المكان المظلم والمرعب الذي حولها ثم سألت بصوتٍ مرتجف مهتز "أين نحن؟!"
لم يرد وهو يهبط أولاً ثم يستدير نحو بابها يفتحه ثم جذبها بعنف ومضى ساحبها وراءه... توسلت, لم تملك إلا أن تفعل ربما قلبه يرق من ناحيتها ويتذكر كل لمسة حنان منحها لها، كل ذرة عطف وتفهم، كل لحظة فخر كان يتحدث بها عنها... أملت فقط تعشمت أن يتذكر ببساطة من هي وما الذي تعنيه له... عندما قالت بنبرة طفولية ضائعة "لقد وعدت بحمايتي... بعدم أذيتي مرة أخرى ، أنا خائفة......."
راقبت كيف توقفت خطواته وظهره يتصلب كتفيه ينحنيان وكأن كل ثقل وحزن العالم القيا فوقهما... عم صمت مرعب مختلط بصوت صفير الهواء الذي يتخلل المقابر من حولهما فيخيل لها أن كل تلك الظلال أشباح تشحذ أنيابها مغتالة روحها... أطلقت صرخة ذعر أخرى وهي تقول مكررة "أنا خائفة... أرجوك بابا... اخرجني من هنا"
أغلق جفنيه بقوة مانعاً نفسه من التفكير، مقسم سد منيع بين فؤاده الذي يهدر بين أضلعه محاربه ليرحمها ليأخذها بين ذراعيه، حاميها من مصيبتها... ثم يأتي "بالكلب الحقير" ويأخذ ثأر كل منهما منه ذابحه تحت قدمه... ولكن منذ متى كان ثأر الشرف يؤخذ من الرجل!! بل هو كل تبعاته على الأنثى وحدها .. هي من فرطت؟! هي من استسلمت وهي من تحمل بذرة الخطيئة جالبة له العار والفضيحة "كان يجب أن تفكري بنتائج فعلتكِ قبل هذا... أنتِ تستحقين التقطيع من جسدكِ إرباً وأنتِ حية... ولكن أنا سأكون أرحم من أن أفعلها"
حاولت الصراخ.. أن تفلت من يده ولكنه استدار سريعاً ملجمها، مسيطر على نوبة تمردها، جارها جراً أمامه مراقب عينيها المرتعبة التي تنظر إليه بتوسل باستعطاف طالبة الرحمة... وجهه كان قريب... قريب جداً لتتبين من وسط الظلال دموع القهر التي فاضت من عينيه، وكأنه ينازع نفسه ألا يفعلها... توقفت عن مقاومته وهي تهز رأسها بالنفي, بالخوف تحاول أن تهمهم بشيء من وسط نشيجها وانتفاض جسدها الذي خارت قواه بالخوف...
رقت ملامحه المظلمة لثواني.. ثواني فقط قبل أن تجد نفسها مواجهة تماماً لقبرٍ مفتوح... ثم بجسدها الضئيل يُدفع في تلك الهوة متدحرجة على بعض الدراجات... رائحة الموت زكمت أنفها على الفور... جمدت لثواني رعباً حتى شعرت بماء دافئ ينساب من بين ساقيها خوفاً... لتستطيع أخيراً إيجاد صوتها، صرخت وصرخت في ظلام القبر باسمه "لاااااا.. أبي... لا تتركني... لا تتركني... سأموت هنا الرحمة... أنت وعدت بالحماية إن أخبرتك... وعدت بتخليصي منه لا قتلي!"
اعتدلت تحاول التسلق نحوه ولكن قبل أن تصل إليه كان "الرخام الضخم يُسحب فوقها"
أطلقت صيحة ذعر متبعها صراخ النجدة... دون انقطاع بينما هو ينهار هناك يدفن وجهه بين كفيه صارخاً بوجع رجولته بقهر كبريائه، وبمرارة فقد صغيرته...
انسحب صادق ببطء بين الأتربة متجمداً هناك شاعراً أن روحه تخرج من بين أضلعه وهو يسمع صراخها، هذيانها الفاقد للعقل تصف له بتوسل طفولي عن عفاريت وعظام تنهش فيها تسحبها داخل حفرة مرعبة، عن خطاطيف حديدية من نار تُكبلها... دقيقة اثنتان، أربع ساعة ونصف آخر... حتى بُح صوتها تماماً وأطلقت صرخة ملتاعة أخيرة شقت حدود السماء وصمت بعدها كل شيء! لقد انتهى كل شيء تخلص من فضيحته وخلصها هي من عار سيلحقها... لقد ماتت!!
"جواااان" صرخ بفزع وهو ينبش القبر بنوعٍ من الهستيريا وكأنه فقط عقله وتركيزه... ثم عادت عينيه المحمرتين المجنونتين تتفقد كل شيء حوله وكأنه يصارع شياطينه.. يده تتوقف يبتعد مرة أخرى ناوياً تركها لمصير هي من سعت إليه!
حتى كانت النجدة في رجل بسيط يمسك بيده مصباح
ينظر إليه بريبة قبل أن يسطع في عقله من هو بكل وضوح "ماذا تفعل هنا يا بك؟!"
الغبار الذي كان يملئه مع عينيه الضائعة ومظهره جعل الشك يدخل قلب الرجل وهو يتتبع نظرات الرجل فاقدة العقل، مكتشف فتح القبر دون أن يمسه هو!!
"ماذا فعلت يا بك... من وضعت هنا؟!"
لم يرد أيضاً مما جعل الحارس يترك ما بيده على الأرض ويضع طرف جلبابه في أسنانه رافعاً الرخامة الثقيلة التي لم تغلق جيداً مكتشف الجسد الصغير فاقد الحياة على الدرجات الترابية وهو يقول "لا حول ولا قوة إلا بالله... نفسٌ توأد حية... ماذا فعلت ومن تظن نفسك لتأخذ دور رب العباد؟!"
هبط الرجل بلهفة يحملها بين ذراعيه رافعها معه لأعلى ثم مددها أمام نظرات أبيها التي لم تتغير لحظة أو يخرج من صدمة فعلته "لقد ماتت، اتركها لقدرها ولا تنتهك حرمة الأموات!"
"العقاب على قدر الجرم يا بك، وأياً ما كانت ارتكبته، أنت يجب أن تكون ساندها وحاميها لا قاتلها!"
"فعلتها لا تغتفر ولا تُمحا" كان فاقداً لنفسه بالفعل وهو يتمتم بجرحه بمرارته...
صفق الرجل بيديه الاثنتين على بعضهم مردداً حول الله وقوته...
ثم اقترب منها صادق أخيراً ينظر لوجهها الشاحب والذي هربت منه كل دمائها، شعرها الذي يقسم أنه ابيض بعضاً من خصلاته، وجسدها البارد الذي يُلقي تحت قدميه فاقداً كل معاني الحياة... ثم كارثتها التي تتحداه هناك بوقاحة أن يستطع يوماً الغفران لها أو ضمها إلى كنفه مرة أخرى!
"لقد فقدها... حتى وأن لم تمت بعد، صغيرته الوحيدة الساذجة البريئة ماتت ودفنت والأموات أبداً لا يعودون!"
*******
أظافرها كانت تنبش في صدره بعنف... عادت من ذكرياتها التي روتها عليه بدقة ببطء شديد حتى أنه أجبِر لضرب وجهها ضربات خفيفة وكأنه يفيقها من نوبة إغماء عنيفة "جوان خذي أنفاسكِ، أنتِ تقتلين نفسكِ" صرخ فيها بعنف وهو يجثو على ركبتيه أمام جسدها الممد والذي شابه قطع من الجليد بين ذراعيه...
شهقت بعنف وفمها يفتح مطلقة زفرة طويلة، ثم سحبت قدر من الأكسجين وهي تنظر إليه بعدم تركيز وكأنها تتساءل ما الذي يفعله، ولماذا جذعه الضخم كان يرتجف بعنف إثر القلق؟!
"ما زلت أرى الأموات في كوابيسي!"
أطلق نضال زفرة طويلة.. وهو يلقي بحمل جسده بعنف بجانبها ثم وضع يده علي جبهته وهو يقول بانفعال "أنتِ ستتوقفين عن سرد الماضي... يجب أن تمضي في حياتكِ قدماً... ما عدت قادراً على رؤيتكِ تعانين مع أشباحكِ!"
"ضُمني نضال ولا تفلتني" همست مرتجفة من رأسها حتى أخمص قدميها!
فمد يديه سريعاً ملتقطاً هشاشتها... محتويها بقلبه وكيانه وصدره وعقله وكل إنشٍ وعظمة صغيرة في جسدها... حتى شعرت أنها محمية فيه مختفية عن العالم أجمع بين يديه... بأنها تستحق أن تُحب!
"لا تتركني، ولا تبتعد ربما أنا لست المرأة التي تستحقها، ولكني لن أكون شيئا بعدك!!"
لم يرد عليها بكلماته على الأقل إذ استبدلها بتقبيل جبهتها بقوة ممراً يده في خصلاتها الصهباء الكثيفة التي تُداري بها شعرات شيب لم تجرؤ أن تلونها، وكأنها تبقيها بإصرار لتذكرها دائماً..
الآن هو يفهم... يفهم كل شيء عن تلك المرأة... امرأة حياته!
********
بعد ساعات...
الرنين الخافت لهاتفها أزعجه فتح عينيه بتثاقل كارهاً أن يقطع أي شخص على وجه البسيطة لحظات سلامه القليلة... مد يده بحرص متناوله وهو ينوي إغلاقه ليحصل عليها أكبر قدر ممكن بين ذراعيه... ناوياً ألا يتركها اليوم مهما كانت مسؤولياته الملحة...
عبس وهو يلتقط اسم أبيها مما أشعل غضبه تلقائياً... اتصال لها في هذه الساعة لا يعني إلا شيئاً واحداً تهديدها وأذيتها لتعود وتنطوي وكأنها نفس المراهقة التي لقيت على يديه شتى أنواع العذاب!
فتح الهاتف وقبل أن يجيبه كان يسمعه يقول "إن لم تأتي في أقرب وقت متخلية عن رفيقكِ الحقير... سآتي إليكِ بنفسي أو أسوأ سأُعلم أنور بمكانكِ تاركاً له حرية التصرف وتطهير شرفه يا جوان!"
غضب... غضب شديد وعنيف كان من يتحكم فيه وهو يرد دون تردد "اقترب منها... حاول لمس شعرة واحدة أنت أو الحقير الآخر وسأفرغ سلاحي في صدر كل منكما دون أن يهتز لي جفنٌ واحد!"
"هل تجرؤ أن تتحداني... أعطها الهاتف حالاً لن أتحدث مع عشيق نكرة تخفيه هي خجلاً منه!"
قال نضال من بين أسنانه "عشيقها؟!..... كيف تجرؤ أنت... وأنا من ظننت من حديثها أنك رجل تحمل أية نخوة! اسمع جيداً، لن أسمح بتأثيرك الشيطاني عليها... إن اقتربت من زوجتي مرة أخرى... لن أرحمك!"
*********
انتهى
قراءة سعيدة مبارك
.


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس