عرض مشاركة واحدة
قديم 19-11-19, 08:43 PM   #240

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السابع عشر

الفصل السابع عشر:
أنهى استحمامه سريعا و غسل أسنانه جيدا ليلف المنشفة العريضة حول خصره.. خرج من المرحاض متلهفا ليعقد بغتة حاجبيه بتوجس و هو يناظر الغرفة الخالية منها.. تصنم لبرهة قبل ان يخرج مندفعا من الغرفة ينادي بإسمها يتفقد سائر أنحاء الشقة دون أن يجد أي أثر لها.. أضاء عقله فجأة و صوت الشك يتفاقم بداخله ليركض نحو الحمام يتفقد جيوب سترته ليكتشف خلوها من مفتاح الشقة.. قذف السترة على الأرضية الرخامية و اتجه بخطوات واسعة غاضبة نحو باب الشقة ليجده مغلق.. حانت منه التفاتة نحو المنضدة ليكتشف اختفاء مفاتيح سيارته أيضا.. حينها أدرك الفخ الذي وقع فيه بكل سذاجة.. ليصرخ بأعلى صوته كثور هائج و يكسر كل ما التقطته يداه من تحف من حوله.. كان صدره يصعد و يهبط بثورة أنفاس هادرة و عيناه يستعر فيهما الجحيم.. تحرك نحو هاتفه و ضغط على رقمها ليأتيه صوت ضحاكتها و من ثم:
- تعيش و تاكل غيرها يا سبع.
اكملت وصلة قهقهتها على سذاجته و تابعت بتشفي:
- مشان تتعلم مرة تانية كيف تحاول تضحك علي.
احتقنت عيناه بلون الدم و صك أسنانه بانفعال ساخط ليصرخ :
- و الله لاوريكي يا نور.. أنا سراج حرب وحدة مفعوصة زيك تعمل فيي كده..ماشي يا بنت التهامية ما ابقاش سراج إن ما علمتك الأدب.
- حكي بالهوا ما بتقلي جوز بيض.. بتعرف و الله كان جاي عبالي أستنى آخدلك كم صورة بالبشكير و انشرهم على السوشيال ميديا بس خوفت يحسدوني عليك يخزي العيييين و اللي بيدري بيدري و الا ما بيدري بيقول كف و بس هههههههههه.
- آه يا بنت ....
عنفته بحنق:
- ما تغلط على بابا.. إذا انت غبي أنا شو دخلني .. و خليت غريزتك تتحكم فيك.. بس معلش أهلية يا مان.. خلص روح ولعلك سيجارة و هدي أعصابك.. و آه صحيح.. بتتذكر الكف اللي أكلته مني قبل.. مش عارفة شو احكيلك بس كأنك أكلت كف تاني.
ارتفعت ضحكاتها تارة أخرى كأنها سلسلة لا نهاية لها قبل أن تقرب سماعة هاتفها من جهاز المذياع في السيارة لتصله كلمات الأغنية المنبعثة منه:
" انا مش مبينالو انا نويالوا علي ايه
ساكته ومستحلفاله ومش قيلاله ساكته ليه
خليه يشوف بعنيه ايه اللي ناويه عليه
هخليه يخاف من خياله لما اغيب يوم عن عنيه"

و من الخلفية صوت نور الشامت " قوليله يا شيرييييين "
أغلق الهاتف و هو يشتمها بصراخ.. تلك .. تلك.. تلك المغوية.. أوقعته في حبائلها و لاذت بالفرار منه.. كيف سقط في مصيدتها بهذا الغباء!!
توعد لها بأشد أنواع العقاب و هو يرتدي ثيابه على عجالة قبل أن يتصل بحارس البرج يأمره أن يأتي لفتح الباب معللاً الأمر أنه أضاع المفتاح بعد ان أقفل الباب.. أبلغه الحارس أنه قد ذهب في زيارة للمشفى و أنه في طريق العودة..أغلق الهاتف و جلس في الصالة بوجوم صامت ينتظر مجيء الحارس.. عقله يخيل له مشاهد قتلها.. سلخ جلدها.. و حتى فصل رأسها و تعليقه على باب قصر أهلها.
-----------------------------
- يييي الله لا يوفقه كيف هيك بيعمل.. و انتي مجنونة ليش ما صرختي قبل ما يجرك لفوق.
تلك الكلمات التقريعية التي لفظتها بيان صديقة نور.. تنهدت نور بسأم تجيبها بعقلانية:
- الله وكيلك ما لقيت حدا.. بلد فيها مية مليون نسمة كلهم اختفوا على حظي.. و حتى لو طلعولي ناس شو بدي أحكيلهم.. إذا فتحت تمي بيطلع ورقة زواجنا و بيحكي مرتي و أنا حر فيها.. المهم يااا ريتك سمعتي صوته لما حكى معي ( ضحكت من جديد كأنها حبيسة دائرة ضحك لا تنتهي ) ااااخ بس و الله شفقت عليه.. يعدمني الهبل انا.
- و انتي الصادقة.. الزلمة بيتحول لطفل معاق بس يلاقي وحدة متجاوبة معه.
تشاركت الفتاتان الضحك الهستيري على ما جرى.. و ما ان خفتت تساءلت بيان بخوف:
- بس مش خايفة يطلعه عليكي بعدين؟
أجابتها نور باستسخاف:
- إيده و ما تعطي.. ما هايطلع بايده شي.
- تستهينيش يا نور.
- مش مستهينة بس ربك الحافظ.. المهم طمنيني سجلتي ماستر؟
استمرت الأحاديث بينهما لوقت طويل حتى لم يبقى شيء يتحدثان به.. أغلقت الهاتف معها بعد أن أنبأها تطبيق الملاحة على هاتفها أنها اقتربت من وجهتها.. أسدلت على وجهها قناع الجدية و شرعت تفكر في كذبة تقصها على أهلها تفسر قيادتها سيارة سراج وحدها.
----------------
- باه.. خبر ايه يا بتي.. جاية وحديكي ليه و عربية مين ديه؟
ابتسمت نور لجدها الذي استقبلها بعد أن كان يخطو لخارج القصر يبتغي زيارة أحد الأقارب..
- أهلين جدو.. ما في شي بس سراج أهداني سيارته لما حكيتله قديه عجبتني.. يعني هدية بمناسبة كتب الكتاب و هو ضل سايق وراي بسيارة تانية لحتى وصلنا.
فطن جدها لموضوع كتب الكتاب فتجاهل ما عداها.. اقترب منها يفتح ذراعيه ليتلقفها لداخل أحضانه.. ركنت رأسها إلى صدره لتستكين هناك.. قبَل رأسها من فوق الحجاب و قال:
- ربنا يباركلك يا بتي.. و يحبب خلقه فيكي.. مبروك يا بتي.
- الله يبارك فيك جدو.
ابتعدت عنه و قالت بمرح مشاكس:
- بس ما حكيتيلي.. انت وين رايح قربت تليِل!
- رايح واحد قرابة لينا عنده مشكلة اكده.. ان شاء الله نقدر نحلوهاله.
اقتربت تحتضن ذراعه و تقول بيقين:
- جدو كبير البلد و عزوتها.. بإذن الله الله راح ييسر الحل على ايديك.
حثت الخطا للمنزل بعد أن افترقت عن جدها و قد صعد السيارة الخاصة به يقودها أحد رجاله.. وجدت رحمة و رقية تتهامسان في الصالة مما استدعى ريبتها.. انتبهت الفتاتان لها لتهبا نحوها تهتفان بفرح:
- مبروك يا نور.
- ألف مبروك يا حبيبتي عقبال الفرحة الكبيرة.
أومأت لهن و هي تحدق في وجوههن بمكر:
- احكولي شو صاير تا انكوا عم تتوتوتوا بين بعض؟
قبضت رحمة على ذراعها تقول بتعجل:
- تعالي نطلع أوضتك و نتكلم.. في حاجات كتير حصلت النهردة.
- آآه هو اليوم باين من أوله.

في حجرتها جلست الفتيات على شكل حلقة فوق السرير بعد أن استحمت نور بعجلة و ارتدت منامتها المنزلية.. بدأت رقية تفضي بما حدث معها اليوم مع خطيبها عمر.. كانت نظرات نور راضية لكنها باغتتها بتنبيه:
- حلو يا رقية.. لكن خليكي واعية و خدي حذرك.. إياكي تخليه يتمادى يعني اللي صار هاد آخره.
أومأت لها رقية بخجل لتربت نور على فخذها تنصحها:
- حبيبتي رقية أنا بدي منك تحكي معه يعني ما بيزبط الموضوع يقتصر على حب و غرام.. لازم تفهميه و هو يفهمك و تتأكدي إنه مخك راكب على مخه.. ناقشيه بخططه للمستقبل.. حاوريه بتفاصيل التفاصيل مشان تطلعي من خطية حالك لقدام حبيبتي.
ناظرت رقية نور بامتنان يغمرها و أفصحت:
- بجد يا نور أنا مش عارفة من غيرك كنت هاعمل إيه.
- طييب.. و انتي يا ست رحمة شو صار معك؟
ضمت رحمة شفتيها و حركتهما للشمال و اليمين بتتابع و هي تبسط و تغلق كفيها بما معناه ( بلا خيبة ).. انتهت من حركتها لتبشر نور:
- أهو قاعد لابدلي في البيت.. و عينه عليا في الرايحة و الجاية.. و يا ريته بيبصلي بنظرات حلوة كده لاااا.. دي نظرات كلها غل زي كأنه بيني و بينه تار.
ضيقت نور عينيها بتفكير ترجمته لكلمات:
- أنا مش مرتاحه لسكوته.. يعني ما راجع خالتو بردك و ما حرك ساكن.. بس قاعد و بيراقب.. غريب.
- انا مش عارفة يا نور هاعمل إيه لو فضل بكرا في البيت و الناس اللي جايين دول!
- لازم جدي يلاقيله صرفة.. إحكي لأمك خليها تحكي مع جدو يوزعه لأي مكان أي شغل بكرا.
وافقتها رحمة ليسود الصمت لثوان قبل أن تسأل نور:
- ما في أخبار عن جمال؟
تنهدت كلا من رحمة و رقية بقنوط قبل أن تجيبها رقية:
- بابا قالي إنه مسافر دبي تبع شغل و مش عارفة هايرجع امتى.
- الله يوفقه يا رب.
أمنت كلتا الفتاتان على دعاء نور قبل أن تهم رحمة بسؤالها:
- قوليلنا انتي بقى.. حصل معاكي إيه اليوم؟
ابتسمت نور بغرور لتغادر السرير نحو حقيبتها تلتقط مفتاح السيارة خاصة سراج و تلوح به أمام أعين رحمة و رقية.. قطبت الفتاتان باستفهام لتجيبه نور:
- شقطت منه السيارة.
تبادلت رحمة و رقية النظرات الحائرة قبل أن تستفهم رقية:
- شقطتيها ازاي يعني؟
رفعت نور أكتافها بلامبالاة تجيب:
- عادي.. عجبتني و اخدتها و هو حكالي صحتين.
توسعت عينا الفتاتان عجبا لتهلل رحمة بقولها:
- انتي ما لكيش حل يا نور.. بجد انتي لازم تدرسي الحاجات دي للبنات الغلابة اللي زينا.
ارتفعت ضحكات نور و في داخلها ضحكة أكثر صخبا.. فلو علما الحقيقة لكانوا الان يولولن على حظها البائس.
------------------------------
عودة لبضع ساعات في القاهرة:
- انت فين يا زفت؟
- لا حول و لا قوة الا بالله.. يا ابني انت مش كاتب كتابك من شوية.. ما تفك عني يا أخي!!
- مش عايز كتر كلام.. تعالى على الشقة بتاعتي عايزك ضروري.
- يا أخي أنا بدعي ليل نهار إنك تتجوز و تحل عني.. ماشي يا سيدي.. نصاية و ابقى عندك.
بعد مرور بعض الوقت.. اصطف عدي سيارته أمام البرج الذي يقطن به سراج.. انعقد حاجبيه و هو يرى سراج يخرج من بوابة البرج و يتجه نحوه.. و برد فعل طبيعية خرج هو من سيارته و من دون أي سلام باغته سراج بأمره:
- هات مفاتيح العربية.
رفع عدي كلا حاجبيه بتعجب لكنه نفذ.. و استل مفاتيحه من جيبه ليضعها في يد سراج المسبلة.. حرك سراج رأسه لكلا الجانبين ليصدر صوت طقطقة مخيفة.. ثبت أنظاره على عدي المرتاب يقول:
- أنا راجع البلد.. خد بالك من الشغل لحد ما ارجع.. و ابقى خدلك وحدة من عربيات الشركة مشي أمورك بيها لحد ما ارجعلك عربيتك.
و من دون أن يمهله حق الرد كان سراج يتجاوز عدي و يصعد للسيارة و ينطلق بها بأقصى سرعة مخلفا خلفة آثار العجلات السوداء على الشارع.
-----------------------------------
كان قد وصل في وقت متأخر من الليل.. لم يعلم ما الحيلة التي ستجعله يدخل بيتهم و يطلب رؤياها في هذا الوقت خاصة و أنه من المفترض أنها كانت برفقته خلال النهار..ضرب المقود بقبضته و هو يبتعد بالسيارة عن محيط قصر التهامي متجها نحو قصرهم.. و إن الغد لناظره قريب.
مع إشراقة شمس يوم جديد تمطت نور بجسدها تمرغ وجهها في فراشها الوثير.. جلَست نفسها ترتب خصلات شعرها المتناثرة حول وجهها.. التقطت هاتفها من قربها و تفقدت الرسائل و المكالمات و لم تجد شيئا سوى بعض الصور الهزلية من صديقتها بيان و مكالمة فائتة من سارة زوجة عمها نزار.. لربما أرادت المباركة.
أجلت المكالمة مع سارة لبعد الاستحمام الذي حاولت ان تطيل من وقته قدر المستطاع كي تسترخي عضلات جسدها المتشنجة.. تحاول طرد أي فكرة تحيط بسراج و ما قد تكون ردة فعله.. بالأمس كانت منتشية بالنصر لكن اليوم هي وجلة من التبعات.
قلبت بين صفحات التواصل الاجتماعي بملل بعد أن أنهت مكالمتها مع سارة.. لا تريد النزول إليهم فمزاجها متعكر للغاية.. أعادت رأسها للخلف تستند إلى ظهر السرير تفكر أنه لا بد أن تنزل فاليوم سيأتي العريس المزعوم لرؤية رحمة.. دعت الله ان يكون جدها قد نحى محمد من المنزل فهي لا قبل لها أن تشهد أي انفجار اليوم.
----------------------------------
كما المرة السابقة كان العمل الدؤوب و دوريات التنظيف هي السمة الطاغية على المنزل.. نزلت السلالم بتمهل ملول و ألقت سلاما باهتا على النساء.. ألقت رحمة عليها بقطعة قماش مخصصة لمسح الغبرة قائلة:
- يالله يا اختي ما تعمليليش فيها عروسة.. همي معانا إيدك في ايدينا.
لوت نور شفتيها بامتعاض تجيبها بنزق:
- حاضر يا مرت أبوي.. و الله اللي بيشوفك بيقول إنك فرحانة بجية العريس.
رفعت رحمة أكتافها لتقول باتزان:
- ما تفرقش.. ده سلونا لمن ييجي علينا خطاب.. نقلب البيت فوق تحت.
أومأت نور باستسلام لتشرع تساعد الفتيات بالتنظيف.
--------------------------
مضت ثلاث ساعات في جهاد العمل المنزلي.. أنهكت قوى نور لترتمي على إحدى الأرائك و تغمض عينيها تنشد القليل من الراحة بعد العمل المتواصل.. اقتربت منها رؤى تحثها:
- قومي ارتاحي فوق يا نور شكلك تعبانة من مبارح.. ما هو المشوار كان طويل عليكي رايح جاي.
فرَقت ما بين جفنيها لتومئ باستسلام و الألم يغزو عضلات ظهرها.. صدقت رؤى فالبارحة كان مشحونا و طويلا و مرهقا لجسدها و مشاعرها و اليوم فقط قد ظهرت عليها آثار التعب.. نهضت تحث خطاها للأعلى نحو حجرة نومها و ما أن استلقت على السرير حتى دخلت عليها رقية بهياج تتمتم بما لم تفقهه أولا حتى استوعبت و توسعت عيناها برهبة:
- شو بتقولي؟
أجابتها رقية و هي تنفض اللحاف عنها تستجديها النهوض:
- بقولك خطيبك قاعد تحت و طالب يشوفك.. قومي يالله البسي و جهزي نفسك بس شهلي.
تركتها على حالة من الجمود المرتاب.. هي لم تتفاجأ من قدومه بل كانت تنتظره بترقب صبور..هي تعلم أنه لن يمرر ما حدث مرور الكرام.. لكنها الآن و قد أصبحت المواجهة وشيكة للغاية بدأ الخوف و القلق يتسلل لقلبها يخض كل ذرة اتزان تملكها.. لم تخطط لما سوف تفعل حين تلقاه.. إنهاك الجسد قد تفشى حتى وصل للفكر و شله عن التفكير بأي مخطط قد يفيدها و هي بين يديه الغليظتين.. فركت جبهتها بالسبابة و الإبهام تحاول تنظيم أفكارها.. لتلتمع عيناها ببريق الإقدام فتثب عن سريرها نحو المرآة و تطفق تشعث شعرها بهمجية و ترفع قماش المنامة عن إحدى ساقيها بينما أبقت على الأخرى مسبلة.. طالعت هيئتها المبعثرة بمنامتها التي لا ترنو لتكون لإمرأة بالغة لتبتسم باستحسان.. التفتت نحو خزانتها لتلتقط منها عباءتها السوداء و الشال المماثل لها بعتمته.. و ارتدتهما و اتجهت خطواتها لخارج الحجرة نحو مكان وجوده.
في الأسفل كان يجلس في غرفة المعيشة المصغرة.. استقبله الحاج عبدالعزيز بحفاوة ظنها حقيقية مما جعله يتراجع عن اسلوب الفظاظة الذي كان ينتويه معه لما فعلته حفيدته خاصة بعد أن استشف أنها لم تبلغه بما حدث.. استأذنه بمقابلتها ليوجهه نحو هذه الغرفة و يطلب منه الانتظار ريثما يبعث أحداهن لاستدعائها.. طال انتظاره و تملل في جلسته.. استمر بهز ساقه غضباً حتى انتبه لصوت فتح الباب لتطل عليه نور بعباءتها السوداء الذي يماثل شالها بغمقته.. حدجها بجذوتين ملتهبتين و قبل أن ينطق لتخرج الحمم من بين شدقيه كانت تتخفف من عباءتها و الشال ليفتح هو فاهه بذهول مستنكر.. تابعتها عيناه و هي تتحرك بلا مبالاة تطوي عباءتها و تسندها على أحد المقاعد ثم اتخذت مجلسها على المقعد المقابل له لكن البعيد عنه تضع الساق فوق الساق.. رفع حاجبا متعجبا و قد نسي ما أتى له ليقول باستهجان:
- هو إيه أصله ده.. إيه اللي انتي عاملاه في نفسك؟
رفعت أكتافها بتلقائية تجيبه بعينين تبثه الضجر:
- شو عامله؟ انت اجيتني على غفلة و كنت نايمة فما حبيت أخلي معاليك تستناني كتير فاجيتك على طول.
التوت شفتيه بنفور يقول بتقريع:
- طب كنتي اغسلي وشك حتى قبل ما تنزلي.. انتي عاوزة تطفشيني يا شيخة؟!!
ظن أنه رأى لمعة نصر في عينيها ليفطن لحيلتها على الفور.. جاراها في وضع ساقه فوق الأخرى ليقول و هو يشير لها بسبابته:
- بس تعرفي..كويس انك وريتيني الوش ده عشان ما اتخضش بعد الجواز و اقطع الخلف.. بس و النبي ما تخرجيش من قوضتنا كده مش عايزين حد تاني يتخض.
هزت ساقها بحنق و قد تأثر كبرياؤها الأنثوي بكلماته.. قد حققت مبتغاها من اطلالتها هذه لكنها لا تستيغ كلماته الجارحة لأنوثتها.. تتبع هو رجة جسدها الغاضبة و ابتسم بداخله ليكمل :
- ما علينا شكله الميك أب هو اللي ساتر عليكوا..
و قبل ان يتسنى له إتمام عبارته نهضت بهياج تصيح به:
- لاء عندك.. إنت هيك عم بتكبر بالحكي و انا ما بسمحلك.
ابتسم باستفزاز و قد استطاع كسر هالتها الجامدة ليستقيم بوقفته و يختصر المسافة بينهما لترتعد هي بجسدها المتمسمر رهبةً من القادم.. قبض على رسغها يهزها بعنف كازَا على أسنانه لينطق و الغضب يرتسم على صفحة وجهه و يحتل رنة صوته:
- اللي حصل مبارح مش هافوتهولك يا نور.. و حسابك تقل أوي أوي معايا..بس معلش.. هانت و تبقي في بيتي و وقتها..
ترك تهديده معلقا سامحا لخيالها بأن يجمح لأسوأ التوقعات و التخمينات.. أشاحت بوجهها عنه بإباء و قوة أجادت رسمها ليقبض هو على ذقنها بخشونة يجبرها على النظر إليه صائحا بها:
- بصيلي لما بكلمك.
حدجته بنظرات ازدراء صريح ليعتصر رسغها و ذقنها أكثر مسببا لها ألما لم يترجمه صوتها الواثق:
- ليش أنا شو عملت؟ و مين المفروض يخجل يورجي التاني وجهه! شكلك مش واعي انك كنت ناوي على نية عاطلة مبارح.
ندَت عنه قهقهة عالية مستمتعة لتخفت تدريجيا و عيناه مسلطتان عليها:
- انتي ناسية انك مراتي.. يعني حلالي و أعمل ما بدالي.
- أولا يا فهيم زمانك.. أنا ما بكون زوجتك إلا إذا أهلي حطوني بنص غرفة نومك بإيديهم تمام !! و غير هيك افرض صار اللي صار و حضرتك اجيتني و حكيتلي بطلت بدي أكمل.. أو بكل بساطة ربنا اخدك .. وقتها شو موقفي أنا !!
و من الآخر جو الأندر تيكر اللي عامله هاد هلأ ما بيهز فيي شعرة فريح حالك.. شو ما عملت ما هاتفرق معي و لا هاسمحلك تكسرني.. مش أنا اللي بخاف.

بداخله كانت النيران تهوج و تموج من حديثها المحفوف بالمنطقية و التعقل.. بداخله أقر أنها بهروبها قد أنقذتهم من غور سحيق محترق كاد أن يسحبها إليه و إياه بلحظة استولى فيها الشيطان السيطرة على عقله.. لكن ما أظهره وجهه لم يكن التأثر العميق و لا الاستحسان الوفير.. بل هو العبث المتلاعب ليبتسم بزاوية فمه يتأمل وجهها الذي اصطبغ بحمرة الغضب ليرد على عبارتها الأخيرة دون غيرها بخبث:
- بلاش تقولي انك مش خايفة لإنك مبارح كنتي بتترعشي بين إيدي.
احتقنت مقلتاها بحقد قاطع.. ليبتسم لها باستفزاز و يبتعد عائدا نحو مقعده و هو يقول:
- فين مفاتيح عربيتي اللي سرقتيها؟
رمشت بأهدابها تمثل البراءة و قالت و هي تحاول بيدها أن تسرح شعرها بعفوية:
- عربية شو؟ ااااه قصدك هديتك إلي.. يااااي ما تتخيل أهلي شو عجبتهم هديتك إلي.. و انا طبعا ما خليت حدا ما حكيتله عن هدية خطيبي إلي.
عض باطن خده و قبضتيه تشتدان يمنع نفسه من التهجم عليها.. أخذ وقته و هو يحاول تهدئة نفسه لكنها لم تعره أي اهتمام و هي تردف:
- هلأ هي الصراحة مو كتير عاجبيتني يعني سيارة شبابية 4x4 أنا بحب السيدان.. لكن مو مشكلة مقبولة منك يا زوجي العزيز.
قرب قبضته المشدودة من فمه يعضها كي يفرغ القليل من شحنات غيظه.. هب من مقعده بسرعة مباغتة لترتد هي و تدور حول مقعدها تحتمي به و تخاطبه بصوت مهتز:
- لا تفكر تعمل أي حركة هون ترا كل اهلي برا و بصوت واحد مني بتصير تحت الأرض.
لم يبالي بنذيرها بل اقترب بهدوء مخيف أرعب كيانها بأكمله.. كفريسة تنظر لصيادها و هو يقترب لقنصها دون حيلة لها بالذود عن نفسها.. حادت عيناها نحو الباب ليتتبع هو مسار عينيها و قبل أن يتسنى لها أن تقدم على أي خطوة كان قد اختصر المسافة بينهما ليحتضن جسدها و كفه يستقر فوق فمها يكممه.. مال بوجهه لتصبح شفتاه على مقربة من أذنها ليقول بفحيح:
- انتي شكلك من الناس الغبية.. أنا فهمتك أكتر من مرة بلاش حركاتك دي لإني مش هاعديهالك لكن انتي مخك قفل و ما بتفهميش.
حاولت مصارعته كي تتخلص منه لكنه كان كالجبل الثابت خاصة بعضلات جسده القوية التي أحكمت وثاقها حولها لتصبح سجينة أحضانه.. تابع حركة جسدها باستمتاع ليهمس في أذنها بمكر:
- انتي مش عارفة حركاتك دي و انتي في حضني بتعمل فيا إيه.
تصلب جسدها فورا لتصدح ضحكاته مجلجلة قبل أن يتركها فتتنفس راحة الفك من الأسر.. التقط سترته متحدثا و هو يعطيها ظهره:
- ما تعمليش فيها سبع رجالة في بعض مرة تانية و انتي زي الكتكوت المبلول كده.. ابقي فكري قبل ما تفردي عضلاتك.
ناظرت ظهره بغيظ و كأنها لم تستمع لكلمة مما قال لتتلفت حولها كأنها تبحث عن شيء بعينه حتى وجدته و بحركة منبعها الغيظ تناولت مزهرية متوسطة الحجم و قذفتها بكل قوتها لتصيب ظهره.. تأوه بألم و التف وجهه يطالعها بحاجبين معقودين كمن يطالع مختل عقلي.. ضرب الكف بالكف ليقول:
- و الله أنا قلت عليكي مجنونة بس قلت أديكي فرصة تكدبيني.. انتي هبلة يا بت.. إيه الغباء اللي عملتيه ده.
صاحت بوجهه تجادل:
- انت اللي مو راضي تفهم.. أنا ما بطيقك و ما بدي اياك.
تأملها بعينين ضيقتين لبرهة و مراجل الغضب تغلي بداخله لينحني بجذعه و يلتقط المزهرية و التي بقدرة ربانية لم تنكسر.. رفعها أمام نظراتها المتتبعة ليرفعها عاليا كمن يريد قذفها تجاهها لتتوسع عينيها و تركض من فورها خلف المقعد تستتر به.. هز رأسه يأسا منها ليقول و هو يموضع المزهرية على المنضدة القريبة منه:
- شغل العيال ده تبطليه يا نور.. انتي مصيرك ارتبط فيا خلاص و ما الكيش فكاك حاولي تفهمي الكلام ده.. أنا هامشي دلوقت و العربية هاتفضل معاكي لحد ما اجيبلك وحدة تناسبك مش 4x4.
ثم مرر انظاره على هيئتها التي ازدادت تشعثا ليقول و هو يجعد انفه:
- و ابقي فكريني أجيبلك دستة امشاط مع الجهاز بتاعك.. و ده كرت البنك بتاعك عشان تجهزي براحتك.
قالها و هو يرمي بالبطاقة البنكية على الطاولة المجاورة للباب و انسحب من الغرفة بينما بقيت هي على جمودها.. و بقوة خائرة و ذراعين متهدلتين ارتدت عباءتها و شالها لتخرج نحو حجرتها تعتكف بداخلها بصمت حزين.
----------------------------------------
اشتدت قبضته على الهاتف في يده حتى كاد أن يهشمه.. قلبه يحثه أن يرسل لها رسالة تهديها الأمان لقربه لكن عنفوانه و كبرياؤه يمنعانه من محاولة استمالتها.. كان جلياً أنها لا ترغب قربه و تنفر من وصاله.. لو كانت شخصا آخر لكان الآن رأسها متهشما في يده عوضا عن هذا الهاتف.. رمى بالهاتف بإهمال على طاولة المكتب ليأتيه صوت عمته التي لم يلحظ وجودها حتى اللحظة:
- مالك يا سراج يا ولدي..أنا دخلت من مدة للمكتب و انت ولا انت اهنه؟!
تنهد بسأم يجيبها:
- ما فيش حاجة يا عمتي مشاكل في الشغل.. المهم طمنيني.. ازيك انتي و ازاي روح؟
- بخير يا ولدي طول ما انت بخير.
توترت خلجات وجهها كأنما تصراع الكلمات كي تخرج من فمها.. حتى انتبه لها سراج ليحثها على الحديث بقوله:
- في حاجة يا عمتي.. شكلك بيقول انك عايزة تقولي حاجة.
تلجلجت في حديثها خوفا من أن ينهرها :
- بصراحة يا ولدي كنت بقول لو تاخد امعاك روح المرة اللي جاية لمن تزور خطيبتك.. هي حابة تتعرف عليها و المفروض نروحوا نباركولها.. بس انت عارف إني لسه في العدة و ما يصحش أخرج لكن..
و قبل أن تكمل حديثها قاطعها سراج:
- مفهوم يا عمتي.. بس ليه روح ما جاتش و قالت الكلام ده بنفسها؟
- خافت ترفض و تحرجها؟
انعقد جبينه بضيق يرد اتهامها:
- من امتى روح بتخاف مني؟ خلاص يا عمتي أنا هاتكلم معاها و احدد معاها موعد نروح سوا عند نور.
خرجت عمته لتتركه مع حالة التيه و الغضب التي تتلبسه.. نهض عن مجلسه متحركا نحو صورة يحفها إطار مذهب معلقة في منتصف الحائط الذي يقابل المكتب.. تامل الصورة.. بل تأمل والده كأنما يسره.. يخبره بعجزه لربما لأول مرة.. لم يكن عاجزا يوما .. حتى حينما اختار سابقا التريث باقتناص الثأر لم يكن بسبب العجز لكنه اتخذ منهج صبر الصياد.. فالانتقام طبق من الأفضل تقديمه باردا.. لكن الآن هو عاجز.. عاجز بتفكيره.. عاجز بتقويم مشاعره.. هناك حرب ضروس بين عقله و قلبه.. العقل ينأى و يشهر سيف العذل مدافعا عن حق الماضي الدامي بأن يجد خط النهاية العادل.. بينما القلب الملهوف الذي كلما أطاح به العقل انتفض و هب مستبسلا في قتاله مطالبا بحقه في الحياة الرغداء إلى جوار من امتلكته.. أما هو فيتأرجح بين هذا و ذاك و وجب عليه أن ينتصر لإحدى الجبهتين.. وضع كفيه في جيبي بنطاله و تنهد بحرارة قبل أن يتحدث لصورة والده يحاول ضحد الفوضى بداخله:
- أنا مش عارف ازاي ده حصل.. خايف تكون زعلان مني لاني فرطت و قبلت بالصلح.. بس مش بايدي.. و الله ما هو بايدي.. حاولت افهم نفسي اني مش مسحور بيها.. بس مش قادر.. انا حاسس نفسي بتقطع بين اللي عايزه و بين اللي لازم يكون.. يا ترى ليه كل ده حصل.. يا ريتني ما عرفتها.
أجفلته ربته على كتفه.. التفت يتحقق من صاحبها ليجد عمه يقف مجاورا له بابتسامة مطمئنة.. حادت نظرات عمه نحو الصورة المعلقة ليعلق على حديث سراج الذي سمعه جله:
- عشان انت طالع ليا يا ولدي.. مش هاتقدر تحارب قلبك يا سراج.. فريح نفسك يا ولدي و انسى.. ربك ما بينساش حق.
أطرق سراج رأسه متحدثا بنبرة خشنة لوَامة كأنما يحادث نفسه يؤنبها:
- انا مش قادر ما افكرش فيها.. أنا سراج اللي الكل بيترعب لما يسمع إسمي يحصل فيا كل ده!!
يعترف.. هو مسحور و السحر بعينيها.. هو مريض و شفاؤه بضمها.. ابتعد من قرب عمه يتجه نحو النافذة العريضة يتأمل الليل الذي أمعن في الدجنة.. أتته كلمات عمه و هو يحادثه بتعقل:
- يمكن يا ولدي لأنها مخلوقة من ضلعك.. عشان اكده مش قادر تبعد.. هي قطعة منك.
حانت منه التفاتة بتقطيبة ساخرة نحو عمه ليعود مرة أخرى يتأمل الليل الداجي و هو يقول ساخرا:
- طب و سهام يا عمي؟ كانت مخلوقة من ضلع مين؟ ضلعك و الا ضلع جوزها؟
تصلب جسد جاسر و هو يتلقى تلك الكلمات الموجعة من ابن اخيه.. ابتلع ريقه يحاول تركيب جملة سديدة يحاوره بها:
- شوف يا ولدي.. قالولنا زمان انه في ناس ما بيكونش ليها نصيب في الدنيا دهون في جواز.. ممكن النص التاني يكون مات و الا ما اتخلقش اساسا.. و انا منيهم يا ولدي.. سهام كانت من نصيب جوزها و مهما كان صار ما كانتش هتاخد غيره.. الجواز يا ولدي رزق بيجيلك من ربنا.
قطب سراج باستهجان و هو يلتفت يواجه عمه قائلا:
- معقولة يا عمي؟؟ انت تقول كده!! و حبك لسهام!
هز جاسر رأسه يجيب بتمهل متعقل:
- سهام كانت و هاتفضل حبي الوحيد.. لكنها ما كانتش نصيبي يا ولدي.. و من رحمة ربنا بالعبد لما يكون النصيب لصاحب القلب.. و انت باين ربنا بيحبك يا ولدي.
ابتسم سراج متهكما بزاوية فمه يرد على حديثه:
- و الله شكلها عملالي عمل.. عشان كده حالي متدهور.
صدحت ضحكات جاسر على تعليق ابن اخيه ليقترب منه يربت على كتفه و هو يلقي بقوله الأخير:
- ما تعاندش قدرك يا ولد.. و ما تحاربش قلبك.. انت اللي هاتطلع خسران بالاخير مش حد تاني.
و من ثم غادره.. ليبقى مع أفكاره و تقلبات مشاعره.. فيصدق أخيرا أن القدر له اليد العليا فوق أيدي البشر.
تذكر شقيقته فعقد عزمه و خطا لخارج الغرفة باتجاه حجرة نوم أخته.. طرق الباب قبل أن يأتيه صوتها يأذن له بالدخول.. و في الداخل كان يحاوط كتفيها بذراعه و هما يستقران على السرير يعاتبها برفق:
- ينفع كده يا روح سراج تكوني عاوزة مني حاجة و توسطي عمتك تقولي؟ من امتى كنتي بتخافي مني يا روح؟
كادت أن تبكي خجلا من أخيها و بالفعل تدحرجت بعض قطرات الدموع ليمسحها هو برفق لتشهق هي و تقول:
- و الله مش كده يا سراج بس انت بقالك يومين متعصب جامد فخفت أقرب منك تهب في وشي.. و لما كلمت عمتي بالموضوع قالتلي خلاص هي هاتكلمك و تقولي.
ربت على ظهرها بحنيه متفهماً ما قالت:
- ماشي يا روح.. بس أنا دايما فهمتك حتى لو بكون متعصب مش هأذيكي.. انتي أختي و بنتي يا روح.. خليكي متأكدة من ده.
ابتسمت له باتساع تمرغ وجهها في صدره تنطق بما مسح الابتسامة عن وجهه:
- نور محظوظة بيك أوي يا سراج.. ما فيش حد بحنيتك و قلبك.. و انا عارفة انك حاببها بس بتداري.
كان قد أعاد الابتسامة على وجهه حين رفعت وجهها إليه.. مسح على شعرها برفق يقول محاولا تغيير الحديث:
- أنا هاكلم نور و اتفق معاها على يوم نخرج احنا التلاتة سوا على الأرض نفطر هناك.. ها إيه رأيك؟
تهللت أساريرها و ابتهجت.. أومات بسعادة ليهديها قبلة على جبينها قبل أن يغادر نحو حجرته ففراشه يحاول استجلاب خدر النوم كي يرحمه من دوامته.
-------------------------------------------
- يا وقعتك السودة يا ولد.. إيه اللي بتقوله ديه.. ديه خراب ديار .. أبدا ما هايحصل.. و الله لو عدت اللي قولته ديه تاني الله في سماه لكون قايلة لابوك يتاويك بأرضك.
- يا اما افهميني.. أنا حاسس بفجوة بيني و بينها مش قادر اختصرها.. مش عارف أقرب ليها.
- انت تقفل خشمك عالخالص.. كل اللي بينكم كام يوم بس لحقت تعرف انك ما بتحبهاش.. البت زي القمر و بنت عز و أصل و تتاقل بالدهب.. ارجع لعقلك يا ولدي و اللي في دماغك انساه.
احتقن وجهه و قد سُدت سبل المراوغة أمامه ليصيح بثورة:
- ما ينفعش أكمل معاها يا أمي لأني رايد أختها.
شهقت والدة عمر و أخذت تضرب وجهها و صدرها كمن حلت عليهم مصيبة عظيمة.. أراد الاستفاضة في حديثه لكن أوقفته صفعة لم ينتبه لدخول صاحبها عليهم في وقت سابق ليلتف رأسه من شدتها:
- و الله و جيه اليوم اللي توطي فيه راس أبوك يا حضرة الدكتور.





وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس