عرض مشاركة واحدة
قديم 25-11-19, 01:00 PM   #358

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 3

في المساء :


كانت فتيات الدار من المعلمات والعاملات وعمة رفيدة وابنتها وحفيداتها يتجمعن في غرفة رفيدة يحتفلن بليلة الحنة .. فمنهن من ترقصن على أنغام الموسيقى الشعبية الراقصة .. ومنهن من تشاهدن الحنانة وهي ترسم رسومات الحناء للعروس رفيدة .. بينما جلست كارمن وفريدة تنتظران دورهما في رسم الحناء .. وتشاهدان رقص الفتيات .


تطلعت فيهن رفيدة سعيدة بهذا الجمع من الفتيات فلم تتوقع أن تكون ليلة حنتها بهذا الازدحام وهذه البهجة .
إنها العروس ..
بعد كل هذه الرحلة الطويلة مع الوحدة حان دورها لتجلس على مقعد العروس ..
رن هاتفها فاستأذنت الحنانة وتحركت نحو النافذة ترد بلهجة فرحة " نعم عمر "
جاءها صوته هادئا يقول" كيف حالك يا عروس؟"



لولا الملامة لتقافزت كطفلة كما تفعل ضربات قلبها الآن لكنها أجابت بسعادة واضحة "بخير يا عمر .. البنات عندي يقيمون لي ليلة الحنة "


جاءها صوته يقول بسعادة رغم تيقنها من عدم استساغته لتلك الزيجة حتى الآن " مبارك حبيبتي .. أنا منعت ايمان من الحضور لأني أعلم بأنها تستفزك .. لكن غدا سأكون عندك منذ الصباح فأنا أعلم أن الليلة خاصة بالنساء فقط "
اتسعت ابتسامتها وسألته بحماس " ما رأيك في فستاني يا عمر .. أنت الرجل الوحيد الذي أريته صورة الفستان حتى الشيمي لم يراه بعد .. أريده أن يراه لأول مرة وأنا أرتديه "


رد عمر سعيدا لسعادتها ومشفقا عليها في نفس الوقت" جميل جدا ورقيق .. رغم أني توقعت أن يكون أكثر زينة وبهرجة "
غمغمت بابتسامة محرجة" عليّ أن اراعي سني مهما كان فلست مراهقة لأرتدي المنفوش "


تألم قلبه ورد بانفعال " ما هذا الكلام يا رفيدة !!. أنت يليق بك كل الفساتين .. أخبريني أيهم كان يعجبك وسأبدل لك فستانك حالا "
قالت متأثرة من كلامه " هذا يعجبني جدا جدا صدقني ( ونظرت حولها ثم قالت بهمس ) الحقيقة أشعر كالأطفال وأريد للغد أن يأتي بسرعة لأرتديه "
غلبته مشاعره فغمغم بحشرجة " إن شاء الله يا حبيبتي .. أراك في الصباح "


جاءها تنبيه لمكالمة أخرى تنتظرها فأبعدت الهاتف عن أذنها لتجد اسم( شمشون )على الشاشة .. فأعادت الهاتف لأذنها تقول "إن شاء الله .. سلام يا حبيبي .. لا تتأخر غدا سأكون مرتبكة جدا "
انهت المكالمة مع أخوها لتجيب على الأخرى " أين أنت طوال النهار يا شيمي ؟"



اتسعت ابتسامة الشيمي ورد وهو يقف خارج أحد المطاعم " كنت انجز بعض الأمور التي تخص حفل الغد .. والآن أنا مع بعض الأصدقاء يحتفلون مقدما بزواجي"
تخضبت وجنتيها بالحمرة وهمست " وأنا عمتي والبنات يتجمعن في غرفتي يحتفلون بليلة حنتي كما تسمع من الموسيقى "



قال الشيمي مشاكسا " خسارة.. فشلت خطتي .. فقد كنت أفكر أن أنتهي من السهرة مع الشباب وأصعد إليك الليلة .. فلست بقادر على الانتظار بضع ساعات أخرى"
غمغمت بحرج " شيمي!"
قال وهو يتطلع حوله " الشيمي ضاع وانتهى أمره على يد الأستاذة"


صمتت رفيدة بحرج ولم ترد فسألها بجدية " هل ينقصك شيء ؟.. أخبريني إن كان ينقصك أي شيء مهما كان أطلبيه من الشيمي وسيكون عندك فورا بمشيئة الرحمن "


غمغمت بتأثر "شكرا يا شيمي .. لا ينقصني شيء الحمد لله"
عاد للمزاح قائلا بخفوت " متى ما ذهبن من غرفتك في أي وقت أخبريني وسآتي فورا.. فخير الزفاف عاجله"
احمر وجهها وتطلعت حولها لتتأكد أن كلهن ملهيات عن ارتباكها ثم قالت ببعض الحزم تداري فرحتها "اذهب لأصحابك يا شيمي فلربما لن تراهم إلا بعد فترة كبيرة "


سألها مقربا الهاتف من فمه أكثر بينما قلبه يرفرف بجناحين بين ضلوعه " لماذا؟.. علام تنوين بالضبط للشيمي ؟"
خرج الصهد من وجهها خاصة مع تكدس المكان وارتفاع حرارة الزحام لتقول بصوت مرتبك مختلط بصوت الموسيقى الراقصة " قصدت.. قصدت أنني سأكون مثل أي زوجة وسأستجوبك وأمنعك من الخروج وهذه الأشياء "


انفجر الشيمي مقهقها حتى تحولت عينيه لخطين في وجهه فازداد ارتباكها لتقول بحنق وحرج " اذهب يا شيمي لأصحابك "
غمغم بابتسامة متسعة بعد أن هدأت ضحكاته " يا خوفي عليك يا شيمي ..أخشى أن يذهب عقلك ليلة الغد يا مسكين!"
غمغمت بسرعة وهي تهم بإغلاق الخط " انت تربكني بكلامك .. اذهب لأصحابك هيا"


اغلقت الخط بسرعة تسحب انفاس قوية لتهدئ من ضربات قلبها .. واسبلت جفنيها بحرج أمام المتطلعات في وجهها الأحمر .. لتعود لمكانها أمام الحنانة بينما جاء الدور على كارمن التي ردت على فارس في الهاتف تقول "نعم فارس .. هل عدت؟"



قال فارس وهو يدخل من باب الفيلا " أجل عدت .. هل أنت مشغولة أم من الممكن أن تكتفي بهذا القدر من الحفل؟ "
سألته بقلق "لماذا؟"
رد فارس وهو يقطع بهو الفيلا" فكرت في أن نخرج أنا وأنت بالسيارة .. لكن إن كنت تريدين البقاء في الحفل فلا بأس لنؤجلها "
قالت كارمن تتصنع الاندهاش" هل سنخرج أنا وأنت وحدنا ؟.. يا إلهي !.. أخشى أن ينفضح أمرنا ويعلم الناس بعلاقتنا السرية "
توقف فارس عند غرفة والدته وقال وهو يرفع حاجبا "أرى تهكما كارمن هانم .. هل ستأتين أم أدخل مكتبي لأنجز ما أجلته من أجلك؟"
قالت وهي تهم بالمغادرة .. ترتدي سترتها الطويلة تداري بها بلوزتها العارية التي كانت تجلس بها في الاحتفال "لا لا سآتي فورا .. فلا أعلم عرض كريم كهذا متى يمكن أن يتكرر .. انتظرني ...إياك أن تدخل مكتبك .. إياك .. سآتي فورا"
أغلقت الخط تقترب من رفيدة ثم فريدة لتبلغهم بمغادرتها بينما دخل فارس غرفة والدته تزين شفتيه ابتسامة ليقول " السلام عليكم يا أمي . كيف حالك؟ "


ردت الحاجة نفيسة بابتهاج لرؤيته وهو يقترب ويقبل رأسها " بخير يا حبيب أمك "



جلس فارس بجوارها على السرير فتطلعت في ملامحه المجهدة وربتت على ظهره تقول " ألم يأن الأوان لأن ترتاح قليلا يا فارس ؟"
غمغم فارس بإرهاق " فترة ضغط وستمر يا أمي وبعدها أعدك أن أخذ إجازة"


غمغمت بحنان "أراح الله قلبك يا بني ورزقك بالخير الوفير "
قال فارس بلهجة جادة " أمي لقد رأيت بالأمس مناما غريبا .."
حركت سبحتها بحركة رتيبة وقالت" خير اللهم أجعله خير "
حدق فارس أرضا وقال " رأيت سني قد وقع من فمي إلى حجري بدون ألم "


زينت ابتسامة زاوية فم الحاجة نفيسة ليكمل فارس شاردا "ثم سقط سنا آخر "
عقدت الحاجة جبينها فنظر إليها فارس موضحا" وآلمني جدا يا أمي .. رغم أن الأول لم يكن كذلك .. ورأيت بعض الدماء تخرج من موضع هذا السن .. لكنه لم يسقط في حجري كالآخر .. وإنما .. ( وازدادت أنفاسه انفعالا ) وإنما طار في الهواء .. وكنت مرعوبا أن يضيع مني .. فمددت يدي لألتقطه .. وأعيده لمكانه في فمي .. لكن ( وتوترت ملامحه وهو يكمل ) لكن ذراعي يا أمي (وأمسك بذراعه اليمين ) ذراعي كان يؤلمني بشدة ولم أستطع رفعه"


وجمت ملامح الحاجة نفيسة وبلعت ريقها تسأله باهتمام "وهل التقطت السن الثاني الذي أردت إعادته لفمك ؟"
حرك فارس رأسه مغمغما "انتهى الحلم قبل أن أعرف "
سحبت الحاجة نفسا عميقا ورددت " خير بإذن الله .. الأسنان في المنام خير أو شر حسب حالة صاحبها"
سألها بتوجس "وهذا المنام ؟"
صمتت قليلا تحرك سبحتها ثم قالت بلهجة غامضة "أرى فيه بشرى خير .. وأتمنى ما فيه من شر ألا يحدث"
سألها فارس بإصرار " ما تفسيره يا أمي ؟"


حركت رأسها تقول بحزم " لن افسره .. (فالرؤيا على رجل طائر مالم تعبر ) .. فلا تحاول تفسيره .. فقط راجع ما تفعله يا فارس لربما تفعل أمرا فيه مجازفة أو خطورة وأكثر من الاستغفار .. "
عقد فارس حاجبيه وبدأ ذهنه يذهب لانتقامه متسائلا في سره "هل سيضره الشماع أو يضر أحد من أهل بيته؟"


قطعت كارمن حديثهما حين دخلت تنهت بشكل واضح فقالت الحاجة نفيسة موبخة "تجرين مجددا يا كارمن؟!!"
استقام فارس واقفا يقترب منها بقلق بينما ردت كارمن من بين أنفاسها وهي تتطلع في فارس "أردت أن ألحق بابنك قبل أن يغير رأيه .. تصوري يريدنا أن نخرج سويا !"


ابتسمت الحاجة نفيسة بينما قال فارس بضيق " إذا أردت الخروج من البيت من قبل يا كارمن لماذا لم تخبريني ؟"
أحست بشعوره بالذنب فقالت وهي تمسك بذراعه" لم اقصد إلا المزاح لماذا أنت متوتر هكذا "
لانت ملامحه وتطلع فيما ترتديه قائلا" هل أنت جاهزة؟"



أشرقت ابتسامتها أمام ناظريه فاستدار يقول لوالدته "هل تريدين شيئا من الخارج يا أم فارس ؟"
ردت الحاجة نفيسة" لا يا ولدي لا أريد سوى سلامتكما .. هل سيتأخر يونس ؟"
أجاب فارس وهو يغادر " سيتأخر قليلا .. فلديه بعض الأمور في العمل قبل سفره مساء الغد .. السلام عليكم"


ردت الحاجة السلام شارده ثم غمغمت بقلب مقبوض "اللهم الطف بنا في قضائك وقدرك يا كريم"
بعد قليل قالت كارمن وهي تتأمل فارس أمام المقود يشغل السيارة ويتحرك بها بعد أن خلع سترة الحلة وألقى بها على المقعد الخلفي.. فبدا أكثر بساطة بالقميص الأنيق والبنطال " إلى أين ستأخذني فارس بك ؟"



قال وهو يركز على الطريق أمامه" هل هناك مكان معين ترغبين في الذهاب إليه كارمن هانم؟"
ردت وهي تغوص في مقعدها باسترخاء" كلا فارس بك .. سأذهب للمكان الذي قصدته أنت من البداية "


غمغم فارس وهو يشاهد استرخائها في المقعد" سآخذك لمحل الحلويات حتى تختارين الصنف الذي تقصدينه بنفسك "
لمعت عيناها وقالت بحماس "حقا "


أومأ برأسه فاعتدلت تسند بمرفقها على ظهر مقعدها بينما رأسها يستند على كفها تتطلع فيه فسألها فارس رافعا حاجبيه" لماذا تنظرين إليّ هكذا"


غمغمت تتأمله " أحب رؤيتك وأنت تقود السيارة"
حرك مقلتيه نحوها ثم عاد يركز على الطريق أمامه لتكمل كارمن "ربما لأننا نكون ساعتها وحدنا .. ربما لأنني أشعر في وجود الشيمي وزغلول حولك وكأنهم قشرة يختبئ خلفها فارس البسيط (وأضافت بلهجة مغازلة) وربما لأنك تبدو أمام عجلة القيادة وسيما كما أنت أمامي الآن "


رفرف قلبه محلقا في سماء السعادة فالتقط كفها ليرفعه نحو شفتيه مقبلا .. ليرتجف قلبها كعصفور ينفض ريشه من الماء بانتعاش .. ثم شبك فارس أصابعه بين أصابعها قائلا بخفوت وهو يحرك ابهامه على ظاهر يدها بعد أن استقر بها على فخذه "اشتقت إليك الأيام الماضية يا أميرتي "
اتسعت ابتسامتها ولم ترد .. فقط مالت برأسها على ظهر مقعدها .. فحرك مقلتيه الزرقاوين نحوها ثم عاد للطريق أمامه شاردا في هذا الحلم الذي رآه وفي امتناع والدته عن تفسيره.



بعد نصف ساعة كانت كارمن تقف في إحدى محلات الحلويات الشهيرة تتطلع في الأصناف أمامها مبتهجة من رؤيتها لكنها كانت تبحث عن صنف معين في حيرة ليسألها الحلواني" أتريدين صنفا معينا يا هانم"


قالت كارمن للحلواني "أريد التي هي أخت البسبوسة"
عقد الرجل حاجبيه فتنحنح فارس يمسك بمرفقها بتحذير ثم تدخل قائلا "تقصد صنفا يشبه البسبوسة" قال الحلواني بابتسامة "تقصدين الهريسة؟"
صاحت كارمن بطفولية "أعتقد هي"


أشار الحلواني لصينية كبيرة وقطع قطعة بسكينه ووضعها في طبق صغير من الكرتون .. فمد فارس يده يلتقطه منه ويناولها إياه قائلا بخفوت " كنت على وشك الاتصال بأمي لأسألها عن الصنف الي تقصدينه لأنني نسيت أن اسألها قبل أن نغادر البيت "



أمسكت كارمن القطعة بطرفي سبابتها وابهامها تقضمها وهي تكاد تقفز من مكانها بسعادة وهتفت" هي يا فارس .. هي الهريسة"
وضع فارس يده على كتفها لتثبتها من الاهتزاز يحدجها بنظرة حازمة موبخة .. ثم استدار للحلواني يطلب طبقا كبيرا من الهريسة.. لتفسر كارمن وهي تتبعه عند دفع الحساب ثم طاولة الاستلام "لم أرغب في أن أسأل الحاجة عن اسم الصنف لأنهم كما قلت لك كلهم مشغولون بحفل الغد .. فتحرجت أن تقوم الحاجة بصنعه خصيصا من أجلي"


ناولها فارس الطبق الملفوف في ورق الهدايا فكادت أن تحضن الطبق .. فابتسم لسعادتها ووضع يده على ظهرها يخرج بها من المحل المزدحم عائدا للسيارة ثم فتح لها الباب لتجلس فيها .


حين تحرك فارس على الطريق سألها" هل تريدين الذهاب لمكان آخر أخبريني لأني لست خبيرا في مثل هذه الأمور ؟"
ردت وهي تلعب في اشرطة اللفة "لا .. اشعر بأني فاقدة للطاقة وأريد العودة ( ثم سألته والقلوب تتفجر من عينيها ) لن أتحمل حتى نصل للبيت "


اتسعت ابتسامته وهو يراقبها تحل عقد اللفة ثم تكشف عن الطبق وهي تقول" ليس لدينا ملاعق ولا شوك لكن لا بأس سأتصرف .. المهم ألا تعرف شويكار هانم بما سأفعل "
وامسكت بقطع الهريسة بطرفي سبابتها وابهامها لتقطم منها قطعة وتهمهم باستمتاع" رائعة .. رائعة يا فارس"


وزع نظراته بينها وبين الطريق سعيدا بسعادتها متأملا رقتها حتى وهي تأكل بنهم ..
فأمسكت كارمن بقطعة بين أصبعيها وقربتها منه تقول "ذق منها يا فارس .. أرجوك أنها رائعة"
مال نحوها يلتقط الهريسة في فمه لاعقا اصبعيها بشفتيه فدبت الحرارة في جسدها .. والتقطت قطعة أخرى تدسها في فمه فكرر ما فعل يرمقها بعينيه الزرقاوين بنظرات تذيب أعصابها .


عضت كارمن على شفتها .. وعادت تنظر في الطبق .. فالتهمها بعينيه راسما تفاصيلها ..
كل ما يخصها جميل ومسكر ومشعل لأعصابه ..



أما كارمن فالتقطت بعد قليل قطعة كبيرة تدسها في فمها ثم غمغمت شاعرة بالذنب " لقد اتيت على ربع الطبق يا فارس .. اسحبه من يدي قبل أن اتحول لكرة منفوخة"


ركن فارس السيارة فجأة على جانب الطريق الساكن تماما في مدخل المدينة .. فتطلعت حولها متسائلة ليميل عليها يسحب الطبق من يدها بهدوء ويضعه على المقعد الخلفي مغمغما بصوت متهدج " لا يهمني إن تحولت لكرة أم لبالون .. لكني أخشى على معدتك .. ( ثم رفع ذقنها قائلا بخفوت حار أمام عينيها الصافيتين ) أنت ذقتِ حلواكِ مس سويتي فدعيني أنا أيضا أذق حلواي"
وأطبق على شفتيها في عناق شهي.. حلو .. وحار .. ومسكر بينما الحمم السائلة تغلي في أعصابه ..


فهمست كارمن بعد أن افلت شفتيها "فارس نحن في الشارع "
تطلع في صفحة وجهها قائلا بصوت مبحوح " القيام ببعض المراهقة معك في السيارة كارمن هانم تبدو فكرة شهية جدا "
اتسعت ابتسامتها تتحسس وجهه في الضوء الخافت بينما عيناه الزرقاوين قد ازدادتا دُكنة وأنفاسه المختلطة بعطره تزيد من جنون المشاعر بداخلها.. بينما غمغم فارس بخفوت أمام وجهها "أحيانا أحتار ماذا يمكن أن أفعل لأجعلك لا تنسينني أبدا ... لا تنسين الشاطر فارس الذي سمحت له الأميرة بدخول قصر العسل .. فتملكه الطمع بألا يكتفي بالحصول على كل ما يخصها بل امتد طمعه لأن يظل بطل قصتها "


بدا كلامه غريبا لكنها تمتمت " لكنه بالفعل أصبح بطل قصتها الأول والأخير والوحيد "
تجول بعينيه في صفحة وجهها ثم قال " أتمنى أن أكون بطل قصتك للأبد ولست فصلا من فصول حياتك يا كارمن .."
شعرت بالارتباك ولم تفهم معنى كلامه فقالت " ماذا تقصد؟ "
انتبه فارس لما يتفوه به من هلوسة فقال مغيرا الحديث وهو يتأمل شفتيها " أقصد بأني أريد أن أقضم قطعة أخرى منك مس سويتي "


وعانقها في قبلة أخرى أكثر حرارة وعمقا بينما أصابعه تتحسس ظهرها وفخذها .. قبل أن يسمعا صوت سيارة قادمة ويضطرا للافتراق .. ليقول فارس وهو يشغل السيارة " علينا أن نعود إلى البيت بسرعة لأتفحص بنفسي أين ذهب هذان الكيلوان اللذان اكتشفهما ذلك الميزان اللعين قبلي"


ابتسمت كارمن تتطلع إليه لكن لم يغادرها القلق ففرد فارس ذراعه على كتفيها يسحبها إلى صدره .. لتسأله كارمن بحيرة " هل أنت بخير يا فارس ؟"
اتسعت ابتسامته ورد بعد أن طبع قبلة على رأسها " في خير ونعمة كبيرة بوجودك في حضني يا كارمن "


××××


ظهر يوم الجمعة
بعد أداء صلاة الجمعة في المسجد القريب عاد الرجال إلى فيلا سعد الدين.. فارس ويونس وعاصم السيوفي الذي استأذنهم ليبدل ملابسه في شقته المواجهة للفيلا ويعود .. بينما ذهب الشيمي للاستعداد لحفل زفافه .. بعد أن قرر فارس أن يقام الحفل في حديقة فيلا سعد الدين بعد ظهر الجمعة وبعد مراسم عقد قران يونس وفريدة لتكون مناسبة واحدة .. خاصة وأن رفيدة والشيمي ليس لديهما عددا كبيرا من المدعوين لحفل زفافهما فوجدها فارس فرصة جيدة أن ينضم ضيوف العرسين لإقامة حفل ممتد في يوم دافئ من أيام فصل الشتاء الذي قارب على الرحيل.
قال يونس على الهاتف بتوتر وهو يدخل من بوابة الفيلا التي ستفتح أبوابها على مصراعيها طوال اليوم لاستقبال الضيوف" أين أنت يا زياد المأذون على وشك الوصول "


رد زياد بهدوء " لا تتوتر أنا في الطريق بضع دقائق وأصل إليك أن شاء الله يا عريس "
سأله يونس " هل والديك معك ؟"
قال زياد بملل" اقتربا من الوصول إليكم .. اهدأ وارحمني .. أنت تقيم حفلا بعد صلاة الجمعة .. أي أن الجميع قد استيقظوا اليوم مبكرا من أجل سيادتك فارحمنا من توترك "


غمغم يونس بالسلام.. ثم أغلق الخط يتطلع في أطفال الدار الذين بدأوا في الانتشار في حديقة الفيلا بمصاحبة المعلمات كل مجموعة من الأطفال في عهدة معلمة .. عدا براء الذي انتقل رسميا للمبيت عند ضحى وفادي والذي سيحضر معهما بعد قليل لحضور زفاف رفيدة .


كان صبيان الدار يرتدون حلات رسمية أنيقة .. بينما الفتيات ارتدين فساتين من التل الأبيض وشبكن جناحين صغيرين خلف ظهورهن فبدين كالملائكة.. فتفاءل يونس من منظرهم وتحرك يبحث عن فريدة التي لم تنزل من غرفتها منذ الصباح .


في الفيلا ربت فارس على يد والدته التي تقف في منتصف البهو تستند على عصاها وتلقي تعليماتها للخادمات الأنيقات اللاتي تم استجلابهن للمساعدة في هذه المناسبة ..


فبالرغم من أن الحفل بسيط يضم المقربين جدا من يونس وفريدة وعائلة سعد الدين بالإضافة لأهل الدار وعدد قليل من ضيوف رفيدة والشيمي ..



وبالرغم من أنه سيتم خلال ساعات النهار في الحديقة ..
لكن الحاجة جهزت مأدبة فخمة بينما قامت كارمن وفريدة بالاهتمام بديكورات الحديقة من بالونات واشرطة ملونة وورود طامعين في أن يكون حفلا عائليا دافئا .


قال فارس لوالدته " لا تجهدي نفسك يا أمي .. لماذا أحضرت الخادمات إذن "
قالت الحاجة وهي تعدل حجابها فوق عباءتها البيضاء المطرزة أكمامها باللؤلؤ " أنا أباشرهن فقط حتى تنزل فريدة وكارمن لوضع اللمسات الأخيرة على ترتيب المائدة"


قبّل فارس رأسها مغمغما " أكثر الله من أفراحك يا أمي"
فربتت على صدره تقول بعينين زرقاوين غائمتين" وبارك الله لك فيما رزقك ..وأعلا من شأنك ونصرك على أعدائك يا فارس ابن رحمي ورزقك بالذرية الصالحة"
قبّل رأسها مرة أخرى .. وتحرك نحو مكتبه يتصل بكارمن التي أجابت بسرعة فبادرها قائلا " أين أنت منذ الصباح لم أرك حين استيقظت؟ "


ردت كارمن بسرعة " أنا في غرفة فريدة نستعد للحفل"
سألها باندهاش "منذ الصباح!"
ردت بثقة "طبعا هل تعتقد أن استعداد النساء بهذه البساطة"
غمغم بلهجة ذات مغزى " وكيف حال الاثنين كيلو جرامات الذين تم تحديد مواقعهم ليلة أمس؟ "


تطلعت كارمن في فريدة المشغولة بزينة وجهها تثرثر مع اثنتين من صديقاتها اللتان تساعدانها .. وانتحت جانبا تقول بحنق "لا تذكرني أرجوك بمأساتي"


ضحك فارس ثم قال بتسلي" أما أنا فلا أريد نسيان ليلة أمس بكل تفاصيلها ( وهمس بشقاوة ) بالمناسبة أحببت الزيادة جدا"
اشتعلت وجنتيها شاعرة بالثقة في انوثتها.. بما يهديها من كلمات عفوية تتوجها كملكة جمال الكون .. وبانفعالاته كرجل التي تستقبلها منه في لحظاتهما الخاصة .. لكنها شاركته قلقها تقول " أتمنى أن يكون الفستان مضبوطا عليّ وألا تختلف مقاساته"


سألها بفضول " كيف هو الفستان لم أراه؟"
ردت تغيظه " الفستان عاري "
انقلب وجهه وقال محذرا " كارمن !"
أكملت بتسلي " قصير"
ازدادت لهجته عبوسا " كارمن !"
أضافت بلهجة شقية "فاضح "
قال بعبوس " كارمن كفي عن المزاح .. اتفقنا على عدم تخطي هذه النقطة "
قالت بلهجة متسلية " ربما أريد أن أمارس بعض الشقاوة وافاجئك بفستان كهذا ثم أصالحك بعدها وأعتذر "


قال بثقة " كلا لن تفعليها أبدا "
تخصرت تقول بمشاكسة " لماذا فارس بك هل تظنني أخاف منك !"
رد بهدوء " لأني أثق فيك ثقة ليس لها حدود يا كارمن"
اتسعت ابتسامتها .. ثم سألته و قد تذكرت شيئا قلب وجهها للعبوس فجأة " هل ستحضر ريتا ؟"



ابتسم بانتشاء ذكوري لغيرتها ورد " كلا إنها في رحلة لتركيا وعقد القران تقرر فجأة "
ردت من بين أسنانها " الحمد لله فلست في مزاج لخربشة أحدهم اليوم "


قهقه فارس.. فرفعت حاجبا تقول بلهجة خطرة " ما معنى هذه الضحكة ؟.. هل تستهين بي .. هل تستهين بي فارس بك .. لا حظ اني أنفعل بسهولة هذه الأيام .. فاتقي شر انفجارات عاطفية ليست محمودة العواقب "
استمر فارس في قهقهته ثم قال" متى ستنزلين ؟.. فالمأذون على وشك الوصول .. والحقيقة أنا متوتر أكثر من يونس .. فأنا أزوج اخواي دفعة واحدة "


سألته "هل أنت سعيد؟"
سحب فارس نفسا عميقا وهو يتطلع من نافذة غرفة مكتبه المطلة على حديقة الفيلا ثم رد " الحقيقة سعيد .. ومندهش .. ولازلت حتى الآن أرى الأمر مضحكا"



اتسعت ابتسامتها قائلة " حسنا .. لا بأس ستعتاد الأمر .. سأذهب لأستعد "
هم فارس بإغلاق الخط خاصة بعد أن شاهد وصول رأفت وجدي وزوجته لكنه سألها سؤالا مراهقا لم يكن يتوقع أن يطرأ على ذهنه الذي لا يهتم إلا بالعمل" ما لون فستانك ؟"
ردت كارمن بشقاوة وقد اسعدها التغير الذي طرأ عليه ليهتم بالتفاصيل الصغيرة التي تخصها " أمممممم .. خمن ماذا يمكن أن يكون لون فستان أميرة قصر العسل يا شاطر فارس "


قالتها وأغلقت الخط تشعر بحماس شديد .. فلا أحد يعرف بعد أن اليوم هو يوم تنفيذ القرار الذي هيأت نفسها له الفترة الماضية نفسيا ومعنويا وروحيا .. وانتظرت لحظة فاصلة تنفيذه .. لتختار هذه المناسبة بالذات .


تناولت الفستان العسلي من فوق المشجب واتجهت للحمام الملحق بالغرفة لترتدي ملابسها بينما استعجلتها فريدة تقول "اسرعي يا كارمن أرجوك فيونس يتعجلني في النزول وأنا أشعر بالحرج من النزول وحدي"
انفجرت صديقاتها من الضحك لتقول إحداهما" عقد قران والعريس في نفس المنزل .. ستكون لياليكما كلها شقاوة قبل يوم الزفاف "
ردت فريدة بوجنتين حمراوين "قلت لك سيسافر الليلة وسيعود يوم الزفاف .. أبيه فارس أصر على ذلك"



قالت الأخرى بلهجة متهكمة " مسكين لابد أنه انجلط من هذا القرار "


ابتسمت فريدة تتذكر حنق يونس وهو يخبرها بالخبر وبرطمته لها في الهاتف .. فسحبت أنفاسها وهي تترقب هذه الحظة ..
لحظة أن تكتب باسم يونس ..
لحظة أن تمحى الحدود بينهما ..
لحظة أن تمنح الفرصة الكاملة لتدليل ابن قلبها.


خرجت كارمن بعد دقائق ترتدي فستان باللون العسلي الهادئ الذي يميل للبيج .. تنورته من الساتان السادة بحزام يلف الخصر من نفس قماش التنورة تزينه فيونكة تميل لجهة اليمين قليلا.
أما جذعها فيزين الساتان خطوط فضية مائلة تمتد حتى الاكمام التي تنسدل بكورنيش بسيط من بعد المرفق وتنتهي حتى نصف الساعد .


كان أنيقا رقيقا استحوذ على انتباه البنات .. لكن ما لاحظته فريدة واندهشت له أن كارمن تكمل ساعد الفستان حتى الرسغ بأكمام إضافية بلون مقارب لدرجة لون الفستان ترتديها تحت الكم الأساسي لتغطي الجزء الباقي من الساعد .. وقبل أن تبدي ملاحظتها كانت كارمن تتجه في عجلة لترفع شعرها أمام المرآه في عقدة خلف رأسها ثم تتجه لفريدة قائلة بوجنتين مخضبتين بالحمرة وهي تناولها وشاحا من الساتان من نفس درجة لون وقماش التنورة قائلة بصوت متهدج فاجأها هي شخصيا " ساعديني من فضلك يا فريدة فلم أجرب من قبل لفه حول رأسي بشكل محترف "


اتسعت عينا فريدة تناظرها بذهول .. ثم صرخت بفرح" كارمن! ..( وتقافزت وهي تمسك بكتفيها قائلة ) كارمن ما هذه المفاجأة الجميلة !"
غطت كارمن وجهها بكفيها بحرج ثم عادت تنظر إليها تقول بابتسامة محرجة " هيا بسرعة حتى لا نتأخر عليهم .. "
بعد دقائق تطلعت كارمن لنفسها في المرآة تشعر براحة وسعادة بينما قالت فريدة من خلفها" تبدين رائعة بسم الله ما شاء الله لم أتوقع أن يكون الحجاب عليك بهذا الشكل الجميل ويبرز رسمة عينيك بشكل مذهل .. سيُجن أبيه.. هل يعلم ؟"


قالت كارمن " كلا أردت أن افاجئه .. "
رن هاتف فريدة عدة مرات ففهمت كارمن أنه يونس .. فقالت لفريدة " انزلي أنت مع البنات وأنا سأنتهي من زينة وجهي سريعا وسألحق بك .. هيا قبل أن يفجر يونس نفسه بقنبلة في الفرح "
اتسعت ابتسامة فريدة ومالت لتعانقها فقالت كارمن بتأثر حقيقي " مبارك يا فريدة أنت تستحقين كل الفرح "



غمغمت الأخرى بنفس التأثر " مبارك لك أيضا يا كارمن "
في الأسفل دخلت عهد من بوابة الفيلا تتأبط ذراع زياد بينما والداه اللذان قد وصلا قبلهما كان يتطلعان فيهما من بعيد و يونس يستقبلهما ..
تطلعت ناهد بإعجاب لفستان عهد التي ساعدتها في اختياره والذي بدا عليها مبهرا .. من قماش الشيفون الوردي الهادئ وأكمام قصيرة .. تنسدل تنورته بطيات طولية قصيرة من الأمام ثم تزداد طولا على الجانبين بينما تلمس الأرض من الخلف .. تلف حول كتفيها وشاحا من نفس قماش ولون الفستان وحذاء عالي الكعب باللون البيج .. بينما شعرها مرفوع لأعلى مزين بورود وردية اللون وبعض الخصلات تنسدل حول وجهها .


قال يونس لعهد بامتعاض" إنها القطيعة بيني وبينك يا عهد"
شعرت عهد بالحرج وقد توقعت رد فعل كهذا فنظرت لزياد الذي بادر بالتبرير موضحا "عهد أرادت أن تفاجئني بطلبها العمل معي لهذا أخفت الأمر عن الجميع"
تكلمت عهد بلهجة معتذرة" آسفة يونس كنت سأخبرك بعد أن يعلم زياد .. لكن الأمر تطور بسرعة وعلمتم قبل أن أخبركم "
أومأ يونس برأسه ثم قال بحاجب مرفوع "عموما بالتوفيق زياد أفندي .. يا لص الموظفين"
اتسعت ابتسامة زياد السعيدة ومد ذراعه يطوق خصر عهد ليقول يونس وهو يتركهما " جهز بطاقتك الشخصية لتشهد على العقد .. سأذهب لأرى لماذا تأخر المأذون "
تأمله زياد وهو يبتعد ثم قال لعهد" يبدو سعيدا جدا الحمد لله "
غمغمت بخفوت " وأنا متوترة جدا .."


تطلع في وجهها مندهشا لتقول عهد مفسرة " اتعامل مع يونس ببساطة لكني الآن أشعر بالارتباك بسبب حساسيتك "
تأمل زياد جمالها بإعجاب وقلبه يرفرف في صدره ثم قال " دعينا نساعد بعضنا لرأب الصدع الذي حدث .. أنت ستكونين أكثر تحفظا معه عن ذي قبل.. لكن طبعا بدون تطرف فأنا لا أمنعك عن التعامل معه .. وفي المقابل سأحاول أن أتعامل أنا مع حساسيتي تجاه الماضي ببعض التعقل خاصة بعد أن تأكدت من حبك لي "


اتسعت ابتسامتها فخلبت لبه ليضع يده على ظهرها ويتحرك ناحية والديه قائلا " لا تتحركي من جانب والداي فما تلبسينه اليوم برعاية أمي سيرفع من درجة رغبتي في الشجار .. وما يشفع لك أن الحفل لن يضم إلا المقربين ( ثم وجه الحديث لوالدته حين اقترب منها قائلا ) حسابكما معي يا ناهد أنت وهي على هذا الفستان ( وأشار لعهد بسبابته بلهجة خطرة محذرا) إياك ثم إياك أن تخلعي عنك الوشاح ستقابلين زياد آخر وقتها"
قالت ناهد مبررة "يا بني إنها عروس "


قال زياد بلهجة خطرة " عروس لي أنا وليس للجميع ..أول وآخر مرة ترتدي فستان دون أن أوافق عليه مسبقا ( وعاد لعهد محذرا) لا تخلعي عنك الوشاح عهد باشا "
ثم تركهم مبتعدا لتقول ناهد مصعوقة " عهد باشا !!.. ماذا حدث لهذا الولد لم يكن يفكر بتلك الطريقة من قبل! "
بعد قليل نزلت فريدة وصديقتيها فاستقبلتهم الحاجة نفيسة وعيناها متعلقة بربيبتها وابنة قلبها .. فقد حانت اللحظة التي تنتظرها منذ سنوات .


اقتربت فريدة من الحاجة التي مررت عينيها الغائمتين عليها تقول " بسم الله ما شاء الله .. يا أرض احفظي من عليك "
طوقت ذراعيها تحضن الحاجة نفيسة وكلتاهما ترتجفان من التأثر .. فغمغمت الحاجة بصوت باك "مبارك يا قلبي .. الحمد لله أن جبر بخاطرك وخاطري ولم يحرمنا من فرحتنا "


ابعدت فريدة رأسها لتتطلع في وجه أمها قائلة" أتعلمين يا أمي ما يزيد من فرحتي ؟.. أني لن افترق عنك أبدا .. لم أتخيل يوما أتركك فيه وابتعد عن حضنك .. لم أتحمل فكرة أن آتيك زائرة .. بيتي دوما بجوارك يا أمي وفي حضنك "
ازداد بكاء الحاجة تحضنها مرة أخرى وتتمتم بتأثر" ربي يعلم كيف كان فراقك عني صعبا يا فريدة .. كأنه موت بالنسبة لي .. وكنت ادفعك للزواج رغم كل هذا حتى أطمئن عليك قبل أن أموت .. لكن الله سبحانه وتعالى كان يعلم بأني لم أكن قادرة على تحمل أن تنتزعين من حضني "


ابتعدت فريدة تلثم يديها الاثنتين ورأسها بهستيريا وانفعال .. لترفع الحاجة يديها تمسح دموع فريدة قائلة "كفى بكاء يا حبيبتي ستفسد زينة وجهك "
دخل يونس فجأة من باب الفيلا يصيح بتوتر" أين فريدة؟.. المأذون وصل .. هيا بسرعة "



قالت أمه وهي تمسح الدموع من وجهها الأشقر" اهدأ يا يونس ولا تستعجل البنت .. إنها العروس وعلى الجميع انتظارها "
انتبه يونس لما ترتديه فريدة.. فوقف متخصرا يرسمها بعينيه .. فستانها من قماش الدانتيل المخرم والمبطن باللون الباذنجاني .. ملون بورود صغيرة زهرية اللون على الخصر ومقدمة الجذع .. وحجاب من الحرير بدرجة افتح قليلا من لون الفستان ترسم عينيها بالأسود فازداد بريق قطعتي الشيكولاتة في حدقتيها مع لون زهري يطلي شفتيها.
اقترب يونس بهدوء يداري ارتجافه خلف ملامح جادة وسط النظرات المتطلعة حولهما ووقف أمامها يطالعها مغمغما "ادعي ليونس يا حاجة نفيسة.. ادعي له أن يتحمل قلبه كل هذه الجرعة من الفرح "


طالعت فريدة اناقته وعينيه العسليتين القاتلتين المسلطتين عليها .. فمد يونس يده يحضن كفها قائلا بصوت متهدج خافت " بضع دقائق .. بضع دقائق فقط وبعدها لن يفرقنا إلا الموت .. يا حليلة يونس سعد الدين"
وسحبها خلفه بهدوء إلى حلم عصي أضحى على وشك التحقيق .


في نفس الوقت قال عاصم في شقته متعجلا لشويكار التي تقف في الشرفة تتطلع فيما يدور في حديقة الفيلا " هل ستأتين معي أم لا يا شويكار؟ .. لقد تأخرت وأنا شاهد على العقد"


بحماس غامض السبب .. اتسعت ابتسامة شويكار ولمعت عينيها بالمكر تقول بلهجة ساخرة لم يلحظها عاصم " بالطبع سآتي .. فأنا متحمسة لحضور حفل اليوم بشكل خاص جدا جدا .. ( ثم نظرت في ساعتها تغمغم من بين اسنانها ) لماذا تأخر الغبي ! "
××××


نهاية الفصل الثامن عشر ويليه مباشرة الفصل التاسع عشر




Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس