عرض مشاركة واحدة
قديم 12-12-19, 12:27 AM   #565

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
افتراضي

الفصل التاسع و العشرون و الأخير .. :
************************************



أيام الحب ......


لعمرى لو أمكن أن نحيا أيام الحب ... تلك الأيام التى تقاس بنسبتها إلى الحبيب لا إلى الزمن .. فما تزال تتجدد أيام الحب فى سر كلا منا ... و أصبح عهدها بالحب أياما فى لذتها و دفئها كأنها ليست من أيام هذه الدنيا ... و تعطى كل يوم بعالمنا و لا تأخذه و لا تتلقاه ... أصبح صمتى كأنه حكم من أحكام الشوق النافذة لقلبى الذى حكم عليه بأن يظل مشتاقا أبدا .. و مع ذلك يريد و يريد و يشتهى المزيد .. أيا قلبى المسكين قد حكمت على نفسك بالأمانى الشاقة المؤبدة .. ليظل صمتى دائما تائه بين معانى التنهيدات ... لا أعلم هل أرسل إليك كلماتى أم خفقات قلبى ... و قد أجد سرورى فى أن أعجزك بكلماتى المبهمة .. و لكنك داهية .. لا تعجز و لا يزال فى لسانك جواب ما أقوله و لم أقله ... كما يمنعك الحبيب ما تشتهيه منه .. لأنه منحك الخيال و لذته و سحره .. كالمرايا التى لا تتلقى سوى لتعكس ... أتعلم .. أصبح شرودى أشد قسوة من موقف عقلى الذى أقف أمامه مغالبة نفسى على حقيقتها فأبغضها و هى عاشقة .. و أتمارى و هى مقتنعة ... و أجحد و هى تُقر ... فى أسمَى معانى المستحيل .. ليبقى قلبى وحده مكان المستحيل ... إذا كنت على ثقة من هذه المشاعر فأنا الآن راضية عن هذه الإبتسامة الطويلة التى أثق أنك تبتسم بها الآن .. و إن كنت لا أراها .. و لكنى أتلقاها ...........



مرت أيام كثيرة و تغير كل شئ .. وقف فارس أمام إحدى القبور و هو يتلو آيات الله بخشوع حتى إنتهى .. و روى النباتات التى تحيط القبر و هو يدعوا الله بالرحمة لكل من سبقونا .. إنتهى و ترك المياة من يده و إلتفت بجواه و قال بحنو :
- مش يالا بينا بقا .
مسحت دموعها و قالت بألم :
- كنت محتاجة أزورهم النهاردة .. علشان النهاردة عيد الأم .. وحشونى قوى .
حمل كفها و قبله و قال بحزم و هو يكفف دموعها :
- عنيكى بقوا كاسات دم .. كفاية بقا يا أميرتى .
إبتسمت غزل براحة و قالت برجاء :
- ممكن تسبنى معاهم لوحدى يا حبيبى .
فكر فارس قليلا و قال بإستسلام :
- حاضر .. بس متطوليش إنتى لسه تعبانة .
أومأت برأسها و قالت بإنصياع هادئ :
- تمام .
تركها و إبتعد قليلا و عينيه عليها تأبى تركها كما لم يتركها هو منذ عادت له مرة أخرى .. وضعت غزل باقة الورد على المقبرة و قالت براحة :
- أنا خلاص مهمتى إنتهت .. يا رب يا تيتة أكون حافظت على الأمانة اللى إنتى وصتينى عليها .. البنات دلوقتى بيعتمدوا على نفسهم و إتخلوا عن ضعفهم .. حتى دنيا زادت ثقتها فى نفسها و هتتجوز قريب .
ثم قالت بدموعها ثانية :
- ماما حبيبتى .. أنا فخورة بيكى جدا .. إنتى رفضتى تغضبى ربنا و إخترتى الشهادة .. بدعيلك بالرحمة دايما و عملتلك إنتى و تيتة و خالتو نغم صدقة جارية و دى بقا هدية عيد الأم ليكم .
سيطرت على دموعها و قالت بصوت مرتجف :
- ماما يا روح قلبى أنا جبتلك حقك من الحيوان اللى غدر بيكى و قتلك يا رب تكونى مرتاحة دلوقتى .
كففت دموعها و سحبت نفسا طويلا تهدئ به إنفعالاتها و عادت بعينيها للمقبرة و قالت بإبتسامة خافتة :
- أما أنا أحب أطمنكم بقيت كويسة جدا و فرحانة مع جوزى جدا .. فاكرة يا ماما لما كنتى بتقوليلى هننزل مصر و هتتجوزى فارس .. كنت قاصدة فارس جوزى و لا كنتى بتتمنيلى زوج بأخلاق فارس .. عموما أنا إتجوزت فارس حبيبى و نور عنيا .
و رفعت عيناها و تطلعت ناحيته فمنحها إبتسامة هادئة زادت من إبتسامتها و إشراق وجهها و عادت بعينيها إليهم و قالت بهدوء :
- أنا همشى دلوقتى و هبقى أجيلكم تانى .. سلام مؤقت .
ثم إلتفتت صوب فارس و منحته إبتسامتها الساحرة و إقتربت منه و هى تقول بشجن :
- شكرا يا حبيبى .. يالا نمشى .
إحتضن كفها بين كفه و قال بهدوء مازح و هما يسيران سويا :
- ما أعتقدش إنى هلاقى مكان هادى و رومانسى زى هنا علشان أقولك إنه لآخر يوم فى عمرى هفضل أحبك .
ضحكت غزل ضحكة عالية و قالت بسخرية و هى تحتضن كفه بين راحتيها :
- بغض النظر عن المكان اللى إنت شايفه رومانسى ده بس أنا كمان حابة أقولك إنك حبيب عمرى الوحيد .
إبتسم براحة و هو يطالعها بحنو و سألها بتلهف :
- بجد يا عمرى .
أومأت غزل برأسها و قالت بصدق العالم كله :
- عمرى ما حبيت قبلك و لا هحب بعدك .. لو رجع بيا الزمن مليون مرة عمرى ما هحب غيرك .
قرب كفها من شفتيه و لثمه برقة و هو يغوص بمحيطى عيناها و قال بنعومة :
- و أنا فتحت عنيا على حبك .. زرعتك جوايا و عشت بس علشانك و ليكى .. كبرتك جوايا و كبرت معاكى .. و إن شاء الله هعجز جنبك يا حب عمرى كله
تابعا سيرهما بصمت حتى خرجا من المقابر .. إلتفتت غزل ناحيته و قالت بإمتنان و حب :
- من ساعة الحادثة و إنت مش بتسبنى خالص .. مازهقتش منى .
وقف أمامها و طالعها مطولا قبل أن يقول بضيق :
- لأ سبتك .. لما كانوا بيحققوا معايا .. كنت هكسر الحجز علشان أرجعلك .. و لولا شهادة الشهود ما كنتش هخرجلك بالسرعة دى .
إبتسمت بخفوت و هى تقول بهدوء :
- يا حبيبى أكيد كنت هتخرج .. ده دفاع عن النفس خصوصا إنه .. إنه ضربنى بالمسدس بتاعه و كان هيموتنى .
أطبق فارس عينيه و ذكرى ذلك اليوم تلوح أمامهما و سحب نفسا طويلا و فتح عينيه قائلا بحزن :
- كنت هموت عليكى .. و كانت أكتر حاجة مخوفانى ما تستحمليش و تسبينى و أنا مش جنبك أو تفوقى و أنا مش جنبك .
إقتربت منه خطوة و قالت بتنهيدة طويلة :
- بس أحلى حاجة لما فتحت عنيا و شوفتك إنت و مهاب .. نسيت وجعى و ألمى كله .
إبتسمت شفتيه بهدوء و قال مسرعا :
- بعد الشر عنك من الوجع يا أميرتى .. خلاص عاوزين ننسى اللى فات و نبدأ من جديد .
أومأت برأسها و قالت ببحة صوتها المغرية :
- عندك حق .. يالا بينا .

فتح لها باب السيارة و إطمئن أنها إستقلتها بحذر و أغلق الباب بهدوء .. و إلتف ليصعد مكانه .. أدارها و إنطلق بها و هو يتحدث و يتحدث و هى تسمعه بنهم متأملة كل حركة و لو صغيرة كل إيماءة و لو سريعة كل إبتسامة مقتضبة أو متسعة ...
لم يعودا للقصر مباشرة و لكنه تعمد السير بالسيارة كثيرا .. فسألته غزل بضيق :
- آخرة لفك بالعرابية إيه قلبى مش مرتاح لك .
تصنع البلاهة و قال ببرائه لا تناسبه :
- أنا ده أنا ملاك .. عموما يا ستى هروحك أهه .
عقدت ذراعيها أمام صدرها و سألته مجددا بشك :
- فى إيه يا فارس محضرلى مصيبة جديدة .
ضحك ضحكة عالية و هو يهز رأسه مستنكرا و قتل ببساطة هادئة :
- لا مصيبة و لا حادة و قلت ليكى هنروح القصر أهه .. إنتى اللى نيتك سوء .
زمت شفتيها بتوجس و طالعت الطريق و هى تقول بقلق :
- برضه مش مرتحالك .. ربنا يستر لأنا تعبت جدا بقا .
أخفى ضحكاته بإعجوبة حتى أتته رسالة على هاتفه .. فإبتسم بمكر و عاد للقصر فعليا .. الذى فتحت أبوابه لإستقبال أميرته المتمردة ..
لاحظت غزل الزينة التى حاوطت الحديقة و البالونات التى ملأتهاو تناثرت بكل مكان .. و تلك الطاولة الطويلة التى جلس عليها الجميع فى إنتظارها .. إبتسمت غزل و تطلعت لفارس الذى يخفى إبتسامته بضيق و قالت بحدة :
- كنت عارف طبعا .. أنا قلبى كان حاسس .
قبل فارس كفها و قال بحب :
- إحنا عاملين مفاجأة صغيرة ليكى يا رب تعجبك .
تطلعت داخل عينيه بفرحة و قالت بدلالها المثير :
- تعبتوا نفسكوا ليه يا حبيبى .
ملس على وجنتيها برقة و أجابها بهدوئه المهيب :
- علشان تعرفى غلاوتك عندنا و قيمتك الكبيرة بينا .
إتسعت إبتسامتها و أشار إليها برأسه أن يترجلا .. فالجميع بإنتظارهم ...
ترجلا من السيارة .. ركض مهاب ناحيتهم .. إستقبلته غزل بحذر و هو لم يرتمى ناحيتها كعادته بل تريث بضمها إليه و قال بحب :
- ماما حبيبتى إتأخرتى ليه .
ملست على شعراته و قالت بحنو :
- آسفة يا عمر ماما .. أكلت كويس .
إبتعد عنها و هو يقول بجدية :
- أكلت طبقى كله و إسألى تيتة .
قرصت وجنتيه و قالت بإبتسامة مشاغبة :
- حبيب ماما يا ناس الشطور .
تقدمت غزل ناحية الجميع و وقفت أمام زينب و أعطتها هديتها و هى تقول بتقدير :
- كل سنة و إنتى بخير و صحة يا أحن أم فى الدنيا .
إحتضنتها زينب و قالت بدموعها المعتادة :
- إنتى هديتى يا غزل ربنا ما يحرمنى منك يا حبيبتى .
ملست غزل على ظهرها و قالت بهدوء :
- و لا يحرمنى منك يا ماما .
إقترب ممهما صبرى قائلا بحزم مازح :
- كفاية بقا يا زينب .. و أنا فين نصيبى يا ست غزل و لا هو عيد الأم مش بنفتكر فيه الأب .
إبتعدت غزل عن زينب و مدت يدها ناحية فارس فناولها هدية صبرى .. فإقتربت منه و ناولته إياها و هى تقول بإمتنان :
- عمرى ما أنساك يا بابا .. كل سنة و حضرتك طيب .
ضمها بذراعه لصدره .. فإستندت برأسها عليه و هى تتنهد بألم متذكرة ضمة والدها إليها سابقا .. و هى تفكر جديا مع إكتمال شفائها أن تسافر لزيارته و الإطمئنان عليه هو و .. و علاء ...
وقف رامى و قال بصوت عالى ليلفت إنتباه الجميع إليه :
- لو سمحتم يا جماعة .. النهاردة إحنا عملنا الحفلة دى علشان نقول لغزل شكرا .. و كل واحد فينا هيقولها ليه هو عاوز يشكرها .. هبدأ أنا .. بصراحة أنا ماكنتش بطيقك .
هزت غزل رأسها بإستنكار و هى تجلس بجوار زينب و مهاب على ساقيها .. بينما أردف رامى حديثه قائلا بإبتسامة مشاغبة :
- بس لما عاشرتك عرفت إنك طيبة قوى و جدعة .. و عمرى ما هنسى يوم ما وقفتى قدام مسعد لما رفع المسدس فى وشى و كان ممكن يضربنى .. ما خفتيش بالعكس كنتى هتضحى بنفسك علشانى .. علشان كده بقولك شكرا .
إبتسمت غزل بهدوء و هى تتابع إسترساله قائلا :
- شكرا إنك رجعتيلى مراتى و بنتى .. و عرفتينا كلنا الحب بيبقى إزاى .. شكرا بجد يا غزل .
وقف حمزة بدوره و قال بإبتسامة عرفان :
- أنا بقى لو فضلت أشكرك لآخر عمرى مش هكفى لأنه لولا إصرارك و أملك الكبير بربنا ما كنتش هقدر أمشى تانى .. بعد ما إحنا إستسلمنا إنى هعيش عاجز باقى عمرى .
تطلع ناحية ميناس و تمسك بكفها و هو يقول بسعادة تضخها عينيه :
- و ما كنتش هبقى أسعد واحد فى الدنيا زى دلوقتى ..مع الإنسانة اللى بعشقها بكل تفاصيلها .
ثم عاد بعينيه ناحية غزل و قال بصدق :
- علشان كده بقولك شكرا .
إبتسمت غزل بفرحة و هى ترى نظرات التقدير بعيونهم .. إتسعت إبتسامتها و هى ترى دنيا تقف بدورها و تقول بحزن بادى على ملامحها الناعمة :
- فاكرة يا غزل أول مرة شوفتك فيها كنت بقولك يا ست غزل .. لأنى كنت جاية أساعد ستى و أساعدك فى البيت يعنى بمعنى أصح خدامة .
قاطعتها غزل قائلة بضيق :
- دنيا إيه اللى إنتى بتقوليه ده .
رفعت دنيا كفها و قالت بصرامة :
- إسمعينى لو سمحتى .. بس إنتى إحتوتينى و عاملتينى زى أختك و أكتر .. حتى إنك إشتريتى فستان ليا يوم فرح ليال قبل ما تعرفينى .
مررت دنيا عيناها على الجميع و قالت بحب :
- حسيت بينكم إنى زيكم بالظبط مش أقل منكم .. يمكن أمى و أبويا ماتوا .
و طأطأت رأسها بجزن و هى تقول بإختناق :
- بس أنا لقيت فيكى الإتنين ..حنان أمى و حزم أبويا .. ربنا ما يحرمنى منك يا كل حاجة حلوة فى حياتى .. علشان كده بقولك شكرا .
إنهمرت دموع غزل و فتحت ذراعيها لدنيا التى ركضت ناحيتها و إرتمت بحضنها بحذر .. وقفت مهجة أيضا و قالت و هى تكافح دموعها من الظهور و قالت بنبرة مختنقة :
- و أنا كمان حابة أقولك حاجة .. إنتى قدرتى تحولى معاملتى الناشفة معاكى لصحوبية .. و مش كده و بس غيرتيلى حياتى و بكلامك خسيت و بقبت حلوة و إتخطبت .. و شغلتينى معاكى و آمنتيلى على مالك و وثقتى فيا .. لغاية ما بقى عندى حاجة تشغلنى و حسيت أخيرا إنى بنى آدمة .. علشان كده حابة أقولك شكرا .
أرسلت إليها غزل قبلة بالهواء .. وقف أحمد أيضا و قال مداعبا :
- أنا مش فاهم قلبتوها غم ليه .. بس برضه ده ما يمنعش إنى أقول لغزل كلمة .. أنا ماليش إخوات بنات .. و ربنا عوصنى بيكى و بالبنات إخوات بجد ليا .. أنا إتعلمت منك درس مهم جدا .. مش لازم نستسلم أبدا .. و لازم نحاول مرة و إتنين و مليون طالما لسه فينا نفس .. علشان كده أنا كمان حابب أقولك شكرا .
هزت غزل رأسها فى إشارة منها لتقبل شكره .. بينما خلعت ميناس نظارتها الطبية و وقفت و هى تقول بتأثر :
- إنتى رجعتى فى وقت كنت محتاجة فيه أحس إنى إنسانة و ليا كرامة .. حسيت منك بقوة غريبة قدرت تتنقلى و قولت ﻷ .. و دوست على قلبى علشان كرامتى .. قدرت أتغلب على نفسى و رجعلى طموحى تانى فى كليتى علشان ميناس مش حد تانى .. ربنا يخليكى ليا يا أحلى أخت و صديقة فى الدنيا .. علشان كده بقولك شكرا .
غمزت لها غزل بعينها مداعبة .. ملست ليال على بطنها و قالت بإبتسامة هادئة و هى مازالت جالسة :
- أنا بقى هقولك اللى بنتى عاوزة تقولهولك .. إنتى حولتينى لأم بنتى تفتخر بيها .. بحمد ربنا إنك قدرتى تغيرينى قبل ما بنتى كانت تشوفنى و أنا ضعيفة و خايفة من كل حاجة و أى حاجة .. دلوقتى قدرت أنجح فى
شغلى و دراستى و حياتى مع الإنسان الوحيد اللى حبيته .. يمكن كلمة شكرا مش هتكفى .. إنتى أحلى حاجة حصلت لنا كلنا ربنا يحميكى يا حبيبتى .
وقفت غزل و إقتربت منها و إحتضنتها قائلة بحب :
- أنا اللى ربنا بيحبنى علشان بقيت وسطكم و معاكم .
ملست ليال على ظهرها و قالت بدموعها :
- مش مصدقة إنك رجعتى لينا تانى .
زم رامى شفتيه و قال بتذمر مازح :
- هرمونات الحمل .. بتعيط على أى حاجة و كل حاجة .
تطلعت ليال إليه بحدة و إبتعدت عن غزل قائلة بلوم :
- أنا بعيط على أى حاجة يا رامى .
إبتسم إبتسامة صافية و قال مؤكدا بإصرار :
- أيوة بتعيطى على أى حاجة .. إمبارح مثلا إنتى مش عيطتى علشان البطل فى الفيلم كان بياكل فراخ .. قال إيه زمانها إتعذبت و هى بتدبح .
تعالت ضحكات الجميع .. فضيقت عينيها ناخيته و قالت بتوعد :
- ماشى يا رامى .. أنا مخصماك بقا .
ملست غزل على ذراعها و قالت بضيق :
- رامى إياك تضايق ليال سامع .. هى تعمل اللى هى عايزاه .. فاهم .
وضع رامى يده فوق رأسه و قال بمداعبة :
- على راسى ليال و اللى فى كرش ليال .. اااقصدى اللى فى بطن ليال .
تعالت ضحكات الجميع مجددا فزمت ليال شفتيها و كانت غلى وشك البكاء لولا أن خرج فارس عن صمته و أخرج علبة مخملية من جيب بدلته الداخلى و قال بإبتسامة شاكرة و هو يناولها إياها :
- كل سنة و إنتى طيبة يا غزل .
إبتسمت غزل بفرحة و قالت بتعجب :
- و إنت طيب .. بس بمناسبة إيه .
ألبسها إسوارة رقيقة مثلها .. و قبل يدها و قال و هو يتطلع داخل عينيها بشوق :
- علشان عيد الأم يا أحن أم .
إحتضن مهاب قدميها و قال ببرائته :
- كل سنة و إنتى طيبة يا ماما .. إنتى بقيتى ماما بجد .. و أنا بحبك قوى .
إنحنت غزل لمستوى مهاب و قبلته بوجنته و إحتضنته و هى نقول بحنو :
- و إنت نور عنيا .. و أغلى حاجة بدنيتى كلها .
تمسك صبرى بعكازه بكلتا يديه و قال بهدوء :
- و الله إنتى يا بنتى اللى بقيتى أغلى حاجة بحياتنا .. ربنا يديكى الصحة .
ملست على شعرات مهاب و أحابته قائلة بود :
- ربنا يخليك ليا يا بابا .
أعطى الجميع الهدايا لغزل لأنها من وجههة نظرهم الأم المثالية بعد تضحيتها بنفسها من أجل مهاب .. إستمرت جلستهم للمساء حتى إنصرف صبرى و زينب و دنيا و مهجة .. ثم إنصرف أحمد .. إستندت ليال على يد رامى و وقفت متثاقلة و قالت بإرهاق :
- أنا هطلع أوضتى بقا ضهرى وجعنى من القعدة .
فسألتها غزل بقلق :
- أتصل بأحمد يرجع يطمنا عليكى .
هزت ليال رأسها نافية و قالت بهدوء :
- ﻷ .. أنا هرتاح شوية و هبقى كويسة .
تمسك رامى بكفها و هو يطالعها بقلق قائلا بتوجس :
- ليال .. قولى بصراحة حاسة بحاجة .
أجابته بضيق :
- و الله كويسة .. شوية تعب من القعدة بس .
تنحنحت ميناس و قالت بخجل :
- فى موضوع عاوزة أقوله بس مكسوفة قوى حتى إتكسفت أقوله قدام عمى صبرى .. و مكسوفة من حمزة كمان .. بس مش قادرة أخبى أكتر من كده .
قطب حمزة حاجبيه و قال بقلق :
- فى إيه يا مينو مالك .
طال صمتها و الجميع ينتظر حديثها حتى قالت مسرعة :
- أنا حامل .
علت الإبتسامة الوجوه .. بينما وقف حمزة مسرعا و قال بفرحة :
- إيه ؟!!!
إعتدلت غزل بجلستها و سألتها بإهتمام و على ثغرها إبتسامة مشرقة :
- إنتى حامل يا ميناس .
أومأت ميناس برأسها و هى تطالع أناملها بخجل .. فسألها حمزة مجدجا و هو يرفع ذقنها و يتطلع بتلهف لعينيها :
- إحلفى .. إنتى حامل يا مينو بجد .
أومأت رأسها مؤكدة و قالت بإبتسامة بريئة :
- و الله حامل .
إحتضنها حمزة و حملها و دار بها بسعادة و هو يصرخ من فرحته :
- هبقى أب .. هبقى أب .
رفع مهاب رأسه ناحية غزل و قال بفرحة :
- هيبقى عندنا نونو تانى .. يا رب يبقى ولد علشان ألعب معاه .
ضحكت غزل بصوت عالى و هى تقول بسخرية :
- ولد جديد فى عيلة السعيد .. يا عينى على البنات اللى هتبقى من نصيبكم .
تغاضى فارس عن سخريتها و هنأ حمزة قائلا بفرحة :
- مبروك يا حمزة ربنا يباركلك فيهم يا حبيبى .
أجابه حمزة بدموعه :
- الله يبارك فيك .. أنا مش مصدق .. حاسس .. حاسس إنى بحلم .
إحتضنه رامى و قال بسعادة :
- مبروك يا هندسة .. هتبقى أحلى أب بس لو قصيت ديل الحصان اللى إنت عامله ده .. يعنى الواد يجى يلاقى أبوه مضفر شعره .
شمر حمزة ساعديه و هو يقول بحدة :
- بضفر شعرى مش كده .
أومأ رامى برأسه مؤكدا و هو يقول بإصرار :
- أيوة .. قصه بقا عيب ده حتى مهاب بيقلدك .
ركض حمزة ورائه و هو يقول بضيق :
- و رحمة أمك ما هسيبك يا رامى .
ركض رامى أمامه و هو يقول بلهاث من ضحكه العالى :
- خلاص يا هندسة .. ربيه براحتك .. أقولك ربيه و إدبحه عالعيد .

ضرب فارس كفيه ببعضهما و قال ساخرا :
- عيال هتخلف عيال .. جاتكوا نيلة عرتونا .. مبروك يا مينو .
أجابته بخجل :
- الله يبارك فيك يا أبيه .. عقبالكم .
إحتضنتها غزل و قالت بسعادة :
- حبيبتى الصغنونة هتبقى أم .. مبروك يا حبيبتى .
تنهدت ميناس مطولا و قالت براحة :
- أحلى حضن فى الدنيا .. ربنا ما يحرمنى منك .
فقالت لها ليال بوهن و هى تتمسك بظهرها :
- ربنا معاكى يا مينو .. ده إنتى داخلة على أيام مسخرة إسألينى أنا .
إحتضنتها ميناس بحذر و قالت بمشاغبة :
- حبيبتى يا لولو .. محتاجة خبراتك بقا .
و فجأة شعرت ميناس بقدميها تترنح بالهواء .. حتى إنتبهت أن حمزة قد حملها .. قبلها فى وجنتها و قال بسعادة :
- أنا هاخد مراتى و أخلع أحتفل فى أوضتنا سلام .
تململت ميناس بين ذراعيه و قالت بإستحياء :
- نزلنى يا مجنون عيب كده .
أجابها ساخرا :
- عيب ليه مش مراتى مثلا .
إلتف بجسده ناحية الجميع و قال بنبرة عالية :
- تصبحوا على خير يا شباب .
و إستدار بها و سار حتى القصر .. إستندت ليال على ذراع رامى و قالت بدلال :
- شيلنى يا رامى بليز .
قطب جبهته و قال مازحا :
- أشيل مين .. ده هو عمود فقرى واحد .. و لو باظ هايجى على دماغك .
أشار بيده قائلا ببساطة :
- يالا قدامى يا عسلية .
ضربت ليال الأرضية بقدميها و قالت بطفولة :
- ماليش دعوة شيلنى بقا .
إنهار مهاب ضاحكا و قال بسخرية :
- شيلها يا رامى حرام شكلها يموت من الضحك .
تمالكت غزل ضحكاتها و قالت مؤكدة :
- إسمع كلام مهاب يا رامى و شيلها أرجوك .
زمت ليال شفتيها و قالت بضيق :
- شوقت ضحكت عليا مهاب إزاى إشتلنى بقا .
أشاح رامى بيده و قال بحدة و هو ينصرف :
- خلاص باتى هنا قال أشتالك قال .
فصاحت به ليال قائلة بضحك :
- إستنى يا رامى .. إستنى يا مجنون بهزر .
ضحكت غزل ضحكة عالية و هزت رأسها بيأس و هى تقول بتهكم :
- مجانين رسمى .
لف فارس ذراعه حول كتفيها و قال هامسا :
- مش يالا ننيم الواد ده بقا لعاوزك كده فى إستشارة يا دكتور .
دفعه مهاب من ساقه و قال بضيق و عبوس لذيذ :
- سمعتك على فكرة .. و هنام فى حضن ماما النهاردة .
وقف فارس قبالته و قال بضيق :
- مافيش الكلام ده هو كل يوم هتنام معاك .. إنتى من هنا و رايح هتنام لوحدك فاهم .
رد مهاب بنبرة متحدية :
- ﻷ مش هنام لوحدى .. هى بتاعتى لوحدى شوفلك واحدة تانية و إتجوزها .
عقد فارس حاجبيه و قال بغضب :
- يا سلام .. ما أجوزهالك أحسن .. بقولك إيه ما تضايقنيش أحسنلك .
عقد مهاب ذراعيه أمام صدره و قال ببرود موروث :
- هتنام جنبى برضه .
تمسك فارس بياقة قميصه و هزه بعنف قائلا بشراسة :
- إنت بتتحدانى ياض .. طب إيه رأيك مش هيحصل و عشوف أنا و لا إنت .
ضرب مهاب الأرضية بقدميه و قال بزمة من شفتيه :
- أنا صغير و بخاف أنام لوحدى عنت بتخاف مثلا فاعاوزها معاك .

صاحت بهما غزل و قالت بقوة و حزم :
- بس إنتوا الإتنين .. أنا هنام مع مهاب حبيبى شوية .. و باعدين هنام مع فارس done..
ردوا سويا و هما يطالعان بعضهما بتحدى :
- done .
أشارت بيدها قائلة بنبرة آمرة :
- قدامى يالا إنتوا الإتنين .

جلست غزل على مكتبها و مسدت جبهتها بألم .. دلفت عليها مهجة و قالت بهدوء و عملية :
- أهل الولد الصغير اللى عملتيله العملية بره و عاوزين يقابلوكى .
هزت غزل كتفيها بتسليم و قالت بتعقل :
- خليهم يتفضلوا طبعا .
خرجت مهجة و دقيقة و دلفت سيدة و زوجها و ألقى عليها السلام .. أشارت لهما غزل بالجلوس فبادرت السيدة قائلة بإمتنان :
- أنا مش عارفة أشكرك إزاى يا دكتورة .
إبتسمت غزل بإشراق و قالت بحزم :
- قولى الحمد لله .. أنا ماعملتش غير واجبى يا فندم .
قاطعها الرجل قائلا بهدوء :
- إحنا كنا فقدنا الأمل .. لحد ما حضرتك طمنتينا عليه .
عقدت غزل ذراعيها على المكتب و قالت ببساطة :
- هى عملية تبان صعبة .. بس أنا عملتها بأميريكا أكتر من مرة علشان كده الموضوع كان بسيط بالنسبة ليا .
تطلعت السيدة للرجل و أشارت له بعينها ليتحدث .. و لكنه إكتفى بطأطأة رأسه بخجل .. إلتقطت غزل تلك الإشارات فقالت بتوجس :
- فى حاجة حابين تقولوها .
خرج الرجل عن صمته و قال بإستحياء :
- أنا عارف إن حضرتك عملنى العملية للولد بنص التمن .. بس .. بس الفلوس مقصرة معانا لو حضرتك تستنى بس يومين و الله هتصرف و هحضرهم .
قاطعته غزل قائلة بجدية :
- مش لازم تحلف حضرتك .. أنا عارفة إن المبلغ اللى متبقى كبير ده غير العلاج اللى لازم ياخده و إلا كل تللى عملناه هيروح .
صمتت قليلا ثم تابعت بإبتسامة هادئة و هى تحمل صورة المشاغب الصغير و ناولتها للرجل قائلة بتلقائية :
- دى صورة إبنى .
إلتقطها الرجل و تطلع بها مبتسما و قال بإعجاب :
- بسم الله ما شاء الله زى القمر .. ربنا يخليه ليكى و يباركلك فيه .
و ناولها الصورة .. وضعتها غزل أمامها و قالت بجدية :
- أنا قصدى إنى أم و عارقة قيمة الضنا .. فلو سمحتم .. حابة أتنازل عن حقى فى العملية و مش عايزاه .. و لو سمحتم كمان حابة أتكفل بالعلاج كمان .
رفع الرجل حاجبيه و هو يطالعها ببلاهة بينما قالت لها السيدة من بين دموعها :
- معقولة .
أومأت غزل برأسها و قالت بعملية :
- لو سمحتم ليا طبعا .. و أرجوا بلاش تكسفونى .
سحب الرجل نفسا طويلا و قال بتريث :
- قصد حضرتك إيه ؟!
إبتسمت غزل بهدوء و قالت بنبرة ثابتة :
- قصدى إنى علشان إبنى هعمل كل حاجة .. و أنا خاسة بيكم فا متنازلة عن فلوس العملية و عتكفل بالعلاج كامل .
و رفعت سماعة هاتفها و ضغطت أحد الأزرار و قالت بحزم :
- آنسة مهجة تعالى لو سمحتى .
وضعت سماعة الهاتف و فتحت دفترها و كتبت به بعض الأدوية .. و قطعت الورقة .. دلفت عليهم مهجة و قالت بعملية :
- تحت أمرك يا دكتور .
ناولتها غزل الورقة و قالت بهدوء :
- لو سمحتى خلى حد يجيب الأدوية دى و الفاتورة غندى و إدى دنيا صورة منها و إديهم للأستاذ و المدام .
إلتقطت منها مهجة الورقة و قالت بإبتسامة شغوفة :
- تحت أمرك يا دكتور .
و تركتهم و خرجت و الرجل يطالع زوجته بتعجب .. وقغت السيدة وإلتفت حول مكتب غزل التى وقفت قبالتها لتنحنى السيدة و حاولت تقبيل يدها لولا أن غزل سحبت يدها مسرعة و قالت بضيق :
- ليه كده حضرتك أنا معملتش حاجة ده واجبى .
إحتضنتها السيدة و قالت بدموعها :
- ربنا يخليلك ولادك و يباركلك فيهم و يديكى الصحة و الستر يا غالية .
ملست غزل على ظهرها و قالت معللة :
- دى حاجة بسيطة بقول بيها لربنا شكرا .. إدعيلى أقدر أساعد ناس كتير .
إبتعدت عنها السيدة و رفعت ذراعيها للسماء و قالت برجاء :
- يا رب تكرمها و تطعمها و تحبب فيها خلقه .
ربتت غزل على ذراعها و قالت بحنو :
- روحوا إنتوا للولد و هو يقدر يخرج بكرة الصبح و أى حاجة تحتاجوها أنا تحت أمركم .
وقف الرجل و قال بإمتنان و تقدير :
- مش عارف أشكرك إزاى .. ربنا يجازيكى خير با بنت الأصول .
لم تكن تسمعه .. فقد كانت عيناها معلقتين بعينين تطالعها بعشق أسرها و سحبها من عالمها لعالمهما الدافئ .. إلتف الرجل بجسده يطالع ما يجذب أنظارها فرأى رجلا ضخما وسيما يطالعها بشوق و لهفة مهلكين .. إبتسم بخفوت و أشار لزوجته بأن ينسحبا ..
لم تشعر بنفسها و هى تسير مغيبة نحوه .. لم يمهلها و جذبها من ذراعه و إسند ظهرها على الحائط خلفها و إقترب منها بشكل خطير و تعمق بعينيه فى موجات محيطى عيناها الفيروزى و قال هامسا :
- أحبك أكتر من كده إيه .
لفت ذراعها حول عنقه و قالت بخفوت :
- دوبنى فيك و دوب فيا .
أغمض عينيه و إستند بجبهته على جبهتها و قال بشوق :
- أنا دايب و منتهى و شوقى ليكى جابنى لهنا زى المسحور .
أغمضت هى الأخرى عينيها و قالت بهيام :
- بعشقك .
لم تكمل كلماتها بعدما أطبق بشفتيه على شفتيها بتوق للتزود منها و التى أصبحت إدمانه منذ عادت إليه .. يكفيهما حزنا .. يكفيهما شوقا .. يكفيهما جمودا ..
فقد حان وقت الحب ..


ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس