عرض مشاركة واحدة
قديم 12-12-19, 02:11 AM   #631

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي


الفصل الواحد و العشرون



جالسة كعادتها في الصف الثاني ، رفعت إيثار عينيها تتجاوز عتبة باب قاعة الفصل الموارب إلى ما بدا من البهو الخارجي الذي تشتاق الوجود فيه .
أطرقت برأسها ثانية تجبر نفسها على قليل من التركيز و أرسل عقلها إشارات سريعة نحو يدها النائمة منذ دقائق على الورقة التي لم تفقد شيئا من بياضها فتحركت أصابعها بتراخ تلتقطان كلمات الدكتور و تخطانها حروفا مبعثرة بلا وجهة على وجه الصفحة .
بعد دقائق انطلق جرس انتهاء الحصة يرافقه تنهد راحة من قلبها الضجر .
تركت أفواج زملائها تغادر حبس القاعة و ثقل دم الحصة ثم وقفت مستندة على إطار الباب تراقب البهو " الحلم " الذي صار الآن كابوسا و قد امتلأ عن آخره بأجساد الطلبة ضوضائهم .
تنهدت و بدأت تتراجع لتعود إلى القاعة الفارغة حين رأته قادما من بعيد تنشق أمام جسده الصفوف .
مميزا بملابسه الرسمية وسط أسراب الجينز و التيشرتات الرياضية .
مسيطرا بهالة التحكم المنبعثة منه وسط هالات الفوضى حوله .
مؤلما بابتسامته الهادئة ، بملامحه المهتمة جدا للحديث الخافت للتي ترافقه .
عادت بسرعة إلى الوراء تختفي خلف الباب قبل أن يقترب أكثر و يقتنص نظراتها المتسمرة عليه ، المصدومة منه .
اقتربت من شق الباب تواصل مراقبته من خلاله ، تأخذ لروحها لقطات أخرى من الألم .
تعلقت عيناها لثوان خاطفة بوجه مرافقته ، المعيدة الشابة التي انتقلت لقسمهم حديثا و أوغل قلبها في هزيمته الجديدة .
ذوقي و تلذذي ، تشمتت بقسوة في نفسها .
ها هو ساكن مدن أحلامك .
ها هي من يتمناها حقا في أحلامه .
أجمل منك ، أكمل منك ، أفضل منك .
و لا يهم كل ذلك لأنه حتى لم يهتم بك يوما و لم يبحث عنك .
*
*
بعد ساعتين ، كانت تقف داخل الحافلة في الطريق إلى المنزل بعد أن قررت أن تمحو ساعات بعد الظهر من برنامجها .
كذبة ، فكرت بتعاسة و يداها المحتضنتان لكتبها تتراخيان .
كل شيء كذبة ، كل شيء حولها غير حقيقي .
لا الأسرة أسرتها ، نعم هي ابنتهم لكن على الورق ، بيولوجيا ، في أعماقها تعجز عن الانتماء ، يستعصي عليها التأقلم بينهم و معهم .
لا الطموح طموحها ، هو طموح هذا الجيل الذي تنتمي إليه ، الفتاة فيه يجب أن تصل إلى أعلى المراتب ، أن تدخل أفضل الجامعات .
لا الشكل الذي يواجهها كل صباح في المرآة شكلها .
و لا الرجل الذي أحبته هو الفارس الذي يعيش بداخلها .
و لا هي الحقيقية تشبه تلك الهي التي تصورتها عن نفسها .
لا شيء من الواقع يشبه أي شيء في خيالها .
كل شيء هو مجرد انعكاس شوهته الحقيقة و الخيبات و فرشته أمامها على أرض الواقع ، واقعها .
في السابق تعودت أن تعيش كثيرا في الخيال حتى تصبح الحياة محتملة لذاتها المتمردة المهتاجة الباحثة طوال الوقت عما لا يوجد .
لكنها تعيش الآن تلك اللحظات القاسية حيث تذوب حلاوة الخيال داخل مرارة الواقع .
و تختفي تماما و تضمحل .
كذرات سكر تبتلعها دون رحمة لجج قهوة مركزة سوداء .
هزت رأسها في حركة نفي قوية ، ناسية لثوان ضائعة أنها وسط الآخرين و عيونهم .
كلا ، هذا العالم لم يوجد لأجلها .
عالم مراوغ تزل قدماها فيه كل خطوة .
الحقيقة فيه ظل سراب و الأحلام فيه بطعم الأوهام .
وصلت إلى شقة أسرتها فتوجهت رأسا نحو غرفتها كما تعودت دائما أن تفعل .
لا سلام و لا كلام و لا أحد ينتظرهما منها .
انهمرت دموع كثيفة بطعم تعاستها الطازجة و ألقت نفسها بعشوائية على سريرها تخبئ وجهها و ملوحة حزنه بين طيات الملاءَات المبعثرة فوقه .
علا نشيجها و هي تتذكر نفسها الأيام السابقة بعد ذلك اللقاء المنفرد معه .
كانت تراقبه .
تتسلل إلى ذلك المختبر الآيل للسقوط المقابل لمكتبه و تقبع هناك كقطة مشردة تراقبه .
و منذ يومين رأته مع إحدى طالبات الدكتوراه ، يودعها بكلمات هامسة و بين جفونه يطل حنان قرأه قلبها .
غرقت في إحباط دامس حينها و هي تراه يتفحص المكان حوله بحذر ثم لمحت تلك الابتسامة الصغيرة التي سكنت شفتيه و عينيه بينما نظراته تحاوط خطواتها الصغيرة السريعة .
و رؤيتها له اليوم مع تلك المعيدة ، متغلغلا في انسجامه معها كانت جرعة اليقين التي استحقتها من القدر .
قامت تعتدل على سريرها ، تتوه شهقاتها بين حرارة زفراتها و فوران بكائها .
تناولت هاتفها و بيد مرتعشة بشدة مسحت بعض دموعها بين أصابع الأخرى تخط بهيجان حزنها .
" قلبي ثقيل و عقلي خفيف .
آمالي كبيرة و إمكانياتي صغيرة .
روحي عميقة و ذاتي تافهة .
أشعر أني بلغت قمة اللاوزن و اللا شعور .
اللوزن لي و اللا شعور بي . "
ضغطت الزر لتنشرها على صفحتها ثم عادت لتستلقي و هي تتمتم لنفسها :
" نامي يا إيثار ، نامت عليك حيطان البيت جميعها "

************


نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس