عرض مشاركة واحدة
قديم 19-12-19, 11:19 PM   #168

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي


شعر بيد صغيرة تربت على كتفه برفق ففتح عينيه ببطء يطالع الوجه الوضاء الفتيّ فيبتسم قائلا

" صباح الخير يحيى "

نهض جالساً على السرير ليسمع الصوت الصغير المتزن

" صباح النور أبي .. أخبرتني أمي أن أوقظك .. الساعة العاشرة "

اتسعت ابتسامته وهو يقربه منه يحتضن جسده الضئيل يشم رائحته الطفولية وهو يقول متنهدا براحة

" هل تعرف أن اليوم من أجمل الأيام لأني أقضيه كله معك ؟ "

مال يحيى برأسه على كتفه يحتضنه بدوره ويرد

" ونحن كذلك أبي "

قبّل رأسه مداعبا شعره الطفولي شديد النعومة بسواده العميق بقوله

" بالأمس حين عدت كنت نائما ولم أرد إيقاظك .. اخبرني ماذا حدث بمدرستك في الثلاثة أيام الماضية ؟ "

ظل يحيى صامتا مطرقا برأسه على كتفه فأمسك ذقنه يرفع وجهه نحوه متسائلا

" ما بك يحيى ؟.. هل ضايقك شيء أو أي أحد بالمدرسة ؟ "

بسنوات عمره السبع كانت له تلك النظرة التي تدهشك وتحيرك جامعة طفولة وبراءة مع إحساس عميق بالألم كأنه يعلم قصة حياته الصغيرة ، بدأت بالألم واستمرت بالألم الذي أدركه شيئا فشيئا مثله هو ووصال.
طالت نظرة يحيى عميقة الأثر حتى لمست قلبه وهو يهز رأسه نفيا قائلا بحيرة

" لا أبي .. لكن اتساءل لماذا لا تبقى معنا دائما وليس ثلاثة أيام بالأسبوع فقط ؟ "

ضيق عماد عينيه حنانا مبتسما ينظر لملامحه الحزينة .. صبي جميل وأجمل مما تمنى يوماً ، وجهه الأبيض يشع نورا هادئا وملامحه محبوبة من النظرة الأولى ، لكأن يحيى هدية القدر له ولوصال رغم ما عانته.
أمسك بوجهه بين كفيه قائلا برفق

" قلت لك من قبل هناك أربعة أيام بالأسبوع يجب أن أقضيها بمكان آخر لكن إذا احتجتني أي يوم اتصل بي وسأكون عندك "

هز يحيى رأسه ينظر لعمق عيني عماد يقول بوعي صادق

" نعم افهم .. لي صديق والده يعيش ببلد آخر لأجل عمله ولا يأتي إليهم إلا شهراً بالسنة .. وصديق آخر والده يعيش بمحافظة أخرى ويأتي إليهم نهاية كل أسبوع فقط .. وأمي قالت أن ... روينة وليلة مسؤولتان منك مثلنا "

ابتسم عماد يحتضنه لقلبه النابض بحبه قائلا

" أحسنت يحيى .. أنت دائما ذكي تتفهم أموراً أكبر من عمرك ولذلك يحيى رجل .. يحيى ماذا ؟ "

طوق يحيى عنقه مكررا بحزم

" رجل "

رغم أنه لا يذكر روينة وليلة هنا كما لا يذكر وصال وليلة عند روينة إلا أن وصال تضع أموره على خطها المستقيم دوما

وصال .. ميزانه الذي اعتدل به بين غضب ليلة وجموح روينة .. هى خطه المستقيم .. موصولاً بها
أبعده عماد يدقق بعينيه السوداء اللامعة فيرفع حاجبه قائلا

" الآن اخبرني نتيجة اختبارات الشهر "

ابتسم يحيى مجيبا بنبرته العاقلة

" ككل شهر أبي لا تقلق .. درجاتي نهائية وأنا الأول على فصلي لكنني نقصت درجتين بالحساب وأعدك ألا يحدث هذا مجددا "

قبّل عماد يده مشجعا بقوله

" أحسنت يا بطل ولأجل نجاحك هذا ستشترك في تدريب الچودو كما وعدتك .. وساشتري لك الدراجة أيضاً "

انتفض جسد يحيى بحماس هاتفا بضحكة متألقة

" حقا !!.. شكراً أبي شكراً "

صدر صوت معترض عند الباب ثم ارتفع صوتها بتذمر

" لاااا ... ليس هذا الموضوع مجددا "

رفع عماد عينيه نحوها وطل منهما الرضا تلقائيا .. هذا الجمال .. أجمل من أن يمر عليه كعابر سبيل
جمالا يسكن إليه المرء براحة من الدنيا وما فيها من ألم ومصاعب ، رغم ما تحمل كتفاها من المتاعب .. إلا إنها راضية قانعة بعطاء الله وقدره

زواجه بليلة هو سبب زواجه بوصال ! .. وزواجه بوصال هو سبب زواجه بروينة !!

وفي كل الأوقات هى قدر جميل ? حمامة بيضاء تهادت يوماً على نافذته ففتح للحياة بعد .. الموت

التفت يحيى إليها ثم نزل من السرير راكضا نحوها يقول برجاء

" أمي أرجوكِ لا تخافي عليّ .. أنا بخير والله .. أريد أن أكون قويا وأستطيع الدفاع عنكِ وعن أبي حين اكبر "

مال عماد على مرفقه يراقبهما مبتسما مستمتعا بكلمات الصغير التي تمس مشاعره بلا فواصل وهى تميل نحو يحيى فيغطي شعرها الطويل جانبي وجهها لتجيب بحزم

" القوة ليست بالقدرة على الضرب فقط يحيى "

رد يحيى بتهذيب هادئ معترضا بحجته

" ألم يكن سيدنا خالد بن الوليد ماهراً بالضرب والمبارزة بالسيف أمي ؟ .. أنتِ اخبرتِني أنه لُقِبَ بسيف الله المسلول لقوته "

ارتفع حاجبا عماد ناظراً إليها بإعجاب فخور مدركاً كيف حضر يحيى كلامه منذ وقت طويل استعدادا للمواجهة !
بادلته وصال نظرة مبتسمة بصرامة قبل أن تعيد عينيها لولدها ترد بحجتها هى الأخرى
" نعم اخبرتك .. لكنني اخبرتك أن قوة سيدنا خالد رضى الله عنه لم تكن في المبارزة فقط بل في التفكير أيضا .. كان يفكر بشكل صحيح ليعرف كيف يهزم الأعداء .. إذاً عليك تعلم التفكير السليم لتكتسب قوة العقل كما تريد قوة الجسم "

وقف يحيى قليلا ناظرا إليهما عاقدا حاجبيه بتفكير عميق يفكر في إجابة داحضة كعادته !.. ثم رفع سبابته وإبهامه على ذقنه قائلا بجدية

" اتفقنا أمي .. أنا الآن اتعلم بالمدرسة كيف افكر بشكل سليم لاكتسب قوة العقل .. وساتعلم في النادي الچودو لاكتسب قوة الجسم .. وهكذا يكون تفكيري سليماً منذ الآن .. سأذهب لاتناول إفطاري وأنتما الحقا بي سريعاً "

خرج راكضا منهيا النقاش تحت أنظارهما المذهولة فاستدارت وصال تتمسك بإطار الباب وصوتها يعلو

" انتظر يحيى حتى أعطيك دواءك أولا "

ضحك عماد عاليا لحظات رائق المزاج ثم قال بعجب

" هذا الولد سيكون نابغة حين يكبر وسأذكركِ بكلامي حينها .. أنا نفسي لا افكر هكذا قبل أن اتكلم ! "

أدارت وجهها نحوه بدهشتها من طفلها ترد باستسلام

" حسناً يا سيدي .. أنت مَن تملأ عقله بالفكرة .. سامحك الله "

نهض عماد مؤكدا بثقة

" نعم .. وسأجعله يتعلم كل شيء "

أطرقت برأسها تستند لإطار الباب مهمومة الخاطر وهو يصل إليها فتقول برقة حزينة

" أدامك الله له وتربيه أحسن تربية "

ابتسم بتفهم وهو يمس ذقنها بسبابته رافعا وجهها البريء ناظرا لعينيها الخضراء المزهرة بعد ألم فيمد كفيه يحيطه مقبلاً جبهتها ثم يقول بفخر

" له ولكِ يا وصال .. بل أنتِ مَن احسنتِ التربية "

هاتان العينان .. زمردتان والتقطهما بطريقه فجعلتا الطريق أخضر مثلهما
شفتاها .. ورقتان من الورد المخملي مائلتان حزنا جميلا
ومر ذاك الحزن بسحابته الندية بعينيها حاملا خوف قلب الأم فيطمئنها بصوته العميق

" لا تخافي .. أليس بابني ؟!.. لن أسمح أن يمسه مكروه أو أن يؤذيه شيء .. أريده فقط أن يعيش كباقي الأولاد في سنه .. لقد سألت طبيبه ثم رتبت كل شيء .. اتفقت مع مدرب خاص سيعلمه حركات الدفاع عن النفس لكن دون مجهود .. إنه يحلم بهذا ولن أحرمه منه .. أما الدراجة سيركبها تحت إشرافي شخصيا وببطء شديد .. هل ارتحتِ ؟ "

تسارعت دقات قلبها بألفة تعهدها منذ زمن وهى تنظر لملامحه القوية العازمة قائلة

" ابنك يا عماد .. أنت أول مَن حمله قبل أن أحمله أنا .. جعلك الله لنا راحة ورزقك تلك الراحة وأكثر "

تأوه عماد رافعا رأسه لأعلى ثم نظر إليها يهز رأسها بين كفيه وهو يرد بحرارة

" أجمل دعوة اسمعها ببداية اليوم .. ما أجمل صباحكِ يا وصال "

تلامس الابتسامة شفتيها الناعمة وهى تربت على كتفه قائلة بصوت منغم بطبيعته اللحنية

" هيا لتفطر .. ألم تقل لي أن لديك موعدا اليوم ؟ "

اومأ برأسه صامتا فتورد وجهها بنظراته المتأملة لجمالها الطبيعي وهى تستدير ببطء فتنسحب كفاه ببطء أكثر لتغادر أمامه .. تسير كأنها توزع طاقات من السكينة والأمان يألف بها .. ينعم بها

وصال .. الحياة الثانية التي أنقذها

وربما هى مَن أنقذته دون أن تعلم ، أنقذته من وحش ثائر سكن داخله طويلا بعد رحيل سلاف ثم زواجه من الكارثة ليلة

رغم أنه يقرأ في عينيها إحساسها بالذنب نحوه إلا أن وصال دائما وأبداً كل ذنبها .. هو جمالها.

اتجه للسرير يأخذ هاتفه ثم يجلس وهو يطلب الرقم الأسود وينتظر الرنين الأسود منه على قلبه !
حتى أتاه صوتها الناعم المقتول بنبرة الضحية

" عماد "

رد باقتضاب مباشر

" حضري نفسكِ .. سأمر عليكِ بعد ساعتين لنذهب لشركة التأمين "

صوتها يحمل دهشتها من اتصاله بها بيوم وصال تقول بلهفة

" حقا ؟! .. لكنك لم تأخذ اسمها مني "

تتجهم ملامحه بالغضب الكاره وهو يرد ببرود

" مؤكد لن اذهب لشركة من اختياركِ .. أنتِ لا تجيدين الاختيار أصلاً "

قابله الصمت عدة ثوانٍ يسمع أنفاسها حتى قالت بنبرة ميتة

" سأكون جاهزة "

أغلق الخط راميا الهاتف جواره نافخاً بضيق .. مكالمة من دقيقة واحدة كفيلة بتعكير يوم إجازته بأكمله.


دخلت بخطى ثابتة وابتسامة مدروسة ترتديها لعملائها وزملائها جميعهم ، طاقمها الكلاسيكي يلف قوامها بنحافتها اللطيفة ، وحجابها الوردي يظهر تورد وجهها الطبيعي المشبع بالحمرة وجمال عينيها الزرقاء البراقة
ربما تظن نفسها هزيلة ضعيفة بما عاشته من مرض جدتها ويتمها منذ مولدها بفقدان والدتها إلا أنها كانت ..
عود برائحة العود ! .. أو هكذا سمعت من دقة القلب الغادرة التي جرحتها يوما

اهتزت ابتسامتها قليلا فرفعت ذقنها عفويا وهى تأخذ نفسا طويلا لتبعد أفكارها الهادمة بعد أن استعادت نفسها
اقتربت من المكتب الخاص بمديرها وسط الغرفة الكبيرة التي تضم عدة مكاتب لزملائها ومدراء آخرين
ترى رجلا وامرأة جالسين أمام المكتب فتقدمت منهما وهى تقول بابتسامتها

" شرفتما الشركة .. أنا ... "

انقطع كلامها فجأة وهى تتسمر مكانها متوقفة النَفَس .. عيناها تتسع لتتلاقى مع عينين انفعلتا انفعالا رهيبا هائجا ما إن سمع أول حرف بصوتها
ابتسامتها اختفت كأن لم تكن وهو يقف ببطء .. نفس النظرة منذ سنوات .. كأنه وجد ما يبحث عنه بعد طول عذاب .. اليوم مقترنة بشوق هادر مصدوم
اتساع عينيها يؤلم وهى تتلقى نار عينيه باستسلام مزلزل .. هكذا كان .. مزلزلا لكل كيانها الراسخ

لا يمكن أن يكون أمامها بعد عامين أجبرت نفسها إجبارا على نسيانه رغم رفضها
وها هى تقف أمام اشتعال عينيه المهلك ، تحدق بملامحه الصحراوية الصلبة المشبعة بشمس البراري ، لتأخذ لمحة حضارية راقية الجاذبية .. مزلزلة

وهو .. بنظرة عذاب طال يتأملها كلها من جديد كأنه يتلقفها بحضن عينيه .. هدية العمر التي ظن أنها ضاعت منه
يغرق في تلك الأمواج .. آآه .. لون الأمواج لا البحر نفسه !
كأن .. كأن دعوة وصال أن يُرزَق الراحة استجيبت اللحظة
وحين تأكد أنها هى تحركت شفتاه همسا مدمرا

" صـدفـة "

آآه .. وقع قلبها منها !
ذلك الصوت الذي ما سمعت صوتا بتأثيره يوما .. مهلكا مرجفا ..
كلها ترتجف والدنيا تدور حولها بروحها التي تعلقت بحلقها اختناقا وهى تنظر .. إليه
لم يتغير كثيرا .. أو ربما تغير .. ربما ازداد ضخامة .. حلق لحيته التي كانت تحبها لتتضح جاذبية وجهه القتالة ..
منذ سنوات عرفته رجلا وما زال ولأخر يوم بحياتها سيظل رجلا لكن .. غادرا
اختفى المكان و .. المرأة التي بجواره .. والنار تندلع داخلها وهى تطفو في حالة عدم تصديق

حتى التقطت أذناها صوتا قاسيا محترقا يهمس بعنف مكتوم

" عماااد "

حينها فقط تحررت عيناها من عينيه لتنظر لتلك المرأة .. نعم هى .. زوجته الـ .. الأولى .. والتي بادلتها نظرة عنيفة قاتلة .. كان اسمها .. ليلة !

لتعود بعينيها نحوه وقلبها يرتج كزلزال يشق أرضها بعد الثبات وبلا وعي .. كانت تهز رأسها نفيا بحركة غير ملحوظة سوى لعينيه السابحة بأمواج عينيها
عيناه التي كانت .. كانت تنظر ليديها تتأكد من خلوهما من أي رمز قد يسرقها منه مجددا

قدماها تتراجع ورأسها يكرر نفيه ولا تعرف ماذا تنفي ؟! .. وجوده .. دقات قلبها المؤلمة .. أم احتمال العودة ؟!
تتراجع أكثر وعيناه تشتعل أكثر وهو يعقد حاجبيه بشدة رفضا لابتعادها .. حتى تأوهت وهى تصطدم بجسد صلب خلفها وامتدت كفان يمسان مرفقيها برفق فتحرك عماد خطوة منفعلة مندفعا إليها
لكنها لم تنتظر وهى تستسلم لذلك الجسد أيا كان وهو يديرها إليه قائلا بابتسامة

" صدفة انتبهي "

نظرت لوجه الرجل بشحوب شديد وملامح مذعورة فتساءل بقلق دون أن يترك مرفقيها

" صدفة ما بكِ ؟ .. هل أنتِ بخير ؟ "

تقدم عماد خطوة أخرى مشتعلة وعيناه تتقد نارا وهو ينظر لتلك اليدين على مرفقيها .. إلا أن ليلة وقفت فجأة تمسك ذراعه بقوة هامسة من بين أسنانها

" عماد لا تحرجني "

عقدت صدفة حاجبيها ببطء وهى تميز نبرة زوجته فتحررت أنفاسها المرتجفة عذابا .. لم تسمع ماذا قالت إلا أنها ميزت اسمه واضحا .. مؤلما ..
وبثبات وهمي استطاعت النطق أخيرا وهى تبتعد عن الرجل خطوة مبعدة يديه عنها

" أنا بخير أستاذ اسماعيل .. من فضلك .. الأستاذ وزوجته يريدان التعرف على برامج الشركة "

وخرجت هاربة سريعا أمام أنظار عماد القاتلة .. المقتولة
تحرك اسماعيل نحو مكتبه يشير للكرسيين أمامه قائلا بلباقة

" تفضلا لأطلعكما على برامج الشركة لتختارا ما يناسبكما "

ظل عماد مكانه ينظر للباب الذي خرجت منه حتى جرحته أظافر ليلة وهى تنشب بذراعه بلا وعي منها هامسة بكبت غاضب

" عماد من فضلك "

نظر إليها نظرة غريبة مظلمة قبل أن يجلس أمام المكتب يستمع لثرثرة المدعو اسماعيل بلا أدنى تركيز.


دخلت صدفة حمام السيدات مغلقة الباب خلفها واستندت بذراعها عليه لتخفي وجهها فيه ، شهقات بكائها تحاول كتمانها فتخرج حرارةً بوجنتيها وأنفاسها
لم تتوقع أن تنهار لرؤيته مجددا .. بل لم تتوقع أن تراه مجددا
جاء مصاحبا زوجته .. كان أمامها .. أمامها
استدارت متسعة العينين تهمس بنبرة مفجوعة

" إنه هنا .. نعم هو .. هنا .. هنا "

تتنفس من بين شفتيها والدموع تسيل بصمت الهوى الضائع .. القلب انتفض بعراكه الماضي
وهى .. ضبابية الأعين وما زالت عالقة الفؤاد .. ثابتة العماد
التفتت تنظر للمرآة بتشوش هامسة لوجهها الدامع

" أهى صدفة ... أم قدر ؟ .. لا توجد بالدنيا صدفة .. لا توجد صدفة "

لكن صوت ليلة لم يرحمها وهو يتردد من جديد ناحرا

" أنا ليلة يا حبيبتي .. زوجته الأولى "
" ألا تعرفين أنه متزوج من ثلاثة .. والثالثة عرفي ؟! "




صباح اليوم التالي


دخلت الشركة بموعدها لتأخذ أوراقها بعد فصلها الظالم من العمل .. لا بأس .. طالما أصحاب الشركة ليسوا بأي قدر من الحق والمهنية فهى لا يشرفها العمل هنا
ستبدأ من جديد بمكان جديد وليحترقوا جميعا هنا لأن ماهر أخبرها بالهاتف بالأمس أنه سيترك العمل هو أيضا وأنه أعطاهم درساً سيقلب الدنيا فوق رؤوسهم

تسير بأناقة مرفوعة الرأس لا تهتم لأحد ملاحظة نظرات الجميع إليها وهمهماتهم .. لكن ما بال نظراتهم مليئة بالحسرة والشفقة هكذا .. بل إن بعض الفتيات يبكين ؟!
تنقلت عيناها في وجوههم متجهة لمكتبها أولا قبل أن تمر على ماهر لكن .. هناك جلبة جذبت نظرها نحو مكتب ماهر المفتوح !

توقفت مكانها لحظات ثم سارت في الرواق لمكتبه تخترق العاملين إليه وهى تسمع الهمسات فينقبض قلبها بشكل عجيب مفاجئ

" ها هى جاءت "

" إنها أستاذة ألماسة ماذا جاء بها اليوم ؟ .. سيكون صعبا عليها والشرطة قادمة بعد قليل "
" مَن فعلها ؟ .. لا حول ولا قوة إلا بالله "
" ما دائم إلا وجه الله "
" كان طيبا خلوقا والله .. فليرحمه الله "
" رحمه الله "
" رحمه الله "

توقفت ألماسة عند باب الغرفة مع أخر همسة وعيناها تدمعان مسبقا .. قلبها يتوقف عن الحياة مع سبق الاصرار والترصد .. تنظر لحياتها كلها ممددة أرضا مغطاة بورق الجرائد الذي يتطاير طرفه كاشفا عن البساط الغارق بالدماء الجافة

قُتِلَ ماهر .. قُتِلَ ماهر
هل انتهت الحياة وغربت الشمس ؟
هل ماتت الأنفاس واغترب القلب ؟
هل أعلن السواد سواده .. أنا لكِ بعد اليوم ؟
قُتِلَ ماهر .. أطيب الخلق شهامةً ونخوة
رباااااه .. قُتِل ماهر .. قُتِلَت هى ..

وسط الوجوه الباردة تقف ولا تشعر .. مجمدة الجثمان .. مثلجة الأطراف
وورقة جرائد تتطاير كاشفة وجهه النائم في سبات أبدي .. قبل أن يسقط جسدها جوار جسده تماما فاقدة الوعي.



انتهى


نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس