الفصل العاشر
💕💕💕💕💕
كان أثير يسير جوارها بعد إنتهاء العمل في الفندق . فقد ظل معها حتى انهت عملها رغم رفضها و طلبها منه أن يعود للمنزل . عندما ذهبت لتبحث عنه مع سليم كان كما توقع سليم يلتف العاملون حوله و هو يثرثر بحماسة عن فيلمه المقبل و الذي يقوم بتصويره الآن . عندما رأوا سليم ذهب الجميع كلا لعمله . وقف أمامه بتحدي سائلا .. ” متى تنتهى رحيل “
رفع سليم حاجبه مستنكرا سؤاله فلا يخصه أن يسأل عن عملها .
ردت رحيل بضيق .. ” يمكنك الرحيل للمنزل اذا أردت فأمامي عمل كثير لحين انتهي “
رد أثير بتصميم .. ” سأنتظر فليس هناك شيء ينتظرني في المنزل “
و هكذا ظل معها و لم يبرح جوارها أو ترك فرصة لسليم أن يتحدث معها و عندما أحضر لهم سليم طعام الغداء . أصر أن يرسل أحد العاملين لديه ليحضر له طعامه المفضل . و جعلهم ينتظرون لحين يعود و يتناولونه سويا . ركل أثير حجرا في طريقه و هو يسير جوارها بصمت فسألته رحيل بنفاذ صبر .. ” ماذا هناك تتعارك مع الحجارة في الطريق “
” في ماذا كنتما تتحدثان عندما كنتما تحتسيان القهوة بعد الغداء “
سألها أثير بصوت لازع يشوبه الإتهام مما جعل رحيل تصعق من سؤاله
” لا أفهم ، ماذا تقول “ سألت ذاهلة
أجاب أثير بتكبر .. ” ذلك الرجل في ماذا كنت تحادثينه وحدكما “
نظرت إليه بدهشة هل هو يحاسبها على تصرفاتها . ما دخله بما تفعل و بما قالت و مع من تتحدث . ” و ما شأنك أنت “ قالت ببرود بعد أن تمالكت نفسها حتى لا تجيبه بغضب و هم في الطريق ربما أثار فضيحة و هو يحقق معها هكذا و قد أقتربت من المنزل .
رد أثير ببرود .. ” ألم تخشى على سمعتك و أنت تتخذين جانباً في الحديث معه أمام العاملين . أليس هذا ما قلته لي و أنت تخبريني أن لا أ قول أنك زوجتي . حتى لا أشوه سمعتك “
وقفت أمامه و كتفت يديها باعتراض .. ” و هل حديثي البرئ مع الرجل يشوه سمعتي و كذبي بأنك زوجي لا يفعل . هل أنت مجنون “
” بل أنت الحمقاء . و لا ترين أبعد من أنفك . أفيقي “ رد غاضبا و لا تعرف سبب غضبه ذلك .
رفعت أصبعها في وجهه محذرة .. ” لا تتدخل في شؤوني أنت مجرد ضيف لدينا ستمكث بضعة أيام و ترحل . فلا تعين نفسك حارسا و ناصحاً لي و أنت أبعد عن ذلك “
” هل تخبريني أنه يروقك ما يفعل الرجل معك “ سألها أثير بخشونة
ردت رحيل بحدة و قد نفذ صبرها .. ” ماذا يفعل . لا شيء . أنت هو المريض الموسوس كما قالت عمتي “
” هل تخبريني أنك لم تنتبهي لنظراته إليك كلما كان جوارك “
سألها أثير بغضب أثارها .
نظرات ماذا هذا المخبول الرجل يتحدث معها بأدب و لم يتعدى حدوده معها أو حاول أن يقترب منها ليثير ريبتها . تعلم أنه إنما يلقي بعض العبارات التي تظن خلفها شيء أخر يقصده غير ما يظهر و لكن ربما هى من تفهم بشكل خاطئ كذلك اليوم عندما أتى لمتجرها . قالت رحيل بحزم و هى تتحرك مسرعة لتصل إلى المنزل .. ” أنا لن أجيب “
أسرع أثير خلفها ليلحق بها و هو يتمتم ببرود .. ” بالطبع لن تجيبي فأنا معي حق في حديثي لذلك لا تجدين ما تدافعين به عن نفسك “
و هل هى متهمة هذا الأحمق لتدافع عن نفسها . ” أنت رجل فظ أرحل من بيتنا “ قالتها رحيل حانقة و هى تسرع في الذهاب .
” عندما تعطيني العقد سأذهب “ قالها بغيظ من عدم اهتمامها به و رغبتها في التخلص منه و رغم أنه يعلم أنه يكذب و قد استعاد العقد و لكنه لن يسمح لها بالفرصة لطرده إذا علمت أنه استعاده . وصلت لأول الطريق . كان هناك عدة عمال يقومون بالحفر لا تعلم لماذا و قد تركوا الطريق صباحاً على حاله منذ زمن ربما ليوصلون الغاز أو الكشف على مواسير الصرف أو أي شيء آخر لا تعلم و لا تهتم أن تعلم . كان الأولاد يلتفون حولهم يراقبون العمل كمن سيستخرج كنزا بعد قليل و ملامح الترقب على وجوههم . كان يمان يقف من ضمن الصبية . فذهبت إليه لتأخذه معها هذا الأحمق ربما سقط في الحفرة أو. دفعه أحد الأولاد في مزحة ثقيلة منهم . ” يمان “ هتفت به رحيل بغضب و هى تندفع نحوه و لم تنتبه لتلك الأسلاك الغليظة الخاصة بمولد الكهرباء الخاص بماكينة الحفر الدقاقة . كادت رحيل أن تسقط على وجهها عندما أندفع أثير نحوها قائلاً بلهفة .. ” رحيل أنتبهي “ قبل أن تسقط على وجهها كان أثير قد أمسك بذراعها بقوة و بدلاً من الإندفاع للأمام سقطت بين ذراعيه للخلف في ردة فعل عنيفة . تسمرت رحيل لثواني بين ذراعيه قبل أن ترى ضوء الهاتف يضيء في وجهيهما عدة مرات و صوت كاميرا الهاتف تعمل بدون توقف . أوقفها أثير سائلا بهدوء ” أنت بخير رحيل “
أومأت برأسها و قد شحب وجهها من الصدمة لم كان سيحدث معها أمام كل هؤلاء المتفرجين الذين وقفوا يشاهدون . أدار أثير رأسه ينظر للممسك بالهاتف و على شفتيه ابتسامة عريضة و كأنه وقع على كنز . مد يده إليه قائلاً بأمر .. ” الهاتف يا ولد “
أبعد الصبي هاتفه قائلاً .. ” لماذا “
رد أثير ببرود و هو ينزعه من يده بحدة .. ” سأعيده لك لا تقلق . هيا يمان للمنزل “
اتجه يمان إليهم بقلق بعد ما حدث يعلم أن رحيل ستوبخه الآن و لكن ليعود للمنزل أولا حتى لا تفعل أمام الأولاد .. ” أنت بخير أختي “
ردت رحيل بخفوت .. ” أجل هيا للمنزل يمان يكفي حديث على الطريق “
قال الصبي بضيق .. ” و لكن هاتفي “
رد أثير ببرود .. ” سنعيده لك تعرف يمان صحيح “
نظر الصبي ليمان قائلاً .. ” إياك أن تعبثا بهاتفي و ما عليه “
” حقاً . ماذا ستفعل “ سأله أثير ساخرا و هو يعلم مقصده من العبث بهاتفه . هل حقاً يظن أنه سيترك صورته مع تلك الحمقاء تظهر للعيان هذا ما كان ينقصه . زم الصبي شفتيه بضيق و غيظ و قال بحدة ..
” أعطيني صورة لك إذا و أنا سأصمت عما التقط هاتفي .“
دفعه يمان في صدره قائلاً .. ” و ما التقط أيها الغبي كف و إلا أبرحتك ضربا “
تدخل أثير و رحيل ليفضوا النزاع بينهم بعد أن أمسك الصبي بيمان يريد ضربه هو أيضاً .. ” كفى يمان هيا للمنزل “ قالها أثير و أردف موجها حديثه للصبي .. ” و أنت أخبرك أني سأعيد هاتفك هيا أرحل الآن “
قال الصبي بتحذير .. ” أعيده إلي و إلا أبلغت الشرطة أن النجم المشهور أثير سرق هاتفي و الأولاد سيشهدون معي “
شخر أثير ساخرا .. ” أفعل أيها المبتز الصغير . ما هذا المكان الذي أمكث به ملئ بالحمقى “
رد يمان بغضب .. ” أرحل إذن يا سيد لم ما زالت لدينا “
ردت رحيل غاضبة .. ” يكفي هيا للمنزل لقد أصبحنا مادة للألسن بسببك سيد يمان و وقوفك هنا و هذا المغرور المتذمر “
تركتهم و تحركت عائدة للمنزل و هى تقسم أنه سيعود لمنزله اليوم قبل الغد و لو أبلغ عنها الشرطة .
************************
دلفت ونس للمنزل بتعب بعد يوم عمل طويل ألقت بحقيبتها باهمال و نزعت حذائها و ألقته بعيداً و هى تفتح أزرار قميصها الأنثوي بقماشه الخفيف . سمعت صوت يقول .. ” أيتها الحمقاء البغيضة ما زالت تفعلين هذا عند دخول المنزل غير عابئة بمن ستجدين فيه . ربما أحدا غريب أو مثلي “
صرخت ونس بفرح و أندفعت تجاه الأريكة لتجد جلال يجلس و بين يديه كوب عصير ربما أعده لنفسه فوالدها لم يعد بعد .. ” جلال أيها الحقير اشتقت إليك يا وقح أين كنت كل هذا الوقت “
كانت تتحدث و هى تمسك بكتفيه تهزه بعنف حتى سقط عليه العصير و أتسخت ملابسه ، رد جلال غاضبا لأفسادها ملابسه .. ” أنت أيتها المجنونة أفسدت ملابسي “
ضحكت ونس و أمسكت رأسه تقبله بقوة قائلة .. ” أين كنت كل هذا الوقت لي فترة طويلة لم أراك أو أتيت لترى أبي . سأخبر أبيك عندما يعود ليحقق معك عن مكان أختفائك و ابتعادك عنا “
أمسك جلال بيدها بين راحتيه و شدها لتجلس جواره على الأريكة أحاط كتفها برقة قائلاً بحنان .. ” اشتقت إليك أنا أيضاً ونس ألم يأن أوان عودتك لنا الن يحظى أبي بالصفح بعد كل ما حدث “
وضعت رأسها على كتفه لتلمع عينيها بالدموع قائلة .. ” جلال أنا لم أنس بعد أرجوك لا تتحدث معي عن ذلك حتى لا تزيد من ألمي كلما تذكرت “
قبل جلال رأسها بحنان و أجاب .. ” حسنا غاليتي لك ما تريدين و لكن لا تضعيني في نفس المكان مع أحد فهذا سيؤلمني أنا أيضاً “
هزت رأسها على كتفه موافقة و مسحت دموعها بعنف تنفض عنها ذلك الألم الذي عاد و أتقد في صدرها وقالت سائلة .. ” متى عدت حبيبي “
ابتسم جلال براحة و فرح فهو مازال يحظى بمحبتها رغم كل ما حدث و ابتعادها .. ” ليس من وقت طويل و لكني انشغلت قليلاً الفترة الماضية و لم استطع المجئ و رؤيتك لقد كنت متعب ذهنيا و ميزاجي كان أسود فلم أشأ المجئ و أحزانك معي “
سألته برقة و راحتها تدير وجهه إليها لتنظر في عينيه .. ” درة “
خفق قلبه بحزن بمجرد ذكر اسمها المجرد . قال جلال بحزن ..
” لقد عقدنا القران منذ أيام “
شهقت ونس بدهشة .. ” ماذا ، دون أن تخبر أبي “
سألها جلال بسخرية مريرة .. ” أي واحد منهم تقصدين ونس “
ارتسم الحزن على وجهها لتتغير ملامحها الرقيقة الناعمة بعينيها الزرقاء الشبيهة بعينيه و بشرتها الخمرية و فمها بشفتيه الرفيعة التي ارتعشت بتوتر و هى تتجاهل الجواب .. عادت لوضع رأسها على كتفه ثانياً و لفت ذراعها حول خصره تضمه تلتمس منه بعض الحنان التي تفتقده رغم ما يحاول والدها تعويضها عنه . رفع جلال رأسها ينظر في عينيها سائلا .. ” ماذا تفعلين هذه الأيام ، مازالت تعملين طاهية “
ابتسمت ونس برقة .. ” نعم بالطبع ماذا تظنني أعمل و لكن لا تستهن بي أنا رئيسة الطهاه في الفندق الذي أعمل به “
قال جلال بمزاح .. ” الفندق الذي لم يدخله زبون للأن “
ضربته ونس على صدره بمرح .. ” كف عن مراقبتي أيها الأحمق و إلا “
ضحك جلال قائلاً .. ” ماذا ستفعلين تجعليني أغفو دون عشاء “
قبل أن تجيبه ونس سمعت صوت الباب يفتح و يدخل والدها قائلاً
” من جاء لزيارتنا يا ترى “
نهضت ونس من جوار جلال و اتجهت للرجل ذو الشعر الأبيض و ملامح الكبر على وجهه من تجاعيد و خطوط جبينه التي تعلن عن مداومته على عقد حاجبيه مفكرا .. ضمته ونس قائلة برقة .. ” اشتقت إليك أبي هل أنت جائع أجهز لك العشاء “
رد حسان بهدوء .. ” نعم عزيزتي حتى يتناوله معنا جلال قبل رحيله “
ردت ونس بأمر و هى تنظر لجلال .. ” بل سيبيت معنا اليوم فأنا لدي أحاديث كثيرة معه “
شعث جلال شعرها الناعم القصير كالرجال قائلاً .. ” نعم بالطبع أنا أيضاً لدي حديث طويل معك ، هيا أذهبي لحين أتحدث قليلاً مع عمي “
تركتهم ونس بفرح لموافقة جلال عدم الرحيل . نظر إليه حسان قائلاً بهدوء .. ” كيف حالك جلال . لم لم تأت منذ عدت “
رد جلال بتوتر .. ” لقد كنت منشغل قليلاً الفترة الماضية فلم أستطع المجئ قبل الآن “
سأله حسان ..” كيف حال والداك “
رد جلال .. ” بخير حال سيعودون قريبا “
شعر حسان بالقلق و التفت لمكان إحتفاء ونس قائلاً بضيق .. ” عودة مؤقتة أم نهائية “
فهم جلال ما مقصد عمه من سؤاله ” لا أعلم بعد عمي سنعرف قريبا “
سأله حسان بضيق .. ” هل علمت ونس بعودتهم “
هز رأسه نافيا .. ” لا ، ليس بعد و لكني سأخبرها “
جلس حسان بتعب و قال .. ” و أنت كيف هى أحوالك “
رد جلال بتوتر .. ” لقد ،لقد تزوجت “
نظر إليه حسان بصدمة و لم يعلق بشيء فيبدوا أن الأيام المقبلة لعودة أخيه الأصغر ستشهد توتر على جميع الأصعدة .
**************************
دلفت رحيل للمنزل بغضب تاركة الباب لأثير و يمان القادمين خلفهم
خرجت فوزية من المطبخ تجفف يديها قائلة بضيق .. ” لم تأخرتم هكذا اليوم لقد غربت الشمس “
لم يجيبها أثير الذي ذهب لغرفة رحيل صافقا الباب خلفه دون أن يجيب . فأمسكت فوزية بيمان قبل أن يذهب لغرفته الماكثة فيها رحيل . سألته بضيق .. ” ماذا بهم . و أنت أين ذهبت كل هذا الوقت “
قال يمان بملل .. ” هما لا أعرف . أنا كنت في الخارج أشاهد عمال الحفر هل لديك أسئلة أخرى “
ضربته كف على مؤخرة رأسه قائلة .. ” حسنا أذهب ، هذا ما أخذه منكم أنت و شقيقتك الغبية “
تركها يمان و دلف للغرفة يقف أمام رحيل الجالسة على الفراش ضامه يديها بغضب . كان ينتظر ما ستقوله و توبخه من أجله و من أجل ما حدث مع ذلك البغيض أيضاً رفعت نظرها إليه بضيق .. ” لن أتحدث الآن يمان فأنا غاضبة ربما ضربتك كف جعلك أصم “
ابتسم يمان بمرح و قال .. ” لا تخافي أختي السيد أثير سيحذف الصور من هاتف أيمن لن يرها أحد “
نهضت رحيل بعنف متوعدة فهرب يمان من الغرفة و هو يقول بتوتر ..
” سأذهب لأعيد الهاتف له قبل أن يخبر أبيه و يأتي ليستعيده “
عادت للجلوس على الفراش و ارتسمت بسمة مرحة على شفتيها من مشاغبة شقيقها . تلاشت بسمتها ما أن عاد لتفكيرها ما حدث منذ بداية اليوم و ذهاب ذلك الرجل معها للعمل .
*************************
كان مضجعا على الفراش يتصفح الهاتف . كان ينظر للصور الذي التقطها الصبي . عندما كادت تسقط ليشدها قبل أن تندفع على وجهها تفحص ملامحها المصدومة و عينيها المتسعة . و جديلتها التي تلامس الأرض . مر على الصور بسرعة قبل أن يقوم بحذف بعضها و يده تقف عن العمل ليستمر بالنظر مطولا إليها . وجد نفسه يخرج هاتفه و يرسل له ما تبقى من الصور . قبل أن يحذفها من على هاتف الولد . أرسل بعض صوره لهاتفه ترضيه له حتى لا يتفوه بالهراء و هو في غني عن ذلك الآن . دلف يمان للغرفة بعنف . فقال أثير غاضبا .. ” ألا تطرق الباب يا ولد ألا تعرف الأدب أبدا “
رد يمان بلامبالاة .. ” أنه بيتي أدخل وقت ما أحب مكان ما أحب هل رأيت أحدا يستأذن لدخول غرفة في بيته “
زمجر أثير بحنق .. ” تبا لك ، فقط أصمت , ماذا تريد “
رد يمان بسخرية .. ” أصمت ، أم أخبرك ما أريد “
نهض أثير من على الفراش و وضع الهاتف في يده قائلاً .. ” خذ هذا أعده لصاحبك و عد سريعا حتى لا تأتي شقيقتك السمينة و تضايقني “
نفض يمان يده عن كتفه التي تدفعه للخروج قائلاً .. ” كف عن سب شقيقتي و نعتها بالسمينة و إلا ألقيناك في الخارج “
تركه يمان و خرج فتمتم أثير بحنق .. ” ما هذه العائلة التي لا تملك غير لسان طويل “
بدل ملابسه و عاد ليضجع على الفراش ليحصل على قليل من النوم قبل أن توقظه تلك المرأة صباحاً ليحضر لها الخبز من المخبز .
**********************
طرقت فوزية الباب بعنف قبل أن تدخل إليه قائلة .. ” تعال قليلاً أحتاج مساعدتك في الخارج “
نهض أثير بتذمر قائلاً .. ” ماذا تريدين الآن . خبز و أحضرت . مقاعد و حملت ، تنظيف و ساعدت ، سجاد و رفعت . فراش و أخرجت للشرفة أرجوك أرحميني ، ماذا تريدين بعد “
قالت فوزية ببرود .. ” لا تخف ، لن تحمل شيء ، فقط ستمسك لي شيء “
خرج أثير خلفها بتذمر قائلاً .. ” ما هو هذا الشيء الذي تريدين مني أمساكه “
دخلت فوزية للمطبخ و قالت ” هذا “
أمسكت بحمامة ، قالت و هى تشير لرأسها قائلة .. ” أمسك هنا “
فعل ما أخبرته به و سألها أثير بضيق ..” ماذا هل ستطعمينها “
أمسكت فوزية بالسكين جوارها من على رخامة المطبخ المعلقة قائلة
” لا ، سنُطعمها “
مرت فوزية بالسكين على رقبة الحمامة لتذبحها فشهق أثير بأشمئزاز
” تبا ، اللعنة ماذا تفعلين بالكائن المسكين “
نظرت إليه فوزية بسخرية .. ” مسكين “
وضعت الحمامة في طنجرة كبيرة حتى لا تلوث الأرض بدمائها و أمسكت الأخرى قائلة ” أمسك بهذه أيضاً “
رفض أثير غاضبا .. ” لا . لن أفعل ، ألا قلب لديك “
هتفت به فوزية بحنق أمرة .. ” قلت أمسك برقبتها بدلا من جز رقبتك أنت “
فعل أثير و أمسك برقبة الحمامة التي اهتاجت بين يديهم كمن يعلم ما سيصير له و ما مصيره . ذبحتها بدورها و أثير يشيح بوجهه و معدته مهتاجة من رؤيتها للطائر المسكين الغارق في دمائه . فهو رغم أنه تربي في قرية و عائلته تمتلك مزرعة كبيرة تضم جميع انواع الحيوانات و الطيور و لكنه لم ير يوماً أمه تقوم بذبح أحدهم أو أبيه فعل . يا إلهي هل هذا غثيان ما يشعر به . سمع فوزية تقول بأمر .. ” هذا أيضاً “
التفت إلى الطائر الضعيف ليشعر بموجه من القيء تصعد لحلقه فأسرع هاربا من المطبخ و هو يضع يده على فمه يكتم تقيئه . نظرت فوزية إليه بذهول و تمتمت بخفوت دهشة .. ” هل هذا رجل “
*****************************
قال يمان بلامبالاة بعد أن عاد من غرفة رحيل المحتلها أثير .. ” لا يريد تناول الطعام “
عقدت فوزية حاجبيها بتعجب .. ” لماذا فهو لم يتناول غداءه أيضاً “
قال يمان بعدم اهتمام لأمره .. ” يقول أنه متوعك و لا يريد تناول شيء حتى لا تسوء حالته “
تمتمت بخفوت .. ” جبان أحمق “
سألت رحيل بتعجب .. ” هل حدث شيء و نحن في الخارج عمتي “
ردت فوزية بحنق .. ” لا أنه معتكف في غرفته منذ ساعدني بذبح الحمامات . حتى لم يكمل ذبحهم لقد هرب كالجرو من المطبخ “
نظرت رحيل إليها بصدمة .. ” جعلته يذبح معك الحمام عمتي لماذا “
ردت فوزية ببرود .. ” و لم لا ، هل طلبت منه قتل نفسه “
قالت رحيل بضيق .. ” لا عمتي و لكن كان عليك أن تعلمي أنه لا يقوم بفعل هذا في حياته أنه يأكل الطعام المطهو بمياه معدنية ، هل كنت تنتظرين أن يتقبل أمر ذبح الحمام أراهن أنه لن يأكله مرة أخرى في حياته و قد علم ما يحدث له قبل أن يقدم على طاولته “
ضحك يمان بخفوت و تمتم بمرح .. ” جيد سأتناول نصيبه إذن “
نظرت إليه فوزية بضيق ، و أمسكت بأحدى الحمامات المحشوه و وضعتها أمامه قائلة .. ” و نصيبي أيضاً فهذا الأحمق قد أفقدني شهيتي أنا أيضاً “
نهضت رحيل قائلة .. ” سأعد له بعض الطعام حتى لا يغفو و هو جائع يكفي أنه لا يتناول الفطور و يظل يتلاعب بالطعام حتى ننتهى “
نهضت فوزية بدورها قائلة .. ” حسنا أفعلي ما تريدين أنا سأذهب لغرفتي أستريح قليلاً فيومي كان طويل بعد تنظيف الحمام و طهوه “
تركت كلتاهما يمان الذي نظر للطاولة بمرح قائلاً .. ” يا لحظك يا يمان لا تناول أرز اليوم فقط الحمام . “
سمع صوت رحيل تقول .. ” حمام و تنظيف الطاولة أيضاً “
زم شفتيه بضيق قبل أن يمد يده و يمسك بالحمام يأكله متمتما ..
” لا يهم تنظيف تنظيف سأحظى بوليمة على ايه حال “
************************
قال رفعت لمحدثه بهدوء .. ” لا ، لم يعد بعد ، غداً سأذهب إليه لأراه فغيبته قد طالت “
صمت قليلاً ينصت لمحدثه . قبل أن يجيب .. ” لا ، لم أخبره بالطبع عن معرفتكم لطلاقه “
صمت و أنصات و معاودة الحديث .. ” نعم بالطبع أخبرته بمجيئكم و أنكم تريدون رؤية زوجته . و لا أعرف حقاً كيف سيحلها فهو لم يحادثني عن ذلك “
أنصت قليلا ثم قال باسما .. ” أنا أيضاً متحمس لمعرفة كيف سيحل الأمر قبل مجيئكم “
بعد قليل من الانصات و الرد أغلق رفعت الهاتف و قد قرر الذهاب لأثير غداً ليخبره بأن أوان عودته للمنزل قد حانت .
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
ونس هو اسم عربي يطلق على الذكور والإناث و معناه الصحبة و الألفة و يوحي بالدفء و الأنس
حسان اسم علم مذكر عربي من الحُسن، جاء على صيغة المبالغة ليدلَّ على كثرة الحُسْن. أو هو مبالغة في الحِسِّ، فهو شديد الإحساس. |