عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-20, 11:19 PM   #302

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي



يتحرك مغادرا من النادي بعد جولة رياضية عنيفة أرهق بها عضلاته لتقسو أكثر مثله .. جسده صار صخرا كقلبه وملامحه اليابسة التي أعلنت وسامتها بعبوسه الطبيعي
ما فعله في أكرم لم يكن ضمن خططه لكنه خطوة مفاجئة يرد عليها بها ، كلما تذكر قوتها بين ذراعيه تنامت داخله تلك الرغبة بالثأر من الجميع
لم تصرخ ألماسة مرة واحدة .. فقط يتذكر جسدها الذي تصلب ليمنعه من لمسها ، ثم رذاذ الدفاع عن النفس الذى أحرق عينيه
كيف جاءت فكرة ذلك الهجوم أصلا ؟! .. لا يعرف !!
فكرة أيضا مفاجئة وبلا مقدمات وقتها .. جاءت على باله سابقا أن يجعلها معطوبة بالفعل ليفسد حياتها تماما لكن وقتها لا يعلم حقا !
أبعدت يده تمنعه عن ضربها ورفعت يدها عليه فأمسك معصمها وبعدها اتخذ جسده القرار ! ، ولو لم تقاومه لكان أتم الأمر وسط صرخاتها بلا ذرة ندم أو رحمة
ومنذ متى عرف ' فؤاد رافع ' الرحمة ؟!
لكن .. هل أراد حقا تقبيل شفتيها ولم يستطع ؟! .. منذ رآها تنفخ غرتها بذلك العنفوان ! .. ما هذه الأفكار الآن ؟!
شمخ بذقنه سائرا لمكان سيارته حين لمح وجها جميلا مألوفا في مقهى حديقة الأطفال .. مألوفا حد الخزي لدرجة أنه أدار وجهه قليلا حتى لا تراه لكنها سبقته والتقت بعينيه
وحينها لم يستطع أن يبتعد حتى لا تثبت جريمة الندم عليه ! .. فرفع رأسه محدقا بعمق عينيها وحجابها باستهانة قابلتها هى مصدومة
عيناها تتسعان وصدرها يختنق بقسوة وكل غضبها يقف حجرا ثقيلا بحلقها .. نفور شع من ملامحها لدرجة الرغبة في التقيؤ والماضي يحرقها حرقا بخزي أكبر وندم قاتل
وقفت فجأة تحاول مع حقيبتها إخراج النقود بيدين ترتعشان كرها ورفضا فسقطت منها الحقيبة أرضا لتنخفض باختناق أكبر تجمع أغراضها بحركات خرقاء مكبوتة تريد الانفجار لتجد ... حذاءه أمامها مباشرة
توقفت يداها وملامحها تتخذ قناعا دفاعيا شديد العداء فتأخذ الحقيبة وتقف بقوة تواجه عينيه الحادتين بطبعهما
ابتسامة بطيئة تشق فمه الشهواني أمام عينيها هامسا

" اسما "

راقب يدها تعتصر حقيبتها بغل حين نطق اسمها وملامحها تثور أكثر فيتابع باستخفاف مستفز

" هل ستذهبين الآن ؟! ... أما زلتِ تخافين مني ؟! "

لون التمرد وجهها مختلطا بمزيد من الغضب والكثير الكثير من الكره يلتف حوله مع أنفاسها الرافضة
لن يكرهه أحد يوما قدر ما تكرهه اسما ، لأنه لم يؤذِ أحدا بحياته قدر ما أذاها هى .. قد يكون طال أذاه رجالا أشداء لكنه دمر حياة اسما بلا فرصة لحياة أخرى
لكنه لم يتراجع عن قسوته أمامها محتفظا بهيبته المخيفة المؤذية يذكرها بأقوالها القديمة

" لا اعلم يا فؤاد لمَ أخاف منك .. لا انكر أني أحبك لكن بك قسوة كأنك راغب أن تؤذي العالم كله ! "

اشتدت شفتاها وملامحها تتصلب فيناظر ذلك النفور بوضوح متوشحا بقوة ليتابع بنبرته المستفزة وهو يحاول تدقيق النظر بمقدمة شعرها من تحت الحجاب

" بالنهاية ها أنتِ واقفة أمامي ويبدو أنكِ بخير و.... تقريبا غيرتِ لون شعركِ ! .. لا اذكر أنكِ كنتِ شقراء هكذا !! ... كان شعركِ على صدري شديد السواد وأنا مزاجي ناريا يعشق لون النار !! "

شعرت بالرغبة في تقطيع خصلات شعرها من منابتها فقط لتنقيها من سم نظرته وكلماته .. معدتها تنقلب تريد التقيؤ حرفيا ويدها على الطاولة تضغط حتى انسحبت الدماء منها صاعدة لوجهها الذي شع حرارة غضب كاسرة
يدها ترتفع منقبضة فيقرأ أفكارها بوضوح وهى تجمع شجاعتها لتحاول صفعه فتتسع ابتسامته الدنيئة قائلا

" لا تتهوري ... حولنا ناس جميعهم من الطبقة الراقية وستكون فضيحة ! "

تطالع وجهه بحقد تتمنى لو تستطيع قتله فتقول بنبرة خافتة متصلبة

" اذهب من وجهي إذاً قبل أن تكون بالفعل فضيحة "

يميل رأس فؤاد يرد باستعراض قميء

" ياااااه .... سنوات مرت نسيت صوتكِ فيها .. لكن أين اختفيتِ بعد ما حدث بيننا ؟! "

قلبها يضخ دماء سوداء وهى تقول بحرقة وغضب وكره

" لكن أنا لم انس شيئا فيك .. كنت أتذكر كل يوم ليملأني كرها لك أكثر .. قريبا ستتذوق دعواتي .. ستحترق يا فؤاد .. اقسم بالله سيحترق قلبك وتتعذب بالدنيا قبل الآخرة كما لم تتوقع يوما .. دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب "

خفتت ابتسامته بملامحه القاتمة ساخرا بالقول

" آآآه .. وأنتِ كنتِ مظلومة تماما أليس كذلك ؟! "

تجيب اسما بنفس النبرة حارقة الكلمات باحتراقها

" أنت لففت حولي وخدعتني ويعلم الله ندمي لتصديقك .. أنا تبت لله لكن واضح أنك ما زلت بجبروتك ونذالتك "

يقترب فؤاد بوجهه منها يضغط على حروفه بذاك الجبروت لا يرحمها

" لففت حولكِ !! .. لهذا يقولون بعائلتي أنني ثعبان يا اسما .. قبلتِ الاقتراب إذاً تحملي لدغتي ! "

أشاحت بوجهها باشمئزاز لا تطيق نظرة لوجهه قائلة بغل

" اذهب من وجهي "

فجأة جاء طفل صغير يركض يتمسك بذراعها هاتفا ببراءة

" أمي "

فزعت اسما وهى تنظر لطفلها ثم تحيط كتفيه تقربه لجسدها تخفيه عن عيني فؤاد الذي عقد حاجبيه وهو ينظر للطفل بغرابة !
يحاول إبعاد ذراعها متضايقا يسأل

" ماذا هناك أمي ؟ .. لماذا تشديني هكذا ؟! "

تنظر اسما لابنها قائلة بذعر تحاول إخفاءه

" آسفة حبيبي هيا بنا .. هيا "

يضيق فؤاد عينيه مدققا ثم يسأل الصبي بنبرة غريبة

" ما اسمك ؟ "

التفت رأس اسما تنظر له بحدة فيما يعبس الفتى باستغراب مجيبا ببراءته

" اسمي كريم ... مَن أنت ؟! "

صبي خمري البشرة جميل المحيا ، صلب الملامح بنبأ الرجولة القادمة .. عيناه سوداء قاتمة احتدت حين عبس !
ترنو عينا فؤاد معقود الحاجبين نحو اسما وهى تبادله النظر بخوف ثم أعاد نظره للصبي يرد بشبه ابتسامة

" أنا صديق قديم لوالدتك لكن هذه أول مرة أراك فيها .. كم عمرك ؟ "

ردت اسما سريعا قبل أن يرد كريم وهى تجمع أغراضه

" عمره ستة أعوام .. هيا الآن كريم "

نظر كريم إليها منزعجا قائلا

" أمي .. أنا عمري ثمانية أعوام وليس ستة ! "

اتسعت عينا اسما وهى تحدق به بصرامة ففهم كريم أنه ارتكب خطئا لا يعلمه فأدار وجهه ممسكا كوب عصيره يشرب ما تبقى منه منزويا عنها ، بينما شحب وجه فؤاد محدقا بالصبي بقلب يهدر نبضا يريد نفي ما يظنه .. ما يراه !

تراقبه اسما بشبه رعب وهى تمسك الكوب من كريم تضعه بحدة على الطاولة لتسحبه مغادرة به بخطوات هاربة

يجلس فؤاد ناظرا إليهما بسكون تام وأعاصير الأفكار تضرب زيف ثوابته بما لم يتوقع ! ، قبل أن يعيد نظره للكوب الذي شربه كريم ليمد ذراعه يإخذه يطبق عليه بقوة .. هذه القطعة الزجاجية تحمل إجابة سؤاله !.





وصل فؤاد مكتبه ليجدها بانتظاره .. يبدو أن اليوم لن يوقف مفاجآته إليه ، كان مثلها .. هادئا مصدوما .. جزء منه انكسر بفاجعة التوقع .. وهى بفاجعة الحقيقة
ونظرة إلي عينيها يتساقط مطر روحه العاصفة .. تسأله مرارا .. أما آن لذلك السواد أن يتلون ؟
وتلك الدماء المنسابة بيننا .. أما آن الوقت كي تتوحد ؟
بعينيها لا يرى حقدا ولا كرها .. بل شيئا مثل .. مثل الشفقة !
وقفت ألماسة تنظر لعينيه بهدوء يغفر كل ما كان منه .. ترتدي الأسود حدادا لن ينتهي ، باذخة الحزن بشكل يوجع القلب .. يشي بها التيه الشاحب بوجهها الجميل
فنفض عن كتفيه مياه الأمطار ليتقدم نحو مكتبه غير آبها ببَهار التي تحترق واقفة خلف مكتبها تنظر إليهما بغل قائلا بقتامة

" قدماكِ أخذت على المكان "

ترك الباب مفتوحا فعلمت أنها دعوته الصامتة للدخول فدخلت خلفه مغلقة الباب بوجه بَهار ترد

" لا تقلق .. ستكون أخر مرة تراني بها "

توقف فؤاد يضع يديه بجيبيه لحظات ثم استدار بملامح غير مقروءة يتأمل ملامحها قائلا بتعالٍ

" أخر مرة ! .. لمَ أنتِ هادئة بهذا الشكل اليوم ؟! .. غريب ! .. ألا تريدين ضربي مثلا أم أن ... أكرم بخير والأمر لا يستحق ؟! "

تتذكر أكرم ومنظره وهو عائد إليهما مكدوما مكسر الجسد وتحاول أن تنقي أفكارها لتنظر من جانب فؤاد .. لقد سلط لضرب ابن الرجل الذي قتل أبيه حتى لو كان ابن عمه
إنه تعقيد الماضي كقاطع طريق رمى بهم في مهب المواجهات
أمها جعلت أكرم يقسم ألا يذهب لفؤاد وأرادت أن تأخذ منها قسما مماثلا لكنها اكتفت أن وعدتها وعدا ها هى أخلفته بعد ما فعله فؤاد في أكرم
لذلك هزت كتفها تقول بخفوت متألم

" لقد عرفت كل شيء من أمي "

ظل فؤاد مكانه ينظر إليها بملامح مظلمة تقول بنفس النبرة

" اعرف أنك تظن أنك ظُلِمت لكنك لا تعرف كل شيء .. اسأل عمك قاسم .. هو رأى كل شيء وأخفى الأمر طالما انتهى "

مجموعة الخصلات كأول مرة يراها .. بخصلة على عينيها مبعَدة خلف أذنها الصغيرة تاركة وجهها في مصادفات قراصنة الجمال
عيناها دافئتين تمطران حزنا .. مكسورة اليوم .. ابنة عمه وقاتل أبيه انخسف شراعها متروكة في عرض بحر بدون سترة نجاة
وهو في عرض بحرٍ آخر يواجه أمواج دماء القسوة .. لا مركب يمر به .. لا زورق يلقي إليه قشة
يسأل فؤاد بعينين تقسوان بالذكريات

" ماذا أخفى عمي قاسم ؟! "

تحاول ألماسة الإجابة لكن صوتها يرتعش بالحقيقة

" أن أبيك كان .... كان .. "

هو خسر وهى خسرت .. مظلومة يحاسبها على ذنب أرتكبه والدها .. ومظلوما أخذه عمه ليربيه بهوية الأسلحة
والآن ... هل ' كريم ' هو قشته ؟!
يا إلهي .. ما عني به أحد طوال حياته .. كان الجميع يضرم النار في صدره وهى .. تنظر إلي عينيه بدموع صاخبة الأسى مكلومة القلب لا تستطيع الكلام
استدار فؤاد يخفي ملامحه المدمرة يكتم بصدره ما يتحطم به تحت الأنقاض فيهتف بعنف متحشرج

" لا تنطقي بكلمة عن أبي ... أيا كان السبب .. هل سينفي أن أبيكِ قتل أبي ؟.. هل سيعيد أول رصاصة أطلقتها وعرضت حياة إخوتي وحياتي للخطر عمرا كاملا ؟! "

دمعة بزاوية عينه يخفيها باصبعه تقابلها دموع تسيل على وجهها هى تقتحم مأساته دون إذن منه ليستدير فجأة صارخا ضاربا أحد الكراسي بقوة أهواله

" اخرجي من هنا .. لا أريد رؤية وجهكِ "

تتراجع ألماسة رافعة كفيها تنظر لوجهه الدامي غضبا فتقول بنبرتها الباكية

" حقك ... حقك ... اعلم أنك تريد الانتقام لأبيك لكنك لا تعرف لماذا رفع أبي سلاحه عليه ؟ "

يصرخ فؤاد بعنف مقتربا منها لا يرى أمامه

" لا أريد أن اعرف "

تزداد دموعها وجسدها كله يتفكك ألما نفسيا قائلة باستسلام

" حسنا ... لكنك ربحت ... اثبت أنك الأقوى .. أكرم ممدد في فراشه بعدما صدقنا أنه عاد إلينا ... ما الذي تريده أكثر ؟ "

يهدر فؤاد وعروق رقبته تنفر بشكل مخيف

" لا يكفي .. لا يكفيني ... سأذيقكم العذاب ألوانا "

بلحظة رفع شيئا من مكتبه لم تلحق أن تراه ليلقيه على الجدار فمر من جوار وجهها تماما حتى ظنت أن إنشا واحدا وكان سيصيب عينها لينكسر بالجدار وتنتفض هى متراجعة أكثر تقول بوجع ومرارة

" لن ترتاح يا فؤاد طالما بقلبك كل هذا الكره حتى بعد أن تعذبنا كما قلت ... ولو رأيتنا جثث كما تتمنى سيظل الماضي جمراً يحرقك كلما تنفست "

صوته يعلو ودماؤه تندفع تعمي بصره وهى تبتعد عن مداره

" اخرسي .. اخرسي "

لم تصمت والإنهاك ينال منها تماما وهى لم تنم منذ الأمس فتنكأ جرحهما أكثر وأكثر

" اعترف أن أبي اخطأ وكان من الممكن أن يتصرف بشكل آخر لكن ساعة القدر يعمى البصر ... يده سبقت عقله وضغط الزناد .. ويدك أنت اخطأت الهدف لتتعذب به بقية عمرك "

قطع الخطوات الفاصلة بينهما ليقبض على مرفقها هاتفا بكل جحيمه وهو يدفعها على الباب

" قلت لك اخرسي .. اخرجي من هنا "

تأوهت ألماسة باكية لتستند على الباب تبكي ناظرة إليه وحشا يخيف الجميع إلا هى .. صارت تعرف علته ودواءه مواجهة
تواجه وتصمد وتجمع خطوط ماضيهما تقول بألم

" لم يعد هناك شيء تستطيع أذيتنا فيه .. أصبحنا في الشارع كما أردت ... ضيوف في منزل رجل أخمد ضميره سنوات ... منذ تركنا بيتنا وأمي متعبة .. أكرم مُدَمر قبل أن تفعل له شيئا .. وأنا ... ألا يكفي ما حدث لي ؟ "

يتنفس فؤاد بقوة تسمعها براكين تغلي وفكه يرتعش بجنون فتواصل بألمها

" لو ما زلت تريد انتقاما منا قبل أن تعرف الحقيقة فاخرج سلاحك واضغط الزناد مجددا ... خذ بثأر أبيك مني أنا وانظر إذا كنت سترتاح بموتي "

وكانت كلمة منها ذكرته أنه يحمل سلاحا بالفعل .. كأنه كان بانتظار دعوتها ليخرجه
أخرج فؤاد سلاحه فعلا ليرفعه على رأسها بنظرة عينيه الرهيبة .. كتلك اللحظة
أنفاسه تنخطف ونبضاته ترتج والميزان يميل باتجاهات لا يدركها .. عيناه لهبا ودماء .. أنفاسه دخانا ورماد
ولا قطار هروب من قلب الجحيم
بدمعة من عينها تسيل مغمضة على دفء شموس الأوطان .. ملامحها تستكين سباتا أمام سلاح كمرفأ أخير
يزفر فؤاد باحتراق منزلا سلاحه يقترب منها قائلا بسخرية عقيمة قاصدا إيلامها

" ماذا حدث لكِ ؟! .. تقصدين موت خطيبك !ِ ... جيد ... أخذ الشر وذهب "

جفت دموعها صامتة لحظات طويلة فاردة كفيها على الباب خلفها ثم فتحت عينيها تنظر له و ...

لا يعلم ماذا حدث سوى أنها حاولت قول شيء ما ثم تمسكت يدها بذراعه بحدة أصابعها .. لتقع !

مال فؤاد بجسده محيطا ظهرها يتلقى جسدها على ذراعه ورأسها يسقط للخلف فينظر لوجهها هامسا

" ألماس ! "

لحظات ظلت على ذراعه ينظر إليها هامدة ثم ينظر حوله مستعيدا إدراكه بعد نوبة عنف هستيرية معتادة
يحملها بين ذراعيه حتى الأريكة الجانبية ليجلس جوارها عاقدا حاجبيه بملامح جامدة .. ماذا حدث ؟!
لا يعرف لماذا نظر نحو حقيبتها الواقعة جوار الباب فنهض يحضرها يفتش فيها قبل أن يخرج شريط أقراص دوائية يعلمها جيدا من أمه وجدته بركة
افترقت شفتاه مستغربا وهو يطبق يده على الشريط الناقص نصفه ملقيا الحقيبة على الطاولة ليجلس جوار ألماسة مجددا ينظر إليها بـ .... لا يعرف إحساسه حقا !
لكنه أخرج قرصا يلمس شفتيها ليفتح فمها يضعه ثم يأخذ زجاجة ماء من الطاولة رافعا رأسها محاولا أن تصل بعض المياه بالدواء لجوفها .. وظل ينظر إليها
شديدة السكون عديمة الراحة ! .. تشبه مركبا .. تشبه زورقا جاءه .. اليوم كلامها فتح كل جراحه لكنه عني به
اعترفت أنه ظُلِمَ وهى الأولى بهذا الكون تفعل هذا .. لمسته مرة أخرى اليوم ، لينتهي بها الأمر متمسكة بذراعه فاقدة وعيها في حضنه .. في حضنه !!
يخفق قلبه بأسى عجيب حزين ولم يقاوم لمسة أخرى لشفتيها .. لجانب وجهها الشاحب بدموعه الجافة .. لتلك الخصلة خلف أذنها .. جعلته يمسح كفه بارتجاف على شعرها المجموع ..
وبلحظة إشراقة غير عادية امتدت يده الأخرى لينزع رباطا من شعرها يحرره بأنفاس هادرة .. يلمسه بين أصابعه

اثنا عشر دقيقة ... اثنا عشر دقيقة عيناه لا تفارق وجهها وشعرها مفرودا على كفه .. يرى اشتهاءا آخر للقلب ، ما بين ألماس امرأة وكرم طفل يقف للمرة الأولى يرى نفسه
اليوم أهدته الحياة محطتي العمر.

فجأة انفتح الباب ليدخل عماد بقوة هاتفا

" فـؤاد "

أجفل فؤاد ناظرا له بحدة فيسحب كفه عن شعرها خفية لاحظها عماد فعقد حاجبيه مندهشا
تدخل بَهار خلفه بعد كل الصراخ الذي سمعته أعطاها أمرا من قبل ألا تدخل عليه وهو مع أحد ابدا فتتساءل بغيظ

" ما الذي يحدث هنا ؟! "

تناظر ألماسة النائمة على الأريكة بعينين متسعتين فينفخ فؤاد قائلا بنبرة قاطعة

" اتركينا بَهار "

تضغط على أسنانها ضاربة الأرض لتخرج صافقة الباب فيهز عماد رأسه بيأس من أفعاله وفؤاد يسأل من مكانه على الأريكة

" ما سبب هذا الاقتحام ؟! "

يقترب عماد قليلا وقد قالت له بَهار أن فؤاد بالداخل مع ابنة عمه متسائلا بذهول مستنكر

" هل هذه ابنة عمك ؟! .. ماذا فعلت لها ؟ "

ينظر فؤاد إليها يفهم قصد عماد مجيبا بلا اهتمام

" لم افعل شيئا "

ما زال عماد بحالته يسأل بلا تصديق

" لماذا هى فاقدة للوعي إذاً ؟! "

هو نذل بالفعل وهذه طبيعته فلن يتضايق أن عماد يشك به فينظر إليه بصلابة يسأل

" لماذا جئت الآن يا عماد ؟ "

تمتعض ملامح عماد يهتف به بحنق

" لأن عمك قاسم اخبرني بالجنون الذي تفعله الآن .. هل جننت ؟! .. بعد واحد وعشرين عاما تعود بقدميك للخلف كل الأميال التي قطعتها في رحلة حياتك الـ ... السوداء "

تتأوه ألماسة فتجذب أنظارهما معا وهى تفتح عينيها بتعب تستوعب ما حدث معتدلة على الأريكة لتواجه وجهه الجاف الماكر وحينها شهقت متفاجئة صائحة

" ماذا حدث ؟! "

يتحدث فؤاد بهدوء لمست به سخرية غير حقيقية

" أنتِ مريضة سكر ! "

لا تعلم كيف عرف ولكنها ادركت أنها غيبوبة مرض السكري كتلك التي جعلتها تقع جوار ماهر
تتألم ملامحها بالفكرة محاولة النهوض فلا تستطيع وهو يجلس هكذا ثابتا ثم تلمس شعرها متسائلة

" شعري ! ... هل حررت شعري ؟! "

تغطي الخصلات جانبي وجهها وعيناه تدور على ملامحها ودفء عينيها رغم الغضب بينما هى تتأكد من ملابسها بذعر ثم تضربه بكفيها في صدره صارخة

" حررت شعري "

أصدر فؤاد صوتا معترضا متنهدا وهو يمسك معصميها قائلا من بين أسنانه

" قلت يدكِ طويلة وساقطعها لكِ "

تستعيد كل ما حدث فتحاول التحرر من يديه تظن أنه فعل لها شيئا لتصرخ غير منتبهة لعماد الواقف يناظرهما بلا فهم

" يا نذل يا حيوان .. ظننت أنه من الممكن التفاهم معك لكنك لا تفهم .. لن اصمت بعد اليوم .. سأخبر الجميع بما فعله راسل .. وسآخذ حقوقنا في هذه الأملاك التي استوليت عليها كلها دون حق "

يتركها فؤاد نافضا يديها ليقف يضع يديه بجيبيه متسائلا ببرود

" حقوق ؟! .. حقوق ماذا يا .. بنت زاهد ؟! "

نهضت ألماسة بحدة حتى كادت تقع مجددا لكنها وازنت نفسها قائلة بعلو صوتها

" أمي اخبرتني أن أبي شارك راسل في كل هذا النصف بالنصف وأنت جئت أخذت كل شيء حتى الأرض "

كل شيء يأخذ منحنى آخر بذكر الأملاك فيتحول وجهه لصخره الغاضب قائلا بشراسة

" لا حقوق لكم عندي .. فلتحاولوا فقط الاقتراب من أي شيء أملكه وسأنسفكم عن وجه الأرض "

تأخذ ألماسة حقيبتها ملقية نظرة على عماد ثم تنظر لفؤاد قائلة بتحدٍ

" سنرى "

تغادر من أمامهما فيمسك عماد كتفه قائلا

" ما الذي تفعله بنفسك مجددا ؟! .. هل جننت ؟! "

هدر فؤاد فجأة وصوت الرعد بالخارج يضرب قلبه خوفا غريبا

" نعم جننت نعم .. لا تتدخل في هذا الأمر يا عماد "

ينظر نحو الطاولة أمام الأريكة ليلمح شريط دواءها فيطبق شفتيه يتجه نحوه يأخذه مغادرا بجنون وعماد يهتف

" أين تذهب الآن ؟ "

يضرب كفا بكف هاتفا بلا فائدة

" ستوقع المصائب فوق رأسك مجددا "

نزل عماد خلفه فيخرج أمام بوابة المصنع ينظر حوله باحثا عنه وحين وجده توقف مكانه ...
فقد علم أن ' فؤاد رافع ' بوجهه الآخر يحيا هذه اللحظة


وقفت ألماسة بالشارع تحت الأمطار مُنكَسة الرأس بالخزي لا تعرف ماذا لمس منها وهى فاقدة للوعي بغيبوبة مرضها
كانت بأمان مع ماهر حتى لو تلاشى وعيها دقائق .. اليوم تلوث ما كان ملكا لماهر
خلفها بخطوات وقف فؤاد يراقبها يعتصر شريط الدواء بيده وقد أغرقه المطر ..
وحين اقترب قليلا سمع همسة قهر خدشته

" يا مااااهر "

قبل أن يستدير بملامح قاسية ليعود نحو البوابة حيث سيارته فيركبها منطلقا بها بجنونه وكل ما بعقله .. اثنا عشر دقيقة !.








التعديل الأخير تم بواسطة نورهان عبدالحميد ; 09-01-20 الساعة 11:40 PM
نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس