عرض مشاركة واحدة
قديم 20-01-20, 03:23 PM   #13

روح الوسن ..

? العضوٌ??? » 455523
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 91
?  نُقآطِيْ » روح الوسن .. is on a distinguished road
افتراضي

.. الفصل الثامن ..
.
.

| بين الحلم والواقع |
.
.
في وسط غرفة المعيشة عم سكون مرعب لا يكاد يسمع فيها دبيب نمل إلا ضربات قلوب قوية تقرع كالطبول تكاد أن تنتزع من مكانها ، احدها كانت نبضات قلب لشخص حزينة وموجوعة تبكي بقهر وقلة حيلة ، ونبضات أخرى لقلب شخص أحب بصدق نبضات قلبه تكاد تعلن عن توقفها ومغادرتها الحياة في هذه اللحظة اثر تلك الصدمة المفجعة الموجعة التي تلقتها توا ، كان فارس يجلس على الأريكة ممسكا بأنامل يد فاتن التي تستند على ركبتيه جالسه على الأرض أمامه وبالقرب من قدميه ، فتحت عيناها على وسعها بدهشة كانت مصدومة بالكامل ما الذي سمعته للتو!! ما الذي قاله لها فارس قبل قليل !! حاولت الكلام مرارا وتكرارا لكنه أبى أن يخرج الكلام من حنجرتها الصغيرة إلى أن استطاعت وأخيرا أن تفتح فمها وتقول بنبرة صوت لا تكاد أن تكون مسموعة ومهزوزة بالكامل كقلبها :
- م..ماذ..ا قل..ت يا.. فا..رس ..؟؟!!
أشاح بوجهه بعيدا لكي لا ترى ملامح وجهه ثم قال ببرود شديد :
- كما سمعتي يجب أن ننهي علاقتنا والآن ،، كما يجب عليك نسياني بالكامل ..
شحب وجهها الجميل وكأن الدماء سحبت من جسمها بالكامل فأي نوع من أنواع الترهات هذه التي يقولها لها بكل بساطة !! فاستلت يدها من قبضته وابتعدت قليلا عنه ثم وقفت باضطراب كالتائه تماما لا تدرك ما الذي يجب عليها قوله أو فعله ، أنفاسها تخنقها أفكارها ترعبها دقات قلبها تؤلمها أطرافها لا تكاد أن تحملها ، استجمعت قواها ثانيةً ثم قالت بعبرة :
- ل..ماذا .. يا..فارس .. ما الذي فعلتُه .. أرجوك .. اخبرني بأنك.. تمازحني .. ؟!!
رفع رأسه ونظر إلى ملامح وجهها الشاحبة ونظراتها التي تتوسل إليه لكي يقول نعم أنا أمازحك فقط ولم أكن إلا أداعبك لأني لا أستطيع العيش بدونك أو حتى بعيدا عنك ، يتأمل أطرافها التي بدأت بالارتجاف يعلم تماما أن وقع كلماته على قلبها ليس بالأمر السهل ، قلبه يعتصر حزنا نظراته إليها كانت حزينة ومرتبكة فحتى هو يتمنى بأن تكون هذه مجرد مزحة أو كذبة اختلقتها شخصيته المرحة ، اخذ نفس عميق ثم اخفض رأسه وقال بنبرة معتذرة منكسرة :
- أنا آسف يا فاتن لكن ما سمعته حقيقيا ..
شهقت بقوة ووضعت أناملها المرتجفة على فمها بسرعة لكنها لم تكن إلا ثوان حتى خانتها أقدامها وخارت قواها فسقطت على الأرض كورقة شجر في فصل الخريف مغشيا عليها لولا تلك الأذرع التي حملتها وأمسكت بها بسرعة قبل أن يرتطم جسدها النحيل بالأرض ، فقدت وعيها كان كلامه أكبر من أن يتحمله قلبها المسكين ، صحيح أنها تحملت الكثير والكثير من الصعاب في صغرها عاشت تحت ظروف صعبة وقاسية عانت الكثير لوحدها لكنها كانت كل تلك الصعاب في كفة وما سمعته أذناها قبل قليل في كفة أخرى فقرر دماغها أن يهرب بعيدا عن الواقع المؤلم لتبقى طريحة الفراش ليوم كامل .

****

بدأت عيناها تفتح ببطء هاهي قد بدأت تستعيد وعيها سحابة بيضاء أمام ناظريها تحجب عنها الرؤية ، أخذت ترمش عدة مرات لكي توضح الصورة أمامها ولكي تتذكر ما حصل لها نظرت حولها فوجدت نفسها ملقاة على سريرها باعتناء شديد ، رفعت بصرها إلى ذلك السقف الذي اعتادت رؤيته ، أخذت تجول بعينيها العسليتين الباهتتين في أرجاء تلك الغرفة دون وجهة محددة أغمضت عينيها متنهده بكل أسى لأنها تذكرت كل ما جرى لها قبل أن تفقد وعيها وتخر على الأرض مغشيا عليها ، تمنت حينها أنها لم تستيقظ أبدا لقد فضلت الموت على تحمل تلك الذكرى الصادمة التي نزلت عليها كالصاعقة ، فتحت عيناها ثانيةً بخوف ومدت أنامل يدها اليمنى ببطء لتتنهد براحة عند رؤيتها لخاتم الزواج الذي لا يزال يزين بنصرها ثم همست لنفسها :
- يا الهي اشعر ببعض الاطمئنان الآن ..
ثم وضعت ذراعها على عيناها مغطيه إياها لتسلك دموعها وتشق طريقها على خديها المتوردان إذ يبدو أن الدموع لن تتوقف بعد اليوم ، أخذت تقول لنفسها بنبرة باكية مبحوحة :
- كم أتمنى أن ذلك مجرد حلم .. لا بل كابوس مرعب يا ليته كان كابوس .. أرجوكم اخبروني انه كان مجرد كابوس أرجوكم ..
أخذت تصرخ وتصرخ كطفل فقد أمه أمام عينيه تبكي بحرقة كأنها لم تبكي من قبل دموعها تنهمر على وجنتيها دون توقف وكأنها شلالات لا نهاية لها ، شعرت بصداع يهاجم رأسها لتمسك به وهي تصرخ بقوة اكبر تلف رأسها يمينا ويسارا عل الألم يزول ، لم يحتمل ذلك الشخص الذي كان واقفا خلف الباب يراقبها بصمت دون علمها ففتح الباب بقوة لتنظر إليه وقد اعتلت ملامحها الدهشة والاستغراب فقد ظنت بأنه قد رحل حقا كما قال سابقا ، تقدم ناحيتها وجلس على طرف السرير ومد لها بمنديل وهو يقول لها بملامح ذابلة وابتسامة كسيرة :
- فاتن الم أخبرك بأن الدموع لا تناسبك ..
بقيت عيناها معلقتان به وأمسكت بيده التي كان يمدها ناحيتها لتشد جسمها وتجلس على السرير معتدلة ، تمسكت بمعطفه الأسود الجلدي جهة صدره بيديها الناعمتين التي لم تتوقف عن الارتجاف ونظرت إلى عمق عينيه وقالت بنبرة باكية مليئة بالحزن والخذلان :
- اخبرني يا فارس من لي سواك في هذا العالم إن تركتني فماذا افعل لوحدي أمي كما تعلم ماتت بطريقة مجهولة منذ ما يقارب الشهر ماذا عساي أن افعل لوحدي أنت الوحيد الذي بقي لي في هذه الحياة اخبرني لماذا ، لماذا أرجوك لماذا ..
نظر بقلق إلى عيناها اللتان لم تتوقفا عن ذرف الدموع لفترة من الوقت وكأنه يفكر كيف يبدأ كيف سيخبرها الآن وهي بهذه الحالة التي يرثا لها تنهد بألم ثم قال بنبرته الجادة ينظر للفراغ :
- ذهبت عند الضابط طلال لأخذ منه تصريح الزواج الذي قد وقعه لي سابقا فقد وعدني بأنني لو قمت بتلك المهمة التي أوكلها لي أنا ورفاقي سيعطيني التصريح وبدون أي اعتراض ..
صمت لوهلة حين نظر إلى عيني فاتن الباكيتان التي كانت تنظر إليه بحيرة تنتظر منه أن يبرر لها كل ما جرى بفارغ الصبر ليتنهد بحزن ويكمل قائلا :
- وبعد أن أنجزنا المهمة على أكمل وجه ذهبت عنده وطلبت منه التصريح لكن ذلك الجشع الوضيع قام بتمزيق التصريح أمام ناظري كنت مصدوما بالكامل ألم يعدني أنني لو نفذت له ما يريد انه سيعطيني ؟! ثم أخبرته بأنه قد وعدني لكنه ضحك ساخرا وقال بأنه لن يفعل بل يريدني أن أنفذ له المهام تلو المهام كي لا يخسر ورقته الرابحة التي يعتبرني إياها كما قال ..
شهقت فاتن بقوة ووضعت أنامل يديها المرتجفة على فمها ثم أكمل وقال بحزن :
- حينها أردت أن اقتله كرهته بحق وبت امقته كنت صابرا ومتحملا كل تلك الصعاب لأجل تلك اللحظة التي يعطيني فيها تصريح الزواج واذهب ونتزوج ونعيش بسعادة لكن عندما رأيته يمزقها وهو يبتسم ساخرا بخبث قررت بأن اقطع له رأسه وانهي له حياته لكي أوقفه عند حده تقدمت نحوه بخطوات لا يكاد يسمع لها اثر لكنني توقفت فجأة وارتعش جسدي وصعقت بالكامل عندما رمقني بنظرة ساخرة وقال لي بأنه هو من أرسل ذلك القاتل المأجور لكي يقتل خالتي ..
شهقت فاتن للمرة الثانية لكن بقوة أكبر، فقدت توازنها ، وانتفضت كل ذرة في جسمها أذلك الوضيع المدعو بالضابط طلال هو من قتل أمها ؟! لا تصدق كيف ذلك كيف ، كيف وهو يعترف لفارس بجرمه الشنيع بكل هذه البساطة ، انهمرت دموعها مجددا شعرت ببرود يسري في جسدها علمت مدى الألم الذي أصاب فارس حينها ليضع يده على رأسها يربت على خصلات شعرها الأسود بكل حنية مخففا وقع الخبر عليها ، أخفضت رأسها ووضعته في حضن فارس لم تستطع أن تحبس شهقاتها الصغيرة فانفجرت بالبكاء ، نظر إليها بحزن وقال :
- فاتن لقد هددني الضابط طلال بأنه سيقتل كل من له صلة بي إذا رفضت أمر من أوامره ..
رفعت رأسها ومقلتيها ناظرة إليه لم تستطع الكلام بل اكتفت بسيل الدموع ذاك ثم أكمل بنبرة حزينة :
- لم استطع أن احمي خالتي فقتلوها ،، فاتن أنا لا أريد أن أفقدك أيضا لا أريد من الضابط طلال الخبيث وأعوانه بأن يلمسوا شعره من شعرك لذلك أرجوك ابتعدي عني وانسيني فحسب .. أنا افعل كل هذا لأجلك صدقيني ..
أخذت تضحك بين شهقاتها الصغيرة المتقطعة بطريقة غريبة جعلت فارس يقطب حاجبيه باستغراب ما الذي أصابها أفقدت عقلها يا ترى ؟! لتقول :
- فارس أنا لا ألومك أبدا على مقتل أمي اعلم تماما بأنك تعتبرها كأمك ولن تسمح لأي شخص بأذيتها لكن ذلك الخبيث لابد من انه استغل غيابك عنه وقام بقتلها ..
ضيق عينيه بحزن وهو يتأمل ملامحها لتكمل قائلة :
- كما أنني يا فارس لا أخشى أن يقتلوني بما أنني سأبقى بجانبك ولن القي لهم بالا حتى لو قتلوني لكن لن نفترق أبدا ولن تتغير علاقتنا وسننتظر قليلا لعله يغير من رأي.....
نهض من على السرير وصرخ مقاطعا كلامها بصوته الجهوري بقوة وهو يرمقها بنظرات حادة فارتفع ضغطه وشحب وجهه وقال بغضب :
- فاتن أنتِ لا تدركين ولا تعلمين من هو طلال ذلك الخبيث يريد أن يقتلني حيا بأخذ أحب الأشياء مني وإرغامي على فعل الأفعال التخريبية اللا إنسانية من حولي ،، فاتن كوني فتاة عاقلة وابتعدي عني فقط ..
ضمت يديها إلى صدرها ورمقته بنظرة حزينة منكسرة وقالت بهدوء بنبرتها الناعمة :
- وأين تريدني أن اذهب يا فارس أنت تعلم انه لم يعد لي أي منزل أوي إليه أنا هنا ضيفة في منزلك ..
أشاح بوجهه بعيدا ليرد بنفس النبرة الغاضبة :
- انه منزلك من اليوم وصاعدا عيشي فيه بسلام ، أنتِ يا فاتن فتاة يتمناك كل الرجال فلتلتقي برجل غيري يستطيع حمايتك ويؤمن لك مستقبلك ولتحيوا بسعادة ..
مد يده اليمنى واخذ يفرق أنامله لينزع تلك الحلقة الحديدية منها معلنا عن انفصالهما ببعض ، انفصال قلبين محبين منذ الصغر لطالما تمنا أن يعيشا سويا ويكملا بقية العمر معا لكنه تفاجأ وبحركة سريعة قفزت فاتن نحوه وأمسكت بيديه ودموعها لا تكاد تتوقف ، قالت بنبرة مبحوحة مترجية :
- لا يا فارس أرجوك أنا لن أعيش في هذا المنزل إلا مع مالكه الحقيقي ..
أخذت تضغط بقوة بقبضتها الصغيرة على يدي فارس الذي اتسعت عيناه دهشة من فعلتها ، اخفت رأسها وأسندته على يده تبكي بنحيب مؤلم ، اخذ نفسا عميقا متداركا ما قد فعله وقاله قبل قليل فأطلق آآهه متوجعة لتخفف بعض ما يشعر به من ثقل ، بقيت تشهق حتى لم تستطع أقدامها على حملها مجددا فخرت على الأرض لكن فارس امسكها وحمل جسدها الضعيف وأجلسها على طرف السرير بخفة ليجلس بجانبها وقد عادت ملامحه الهادئة وقال :
- أتصدقين يا فاتن ..!!
رفعت بصرها ناحيته وأومأت برأسها لكي يكمل وهي تمسح دموعها ثم قال :
- عند انتهائنا من المهمة كاد وسام أن يدخل في حرب معه أراد في تلك اللحظة قتل الضابط طلال وبشدة لكنني أوقفته قبل أن يبدأ كنت متأكدا بأن وسام سيقتله فهو شجاع لا يخشى شيئا ..
نظر إليها بحزن وأكمل بألم :
- أوقفته لأنه وعدني بأن يعطيني التصريح فلم أرد من وسام أن يقتله إلا بعد أن يعطيني مبتغاي لكنني ...
اتكأ على ركبتيه وصمت لوهلة غير قادر على البوح بمدى ندمه على فعلته اخفض رأسه وغطى ملامح وجهه بكفيه وقال بحزن :
- كم ندمت نعم لقد ندمت كثيرا بأنني أوقفت وسام ليته قضى على ذلك الحثالة البغيض الوضيع حينها يا ليييت..
اخذ يتنفس بصعوبة وقد فقد السيطرة على نفسه فسقطت دمعة من عينه دمعة حزن وألم وقهر لتقترب منه فاتن وتربت على كتفه وتهمس بنبرتها الخجولة قائلة :
- أنا هنا بجانبك يا عزيزي لا تقلق من أي شيء وذلك الوضيع سوف يُقتل عاجلا غير اجل ويتجرع من نفس الكأس المرة التي أذاقنا إياها وسنسعد أنا وأنت ونعيش هنا بسلام .. سنتخطى هذا الألم معا ..
ابعد كفيه عن وجهه رفع رأسه واستدار ناحيتها ليجدها باسمه الثغر ودموعها تنصب على وجنتيها المتوردتين دون توقف ليبتسم هو بدوره فمد يده وجذب يدها ممسكا بها بقوة وكأنها الرابط الوحيد الذي يربطه بالحياة رفعها لشفتيه مقبلا إياها بعمق ، قال بامتنان وهو يحكم قبضته على يدها :
- كم أنا محظوظ بوجودك بجانبي يا فاتن ..









نهاية الفصل , قراءة ممتعة لكم أحبتي ..
بقلم محبتكم : روح الوسن ..



روح الوسن .. غير متواجد حالياً