عرض مشاركة واحدة
قديم 24-01-20, 09:39 PM   #546

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحارة
بدأ صوتها يعلو بضيق وقد تعبت من مجادلته وهي تقول:
"يا شحاته ...ألا تفكر بمنظرك أمام الناس ؟...الناس ستأكل وجهك لو طلبنا من غيرك أن يضمن ابنك ...ثم أنك لن تدفع قرشا ....سيد سيتكفل بالدفع ...أنت فقط ضامن"
شخر ساخرا وهو يقول برفض:
"وما يدريني ...ربما خلع ابنك ووجدت نفسي أنا في وجه المدفع "
لوت فمها وضربت كفها بالأخر وهي تضعهم على معدتها قائلة :
"حسرة عليه المسكين ...أنت أدرى الناس أنه لن يفعلها ...وبأنه ليس نذلا كابنك الأكبر ...لو كان كذلك ...لتركنا منذ أن تخرج وذهب ليبحث عن مصلحته ...ولم يكن ليحمل هم البيت منذ سنوات ..أم تراك نسيت انه هو من ينفق علينا ..وانك لم تعد تضع مليما في نفقات البيت منذ أشهر طويلة ...ولا أدري أين تذهب بمعاشك"
احتد عليها قائلا:
"وما شأنك أنت براتبي يا بنت الـ (....) هذا ما أنا خائف منه ...تريدين أن اضمنه ليلوي ذراعي بعدها ...ثم من أين سيسدد كل تلك الأقساط ؟... وكيف سيكمل مصروف المنزل معها ...اسمعي ...لو ظننتم أنني سأعود لدفع قرش أخر تكونون واهمين ...لقد أديت ما علي لكم "
فكت يدها وهي تفقد صبرها صارخة:
"أي واجب هذا الذي أديته يا رجل !!!...وماذا عن توأميك سيف وساجد ...أم نسيت أنهم ما زالوا صغارا في التعليم ويحتاجون لنفقات !!"
قاطعها بنزق غاضب :
"لقد كبرا ويجب أن ينزلا لسوق العمل بجانب دراستهم ...لولا ابنك الـ(....) الذي يرفض ويمنعهم من العمل فاتحا صدره بأنه متكفل بهما ...ولا أدرى على ماذا؟! ...من يظن نفسه !!...ما المشكلة لو عملا وساعدانا ...هو ومحمود عملا وهما أصغر منهما ...إن كان يريد أن يمثل دور البطل الغضنفر فليتحمل إذن .. أنا لا شأن لي ...يريد ضامن يعمل بالحكومة ...أطلبي من زوج أختك ...على الاقل أبنائه فالحين وأصبحوا يلعبون بالمال منذ تزوجت ابنته من هذا الغني ...هذه هي الزيجات التي تشرف ...محظوظ ابن محفوظ بابنته ...فتاة ذكية لعبتها جيدا وأوقعت بمديرها الغني وانتشلتهم جميعا من الفقر ...ليس كابنتك الغبية التي رفضت كل من أحضرتهم لها من رجال كانوا على الأقل لن يكلفونا شيئا وسيأخذونها بما عليها من ملابس "
حوقلت فوزية بغيظ وقد شعرت بارتفاع ضغطها فقالت :
"حرام عليك يا رجل ...هل تشبه العاهات التي كنت تحضرهم لابنتك بخالد باشا ...بشبابه ووسامته ومركزه ...كما انه لم يسبق له الزواج ...ولن يأخذها كزوجة ثانية أو حتى رابعة ولديه جيش أطفال"
ساد الصمت لثوان فزفرت بحنق واستغفرت محاولة العودة للموضوع قائلة بمهادنة وهي تقترب منه مربتة على صدره:
" شحاته… يا أبا محمود ...ما فات مات ...أرجوك …وما حدث قد حدث …ونحن أبناء اليوم ...لا تفضحنا وسط الناس ...اليوم لابد أن تذهب معي لتوقع على الإيصالات كضامن ...لو لم نفعل ستكون سمعتنا على كل لسان لم يتبقى على الزفاف إلا أربعة أيام هداك الله ...وابنك سيد جدع ورجُل ...وتعرف بأنه لن يخون ولن يتراجع طالما وعدك بأنه كفيل بالسداد ..أنت تعرف ابنك أكثر من الجميع "
ما أن هم بالرد برفض بات حتى قاطعهم طرق على الباب فزفرت فوزية بقنوط وهي تقول :
"لابد أنها أم صباح ...كنت طلبت منها أن تحضر لي بعض الدواجن لأجل عشاء العرس وتساعدني بتنظيفه وتجهيزه ...أرجوك يا شحاته فكر ..ولا تفضحنا"
لمعت عيني شحاته بخبث واسرع يوقفها وهي متجهة ناحية الباب قائلا:
"انتظري ...حسنا ...أنا موافق ...سأوقع كضامن على شرطين ...ابنك المسئول ...وأنا لا شأن لي ...ويتعهد أمامي انه سيسدد حتى لو سجنوه فلا شان لي ...والثاني أن تشيعوا بين جميع أهالي الحي أنني أنا من اشترى الجهاز "
قطبت بحيرة لكن فرحتها بموافقته جعلتها لا تهتم لتومئ برأسها موافقة وهي تسرع ناحية الباب مستقبلة أم صباح التي دخلت تطلق الزغاريد وتحمل بيدها أكياسا عدة وهي تقول:
"ألف مبروك يا أم محمود زيجة العمر بإذن الله ...لقد اشتريت كل ما طلبته ...دكرين بط ...وأربع أزواج فراخ ...وست أزواج حمام ...وثمنهم(...)وقمت بذبحهم وتنظيفهم عندي "
أخذت فوزية من يدها الأكياس شاكرة وهي تقول :
"سلمت يداك يا أم صباح ...تنظفين الدواجن أفضل من ماكينات السوق ...ما ثمن التنظيف؟ "
ضربت أم صباح على صدرها وهي تهتف:
"ماذا تقولين يا أم محمود ...عيب عليك ...لن آخذ قرشا ثمن التنظيف ...هذه هديتنا للست سما ...."
قاطعها صوت شحاته الخشن قائلا:
"هدية مقبولة يا أم صباح ...كلك ذوق ...العقبى عند صباح "
استدارت ناحيته باسمة وهي تقول:
"عشت يا سي شحاته العقبى لسي سيد ...وإخوته ..."
اشاح شحاته بكفه وهو ينظر لها قائلا بخبث:
"دعك من سيد فالذكور مسؤولين عن تزويج أنفسهم لكن البنات همهم ثقيل ..وتكاليف زواجهم مرتفعة"
زفرت بعمق وهي تجيبه مؤمنة:
"صدقت والله يا سي شحاته ...جهاز البنات الآن يقسم الظهر ...ولا طاقة لأمثالنا عليه "
ليومئ مؤكدا بقوله:
" اسألي أم محمود كم دفعت أنا بجهاز سما ...واليوم سأذهب لأحضر لها باقي جهازها ...ألوف مؤلفة ...لكن الحمد لله خير ربنا كثير ...ومن يدري ربما يرزق الله ابنتك بمن لديه مالا كافيا ولا يكلفك شيئا ويأخذها بما عليها"
مصمصت أم صباح شفتيها قائلة :
"وأين هذا العريس يا حسرتاه ...كل الشباب الآن يرغبون في أن يدفع أهل العروس أكثر منهم ليتم الزواج ...كل من يتقدم لها حالتهم قحط ولا يكادون يجدون قوت يومهم "
قاطعها شحاته بابتسامة قائلا :
"دعك من هذا الشباب (الصايع )...ابنتك لن ينفعها إلا رجل كبير يملك أن يجعلها تعيش معززة و(مستتة) "
قاطعت حديثهم فوزية التي تنظر لزوجها بتعجب لحواره الغريب والمطول مع أم صباح ...بعد أن طردت هواجسها وهي تقنع نفسها أنه ولابد قد تعمد الأمر حتى تنشر أم صباح بالحي بأنه هو من جهز سما فقالت لأم صباح
" سلمت يداك ...أتعبتك معنا ...نردها بإذن الله لصباح واخوتها بأفراحهم"
سارع شحاته مستبقا خروج أم صباح قائلا :
"لا تنسي يا أم صباح أن تحضري غدا مع ابنتك لتساعدي أم محمود وباقي النسوة بفرش جهاز سما ...فنحن سنخرج بعد قليل لإحضاره ....فرش فاخر ...لم تحضره فتاة بالحي ..دفعت ثمنه كله من جيبي "
اطلقت أم صباح زغرودة طويلة وأشارت بعدها على عينيها وهي تقول مغادرة :
" من عيني ...ما أن تحضر سيارات العفش سنكون بانتظاركم ...وهل لدينا أغلى منكم "
لتخرج تاركة فوزية تنظر لزوجها بتوجس قلق ...قبل أن تهز رأسها وتتجه للمطبخ وهي تفكر بأنها يجب أن تتصل بسيد وتبشره بأنها أقنعت أبيه بالتوقيع كضامن له .
××××

خرجت من باب المدرسة تمشي مسرعة كعادتها ...متجاهلة الواقف على الناحية الأخرى من الشارع ينتظرها كحاله كل يوم طوال الشهر الماضي ...يكتفي فقط بالنظر لها والسير خلفها ذهابا وإيابا حتى تصل ...
لا تدري كيف تفسر ما يفعله ...هل هو اهتمام؟ ...أم شك ومراقبة ؟...إنه لم يحاول الضغط عليها بشكل مباشر ...لكنه يمارس ضغوطه بكل الطرق الغير مباشرة ...يرسل لها ولأبنائه المال والطلبات دون طلب ...يسارع بتلبية كل احتياجاتهم ما أن يخبروه بها أو حتى يلتقط سمعه شيئا منها ...أرسل لها ثوبين جديدين اشتراهم لها ...ليست عباءات سوداء كالسابق ...لكن ثوب نصفه العلوي من الجينز الأزرق والسفلي من قماش الشيفون المبطن منقوش بوردات برتقالية وزرقاء ...والآخر يشبه العباءة لحد ما بلون عسلي وجيوب منتفخة وأساور وأزرار تمتد من النحر لنهايته بلون بني ينزل باتساع تدريجي حتى الكاحل .. ومعهما وشاحين احدهما ازرق والآخر بني يليقان بالثوبين ...وأيضا حقيبة تجمع اللون الأزرق والعسلي بتداخل جميل يليق بالثوبين ...
وابتسمت ساخرة وهي تقرر بانه لم يشترى لها ثوبا منذ مدة طويلة جدا ...مكتفيا بعباءاته السوداء المقيتة قديمة الطراز...ورغم أنها أعجبت بالثوبين لكنها عاندته ولم ترتديهما ...بل كانت مصرة عندما أرسلهم مع ابنها على إعادتهم لولا أن منعتها سامية مخبرة إياها ان انفاقه عليها وشرائه مستلزماتها حق لها وأنها يجب أن تحصل على كل حقوقها ...فقررت إبقائهم و إلقائهم بالخزانة ...فهي بالفعل قد قررت ألا تترك حقا لها ثانية ...
كادت رباب أن تخرج من نطاق سور المدرسة القريبة من الحي في طريقها للمنزل حين استوقفها نداء باسمها فالتفتت لتجد الأستاذ شاكر زميلها مدرس التاريخ الشاب يسرع ناحيتها لاهثا بوجه محمر ويقول وهو ينهت :
"عفوا يا أستاذة رباب ...اعتذر لإيقافك وندائي عليك بالشارع ..."
نظرت له مقطبة بارتباك وهي تزدرد لعابها وتنظر بجانب عينيها لمن اعتدل متحفزا على الجانب المقابل ...فشعرت بالقلق للحظات قبل أن تنهر نفسها وتعتدل بشجاعة وهي تنظر لزميلها تسأله بوجه جاد:
"نعم أستاذ شاكر خير"
اخفض شاكر نظره وهو يقول بارتباك حرج :
"كنت أريد من حضرتك خدمة ...معروفا لن أنساه ...لقد حاولت مع المدير ...لكنه قال أن الأمر بيدك ...فلن يستطيع تغيير الجدول مرة أخرى و…."
قاطعته بحزم:
"ما هو الطلب أستاذ شاكر .. لو كان بيدي لن أتأخر لكن أرجوك أسرع فلا يصح وقوفنا هكذا بالشارع "

سارع شاكر قائلا :
"بالطبع عندك حق ...أنا فقط لم الحق بك قبل خروجك من المدرسة ..فاضطررت للإسراع خلفك ....فلابد أن اتفق معك اليوم "
زفرت بحنق وهي تستغفر بداخلها بينما تلمح الآخر قد بدأ يتحرك ناحيتهم بخطوات غاضبة فتملكها القلق من أن يسبب لها فضيحة وقالت بحدة :
" تتفق معي على ماذا أستاذ.. أخبرني بسرعة "
قال بتوضيح :
"على تبديل مواعيد حصصي للصف الثالث بمواعيد حصصك ..."
قطبت بضيق قائلة :
"ولماذا أفعل؟ ..فمواعيد حصصي تناسبني "
تجاهلت هذا الذي وصل خلف شاكر وكاد يمد يده إليه قبل أن يتوقف وهو يسمعه يقول:
"لأجل زوجتي يا أستاذة ...ولمدة مؤقتة ...أرجوك ...لقد حجزوها بالمشفى ...وطفلاي الصغيران لا استطيع تركهما صباحا بمفردهما ...شقيقة زوجتي وافقت أن تحضر للبقاء معهما الفترة القادمة وأنا بالعمل ...لكنها لن تستطيع الحضور مبكرا ...وأنا حصصي هي الأولى ...بينما حصصك متأخرة ...لذا أرجو أن توافقي على التبديل لفترة فقط حتى استطيع تدبر أمري المدير قال لا مانع لديه إن وافقت أنت "
ظلت صامتة للحظات ...متجاهلة هذا الذي وقف مستمعا خلف شاكر دون أن يتدخل مكتفيا بعقد ذراعيه على صدره والانتظار ...ثم قالت للواقف أمامها بتهذيب :
"لا بأس أستاذ شاكر ..أنا موافقة على التبديل ...لكن فقط لفترة مؤقتة ...حتى تتعافي زوجتك بإذن الله ...شافاها الله وعافاها ...بالإذن منك"

تركته متجاهلة كلماته الشاكرة ولم ترى كيف كاد يقع وهو يلتفت بسرعة مصطدما بمن خلفه ...فاعتذر منه دون انتباه وهو يهرول مسرعا آملا باللحاق بالمدير ...بينما ظل يوسف يتابعها بعينيه ...يكتم بداخله شوقه ...وعشقه ...وحتى غيرته التي لا يستطيع التحكم باشتعالها داخله ...لكنه قادر على التحكم بخروجها للعلن ...فليشتعل هو بها ...لكنه سيحبسها بداخله في مقابل أن يمنح رباب كل ما تحتاجه من مساحة حرية وثقة.

أسرع بالنظر في ساعته ...فوجد أنه قد تأخر على عمله ..فأسرع باللحاق بها ليطمئن على عودتها بسلام دون أن يضايقها أحد ويأخذ سيارته ويخرج سعيا وراء رزقه
*********


رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس