عرض مشاركة واحدة
قديم 24-01-20, 11:15 PM   #447

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 2

بعد ساعة أخرى:
دخل مفرح إلى غرفة نومه مجهدا منهكا بعد ليلة سابقة بدون نوم لإنجاز ما يمكن إنجازه قبل العودة للبلدة ..وبعد يوم طويل.. وبعد أن أوصل أم هاشم لبيت الوديدي وتركها مع بسمة يعيدون ترتيب ذلك النيش اللعين الذي انهارت من أجله أخته الصغرى ..
تأمل مليكة التي حلت حجابها وفردت شعرها البني أمام المرآة .. وبرغم إجهاده .. وبرغم ذلك الانهاك الواضح على وجهها لم يستطع كبح جماح شوقه إليها .. فاقترب منها وحضنها من الخلف يدفن وجهه في شعرها مستنشقا عبيره ..
إن مليكة قلبه مميزة دوما في اختيار العطور .. وأحيانا تكون تلك العطور وسيلة من وسائل تعذيبه ! .
دلكت ملكية ذراعه بدفء مغمغمة "أعرف بأنك اجهدت بشدة اليوم .. لا حرمهم الله منك ولا من وجودك ظهرا وسندا لهم"
رفع رأسه فوجدها تدير رأسها إليه فتطلع في وجهها من تلك المسافة الصغيرة جدا التي تتعانق فيها الأنفاس.
تجولت مليكة بمقلتيها على ملامحه بتلك النظرة التي لم تتغير أبدا منذ أن كانت صغيرة .. نظرة تحول كل العالم من حوله لواحة من الهدوء والسلام .. نظرة براءة وحالمية ودفء غامر ..
حضن بكفه وجهها واقترب بشفتيه يلتهم شفتيها برد غير منطوق..وهو يسحب جسدها الطري إليه ليسجنه بين ضلوعه يخبرها عن لمحات من شوقه العارم إليها .
طرقات صغيرة ضعيفة مترددة على الباب جعلته يطلق زمجرة منزعجة في شفتيها قبل أن يشعر بتشنج عضلاتها بين ذراعيه .. فأبعد مفرح شفتيه عنها وتشاركا لهاثا ساخنا قبل أن تهمس مليكة بارتباك " الـ ..باب"
من بين أسنانه قال مفرح بلهجة حادة منزعجة وهو لا يزال يأسرها بين ذراعيه "ماذا هناك يا إياد!!"
جاءهما غمغمة ضعيفة " آ..آسف "
ليسمعا بعدها صوت خطواته مبتعدا.
نغزة في قلبيهما تشاركا فيها قبل أن يرفع مفرح رأسه لأعلى مغمضاً عينيه يحاول السيطرة على أعصابه ...بينما غمغمت مليكة بصوت هادئ "تعرف بأنه تنتابه بعض الكوابيس والمخاوف التي تحدث للأطفال في هذا السن يا مفرح .. سأعود بسرعة"
افلتها مفرح باستسلام قائلا بعبوس" وأنا سأنام تصبحين على خير"
قالها وتحرك يوليها ظهره وهو يخلع ملابسه ويلقي بها في الأرض بإهمال .. فوقفت مترددة لثوان قبل أن تتحرك مسرعة لتغادر الغرفة إلى حيث غرفة الصبيين..ليلقي مفرح بنفسه على السرير بعصبية ثم يعتدل على جنبه بإرهاق ويغمض عينيه مستعيدا لتلك الثواني التي كانت بينهما منذ دقائق.. لعله يهدئ من اشتعال أعصابه .
××××
صباح اليوم التالي :
بخطوات متبخترة كعادتها وبنفس الحذاء الأخضر الأرضي التي تصر على أن ترتديه دوما .. كانت ونس تدندن بهمهمات غير واضحة من حنجرتها لأغنية سمعتها مساء أمس على الانترنت في جولتها الليلية السرية من تحت الغطاء دون أن يدري بها والدها ..
ولا تعلم لمَ بحثت عن فيلم يصور قصة علاء الدين وجني المصباح لتشاهده ..لكنها بالرغم من خفة ظل الممثل الأمريكي الأسمر الذي قام بدور الجني لم يعجبها لأنها ترى أن الجني يناسبه هيئة أخرى .. كهيئة ذلك الرجل الذي ضرب مهاجمها ليلة أمس بقوة في الحائط وجعله يفر هاربا بعد أن تأكد من أن العراك بينهما غير متكافئ .
ورغم انزعاجها مما حدث الليلة الماضية إلا أنها حين استعادت تلك اللحظات وبخت نفسها لأنها لم تشكر ذلك الرجل على مساعدته لها ..فقد فرت هاربة تحت وطأة مشاعر الخوف ..
أمسكت جيدا بكيس طعام الافطار بعد أن ابتاعت فول وطعمية وخبز .. واستمرت في مشيتها تفكر في ذلك الرجل الضخم متسائلة كيف هو صوته .. فقد تحركت سماعتها أثناء مقاومتها لذلك الشاب ولم تسمعه .. وبرغم قدرتها على قراءة الشفاه جيدا إلا أنها لم تقدر على ذلك في تلك الحالة التي كانت عليها .. كل ما تذكره هو مظهره الغريب عن بلدتها وطوله وعرض كتفيه بطريقة ذكرتها بجني مصباح علاء الدين .. والحقيقة أنه جني وسيم جدا يشبه ممثلين السينما .
عند تلك الخاطرة ابتسمت مقررة أن ترسم هذا الرجل على هيئة جني المصباح ..
فجأة تسمرت وتخشبت الابتسامة على وجهها أمام بيت الجد صالح وبالتحديد أمام سيارة الدفع الرباعي السوداء الضخمة التي ترابط أمام البوابة الخارجية للبيت ..
كشرت ونس عن أنيابها وأصدرت زمجرة مغتاظة وهي تضرب عجلة السيارة بقدمها ..فتوجعت قدمها بشدة .. لتقف للحظات تمرر نظراتها بين السيارة والبيت مفكرة قبل أن تسكن ملامحها فجأة ..وتنقلب مقلتيها بلمعة ماكرة تحركهما يمينا ويسارا كثعلبة صغيرة شقية تزين شفتيها ابتسامة شيطانية.. وهمست في سرها وهي تُرقِّص حاجبيها "حان وقت الانتقام! "
××××
بعد ساعتين
بشعر منتكش وملامح منزعجة أخرج مفرح رأسه من تحت الوسائد في نومته منبطحا على بطنه ليمد ذراعه الأسمر ويلتقط هاتفه من جانب السرير محدقا فيه بعينين مغمضتين قبل أن يرفعه على أذنه ويعتدل على ظهره قائلا بصوت أجش" كم الساعة؟..هل تأخرت عليكما؟"
قال كامل بلهجة غاضبة" اسمع يا مفرح .. أنا لا أعرف حجم المشكلة التي كنت تواجهها مساء أمس مع ذلك المسمى بـ(النيش).. لكن إن لم تكن المشكلة عويصة فعليك بالحضور حالا ..وإلا سأفقد أعصابي وسآتي إليك أنا لأحطم رأسك وأفرغ فيك غضبي كله حتى لا ارتكب جريمة في بلدتكم هذه"
لثوان ظل مفرح يتطلع في سقف الغرفة يحاول لصق كلمات كامل ببعضها ليخرج بمعنى منطقي مفهوم قبل أن يهدر كامل بغيظ " مفرح أنا أتحدث معك!!"
فرك مفرح جبينه وقال وهو يعتدل شاعرا بإجهاد وتيبس في عضلاته "من الذي ستضربه يا حبيب والديك! .. أنا ابن العمدة يا بني!"
تكلم كامل بلهجة ساخرة" إذن تعال يا سيادة ابن العمدة وأعد لي حقي "
تطلع مفرح في الساعة ليجدها العاشرة صباحا فنظر حوله يبحث عن مليكة .. ولم يجدها ولكن لمح عند المرآة عددا من العرائس الصغيرة التي تصنعها فأدرك بأنها باتت ليلتها تشعر بالأرق .. ليعود ويسأل صاحبه وهو يستقيم واقفا" ماذا حدث حتى أضطر لأن أستيقظ على صوتك وأنت تخور كالثور في هذا الوقت الباكر من الصباح؟!!"
××××
بعد أقل من ساعة كان مفرح يقف متخصرا بملابس رياضية وحذاء رياضي يتطلع بعينين متسعتين لسيارة التوأم التي غطتها رسوم بالطباشير الملون لجماجم وعظام وأشكال أخرى لم يستطع تفسيرها .. فكانت مقدمة السيارة مغاطاة بالكامل وجزء من الجانبين الأماميين .
بينما جز كامل على ضروسه وقال" ألست ابن عمدة هذه البلدة؟! .. عليك بمعرفة من فعل هذا وأفسد سيارتنا بهذا الشكل ومعاقبته أمامي حتى اهدأ ولا أؤذيه "
شعر مفرح بالحرج الشديد أمام ضيفيه لكنه تنحنح وقال" بسيطة إن شاء الله إنه مجرد طباشير ملون"
حدجه كامل بنظرة غاضبة وصاح باستنكار "مجرد طباشير !! .. وماذا لو مسحت الطباشير لأجد خدشا من احتكاك الطباشير بسطح السيارة.. أتعرف كم سيتكلف الخدش الواحد؟!! "
استشعر شامل موقف مفرح الحرج وحِدّة توأمه فتدخل قائلا" اهدأ يا كامل.. لا تنفعل بهذا الشكل "
صاح كامل في أخيه بغيظ " وهل يعجبك أنت ما حدث للسيارة؟!!"
حدجه توأمه بنظرة موبخة ثم تطلع في مفرح يقول "بالتأكيد أنت تعرف من فعلها يا أبا أدهم أليس كذلك؟"
تنحنح مفرح مرة أخرى وهرش في رأسه قائلا وهو يتهرب من الإجابة " وكيف لي أن أعرف؟ .. أتعتقد بأن عدد سكان أهل القرية قليل! .. كما أنه من الوارد أن يكون شخصا من خارج القرية"
ضرب كامل على سقف السيارة بقوة هادرا "ألست ابن العمدة عليك بمعرفة الفاعل"
حرك مفرح كتفيه يرد ببرود متعمد " وكيف سأعرفه يا بني آدم أأنت غبي! .. لا توجد كاميرات في قريتنا"
ناظره كامل والغضب يفتته فتدخل شامل قائلا "ما كنت أقصده يا مفرح أن هذه الرسوم هي بالتأكيد لشخص موهوب وموهبته بالتأكيد يعرفها الجميع .. أنظر لطريقة رسمه .. إنها رائعة ( وهرش في رأسه مضيفا ) رغم اندهاشي أن تُرسَم الجماجم والعظام بهذه الألوان الزاهية وأراه تناقضا غريبا الحقيقة ..كيف تكون الجماجم بألوان زاهية!!! .. لكن رسمه مبهر جدا"
صاح كامل وقد جن جنونه "شامل هل سنقف لنتغزل في مُخرب سيارتنا !!"
أسرع شامل بالقول "كنت فقط أحاول مساعدة مفرح في التعرف على الجاني (وضيق عينيه مدققا في الألوان وغمغم لنفسه) أو الجانية !"
قال مفرح لكامل مستمتعا بمناكفته " ما ذنبنا نحن إن كان نوع سيارتك ردئ وسيتأثر من خدش الطباشير !.. ( واشاح بيده باستهانة وأضاف ) عموما سأرسل لك أحد الغفر ليغسلها بماء الترعة (وأكمل مربتا بيده على رقبته عدة مرات وهو يتحكم في ابتسامة حين طالع وجه كامل المكفهر والجنون الذي يتطاير من عينيه) وأي خسائر في رقبة مفرح الزيني لا تقلق .. (ثم أضاف وهو يتحرك عائدا لسيارته يضع نظارة الشمس على عينيه ) استعدا سأمر عليكما بعد ربع ساعة لنفطر سويا لكن عليّ الذهاب لمشوار هام أولا"
تحرك يركب سيارته ويغادر أمام انظار صديقه الغاضبة .. والذي عاد ليتطلع في السيارة بغيظ شديد قبل أن يلاحظ أن توأمه يلتقط بهاتفه صورا لها فهدر فيه صائحا "ماذا تفعل يا شامل بالله عليك!.. أتريد أن تجلطني أنت الآخر !!"
تنحنح الأخير وقال وهو يعيد الهاتف لجيبه" كنت ألتقط صورا للرســـ..... أقصد للجريمة قبل مسحها لنوثق الواقعة "
××××
يا رب!
قصدت بابك .. وغير بابك ماقصدتوش
آدي الباب مفتوح .. عمري ماقفلتوش
يا سابل الستر .. استرها ما تفضحهاش
ولغيرك إنت أبداً .. ما تحوجناش
والحق يعلى وإحنا على الحق .. مانعلاش
يا واخد العهد على عمك ياخويا.. ماتعلاش
زي اللي قبلنا ما قالوا ..
العين على الحاجب ما تعلاش .
وإذا كنت بتحب حِب ..

بس لازم لازم تكون حساس
وفتش على روحك يا حبيبي..

قبل ما تفتش يا واد ع الناس.
على أنغام موال يصدر من مسجل صوت قديم بجواره تطلع العم عيد في سيارة مفرح الزيني التي توقفت أمام بيته مندهشا واسرع بإيقاف عجلة الفخار وحاول أن يغسل يده من الطين لكن مفرح كان قد ترجل من سيارته مسرعا واقترب يلقى السلام فلم يجد العم عيد إلا أن يمد إليه ساعده وليس كفه قائلا" لا تؤخذني يا باشمهندس"
أمسك مفرح بساعد العم عيد محييا قبل أن يقول "كيف حالك يا رجل يا طيب؟"
رد العم عيد بابتسامة "الحمد لله في نعمة "
وقضم سؤالا كاد أن يسأله عن سبب الزيارة الغريبة ليبادره مفرح قائلا "هل ونس موجودة؟"
تفاجأ عيد بسؤاله عن ونس ..ومرر نظراته بينه وبين باب البيت المجاور لتلك المساحة الصغيرة التي يتخذها مكانا لصناعة الفخار ثم قال بارتباك" أجل موجودة .. هل فعلت شيء؟؟"
اسرع مفرح بالقول مطمئنا " لا لا لم تفعل شيء .. أممم .. مليكة طلبت مني أن اسألها عن شيء"
تحرك عيد بقامته القصيرة وظهره المائل للانحناء يسرع نحو بيته وأخذ ينادي على ابنته .. فخرجت له ونس بنظرات متسائلة وقد خيل إليه بأنها تخفي شيئا ما في جيبها .. لكنه أسرع بالقول "ضعي وشاحا على رأسك واخرجي لمفرح الزيني ..يريدك "
عقدت ونس حاجبيها بتعجب ليسألها العم عيد بتوجس "هل فعلت شيئا؟"
حركت ونس كتفيها بلا أعرف قبل أن تلتقط وشاحها وتخرج لمفرح .
وقف ثلاثتهما خارج الدار .. مفرح متخصرا يتطلع في ونس وبينهما العم عيد رافعا كفيه أمامه ملطخان بالطين الفخاري .. يمرر نظراته القلقة بينهما .. فقال مفرح بهدوء "كيف حالك يا ونس؟..مليكة تسألك عن ألوان الدمى التي طلبت منك اختيارها "
حركت ونس مقلتيها يمينا ويسارا بغباء ..فأشار مفرح بمقلتيه لها ناحية والدها لتضرب قبضتها في كفها تدعي التذكر وقد فهمت أنه يريد أن يخبرها بأمر لا يريد لوالدها معرفته .. وخمنت أن يكون متعلقا بالهاتف الذي اعطته لها مليكة .. فتحركت خطوتين مبتعدة حاولت أن تجعلهما غير متعمدتين وهي تخرج دفترها ليقول مفرح للعم عيد مبتسما" أكمل أنت ما كنت تفعله يا عم عيد فلا أريد أن أعطلك"
انتفض عيد منتبها وقال وهو يتحرك مبتعدا نحو دلو من الماء ليغسل يده " لم نضايفك بعد .. سأعد لك الشاي حالا "
على بعد خطوات من العم عيد قال مفرح بخفوت لونس من بين أسنانه "لماذا فعلت ذلك؟؟"
ضيقت حاجبيها بعدم فهم ليضيف مفرح بصوت خافت وهو يختلس النظرات نحو والدها الذي يغسل يديه "لماذا رسمتِ بهذا الشكل على سيارة أصحابي؟!!"
اتسعت عينا ونس متفاجئة بكون أصحاب السيارة تابعين لمفرح الزيني .. لكنها عادت وكشرت عن أنيابها بسرعة وكتبت في دفترها حانقة "كنت أرد لهم ما فعلوه بي "
سألها مفرح باندهاش "ماذا فعلا؟؟!"
كتبت بخط كبير "كادت السيارة أن تضربني و توقعني في الترعة؟"
رفع مفرح حاجبه مندهشا ثم قال " مادمت قد حفظت شكل السيارة كان من الممكن أن تبلغيني أو تبلغي أحد الغفراء أو تبلغي مليكة لتخبرني أو والدك يا ونس .. لا أن تفعلي ما فعلت وتحرجيني أمام ضيوفي "
اشاحت بوجهها بامتعاض تهز ساقها بغير رضا لكنها أعادت أنظارها إليه حين أضاف مفرح قائلا بتوبيخ " وبعيدا عن موقفي المحرج .. هل تدرين ثمن هذه السيارة التي رسمتِ عليها ؟"
عقدت ونس كفيها خلف ظهرها ورفعت إليه مقلتين ممتعضتين ووجنتين مشتعلتين تطالعه بفم مزموم في حرج.. ليكمل مفرح قبل أن يضع نظارة الشمس على عينيه ويتحرك للخلف بعد أن شعر أن العم عيد قد انتهى من غسل يده " لا تكرريها مجددا .. وأتمنى ألا يلجأ صديقاي لسؤال أهل البلد عن الفاعل فأصغر طفل يلعب في الشارع سيخبره بأن هذه الرسمات تخصك (وتحرك نحو السيارة يقول) سأذهب أنا يا عم عيد"
قال عيد وهو يجفف يديه" والشاي؟!!!"
دخل مفرح السيارة ورد قبل أن يتحرك "دائما عامر يا رجل يا طيب .. سأنتظرك في حفل الزفاف إن شاء الله .. السلام عليكم "
رد العم عيد السلام قبل أن يستدير لإبنته يناظرها بتوجس .. فأسرعت الأخيرة تهرول هاربة لتختفي في داخل البيت .
××××
في سيارة مفرح بعد دقائق قطب الأخير حاجبيه وهو يتطلع في شاشة الهاتف الذي يرن .. وتحولت ملامحه الهادئة إلى بعض الجمود وهو يجيب بلهجة متحفظة "السلام عليكم "
جاءه صوت المتصل يقول ببعض التردد "وعليكم السلام ورحمة الله .. كيف حالك يا مفرح؟ "
تمتم مفرح وهو يتطلع في الحقول الخضراء على يسار الطريق " بخير والحمد لله وأنت كيف حالك يا سيد "
رد سيد صبرة مغمغما " الحمد لله بخير .. أردت أن أبارك لك بمناسبة زواج أختك "
غمغم مفرح بتحفظ " بارك الله لك شكرا جزيلا "
قال سيد بصدق " تعرف بأن لك عندي قدرا كبيرا من المحبة يا مفرح ولولا حساسية الوضع لكنت جئت بنفسي مهنئا "
رد مفرح بتحفظ " أعلم جيدا بأنك صاحب واجب يا سيد وأشكرك .. كيف حال أولادك؟"
نظر سيد في جلسته في سيارته للصورة المعلقة أمامه في المرآة الأمامية لتوأمين في عمر عامين ورد بهدوء" بخير والحمد لله .. (وببعض التردد والحرج أضاف ) وكيف حال ....( الجميع ) عندكم "
رد مفرح بتحفز لم يستطع التحكم فيه "(كلنا ) بخير يا سيد وفي نعمة كبيرة .. وأعتقد أن من يوصل لك أخبارنا أولا بأول بالتأكيد قد أخبرك بذلك .. فلا تُضيع وقتك في تتبع أخبارنا "
رغم شعوره بالحرج لكنه رد بهدوء " تعلم يا مفرح بأني لازلت أشعر بالذنب ولن أتخلص منه إلا بعد ..."
قاطعه مفرح منفعلا " نحن أناس مؤمنون بالقسمة والنصيب يا سيد .. ولا راد لقضاء الله .. ولولا أن ابنتنا هي من طلبت الطلاق وأصرت عليه لما كنت أرد على اتصالاتك الآن بهذا الهدوء والتحضر .."
ساد صمت كئيب حرج بينهما قبل أن يحاول مفرح التصرف بلباقة نادما على انفعاله فقال بهدوء "اسمع يا سيد .. على المستوى الشخصي تعرف بأني أحترمك جدا .. وربما أكون أكثر الناس تفهما لما حدث بينكما .. لكن الوضع الآن ومحبتي لإبنة خالي سيجعلني دوما متعاطفا معها .. وفي الوقت نفسه لا أحب أن أتعامل معك بطريقة لا تليق بك وبي ولا بالخبز والملح الذي كان بيننا يوما .. لذا أرجو أن تُخرج بسمة من رأسك .. عش حياتك ودعها تعيش حياتها .. وشكرا جزيلا على التهنئة .."
رد سيد بهدوء " أنا متفهم لوضعك جيدا يا مفرح ولا تؤاخذني .. في حفظ الله "
أغلق سيد الخط .. فألقى مفرح الهاتف بعصبية على المقعد المجاور واشتدت أصابعه ضغطا على المقود وقد ازدادت حدة ملامحه .. شاعرا بتلك الحسرة التي تعتصر قلبه حزنا على ابنة خاله .
أما سيد فاعتصر الهاتف في يده وضرب على المقود أمامه باليد الأخرى بعنف كارها أن يضطر لتحمل هذه المواقف المحرجة له .. لكن ذلك الشعور بالذنب تجاه بسمة لا يزال يطارده ...
يلتف كالحبل حول عنقه ويخنقه ..
يشعره دوما بسعادة منقوصة ..
يتشكل كظل أسود مخيف خلف لحظة سعادة يعيشها في حياته الجديدة مع زوجته وأولاده ..
ولا يعرف ماذا يفعل ليتخلص من ذلك الظل الأسود الذي يلاحق كل لحظة من حياته ..
ولا يعرف ماذا يفعل لبسمة حتى يطمئن عليها .
عاد برأسه إلى الخلف يستند على ظهر مقعده ونظر لسقف السيارة يتمتم " يارب .. كنت كريما معي.. لكني عبدك الضعيف الطامع في المزيد من كرمك .. ارزقها بمن هو أفضل مني وحررني من ذلك الحبل المشدود حول رقبتي ..وساعدني على أن أطوي صفحتها من حياتي للأبد "
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس