عرض مشاركة واحدة
قديم 31-01-20, 12:42 AM   #1091

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي


قلبه يدق ، يطرق بداخله بل يرعد و يرمي صواعقه .
تنفس آصف بعمق و هو يقف أمام الباب المغلق لغرفة الضيوف في بيت عمه الحاج توفيق .
بركان من المشاعر المتفجرة تعرض له منذ أعلمه عمه بطلاقها ، الأمر حدث منذ أشهر لكنها و أمها لم تعلما به أحدا سوى منذ أيام قليلة .
أمها !
ضيق خنق نبضات قلبه و هو يتذكر مواجهته لها بعد أن طرقت عليهما الباب هو و عمه .
استأذن الأخير فتقدمت هي إليه بخطوات بطيئة .
شاحبة مريضة تبدو كالموت .
تترجاه بضعف لم يكن أبدا من طبعها .
- أنا هنا من أجل ابنتي بني .
أنا السبب في ما حصل بينكما و أمك كذلك سامحها الله
أما ابنتي فقد كانت صغيرة ، لا تعرف مصلحتها و أنا و أمك استسلمنا لأحقادنا و ظلمناكما أنت و هي .
و أنا أكثر من ظلمت ابنتي ، الآن و هي تراني مريضة طلبت الطلاق لأنها تريد البقاء بجانبي .
و هي تريد فرصة أخرى معك .
- بعد أن تزوجتُ .
قالها بمرارة و لم يكن سؤالا .
- و أعيد مأساة الحاج ثروت معك أنت و أمي ؟
- كلا بني ، الحاج ثروت تزوجني على أمك لذلك جرحها أما في حالتك أنت فابنتي هي زوجتك الأولى و الأولى هي الأحق بك .

قالتها كعادتها جريئة ، واثقة ، قوية حتى و هي مخطئة .
كم يحور الناس الحقائق و يشكلونها على حسب أهوائهم .
- كانت حاجة نازك ، كانت .
الآن لا زوجة لي سوى نادية .
- و ابنتي التي لم تقدر على نسيانك ؟
ابنتي التي حاولت أن تكون لغيرك و لم تقدر ؟
أتتركها هكذا للزمن و الناس ؟
عموما أنا لا أطلب منك الآن سوى أن تراها ، اسمعها ثم أقنعها أو تقنعك .

و ها هو يقف الآن أمام هذا الباب الفاصل بينه و بينها ، بين الماضي و الحاضر ، بين كل ما كان يتمناه و ما لا يريد الآن أن يريده .
طرق الباب و دخل يسبقه قلبه الهادر .
- آصف

التفتت نحوه و دار شعرها كموجة هائجة حولها يستقبله مع ملامحها القلقة .
لطالما مثلت له البحر و الغرق .
اللهفة في ندائها له لم يسمعها من قبل في صوتها .
- ماما كلمتك ؟

الليل الذي خيم فجأة على حقول البن في مقلتيه أجابها بدلا عنه .
- ما رأيك ؟

هل هذا ارتجاف في صوتها ؟ هل هذا ضعف في نظراتها ؟
يستطيع أن يواجه كبرها ، تمردها ، قلة أصلها لكن خضوعها ، قلة حيلتها ، و اهتزازها ؟
كيف له مع جذوة عشق لم تخمد داخل صدره أن يواجهها ؟
تقدمت نحوه و مدت يدها لتلمسه فتأخر بعنف يقول بجفاء خشن :
- من فضلك أنا رجل متزوج الآن ، من أخرى غيرك لو ما زلت تتذكرين .
لم يعد الوضع بيننا كالسابق .

جزء منه قالها احتراما لنادية ، احتراما لمكانتها لديه ، تمسكا بها و بوجودها في حياته .
لكن جزء آخر يكره كثيرا وجوده و مع ذلك لا يقدر على نكرانه قالها انتقاما له منها ، نكاية في أنوثتها التي طالما أوجعته .
انتقاصا لها و لتأثيرها عليه كما انتقصت مرارا منه و من شخصه .
- آصف أنا نادمة ، نادمة ، همستها بانفعال ، بغصة واضحة .
- نادمة على ماذا بالضبط غنوة ؟

تفطن لنطقه اسمها و هو يرى لمعة الثقة داخل مقلتيها
فلعن نفسه و ضعفه و أضاف بغضب ثائر، غضب حبسه سنوات و سنوات في قمقم من السيطرة القاسية
- نادمة على رفض محاولاتي لإصلاح ما كان بيننا .
على تمردك على عصيانك على اللا التي كنت أسمعها طوال الوقت منك
على استهتارك بكل شيء يخص آصف
نظر إليها من أعلى إلى أسفل ثم أضاف بجمود
- أما نادمة على قتل طفلك قبل أن يكون طفلي

أغمضت عينيها فورا بألم فزفر هو بيأس أسود
كم يكرهها في هذه اللحظة ، كم يكره وجودها في حياته
ارتبطت في روحه بالشقاء لكن هذا القلب الكلب الذي بداخله لا يعرف سوى الوفاء لعشقها .
لا تسمعها أكثر آصف ، أمر نفسه و بالفعل تحركت قدماه و بدأ يلتفت ليغادر حين قالت و هي تبكي باحتراق :
- الإجهاض الأول كان متعمدا ، الثاني كان حادثا آصف أقسم لك و أنت تسرعت و طلقتني ، صدقت أمك و
- أمي لا ينطق اسمها لسانك المؤذي غنوة !
- لكنها فعلا ..
- غنوة !!علا صوته بتحذير و رغم الغضب الهادر في نظراته لها إلا أن ارتجافا آخر تمكن من قلبه و هو ينطق اسمها ، ارتجاف نشوة خبيثة لذيذة لزجة كسم أفعى مؤلم قاهر
- لماذا لم تتكلمي وقتها ؟ لماذا لم تدافعي عن نفسك ؟
لماذا لم تقدمي الدليل على صحة كلامك باعتبار أنه لم يكن كذبا ؟
- لأني كنت مظلومة مجروحة محطمة ، فقدت طفلي بعد أن وقعت من السلم و أنت و أمك اتهمتماني بأني أسقطته عمدا
ثم طلقتني هكذا كأني لا أساوي شيئا

كاذبة ، كاذبة ، كاذبة ، دوت الكلمة في عقله
كاذبة ملعونة
لكنه لا يقدر إثبات كذبها فقط يشعره بروحه
و ماذا لو كانت صادقة آصف ؟ زعق قلبه فيه .
- أنا طلقتك غنوة لأن الحياة صارت مستحيلة بيننا بغض النظر عن إجهاضك من عدمه
أنت لم ترغبي يوما أن تكوني زوجتي و جعلت الأمر واضحا
ما الذي تغير الآن ؟
- فكرت ، هتفت بلوعة ، فكرت كثيرا و عرفت أني مخطئة في رفضك فغيرت رأيي
- ثلاث سنوات من الزواج لم تكفك ؟
سنتان من الفراق لم تكفيانك ؟
و كل ما احتاجه الأمر هو ستة أشهر من زواجي من أخرى غيرك .

توهج فحم عينيها و كورت قبضتيها و رفعتهما أمام وجهه و أخذ جسدها كله في الارتجاف و هي تصرخ بهستيريا
- قلت لك ندمت ندمت ندمت
أنت من حقك أن تندم ، أبوك من حقه أن يندم و أنا لا ؟ أنا و ماما ليس من حقنا أن نندم ؟
أليس من حقي أن أندم آصف ؟

صوتها صار رفيعا ناعما كأنه صوت طفلة صغيرة ضائعة .
اقتربت ثانية تحاول لمسه لكنه تراجع بعنف يقول بقسوة
- أخبرتك أني رجل متزوج غنوة ، افهمي و احترمي حدودك

أغمض عينيه يشتم نفسه و يلعنها لا يدري كيف أفلتت سيطرته منه و نطق اسمها ثانية بل ثالثة كأن الاسم معلق بين شفتيه كما حبها ذنب معلق برقبته .
تحرك بسرعة قبل أن تخونه إرادته و قبل أن يصل إلى الباب تجمد و هو يسمعها تقول بهمس مبحوح ، تقول بلهفة كأنها تنطق آخر كلمات لها في الحياة :
- أنا أحبك آصف ، أحبك أحبك

*****
نهاية الجزء


نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس