عرض مشاركة واحدة
قديم 31-01-20, 09:15 PM   #578

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

منزل ياسمين
كانت أمها تمشي خلفها تحثها على التقدم لحجرة الاستقبال لتقدم العصائر لعمرو وأمه وشقيقه الأكبر وزوجته المتواجدين بالداخل ...كانت تحاول بصعوبة التماسك حتى لا تتعثر أو تسقط الصينية الضخمة الممتلئة خاصة مع تلك الرعدة التي بدأت تسري بجسدها كلما تقدمت أكثر ...
ليزداد ارتباكها أكثر وهي تسمع صوت سيدة قدرت أنها والدة عمرو تقول بسعادة:
"بسم الله ما شاء الله ...قمر منير ...لقد أجاد ابني الاختيار "
لم تكن قادرة على رفع عينيها والنظر لمن حولها ...كانت تشعر بمزيج من المشاعر ...ما بين رهبة وخوف وقلق وترقب ...وبعض الأمل ...تتساءل إن كان حلمها ببيت وأسرة وحياة طبيعية ككل فتاة على وشك أن يتحقق ...أم سيجهض للأبد ...غير قادرة على محو قبس الضوء الذي يداعب عقلها عن غد مختلف ستحياه ..وفي نفس الوقت تخشى التمسك بالأمل وترك الفرحة تتغلغل داخلها خوفا من أن ينقلب الحُلم كابوسا يقضي على البقية التي ما زالت تتمسك بها من روحها المهزومة التي شبعت جروحا من كل من حولها ...
كادت صينية التقديم أن تسقط من يدها وهي ترفع عينها قليلا لترى طريقها فتقع عينها عليه جالسا بمواجهتها ينظر لها بإعجاب وابتسامة متسعة جعلت الأكواب تهتز بشدة وجسدها يختض مما دفعه للوقوف متناولا منها صينية التقديم قبل أن تسقط قائلا بعبث هامس :
" انتبهي ..هل ترغبين بإفساد طلتي وتحميمي بالعصائر"
لتنظر له بخجل وارتباك جعل وجنتيها تتقدان بحمرة قانية ...فرحمها من خجلها صوت أبيها وهو يناديها بحزم:
"ياسمين ...تعالي بنيتي لتجلسي هنا بجوار السيدة أمينة"
اقتربت بخجل ومدت يدها لترحب بها .. فوقفت السيدة محتضنة إياها بعد أن نظرت لها بتمعن متفحصة كل انش منها بدءا بشعرها بموجاته الناعمة التي تنسدل حتى منتصف ظهرها وجمعت جانبيه لأعلى جبينها بماسكتين صغيرتين على شكل فراشة زهرية تشابه ثوبها الرقيق المنسدل حتى منتصف ساقها بنصف سفلي متسع ونصف علوي ضيق يجسم تفاصيلها الأنثوية يعلوه جاكت صوفي صغير من اللون الأبيض يخفي ضيق الثوب ويغطي ذراعيها حتى بداية المعصم ...وتنتعل حذاء أنثويا بلون ابيض بكعب متوسط ..لتسحبها السيدة لتجاورها على الأريكة الكبيرة لتتوسط الجلسة بينها وبين عمرو لتنكمش بحرج وتميل ناحية السيدة محتفظة قدر الإمكان بمسافة لائقة بعيدا عنه ...فتبتسم السيدة برضا من حركتها وتنظر لها وهي تقول :
"عندما اخبرني ابني عن جمالك وخجلك وأخلاقك ...كنت أظنه يبالغ ...لكن منذ أطللت علينا وأنا قلبي انشرح لكِ ...ما شاء الله جمال وأدب"
أضاف عمرو فرحا :
" ولا تنسي أمي أيضا أن وجهها وجه خير ...ما أن طلبت منكم أن تتقدموا لخطبتها حتى جاءني اتصال من إدارة الجامعة يبشرني بمنحة لاستكمال الدكتوراه في انجلترا ...(ليدير وجهه ناحية والدها وهو يكمل بسعادة)...لا تتخيل عماه كم كنت أسعى لتلك المنحة بلا فائدة ...وكم العراقيل التي واجهتني حتى ظننت أن الأمر مستحيل وخاصة مع وجود بعض أقارب الأساتذة والذين يدعمونهم لنيلها...فأيقنت مؤخرا باستحالة الأمر لأفاجئ بهذا الاتصال يبشرني بالأمر( واستدار ناظرا لها ليجدها تنظر باتجاهه فاتسعت ابتسامته أكثر وهو ينظر لها بعيون تشع إعجابا بجمالها وأضاف ) وقتها شعرت بأنه وجه ياسمين ...وأنها ستكون وجه خير وقدم سعد لي"
شعرت ياسمين بالحرج من نظراته المتسمرة عليها فأطرقت برأسها خجلا في الوقت الذي ازدادت خفقات قلبها حتى شعرت بأنها على وشك الإغماء فلم تنتبه في البداية لسؤال زوجة شقيقه عن رأيها بعمرو كأستاذ لها حتى كررته بصوت أعلى بينما تشير السيدة أمينة لخجل العروس ...فأجابت بارتباك واقتضاب أنه أستاذ جيد .. فأخذ شقيقه بالتندر عليه ونعته بالأستاذ الفاشل حتى أن العروس لم تجد له وصفا أفضل من مجاملته بكلمة جيد وعم الضحك .
بعد دقائق وجهت السيدة أمينة الحديث لوالدها وهي تقول بجدية:
"أستاذ عبد العزيز ...كنت أتمنى أن يكون زوجي معنا اليوم ...لكن كما أخبرتك بأول الجلسة أنه يعمل بدولة (***) العربية وموعد إجازته لم يحن ...وهو موافق طبعا وسيتصل بك بنفسه ...وأنا هنا مكانه لأطلب منك يد كريمتك الآنسة ياسمين لأبني ...وارغب أن أوضح أن عمرو يرغب بالزواج بها بسرعة حتى تصحبه عند سفره ...أو على الأقل يعقد عليها حتى تنهي هذا العام وبعدها تلحق به ..وهو طبعا سيقدم لها هناك لتستكمل دراستها ...وبالنسبة للشبكة و…."
قاطعها والد ياسمين قائلا:
"سيدتي ...نسبك يشرفنا ...ولن أخفيك أني قد سألت عليكم منذ اتصل بي ابنك والجميع شكر فيكم ...لكن قبل أي اتفاقات لابد أن أوضح نقطة هامة لتكون الأمور واضحة ويكون ابنك على بينة بكل شيء"
تجاهل عبد العزيز النظرة الناهرة والرافضة من زوجته وهو ينظر لأبنته التي شحب وجهها وهي تنتظر رد فعل الجالسين حولها بترقب لما سيقوله أبيها الذي أكمل بحزم:
"ياسمين ابنتي مصابة بالسكر...طبعا الأمر لا ينقص منها ...ولا يؤثر علي قدراتها بأي صورة إلا طبعا ما يتعلق بضرورة مواظبتها على حقن الأنسولين والحمية الغذائية ...لكن كان لابد من إيضاح الأمر لكم حتى تكونوا على بينة منذ البداية "
ران صمت متوتر على الجميع بعد كلماته ...ليتعاظم داخل ياسمين الشعور بقرب النهاية ...فازداد شحوبها مع زيادة دقات قلبها وهي ترفع رأسها فترى وجه أمه المذموم برفض سطع بحدقتيها .. ثم نظرت ناحية عمرو الصامت بشحوب وهو ينظر لها بعدم تصديق واتهام.

رأت في عينه نظرة لوم كما لو كان يسألها عن سبب إخفائها الأمر ...وظلت نظراتها معلقة به لا تعرف ماذا تفعل .. قبل أن يخرجها من قيد نظراته التي ذبحت روحها صوت أمه التي قالت بغضب مكتوم:
"لم يخبرني عمرو شيئا عن ذلك ..."
نظرت لأبنها باتهام غاضب .. فرد الأخير دون أن يرفع عينه عن ياسمين:
"أنا لم أعرف بالأمر إلا الآن...ياسمين لم تخبرني شيئا "
نظرت له ياسمين بتيه وحاولت إخراج صوتها بصعوبة وهي تحاول التبرير بصوت خرجا خافتا متقطعا بتحشرج :
"أنا... لم ..أجد فرصة ...لقد فوجئت بأنك اتصلت بأبي... قبل أن أخبرك ..أنا لم أقصد إخفاء الأمر... أنا…"
كانت الدموع قد بدأت تملأ عينيها .. فتدخل أبيها لحسم الموقف قائلا:
"ونحن لم نخفي الأمر ...ليس كأنها شيئا يشين ابنتي سيدة أمينة ...الكثير من الناس لديهم مصابين بهذا المرض "
ردت السيدة أمينة برفض سطع حملته نبرات صوتها :
"بالفعل سيد عبد العزيز ...لكن النوع الثاني الذي يصيب الكبار ...أنا نفسي مصابة به ...وأعاني كثيرا من تبعاته ...لكنه جاءني منذ عامين فقط ...بعد أن كبر أبنائي وأديت واجبي ناحيتهم ...وليس وأنا صغيرة وإلا لأثر على قدرتي على القيام بواجباتي ..."
غمغم عمرو وهو لا يزال يحاول استيعاب الصدمة " أمي أرجوك اعطني فرصة للاستيعاب والتفكير "
ردت أمه بجدية " فيم ستفكر لا أفهم! .. أنت ستسافر وتعيش في الغربة.. تحتاج لزوجة بصحة جيدة تعاونك على مشاق الحياة وتحمل همك بالغربة وتعاونك على تحمل صعابها ...لا أن تحمل أنت همها وهم صحتها وعلاجها "
أطرق عمرو برأسه مخروسا فنظر له عبد العزيز وقد أدرك بأن هذا الشاب لن يحارب ويتمسك بصغيرته ...انه يشبه بعض الشباب ببلدتهم قديما والذين كانوا يرونه اقل منهم لمجرد مرضه ..انه لا يستحق ابنته ولن يدعمها إن احتاجت دعمه يوما في وجه عائلته مع أي شخص يؤذيها بكلمة أو نظرة ...بل ربما يكون هو أول الجارحين ...فنقل رأسه لأبنته الشاحبة المطرقة بانكماش ليجدها تدعك أصابع يديها معا حتى احمر لونهما وشعر بوجعها يشق قلبه لكنه لن يسمح لهم بإهانة صغيرته...لن يعود لدور المراقب بينما يتم جرحها أمامه ...
تجاهل عبد العزيز نظرات الغضب واللوم التي توجهها له زوجته الناقمة وقال بعنفوان حازم :
"أنا لن أحاول إقناعك سيدتي بقدرة ابنتي على القيام بمساندة ومساعدة زوجها والقيام بكافة واجباته ...فمن يريد ابنتي هو من عليه أن يقنعني بأهليته واستحقاقه لها وقدرته على رعايتها ومساندتها... عموما وفي كل الأحوال لقد شرفتمونا بزيارتكم وسعداء بالتعرف عليكم حتى لو لم يحدث النسب بيننا "
وقفت السيدة أمينة تقول منهية اللقاء:
"ونحن تشرفنا بمعرفتكم سيد عبد العزيز .. لا تؤخذونا فهذه الأمور قسمة ونصيب "
لتتجه ناحية الباب بكبرياء يتبعها ابنها الأخر وزوجته الصامتان بصدمة ووقفت أم يا سمين تناظرهم معقودة اللسان لا تجد ما تقوله ...بينما تلكأ عمرو للحظات وهو ينظر لياسمين بألم وتردد ...قبل أن ينادي اسمها بخفوت دفعها لرفع رأسها لتنظر له بعينيها البحرية التي أسرته من أول نظرة فغمغم بخفوت :
"ياسمين ..أنا ..أنا ...كان يجب أن تخبريني ...أنا "
أتاه صوت أمه مناديا .. فزفر عمرو بعمق بينما رفعت ياسمين رأسها ناظرة لعينيه دون أن تتحرك من جلستها وقالت بجمود:
"شرفتنا دكتور عمرو .. "
ازدرد عمرو لعابه بصعوبة وهم بقول شيء فقاطعه صوت أمه النافذ الصبر تنادي ثانية لتقول ياسمين بلهجة حاسمة:
" وداعا دكتور "
تحرك عمرو بسرعة وخرج متجاوزا أبيها الواقف على الباب والذي ناظره بغضب وخيبة قبل أن يغلق الباب خلفهم ويتجه بعدها لابنته متجاهلا صوت دمدمات زوجته الغاضبة والتي تحركت للداخل مسرعة ثم صفعت باب غرفتها بغضب ...

لم يهتم عبد العزيز بكل ذلك بل جلس جوار ياسمين وسحبها لحضنه ففقدت الأخيرة كل ما حاولت التمسك به من قوة وجلد وانفجرت باكية بوجع وصوت شهقاتها تتعالى تنعي بصيص حلم كاد أن يتحقق ...وأمل روادها ومات في مهده ...تبكي قسوة بشر يجرحوها لذنب لم ترتكبه ...وقدر كتب عليها لم تخطه يديها لكنها إرادة الخالق ...فلم يلومها الخلق ...لتتعالى آآآآه موجوعة شقت صدر أبيها قبل صدرها ليضمها إليه أكثر وتترقرق عينيه بدمع حبيس يكاد يدخلها بين ضلوعه...يتمنى لو يحبس ألمها بداخله يحمله عنها ويمنحها مكانه فرحا ...ليت الأمر بيده ...لكنها إرادة الله ...
ابعد عنه قليلا ليرفع وجهها المغسول بدمعها الغزير قائلا:
"لا تحزني صغيرتي ...لم يكن يستحقق ..صدقيني سيعوضك الله بخير منه ...بمن يعشقك حقا ويحارب الدنيا ليفوز بك "
تعالى نشيجها وهي تهز رأسها برفض وعدم تصديق ...وغمغمت بصوت متهدج:
"لم أعد أريد الزواج ...لا أريد أن أسمع سيرته مرة أخرى ...لن اقبل أن أتعرض لهذا الموقف ثانية ...أرجوك أبي ...لا تجعل هذا الأمر يُفتح طوال عمري"
عاد لضمها مربتا على ظهرها ...وبداخله يدعو الله أن يرزقها بمن يستحقها ...بمن يعيد الفرح لقلبها والابتسامة لثغرها والإيمان بالبشر لروحها...ليأتيه صوتها المتقطع بحشرجة البكاء :
"أبي أسندني لأذهب لحجرتي ...قدمي لا تحملني ...اشعر أني غير قادرة على التحرك من مكاني "
ليمد أبيها يده ليرفعها ضاما إياها لصدرها بقوة ...يكاد يحملها من الأرض ...يحتويها بين ذراعيه لجسده الناحل ...ويذهب بها لغرفتها يضعها بفراشها ..ويدثرها بالغطاء ويتمدد بجوار ضاما جسدها الذي تكوم حول نفسه بوضع جانبي كجنين معطية إياه ظهرها لصدره وأخذ يربت عليها ويمسد خصلاتها بحنو حتى بدأ نشيجها يخفت وأنفاسها تنتظم ليسحبها النوم لمملكته مانحا إياها بعض الراحة رغم استمرار نشيجها المتقطع ..فظل والدها محتضنا إياها حتى انتهى النشيج واطمئن لخلودها لنوم عميق قبل أن ينسحب من جوارها ناويا الذهاب للوضوء والصلاة ...عسى أن ينال بين يدي ربه راحة ..ناويا أن يكثر الدعاء في صلاته لابنته أملا بأن يهبها الله ما يريح قلبها ويرزقها زوجا صالحا يداوي جراحها فلعلها تكون ساعة إجابة ...
ليرتفع بعد دقائق من خروجه دقات هاتف ياسمين تشق صمت الحجرة ..فأيقظتها من غفوتها لتنظر إليه فتجد أسم رؤى يضيئه ...فتجاهلت الرنين لكنها لاحظت وجود اشارة لاستلام رسالة نصية بعد انتهاء الرنين فمدت يدها بمزيج من الترقب والأمل والألم لتجد رقما غير مسجل يقول :
" ياسمين ..أنا عمرو .. كنت أحتفظ برقم هاتفك من ملفك في الكلية وأنا كلي شوق للحظة التي سنتبادل فيها الرسائل والمكالمات .. لكن يبدو أن الحلم .. سيبقى حلما .. والأماني لن تتحقق .. ياسمين . لقد أحببتك حقا ...ولن أنساك أبدا ...لكن ..أنا آسف ..ظروفي وسفري والمنحة التي كنت أنتظرها بيأس .. أنا آسف .. آسف بشدة .. أتمنى لك السعادة "
انفجرت ياسمين في البكاء تدفن وجهها في الوسادة تشعر بالإحباط وبخيبة الأمل بينما ظلت صديقتها اللحوحة تتصل فعلمت أنها لن تتوقف دون أن تجيبها ففتحت الخط مجيبة إياها بصوت باك شديد الحزن .
يتبع


**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس