عرض مشاركة واحدة
قديم 03-02-20, 10:39 AM   #9

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الرابع

الفصل الرابع
إذا كنت مأخوذًا بنشوة البدايات فحتمًا ستكون عاجزًا عن تحديد الخطأ والصواب .. فقد ما يحكم مزاجيتك هو متعة تلك اللحظات حتى وإن كانت مسروقة ..
..........................................
كان جالسًا في سيارته أمام منزل عائلته منتظرًا لأخيه ، تهرّب كعادته من حصار أمه الواقفة في شرفتها عاقدة ذراعيها أمام صدرها وترمقه بسخط
هو ندم بالفعل على وعده بالتنزه مع أخيه لولا أنها ستكون كبيرة لدى الأصغر لانسحب ، الأصغر الذي قرأ كل ذلك بوضوع على وجه أخيه لكنه تجاهل وتقدم نحوه ، فتح االسيارة وجلس بهدوء ، وضع أغراضه على المقعد الخلفي وعاد يحتضن حذيفة بلهفة وحنين خالصين
ـ لو مكنتش جيت كنت هزعل ياحذيفة .
قالها مؤكدًا ومصوبًا في الصميم ،
ربت حذيفة على كتف أخيه
ـ أنتَ عارف ياحمزة إني مبقدرش أزعلك
أومأ الصغيربتفهم
ـ عارف .. يلا نروح النادي نلعب تنس .
وافقه الأكبر بهزة رأس وانطلق نحو النادي الرياضي


صف السيارة وترجل منها حمزة سريعا ملتقطًا أغراضه وأثناء استدارته اصطدم ببعض المارة فاختل توازنه قليلًا فكاد يسقط وبسرعة البرق كان الأكبر قد وصل إليه داعمًا إياه
لوّح حمزة لهم ببشاشة فانصرفوا معتذرين واستدار إلى حذيفة مواجهًا إياه بجسد مشدود وهمة عالية قائلًا بصوته الواثق
ـ متخافش أنا بعرف أخد بالي من نفسي .
تصلب جسد الأكبر واشتدت قبضته حول رسغ أخيه متشبثًا به بعجز تفهمه حمزة الذي أخذ يمسد قبضة أخيه حتى ارتخت تمامًا
كما ارتخت ملامحه بعد طول تشنج وابتسم له بفخر فهذا الذي مازال في طور المراهقة يفهمه كثيرًا بل أكثر مما يجب..
هو حقًا ابن أبيه الذي يليق به خلافته
ابتلع غصته هو بمرارة يعلم جيدًا أنه قد أثبت فشله في ذلك الدور منذ زمن طويل ومع ذلك لايملك إلا أن يشعر بالفخر نحو أخيه
أخيه الذي لوح أمام عينيه بمرح
ـ روحت فين بقى .. هتحكي لي أنا كمان ؟
ارتد حذيفة للخلف في حركة مسرحية واصطنع الدهشة
ـ أنا ليه حاسس إني سامع أنوار بتتكلم .
قهقه حمزة ولكزه في كتفه
ـ مالها بقى أنوار دي أجمل ست في الدنيا .
عاد الأكبر الخطوة التي ابتعدها وسأله باستخفاف
ـ وعرفت منين إنها أجمل ست ؟ أنت شوفت ستات غيرها فين !
والأصغر ليس هينًا بل يعرف كيف يسدد الكرة فردها له
ـ قولي أنتَ بما أنك قابلت كل ستات الدنيا مين أجمل ست في الدنيا .
لم يفكر حذيفة لحظة بل أجاب بتأكيد وصدق
ـ أنوار طبعًا
فرفع حمزة كفه أمام أخيه في إشارة للتأكيد
ـ أنا عرفت الحقيقة دي لوحدي ومن غيرما أسيبها زيك .
غصة استحكمت بحلق حذيفة فاحتضنه الصغير بمؤازة وأسف
ـ أنا آسف مش قصدي أضايقك.
عاد لحذيفة مرحه سريعًا
ـ طيب احلق شعرك إللي شبه شعر أبوك دة وهسامحك.
تصنع حمزة الازدراء منه وابتعد باعتداد
ـ اطلب أي طلب غير ده .
جذبه حذيفة تحت ذراعه ضاغطًا على عنقه بقوة
ـ ماشي ياعزيز يلا عشان تغلبني .
وبعد مبارة حامية الوطيس فاز فيها حمزة بطل اللعبة في الأصل ،
جلس الكبير لاهثًا على أرض الملعب ومدد أقدامه أمامه وبجانبه الآخر جلس يرتشف الماء و بادر ببساطة
ـ فكرت كتير أجي أعيش معاك بس اتراجعت.
التفت له الأكبر بصمت فأردف حمزة
ـ بس طبعًا لو جيت أنتَ هتسيب كل حياتك وتركز معايا وكمان مينفعش أسيب ماما لوحدها من غيرنا إحنا الاتنين .
أغمض حذيفة عينيه ولم يعلق فأكمل الصغير بنبرة جادة
ـ الوضع دة مش مريح لينا كلنا ياحذيفة .. عيش حياتك زي ما بتحب لكن متحرمش إللي بيحبوك قربك ومتحرمش نفسك لحظات سعادة في قربهم .
ورفع أحد حاجبيه بينما رأسه تهتز برصانة غريبة على من في مثل عمره
ـ بلاش الماضي يضيع منك سعادة الحاضر والمستقبل .
أيضًا لم يعلق لكنه غرق بين أمواج صمت مشحون ، حمزة محق هو يدفن نفسه بين ذنب قديم وكينونة حاضر تكبله وتمنعه حتى الإحساس بالسعادة التى يتحدث عنها أخوه ..


................................
اللقاء الأول مسكر بل مُدغدغ لحواس الأنثى إذا مر بسلام يغرس السهام فتترسخ في عمق القلب كالأوتاد
استمرت المراسلات بينها صباحًا ومساءًا ، تتضمن تفاصيل صغيرة كانت كفيلة لخلق حالة من الألفة بينهما والتي أدت إلى ذلك اللقاء الفارق


ماذا تفعل ؟
نائم
وأنتِ ؟
لستُ نائمة
تحبين القهوة؟
أعشق الجوري !
شاركيني القهوة وأهديكِ الجوري ..
وتلاها غمزة و على قلبها تمردت الدقات وانحرفت في جيوش تعلن عصيان فأقرت

موافقة .


كان ضي المغيب يزور شرفتها و كانت هى تتأنق أمام مرآتها تضع آخر لمسات التبرج الخفيف
التقطت حقيبتها وغادرت غرفتها إلى موعدها المتفق عليه مسبقًا
أراحها اعتقاد أمها أنها ذاهبة للقاء صديقاتها أجلت تأنيب ضميرها لما بعد مطمئنة إياه بحجة أن التجربة من حقها ، هي تشعر بما ترسله عيناه حتى وإن لم ينطقه لسانه وبالطبع إغفال ذكر ما يحدث في جلساتها مع عزة في المدرسة والتهرب من محاصرتها أصبح واجبًا لتفادي توبيخها الحاد..
نفضت من رأسها تدفق تلك الأفكار مركزة حواسها في تلك اللحظة على السعادة التي اجتاحتها نتيجة ذلك الترقب الذي يدغدغ أطرافها ويسبب تسارع طفيف لأنفاسها ونبضات قلبها .
وصلت المقهى المتفق عليه وصفت السيارة ، ترجلت منها تنظر حولها باحثة عن طيفه على استحياء وكان هو في الطرف الآخر مستندًا بظهره على سيارته يرفع أحد أقدامه يسندها للسيارة خلفه والأخرى راسخة على الأرض وفي يده لفافة تبغه سحب منها آخر أنفاسها وألقاها بعيدًا نافثًا من دخانها سحابة
كم يعشق ذلك السحاب ..
لايدرك الكثيرون أهمية السحاب لدى عشاق الطفو !
عيناه لم تتركا مراقبة حضور الفاتنة من أول خطوة مترددة لها على الأرض بعدما فتحت باب السيارة وترجلت منها بحذاء راقصات الباليه ، ود لحظتها لو يتمسك بكفها ويتحكم في جسدها كي تدور في رقصة تنتهي بها فوق صدره !
واصلت عيناه ما تجيد من تفحص لقدماها إلى ساقيها المرمريتين وحتى حافة ثوبها الأزرق متوسط الطول بذلك الحزام اللعين الملتف حول الخصر وماذا عن السلسال الرقيق حول رقبتها الناعمة هل جذبه هو الآخر؟ !
رأى على وجهها كل أمارات التردد والترقب وكل ما فيها يستنجد به ضمنينًا أن خذني إليكَ أواتركني أذهب لكن لا تربكبني بهذا الصمت..
ويبدو أنه قد قرأ ما يجول بخاطرها فاتسعت ابتسامته تدريجيًا وعيناه رسمت لها طريقًا ممهدًا يظلله الأمان الذي يبعثر ثباتها ويدفعها بإرادة حرة نحوه وآه من عينيه حينما تبتسم تحتل ..
اطمأنت وتوجهت نحوه بخطواتها المغناج
تبًا فلتتوقف عن هذا الغنج العفوي ..
رد الخطوة بالخطوة وقابلها في منتصف الطريق
عندما ناوش عبقها أنفه توقف فلا داعي لأن يواصل هذه النقطة التي دومًا ما سوف يتوقف عندها !
إذا كانت تجذبه كما ينجذب النحل للرحيق فكينونته تشده للخلف وتغريه للتحليق ..
وهي تحشرجت في حلقها الأنفاس لماذا يكون حضوره هكذا قتال ..
أمال رأسه بزاوية جانبية طفيفة ولم يرحم ويعتقها دون أن يسبيها وهمس بتأكيد لا استفهام
ـ جيتِ !
وردت همسه بتنهيدة قصيرة مسبلة أهدابها ربما


هروبًا أو هدنة
ـ جيت !


ضحك من قلبه ويقسم أنه قد فعل ، تلك الفاتنة متلاعبة ولكنها مسكينة للأسف تلعب مع مؤسس قواعد اللعبة .
أشار لها بلباقة كي تتقدمه ففعلت
دلفت أمامه إلى ذلك المقهى الكلاسيكي ،سحب لها كرسيًا في طاولة جانبية مطلة على الحديقة ، كان قد حجزها مسبقًا متعمدًا اختيار مكانًا مريحًا لها ، جلست متشنجة فأشرقت ابتسامته المطمئنة وجلس أمامها لترتخي قسمات وجهها لبرهة قبل أن تتشنج مع أول كلمة نطقها وعيناه تترصدانها
ـ حلوة
احترقت وجنتاها وتلعثمت بينما عيناها تحتار
ـ هي إيه ؟
أجابها بتأكيد
ـ عيونك .
أسلبت أهدابها لا تقوى على مواجهة ذلك الحصار المربك
ولم ترد ليبادر هو
ـ تشربي قهوة تركي معايا ؟
أجابت بخفوت وعيناها تهربان
ـ مش بشرب قهوة بالليل ممكن عصير فريش .
أشار للنادل بما طلبا وعاد إليها
ـ ممكن أدخن ؟
أومأت بتهذيب فأشعل لفافة تبغ وعيناه لاتفارقان ملامح وجهها
ـ أنا عارف إنك بتحبي الجوري من قبل ما تقولي لي .
رفعت عيناها المتوجسة نحوه سائلة
ـ عرفت إزاي ؟
بابتسامة حلوة أجابها
ـ بلكونتك مليانة جوري .
ابتسمت بدلال فطري فعض شفته بتسلية ، أصبح موقنًا بأنها لا تدعي هذا الإغواء هو متأصل في تركيبها الجيني على ما يبدو ..
ـ بحب الجوري جدًا
تزين وجهها بينما تحكي بلوحة نادرة من الحالمية مستطردة
ـ الجوري مشاعره صادقة وبيخطف قلبي وروحي .
ارتفع حاجباه وزاد اتساع عيناه بدهشة ؛ النساء حالمات تورطن الرومانسية في كل شيء ورُغم يقينه بذلك إلا أنه رأها تماثل زهرة جوري في صدق مشاعرها المفتضحة في عينيها وعبقها الخاطف ولكن من مثله لا يُختطفون تمامًا بتلك السهولة ..
ارتشف قهوته تباعًا حتى انتهى منها و وصل عدد أعقاب تبغه المحترق أربعة وهي مازالت شاردة تتلمس أنامل يمناها حافة كأس مشروبها البارد فيما ترك لها كل الوقت حتى تسأل سؤالها الذي تنبأ به، صمتها ذلك ليس في صالح أي منهما فهي تترك له فرصته الكاملة لحفرها كلوحة نادرة في مخيلته ؛ لوحة حية ترفرف أهدابها وتمثل شفتاها نقطة ضعف صاحب الريشة والألوان ..


وأخيرًا تحايلت على الجرأة ورفعت عينيها إلي عينيه وسألت في حين لم تفارق أناملها الكأس
ـ إحنا اتقابلنا ليه؟
بسمة طفيفة ناوشت ثغره وعيناه ذات الوميض اللاهب أشعلت فيها النيران
ـ عشان برتاح وأنا معاكِ
ربااه هذا كثير
حيث لا تستطيع له احتمالًا ، انكمش جسدها في شعور غريزي يتوق كيانها لاحتماء من ذلك الطوفان الحارق ، وعيناها متعلقتان به تترجم حب غير منطوق و تسرد أطروحات العشق في مجلدات
أهكذا تكون أولى زهرات الفردوس !
بعد وقت قليل كان على الرصيف خارج المقهى أمام سيارته حيث انطلق يفتح حقيبة سيارته وهي تقف خلفه مأخوذة بحضوره ولا تشعر بما يدور حولها انتشلها من حالتها تلك عندما أخرج من الحقيبة إصيصًا كبيرًا تتراقص فيه زهرات الجوري مع موجات النسيم ..
صدمتها كانت جلية هو لم يهدها باقة كما توقعت بل أهداها النبتة نفسها
ضحكتها الرنانة جعلتها تختطف من دقاته إحداها عنوة ..
والدقة المسلوبة جعلت صدره يرتج متاهبًا لثورة
تلمست بأطراف أناملها الزهور في رقة تليق بالجوري وبها ورفعت عينيها إليه
ـ افتكرتك هتهديني بوكيه .
اعتدل بطوله الفارع أمامها لا يفصلهما إلا إصيص الجوري مؤكدًا بصوت أجش
ـ أنا بهديكِ الجوري عشان يعيش .
....................
وصلت إلى منزلها بعد ذلك اللقاء الصاخب وخلفها الحارس يحمل هديتها الأثيرة ، فتحت باب شقتها فوجدت والدتها متنظرة إياها ، أشارت الأم للحارس ودلته على باب الغرفة
أوصل الإصيص إلى شرفة ليلى وشكرته ممتنة ثم رحل ، وحينما أغلقت الباب كانت أمها الصامتة منذ البدابة ترمقها بتفحص ، ملامح صغيرتها تكاد تنضح بالسعادة ، وما زادها توجسًا هو تعمدها التهروب من عيني الأم
ترى هل ما تتوقعه الأم قد حدث ؟
كانت على وشك سؤالها مباشرة ولكن تعقلها غلبها لتسأل بنبرة محايدة
ـ اتأخرتِ ليه كل دة ؟ باباكِ سأل عليكِ مرتين قبل ما يخرج .
لماذا يحاصرها الجميع ولا يتركون لها فرصة لالتقاط أنفاسها ، حسنًا هي تعلم أنها تفعل جل الخطأ ولكن ألا يحق لها التجربة ولو لمرة !
زفرت بيأس وضيق
ـ أنا آسفة يا ماما الوقت سرقتي.
قالتها وكيانها يلتمس الهروب ،
وبالفعل هربت إلى غرفتها تاركة القلق يتأكل عقل وقلب أمها التي اقترب شكها من اليقين أن ابنتها تخفي الكثير ..
وفي غرفتها كانت ليلى تتلظى بنيران الذنب ، رُغم سعادتها الجلية معه إلا أنها حينما عادت للمنزل كانت مع نفسها وجهًا لوجه ضد ما ارتكبته من خطأ
وما يغضبها أكثر أنها تتوق لتكراره مرارًا وتكرارًا !
...........................................
وعلى عكسها كان هو متأخرًا بعد مناوشته لها على طريق العودة بالسيارة ..
تارة يسبقها وتارة يوازيها غامزًا إياها وفي النهاية كان خلفها حتى وصلت بسيارتها الحى وبعدها ذهب هو يجوب الشوارع حتى وصل بيت عائلته قبل وجنة أمه الغاضبة وتناقش مع والده في أمور تخص العمل وجلس مع أخيه قليلًا وها هو قد عاد إلى شقته بجوارها وجلس في شرفته معلقة عيناه بقمر السماء المستوي بدرًا وقلبه يخون فيجبرهما أن تحيدا نحو شرفتها ، الحيرة تحتل جوارحه والتبغ المحترق بين أصابعه يترسم كعروشًا فيشكل ضبابًا وكم ود لو صنع من تبغه سحابًا يعتليه!
وسؤالان لاثالث لهما يؤرقانه فلا يستطيع عنهما أن يحيد أيتقدم منها أكثر متنعمًا بالجنة بين أحضانها ويبذل في قربها أكثر ما يكره !
أم يزهدها نائيًا بنفسه عنها مكتفيًا بقمر السماء وسحابها مملكة !!
...........................................
راقد في فراشه وقد أصابه ما يشبه الجاثوم ، مقيدة أطرافه في شلل مؤقت لايقوى على رفع ذراع لمنع ماهو محتوم والخيالات حوله يراها مجسمة من ماضٍ محموم
والكلمات ترن في أذنه يتمنى للزمن عودة حتي يفتدي بروحه قلب أمه المكلوم ..
ـ أخوك مسئوليتك يا حذيفة خلي بالك منه
والمسئولية في غير أهلها يتبعها سقوط..
استيقط من نومه بإحساس وهمي أنه هو من سقط ، كان جسده مغطى بأنهار العرق وعيناه المتسعة تحملق في سقف غرفته ، كابوسه المتكرر يطارده أينما ذهب ،
عقدة ذنب
أو مسئولية كانت على عاتقه كبيرة فلم يتحملها ، النهاية أنه من وقتها كره الكلمة وما ترغمه عليه ..
نهض من فراشه وخلع عنه قميصه القطني المبتل بالعرق وبقي فقط بسرواله المنزلي، سحب كوبًا من الماء وأفرغه في جوفه دفعة واحدة ، التقط تبغه ينفث فيه مكنون صدره ، مابال العالم يضيق حوله ويخنقه ، خرج للشرفة عله يملأ صدره بهواء ليل نهايات الصيف ، ضرب صدره الهواء العليل فانتعش جسده قليلا ، كان القمر مكتملًا في وسط السماء فظل محدقًا فيه لوقت طويل ، كانت السماء رائقة نجومها البعيدة لامعة ..
في وقت كهذا ينتابه اليقين أن الأرض ليست مكانه ، انحرف بصره معاندًا نحو شرفة ليلى التي كانت مضاءة والحي هادئ تكاد ترن فيه الإبرة إذا سقطت ، وشرفتها المزدانة بأزهارها وعصافيرها كانت كجنة صغيرة لامعة بصخب يكاد يشق السكون هل للزهور لغة كما يدعون ؟
أما أن جمالها أخّاذ حد أنها كانت تحكي ..
وسط الجنة تلك كان هناك شيء صغير بارز من الشرفة مهلًا لقد كانا شيئين ،
ضيق عينيه مدققًا النظر لتتسع عيناه مع ابتسامته الجانبية ، دلف سريعًا إلى غرفته ، التقط هاتفه وعاد مجددًا إلى الشرفة فتح هاتفه فوجد الساعة قد تعدت منتصف الليل بدقائق قليلة ، هو الليلة بعد وجبته الساخنة كان في تمام التاسعة مستلقيًا على فراشه يناوش جفونه الوسن فنام واستيقظ بعدها ليجد تلك الشرفة حافلة بأهلها
أرسل رسالة قصيرة والشقاوة تكاد تتقافز من عينيه ..
..................
قبل ذلك بثوانٍ كانت ليلى مستلقية على سجادة وثيرة على أرض شرفتها تستند برأسها على وسادة وخلفها الباب مباشرة أما عن قدماها فكانتا مرتفعتين ومستندتين لسور الشرفة ولا يتعدى من السور سوى أطراف خفها المنزلي وحول جسدها تتراص زهور الجوري التي تعج بها الشرفة وبجانبها صحن من البطيخ البارد وشوكة صغيرة مع مثلجات الفانيلا التي تحبها ولوحة والكثير من فرش الرسم والألوان ، جلستها تلك مقدسة تكررها كطقس خاص بليلة ما قبل العطلة التى تصل ربما لبزوغ الفجر، كان هاتفها بجانبها كل بضع دقائق تتقفد برامج المحادثات وتغلقه فتعيده مكانه ومن ثم تعود للوحتها بوهيمية التفاصيل وفي إحدى المرات التي التقطت فيها الهاتف تحفز جسدها عندما فتحت برنامج المحادثات ووجدته بعد أربع ساعات كاملة من إغلاقه متصل الآن وبل ويكتب أيضا ، تهدجت أنفاسها وجف حلقها عندما وصلتها الرسالة
ـ نزلي رجلك .
هبت واقفةً وتبعثر حولها كل شيء، جسدها تصلب من الصدمة خصلاتها كانت متمردةً على غير عادتها وقميصها القطني قد تلطخ بألوانها ، عيناها كانت مفتوحة على أقصى اتساع لها ، أجفلها رنين الهاتف باسمه فاستدارت للخلف في عجالة إلى داخل غرفتها وأغلقت الباب خلفها بأيد مرتعشة ، توقف الهاتف للحظة ثم عاود الرنين ، ابتلعت ريقها بتوتر وردت هامسة بلا وعي دون اتنظار بعدما ضغطت خيار الرد
ـ أنت مش لابس هدوم !
ضحتكه العابثة وصلتها محفوفة بإيحاء ماجن
ـ قالع التيشرت بس ولابس باقي هدومي ، مالك أول مرة تشوفي حد قالع التيشرت ولا إيه ؟
ردت حانقة
ـ أكيد شُفت رجالة من غير تيشيرت و لابسين مايو بس ، لكن أول مرة أشوفك أنتَ كدة !
صمته نبهها أنها تغوص في حقل من ألغام فصمتت تقضم شفتيها بخجل ،
تحركت ذهابًا وإيابًا في غرفتها في محاولة لتدارك خجلها يائسة ، توقفت أمام المرأة تراقب تلك الحمرة التي كست خديها

وسألته بصوت متحشرج
ـ كنت فين ومكلمتنيش من بدري ليه ؟
ابتسم براحة على الطرف الآخر وأجاب ببساطة
ـ كنت نايم .
وبخته بلطف
ـ يعني طالع في البلكونة كدة وأنتَ لسة صاحي من النوم ومش خايف تتعب وكمان بتدخن!
وصلتها تنهيدته حارة
ـ لو مش عاجبك إني بدخن دخني معايا ..
كزت على أسنانها غيظًا وأجابته بغضب مكتوم
ـ ماشي المرة الجاية لما نتقابل لو مقدرش أخليك تبطل تدخين هدخن معاك ياحذيفة .
قهقه بشدة فازداد احمرار وجنتيها فهي لاحظت كما فعل تأكيدها أنها ستقابله مرة ثانية لأنه منذ اللقاء الأول اكتفى معها بالمحادثات الهاتفية مودعًا الكرة في ملعبها وها هي تسددها في منتصف المرمى مباشرة ...


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس