عرض مشاركة واحدة
قديم 29-03-20, 08:20 PM   #5

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني


"كلما كان الإنسان مدركا أنه لم يخلق ليعيش حياة وردية لا تنغصها هموم و لا أوجاع كلّما زادت قوته أكثر ......فيكون مستعدا نفسيا لا يفاجئه العجب العجاب ولا تخيفه الأهوال و الصعاب ...... فيُمضي العمر ما بين صبر و شكر متقلّبا....





مشفى (.......) الجامعي بالعاصمة


جالسة على أحد الكراسي في قاعة الانتظار وقد وهنت ركبتاها فلم تعد تقوى على الوقوف .... رغم الترقب الذي اتلف أعصابها إلا أن سكينة غريبة نزلت على قلبها منذ أن سمعت الخبر..ربما لأنها مستمسكة بشراع من الأمل .....أمل في أن يكون في الأمر التباس ما ...
أو ربما لسبب آخر يبدو أقوى و لكنها فضلت إقصاءه إلى أبعد جزء من عقلها ....بدى ما عاشته معه ليلة أمس كإشارة....
لم يسبق لهما أبدا أن تحدثا بشكل مباشر دون أي حواجز أو روادع فقد كانا دوما يكتفيان فقط بتبادل النظرات فيما بينهما وكأن كل طرف يخشى أن يفقد السيطرة إن هو نطق بما يؤرقه...فتكسر الخواطر دون قصد....لكن ليلة أمس ...بدت وكأنها....ليلة وداع....حيث فُكّت عقد الألسن وتصافت القلوب بشكل سحري...سحري للغاية تماما ....كخاتمة مسكيّة ...
رفعت رأسها تنظر إلى عمتها تماضر وقد أعادتها الممرضة للمرة العاشرة ربما لتنتظر إلى حين مناداتها ...لو لم يكن ليث يكبلها لقفزت على الموظفة المسكينة تخرمش وجهها بأظافرها ...
لم يسبق لها أن رأتها بحال كهذا من قبل ..كانت غاضبة ...غاضبة جدا لدرجة أن وجهها الأبيض الجميل كان مسودا بشكل مخيف....
جرها ليث محاولا السيطرة على قوتها الجسدية الرهيبة التي لا تمت بصلة لعمرها المتقدم يترجاها لتجلس قرب أمه فانصاعت بينما لسانها لم يكف عن الوعيد منذ ساعات مكررة نفس الكلام و قد جن جنونها تماما "و الله ثم و الله لأهدمنّ المشفى فوق رؤوسكم...لن ينجو أحد منكم .....أنا سأقاضيكم جميعا...جميعا......مجموعة من الملاعين...تنغصون على البشر حياتهم ...كيف تجرؤون على فعل هذا بي؟....خمس ساعات يا عباد الله......مئات الكيلومترات قطعناها إلى هنا بحجة أن ابني مات ؟".....تواصل بهذيان تخبط ركبتيها بيديها " ليس ابني .....ليس ابني...إنهم مخطئون .....الحمقى ....سأريهم ....سأريهم .....دعوني أراه ......"
وككل مرة وكأنها جالسة على الجمر تهبّ واقفة تنوي اقتحام المكتب غافلة عن ذهول الغادي و الرائح من حولها.....أمسكها ليث مجددا وقد زادته وهنا على وهنه ...عيناه المميزتان بزرقتهما البحرية المنعشة عادة استحال لونهما باهتا خامدا ....وجهه البهي المنير كان رماديا مغبرا يعكس الشعور الفظيع بالاختناق الذي كان يعتريه...
أردف بصوت ميت يجاهد ليخرج الكلمات من حلقه يحاول مهادنتها " اهدئي جدتي ....بعد قليل سنراه....لا تقلقي ...بإذن الله .....لن يكون أبي..."
سحبت يدها بحدة بالغة تتفحص عينيه بريبة ....تتقصى اليقين فيهما...وكأن ثورتها هذه تعكس أخرى تحتدم في داخلها متأرجحة مابين التصديق و الإنكار...بينما تتعاقب كل هذه المشاعر المتناقضة على وجهها.....قشرة رقيقة من الغضب يتخفى تحتها حيرة.... تشوش و ارتباك...
فتحت فمها عدة مرات و أغلقته وكأنها تبحث عما تواسي به نفسها لتحسم أمرها قائلة بهذيان مرتعش توزع نظراتها كالمجنونة هنا وهناك "ليس هو....ليس هو.....لابد أنه لص قد سرق محفظته... فظنوا أن وثائق ثبوتية الهوية الخاصة بأبيك تعود إلى الملعون الذي مات...إلى جهنم إن شاء الله"
هز رأسه موافقا يجاريها ثم أجلسها مجددا في مكانها يراقبها لا تسأم ولا تمل .....ولا تتعب أيضا ......تغلي وتغلي و تهذر فاقدة للسيطرة .... وكأنها قد تنفجر كقنبلة موقوتة إن هي همدت تنتظر بصبر.....
تذكر كيف فاجأته ردة فعلها حين هرول إلى غرفتها مباشرة يخبرها عن المكالمة المشؤومة .
توقع انهيارها بالنحيب و العويل إلا أنها انفجرت في وجهه تشد عنق قميصه تكاد تخنقه تكذبه و تكيل الاتهامات و الشتائم للمتصل المتعوس .....
لتزيد من دهشته أكثر حين قادته أمامها ليوصلها إلى المشفى بتكتم لتفعل اللازم (وتريهم النجوم في عز النهار كما قالت) ....
لكم يتمنى أن تكون افتراضاتها (المجنونة) حقيقية . ..هو أيضا بشر... حاله كحال أمه و جدته.... قد يفقد التفكير السليم العقلاني في لحظات مهولة كهذه فيفضل أن يجنح إلى التشبث بأمل واه بدل أن يصدق حقيقة مرة إلى أن يرى بأم عينيه....
رغم كل هذا الأمل الذي يسعى لاستنهاضه يظل خوف رهيب من مواجهة المحتوم محكما قبضته حول قلبه يعتصره عصرا ...فيتمتم بمرارة" رب اجعله خطئا....رب اجعله خطئا" مدركا أن هذا لن يفيده في تغيير الواقع شيئا غير صرف تفكيره الذي أتعبه باختلاقه دون توقف عشرات القصص و السيناريوهات المتناقضة والمضنية...


يُتبَـــــع


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس