عرض مشاركة واحدة
قديم 01-04-20, 05:18 PM   #2

noor1984

مشرفة منتدى قلوب احلام وأقسام الروايات الرومانسية المترجمةوقصر الكتابة الخياليّةوكاتبة،مصممة متألقة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية noor1984

? العضوٌ??? » 309884
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 23,038
?  نُقآطِيْ » noor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond repute
افتراضي




الفصل الأول
اهديني ورده , بدلاًمن قلبٍ فارغ !
- ليه يا ماما خدتي الورده مني .. دي لونها جميل أوي
هتفَ بها فتي في التاسعه من عمره قاطباً حاجبيه بطفوله مُمسكاً بجلباب والدته- التي إنتشلت وردته البيضاء منه- وعلي وشك البكاء .. ليُجيب والده ساخطاً وهو يدهس الزهره تحت قدميه ، ثم رفع سبابته أمام الصبي الصغير مُردفاً بعصبيه
- معندناش هنا رجاله تقعد تشم وتحب فـ الورد ... الرجاله ليها حاجات تانيه تحبها وتلعب بيها
تبدل وجهه الصغيـر واحتمي بجلباب والدته ،فأخذت تُربت علي ظهره ،، وازدردت ريقها بتوتر وتحدثت بخفوت
- ليـه يا حُسـام كده ، الولد لسه صغير ميعرفش ...
قاطع كلامها ومُقلتاه تشتعل غضباً ، ووجهه حديثه للصغير غير آبه بدموعه الذي بدأت في النـزول
- الظابط ميعرفش حاجه إسمها ورد !
- أنا مش عايز أبقي ظابط .. وهفضل أحب الورد
هتفَ بها فارس الصغير ثم إنطلق سريعاً لغرفته مُغلقاً الباب بقوه لينتحب بعدها علي فراشه ،،
اقتربت أميـره من حُسام ووجهت له نظره مُعاتبه وهي تُشير علي غرفه الصبي وتحدثت بهدوء
- ينفع كده يا حُسام ، ليه تزعقله كده وتكرهه في الوظيفه دي
تنهدَ بقوه ثم ارتخي علي الأريكه وهو يُدلك جبهته ، لينظر بعدها لغرفه فارس بخيبه قبل أن يولّي نظره إليها وهلي عكس عصبيته كان كلامه حانياً
- لازم يتعلم يبقي راجل وميستسلمش لأي حاجه مهما كانت ، أنا شايفه متعلق بالورد أوي
أماءت برأسها موافقه علي كلامه ، ثم جلست بجانبه ووضعت يدها علي كتفه ثم أدرات وجهه لتنظر لعيناه ، ومُقلتاها تكاد تنطق بعشقٍ دفيـن
- تعلمه إنه يبقي راجل ده شيئ كويس ، بس متحرموش من أي حاجه بيحبها .. لأن عُمر الورد ما قلل من الرجوله
هدأت ثورته التي سكنت صدره منذ لحظات ، وأمسك يداها المُوضوعه علي وجنتيه ثم تحدث بقـوته المعهوده
- أنا قلت لأ يعني لأ إبني هيبقي ظابط لما يكبر زيي وزي جده اللواء" مُختار الصعيـدي" .... إنما يحب ورد وكلام فارغ ، إستحاله!
ما إن أنهي جُملته حتي سحب مفاتيح سيارته وهبَّ واقفاً يتحاشي النظر لمن أضعفت قلبه يوماً واوقعته في عشقها حتي لا يرق فؤاده ويتنازل عن أمرٍ قد أصـدر -هو- فرماناً بإيقافه .
* * * * *

في الشقه المُقابله ، تعيش أسـره أخري وحياه مُختلفه .. فالمنزل لا يمتلك طفل بـل طفله يسبقها فارس بثلاث أعوام ،وأخاً كبيراً في الثالثه عشر من عُمره ، ورب الأسره ليس من تلك الجهه الأمنيه ، إنما طبيب يعمل بمشفي خاص ، والأم كانت ربه منزل لا تعمل ولم تُجبر علي ذلك ...
اجتعمت الأسره علي المائده للإفطار كعادتهم اليوميه ، فجميعهم لا يفوتـون فُرصه الالتقاء مع بعضهم ، لينعموا بالدفئ الأسري .. وما إن جلسوا علي الطاوله ، شرعت تميمه في الكلام قائله بنزق
- بابا إشمعنا كريم بيروح يلعب كوره مع صحابه وأنا لأ .. أنا عايزه أنا كمان
ربت عبد الله علي كتفها وتحدث بإبتسامه زينت ثغره لإبنته الصغيره المُشاغبه قائلاً برفق
- طب ما تروحي يا حبيبتي تلعبي مع صحابك الجيران هنا في العماره
هزت رأسها يميناً ويساراً ليتعجب هو من رفضها ، لتهتف بقوه ووجهها مليئ بالعناد عيناها السودواتان تشع إصراراً عما تريده
- لا أنا عايزه العب كوره زيهم
انفجر الكل ضاحكاً لتأخذها والدتها بين ذراعها وتقبلها من جبهتها ، ويُشاغبها أخيها بكلماته المرحه مُتحدثاً
- وماله هاخدك معايا تمسكيلي الشنطه اللي فيها حاجتي
احتقنت من الغضب ووجنتاها اصطبغت بالحُمره الشديد ، وكأنها علي وشك البكاء لتهب واقفه وتصيح بصوت عالٍ لكنهُ طفولي
- محدش فيكو فاهمني ، أنا هروح لفارس يعلمني
ثم ذهبت لحجرتها سريعاً وجلست علي السرير صدرها يعلو ويهبط بقدر غضبها ، لكن بعد دقائق قليله كانت ترتدي ثيابها التي انتقتها بعنايه .. فرغم صغر سنها تُحب أن تظهرَ بالمظهر اللائق أمام فارس ، وما إن إنتهت مما تفعله حتي خرجت لوالدتها قائله في عُمر فتاه بالغه وهي تُشير بيدها نحو الشقه المُقابله
- لمياء ..أنا هروح عند فارس شويه وهجيلك تاني
تقدمت إليها وعانقتها بحنان أموي ، لتتعلق تميمه بعنقها كما تفعل كل مره .. ثم هتفت لمياء بحنو وهي تُهندم ثياب الصغيره
- ماشي يا حبيبه ماما ، وأنا هحصلك كمان شويه
قبلت والدتها من وجنتها ، ثم انتقلت الي وجهتها تحديداً للشقه المُقابله ،طرقت الباب ولم تستطع رن الجرس كالعاده بسبب قصر قامتها فآثرت الحل الأخر وهو الطرق ، ما هي إلا دقيقه حتي فُتِح الباب وكان فارس الذي كانت أعينه حمراء من البكاء ، هتفت تميمه بذُعر وهي تقترب منه وتتفحص وجهه بدقه
- مالك .. ايه اللي حصل
أغلق الباب ثم اتجها للأريكه الموضوعه أما التلفاز شارحاً لها ماحدث وقبل أن تبداً تميمه في الكلام انتبها علي صوت أميره وهي تأتي بالحلوي التي صنعتها مُرحبه بتميمه الصغيره
- أهلاً أهلاً بالصغنن ، شوفي بقي أنا عملتلك سينابون زي ما كنتي عايزه
قفزت هي فرحاً وتقدمت منها وقبلتها علي وجنتها ، لتُتمتم بعدها بكلمه "شكراً" كما تعودت دوماً ، وهي تضحك بقوه .. لتنتبه بعدها علي فارس الذي كان يجلس مُتجهم الوجه .. أسندت الطبق علي الطاوله أمامها ، لتسألها أميره بود صادق
- هي ماما مش جايه ولا ايه
أجابتها تميمه وهي تُزيح عيناها من علي فارس -بجانبها - بصعوبه فهي تعلم كل ما عاناه وما سيُعانيه بسبب .. الـورد!
- ماما جايه كمان شويه يا طنط
هتفت أميره بحنو شديد وهي تتجهه ناحيه فارس وضمته لصدرها وقبلته لتراضيه ، ثم أردفت بإبتسامه زاهره تنم عن حنانٍ وفير
- متزعلش يا حبيبي بابا بس خايف عليك
صمت ، وكانت تلك طريقته في التعبير عن حُزنه وغضبه .. لم يجُيبها فتره لينتبه أنها والدته وليس والده
- خلاص يا ماما أنا مش زعلان
ضمته مره أخري ، ثم نهضت مُبتعده لتفتح الباب والذي لم تكُن وراءه سوي لمياء
رحبت الجارتان ببعضهما ثم جلسا يتحدثان قليلاً بعد اعداد كوب القهوه الرسمي الذي تستسيغه النساء أثناء الحديث
في الجانب الأخر
كانت تميمه تُربت علي كتفه وهي حزينه عليه أيضاً ، هاتفه برفق
- متزعلش يا فارس أنا هجيبلك ورده تانيه
ظل علي حزنه ، وأجابها بخيبه أمل ظاهره قهو يعرف ما سيحدث بعد ذلك
- هيرميها برده .. مفيش حاجه هتتغير
وضعت تميمه يدها علي كتف فارس تبثه أملاً وفي خُلدها الطفولي لا تعرف هل سيتحقق ام لا ، ابتسمت بمرح وهي تجذبه من يده ليقوم معها
وهتفت بسعاده
- طب تعالي معايا بقي ، وأنا هوريك حاجه هتعجبك
سار معها حتي شقتهم -الذي كان بابها كان موارباً - لتذهب به تميمه لغرفتها المطليه بلونها البنفسجي المُفضل وتقدمت من الكومود الموضوع بجانب سريرها وانتشلت ورده حمراء زاهيه من مياهه الموضوعه فيها ، وأردفت بصوت هادئ ونظرات حانيه وهي تمد يدها له بالزهره
- دي علشانك أخدتها من الورد اللي بابا جابه لماما خليها معاك ، وخبيها من باباك
هزَّ رأسه نافياً وهو ينظر للورده التي سحرت عيناه لونها الأحمر الزاهي خطف مُقلتاه ليشبع عيناه قبل أن ترجعها تميمه للمياه مره أخري ليهتف هو بقوه
- أنا مش بعمل حاجه غلط عشان أخبيها ، الـورد مش عيب يا تميمه
وضعت الورده بيده وعيناها مُثبته علي خاصته ، وتحدثت بإصرار .. وهي تُحايله حتي يأخذ ما يعشقه
- تمام قوله إنها معاك وإنك مش هينفع ترميها عشان هديه مني .. مش هيقولك حاجه
نظر للورده بين يديه وهو يتفحصها بدقه ، أوراقها المُتفتحه مثل ذكاءه ويقظه عقله رغم صِغر سنه، ملمسها الناعم كـ حنوه علي تميمه وتعامله برفق معها حينما تبكي واحتواءه لها كرجل بالغ ، رائحتها القويه التي كشخصيته المُستقيمه لا يعرف لوعاً ، يُنفذ كلمته حتي لو سيتعرض للعقاب ، إبتسم لتميمه التي لم تُفارق شفتاها البسمه ، ونظر أمامه وهو يضغط علي الـورده وكأنه يخاف أن تنفلت
* * * * *
الوقت الحالي
لقد كان الماضي مورداً ولكن الحاضر أصبح شائكاً بشظاياه المُبرحه ، وهل للورد شظايا؟
نظرت من العين الموجوده بـ باب شقتها وانتظرت حتي خروجه من المنزل ثم فتحت الباب سريعاً وكأنها صدفه ... التقت أعينهما في صمت خاصتها تُعاتبه وتخبره بحزنها وخاصته يُجيبها بأنه مازال علي رأيه ولـن يُغيـره
،أدركت أنه لا فائده مهما حدث فلقد بات صعب المِراس مُتقلب المزاج و قد فقد حنانه الذي كانت تعيش فيه طوال السنين الماضيه ببذخ ،وضعت عيناها أرضا ثم تحركت من مكانها ونزلت السلم في طريقها للكليه إذ سمعت صوته يُنادي إسمها الذي عشقته منه فقط
- تيمومتي !
خفق قلبها بعنف و بثباتٍ ظاهري استدارت له بوجهه خشبيّ جاهدت لتُبقيه ، وقفت صامته تنتظر ما سيقول ولم تنبس ببنت شفه علي أتمه الاستعداد أنه سيتلفظ بما يُعكر مزاجها ، تحدث هو كيفما انتظرته
- هتفضلي زعلانه مني كتير! ، انتي عارفه ...
قطعت كلامه حينما تولت هي زمام الحديث ، ومُقلتاها مُمتلئتان بالدموع ، فلم تستطع الصمود أكثر وقررت البوح بما اكتنزه قلبها الأيام التي تركها فيها
- اني مقدرش علي زعلك يا تيمو ، بالله عليكي ما تزعلي ... كل مره تقولي الكلمتين دول وترجع تزعلني يا فارس
اقترب منها وهي تحاول كفكفه دموعها التي بدأت في الهطول ، وهي من أقسمت علي ألا تنزلَ دمعه أخري من عينيها .. لكن الحُب أضعفها !
أردف بصوته الحاني الذي اشتاقته وهما ينزلان لأسفل حيث سيارته
- أنا أسف ، بس انتي عصبتيني زي كل مره .. انتي عارفه ان الموضوع ده اتقفل يا تميمه وهي لأ يعني لأ
نظرت له مطولاً ولم تتحدث ، انتظر هو ان تستقل السياره بجانبه لكنها ظلت مكانها ، نبهها سريعاً أن تركب لكنها نظرت له بقوه ثم ذهبت من أمامه ، اعترته حاله من الذهول وهو يراها تتقدم سريعاً وهو جالس في سيارته يلعن حظه العثر.
* * * * *

في أسوان
مدينه السمار والشمس الحنطيه ، الهدوء والراحه التي تسكن جوفك ، النسيم العليل الذي يلفح وجهك ، الألوان الرائعه للبيوت تسر أعين الناظرين ... وفوق هذا تتم عمليه شرسه بين خائنٍ و أحمق ظن أنه سيهدم وطناً قد بناه فراعنه ! من استطاعوا رص أحجاراً فوق بعضها بدقه مُتناهيه فهم مُهندسون بلا مُعدات ، وأطباء بلا أدوات-
- حسناً سيدي لقد تم ما أردت
آماء الطرف الأخر بإطمئنان وهو ينظر للثروه الطائله أمامه وهي تُرَش .. ضحكَ بإستمتاع وهو يتخيل رده فعل الناس من تفكيره الذي أهداه لخطه مُحكمه ستقضي علي قلوب العاشقين حتماً ، أردف بنبره واثقه وهو يستقل سيارته الفارهه مُرتدياً نظارته الشمسيه
- لا أريد أيه أخطاء ، البضاعه تُسلم كامله وسريعاً
- حسناً سيدي لا تقلق
انتهت المُقابله بيـن الخائن والفاسد الأخر الذي لم ينفك عن تطلعاته المشبوهه كتفكيره
زفر ا ببطئ وهو يري سياره سيده تبتعد وتمتم بعدها بقلق عصف بكيانه
- يارب سهلها
كم من المُخزي أن تذكر من حمي تلك الأرض وأن تُفسدها
يوماً ما كان الخائن جُزءاً من روحها , فحتماً للأموال دوراً في ذلك
* * * * *
ظلت تميمه علي حالتها حزينه شارده ، حتي أتت صديقتها نجوي لكنها ظلت كاتمه ما تُخفيه ، حتي وإن كانت نجوي أقرب صديقاتها فإنها لن تبوح لأي أحدٍ كـان علي سرٍ جمعها هي وفارس
- الجميل مالـه ؟ ، البيـه لسه مزعلك
أردفت نجوي بعنفوان ، فقلما في الفتره الأخيره تري تميمه سعيده .. حتي وإن كانت لبعض الوقت لا تدوم تلك السعاده الزائفه ، أجابتها تميمه وهي تغتصب بسمه علي ثغرها الكرزي
- مفيش يا نوجه ، أنا بس منمتش من إمبارح
وهل ذاقت النوم منذ أن تشاجرا ، كاذبهُ هي إن أجابت بالإثبات
- طب قومي عشان المُحاضره فاضلها خمس دقايق وتبدأ ، وأنا هعرف أخرجك من المود بمعرفتي
إبتسمت إبتسامه واهنه ، وهي تتساءل داخلها إلي متي هذا الأمر ،وكيـف سينتهي أكان عشقاً ذائفاً أم أن الـورد قد نضج و اغتر بلونـه الزاهي ورائحته الفواحه وأخرج شظاياه مُدافعاً عنه نفسه
انتبهت علي صوت نجوي وهي تُخبرها بفرحه عارمه أن المُحاضره قد ٱلغيت وساعتين حتي المُحاضره الأخري
- ده كده حلو أوي ، يلا نفطر أكيد مفطرتيش .. ونشوف مالك إنتي والبيـه بتاعك
نظرت لها شزراً فنجوي تُلقبه هكذا دائماً لتُعدل حديثها قائله بلطف
- انتي والأستاذ النقيب الباشا فارس ، كده حلو ياستي
اتسعت ابتسامتها شيئاً فشيئاً وهما تسيران معاً حتي جلسا علي طاوله ، تفاجئت نجوي بتميمه تضع يدها علي وجهها وتمسحه بعنف وتبعثر شعرها العسلي زافره بحنق وزيلت ما تفعله بتحدثها أخيراً ب:
- أنا زهقت يا نجوي ، خلاص مبقتش قادره أستحمل
تفحصتها نجوي بإشفاق ثم أسندت ما أحضرت أخيراً قبل أن تزدرد أخر ما في فمها ، وربتت علي كتف تميمه وهتفت بصوت هادئ عكس طبيعتها الثائره
- متزعليش هو أكيد هيكلمك لما تروحي، دايماً لما بيبقي هو اللي غلطان بيصالحك
وجهت تميمه نظرها لنجوي ، تنهدت ثم ابتسمت وأردفت بحسره دفينه أشعلت داخلها مزيداً من الذكريات المؤلمه
- خلاص .. الورد بقي بيشوك مبقاش يداوي زي زمان !
أسبلت نجوي عينيها في ذهول لما وصلت إليه صديقتها , لقد اكتفت مما حدث السنوات العديده التي قضتها معه والوعود التي قطعوا أشواطاً في برمها أصبحت اليوم رماداً مُتناثراً علي الأرض التي شهدت أخر وعدٍ بينهم
* * * * * - بس يا لمياء كده كويس أوي متحطيش دقيق تاني
هتفت بها أميره وهما في مطبخ شقتها ,يصنعان قالباً من الحلوي
وعندما كانتا مُنهكمتين في التحضير ..دخلت تميمه وألقت السلام تبحث عن والدتها
- ازيك يا طنط ..انتي هنا يا لمياء وأنا بدور عليكي
أجابت لمياء وهي تتفحص هيئه إبنتها المُزريه , فعيناها مُنتفختان من البُكاء وشعرها مُبعثر
- مالك يا روح ماما , عامله كده ليه
اغتصبت تميمه ابتسامه واهنه علي ثغرها , وأردفت بتعب
-مفيش اليوم كان طويل
ثوانٍ وكان باب غُرفته قد فُتح وخرج هو منه علي صوتها الذي سمعه وجعل قلبه يخفق سريعا ً , تقدم منها ولاحظت هي قلقه لكنها ظلت موجهه حديثها لوالدتها وأميره التي كانت تنشغل بين الحين والأخر بما تفعله
- طب خلاص أنا هروح أنام شويه علي ما تيجي
كانت ستسدير لولا أن صوته أوقفها و بالمثل قلبها تمردَ عليها لتقف وتنتظر ما سيُمليه عليها وهي ككل مره يوافق قلبها فتسعي خلفه
- تميمه ... تعالي الصالون عايزك شويه
- طيب
كلمه وحيده خلفها مشاعر ثائره وقلباً متوهج بعشق لم يُكلل بخاتم تحلم به ,أما عقلها فكان مسجوناً بكلماته المعسوله
- لسه بردو مش عايزه تفهميني
هتفَ بها بهدوء وهو يُراقبها بعينيه.... يداها التي ارتجفت جراء صوته عيناها التي امتلئت بالدموع إثر تذكرها , وتهدج شفتيها بالكلام حينما نطقت ب:
- انا دلوقتي فهمتك صح .. انت اتغيرت أوي يا فارس
قالت جملتها الأخيره وهي تنظر لعيناه بتمعن تحاول أن تستبق ما سيقوله رغم أنها تحفظه عن ظهر قلب إلا أنها تمنت أن يُفاجئها برد فعلٍ جديده .. وبالفعل !
- مفيش حاجه بتبقي علي حالها
تم ما أرادته , توقعت أن يصيح بها ويستغل جُملتها لصالحه , لكنه أجابها بهدوء غير مُعتاد .. ليأتي دورها وتصيح هي والدموع أخذت مجري علي وجنتيها الحنطيتين
- ازاي يعني أنا كنت مراهنه دايماً إنك الوحيد اللي هتفضل ومش هتتغير .. الإنسان اللي حبيته يتغير وعلي مين .. عليا !
استرعي انتباهه كلمه "حبيته " فحتي الأن لم يعترف أي منهما بمشاعره فقط يعرفان أنهما لبعضهما البعض ! لكـن كلمه حُب لم تُذكر حتي ولو بالخطأ , لكنها كانت قاصده لذا و بدون أن يرفَ لها جِفن , وبقوه نبعت من عيناها أكملت
- أيوه إيه مش عارفه إني بحبك .. والمفروض إنك كمان بتحبني ولا أنا غلطانه يا سياده النقيب , لو غلطانه في حاجه قولي ..
اقتربَ منها بتمهل محاولهً في إحتواءها من ثوره غضبها العارم , فأمسك يدها وهمس نحوها بحنو افتقدته لفتره طالت مُدتها حتي قصر صبرها ثم اختفي
- لا مش غلطانه في أي حرف بتقوليه ... أنا فعلاً بحبك ياتميمه ومش هسيبك
وكأن كلماتها الصارخه أفاقته من سكره تمرده وعنفوان كبريائه وأجلَّت الظُلمه التي كانت تُغشي عيناه لسنوات , لقد اعترفت بحُبٍ توجَ بصباهما ولم يُشعل فتيلته إلا الأن .. حسناً ليكون كل شيئٍ علناً قبل أن يضل مسعاه مره أخري
سمعها تُتمتم وهي علي وشك البكاء وقد تبدلت عيناها للفرحه بعد أن ظنت أنها لن تنال سوي خيبه أمل
- طب مجتش قولتلي ليـه يا فارس ؟ انت متعرفش كان نفسي اسمعها منك قد إيه
همس لها ببطئ وشفتاه تتحرك بالكلمه التي تمنت سماعها ولو مـره واحده , يقولها الأن بهيامٍ تبدي في عينيه التي عادا لحنانهما مـره أخري
- بحــبك يا تيمومتي
لم يتوقف عندها فحسب , بل ظل ناظراً لعيناها التي تشع حُباً .. وقلبهما-لذي يخفق كـ قلبٍ واحد - كأنه في ماراثون للسباق من يدق أكثر يدفع حُباً أكثر !
- ومستعد أعمل أي حاجه علشانك ,, ومش هرتاح إلا لما تكوني في بيتي
هدأت وأي هدوءٍ سلكته مشاعرها الثائره منذُ قليل لتتعلق برقبته فجأه وتتمسك به كطفله صغيره وجدت طريقها بعد أن ضلته , وتحدثت بصوتٍ هامس يعكس ما تحمله من حُب في طيات روحها
- انا بحبك أوي يا فارس ومش مُتخيله حياتي من غيرك.
* * * * *
في القاهره
كان حُسام يجلس بإستمتاع وهو يتذوق قالب الحلوي التي أعدته زوجته الثانيه " صفاء" !
كان شارداً لبعض الوقت وهو يري أولاده وزوجته الأخري التي تمني أن يُذاع زواجهما لكل من يعرفه .. انتبه علي صوت ابنه الذي لم يتجاوز الرابعه عشر من عُمره يُدعي ماجد
-بابا في رحله طالعه أسـوان وكنت عايز أروح مع زمايلي
انتفضَ حُسام بعنف وراقبت صفاء ذلك بشفقه فمن المُستحيل أن تذهب هي وأولادها إلي هُناك .. فلا يقترب هو من الشُعله ويقول تباً أحرقتني !
انتفضَ حُسام بعنف وراقبت صفاء ذلك بشفقه فمن المُستحيل أن تذهب هي وأولادها إلي هُناك .. فلا يقترب هو من الشُعله ويقول تباً أحرقتني !
أخذَ يتذكر لوهله كيف سيكون الأمر لو عرفت أميـره بأمر كهذا من المؤكد أنها ستنفصل .. وقبل كُل هذا سيندم أشد الندم , لا يُنكر أنه يُعامل صفاء كملكه طوال فتـره زواجهم إلا أنه لم يُحب سوي أميـره , ولو كان زواجه من صفاء لأنه أراد أن يبتعد عن تحكمات والده وأن ينفرد بنفسه خارج أقطار أحكامه ..
أفاق من شروده علي صوت إبنه يُعيد طلبه مـره أخري بصوتٍ راجٍ
- عشان خاطري يا بابا وافق زمايلي كُلهم رايحين وأنا نفسي أروح هناك
نظر لإبنه وهله , وإزدرد ريقه بصعوبه قبل أن يهتف بإبتسامه زائفه
- مش هينفع يا حبيبي حالاً , لما الأحوال تهدي في أسوان هاخدك انت وماما واختك ونروح هناك
قطبَ ماجد حاجبيه في عبوس , وهو يحاول بإصرار في كسب موافقه أبيه للذهاب لتلك المدينه الذي لا يعرف أنها مقر أبيه ونشأته
- يا بابا متخفش الرحله متأمنه كويس , وكل المدرسين معانا
تولت صفاء تلك المـره زمام الحديث فتحدثت بهدوء وهي لا تُزيح عيناها من طبقها أمامها
- يا حبيبي بابا ليه نا س كتير مش بتحبه هناك وأكيد مراقبينه ولو عرفوا ان في حد تبعه جه .. ممكن يحصل فيه حاجه
جحظت عينا ماجد بذهول فقد توقع أهون من ذلك , فما يكون أهون من الخيانه حتي لو كانت شرعيه !
فقد خان أماً لولـده الكبيـر التي أغدقته حُباً ودللته عشقاً ووهبت حياتها له .. ألم يكُن من حقها لو أخبـرها عن زيجته الثانيه ؟
أردفَ ماجد بخيبه أملٍ كانت بعدما سمع بأسباب والـده
- خلاص يا بابا مش لازم الرحله دي , هستني ونروح مع بعض
تدخلت الصغيره الذي لم يتعدَ عُمرها الست أعوام قائله وهي تمد شفتيها بحنق طفولي لم يخلُ من تقطيبه بين حاجبيها الرفيعين
- انت كُل مره تقول هنروح في حته يجيلك شُغل وتسافر .. قولي معاد عشان اجهز نفسي فيه
تعالت الضحكات إثر كلام الصغيره , فتحدثت صفاء مُربته علي كتفها
- متقلقيش يا مي هنروح المرادي يعني هنروح .. لقد نفذ الأمر
ابتسم حُسام وقد انتابته غُصه في قلبه وبدأت إبتسامته تخف تدريجياً .. فهل سيحين الوقت ليذهبوا الي أسوان , أم سيظلوا هنا بعيداً عن الأعيـن
لو عاد بـه الزمن لما فعلها وتزوجَ من أخـري , لامَ نفسـه بشده وأخذَ والده نصيباً من اللوم فما فعل ذلـك إلا ليخرج عن طوع والده , وتدخله في زمام أموره .. حتي وإن كان يأمره بالصواب ... فلا رجعه لكلمـه أبيه إذا نفذت !
نهضَ من مجلسه وسار بإتجاه الغُرفه وقلبه مكلوم , نظر بتمعن لعائلته الثانيـه , وأخرج هاتفه من جيبه وضغط علي رقم أسماه " أميرتي" , وما إن إستجاب الخط الأخر غلف صوته الشوق وهتف بـ
- وحشتيني يا أميـره .



التعديل الأخير تم بواسطة Fatima Zahrae Azouz ; 01-04-20 الساعة 05:53 PM
noor1984 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس