عرض مشاركة واحدة
قديم 03-04-20, 06:58 AM   #62

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل الرابع عشر

________


تخرج من الحمام تنشف وجهها بفوطة قطنية .
ووجهها محمر للغاية .
لتبدل ملابسها ببطء ثم تستلقي بوهن بعد أن فتحت شعرها .
غطت جسدها بالبطانية ترتجف من شدة البرد ، ثم من تلك الذكرى المرة .
تلك الليلة ..
قبل عودة عايض بيوم واحد .
علمت مسبقا من نجد ، أنه آتٍ وفي نيته أن يحدد موعد الزواج .
لذا واتتها فكرة بدت جريئة بالنسبة لها ، إلا أنها لم تتردد على الإطلاق .
لم يقصر عليها عايض بشيء طوال السنتين الماضيتين ، بينما هي لم تتمكن من إهدائه أي شيء .
كانت بشرى للتو انتقلت إلى المدينة ، ولم ترغب بالاستعانة بنجد كون عائلتها أيضا منشغلة بالتجهيز للإنتقال .
لم تبقى سوى فتاة واحدة ، ابنة عمها أسيل شقيقة سلمان .
والتي نكبرها سنتين ، لذا كانت علاقتها بها جيدة .
امتنان يُمنى العظيم لسلمان لا زال موجودا في قلبها ، لم تنوي نسيانه ومساعدته لها حتى آخر عمرها .
لذا حقا وكما توقع عايض ، كانت تأمن جانبه بالرغم من معرفتها لأخلاقه الغير جيدة .
كانت تظن وتعتقد في نفسها أنه يعاملها كما يعامل شقيقاته ، سيحميها من الغرباء كما يحمي شقيقاته ، وكما أنقذها من قبل .
وبالرغم من منع عايض لها إلا أنها ثقتها الحمقاء والغبية بسلمان جعلها لا تخشاه مطلقا .
نعم تلك الليلة طلبت من أسيل أن تأتي إليها وتساعدها .
تأخر الوقت ، وصارت الساعة تشير إلى الحادية عشرة مساء ولم تأتِ أسيل .
اتصلت بها مرارا وتكرار ، أرسلت إليها الكثير من الرسائل النصية .. ولكن الأخرى كان هاتفها مغلقا ، فلم تجب أبدا .
كانت متوترة وخائفة ، مترددة للخروج من المنزل والذهاب إلى أسيل .
ربما لديها ظرفا منعها من المجيء!
هي أيضا أمرها لا يحتمل التأجيل ، فعايض قادم بالغد .
وهي تريد أن تفاجئه وتسعده .
كانت أمها نائمة لحسن حظها أو سوءه !
ارتدت عباءتها وخرجت من غرفتها على مهل ، تحمل حذائها بيدها .
سارت على أطراف أصابعها تبتلع ريقها كل حين بخوف ، تدعوا من قلبها ألاّ تستيقظ سمية وتخرب مخططها .
متأكدة أن أمها ستكون نائمة بحلول الآن .
وصلت بجانب الباب أخيرا ، فتحته بحذر وخرجت لترتدي حذائها وهي تحمد الله أنه لم يوجد أحد .
بنفس الوقت ، هالها رعب الهدوء والظلام .
لتغمض عينيها وتتنهد تحاول تهدئة ضربات قلبها المتسارعة .
كونها لم تخرج بمفردها منذ زمن طويييل ، خاصة هنا في ممرات الديرة وإن كانت واسعة ، فهي تبدوا مخيفة للغاية .
شهقت بفزع حين سمعت صوت أحدهم ينادي بإسمها / يُمنى ؟
التفتت إليه تتنهد براحة / سلمان كويس جيت .
اقترب منها عاقدا حاجبيه باستغراب / وش تسوين هنا بهالوقت ؟
يُمنى / أسيل من زمان أتصل فيها ما ترد عليّ ، وأرسلت مليون رسالة برضوا ما ترد وأنا محتاجتها ضروري ، أبي أروح أشوفها .
صمت سلمان قليلا كأنه يفكر ، رفع رأسه حين قالت بترجي / تكفى تعال معي والله خايفة مرة ، تدري من زمان ما خرجت لوحدي كذا .
ابتسم سلمان بهدوء / أبشري ، بس ترى مثل ما قلت لك من زمان ما عاد في داعي تخافين لهالدرجة .
هزت كتفيها بقلة حيلة / مو بيدي ، يلا سلمان تكفى قبل لا تصحى أمي وتدور علي .
هز رأسه إيجابا وتقدم الطريق ، تمشي هي خلفه تلتفت يمنة ويسرى .
خشية أن يحصل مثلما حصل سابقا !
حتى وصلا يجانب منزل عمها والد سلمان ووقفا أمام الباب ، استغربت من سكون المنزل الواضح حتى من الخارج .
أجهزة التكييف كلها مغلقة ، والأنوار كذلك !
حينها مرّ بها شعور غريب ، وارتجفت من مجرد نسمة هواء خفيفة حتى والجو شديد الحرارة .
فتح سلمان الباب بمفتاحه ثم التفت إليها بابتسامة / تفضلي .
ارتعد قلبها بخوف من ابتسامته التي بانت وكأنها خبيثة للغاية ، لتعود خطوة إلى الوراء تبتلع ريقها تقول بارتباك / لا خلاص بكرة برجع لها من بدري ، أخاف أمي تصحى وما تلقاني .
سلمان / ما دام جيتي ادخلي مو تقولين عندك شيء ضروري معاها ؟ ليش ترجعين ؟
هزت رأسها نفيا عدة مرات بريب وهي تتأمل وجهه المليء بالخباثة والقذارة .
وكأنها للتو تدرك حقيقته !
وأنه معروف بعدم صلاحه في عائلتهم .
تسمع تحذير عايض ، ومنعه لها من الإقتراب منه مجددا .
وكلام سلمان نفسه ، حين كان يحاول تشويه صورة عايض بعينيها ، بقوله أنه تركها وأنه لا يرغب بها من الأساس .
لذا من الأفضل أن تتركه .
نزلت السلم الأول تقول بسرعة / برجع بكرة .
وكأن سلمان علم من صمتها بما تفكر به وقرأ أفكارها .
لتتفاجأ به يمد يده نحوها ويقبض ذراعها بقوة .
فتطلق صرخة فزعة وهي تحاول تحرير ذراعها من يده القوية .
لم تتخيل أبدا ولم تتوقع ما حصل بعد ذلك !
حين سحبها بقوة حتى أدخلها المنزل المظلم وأغلق الباب خلفه متجاهلا صرخاتها العالية .
جذبها إلى مكان بعيد لم تعرف أين .
بسبب الظلام ثم خوفها ورعبها الشديدين ، وهي تتذكر ما حصل قبل 6 سنوات تقريبا .
لقد كان المنقذ لها ، ماذا يحصل الآن ؟
شعرت بجسدها يقشعر حين ضمها إليه بقوة كأنه يحاول السيطرة عليها ويسكن حركاتها ، ليهمس بأذنها / حاولت أكسبك وأكسب قلبك بالطيب يا يُمنى عشان أتزوجك ، لكن انتي غبية ، غبية لأنك تحبين هالعايض اللي ما عمره التفت لك ولا قدرك ولا عرف قيمتك .
دفعته بقوة إلى الخلف حتى سقط جالسا ، وحاولت الإبتعاد عنه والهروب ووجهها غارق بالدموع .
إلا أنها لم تتمكن من فعل ذلك على الإطلاق .
حين نهض مسرعا وأمسك بها مجددا .
حاولت أن تقاوم بكل ما تملك من قوة ، إلا أنها لم تتمكن .
لا تدري ماذا حصل وهي تصرخ وتبكي ، تشعر بالدوار الذي أفقدها التركيز والقوة للمقاومة أكثر .


لا تدري كم مر من الوقت ، حين فتحت عيناها مجددا .
والظلام لا زال يحل بالمكان .
نهضت والألم يكاد يطرحها أرضا ، الخوف والفزع جعلاها تبكي وتشهق بصوتها العالي .
اقتربت من الحائط بحذر تتحسسه حتى شعرت بالأزرار لتشغل الأنوار .
كانت الغرفة خالية .
والتي لم تكن سوى غرفة ذلك الحيوان القذر سلمان !
أسرعت نحو عباءتها وارتدتها وهي بالكاد تبصر ما أمامها من فيضان الدموع ذلك .
خرجت من الغرفة بخطوات سريعة ، مستغربة من الصمت الذي يعم المنزل .
أين عمها ؟ زوجته وأبنائه ؟
استقرت أخيرا بخارج المنزل .
لتعود إلى منزلهم بخطوات أقرب للركض وهي شبه منهارة .
تشعر أنها على وشك السقوط .
لا تدري حتى كيف كان ذلك الشعور .
بل مشاعر عديدة .
أعظمها الخوف ! ثم التقزز !
وصلت أخيرا إلى المنزل ، لتفتح الباب ببطء وحذر كما فتحته .
تقدمت إلى الداخل وهي ترتجف تحاول كتم شهقاتها بقدر المستطاع .
وصلت إلى الصالة بعد أن خلعت حذائها في الخارج ، صعدت إلى الأعلى بصعوبة وهي تتعثر وتسقط ثم تنهض وتتعثر مجددا !

_______


بعد أن سمعت تلك العبارة الغريبة من شذى ، صارت كأنها بداخل دوامة من شدة الحيرة التي تملكتها، ومن شدة الخوف أيضا .
حتى أنها لم تتمكن من التفاعل مع قريباتها وهن يرقصن من أجلها ويضحكن.
ادّعت الخجل والإحراج ، بينما قلبها يشتعل من القهر وهي تنظر إلى تلك الباردة بين الفترة والأخرى .
لتجدها ترمقها بنظرات غريبة ومخيفة أيضا .
ماذا كانت تقصد بالله العظيم ؟
لا تدري كيف مر الوقت حين أتت إليها عواطف تخبرها أن زوجها يرغب برؤيتها !
زوجها ؟ زوجها ؟ كم بدت تلك الكلمة غريبة ومفجعة بذات الآن ، وهي ترفع رأسها وتنظر إلى عواطف بعينين متسعتين وقلبها يرتجف من تلك المشاعر الفوضوية التي تشعر بها .
كلما رغبت به في تلك اللحظة ، أن تلجأ إلى حضن أمها وتختبئ هناك كي لا يؤذيها أحد ، كما كانت تفعل دائما حين كانت صغيرة .
الآن والدتها كبرت وصدرها مثقل بالهموم من أجل ابنها المسكين عمر !
ومن أجلها هي ، ثم من أجل الصغيرة رند .
كيف لها أن تعود إليها الآن ؟ خشية إيذاء من فرحت لأنها سترتبط به ، لظنها أنه سيكون مناسبا لها ، ثم تسمع هذا الحديث الغريب من ابنة عمه المغرورة ؟
رفعت رأسها مجددا حين نبهتها عواطف / نوف ؟
نوف بضياع / هااه ؟
عضت عواطف شفتها بحيرة لتمسك بذراع أختها وتساعدها على النهوض ، ثم خرجتا إلى الخارج وهي تسحبها خلفها بلطف .
وقفت عواطف أمامها تتفحص ملامحها ثم سألتها بهدوء / نوف ، قولي لي الصراحة ، انتي راضية ؟
نوف باستغراب / ليش هالسؤال الحين ؟ لو ما كنت راضية ما وقعت أساسا .
عواطف بجدية / بس وجهك يقول شيء ثاني ، خليني أًصارحك ، انتي تصرفاتك صايرة غريبة مرة ، قاعدة تصدميني وتخوفيني عليك ، طول الأسبوع وأنا قاعدة معك وأساعدك للملكة كنتي مبسوطة ، لكن فجأة تمر عليك أوقات أشوفك فيها سرحانة وشايلة هم ووجهك أسود كأنك خايفة من شيء ؟ نفس الشيء اليوم كنتي طايرة من الوناسة فجأة أشوفك تبكين ، بعد كذا ضحكتي في الزفة ثم انقلبتي فجأة كمان ؟ إيش قاعد يصير معك ؟
شرد ذهنها مجددا وهي تنظر إلى وجه عواطف ، لتصدمها بسؤالها الغير متوقع / ليش تخليتوا عني ؟
اتسعت عينا عواطف بصدمة / شلون ؟
أدمعت عينا نوف / ليش كلكم رحتوا بعد ما ماتت رند ؟ ليش تركتوني لوحدي ؟
فتحت عواطف فمها لتجيب ، إلا أنه لم يكن هناك أي كلمة تسعفها للرد .
لتنظر إليها نوف بإحباط ثم تغادر من أمامها بصمت ، متجهة حيث المجلس الذي ينتظرها به ليث .
حزنها العظيم تبدد ليتحول إلى ارتباك قوي وتوتر.
لتبتلع ريقها وتقبض كفيها وتذكر الله ثم تدخل.
كانت تنظر إلى الأرض حتى دخلت وأغلقت الباب خلفها ببطء ، التفتت بعد ذلك ورفعت رأسها لتقع عينيها بعينيه .
كان مبتسما ووجهه منير ، لتبتسم هي بارتباك وتقترب وأنفاسها محبوسة.
توقفت في المنتصف من شدة التوتر ولم تعرف ماذا عليها أن تفعل .
تفهم هو موقفها ليكمل الطريق الباقي إليها ، حتى وقف أمامها وأمسك بكفيها .
ارتجفت يدها التي سحبتها فورا وعادت خطوة إلى الخلف عاقدة حاجبيها .
استغرب ليث ينظر إليها ثم يسأل حين شعر بها غاضبة / فيك شيء ؟
عضت شفتها السفلية بتوتر ثم قالت بصوت منخفض / قبل لا تقول شيء ، ودي أعرف وش كان بينك وبين بنت عمك شذى .
اتسعت عينا ليث وهو يسمع هذا السؤال الغير متوقع على الإطلاق !
ويبدوا أنها هي أيضا ندمت على تسرعها .
حين صار صدرها يعلوا ويهبط من الانفعال ومن المشاعر الفوضوية في قلبها .
كان الارتباك واضحا بوجه ليث وهو يقترب منها مجددا ويمسك بذراعها برفق قائلا بهدوء / طيب تعالي اجلسي بقول لك كل شيء .
ازداد الحنق والغيظ في قلبها بعد سماعها ما قال !
كل شيء ؟ هل هناك كل شيء أيضا ؟
ليس شيء واحد بسيط لا يستدعي كل هذا القلق والخوف والغضب !
جلست على الأريكة وجلس هو بجانبها ، كانت تنظر أمامها بذهن شارد .
أما هو فكان يتأملها هي ، يشعر بالغضب تجاه شذى التي نفذت تهديدا أطلقته منذ أكثر من ست سنوات !
تلك الفتاة كيف لها أن تكون خبيثة إلى هذا الحد ؟
حتى تجرح هذه المسكينة وتفسد فرحتها بهذا الشكل ؟
هذا الوجه بملامحه البريئة لا يستحق كل هذا الحزن المرسوم عليه أبدا .
تحدث أخيرا / تدرين اني كنت ساكن في بيت عمي قبل ؟ وهم ربوني بعد وفاة والديني ؟
أومأت برأسها بصمت .
كان مترددا قبل أن يكمل / لما كبرت شذى وهي بنتهم الوحيدة ، وكنت أنا بعد شاب ، عمي أجبرني أعقد على بنته عشان أكون محرم لها ولا أضطر أخرج من بيتهم .
لم تكن تلك صدمة عادية أبدا حين وقعت بقلب نوف ، وهي ترفع وجهها وتنظر إليه فاغرة فمها بذهول .
أكمل ليث بضيق / كان مجرد عقد نوف ، كانت توها مراهقة وأنا بعد كنت مجبر ، عمي ما كان يسمح لي أخرج وأنا طالب في الجامعة وأبوي وصاه علي ، ما كان بيرضى اني اشتغل وأدرس بنفس الوقت ، لكن بس تخرجت من الجامعة وتوظفت تركت البيت وخرجت ، ما قدرت أتقبل شذى كزوجة ، بس خرجت من بيتهم طلقتها .
لا زالت نوف تنظر إليه بذهول ، قبل أن تغلق فمها أخيرا ببطء وتسأل / بس كذا ؟
ليث / إيه ، هي وش قالت لك ؟
أجابته بصعوبة وهي تغلق عينها وتنحدر دمعة يتيمة على وجنتها / قالت انك لسه تحبها وانك تزوجتني عشان تقهرها .
انصدم ليث ليسرع ويمسك بكفها مجددا وكأنه يرجوها أن تصدقه / لا والله انها تكذب ، أنا ما أكن لها أي مشاعر ، ولا كنت أهتم فيها من قبل .
رقت ملامحها أخيرا وهي تمسح دمعتها وتلتفت إليه / طيب ليش ما قلت لنا انك مطلق ؟
ليث بجدية / ما كانت علاقة جادة يا نوف ، ما كنت مهتم فيها أبدا ، يعني ما كأنها صارت أبدا .
لم يكن ذلك عذرا مقنعا لنوف على الإطلاق ، لذا تأملت وجهه بصمت تتحدث إلى نفسها ( انت خدعتني قبل لا نرتبط حتى ، عشان كذا من الحين ما عاد راح أحس بالذنب وأنا أسوي اللي قالت لي عليه هيفاء ).
نهضت نوف تقول بهدوء بعد أن ابتسمت رغما عنها / أستأذنك بروح غرفتي ، حاسة بتعب .
نهض ليث أيضا على الفور ليحاول إيقافها ، إلا أنه لم يتمكن .
حين مشت سريعا وخرجت واختفت من أمامه .
جلس على الأريكة ذاتها مغمضا عيناه بضيق .
لقد نسي الموضوع تماما ، ولم يأخذ تهديدها على محمل الجد .
لم يتوقع أبدا أن يصدر هذا الفعل من ابنة عمه !
كيف تفسد فرحته بهذه الطريقة ؟ وتكسر قلب تلك المسكينة !
التي ربما لم تقتنع أبدا بما قاله هو .


حقا ، نوف لم تقتنع .
بل ظلت طوال الليل وبعد صعودها إلى حجرتها تبكي كما لو أنها تتقلب على فراش من نار .
بعد أن خرجت من عند ليث ، عادت إلى مجلس النساء ترسم على شفاهها ابتسامة مزيفة .
وأرغمت نفسها على مجاراة قريباتها وهي ترقص معهن .
بل تركت كل الخجل لتغيظ تلك الـ شذى التي رغبت بإفساد فرحتها .
ومن أجل والدتها أيضا .
لينا التي شعرت أن هناك شيء ما بنوف ، لحقت بها حين استأذنتهم للصعود إلى حجرتها .
سألتها مرارا وتكرارا إلى أن الأخرى لم تخبرها بشيء .
أسكتتها قائلة بأنها مرهقة فقط لا أكثر .
تشير الساعة الآن إلى الواحدة ظهرا .
لم تخرج من حجرتها منذ أن دخلت إليها بالأمس ، لم تتناول شيئا على الإطلاق .
نعم تشعر بالجوع ، ولكن شهيتها مسدودة ولا تعتقد أنها ستتمكن من تناول شيء أبدا .
شعورها بالخذلان والإحباط يقيدانها تماما .
في حياتها كلها لم ترَ أحدا سوى عايض .
كان يعجبها بطيبة قلبه ، وشخصيته القوية والملفتة ، غير وسامته بالطبع .
إلا أنها حين علمت أنه من المستحيل أن يلتفت إليها حاولت أن تنساه .
والآن ، حين كانت ترفض فكرة الزواج حتى لا تضطر لاستغلاله من أجل إرضاء هيفاء .. أتى وبدد كل تلك المشاعر.
كانت سعيدة للغاية .
مرتاحة جدا .
لتأتِ تلك العبارة وتكسرها تمام ، فوق خوفها وقلقها وتوترها!
ذلك هو التحطيم التام بالتأكيد .
كيف ستنسى ؟ كيف ستقتنع بما قال ! كيف تمرر عليه ذلك الأمر ؟
كيف خبأ الأمر أصلا عن أخوها ؟
حسنا لتقتنع هي وتسامحه على عدم إخباره لهم بالأمر ، كيف بعائلتها !
ألن تغضب إن علمت فيما بعد ؟


______

يترجل من سيارته بعد أن أوقفها أمام منزل عم والده.
يشعر بشيء من عدم الراحة والتوتر .
لم يرغب بالمجيء أبدا بعد أن فاتحه والده بالموضوع ، أكثر من مرة .. ولكن دون إصرار .
ثم إنه لا يدري كيف سيقابل عايض ويخفي عليه ما تنوي يُمنى فعله !
كيف سيكذب عليه ويتظاهر أمامه أن كل الأمور على ما يرام ؟
عايض من أصرّ عليه وأجبره على القدوم بعد أن علم أنه هنا في مدينتهم .
لذا لم يتمكن من الرفض .
أخرج من المرتبة الخلفية ما جلبه من حلويات وبعض الأشياء .
ليحملها بصعوبة بيد واحدة ، حيث أنه لم يخلع الجبيرة بعد .
التفت إلى السيارة التي توقفت للتو .
ليجد بنات راشد ينزلن من السيارة .
اتجهت لينا إلى الداخل على الفور ، أما ضحى فوقفت تسلم عليه وتسأل عن حاله ثم دخلت .
كانت نجد آخر من تنزل من سيارة السائق ، لأول مرة راوده شعور غريب وهو يراها أمامه تماما .
ارتبكت نجد أيضا ، لم تتوقع رؤيته قريبا بعد أن طلق طيف .
شعرت بقلبها يخفق بسرعة ، تتردد على مسامعها تهديدات طيف وهي تظن أن مساعد حقا اتفق معها ليفضحاها سويا !
وأن مساعد أيضا يحبها !
ليت ذلك كان حقيقيا يا طيف .
ابتسمت تقول بهدوء / كويس لحقت أتحمد لك بالسلامة قبل تفك الجبيرة ، حمد الله على السلامة .
ضحك مساعد / الله يسلمك ، من وين جايين بهالوقت ؟
نجد / كنا في بيت خالتي قعدنا عشان نساعدهم وننظف البيت بعد حوسة الملكة ، عاد خلصنا ونمنا وما قمنا إلا الحين .
سألت وهي تنظر إلى يده / متى بتفكها ؟
مساعد / بعد كم يوم إن شاء الله .
وقعت عيناها على يده التي تحمل الكثير من الأشياء / يووه قد إيش شايل أشياء هاتها عنك.
اقتربت منه بسرعة تمد يدها نحو الأكياس لتأخذها.
إلا أنها أسقطتها كلها حين شعرت بيدها تلمس يده دون أن تشعر .
ارتدت إلى الخلف قليلا تبتلع ريقها بتوتر .
ثم انحنت تحاول التقاطها مجددا ، ليوقفها / خلاص خليها أنا بأخذها .
أكملت دون أن تولي كلامه أي اهتمام وضربات قلبها تتسارع .
توقفت يدها في الهواء حين سمعت سؤاله الغير متوقع / سمعتِ شيء من طيف ؟ قالت لك شيء ؟
أغمضت عيناها بألم ثم نهضت لتسأل ببرود / لسه مهتم ؟
أخفض مساعد بصره يتنهد بضيق / إذا تبين الصدق أنا ماني مهتم ، بس الموضوع قاعد يزعجني إلى الآن ، ما كنت أدري هالأشياء عنها عشان كذا كنت جاد معاها وكنت أشوفها زوجة حقيقية ، ولو كانت الفترة قصيرة إلا اني بديت أتعلق فيها .
عضت باطن شفتها السفلية بمرارة ثم قالت بهدوء / ما قالت شيء بس تهددني تقول أنا السبب ، وبس .. عن اذنك بدخل .
مرت من أمامه سريعا لتدخل وتترك الباب مفتوحا من أجله .
وضعت الأكياس على الطاولة الموجودة بالصالة ثم أسرعت بالصعود إلى غرفتها .
تشعر بالدموع تحرق عينيها ، والمرارة تملأ حنجرتها .
حتى دخلت وأغلقت الباب خلفها بالمفتاح ، خلعت عباءتها بشيء من العنف وعلقتها على المشجب بغضب .
ثم مسحت دموعها بقوة تنهر نفسها / عمره ما حس فيك ولا راح يحس يا غبية انسيه .
أغمضت عيناها بقوة للمرة الأخيرة تخرج الدموع المتبقية ثم تنظر إلى أصابعها حيث لمست يده !
لتضحك بعد ذلك بسخرية على نفسها .
أخذت هاتفها الذي وضعته على السرير للتو ، لتتأفف وهي ترى اسم طيف مجددا !
هذه الفتاة لا تسأم أبدا من إطلاق تلك التهديدات السخيفة ، على الإطلاق !
حسنا ليس أمامها خيار آخر سوى حظرها من جميع الحسابات لكي لا تزعجها مجددا .
فتحت الرسالة بملل ، إلا أن ما رأته جعلها تشهق بقوة وتقف في مكانها بعينين متسعتين من المفاجأة والخوف ّ!
كيف ؟ كيف فعلتها هذه الطيف ؟
كيف تمكنت أصلا من الدخول إلى قائمة الصور الموجودة بجهازها حتى تمتلك هذه التي أرسلتها إليها ؟
الصور الخاصة بها والتي لم ترسلها إلى أحد على الإطلاق ؟
صور لم يرها أحد سواها من البشر .
كيف وصلت إليها ؟
صارت تشهق ودموعها تنزل مجددا ، يداها ترتجفان بطريقة مريعة والصور تأتي إليها واحدة تلو الأخرى حتى وصلت إلى 15 صورة تقريبا !
وكلها تظهر فيها وهي ترتدي لباس النوم الخاصة بها ، والتي حين ترتديها تغلق على نفسها الباب حتى تبدلها بلباس أخرى ساترة !
كانت تتصور بها في أحيان قليلة جدا بسبب الملل .
نوت حذفها ، إلا أنها نسيت !
خرجت من المحادثة ودخلت إلى التطبيق الذي صورت به .
ولكنها لم تتمكن !
هل اخترقت حسابها ؟ ثم أخذت الصور منه ؟
نعم هذا الظاهر الآن والواضح !
ماذا عليها أن تفعل الآن ؟ كيف ستتصرف ؟
هذه ليست مصيبة عادية على الإطلاق .
إن ذهبت هذه الصور إلى أي أحد آخر سوى طيف ستموت بالتأكيد !
اتصلت بها وهي تبكي وتشهق من الخوف والإنفعال ، ردت الأخرى تضحك بخبث وتقول / شفتي يا نجد ؟ شفتي إيش أقدر أسوي أنا ؟ توقعتي إني انسانة هينة وعادية وما أقدر أنفذ تهديدي صح ؟
قاطعتها نجد بغضب وهي تبكي / اسكتي يا حمارة يا اللي ما تستحين على وجهك وما تخافين ربك ، من وين جبتي صوري ؟
طيف بخبث أكبر / من حسابك طبعا ، ما عرفتي إلى الآن اني اخترقته ؟
صرخت نجد / ليش طيب ليش ؟ أنا إيش سويت لك ؟ إيش الخطأ اللي ارتكبته في حقك عشان تسوين فيني كذا ؟
طيف بحقد / ما تدرين لسه ؟ أهاا تبيني أعجل بالنشر عشان تعرفين صحيح ؟
نجد بخوف / إياكِ يا طيف إياك ، والله العظيم لو تجرأتي وأرسلتيها أحد إنك لا تدخلين السجن وتتعفنين فيه انتي وأهلك .
طيف بسخرية / ما احد راح يعرف إني أنا اللي نشرتها أصلا هههههههههه.
تهاوت نجد على الأرض جالسة / طيف أنا أنبهك ، إياك تنشرين الصور والله ما راح أخليك .
طيف / عاد أنا ما تعبت ووصلت لها عشان أسمع رجاءك الغبي هذا ولا تهديدك ، كلها دقايق وتوصل لكل اللي أعرفهم ، وأهلك بعد طبعا ، اللي تسوين قدامهم انك الشريفة بنت الشريف بالنهاية تتصورين بهاللبس الفاضح مدري عشان ترسلينها لمين ، باي .
أقفلتها لتنظر نجد إلى الهاتف بذهول ووجهها غارق بالدموع ، حاولت أن تعاود الاتصال بها مجددا ، إلا أن الهاتف كان مغلقا .
انحنت بظهرها تقبض الهاتف بقوة وهي تشهق وتبكي بخوف شديد .
ماذا عليها أن تفعل الآن ؟
كيف ستتصرف !



بالأسفل ..
استقبل عايض مساعد وأدخله إلى المجلس ، ثم ذهب وعاد إليه بالضيافة .
جلس عايض وهو يضحك / سامحني ما كنت موجود وانت تمر باللي مريت فيه حتى انكسر جسمك .
مساعد بابتسامة / ما عليك ، وين كنت انت طول هالوقت ؟
عايض بهدوء / كنت أدور على هالحقير سلمان ، دورت بكل مكان متوقع يكون فيه ، صار مثل اللي انشقت الأرض وبلعته .
اتسعت عينا مساعد بصدمة / ليش الحين ؟ كأن السالفة توها جديدة ؟
ارتبك عايض ولم يعرف ماذا يقول ، يبدوا أنه حتى مساعد لم يعرف بالأمر ذلك الوقت ولا يعرف حتى الآن !
أجاب بصدق / ما أدري بس أحس صدق فقدت أعصابك ، يوم بغيت أرجعها بعد كل هالسنين رفضتني ، ودي أعرف ليش للحين معلقة نفسها على هذيك الفترة ؟
تنهد مساعد بضيق وهو يشعر بالقلق ، لو علم عايض بالأمر سيحدث فوضى بالتأكيد .
أكمل عايض / لو مو سلمان كنا تزوجنا من زمان ، أبي أشوفه بس مرة وحدة وأذبحه على طول عشان أشفي غليلي .
مساعد بتردد / انت ليش ما تحاول تكمل حياتك وتتزوج وحدة غيرها ؟ ليش ما ترضى انك تتركها وراك ما دام هي ما عاد تبيك ؟
رفع عايض رأسه ينظر إليه بألم ثم ضحك بسخرية / ليش كلكم تتكلمون عن الموضوع كأنه عادي يا مساعد ؟
مساعد / ما هو عادي بس لازم ترضى بالواقع ، يمنى راح تتزوج بيوم من الأيام ، لا تنتظر لين يجي هذاك اليوم ثم تندم على عمرك اللي وقفته وانت تنتظرها ترضى ترجع لك .
قطب جبينه من تلك الفكرة الحمقاء / يُمنى لو ما رضت ترجع لي ما راح تتزوج غيري .
نظر إليه مساعد بصمت لبعض الوقت .
يرغب أن يخبره بالأمر ، ولكنه لن يتمكن أبدا من خيانة يُمنى وافساد ما ترغب بفعله .
نعم الأمر غير صحيح على الإطلاق .
سيتسبب في جرح عايض ، بل جرحها هي قبله .
ولكنها حياتها في نهاية الأمر ، وهي تبدوا عنيدة ومصرّة للغاية .
أكثر من أي وقت آخر .
سأل عايض بشك وهو يرى هذه التعابير على وجه مساعد / مساعد صاير شيء ؟
ارتبك مساعد ليضحك ويقول / لا إيش بيكون في يعني ؟
اتسعت أعينهما فجأة وهما يسمعان صرخة ضحى الآتية من الأعلى / يمه نجد ما تفتح الباب فيها شيء .
نهض عايض واتجه إلى الخارج مسرعا بفزع / كيف يعني فيها شيء ؟
ضحى ووجهها مسود من القلق والخوف / مدري كنت مارة من عندها كانت تبكي وتصرخ فجأة اختفى صوتها ، دقيت عليها الباب ما تفتحه هي مقفلته من جوة .
ركض عايض إلى الأعلى حتى وصل إلى غرفتها في غضون ثوان ، تبعته هنادي بقلق ومن وراءها ضحى ، لينا أيضا خرجت ووقفت تنظر بخوف .
طرق عايض الباب عدة مرات بقوة وهو ينادي بإسمها ، قبل أن يعود إلى الخلف عدة خطوات ثم يندفع نحو الباب بقوة .
كرر الحركة عدة مرات حتى تكسر وفُتِح .
تجاهل ألم ذراعه وأسرع نحو نجد المستلقية في الأرض على جانبها الأيمن .
جلس على ركبتيه أمام وجهها وعيناه متسعتان بصدمة ، كانت فاقدة للوعي !


_________



تفتح عيناها بوهن من اثر الضوء القوي على عينيها .
مدت يديها إلى الأعلى تتثاوب بكسل ، قبل أن تضع يمناها على بطنها وهي تبتسم .
وكحركة روتينية نظرت إلى بطنها تتحدث إلى جنينها وكأنه بالفعل يستمع إليها ، بل وكأن سيرد عليها / صباح الخير يا حلو ، كيف حالك اليوم ؟
رفعت جسمها بتثاقل وتأوهت من ألم ظهرها لتجلس ببطء وتغمض عينيها ثم تسحب هواء عميقا إلى رئتيها .
قبل أن تتجه إلى دورة المياه ، رن هاتفها .
مدت يدها نحو المنضدة وأخذته .
لتتسارع دقات قلبها وهي ترى إسم المتصل !
كتمت الصوت سريعا وهي تقف وتتجه نحو باب الغرفة ، فتحته دون أن تصدر أي صوت ونظرت من خلال هذه المساحة الصغيرة .
حمدا لله عهود ليست هنا !
يبدوا أنها خرجت باكرا لتفطر في منزل إحدى جاراتها !
عادت لتجلس على السرير بعد أن ردت ووضعت الهاتف بأذنها .
أتاها صوت المتلهف / أمال !
عضت أمال شفتها بضعف ، تجيبه بهدوء / نعم ؟
زوجها بلهفة / كم صار لي أتصل فيك ؟ ليش ما تردين عليّ ؟
أمال بسخرية / يعني المفروض أرد ؟ هااه ؟ كان لازم أرد ؟
زوجها / طبعا يا قلبي ليش لا ؟ انتي ما تدرين قد إيش أنا مشتاق لك ، والله بموت يا أمال .
تجمعت الدموع بمحاجرها من تلك المشاعر داخل قلبها ، تود لو تفصح عما بقلبها وتشعر بالقليل من الراحة .
ولكنه لا يستحق ، أبدا !
ردت بجمود / وش تبي ؟
زوجها / أبي أشوفك ، تكفين .
أمال بغضب / بأي حق تبي تشوفني ؟ خلاص احنا منفصلين الحين .
زوجها / بس انتي حامل ، يعني لسه زوجتي .
ضحكت بسخرية مجددا / يعني إيش أفهم من كلامك ؟ بس لأني حامل بولدك ولأني لسه في ذمتك أسمح لك تشوفني ؟ أتجاهل كل شيء سويته فيني ؟
زوجها بنبرة حزينة حركت مشاعرها تجاهه مجددا / تدرين إني ما لي دخل ولا صار بإرادتي ، وكله من الماضي .
صمتت للحظات تكتم شهقاتها وهي تضع قبضة يدها على صدرها / خلاص احنا انتهينا ، حتى لو ما كان لك ذنب المهم واقعنا الحين وكيف وضعنا ، أنا مستحيل أرجع لك ، أمي بتذبحني .. أو والله أبوي واخواني راح يدفنوني وأنا حية تدري ؟
بغضب / مو بكيفهم يا أمال ، إذا انتي تبيني ليش يوقفون بيننا ؟
أمال بغضب أكبر / ومين قال اني أبي أرجع لك ؟
زوجها / احلفي لي انك ما عاد تبيني .
ارتجف فكها من الانفعال وكذلك يدها التي تمسك بها الهاتف ، أغمضت عيناها بضعف / قفل لو سمحت ، أنا تعبانة حيل .
زوجها / وأنا تعبان يا أمال ، اسمحي لي أشوفك ، تكفين .
أمال بجدية / ما أقدر ، انسى .
زوجها بإصرار / إلا بشوفك يا أمال وهذا من حقي .
لم ترد عليه أمال ، فأكمل هو بنبرة ضعيفة يحاول أن يلين قلبها / تكفين ، والله مشتاق لك حيل .
عضت باطن شفتها السفلية بحيرة / والله عهود قاعدة لي بالمرصاد ، أحسها تراقبني ليل نهار ولا تنام حتى ، تخاف أطلع ولا أحد يجيني ، مرة ما يمدي.
ابتسم حين علم أنها بدأت تلين / حاولي ما عندك شيء ، انتي بس قولي لي وينكم الحين بالضبط وفي أي ديرة وأنا بحاول أشوفك خلال ساعات عمل أخوك .
تسارعت دقات قلبها بخوف قبل أن تخبره بإسم الديرة بتردد / ديرة الــ ………..
بصدمة / إيش ؟ إيش قلتي ؟
كررت أمال اسم الديرة باستغراب ، ليحل صمت طويل بينهما .
حتى ظنت أمال أنه قطع الخط / انت معي ؟
بارتباك / ليش رحتوا هناك ؟ ليش هالديرة بالضبط ؟
أمال بحيرة / مدري ، بس أعتقد هي أقرب شيء لعمل أخوي .
تنهد بضيق / طيب يلا بكلمك بعدين .
أغلق الخط على الفور ، وكأنه ليس ذلك الذي اتصل متلهفا ويكاد يموت من الشوق !
حذفت رقمه من قائمة الاتصالات ووضعت الهاتف جانبا تغمض عيناها بضيق وخوف .
هل ما فعلته صحيح ؟
بالتأكيد ليس كذلك !
على هذا النحو ستغضب شقيقها مجددا ، بل عائلتها كلها !
ستخسر جانب ثامر وعهود أيضا !
تأوهت بحزن من قلة الحيلة .
جانب من قلبها يرغب بلقاء زوجها ، يشتاق إليه بشدة .
وجانب آخر غاضب تماما ، حتى أنه يرغب بلعنه على خداعه لها وكذبه .
يا لها من حمقاء ، نعم حمقاء تماما إذ استسلمت له وسلمته قلبها وهي بهذا السن !


__________

يبدوا أنها أشغلت نفسها تماما في العشر سنوات الماضية ، لذا الفراغ بالنسبة لها قاتل للغاية .
تبا لفيصل ، وللصدفة التي أوقعتها في طريق فيصل .
لم يكفيه افساده لحياتها ، بل حرمها حتى من عملها الذي تعشقه رغم صعوبته في بعض الأحيان .
خرجت من المطبخ تحمل بيدها صينية طعام كبيرة ، رتبت عليها عدة أصناف من الطعام .
حضرتها كي تسلي نفسها بالطبخ وتناول الطعام على الأقل .
وضعتها على الطاولة الصغيرة ، ثم اتجهت ناحية غرفة يُمنى التي لم تراها منذ الصباح حتى هذا الوقت ، وقد أسدل الليل ستاره منذ ساعة تقريبا .
لم تعرف من قبل أن يُمنى غريبة إلى هذا الحد .
تأتيها أيام كثيرة تصيبها فيها موجة اكتئاب حادة وغريبة للغاية .
تجعلها تحبس نفسها في الغرفة يوم كامل ربما حتى دون أن تشرب رشفة واحدة من الماء !
حتى وإن شارفت على الموت من العطش والجوع ربما لن تخرج !
طرقت الباب بخفة تنادي بإسمها ، لتفتح لها يُمنى على الفور .
حسناء / لحظة انصدمت ، فتحتي على طول هالمرة !
يُمنى بملل / أقفل ؟
جذبتها حسناء من ذراعها / لا يا النفسية تعالي اجلسي معي ، أنا شوي وأموت من الطفش وانتي بعد أكيد بتموتين قبلي .
ساقتها حتى جلستا على الأريكة ومدت إليها حسناء كوب عصير / بلّي حلقك قبل .
يُمنى / عندي ثلاجة ترى بغرفتي لو نسيتي .
عقدت حسناء حاجبها تتفحص ملامحها تحاول فهم ما بها / طيب ؟ الحين إيش ؟
يُمنى باستغراب / إيش ؟
حسناء / إيش قاعد يصير معك ؟ ليش حابسة نفسك من لما جيت من بيت خالتي ؟
أكملت حين وجدتها صامتة / مشغلك موضوع الزواج ؟
هزت يُمنى رأسها بإيجاب / إيه .
حسناء / انتي راضية من البداية ، وانتي أقنعتي أبوي ، وانتي تعاندين ، المفروض تكوني مبسوطة !
يُمنى بهدوء / انتي إيش رايك ؟
حسناء بجدية / ما عندي راي يا يُمنى ، ما دامك قدرتي تفكرين حتى مجرد تفكير انك تسوين هالشيء ، وقدرتي تقنعين أبوي معناته انتي مو مهتمة براي أحد أصلا ، انتي بس تبين أحد يقول لك خذي راحتك وسوي اللي تبينه عشان تحسين بالراحة .
رفعت يُمنى عيناها إليها تتنهد بضيق ولم تقل شيء .
لتحاول تغيير الموضوع / وانتي إيش صار معك ؟ موضوع معاذ .
حسناء ، انتي ساكنة معي بس ما تدرين عن شيء ، بموت من الضيق والكبت وانتي بعد حابسة نفسك ، لين اضطريت أفضفض للي هي أبعد عني منك .
رقت ملامح يُمنى بحزن ، لتمسك بذراع حسناء / يا عمري يا حسنا آسفة والله ، مو قصدي أبعد عنك كذا ، بس الأمور اللي قاعدة تصير معي حاليا هي اللي تخيليني بهالحالة .
ضحكت حسناء / أنا لو قعدت أنتظرك تطلعين من هالحالة اللي تتكلمين عنها بيخلص عمري وانتي ما خرجتي .
تجاهلت يُمنى الغضب الخفيف الذي شعرت به .
هل تستخف حسناء بتلك الأمور ؟
التي ربما لو مرت بها لفعلت مثلها بل أكثر !
في الحقيقة ، حسناء أيضا مرت بالكثير ، ولكن مشكلة عن مشكلة تختلف .
على حسب نوعها ، أو على حسب الشخص المتلقي لتلك المشكلة أصلا !
يُمنى / بحاول من اليوم أقعد معك أكثر ، علميني الحين .
حسناء / ولا شيء ، مو راضي فيصل ، رافض تماما لدرجة انه خلى كل أهله يحظروني من جوالاتهم .
يُمنى / ليش ما تخلين سعود يتصرف ؟ إذا طلبتي مساعدته أكيد راح يساعدك .
زمت حسناء شفتيها / ما أبي أتعبه معي ، غير إنه الموضوع شبه مستحيل .
يُمنى / حاولي ما راح تخسرين شيء .
هزت حسناء رأسها بلا مبالاة وهي تقضم قطعة من البيتزا .
رفعتا رأسيهما حين رن الجرس ، لتنهض حسناء وتقترب من الباب باستغراب / مين ؟
أتاها صوت فتاة لم تعرفها / أنا لمياء .
وقفت يُمنى مستغربة واقتربت من الباب حين فتحته حسناء .
رحبت بها حسناء وأدخلتها .
سلمت لمياء على يُمنى التي سألتها / ليش ما علمتيني انك جاية ؟
ابتسمت لمياء / ما بقعد ، بس بعطيك الأغراض وأمشي .
يُمنى باستغراب / أي أغراض .
أدخلت لمياء الأكياس الكبيرة إليها / فستان ملكتك وكل شيء تحتاجينه .
انصدمت يُمنى / ليش ؟
لمياء / احنا عندنا عادة في عايلتنا ، أغراض العروس حق الحفلة تكون على العريس .
حسناء ويُمنى نظرتا إلى بعضهما باستغراب .
يُمنى / بس أنا قد اشتريت وجهزت ، ما كان في داعي تكلفون على نفسكم .
لمياء بابتسامة / هذي هدايا من خطيبك ما ينفع تقولين كذا ولا تفكرين ترجعينها ، لو تبين رجعي اللي انتي اشتريتيه .
ابتسمت يُمنى بارتباك / بس ………
أمسكت لمياء بكتفيها / لا بس ولا شيء هذي الأغراض ما تنرد يا يُمنى ، إذا ما أعجبك الفستان ولا المقاس مو تمام أو في مشكلة كلميني أجي آخذهم وأبدلهم ، تمام ؟
غطت وجهها واتجهت ناحية الباب سريعا قبل أن ترد يُمنى / يلا مع السلامة .
نظرت حسناء إلى الأكياس قليلا وهي متكتفة ، ثم انقضت عليها تخرجها تنظر إليها وهي تبتسم / الله على الذوق الحلو .
تأففت يُمنى / يا ربي ما أبيها أحس فشلة ، وش هالعادة الغبية الموجودة بعايلتهم .
حسناء وهي ترفع الثوب وتضعه عليها / خلاص أجل إذا مو عاجبك بخبيه لملكتي .
يُمنى بتعجب / أي ملكة ؟ لا يكون بتوافقين على بدر ؟
تغيرت ملامح حسناء تدريجيا وتجهمت وهي تشعر بضيق في صدرها / لا وين ، بروح أصلي .
وضعت الأشياء بداخل الأكياس كما كانت واتجهت ناحية غرفتها ، لتسمع يُمنى وهي تقول / صلي استخارة مرة وحدة ، أحس راح تتزوجين قريب .
ابتسمت وهي تجلس وتخرج الأشياء ، تنظر إليها بشيء من الضيق الذي لا يكاد يفارقها .
حقا كان ذوق من اختار الثوب رائعا .
ولكن ذلك لا يهم على الإطلاق ، حتى الثوب الذي اختارته أخذته بعشوائية دون أن تنظر إلى تصميمه ، وهل هو حديث أم لا .
لا تعرف حقا ما هو شعورها بالضبط ، كل ما تعرفه أنها لن تتراجع عن قرارها ، وأنها ستمضي فيه حتى يتم .
ليست راضية تمام الرضى ، ولكنها تتمنى أن ترضى فيما بعد .
فـ طراد كما سمعت عنه ليس شخصا سيئا ، بل سمعته طيبة للغاية .
غير أنها تعرف والدته وشقيقته الوحيدة ، وهما أيضا طيبتان جدا .
يعني لو أنه تقدم إليها وأراد الزواج منها وهي لا تعرف عايض ، كانت لتكون سعيدة جدا بالتأكيد !
نهضت تحمل الأكياس بيدها وتدخل إلى الحجرة ، مرت بها الذكرى مجددا .
مستغربة من ذلك ، أن تلك الحادثة باتت تأتي على عقلها على الدوام .
ربما لأنها قررت تغيير واقعها أخيرا ، وقررت أن تتزوج !


ذلك اليوم حين عادت إلى المنزل في وقت متأخر من الليل ..
كانت واهنة ، ضعيفة وعلى وشك الهلاك .
صعدت إلى غرفتها على الفور .
لتخلع عباءتها وتتجه إلى الحمام ، فتحت الصنبور وانتظرت قليلا وهي تضم نفسها وتبكي وترتجف ، تعض شفتها بشكل حزين .
وما إن امتلأ الحوض حتى غطست جسدها في الماء ودموعها لا تتوقف عن النزول .
حين خرجت وجلست على الأرض وهي لا تزال منهارة ، ضمت نفسها تشعر بالألم الشديد وبالخوف .
كل ما حاولت الهروب من ذلك التأثير ومن تلك الذكريات القريبة ، تجد ذاكرتها ترميها إليها بكل عنف وقوة .
حين تذكرت ما ردده ذلك اللعين على اذنها ، أنه يحب شعرها الطويل والناعم ، نهضت بقوة واتجهت إلى المنضدة ، لتفتح الأدراج باحثة عن المقص .
نظرت إليه وهي تلهث حين وجدته ، لتخرجه وتجلس على الأرض متربعة .
أمسكت بخصلات شعرها المبللة ، لتبدأ بقصه بطريقة عشوائية وهي لا تكاد ترى شيئا بسبب الدموع التي غشت عينيها .
حين انتهت صرخت وهي ترمي بالمقص بعيدا .
ظلت جالسة بين شعرها المتناثر ودموعها لا تتوقف على الإطلاق ، حتى وضعت رأسها على السرير خلفها بتعب ، وأغمضت عيناها .
وراحت في سبات عميق .
استيقظت منه على صوت أمها وهي تطرق الباب وتنادي بإسمها .
نهضت بصعوبة بسبب ألام جسدها والصداع الذي يفتك برأسها ، لتتجه ناحية الباب وتفتحه وكأنها لم تستوعب ولم تنتبه إلى نفسها بعد !
لذا تفاجأت حين صاحت والدتها باستنكار ، والتي أصابها الذهول وهي ترى ابنتها بهذه الحالة الغريبة ، ترتدي روب الاستحمام وشعرها مقصوص بطريقة غريبة ، وذلك الروب أصلا كان مليئا بالشعر !
غير وجهها المحمر والمنتفخ بطريقة مفجعة ، وعنقها المكشوف به كدمات حمراء مختلفة الأشكال !
اقتربت منها وأمسكت بذقنها لترفع وجهها تسأل بذهول / إيش صار لك ؟ ليش انتي بهالشكل ؟
عادت يُمنى لتشهق وعيناها تتسعان وتنذران بالمزيد من الدموع التي ستشق طريقها من على وجنتيها ، تقول بصوت متقطع حيث لا مفر منذ هذه اللحظة من والدتها / يــ يـــمه .
صرخت والدتها وقلبها يخفق بعنف من خوفها على ابنتها الصغرى / تكلمي ايش صار فيك ؟
اندفعت يُمنى ناحية والدتها لتضمها وتدفن وجهها بصدرها وهي تتذكر الحادثة التي حصلت وهي في الثانية عشر ، وأن والدتها عاقبتها على الفور ولم تواسيها أبدا .
خشيت أن تفعل المثل وتعاقبها بعد أن تسمع ما حصل .
هي فعلا بحاجة إلى العقاب كونها خرجت دون معرفتها رغم منعها ألف مرة ، ولكنها أيضا بحاجة إلى كتف تبكي عليه أولا !
وهي مستحيل أن تخبر أحد ، أي أحد سوى الله .
ما حصل في الليلة الماضية غير قابل للنقل إلى أي أحد ، حتى بشرى .
لذا ضمتها بقوة وبكيت وهي تشهق بصوتها العالي .
بينما والدتها ازداد الخوف والرعب في قلبها ، وهي تضم جسد يُمنى الصغير المرتجف كالورقة بين يديها ، مسحت على شعرها بحنان تغمض عينيها ودموعها أيضا تنزل دون أن تشعر / هدي يا يُمنى هدي وعلميني إيش اللي صار قبل .
ظلت يُمنى تشهق وتزيد الخوف في قلبها ، تؤكد لها الشكوك التي تدعوا الله أن تكون خاطئة .
وأن تكون مجرد حدس أحمق لأنها ( أم )!
أبعدت يُمنى نفسها عن أمها أخيرا ، مخفضة رأسها تنظر إلى الأسفل وهي تضم نفسها بذراعيها ، تقول بصوت منخفض وبالكاد يُسمع / ســ ســ ســلمان يــمه .
والدتها بخوف / وش فيه سلمان ؟
انهارت يُمنى على الأرض جالسة تقول تلك العبارة القاتلة / اغتصبني يا يمه .
شعرت والدتها بأن الدنيا توقفت عند تلك اللحظة ، وهي تسمع أبشع عبارة في هذه الحياة على الإطلاق ، أقسى عبارة بالنسبة إليها كأم ، وكإمرأة بالتأكيد .
لتجلس هي أيضا وقدميها لا تتحملان الوقوف أكثر من هول الصدمة .
رفعت يُمنى رأسها تنظر إلى ملامح أمها ، تتألم من أجلها أكثر مما تتألم لنفسها !
لتعض شفتها وتغمض عينيها وهي تقترب من أمها وتضع يديها فوق ركبتيها تقول برجاء / يمه أرجوك سامحيني ، والله ما كنت أدري انه بيسوي فيني كذا ولا ما وثقت فيه ، هو انقذني ذاك اليوم ، توقعت انه مستحيل يأذيني حتى لو كان سيء يا يمه ، سامحيني تكفين .
والدتها بنبرة مخيفة / كيف صار هالشيء يا يُمنى ، سلمان كيف وصل لغرفتك ؟
ابتلعت يُمنى ريقها تنظر إلى أمها بوجل ، تقبض بيدها على الروب بقوة / آآ مدري يمه كيف ، بس لما أحد دق علي الباب فتحته ولقيته قدامي ، حاولت قد ما أقدر اني أقاوم يا يمه بس ما قدرت ، والله يا يمه اني حاولت .
أصيبت والدتها بالصداع ، لتسأل وأنفاسها تختنق شيئا فشيئا / طيب ليش ما سمعت شيء يا يُمنى ؟ ليش ما صرختي ؟ ليش ما حاولتي تنادينا ؟
شعرت يُمنى بالذنب على كذبها على أمها لتغير الموضوع / يمه إيش أسوي الحين ؟
أغمضت والدتها عيناها مجددا تحاول استيعاب الأمر ، تستمع إلى بكاء يُمنى الحزين .
ثم عبارتها التي آلمت قلبها / حتى لو حرقتي جسمي كله هالمرة ، صدقيني ما راح أصارخ ولا راح أعترض ، أنا استاهل هالشيء .
بدأت أمها تبكي أيضا بوجع وهي تمرر يديها على وجه ابنتها المسكينة ، لتجذبها نحوها تضمها إليها بقوة .
تبكيان معا وتذرفان الكثير من الدموع .
لم تخبرها أمها تلك الليلة ، أن ذلك كان الحضن الأخير !


__________


توقفت السيارة أمام منزل عمها ، لتفتح الباب وتترجل منها ببطء .
ترجت حمود وطلبت منه مرارا أن ينسى القدوم إليهم الليلة على الأقل .
فهي متعبة للغاية ولا ترغب بأي شيء سوى النوم بالقرب من بشرى وفي منزل والدها .
إلا أنه كان مصرا لإحضارها إلى منزل والده للسلام على والدته واخوته بما انها ستمكث منذ الآن حتى بعد ولادتها .
نعم تحب اهتمامه بعائلته وحبه العظيم لهم .
ولكن هناك حدود لكل شيء .
فهي لا تتحمل الجلوس على مقعد السيارة لوقت طويل ، ولا تتحمل الجلوس أمام حماتها سليطة اللسان أيضا وهي في حالتها هذه !
وقفت خلف حمود حتى فتح الباب بمفتاحه ودخل ، حين خطت أولى خطواتها خلفه سمعت شهقة احدى شقيقاته التي كانت تقف بالقرب من الباب ، ثم ركضت إلى الداخل ، لترفع هديل حاجبيها بغرابة وهي تسمعها تصرخ بصوتها العالي / يمااااه هدييييل وحمود عندنا .
سارت خلف زوجها حتى توسطا الصالة يراودها شعور غريب .
خاصة حين خرج الجميع فجأة من احدى الغرف بالطابق السفلي وأغلقوا بابها بالمفتاح .
تقدم حمود من والدتها وقبل رأسها يسأل عن حالها .
لتسأل بنبرتها الحادة المعهودة / وش جايبكم اليوم ؟
ضحك حمود مثل كل مرة حين يحاول تلطيف الجو بعد تصرفات أمه الغريبة أمام هديل / أفاا يمه عاد صرت شخص غير مرغوب فيه الحين ؟
والدته وهي تنظر إلى هديل بطرف عينها / ما أقصدك يا حمود وانت عارف .
تضايق حمود من حركة أمه ، يكره جدا أن يجد والدته تكره زوجته التي يحبها كثيرا ، إلا انه ابتسم وسلم على شقيقاته .
اقتربت هديل من حماتها تبتسم رغما عنها وتسلم عليها .
جلسا في الصالة وضيفتهما أسيل ، الوحيدة التي تضحك لهديل وتتحدث إليها في هذا المنزل !
ليقول حمود موجها حديثه إلى والدته / هديل جاية تسلم عليك قبل لا تروح بيت أبوها .
والدته بحدة / وليش تروح بيت أبوها .
حمود / موعد ولادتها قرب حابة تكون هناك الحين ، وأنا أصلا ما أقدر أكون في البيت على طول ، عشان كذا أحسن لو تكون عند أهلها .
والدته بغضب / من الحين ؟ وانت مين يخدمك ويهتم فيك ؟
كظمت هديل غيظها غصبا ، تستمع إليهما بصمت .
حمود بارتباك / عادي يمه ايش فيها ؟ مو باقي كثير على الولادة وأنا أقدر أهتم بنفسي .
والدته / ما تروح أي مكان غير بيتك يا حمود ، وبعد الولادة يصير خير .
حمود / يا يمه هديل تحتاج من يهتم فيها الحين ؟ ليش ما تروح ؟
والدته / ما هي أول وحدة تحمل ، كلنا حملنا وخلفنا ما رحنا عند أهالينا من قبل شهر .
حمود بضيق / يا يمه هديل ما هي مثلك ، تعرفين انها تعبانة من بداية الحمل .
والدته / يعني بتعصيني يا حمود وتوديها ؟
تحدثت هديل أخيرا وهي تحاول أن تكون هادئة بقدر الإمكان / انتي إيش مشكلتك معي عمتي ؟ خلاص هو يقول انه يقدر يهتم بنفسه ليش متضايقة ؟
والدته / اسكتي انتي يا قليلة الأدب وترد علي بعد ، مانتي رايحة مكان ، بتقعدين في بيتك لين يجي موعد الولادة .
نهضت هديل من مكانها تلف الوشاح حول رأسها / معليش أنا زوجة حمود وما دامه سمح لي بروح ، ما احد له دخل في حياتي ، يلا حمود نمشي ؟
نظر حمود إلى والدته الغاضبة ونظراتها التهديدية ، ثم إلى هديل وهو محتار ولا يعرف ماذا عليه أن يفعل .
نهض أخيرا بتردد لتوقفه أمه مجددا / لا تروح يا حمود .
التفتت هديل تنظر إليها بغير تصديق / لا صدق أبي أعرف إيش مشكلتك معي عمتي ؟
رمقتها حماتها بغضب ولم تقل شيء .
لتنزل هديل الحجاب عن رأسها / تمام ما ني رايحة بيت أبوي ، بقعد هنا لأني تعبانة ، بطلع أرتاح في غرفتي .
اتسعت أعينهم بخوف ، الجميع عدا حمود الذي ضاق صدره بشدة .
انتبهت هديل إلى تلك الملامح التي وجمت فجأة ، ولم تسمع منهم أي رد بسبب صدمتهم الشديدة .
لتصر أكثر على رأيها وتحمل حقيبتها الصغيرة وتسير ناحية السلم تصعد إلى غرفتها الموجودة بالأعلى .
وهي تشعر أن هناك ما يخفونه !
تبعها حمود بعد أن قال بنبرة هادئة بسبب ضيقه / وأنا بعد بروح أنام ، تصبحون على خير .
حين دخل إلى الحجرة وجد هديل تجلس على طرف السرير وعباءتها بجانبها ، تحني ظهرها وتغطي وجهها بكفيها .
أغلق الباب وجلس بجانبها ، وضع يده على ظهرها يقول معتذرا / أنا آسف هديل .
رفعت هديل رأسها ونظرت إليه بابتسامة / ليش تعتذر ما لك ذنب .
أكملت بعد صمت قصير / صح أن أتضايق من حركات عمتي بس لأني ما أعرف سببها ، يعني والله بموت وأعرف ليش هي تكرهني وأنا إيش مسوية لها ؟ لكن بنفس الوقت ما ودي اني تتضايق منها عشاني ، ما أرضى اني أكون سبب في أي شعور سلبي منك تجاه أمك يا حمود .
أومأ حمود رأسه بخفة وهو يمسك بكفها ويبتسم لها بامتنان ثم يقبل رأسها .
استلقت هديل بتعب ثم قالت / ويمكن أحسن لو أقعد هنا ، ما احد راح يكون أحرص من جدة ولدي عليه .
قالت تلك العبارة وهي متأكدة وتعلم جيدا أن حماتها لا ترغب بتلك الحفيد على الإطلاق ، بما أنه من العروس التي لم ترضاها يوما لإبنها .


تأخر الوقت وانتصف الليل .
وعم الهدوء أرجاء المنزل .
وفضولها بمعرفة سبب خوفهم ووجلهم لم يذهب بعد .
لتنهض من الفراش وترتدي عباءتها ، خشية أن يعترض طريقها أحد اخوة حمود .
خرجت من الغرفة وهبطت السلم بخطوات بطيئة .
لم تشعر بأي خوف على الإطلاق ، بل كانت واثقة أنها ستعرف شيئا ، وأنها غاضبة للغاية !
اقتربت من الباب الذي أوصدوه وأغلقوه بالمفتاح ، لتمد يدها نحو المقبض .
حاولت فتحه !
استغربت من كونه مغلقا حتى الآن !
تلك الغرفة المخصصة للضيوف ، وتكون مفتوحة دائما .
لم أغلقوها الآن ؟
تأففت وهي تلتفت تنوي العودة إلى الأعلى ، إلا أن جسدها تصلب وهي تسمع صوت رجل من الداخل / مين ؟
عادت لتنظر إلى الباب باستغراب ، من يكون ذلك ؟
هل هو ضيف ما ؟
إن كان ضيف غريب لم أدخلوه داخل المنزل ؟
سأل مرة أخرى / مين ؟
بدا لها الصوت مألوفا بعض الشيء ، لتعقد حاجبيها تحاول معرفة صاحبه .
وقفت للحظات تنتظر منه أن يسأل مجددا .
إلا أنه لم يفعل .
لتغادر من أمام الباب بإحباط .
ليكن من يكن ، هي فقط أصابها الفضول بسبب حركاتهم المثيرة للشك .
حسنا ستسألهم في الغد ، إن كان أمرا يخفونه سيرتبكون بالتأكيد ، حينها ستتمكن من مهاجمتهم .
حين وصلت إلى منتصف السلم شهقت بذعر وهي ترى حماتها تنزل من الأعلى وعلى وجهها آثار النعاس ، وما إن رأتها حتى نظرت إليها بغضب / وش كنتي تسوين تحت ؟
هديل / نزلت المطبخ أدور لي أكل ، إيش فيها يعني ليش معصبة ؟
رمقتها باحتقار / هذا مو بيتك عشان تدخلين المطبخ بأي وقت .
رفعت هديل حاحبها بغرابة ثم سألت / مين عندكم في غرفة الضيوف ؟
حقا تغيرت ملامحها مجددا وكأنها خافت ، لتقول / وش دخلك انتي ليش تتلقفين ؟
حركت هديل كتفيها / مجرد فضول ، يعني شخص ما ينفع أعرفه ؟
صاحت الأخرى / قلت لك ما لك دخل انتي ما تفهمين ؟
هديل / وأنا قلت لك مجرد فضول ما في داعي تعصبين ، مدري ليش حسيت انه شخص أعرفه .
اتسعت عيناها مجددا / شلون ؟
هديل / حاولت افتح الباب بس لقيته مقفل ، سألني مين ، يعني صوته مو غريب علي .
حركت حاجبيها بمكر وهي ترى وجه حماتها ولونه المتغير ، لتحاول اخافتها أكثر، ترمي عليها اسما عشوائيا / لا يكون …. سلمان ؟
وما هي إلا لحظات حتى تعالت صرخات احداهن ، والتي أيقظت جميع من بالمنزل !


_____

انتهى الفصل
أتمنى يعجبكم


عندي شيء بقوله لكم ، ومن زمان أفكر فيه
مثل ما انتم شايفين الفترات بين البارتات طويلة
يعني أبدا مو ملتزمة بالتنزيل ووالله انه الأمر مو بيدي
صدقوني قاعدة أحاول بكل جهدي اني اكتب وأنزل كل أٍسبوع
بس مدري وش قاعد يصير
خاصة وانه الدراسة بدأت
قاعدة أكتب حتى بين المحاضرات بالجامعة بس برضوا مو قادرة أخلص
يعني هالبارت القصير أخذ مني أسبوعين حرفيا
وهو تقريبا اصعب بارت كتبته رغم قصره وقلة أحداثه
في البداية كنت ملتزمة وأنزل أسبوعيا ، حتى بالأيام اللي قبل الاختبارات قدرت أكتب لكن الحين أبدا مش قادرة
يعني صراحة كلمة ندم ما توصف اللي أحس فيه لأني نزلت قبل لا أكملها عندي
جدا متفشلة منكم
عشان كذا ودي لو أأرشف الرواية لفترة
ولا تنتظروني ثم أتأخر عليكم مثل كل مرة
قصدي لو قدرت أكتب بكتب ، وبعد ما أكتب كمية كبيرة وبارتات كثيرة أرجع لكم وألتزم وقتها بالتنزيل ولا أتأخر .
والرواية راح تكتمل أكيد .
إيش رايكم؟



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس