عرض مشاركة واحدة
قديم 03-04-20, 07:03 AM   #64

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




الفصل السادس عشر

_______


حلَ صباح اليوم الثاني .
ولا زالت كما لو كانت تجلس على موقد نار .
تشعر بالحرارة تشتعل بجسدها كله .
صوت هيفاء لم يغيب عن ذهنها أبدا ، وهي تلقي عليها تلك الصدمة الشنيعة .
بعد أن أراحت عواطف قلبها قليلا ، أتت هيفاء وأفسدت كل شيء ، حتى محاولتها لتقبل الأمر .
وعجبا له هو ، ظل يتصل بها طوال الوقت حين لم ترغب بالتحدث إليه .
والآن حين صارت ترغب بالتحدث إليه لم يتصل ولا مرة !
بالأمس عاتبتها والدتها كثيرا ، وأمرتها بالنزول إليها منذ الصباح الباكر .
لا تعرف كيف تمكنت من كبت ما بها أمام والدتها وعمر ، وكيف تظاهرت أنها بخير ولا تشكوا من شيء أبدا .
والآن مضطرة من أجل والدتها .
التي ر بما أفطرت منذ نصف ساعة ، إذ تشير الساعة الآن إلى السابعة والنصف صباحا .
بدلت ملابسها ورفعت شعرها بعشوائية .
لتنزل إلى الأسفل تحمل الهاتف بيدها .
اتجهت إلى غرفة أمها كالعادة .
ترددت في الدخول حين وجدته مقفلا .
فتحت الباب بهدوء ووجدتها مظلمة .
اتجهت إليها ببطء حتى وصلت إليها .
ضاق صدرها من منظر أمها ، صارت تضعف أكثر فأكثر .
جلست بجانبها وقبلت جبينها بحب ، ثم نظرت إليها لبعض الوقت قبل أن تخرج بهدوء كما دخلت .
التفتت ناحية الصالة لمّا رأت عمر يأتي من جهة المجلس ويتجه إليها / نوف.
نوف / هلا، صباح الخير .
عمر / صباح النور ، ليث في المجلس .
اتسعت عيناها باستغراب ، وأكمل عمر عاقدا حاجبيه / يقول انك ما تردين عليه يا نوف ، صاير شيء ؟
ارتبكت نوف وهي تهز راسها وتبتسم / لا مو صاير شيء ، بس …. تدري يعني الوضع جديد علي ومستحية .
نظر إليها عمر يتفحص ملامحها قبل أن يسأل بجدية / بس احنا أهلك ما احنا جديدين عليك ، إيش اللي خلاك تحبسين نفسك بالغرفة ؟ وما تطلعين طول هالوقت ؟
سكت قليلا ثم أكمل / نوف ترى صدق حاس إنه في شيء غريب ، يا تصارحيني وتقولين إيش هو ، أو اكتشف بنفس ووقتها ما راح يصير خير .
ابتلعت نوف ريقها وهي تفرك يديها بقوة / ما في شيء عمر ، ولا تسألني أكثر من كذا لأنك قاعد تربكني .
هز رأسه / تمام ، أتمنى فعلا ما يكون في شيء .
تحركت نوف من أمامه / عن اذنك .
اتجهت ناحية المجلس تحت أنظار عمر المتعجبة .
نوف اللي تهتم بمظهرها كثيرا ، هل تذهب أمام خطيبها هكذا في أول لقاء بينهما بعد عقد القران !


كان ليث يجلس في المجلس وأعصابه متلفة بالفعل .
علم أنه لم يتمكن من اراحة قلب تلك المسكينة التي أفسدت عليها ابنة عمه فرحتها الوليدة بنفس تلك اللحظة .
لذا حاول أن يصل إليها كثيرا عن طريق الاتصال على الأقل .
إلا أنه قلق بشدة حين مرت الأيام ولم ترد ولو مرة واحدة .
لم يقابلها كثيرا ولا يعرفها منذ زمن بعيد لكي يكن لها مشاعر خاصة عميقة .
ولكنها ربما المشاعر الحقيقية تجاه الزوج لزوجته .
نتيجة الميثاق الغليظ ، ( وجعل بينكم مودة ورحمة ) .
لذا لم يتمكن من الصبر والانتظار أكثر .
بعد أن صلى الفجر وأفطر ، ركب سيارته واتجه إلى منزلهم .
حين اقترب اتصل بعمر خشية أن يكون نائما أو منشغلا .
ها هو يجلس بانتظارها .
يفكر فيما عليه أن يقول ، أو ماذا سيسمع منها بالضبط ؟
أم أنها سترفض مقابلته أصلا ؟
رفع رأسه وانتبه من شروده على صوت الباب .
توقع أن عمر عاد ، ولكن انصدم وهو يرى نوف تدخل وتغلق الباب خلفها .
لم يتوقع مجيئها بهذه السرعة .
مرر أنظاره عليها بشيء من الدهشة والتعجب .
كانت نوف ترتدي فستانا منزليا بسيطا باللون الأزرق الداكن ، يظهر عليه طابع الشتاء .
قصير يصل إلى منتصف الساق ، كانت الساق اليمنى ناصعة البياض ملفتة للغاية ، خاصة وأنها ترتدي جوربا داكنا أيضا معاكسا للون البشرة .
والساق الأخرى ملفتة أكثر .
حيث اتضحت الصناعية !
والتي كانت عبارة عن قضيب أسود من الألمنيوم .
اقتربت منه لتجلس على الأريكة التي بجانبه بكل هدوء وبرود .
حين التفت إليها لاحظ احمرار حاجبيها العاقدين وطرف أنفها .
الآن تبدوا أجمل وهي لا تضع شيئا من المكياج .
نطق أخيرا وقطع الصمت المستفز لنوف / سلام عليكم .
ردت باقتضاب وبصوت منخفض بالكاد يُسمع / وعليكم السلام .
صمت مرة أخرى مرتبكا ، لا يدري كيف يبدأ بالحديث .
التفتت إليه مستغربة / يعني جاي تتأملني ولا كيف ؟
صمتت قليلا ثم قالت وهي ترفع طرف ثوبها قليلا توضح ساقها أكثر / شفت وجهي قبل بس هذا الشيء ما شفته ، تقدر تشوف الحين ، عشان يمديك تتراجع قبل لا تتورط .
قطب جبينه بانزعاج من أسلوبها .
حتى وان كان يعذرها ويشفق عليها ، لا شيء يسمح لها بتقليل احترامها أمامه أبدا / ما جبت طاريها يا نوف ولا تهمني .
نظرت إليه بقوة / تهمني أنا لا تقلل من قيمتها .
فعلا لا يدري ما الذي يحصل أمامه !
نوف غريبة للغاية !
دائما ما يكون واثقا من نفسه ومتحدثا جيدا ، يملك من الردود ما يخرس أمامه .
ولكنه الآن عاجز .
هل لأنه يعرف أنه أخطأ بحقها ؟
أم لأن نوف تتفوق عليه ؟
ليث / ما عرفت إيش اللي مزعلك مع اني قلت لك كل شيء ، ليش معصبة وليش قاعدة تتجاهلين اتصالاتي ؟
التفتت إليه بجسدها وهي تدعي الاستغراب / صدق ؟ أنا معصبة ؟
ليث / نوف !
نوف التي لا تدري حقا كيف تكبت انفعالاتها وتكتم غيظها .
كيف تمسك نفسها ولا تنقض عليه فتقلع عينيه بأظافرها الطويلة ولا تخدش وجهه ؟
هذا الوجه الجميل الذي أسرها يبدوا مستفزا للغاية الآن / نعم ؟
ليث / قولي لي إيش اللي قاعد يصير معك ، فسري لي تصرفاتك .
نوف ببرود / أنا ما سويت شيء .
نظر إليها بقلة صبر / قولي لي إيش اللي تبين تسمعيه مني ، إيش تبين تعرفين .
تكتفت وهي تسند ظهرها على الأريكة ، ونظرت إليه بجرأة .
خيل إليه للحظات أنها ليست نوف التي رآها في المرتين السابقتين .
اللتان كانت فيهما خجلة وحييّة للغاية .
أما الآن فتصرفاتها ونظراتها وحتى نبرات صوتها أقرب ما تكون للوقاحة !
قالت / قصتك كاملة ، من ولدت لين جيت تخطبني ، أنا من حقي أعرف عنك كل شيء ، حتى حقيقة مشاعرك تجاه كل شخص كان في حياتك .
رفع أحد حاجبيه بغرابة / ما أظن اني مجبر على الشيء ، ولا من حق أي مخلوق يعرف تفاصيل حياتي حتى لو كانت زوجتي .
نوف بذات البرود / أجل أنا بعد مو مجبرة أقول لك إيش اللي مزعلني .
أغمض ليث عيناه بقلة صبر / نوف أنا جاي أتفاهم معك وأعرف إيش صاير معك ، ما يصير من بداية العلاقة نختلف بهالشكل ومن دون أي سبب واضح ، أو نبدأها وواحد منا مو صريح مع الثاني ، مو جاي أتهاوش معك ، رجاء .
تقدمت نوف قليلا لتنظر إلى عينيه / فكر ، فكر كويس بيوم الملكة ، حاولت تعرف إيش اللي زعلني ، بروح أكمل نومي .
وقفت تنوي الخروج من المجلس فعلا .
إلا أنه نهض وأمسك بذارعها بقوة .
لتلتفت إليه وهي تشهق .
وارتجفت حدقتيها لتوضح ضعفها وشخصيتها الضعيفة أساسا .
سقط القناع المزيف الذي وضعته عليها .
نطق بهدوء / نوف .
عضت باطن شفتها السفلية بارتباك وهي تبعد أنظارها عنه .
ليكمل بذات الهدوء / أنا أشك انك سمعتي عني شيء مو طيب ، وهالشيء هو اللي مخليك تتصرفين بهالطريقة ، انطقي يا نوف ، قولي الصدق وخليني أوضح لك ، لا تحكمين علي من كلام الناس .
صارت ذراعها التي بيده ترتجف فجأة .
ليتركها وهو يتنهد بضيق ثم يقول / ارجعي غرفتك الحين ما أبي أضغط عليك ، نتكلم بوقت ثاني .
ظن أنها ستخرج فورا ، ولكنه تفاجأ حين سألت بنبرة مرتجفة / كنت تحبها .
لم يكن سؤالا ، بل خبر يقين .
جعله يرتبك حقا / وش تقولين ؟
أدمعت عينا نوف / كن تحب شذى ليش كذبت علي ؟ ليش قلت انه كان مجرد عقد؟
ليث بارتباك / مين قال لك هالكلام ؟
نوف / جاوبني .
أكملت وهي تبتسم حين لم تسمع رده / مين اللي قاعد يبدأ العلاقة من دون ما يكون صريح مع الثاني ؟
كانت عيناه متسعتان والارتباك واضح عليه بشدة .
لذا ضحكت بسخرية وقالت وهي تضع باطن كفها على خده / فكر بكذبة مقنعة واتصل فيني ، تمام ؟
أنهت عبارتها وغادرت وقلبها يعتصر من الألم .
حتى وصلت إلى حجرتها وأقفلت الباب كالعادة .
تشعر بالضغط الشديد .
وأنها على وشك الانهيار .
لو لم تكن هيفاء في الموضوع ، لأنهت كل شيء على الفور .
دون أن تفكر بأي شيء أبدا .
ولكن الآن ، هناك عمر وسعادته ، هيفاء وإرضائها ، والدتها وراحتها !
لمَ سعادتها وراحتها ليست في القائمة ؟


__________


بالأمس بعد أن هدأت هديل رغما عنها ، وبعد أن استدعت حسناء الممرضة وجعلتها تغرس فيها ابرة مهدئة .
سقطت الأخرى بتعب مغمضة عينيها والوهن يملأ جسمها كله .
حينها خرج الجميع من الحجرة ، وعادت والدة حمود إلى المنزل مع بناتها حيث كان احد اخوة حمود ينتظرهم في الخارج .
وظل هو في الداخل مع هديل .
أما سعود فوقف أمام الحجرة يسير يمنة ويسرة والقلق يكاد يسقطه أرضا .
منظر ابنته آلم قلبه بشدة .
حتى أنه بالكاد حبس دموعه أمام الآخرين .
صمت حمود مريبا للغاية .
ذلك أكثر ما يجعله خائفا .
كانت بشرى تقف أمامه مستندة على الحائط ومتكتفة ، بجانبها حسناء ثم مساعد.
وجميعهم يعلمون عما يدور بذهن سعود .
إلا ان الأمر بالنسبة إلى مساعد يبدوا غريبا للغاية .
كونه لا يعلم شيئا عن طبيعة علاقتها مع حماتها .
لذا كان هو الوحيد المستغرب من قلق والده .
أما حسناء وبشرى فيعلمون ، ويشكّون أيضا مثلهما مثل سعود .
اقتربت بشرى من زوجها وأمسكت بذراعه / سعود ممكن تهدأ الحين وتريح نفسك ؟ لو سمحت .
سعود بجيبين مقطب / كيف أهدأ ؟ كيف تبيني أهدأ يا بشرى قولي لي كيف ؟ شفتي بنتي من شوي كيف بغت تموت ؟ كيف انهارت وبكت ؟ والله يا بشرى انه الدمعة الواحدة من عينها أغلى من كنوز الدنيا عندي ، كيف تبين أهدأ .
طبطبت بشرى على ذراعه بخفة / أدي يا سعود صعب تشوف بنتك بهالوضع ، بس هذا أمر ربي وهذا المكتوب ، ما تقدر تعترض .
سعود / أنا مو معترض على أمر ربي ، بس مو قادر أتحمل ، أحس قلبي بيتقطع من الوجع عليها ، وأنا متأكد انه في مسبب للحادثة هذي .
لم تتمكن بشرى من قول المزيد أمام انفعاله .
هي بنفسها حزينة للغاية .
ولكنها أيضا لا تتحمل رؤيته بهذا الشكل .
التفتوا إلى حسناء التي شهقت فجأة وبصوت عالٍ / وين يُمنى ؟
نظروا إليها بأعين متسعة ، والصمت خيم عليهم .
ليبادر مساعد أخيرا بالسؤال / ليش هي جات معك أصلا ؟
دبّ الخوف في قلبها / إيه جات ، بس…. ما أذكر اني شفتها من دخلت المستشفى .
أخرجت هاتفها بسرعة لتتصل عليها .
داهمهم القلق جميعا وأخذوا يترقبون ردها .
كونهم يعرفون بطبيعتها وأنها لن تتحرك من مكانها أبدا دون أن يكون معها أحد .
اتسعت عينا حسناء أكثر وزاد الخوف في قلبها حين انقطع الرنين دون أن ترد يُمنى.
ورفعت عيناها إليهم / بتصل مرة ثانية .
عاودت الاتصال مجددا والقلق يكبر فيها مع كل رنة ، مرة ثانية وثالثة وسادسة!
أنزلت الهاتف باحباط وبدأت عيناها تدمعان فجأة / ما ترد .
بشرى بخوف / وين بتكون راحت يعني ؟ وليش جوالها مو عندها ؟
ضربت حسناء جبينها / يا الله ما كان لازم أجيبها معي ، أنا من فرحتي نسيت انه ممكن أهل سلمان يكونون هنا ، أخاف تكون تأثرت أو شيء .
مساعد / بلا كلام فاضي حسنا، يعني تأثرت بتموت ؟ بروح أدور عليها في الممرات يمكن كانت تبى تتمشى .
قالها وهو غير مقتنع على الاطلاق .
حسناء / وأنا بعد بروح .
ابتعدا الاثنان وتحركا في جهات مختلفة .
سعود / انا بعد ، انتي اجلسي يا بشرى ، بخلي حمود يجلس وانتي ادخلي جوة ، يلا .
بشرى / ليش ما أدور معاكم ؟
سعود / انتي توك في بداية الحمل ما يصير تتحركين كثير .
وضعت بشرى يدها على بطنها دون أن تشعر .
وهي تتذكر ما حل بالداخل وما فعلته هديل لتهز رأسها بإيجاب ، لن تفقد جنينها أبدا ، لا ترغب في تجربة شعور هديل .
وإن كانت لم تحمل إلا منذ فترة قصيرة .
كيف تألمت تلك المسكينة التي شارفت على الولادة ؟
هزت رأسها بإيجاب .
وخلال دقائق كان الجميع بما فيهم حمود يبحثون عن يُمنى ، حتى أن حسناء صارت تطرق أبواب الغرف وتسأل .
اتجهوا أخيرا إلى رجال الأمن حين يأسوا .
وسألوهم عنها .
إلا أنه وبسبب كثرة الزائرين في الوقت المخصص للزيارة ، لم يتذكروها ولم يعرفوا أين ذهبت .
ليطلب منهم سعود الرجوع إلى كاميرات المراقبة .
حتى ظن الجميع أن من يبحثون عنها طفلة صغيرة وليست شابة تبلغ من العمر 22 سنة !
جن جنونهم حين رأوها تخرج من المبنى وحالتها غريبة .
كأنها كانت تترنح وهي تسير دون وعي .
حسناء وبعد أن خرجوا من حجرة الأمن ، قالت بنبرة مختنقة من العبرة / شكلها رجعت البيت ، تعالوا نشوف .
خرجوا من المستشفى حائرين ، حتى وهم يمرون من جانب المستشفى بحثوا عنها علها تجلس في الخارج !
بالرغم من أنهم اتبعوا ما قالته حسناء ، إلا أنه لم يقتنع أي أحد منهم ولم يصدق في نفسه أنها قد تكون عادت إلى المنزل بمفردها .
يا للخيبة والصدمة !
لم تكن هناك !
ومنذ الأمس حتى صباح اليوم ، لم يتوقف بحثهم أبدا .
تعبهم ووهنهم الشديد لم يوقفهم إطلاقا .
ليسوا هم فقط .
بل حتى راشد وأبناءه .
عايض الذي جن جنونه ، هو بل الجميع .
اخوة يُمنى الذين وصلهم الخبر .
حين اتصلوا بهم .
ربما ذهبت مع أحدهم ؟
هناك أمل قليل ولو كان مستحيلا .
انهارت هي وبشرى بالليل ، لم يتمكنوا من كبت دموعهم بسبب خوفهم عليها .
حتى بعد أن أبلغوا الشرطة .
حالات الاختطاف والأخبار المنتشرة زادتهم خوفا .
يُمنى راشدة نعم ، ولكنها فتاة .. وليست أي فتاة .
بل فتاة ضعيفة ليس لها حول ولا قوة إلا بالله .


_________


فتحت عيناها فجأة وبقوة ، وهي تشعر بألم غريب يكاد يقطع أسفل ظهرها .
لم يكن الألم حديثا ، بل ظل يأتيها طوال الليل وحتى الآن والساعة الثامنة صباحا.
بالكاد تمكنت من النهوض لتصلي فرضها .
سمعت صوت عهود وهي تطرق الباب وتنادي باسمها ، لترفع صوتها بوهن وتأذن لها بالدخول .
عهود التي استغربت عدم خروجها من غرفتها من الصباح ، وهدوها المريب .
وان كانت آمال هادئة على الدوام ولا تخرج أبدا .
إلا انها تحافظ على وجباتها وتتناولها في أوقاتها .
فتحت الأنوار واقتربت منها / إيش فيك يا بنت ، انتي بخير ؟
جلست آمال بتعب / إيه ليش تسألين ؟
عهود / ما خرجتي من الصباح ، وجهك مو مطمني قولي ايش فيك .
عضت آمال شفتها بألم / حاسة بألم مو طبيعي من الليل .
اتسعت عينا عهود بصدمة / يمه لا يكون موعد الولادة ؟
لم تجبها آمال ، بل ملامح وجهها هي من أجابت .
حين تغضن جبينها أكثر وأغمضت عيناها بقوة وتأوهت .
اقتربت منها عهود وجلست بقلق / وين بالضبط تتألمين ؟
آمال / أسفل ظهري .
عهود بقلق / إلا شكلها ولادة ، دامك تتألمين من الليل ليه ما تكلمتي ؟ الحين ثامر راح الدوام ما يمديه يوصل ، بس بروح أتصل .
ما ان نهضت واقتربت من الباب حتى صاحت آمال من شدة الألم .
قلقت عهود أكثر وركضت ناحية غرفتها ، اتصلت بزوجها بسرعة وهي ترتجف من شدة القلق .
خاصة حين صار صوت آمال يرتفع ويزيد شيئا فشيئا .
ارتدت عباءتها وعادت إلى آمال ، ساعدتها على ارتداء العباءة .
ارتبكت أكثر حين بدأت آمال تبكي من شدة الألم ، وقد أخبرها ثامر أنه يحتاج إلى ساعة على الأقل ليصل .
ووضع آمال واضح أنه لا يحتمل الانتظار ساعة كاملة !
ماذا عليها أن تفعل الآن ؟
ان طلبت المساعدة ممن هم في المدينة سيتأخرون أكثر من ثامر .
وان طلبت من الجيران ستكشف آمال !
ولكن ليس هناك خيار آخر .
خرجت من المنزل مسرعة تغطي نصف وجهها .
كان المكان هادئا بشكل مريب ، كون أغلب الناس ذهبوا إلى أعمالهم .
والأطفال إلى مدارسهم .
لم يبقى سوى النساء .
ماذا عليها أن تفعل الآن !
كانت هناك سيارة أمامها ، سيارة تخص زوج جارتها البغيضة .
اقتربت من منزلها مكرهة .
لو لم يكن الأمر مهما وعاجلا لما لجأت إليها بالتأكيد .
التفتت ناحية اليمين ، حين شعرت بسيارة ما تقترب .
لم تتعرف عليها ولكنها تنهدت براحة .
إذ لم تكن تخص أحدا من جيرانها ، وتوجد هناك فتاة شابة أيضا .
أشارت بيدها فتوقفت ، وأنزلت الفتاة النافذة من ناحيتها / آمري أختي .
عهود وأنفاسها متلاحقة بسبب التوتر / لو سمحتوا اذا ما عندكم مانع ، تقدروا توصلوني أنا وأختي للمستشفى ؟ بتولد وما عندنا أحد من الرجال ، زوجي بعيد وراح يوصل بعد ساعة ، الله يسعدكم .
لم تتردد الفتاة أبدا وهي تنزل من السيارة / إيه أكيد ما في مانع ، وينها هي خليني أساعدكم .
هزت عهود رأسها بالإيجاب وأسرعت ناحية المنزل .
تبعتها الفتاة حتى دخلتا إلى الحجرة .
كانت آمال تجلس على الأرض تنحني بظهرها وتشهق من الألم .
أسرعتا نحوها وساعدتها على النهوض .
حين اقتربتا من الباب قالت آمال بصعوبة / جوالي ومحفظتي يا عهود .
الفتاة / وينها أنا بجيبها .
آمال / بدرج الكومدينة .
اتجهت الفتاة ناحية المنضدة وفتحت الدرج لتخرج المحفظة وتأخذ الهاتف من فوقه .
توقفت يدها في الهواء فجأة ، وهي ترى صورة ما بداخل الدرج .
لآمال وزوجها !
يبدوا انها التقطت بليلة عرسهما .
كان زوجها شخصا مألوفا ، ولكنها لم تتذكر من هو على الفور .
ابتلعت ريقها وهي تلتفت ، لتأخذها حين وجدت الغرفة خالية .
خبأتها بجيب عباءتها وخرجت مسرعة .
أغلقت باب المنزل خلفها ، اقتربت منهما وساعدت آمال على الركوب .
التفتت إلى أخيها بذهن شارد ، ثم إلى الفتاتين في الخلف .
الحامل التي تكتم آهاتها بشدة ، وأختها تضغط على كفها والخوف بلغ منها مبلغا عظيما .
وصلوا إلى أقرب مستشفى من الديرة خلال ربع ساعة .
وأدخلوا آمال إلى غرفة الولادة على الفور .
بل أنهم وبخوا عهود على الاتيان متأخرا هكذا .
حين جلست أخيرا على مقعد الانتظار التفتت إلى الفتاة التي لم تغادر بعد ، بل ظلت واقفة تنظر إليها .
نهضت عهود واقتربت منها تبتسم لها بعد أن أزالت غطاء الوجه بما ان المنطقة خاصة بالنساء / مشكورة يا اختي صدق مشكورة والله مو عارفة ايش أقول ، الله يسعدك يارب ويوفقك انتي وزوجك .
الفتاة بغموض / مو زوجي اخوي .
ارتبكت عهود من نبرتها الغريبة وضحكت بتوتر / آسفة والله .
الفتاة بذات النبرة / مو مشكلة ، عندي سؤال وأبيك تجاوبين بصراحة ، إيش اسم زوج اختك ؟
أجفلت عهود وفغرت فاهها / هااه ؟
اقتربت منها الأخرى خطوة أخرى لتسأل بنبرة مخيفة أكثر / ايش اسم زوج أختك ؟
ابتلعت عهود ريقها من ملامح هذه الغريبة / ليش تسألين ؟
غارت عينا الغريبة أكثر / جاوبيني وبس .
عهود التي غضبت قليلا / مو لأنك ساعدتيني لك الحق انك تسألين ، ما ني قايلة .
الفتاة / واذا قلت لك اني أعرف ؟
فغرت فاهها مجددا ، وصار قلبها يقرع كطبول من الخوف والتوتر / شلون ؟
أخرجت الصورة من جيب العباءة وأمسكت بها بقوة قبل أن ترفعها أمام وجه عهود التي شهقت وعادت إلى الخلف خطوة أخرى ، قبل أن تمد يدها وتحاول انتزاع الصورة .
كانت الأخرى أقوى منها إذا سحبتها بقوة وأعادتها خلف ظهرها / والحين ؟
صارت عهود ترتجف من الغضب والخوف والتوتر / ايش تبين ؟ مين تكونين ؟
أدارت الفتاة عيناها بملل ، قبل أن تزيح غطاء وجهها هي الأخرى .
فتسقط عهود على المقعد جالسة من هول الصدمة .


__________



في منزلهم الكئيب ، يجلس في الصالة أمام التلفاز يتابع برنامجا مباشرا .
يتناول فطوره بهدوء وروية .
رفع عيناه ناحية السلم حين سمع صوت خطوات والده .
نهض واقترب منه وسلم عليه وقبل رأسه / صباح الخير يبه .
والده / صباح النور ، أنا كم مرة قايل لك يا بدر ما تاكل قدام التلفزيون ؟
ضحك بدر / الله على اللي ما يشوفني ولا يلاحظ الا لما أغلط ، صار لي مليون سنة أفطر على الطاولة والحين جاي أفطر هنا من الملل جيت تنتقد .
ابتسم والده وهو يتفحص ملامح وجهه / بالك مشغول .
بدر / سؤال ولا ؟
والده / مو سؤال .
زم بدر شفتيه وهو يرفع حاجبيه اشارة للحيرة ، ثم وضع بفمه زيتون لا يعرف كيف يتحدث إلى والده .
والده / كلمني أبو صالح ، يقول لي انك رحت له تسأل عن قضية طفل عمره 9 سنين امه تبيه ، تتعلق بالدكتورة ؟
هز رأسه إيجابا ثم قال باحباط / أمس رحت عند آخر واحد توقعت انه يقدر يساعدني ، لكن للأسف .. كلهم يقولون مستحيل بما انه الأب رافض تماما ، واصلا مو من حقها تطالب بالولد بعد هالعمر .
تنهد والده بضيق لأجله / هالشيء حتى الطفل الصغير يعرفه ، ليش هي مصرة لهالدرجة ؟
هز كتفيه بحيرة .
والده / وانت ليش استسلمت منها من أول مرة ؟ كيف تسمي هذا حب ؟ ليش ما تحاول مرة ثانية وثالثة ورابعة ما دامك فعلا تبيها ؟
رفع أنظاره إلى والده مستغربا ثم ضحك / يبه !
والده / لا تستغرب، ما أبي حياتك تروح وانت متحسف على الحب اللي ضيعته من دون محاولات ، ما أقول لك ترتكب شيء محرم ، تزوجها يا بدر .
بدر / بس يا يبه هي على طول جابت طاري الولد ، يعني أنا اصلا شكلي غلط اذا رحت وقلت برضوا أبي اتزوجك .
والده / ما دام موضوع الولد مستحيل بتتركها لغيرك ؟
نظر بدر إلى والده مطولا بصمت ثم قال / طيب .
وقف والده واقترب منه ثم ربت على كتفه وخرج دون أن يقول شيئا آخر سوى / لا تتأخر على الشغل .
تنهد بدر بحيرة وضيق بعد أن خرج والده ، ثم نهض مسرعا حين تذكر أن اليوم موعد عودتها إلى العمل !
نعم عليه أن يستغل الفرص المتاحة له كما قال والده .
ارتدى معطفه فوق لباسه وخرج بعد أن أخذ مفاتيحه وهواتفه .


قاد سيارته نحو العيادة وهو يتمنى من كل قلبه أن يراها .
أوقف سيارته ونزل وهو يشعر بنشاط مفرط فجأة .
وشعر بفرح شديد حين اقترب من العيادة ورآها تنزل من سيارة ما ، ثم تدخل بعد أن تحدثت إلى السائق لبضعة دقائق .
نظر إلى السيارة حتى اختفت ، ثم دخل إلى العيادة مسرعا .
لينادي / دكتورة حسنا .
التفتت إليه حسناء مسرعة .
اقترب منها بتردد / كيف حالك إن شاء الله انك بخير .
بدت مرتبكة على غير عادتها وهي تجيب / تمام ، أخبارك انت ؟
بدر بابتسامة / بخير ، ممكن شوي من وقتك ؟
بدت حسناء مترددة بعض الشيء / سامحني بدر أنا توني راجعة من فصل ، فــ اعذرني عندي مرضى كثير .
بدر / ما بطول ، أقل من 5 دقايق .
تنهدت حسناء / أنا تحت المراقبة حاليا وانت مستحيل تقدر تجيني كمريض عندي مواعيد مليانة ، لو تقدر تجيني نتكلم بعد المغرب ، أفضل .
أصابه الاحباط إلا انه فرح بما ان هناك فرصة بالفعل / تمام ما عندي مشكلة .
هزت حسناء راسها ثم تحركت من أمامه بكتفيه المتدليتين ، ما جعله يتألم من أجلها .
يبدوا أنها تعاني بسبب ذلك الموضوع !
اتجه إلى عمله شارد الذهن حتى أتى وقت خروجها من عملها .
هذه المرة كان مرتبكا بالفعل .
دخل واتجه إلى غرفتها على الفور ، كان هناك المريض الأخير بداخلها .
انتظر حوالي النصف ساعة ، حتى خرج المريض .. ودخل هو بعد ان استأذن .
سمحت حسناء للممرضة المساعدة بالمغادرة .
وجلست في مكانها .
جلس أمامها مترددا وسأل / صار شيء على قضية ولدك ؟
أجابته بهدوء / لا ، ما سويت شيء ماحد شجعني ، و………
لم تتمكن من الاكمال ، ليسأل بدر باستغراب / وايش ؟
حسناء / أنا خايفة ، خايفة أتقدم وأنصدم بعدين ، أخاف يكون ولدي كارهني .
بدر بعد صمت قصير / حتى لو يكرهك صدقيني تلاقيه ينتظر الوقت اللي يرجع فيه لحضنك .
حسناء بضحكة ساخرة / ما يتذكر حضني ، آخر مرة حضنته يوم كان عمره شهر ونص .
نظر إليها بدر بحزن .
حسناء بتعب / بدر الله يسعدك قول اللي عندك أنا جدا تعبانة ومنتهية ، لو ما كان المدير زعلان ما كنت داومت اليوم .
بدر ، سلامتك ما تشوفين شر ، احم … أنا …..
أكمل بعد تردد كبير / أنا صراحة حاولت كثير ولو اني عارف انه تدخلي راح يزعلك ، بس كلمت اللي اعرفهم من أصحاب القانون ، للأسف كلهم يقولون انه الموضوع مستحيل .
الأمر كان مزعج بالفعل ، لم ترغب من أحد أن يتدخل حتى والدها .
إلا ان ذلك الشعور اختفى وهي تسمع نهاية كلامه .
الوجع الذي شعرت به لم يكن عاديا .
جعل دموعها تنزل على الفور .
كانت المرة الثانية التي تنهار بها أمام هذا الغريب .
ندم بدر وتمنى لو لم ينطق بتلك العبارة .
لم تسمح حسناء لنفسها بالبكاء وهي تنهض من مكانها وتتجه ناحية المشجب ، تأخذ عباءتها ترتديها فوق المعطف في محاولة لكبت باقي دموعها .
قالت وهي تحمل حقيبتها / اكتفيت لليوم يا بدر ، ما أقدر أسمع أكثر سامحني .
نهض بدر وقال معتذرا / أنا آسف ، بس كانت هذي الحقيقة و ……..
ضحكت حسناء / عادي حقيقة معروفة من البداية ليه أزعل ، صحيح تدخلك زعلني بس مشكور .
أكملت بأسف وهي ترى ملامح الإحباط على وجهه رغم تعبها الشديد بسبب سهرها وعدم نومها منذ الامس / أدري ما عطيتك وقتك ، لكن أنا فعلا منتهية .
وبنبرة مبحوحة ومختنقة / اختي فقدت جنينها أمس ، و…. عمتي مخطوفة من أمس الصباح كمان وما لها أي خبر إلى الآن ، يعني فعلا مزاجي ما يسمح لي اتناقش مع أي أحد .
اجفل بدر من الصدمة ولم يتمكن من قول شيء .
حتى غادرت حسناء من أمامه.
حتى انه لا يدري كم بقي واقفا في مكانه لما عادت الممرضة وطلبت منه أن يخرج لتغلق الغرفة .
ليخرج باحباط مجددا ، حزينا عليها وعلى نفسه.


_________


انشغل بموضوع هديل ويمنى ، ولم يفكر أبدا بموضوع طيف على الإطلاق .
بل نسيه تماما .
لتذكره هي باتصالها ، بعد أن أوصل حسناء إلى عملها .
تأفف وهو يمسك بالهاتف ويجيب بملل / نعم ؟
طيف بصوتها المستفز / صباح الخير .
أغمض عيناه بقلة صبر ، قد واجه الكثير من الأمس فعلا .
ليست لديه الطاقة ليتحملها أبدا / وش تبين ؟
طيف / غريبة يا مساعد ، شلون مهمل الموضوع كأن نجد مو هامتك .
أوقف السيارة جانبا ووضع رأسه على المقود بتعب / خلصيني طيف ، مو فاضي لك.
طيف / أفاا يعني صدق الموضوع مو هامك ؟ ما ادري لأنك تبي تعاندني ولا لأنه عادي عندك صور نجد تنتشر ؟
رفع رأسه وعيناه احمرتا من الغضب / إياك طيف ، ولا والله نهايتك بتكون على يدي.
ضحكت طيف / معناته موافق ترجع تملك عليّ من جديد صحيح ؟ أعطيتك مهلة يوم واحد وانتهت المهلة طبعا ، وهذا قرارك الأخير ؟
عض مساعد شفتها كي لا يشتمها / طيف والله اني مو فاضي لك ولسخافتك ، أنا مشغول ونفسيتي تعبانة ، اعقلي وامسحي صور البنت .
ضحكت مجددا تخفي قهرها / تعتقد الموضوع هين لهالدرجة ؟ تمام خلك مشغول لأني بنفذ كلامي وأنشرها ، ما راح يوقفني شيء .. وانت هذا كل اللي عندك صحيح ؟ مع السلامة .
مساعد بقلة صبر / اصبري طيف .
طيف / نعم ؟
مساعد / عطيني يومين كمان أفكر كويس ، لأني مثل ما قلت لك مشغول ويا الله ألقى وقت أنام فيه .
طيف / ما لي دخل بانشغالك ، يا تجيني اليوم بالعصر أو بنفذ كلامي ، باي .
أقفلت الخط ليرمي الهاتف جانبا بغضب ويضرب بقبته على المقود .
ثم يضع يده على جبينه مغمضا عيناه بتعب .
فتحهما ليأخذ الهاتف مجددا ، وهو يشتم طيف بداخله .
كيف لها أن تكون حقيرة إلى تلك الدرجة ؟
كيف تمكنت من ترخيص نفسها هكذا ؟
ظل ينظر إلى اسم نجد لبعض الوقت بضيق ، قبل أن يرفع يده الخالية من الهاتف ويمسح بها وجهه بقوة .
ثم يتصل بها بعد تردد .
أخذ ينتظر ردها وهو لا يعرف ماذا سيقول وما ذا عليه أن يفعل .
لم يسعها الرد على المكالمة والتفوه بأي حرف حتى هاجمها بنبرة حادة / وش ودى صورك عند طيف ؟


_________


نجد التي كانت قلقة طوال الأمس وقبله ، بعد أن جلست مع بشرى ثم شرعت في تقديم الشكوى.
وعجزوا هم عن مساعدتها فورا .
كون طيف كانت ذكية للغاية ، ولم تترك لهم سبيل للوصول إليها .
ثم انها سمعت ما أخبره مساعد لبشرى ، وهي نقلت إليها الكلام .
يعني أن هناك مهلة ، ولكنها قصيرة للغاية .
غير مفيدة أبدا .
حقا تعجُّبِها وصدمتها من طيف تكبر يوما عن يوما .
كيف تمكنت من تفوه ذلك الكلام لمساعد ؟
لم تخبرها بشرى ولم تقل لها شيئا عن ارسل طيف الصور إلى مساعد .
لأن مساعد لم يذكر ذلك الشيء أصلا .
فقط قال ان طيف تهدده بصور نجد .
وأنها ستنشر تلك الصور إن لم يتزوجها !
يا لها من وقحة !
فوق خوفها كانت تشعر بالحرج الشديد من مساعد .
من شدة ما تشعر به من المشاعر السيئة لم تتمكن من الذهاب مع عائلتها صباحا للإطمئنان على هديل .
ثم ذلك الخبر المفجع عن يُمنى أقلق الجميع وأقضّ مضاجعهم .
خاصة عائض الذي لم يعد إلى المنزل وظل يبحث عنها طوال الليل مع مساعد والبقية .
فزت من مكانها وفزعت من الخوف حيث كانت شاردة تماما وهي تجلس على السرير.
ابتلعت ريقها بتوتر وارتباك وهي ترى اسم مساعد ينير الشاشة .
صار قلبها يدق بسرعة .
لتأخذ الهاتف بيد مرتجفة وترد، لتعض شفتها من هجومه بتلك النبرة الحادة / وش ودى صورك عند طيف ؟
لم تتمكن من الرد فورا ، لتغمض عينيها وهي تسمع صراخه الغاضب / جاوبي ؟
نجد بخفوت / هكرت حسابي وأخذتها ، ما كنت أدري .
مساعد بغضب / وليش الصور موجودة بحسابك أصلا ؟
تسارعت أنفاسها وغضبه يزيد فيها القلق / نسيت احذفها .
مساعد بذات النبرة / ليش تتصورين أصلا ؟ وبهاللبس وتخلينها هناك ؟
اتسعت عينا نجد وبدأت الدموع تتجمع بعينيها / كيف ؟
ضحك مساعد بسخرية / إيه متصورة بلبس جدا ساتر ، لمين أرسلتيها !
تلاحقت أنفاسها وهي تدرك أنه رآها بالفعل ، نعم نبرته لا توحي إلا بذلك ، ثم سؤاله الصادم الذي جعل الصداع يداهمها / ما أرسلتها لأحد ، ليش تقول كذا ؟ ليش متوقع اني بكون مرسلتها لأحد يا مساعد ؟
أغمض مساعد عينيه بندم من تسرعه بإلقاء ذلك السؤال / ليش تصورتي ؟
نجد ونبرتها بدأت تختنق من عبرتها / بس كذا صورتها لنفسي والله وكنت بحذفها بس نسيت ، ما كنت متوقعة اللي بيصير والله ما كنت متوقعة ، قول لي مساعد .. هي أرسلتها لك ؟
مساعد بضيق من نبرتها التي علم منها أنها تبكي ، وتردد في الإجابة / لا .
نجد / متأكد ؟
مساعد / إيه .
تنهدت نجد بشيء من الراحة / الحمد لله .
وبعد صمت قصير قالت بتردد / مساعد أنا آسفة ، والله آسفة على اللي قاعد يصير فيك من وراي وانها دخلتك بهالسالفة ، ما تدري قد إيش انا متفشلة منك ، ارتبطت فيها قبل بسبتي والحين بعد أزعجتك بسبتي .
مساعد بهدوء / لا يا نجد ما لك ذنب ، صحيح غلطتي يوم تصورتي ، لكن … هي قاعدة تنتقم منك بسببي أنا .
وبضحكة ساخرة / تظن اني احبك وتبي تنتقم مني بهالطريقة ، أنا آسف .
لكم تألمت من عبارته تلك !
رغم ذلك شعرت بالتأنيب الضمير لأجله ، لتقول / ما عليك مساعد لا تتعب نفسك ولا تشيل هم ، اليوم بإذن الله راح يتصرفون ، أقص\د بلغت عليها ، يعني بإذن الله الصور راح تنحذف وما ارح تضطر تتزوجها ، لا تقلق .
رفع مساعد حاجبه / متأكدة ؟
نجد / إيه إن شاء الله .
أغمض مساعد عيناه وتنهد براحة / الحمد لله .
نجد / روح ارتاح يا مساعد ، انت مشغول بأهلك كفاية لا تشغل بالك بموضوعي ، أنا أعتذر على كل اللي صار .
مساعد / لا تعتذرين يا نجد ، و ….. انتي بعد انتبهي على نفسك ، إياك تتصورين مرة ثانية بجوالك تحت أي ظرف ، لا جوالك ولا جوال أي أحد بهالدنيا .
نجد / لا طبعا توبة .
صمت الاثنان ولم يعرفا كيف يغلقا الخط أو بأي عبارة ، حتى بادرت نجد / تمام أخليك الحين .
مساعد / مع السلامة .
وضعت نجد الهاتف على المنضدة وأغلقت عينيها لتنحدر بقية الدموع المتجمعة ، ثم تنهدت بعمق قائلة يارب .
علّ ما في قلبها يذهب !


__________



الظلام يحيط بها من كل جانب .
لا تبصر شيئا بسببه ، ولا تسمع سوى صوت جهاز التكييف .
منذ ان فتحت عيناها بالأمس وهي تشعر بخوف ليس عادي .
داهمها الصداع بسببه .
وهي تتذكر ما حصل قبل سقوطها على اثر الصدمة العظيمة التي تلقتها .
هربت من تأثير عائلته ، لتسقط أمامه هو !
هو نفسه وبذاته ، لم يكن خيالا بسبب الذكريات .. على الإطلاق .
كانت ترغب بالهروب حقا ونهضت لتفعل ذلك .
الا انها ما ان تحركت بضع خطوات حتى أغشى الظلام عينيها .
ولا تدري ماذا حصل بعد ذلك .
لكم تمنت لو ان احدا من عائلتها أدركها وساعدها ؟
ولم يحصل ما يقلق هاجسها !
لذا لم تتحرك أبدا ، حين استشعرت غرابة المكان عليها .
الرائحة غريبة وجديدة عليها ، لذا احست أن هناك خطأ ما .
صدق احساسها ، لما سمعت صوت رجل غريب ، ثم صوت خطواته وهو يقترب .
مهلا لم يكن غريبا ، كان هو !
اتسعت عيناها برعب وشعرت بأنفاسها تختنق .
لتغمض عينيها مجددا تدعي النوم .
تسارعت دقات قلبها حين سمعت صوت مقبض الباب لما تحرك نتيجة فتحه للباب .
أبدا لم تتمكن من كبت دموعها .
رفعت يدها بخفة من تحت الغطاء ومسحت دموعها سريعا .
أغمضت عيناها مجددا ، وجسدها يشتد كلما شعرت به يقترب منها أكثر .
صارت ترتجف ، حين فتح الأنوار وسحب مقعدا من مكان ما .. وجلس أمامها .
ليقول بصوته الخبيث / لسه نايمة حبيبتي ؟
شعرت بالدم يفور في جسدها من شدة غضبها منه ، إلا انها لم تتمكن من فعل شيء.
تعرف انها ضعيفة للغاية ولن تتمكن من الهروب منه .
ربما لو ادعت انها لا تزال نائمة سيخرج ، وقتها ستتمكن من التفكير في حل ما للهروب !
خاب ظنها .
نهض من مكانه ليجلس بجانبها على السرير ثم يمد يده ناحيته ويلمس شعرها .
ما جعلها تنتفض وتفتح عيناها بقوة ، ثم تنهض وتمسك بيده تلك .. وتعضها بقوة .
صرخ سلمان بقوة ، محاولا سحب ذراعه منها .
حتى تمكن بعد مضي بعض الوقت وقد احمرّت يده تماما .
ربما لو بقيت بين اسنانها أكثر لاقتلعت ذلك الجزء منه !
نظر إليها بصدمة وهي تبتعد إلى الخلف حتى وصلت إلى الطرف الآخر من السرير / ايش سويتي يا مجنونة .
يُمنى بوجهها المحمر تماما وعيناها المليئتان بالدموع ، شعرها الأشعث ولبسها الغير مرتب ، صرخت بقوة / إيش تبى مني ؟ ايش تبى مني يا حيوان يا قذر يا سافل ، ما كفاك اللي سويته فيني قبل ؟ جيت تكملها عليّ الحين ؟
نهض سلمان وسار ناحيتها ، إلا انها قامت من مكانها أيضا وهربت إلى الجهة الأخرى.
تكاد تصاب بالجنون من خوفها ومن شعورها بالتقزز لمجرد رؤيتها وجهه .
أسرع سلمان ناحية الباب وأقفله بالمفتاح ثم وضعه بجيبه .
لتتسع عيني يُمنى تماما حتى بدتا مخيفتين من شدة الاحمرار أيضا .
ابتعدت إلى أبعد ركن منه تحضن نفسها بذراعيها ، تحاول تغطية يديها على الأقل .
بينما تترقب سلمان بخوف شديد .
الذي رفع يده ونظر إلى مكان عضتها ثم التفت إليها ليضحك / كبرتي أكثر وصرتي شريرة ، بغيتي تاكلين لحمي يا يُمنى .
هزت يمنى رأسها بالنفي عدة مرات وهي ترتجف / إيش تبي مني يا سلمان ؟ اتركني ، اتركني اروح الله يخليك .
وقف سلمان في مكانه يتفحصها ، يمرر أنظاره عليها من الأعلى إلى الأسفل / احلويتي أكثر .
كانت نظراته بمثابة الرصاصات التي تخترق جسدها ، وتخترق قلبها فتدميه بشدة ، لتصرخ / اسكت اسكت يا حيوان اسكت .
تقدم سلمان ببطء وهو يقول / اهدأي لا تخافين ما راح أأذيك ولا راح أسوي اللي سويته قبل خمس سنين .
صرخت مجددا / لا تقرب مني بذبحك .
ضحك سلمان وهو يجلس على ذات المقعد ، والذي كان بعيدا عنها نوعا ما ، ثم رفع رأسه ينظر إليها ، يقول بجدية / تدري اني ندمان على اللي سويته ؟
ضحكت يُمنى بسخرية من بين دموعها / إيش ؟ ندمان ؟
سلمان / إيه ، لأني لو ما سويت هالشيء كان مداني أتزوجك ومدانا نخلف اثنين او ثلاث .
نظرت إليه بذهول لثواني قبل أن تقول بتقزز / وانت متوقع اني كنت بتزوجك مثلا ؟ أخلي عايض وأتزوجك انت ؟ تخسي والله .
نهض واقترب منها وهي متصلبة في مكانها ، شعرت بقدميها لا تقويان على الحركة .
تنظر إليه بخوف شديد حتى وقف أمامها / بس خليتيه الحين ، خليتيه وبقيتي مطلقة ، يمكن هذا الشيء الوحيد اللي استفدته من اللي صار ، اني خليت قلب عايض يحترق طول هالسنين .
أكمل بقهر وهو ينظر إلى عينيها / انتي ما تدرين قد ايش أكرهه ، أكرهه لأنه عمي اللي هو ابوك فضله عليّ وزوجك اياه .
صرخت بقهر / يا مريض آذيتني واغتصبتني لأنك تكره عايض ؟
ضحك سلمان / لا ، لأني احبك بعد .
رفعت يدها تلقائيا وضربت بها وجهه بقوة ، مرة ومرتين وثلاث .
ودموعها تنزل أكثر فأكثر ، وتزيد معها رجفتها وصداعها الغير محتمل .
كذلك خوفها وقلقها .
لم تتوقف عن التفكير في طريقة للهروب من هذا اللعين .
أنزلت يدها وهي تنتفض / اتركني يا سلمان ، ولا والله صدق راح أذبحك وما حد راح يدري عنك .
ارتفع صوت ضحكته أكثر هذه المرة وهو يضع باطن يده على خده حيث ضربته / ترى فعلا بتخوفيني ، إيش هذا يا يُمنى ؟ متى مداك تكبرين لهالدرجة ؟ كيف صايرة تقدرين تمدين يدك عليّ وتضربين ؟
يُمنى التي شارفت على الانهيار فعلا / اتركني اروح يا سلمان ايش تبى مني ؟ لو انا ما قدرت اسوي لك شيء صدقني اخواني ما راح يرحموك .
سلمان بنبرة مستفزة للغاية / اخوانك اللي ما قدروا يلاقوني طول هالسنين ولا قدروا ياخذون حقك مني ، إيش تتوقعين بيسوون الحين وانتي بالغة وعاقلة وعديتي العشرين سنة ؟ يعني المفروض تكونين مسؤولة نفسك وش هالاهمال ؟ هذا اللي راح يقولونه أنا متأكد .
آلمها قلبها من تلك الحقيقة .
أن اخوتها جميعهم سوى سعود ، ألقوا عليها اللوم بسبب والدتها ولم يجتهدوا في البحث عن مسبب الفضيحة .
وان كانوا لا يلامون ، فهم لا يعرفون الحقيقة الكاملة .
رفعت قبضتيها تضرب على صدره بقوة وهي تصرخ / قلت لك اتركني خلني أروح .
سلمان بهدوء بعد أن امسك بقبضتيها بقوة / راح أتركك تروحين ، بس قبل أبيك تعرفين ليش أنا جايبك هنا .
سحبت يديها منه ورفعت أنظارها تترقب ما سيقول .
ليصدمها تماما / تزوجيني .
صاحت باستنكار / نعم ؟
أكمل بذات النبرة الهادئة المستفزة / أنا حياتي مو حياة بعد اللي صار ، عايش كأني مجرم ، خايف انمسك بأي لحظة ، محروم من أبسط حقوقي ، وأمي شوي وتموت من خوفها وقلقها علي .
يُمنى بقهر وتشفي / تستاهل ، كلكم تستاهلون .
سلمان بنبرة رقيقة / خليني أكمل يا قلبي ، بتقولين لهم انك تحبيني ، تحبيني من زمان من قبل لا يخطبك عايض ، واللي صار صار برضاك ، بما انهم أساسا ما يدرون عن اللي صار كله صحيح ؟
احمرّ وجهها للغاية وكذلك عينيها ، وهي تنقض عليها وتضربه على صدره بغضب شديد / انكتم .
ضحك سلمان / أبي أرجع أعيش مع أهلي بشكل طبيعي يا يُمنى ، وهذا الحل الوحيد ، إذا قلتي انك جيتي بنفسك وهذا الحق ! ما راح يذبحوني اخوانك .
يُمنى بغضب العالمين / تحلم يا سلمان تحلم ، تموت وانت عايش زي المجرم إن شاء الله ويموتون أهلك كلهم ، تحلم تقرب مني مرة ثانية .
اقترب منها سلمان أكثر حتى التصق ظهرها بالحائط ، ليهمس في اذنها/ هذا أنا قريب منك الحين ، وأقدر اسوي اللي أبيه من دون ما احد يدري ، بس أنا ما عاد أبي أأذيك ، أبيك بالحلال يا يُمنى ، لا تخليني أفقد أعصابي .
ابتعد عنها قليلا ليقرب وجهه من وجهها / عندك مهلة لبكرة الصباح ، يا تقولين لهم زي ما قلت لك ، أو تختفين معي لين أموت أنا أو تموتين انتي ، مفهوم ؟
قبل خدها وابتعد عنها متجها ناحية الباب ، يقول بكل برود / الحين بجيب لك أكل لا تموتين من الجوع ، مع اني ما أعرف كيف عايشة بهالجسم اللي ما فيه غير العظم .
أنهى عبارته المقززة وخرج وأقفل الباب بالمفتاح من الخارج .
حينها وأخيرا سقطت يُمنى على الأرض جالسة .
لم تتمكن من التحمل أكثر .
ورفعت يدها لتمسح خدها بقوة عدة مرات حتى صار متورما ، وصارت تشهق وتبكي .
تتذكر نظراته وكلامه فيزداد بكاءها ويقشعر جسمها ، تتأوه وتنحني بظهرها .
ثم رفعت رأسها للسماء حين علمت أنه لن ينقذها من هنا ويخرجها من بين يدي ذلك المجرم سوى الله .
نطقت باسم الله من أعماق قلبها موقنة بأنه سيستجيب دعواتها السرية وسيكون معها .
وقفت على مهلها وهي تمسح دموعها لتتضح لها الرؤية .
مررت أنظارها على كافة أنحاء الحجرة .
كانت خالية سوى من السرير والمقعد الذي جلس عليه سلمان .
المشجب خلف الباب ، حمدا لله أن عباءتها كانت معلقة عليه .
اتجهت ناحيتها مسرعة وأخذتها لترتديها ، ثم اتجهت ناحية السرير .
لترفع الأغطية تبحث عن هاتفها .
تأففت حين لم تجده .
نظرت مرة أخرى إلى أنحاء الحجرة ، لتبصر النافذة وتسرع نحوها .
يأست وهي ترى المنطقة خالية إلا من عدة بنايات حديثة .
يبدوا أنه مخطط سكني حديث .
التفتت ناحية الباب قليلا ، قبل أن تحاول فتح النافذة .
تأوهت بيأس وهي تعض شفتها ، لم تتمكن من فتحها .
تدلت كتفيها بإحباط وهي تتجه ناحية دورة المياه ، لتدخل وتنظر إلى وجهها المحمر والمنتفخ .
خرجت بعد أن توضأت ، واقتربت من الباب تطرقه بقوة حتى أتاها صوته / قررتي؟
يُمنى بغضب / الله يأخذك إن شاء الله ، عطني سجادة أبي أصلي .
انتظرت قليلا حتى أتاها بالسجادة وأعطاها إياها ، حاول أن يسترق النظر إليها إلا انها لم تسمح له ، حيث غطت وجهها بطرف حجابها ، لتسأل عن اتجاه القبلة .
أخبرها لتقول / ما أقوم من السجادة إلا وانت ميت إن شاء الله .
أغلقت الباب بقوة تغمض عيناها بغيظ تسمع ضحكته الساخرة .
الشمس شارفت على الغروب ، يعني أنها فاتتها صلاتي الظهر والعصر .
صلت وهي تبكي وتدعوا الله أن ينقذها من تلك المحنة بسلام .
حتى سمعت صوت المفتاح وأجفلت مجددا .
وبقيت متصلبة وهي تسمعه يقول / عشاك وغداك ، اذا تبين شيء علميني أنا جالس بالصالة ، فكري كويس .
أغمضت عيناها بألم وهي تقبض يدها بقوة وتتمنى له الموت والهلاك .
نهضت من سجادتها لتجلس مستندة على السرير وتفتح كيس الأكل .
فور رؤيتها للطعام شعرت بشهيتها تنسد تلقائيا .
عادت لتجلس على السرير .
لتداهمها الذكريات مجددا والخوف يتعاظم في قلبها .
بالتأكيد الآن حسناء واخوتها فقدوا عقلهم من خوفهم عليها .
فقد مر على غيابها عنهم قرابة الاثني عشرة ساعة !
أسندت ظهرها دون أن تخلع حجابها ، وأبصارها شاخصة على الباب .
دون أن يتوقف لسانها عن الدعاء .
فالعدو خلف هذا الباب ، وقد يأتيها ويهاجمها بأي لحظة !
ثم ذلك الهاجس كان يقلقها بشدة ، خلال ساعات نومها هل اعتدى عليها ؟
هل فعل ذلك !
برالغم من أنه لا يوجد شيء يدل على ذلك .
إلا أنها فقدت الثقة تماما بسلمان وذلك ليس بغريب .


نامت على وضعها دون أن تشعر ، رغم محاولاتها الجاهدة في المقاومة .
إلا انها لم تتمكن ، خاصة وانه لا يوجد شيء حولها ليسليها .
والخوف عميق للغاية !
أما الآن ، فهي أكثر قلقا خوفا .
لم تبرح مكانها من على السجادة بعد أن أدت فرض الفجر .
الجوع يكاد يقتلها ويرديها أرضا ، إلا انها أبت أن تتناول أي شيء .
آخر مرة وضعت بها شيئا على فمها كان في الليلة قبل الأمس !
تسمع صوت بطنها من شدة الجوع ، وتشعر برأسها ثقيلا للغاية .
والوهن يطغى على جسدها .
مرت ساعة كاملة ولم تسمع أي صوت حتى الآن !
أين يكون قد ذهب ؟
لو انها وجدت أي وسيلة للهروب لهربت بالتأكيد .
ولكن أبدا ، ليست هناك أي وسيلة .
استلقت بتعب على السجادة ووضعت رأسها على ذراعها ، وبدأت الدموع تنزل مجددا .
حتى سمعت صوت المفتاح وجلست بسرعة لتغطي وجهها .
سلمان الذي تنهد بضيق حين دخل ووقعت عيناه على كيس الطعام ثم عليها حين نهضت وابتعدت إلى ذلك الركن ، كأنه لن يتمكن من الوصول إليها !
سلمان / ليش ما أكلتي شيء ؟
لم تجبه يمنى وهي تقبض كفيها بقوة .
سلمان / يمنى أنا قلت لك ما أبي أأذيك ، ليش تسوين كذا ؟ بس توافقين على الزواج صدقيني راح أرجعك لأهلك ونملك على طول .
صدرتها منها ضحكة خفيفة ، ثم اعتلت شيئا فشيئا وهي تقول بسخرية / أبي أفهم من وين جايب هالثقة ؟ كيف أصلا فكرت بهالفكرة الخايسة ؟ كيف متوقع اني بوافق مثلا ؟
تكتف سلمان وابتسم قائلا بثقة / لأنه ما عندك خيار ثاني ، يا تملكين ونتزوج بالطريقة المعروفة ، أو تختفين معي مثل ما قلت .
ابتلعت ريقها وارتعدت مفاصلها لمجرد التفكير .
ضمت نفسها حين اقترب من السرير ووضع كيسا كان بيده عليه / هذا فطورك يا يُمنى ، كليه ولا تذبحي نفسك ، ما ودي أرجع لأهلك جثة .
يُمنى بحقد / ترجعني جثة ولا أخذك يا حقير يا تافه يا مريض .
ضحك سلمان وهو يتأملها ، ثم أخرج هاتفه من جيبه حين رن .
رد على المتصل ، وسرعان ما اتسعت عيناه وهو يستمع إليه .
ثم ما لبث أن ركض باتجاه الباب وخرج دون أن يقفل باب الغرفة !
استغربت يُمنى من ذلك .
لتنزل الحجاب عن وجهها وتتجه ناحية الباب المفتوح ببطء .
شعرت بشيء من السعادة وهي تسمع صوت الباب الخارجي يغلق !
ولكن يا للخيبة ، تبع ذلك الصوت صوت المفتاح أيضا !


______


انتهى الفصل


أتمنى يارب إنه يعجبكم
وأتمنى أشوف تفاعل أفضل
الأسابيع الماضية ما قلت شيء لأني فعلا كنت مقصرة ، والمتفاعلات أبدا ما قصروا معي
بس الحين فعلا ودي أشوف تفاعل أفضل ، لأنه التعليقات تشجعني وتساعدني على الكتابة أكثر
أتمنى اللي خلف الكواليس يشاركون
الفصل جدا أتعبني واستنزف طاقتي الجسدية والعقلية ههههههههه
بديت اكتبه أمس وخلصته اليوم عشان ما أتأخر عليكم
فــ أتمنى الكل يعلق
وبس ، قراءة ممتعة



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس