عرض مشاركة واحدة
قديم 03-04-20, 07:17 AM   #65

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل السابع عشر
___________


حرفيا ، لا ترغب شيئا في هذه اللحظات سوى أن تنام .
تنام طويلا ولا تشعر بأي شيء .
تقصد ألم قلبها الشديد على فقدان ابنها الذي انتظرته طويلا .
طوال تسعة أشهر .
تلك الشهور المتعبة للغاية بالنسبة إليها .
كان الحمل صعبا للغاية ، ليس بسبب سنها .. بل بسبب جسدها الذي لم يكن قويا كفاية .
إلا انها كانت سعيدة وراضية ، وتحملت كل تلك الآلام بكل رضا وسرور .
حتى أنها لم تشتكِ كثيرا ، لأنه فعلا .. كان تعبا لذيذا .
وحتى رغم تعبها الذي زاد في الأيام الأخيرة ، كانت متحمسة جدا .
تعد الأيام وتنتظر ميعاد الولادة بفارغ الصبر .
ليحصل ما حصل ، وفقدت جنينها إلى الأبد .
حتى الآن وقد مر يوم ونصف على سماعها ذلك الخبر ، لم تتمكن من تصديقه !
تشعر بأنها يخدعوها ، يكذبوا عليها لأي غرض كان .
سواء مزاح أو أي شيء آخر .
لذا ان اكتشفت انه كان خداعا ربما لن تفعل شيئا سوى الضحك من شدة الفرح .
أتى إليها الكثيرون من أقاربها وأقارب زوجها في وقت الزيارة ، وطوال ذلك الوقت أيضا كانت مغمضة عيناها ولم تتجاوب معهم إطلاقا .
بدت شاحبة كالأموات .
التفتت ناحية الباب حين فُتِح ، لتبصر حمود الذي ابتسم لها ما إن رأى عينيها مفتوحتين / سلام عليكم .
ردت بصوت منخفض / وعليكم السلام ، وين كنت ؟ ما تدري قد ايش حسيت بالوحشة لما فتحت عيوني وما لقيت أحد .
أسرع ناحيتها وجلس بجانبها على السرير ، ليمسك بكفها ويقبلها قائلا / آسف يا قلبي ، أنا موجود على طول بس رحت أصلي المغرب ورجعت الحين .
هديل / وين أهلي ؟ ليش ما أشوفهم ؟ قعدوا شوي وراحوا ؟
حمود / مو مسموح لهم يقعدون يا هديل ، بس شخص واحد يبقى مرافق معك .
جلست هديل بمساعدة حمود لتقول / ما حسيت انهم بخير ، في شيء صاير ؟
حمود الذي لم يرغب بإقلاقها أكثر وهي أساسا ليست بخير / لا أبد ، أكيد انهم متأثرين معك .
سكتت هديل قليلا على اثر تحدثه في ذلك الموضوع لتسأل / على هالطاري حمود ، صدق … الجنين مات ؟
أجفل حمود مجددا ، لم تكن هذه المرة الأولى ولا الثانية التي تسأل بها هذا السؤال ، بل أنه لم يتمكن من عد المرات التي سألت فيها .
ليمسح على شعرها بحنان / هديل يا روحي ، أدري انك صدق مصدومة بس …
قاطعته برجاء / دفنتوه ؟ أبي أشوفه يا حمود الله يخليك ، انتظرته تسع شهور ، ما يصير ما أشوفه ولا مرة وحدة ، أرجوك يا حمود .
نظر إليها حمود بحزن ثم قبل جبينها / راح تشوفينه إن شاء الله .
أمسك وجهها بكلتا يديه / وربي راح يعوضك أكيد .
هزت رأسها بوهن / إن شاء الله .
رفعت رأسها إليه وهي تتذكر شيئا / حمود ، متى آخر مرة شفت فيها سلمان ؟
حمود باستغراب / قبل خمس سنين .
هديل وعيناها بعينيه / متأكد ؟
حمود / إيه ، ليش تسألين ؟
هزت هديل كتفيها بحيرة / بس كذا .. فضول ، ما عندكم أي خبر عنه ؟
حمود / لا .
وبتردد / هديل بعد شوي بيجون يحققون معك ، يسألون كيف طحتي ومين كان معك .
رفعت عيناها بصدمة / ليش ؟
حمود / عمي ما هو مرتاح ، وأنا …… أنا بعد حاس انه ….
وضعت هديل يدها على فمه بانزعاج / إياك تكمل حمود .
نظر إليها بتعجب ، وأكملت هي / لا تشك بأحد ، أنا طحت لوحدي .
حمود بشك / متأكدة ؟
ضحكت هديل / أنا أدري انت حسيت انه في شيء غريب لأنه عمتي كانت عندي ؟ وقبلها كنا شبه متهاوشين ؟ وش هالدراما بخيالك حبيبي ؟
ارتبك حمود ولم يتمكن من قول شيء ، لتكمل هي بابتسامة بعد أن امسكت بكفه / صدقني حتى لو كانت تكرهني مستحيل تأذيني بهالشكل ، هي تدري انك تحبني وتنتظر البيبي مثلك مثلي ، مستحيل تسوي هالشيء هي مو ضرتي يا حمود .
تنهد حمود براحة وهو يلمس الصدق في نبرتها ، ثم عانقها / الحمد لله إنك بخير .


بعد لحظات كان هناك والدها والمحقق الذي أخذ أقوالها ثم ذهب .
بما انها لم تقل شيء يثير الريبة .
بعد أن غادر وذهب حمود ليودعه في الخارج ، اقترب سعود من ابنته مبتسما .
هذه المرة الأولى التي يراها بها تجلس وتتحدث وتبتسم بعد استيقاظها .
مع ان الوهن بادٍ عليها بشدة .
إلا أنها تبدوا أفضل .
جلس بجانبها وعانقها بقوة .
لتتأثر هديل وتبكي بصمت في حضنه .
ترك لها سعود الحرية في اطلاق العنان لدموعها .
ثم ابتعد بعد لحظات ومسح دموعها وقبل جبينها / ارتاحي يا هديل لا عاد تبكين ، دموعك توجعني حيل .
وضعت هديل يدها فوق قلبها / قلبي يعورني يبه ، أحس انه قاعد يحترق والله حاسة اني بموت ، يعني طول هالشهور وأنا حاسة فيه ، أنام وأصحى وأنا بداخلي روح ثانية ، كنت أصيح من الفرحة لما يتحرك ، وأنتظر اللحظة اللي أشيله فيها .
توقفت قليلا تتنفس وتمسح دموعها / أنا مو معترضة على أمر ربي ، بس مو قادرة يبه .
سعود الذي عجز عن قول أي شيء بعد كلامها المليء بالألم ، عانقها مجددا / إن شاء الله كم يوم وراح يخف هالألم يا بنتي .
هزت هديل رأسها ومسحت وجهها / آسفة أقلقتك علي ، بس قول لي ، كأنه في شيء ثاني مشغلكم ؟ انت واخواني وبشرى ؟
هز سعود رأسه نفيا بارتباك / لا يا بنتي إيش بيكون في يعني ؟
هديل بحيرة / ما أدري ، بس ما أحس انكم بخير …
وصمتت قليلا وهي تتذكر يُمنى وعدم رؤيتها لها / لحظة يبه وين يُمنى ؟ هي بخير ؟
ارتبك سعود مجددا ، لذا لم يتمكن من الكذب عليها / عمتك مخطوفة يا هديل ، ما ندري وينها من أمس الصبح .
شهقت هديل بصدمة / من جدك يبه ؟
أومأ سعود برأسه / إيه يا يبه ، قومنا الدنيا وقعدناها وما لقيناها ، حتى الشرطة تدور الحين .
أدمعت عيناها حزنا عليها / يا عمري ، أخاف تتعقد زيادة الحين ، غير انه .. مو باقي كثير على ملكتها يبه ، هم دروا ؟
هز رأسه نفيا / ما في داعي نعلم أحد مو من العايلة ، يمنى راح ترجع لنا سالمة إن شاء الله .
نهض / يلا يا بنتي اتركك ترتاحين الحين ، أساسا الحين مو وقت زيارة بيجون يسحبوني من رقبتي .
ضحكت هديل ، إلا انها شهقت مجددا وهي تمسك بذراعه / اجلس يبه تذكرت شيء ، ما قلته للمحقق عشان حمود .
جلس سعود ينظر إليها بفضول / اللي هو .
هديل / صراحة ذاك اليوم المفروض بعد ما أسلم على عمتي أجيكم ، حتى كلمت بشرى وقلت لها اني جاية ، بس فجأة أم حمود قلبت ومنعتني ما حبيت أكبر المشكلة وأرفض وأسوي شيء ما له داعي ، عشان كذا رضيت أقعد ، لكن صراحة ما كان السبب الوحيد ، لما وصلت كانوا كلهم مرتبكين بطريقة غريبة ، وفجأة كلهم خرجوا من غرفة وحدة ، حسيت انه في شيء غريب قاعد يصير ، لما نام حمود نزلت أشوف إيش السالفة ، دقيت باب الغرفة اللي كانت مقفلة بالمفتاح ، سمعت صوت شخص غريب .. وحسيت انه ممكن يكون سلمان .
هز سعود رأسه بأن اكملي، لتكمل هي/ وطلعت يوم سألني مين، ما قدرت أوقف أكثر قلت يمكن يكون احساسي غلط، وطلعت.. قابلت عمتي عند الدرج وسألتها، توترت وارتبكت وعصبت علي.
قاطعها سعود بحدة / ودفتك؟
ضحكت هديل / لا يبه سيناريوهات المسلسلات هذي ما صارت، سألتها لو كان سلمان ولا لا، قالت لي كم كلمة وطلعت ، دخت فجأة زي ما قلت للمحقق وطحت.
تنهد سعود / متأكدة ؟
هديل/ والله يبه إني ما أكذب عليك، عشان أكون صريحة معك أنا يا الله أبلعها وأتحملها عشان حمود، بس مستحيل أتبلى عليها وأقول عنها شيء ما سوته، أنا قصدي من هالكلام كله انه يمكن سلمان رجع فعلا وكان في بيت أهله.
وبتردد رغم رفض قلبها لذلك الاحتمال المزعج/ ويمكن يكون هو… خاطف عمتي.
اتسعت عينا سعود أقصى اتساع وهو يسمع ما تقوله ابنته.
ثم نهض مسرعا وذهب دون أن يقول شيء.
ليقابل حمود أمام الباب ، ويمسكه من ياقة ثوبه بغضب / تعرف صح؟ تعرف انه أخوك رجع؟
نظر إليه حمود بصدمة / اهدأ يا عمي وفهمني وش تقصد .
تركه سعود حين علم من ردة فعله أنه لا يعرف شيء ، إلا أنه أراد التأكد / أخوك سلمان كان عندكم يوم طاحت هديل ، قول انك ما تدري !
حمود الذي أصابته الدهشة فعلا / مين قال لك هالشيء، صدقني ما أعرف شيء يا عمي.
نظر إليه سعود بقلة صبر لبعض الوقت ثم غادر بخطوات أقرب للركض وهو يتصل بإبنه، يخبره بما سمع .
علّ تلك المعلومة تساعدهم أكثر في البحث.
مع انهم وضعوا ذلك الاحتمال في أذهانهم.
إلا أنهم لم يهتموا كثيرا بموضوع سلمان بما انه غائب منذ فترة طويلة.
واحتمال عودته فجأة وبهذا الوقت قبل عقد قرانها ، كان أمرا لا يمكنهم التنبؤ به صدفة، أو تأكيده بالأصح .


_______________


أما عايض فكانت الأوضاع مختلفة لديه تماما.
فهو الوحيد الذي وضع ذلك الاحتمال في المقدمة.
وظل يحترق بمفرده دون أن يشعر به أحد ، أو يعلم أنه يمر بتلك الحالة العصيبة مذ علم عن فقدانها.
كأنه حقا يرى سلمان وهو يختطف محبوبته !
كلما ذهب إلى مكان للبحث عنها ولم يجدها ، راودته ذكرى من ذكرياته معها.
فيتألم أكثر .
خاصة اعترافها بما فعله بها سلمان .
الاعتراف الذي شطر قلبه وجعله هائما على وجهه ولا يعرف إلى أين يتجه .


تلك الذكرى قبل ست سنوات، قبل عودته إلى الديرة ليخبر يمنى فقابله ذلك الخبر البشع.. بسنة واحدة تقريبا .
وعدها أنه سيجعلها تعتاد على الخروج دون خوف وقلق.
دون تلك الرهبة التي تلازمها فتجعلها ترتجف بطريقة لا إرادية، فور سماعها لكلمة( خارج البيت ).
وعدها أنه سيكون الدرع الحامي لها، ولن يسمح لأي أحد بالاقتراب منها وأذيتها مجددا.
كما أنه أراد وبشدة في ذلك الوقت، أن يخرج برفقتها إلى أي مكان.
بعيدا عن الديرة وأجوائها التي تضيق صدر يُمنى أكثر.
طلب منها ذات مرة، فرفضت بشدة.
لم يسبق لها وأن ذهبت إلى المدينة.
بالرغم من أن اغلب اخوتها يسكنون في المدن.
إلا أن والدتها كانت شديدة للغاية، لدرجة أنها لم تزر أي أحد منهم ولو لمرة واحدة.
طلب مرة ثانية وثالثة ورابعة، لم تجبه سوى بالرفض في كل مرة!
إلا أنها رضخت في المرة الخامسة، وأسعدته كثيرا.
أتى إلى الديرة والسعادة لا تكاد تسعه، سيخرج في موعده الأول مع محبوبته حقا!
ذهب إلى المنزل وتأنق دون أن تفارقه الإبتسامة لحظة واحدة، حتى أن اخوته لم يتوقفوا عن المزاح معه والضحك عليه .
ليتجه إلى منزل عمه الراحل بعد ان انتهى ، واتصل بها لتنزل.
انتظر قرابة الربع ساعة أمام باب المنزل .
ما لم ينتظره ويتوقعه، أن يرى سلمان في ذلك اليوم الجميل بالنسبة إليه.
تجاهله وهو يتظاهر بالانشغال بهاتفه .
إلا ان الآخر أتى وفتح باب الجهة الثانية ودخل دون أن يستأذن.
نظر إليه عايض بدهشة/ وش عندك ؟
سلمان وهو يدعي الصدمة/ أفاا يا ولد عمي وش فيك عليّ؟ تحقد علي عشان بنت؟ ما سمعت الشاعر يوم قال لا جمع الله الرجال اللي تفرقهم مرا.
اتسعت عينا عايض وهو يمسك بياقة قميصه بغضب/ أي مرا هذي اللي فرقتنا؟ ما لك شيء عند يُمنى يا سلمان، حلّ عن وجهي الحين لا أرتكب في جريمة.
أبعد سلمان يدي عايض عنه يبتسم بسخرية / بس كنت بسلم عليك وعصبت علي؟ انت اللي تدور مثل هالحجة يا عايض عشن تفتك من يُمنى، اعترف.
أغمض عايض عيناه بقلة صبر، وهو حقا على وشك أن يرتكب به جريمة!
سلمان بخبث/ على العموم تهنى فيها كم يوم يا ابن عمي ، يمنى مردها لي ، رضيت ولا ما رضيت.
أمسك عايض بياقته مجددا وقربه منها ليلكمه على وجهه بقبضته بقوة .
ليهمس بأذنه/ وقسم بالله يا سلمان، لو لمست شعرة وحدة من يمنى إن يصلون عليك بعد أقرب فرض .
ضحك سلمان بطريقة مستفزة للغاية وهو يفتح باب السيارة، ويضع يده الأخرى على خده الذي ضربه به عايض/ نشوف يا ولد عمي، بالنهاية أنا أقرب لها منك ، حرفيا .
خرج وأغلق الباب بقوة، بنفس الوقت الذي خرجت به يُمنى من منزلهم.
ووقف سلمان يبتسم لها ويلقي عليها السلام.
فترد عليه ثم تدخل السيارة !
كان عليه أن يحذر الوقت !
أن يستوعب أن نبرته الخبيثة حقيقية للغاية !
وأنه حقا يقصد الإيذاء .


التفت إلى يُمنى ليقول بخفوت يحاول كظم غيظه بقدر الإمكان/ يُمنى أنا مو قلت لك لا تعطين سلمان وجه؟
نظرت إليه مستغربة من نبرته / إلا، بس وش سويت أنا؟
عايض/ صارحيني وقولي، قد تكلمتي معاه من بعد ما منعتك؟
توترت يُمنى وهي تقول / لا يا عايض، بس أرد على سلامه لما يجي عند أمي.
أغمض عيناه بقهر وهو يضرب المقود بيده/ يعني لسه يجيكم؟
يُمنى بارتباك/ إيه، يعني كيف نقول له لا تجينا؟
اقترب منها عايض يقول بحدة/ ما يهمني كيف، بس أهم شيء ما يجيكم مرة ثانية يا يُمنى، خير شر، مفهوم؟
انتبه إلى نفسه حين رآها تقبض كفيها بقوة ، وترتجف حدقتيها بوضوح.
حينها اعتدل بجلسته واستعاذ من الشيطان ، ثم تنهد والتفت إليها بهدوء.
ليمسك بكفيها المضمومتين ببعض، ثم يرفعهما ويقبلهما/ أنا آسف يا روحي، بس فعلا سلمان رافع ضغطي ومستفزني حيل .
ردت بنبرة مرتجفة / أنا ما لي ذنب طيب ، ما لي دخل بخلافاتكم.
نظر إلى عينيها بصمت، يقول في نفسه ( انتِ أساس خلافنا يا يُمنى ، يستفزني عشانك انتِ ).
كبت تلك المشاعر الغاضبة وابتسم لها/ تمام، إن شاء الله هذه المرة الأخيرة اللي أعصب فيها عليك بسبب هالحيوان، آسف .
يُمنى/ إن شاء الله، يعني أنا متوترة كفاية ، أربكتني أكثر عايض.
ضحك عايض وهو يرفع كفها ويقبلها مجددا/ آسف مرة ثانية.
سحبت يُمنى كفها بإحراج / بس عايض لا يشوفنا أحد.
عايض بابتسامة / خليهم يشوفون يا يُمنى ، خليهم يعرفون هالرجل المسكين قد إيش مبسوط ، لأنه أخيرا قدر يطلع مع حبيبته.
نظرت إليه بخجل ثم التفتت عنه .
تنهد عايض مجددا بهيام وعشق، ثم قاد سيارته مبتعدا عن منزل عمه، وعن الديرة كلها.
كان طوال الطريق يتحدث إليها، يمسك بكفها.. يحاول تهدئتها وطمأنتها.
يشعر بها وهي ترتجف من الرهبة والخوف، يشعر بها وهي تندهش وتتسع عيناها فور دخولهم إلى المدينة.
حين التفتت إليه فجأة وهي تضحك / أشوف هالأشياء بالجوال، بس صراحة في الواقع مرة غير، أحس انه المدينة قاعدة تبتلعني .
ابتسم وهو يستمع إليها ، ليستغرب وهو يرى ملامحها تتغير فجأة، ويدها التي بيده أصبحت مشدودة.
سألها بخوف/ فيك شيء ؟
قالت بصوت منخفض عكس حماسها في اللحظات القليلة الماضية/ كنت اظن اني أظلم نفسي بالسجن اللي فرضته عليّ ، أو عادات أهلي القديمة هي اللي قاعدة تظلمني، بس يا عايض.. الحقيقة انه المدينة أكثر ظلم من الديرة .
أوقف سيارته جانبا وهو يشعر برجفتها تزيد، ليلتفت إليها بكامل جسده/ ليش تقولين كذا؟
يُمنى/ ما أدري عايض، أنا خايفة.. خايفة كثير، رجعني تكفى .
ابتسم لها عايض يطمئنها ، وقلبه يؤلمه عليها / خايفة وانتي معي ؟ عارف انك ما نسيتي أذكارك ، يعني قبل لا أكون مصدر أمانك لازم تكوني واثقة بالله .
ادمعت عيناها لا إراديا / أدري عايض بتقول اني قاعدة أبالغ ، بس فعلا أنا مو قادرة أثق بأي شيء غير الله ، مو قادرة أحاول حتى ، لأني … رضيت بوضعي ، وهذا اللي خلاني ضعيفة بهالشكل .
أنزل عايض غطاءها عن وجهها بما أن المنطقة خالية ، ليضع كفه على خدها / أنا فاهم عليك وحاس فيك ، عشان كذا زي ما وعدتك راح أخليك أقوى من قبل ، خليك واثقة فيني .
نظرت يُمنى إلى عينيه ثم ابتسمت تهز رأسها إيجابا / أثق فيك .
عانقها عايض بقوة ليطمئنها أكثر .


عاد إلى الواقع وعيناه محمرتان ، ذلك اليوم كان مشؤوما أكثر من كونه يوما جميلا وفريدا!
في بدايته ظهر أمامه سلمان الكريه ليقول ما نفذه بعد سنة بالتمام !
ويصبح ما خافت منه يُمنى بالفعل ، ونطقته بلسانها دون أن تشعر ، حين قالت ( أحس انه المدينة قاعدة تبتلعني ) .
ابتلعتها أرض المدينة بالفعل ، وأصبح سلمان أقرب إليها منه .. حرفيا .
كما قال بالضبط .
حين وصلته رسالة مساعد التي أخبرها فيها أنه من الممكن سلمان هو مَن خطفها .
جن جنونه وهو يسرع بسيارته ، دون أن يدري إلى أين هو ذاهب !


__________


صباحا..

كانت عهود تجلس في الغرفة التي نُقِلت إليها آمال بعد ولادتها .
وجهها محمر من الإنفعال التي تكبته .
ماذا سيحصل إن علم ثامر بما حصل ؟
خلال اليوم أتى الكثيرون بالفعل من عائلة آمال ، والديها وإخوتها .
هنأوها وباركوا لها ثم ذهبوا إلى حيث أتوا منه .
وبقيت هي كمرافقة لها .
أخفت انفعالها بطريقة عجيبة .
لم تتمكن من الاسترخاء بعد أن رأت تلك الفتاة في الصباح .
وقالت لها ما قالت .
آمال سبب كل ما يحصل ، تنام بكل هدوء دون أن تدري ما هو على وشك الحصول.
تشفق عليها تارة، وتغضب تارة أخرى .
اليوم وفي وقت باكر، حين جلست مصدومة ، اقتربت منها الفتاة وهي تقول / الحين عرفت ليش انصدمتي من عرفتي اسم عمتي يُمنى !
التفتت إليها بهدوء تسأل بنبرة جامدة / وش تبين مني ؟
الفتاة التي لم تكن سوى حسناء / ما أبي منك شيء ، ما أعرف مين إنتي مين تكونين بالنسبة للي قاعدة تولد غير انها زوجة الــ …….. سلمان ، ما أبي منك شيء أبد تطمني .
وبكل هدوء أخرجت هاتف آمال من حقيبة عهود المفتوحة / بس تفتحيه وتتصلي على زوجها ، من حقه يعرف انه زوجته قاعدة تولد الحين !
عهود بغضب / ماني متصلة .
رفعت حسناء حاجبها بحدة / بتتصلين وغصبا عنك ، الحين .
سحبت عهود الجوال وهي تقول / اسمعي أنا ما أدري إيش اللي صار بين عمتك وسلمان بالضبط ، إيش الخلاف اللي خلاهم يتطلقون ، بس احنا بعد ترى ما نبيه ولا راضيين على هالزواج ، باللحظة اللي تولد فيها آمال راح تصير طليقته مو زوجته.
حسناء التي تعجبت من كلامها / ولا أنا تهمني طبيعة العلاقة بين هالآمال وسلمان ، المهم إني أشوفه الحين ، اتصلي .
تنهدت عهود بضيق ، وأغمضت عيناها بقهر في نفس الوقت ، ثم فتحت هاتف آمال بعد محاولات عدة لمعرفة الرمز السري .
أتاها الرد سريعا / ألو .
عهود باشمئزاز من صوته الذي تكرهه / آمال بتولد في مستشفى الـ ………. تعال بسرعة يبونك عشان الأوراق .
أقفلت فور أن انهت كلامها .
لتلتفت إلى حسناء / ارتحتي ؟
حركت حسناء حاجبها دون أن تقول شيئا .
وتكتفت وهي تسند ظهرها على الكرسي الحديدي ثم تغمض عيناها بتعب .
نظرت إليها عهود لبعض الوقت ثم سألت بتردد / ممكن أعرف إيش اللي صار بين عمتك وسلمان ؟ وليش هو هارب بهالطريقة كأنه ارتكب جريمة ؟
فتحت حسناء عيناها بتعب ثم قالت بهدوء / أولا هو ما طلقها .
اتسعت عيناها بصدمة / شلون ؟
ابتسمت حسناء / لأنه ما تزوجها أساسا .
اعتدلت بجلستها قائلة / وأنا بعد ودي أعرف كيف تزوج آمال .
سردت عليها ما فعله وما حصل قبل خمس سنوات باختصار .
لتردف عهود / الحيوان ، عشان كذا ما يتجرأ يقرب من الديرة !
نظرت إليها حسناء بتساؤل ، لتزفر عهود أنفاسها بضيق ثم تقول / آمال تصير أخت زوجي الصغيرة وبنت عمي ، تعرفت عليه عن طريق الجوال ، ما أدري كيف بالضبط بس انها حبته ، جا خطبها وأهل زوجي رفضوه لأنهم ما يعرفوه وجاي من بعيد وآمال بنتهم الصغيرة ، لكن هي كانت مصرة وزعلانة وإلا تبي تتزوجه ، طنشت أبوها وأمها وأخوانها وأهلها كلهم وعاندتهم عشان تأخذه ، لين رضوا غصبا عنهم عشانها ، بعد زواجهم بشهرين تقريبا جاتنا تبكي ههههههههه تقول انه تغير عليها ، وانه فجأة صار يكلمها عن وحدة اسمها يُمنى ، وانه راح يرجعها لذمته بيوم من الأيام ، اختنا كانت تحسب انها الوحيدة بحياته ، طلع باني فندق بقلبه ، يحب ويكلم ألف وحدة ، لما شفت عمتك عرفت انه يحاول يطيح البنات الضعيفات والصغيرات أمثالهم .
تنهدت وهي تكمل / فجأة قرر زوجي انه ينقل شغله ويسكن في ديرة ، ومعاه أخته .. سألته عن السبب وما جاوبني ، الحين بس عرفت انه عرف هالقصة اللي قلتيها لي ، عشان كذا جا يسكن هنا عله يقدر يمسكه بيوم من الأيام ، بعد ما عرف انه اخوان آمال راح يطيرون رقبته لو مسكوه على اللي سواه بأختهم .
ضحكت بحزن وهي تقول / زوجي من النوع الكتوم في الشيء اللي يخص أهله ، تدرين كم صار لي ما شفت أهلي عشانه وعشان أخته ؟ كنت توني مخطوبة لما صار اللي صار ، حتى زواج زي العالم ما سواه لي عشان أخته ، ومع ذلك رضيت وسكتت لأنه زوجي ، هذا اللي قالته أمي وتقوله كل يوم ، لازم تتحملي كل شيء عشان زوجك!
سكتت شوي ثم قالت / وبس يعني، هذا كل اللي صار ، واللي قهر في السالفة كلها انه هالغبية بعد ما هربت منه واشتكت ، حاولت ترجع له ألف مرة ، بس كنت أحاول قد ما أقدر اني امسكها وأخليها تتراجع عشان زوجي .
نظرت إليها حسناء لبعض الوقت ، كأنها تقرأها تماما .
تشعر من عينيها أنها حقا تعيش حياة خالية من المشاعر .
خالية من الحب ، خالية من السعادة .
مليئة بالتضحيات ، والتحمل الذي يفوق قدرتها .
ولو أن تلك الحياة تكاد تكون عادية !
إلا أنها بالتأكيد ليست كذلك بالنسبة لصاحبتها .
ابتسمت لها / الحين بس يجي سلمان بتكوني قدمتي خدمة لزوجك وفكيتي نفسك ، وقدمتي لنا احنا نفس الخدمة .
لم تنتهي عبارتها حتى اتصل سلمان ، لترد عهود دون أن تقول شيء ، ثم ما لبثت أن اتسعت عيناها وهي تسمعه يقول / ما راح أجي الحين ، أهلها راح يكونوا موجودين ، بجيها وقت ما يكون فيه الزيارات مسموحة .
أقفل لتخبر حسناء بما قال .
نهضت الأخرى وهي تضحك / توقعت ، عموما انتي خذي رقمي ، بس يجي كلميني .
أملت عليها رقمها ثم غادرت .
في الوقت الذي خرجت به الممرضة لتخبرها أن آمال أنجبت مولودا ذكرا .


الآن ..
وقد حل الظلام وصارت الساعة تشير إلى الثامنة مساء .
استلقت بتعب على الأريكة بعد أن صلت العشاء .
لتتأفف وهي تسمع رنين هاتف آمال .
نهضت مسرعة لكي لا تستيقظ الأخرى وقد نامت بعد عناء ، لتجد المتصل سلمان .
خرجت إلى الخارج وهي تجيب / نعم .
سلمان / أنا جاي الحين ، ما في أحد صحيح ؟
عهود / لا .
سلمان / وعدتيني إنك تخليني أشوف ولدي وآمال وأمشي ، لا تخلفين بوعدك .
ابتسمت بمكر وهي تقول / أبد ، ما أبي أأذي آمال وأجرحها كثير وهي توها والدة ، لا تتأخر .
أقفلت الخط لتتصل بحسناء من هاتفها ، وتخبرها أن سلمان على وشك القدوم .
ثم اتصلت بزوجها أيضا .


____________


كانت محتارة وهي تقف أمام دولابها ملابسها .
ماذا عليها أن تلبس !
تأففت وهي تسحب قميصا عاديا مع تنورة واسعة بحزام على الخصر .
لن تضطر لخلع العباءة أساسا .
رفعت شعرها بعشوائية كذلك ، ثم وضعت شيئا بسيطا على وجهها .
وخرجت بعد ان ارتدت عباءتها .
كانت والدتها نائمة في ذلك الوقت ، بعد أن تناولت عشاءها .
ذلك الوضع يخيفها كثيرا ويقلقها .
تعب والدتها الذي يزيد يوما عن يوما .
تنام اليوم كله إلا قليلا !
خرجت من المنزل بعد ان اتصل بها ليث وأخبرها أنه وصل بالفعل .
ارتبكت قليلا وهي تراه بداخل السيارة .
زفرت أنفاسها المحبوسة ثم تقدمت من السيارة ، فتحت الباب وركبت / السلام عليكم .
حرك السيارة بعد أن رد بهدوء / وعليكم السلام .
ساد الصمت بعد رده ، وكانت هي تضم كفيها ببعض بتوتر شديد .
ملامحه الجامدة التي تراها بطرف عينها تخيفها وتوترها كثيرا .
تخاف مما ستسمعه منه .
لأنها حتى هذه اللحظة لم تسمع شيئا يصب في صالحها .
إن كان عليها أن تستغل تلك العلاقة من أجل مصلحة هيفاء ، عليها هي أيضا أن تستفيد !
حتى وصلا إلى أحد المطاعم وأوقف السيارة ، ليترجل وتترجل من وراءه .
سارت خلفه حتى دخلا إلى قسم العائلات ، وإلى الطاولة الخاصة بهما .
أزالت النقاب حين خرج ليتحدث إلى النادل .
احمرّ وجهها بإحراج حين دخل وبيدها المرآة ، حيث كانت تنظر إليها وتعدل شعرها .
جلس أمامها ووضع قبضته تحت ذقنه ومرفقه على الطاولة ، تأملها قليلا وأردف / أعتقد كل ملابسك زرقا ؟
نظرت نوف إلى كمها الطويل الظاهر من تحت كم العباءة ، ثم ابتسمت / يمكن ، أغلبها .
ابتسم لابتسامتها ثم قال بعد أن تنهد / أكيد تنتظري الكذبة اللي اخترعتها أو المناسبة مثل ما قلتي ؟
ارتبكت مجددا وهي تتذكر أسلوبها معه صباح الأمس ، واكتفت بالصمت .
ليث بجدية / صدمتيني يا نوف .
نظرت إليه بدهشة / كيف ؟
ليث / ما توقعت ولا واحد بالمية انك تكونين ضعيفة لهالدرجة ، أو على الأقل تصدقين اللي تسمعيه فورا ، من دون ما تتثبتين من الخبر .
أكمل بعد صمت قصير / أنا كنت متأكد انك سمعتي عني شيء ، لكن شيء بشع مثل اللي قلتيه أمس ، طبعا لا .. ما كنت مصدوم من الكلام كثير ما كنت مصدوم منك انتي .
تنهد وهو يقول بضيق شديد/ أنا كنت صريح في المرة الماضية، ما كان بيني وبين بنت عمي شيء غير اللي قلته لك، ما أدري عن مشاعرها سابقا والحين، بس أتذكر إنها قد هددتني إنها راح تخرب بيني وبين زوجتي مستقبلا، أشك انك سمعتي منها هي.
هزت نوف رأسها نفيا ووجهها محمر/ لا.
عقد ليث حاجبيه وصمت لبعض الوقت قبل أن يقول/ أيا كان هذا اللي سمعتي منه، تأكدي إنه ما يتمنى لك الخير.
رفعت عيناها إليه بضعف وهي تبتلع ريقها، ثم ولته جانب وجهها بصمت.
استغرب ليث أكثر من ملامحها تلك ، ليمسك بكفها ويسأل / نوف ، أبيك تكونين صريحة معي وصادقة ، أنا صحيح غلطت يوم خبيت موضوع زواجي قبل ، بس مثل ما قلت لك لأنه ما عاد يهمني ، بس بعد كذا وعدت نفسي إني أكون صادق معك على طول ، ما تقدرين تسوين هالشيء إنتي ؟
استمرت نوف بالسكوت ، ليكمل هو / بصراحة أنا جدا مستغرب منك ، إلى الآن مو عارف كيف أحدد شعوري تجاهك ، مرة تكونين هادئة ومرة تفقدين صوابك وتصيرين إنسانة ثانية ، جاوبيني بأي شيء .
زفرت نوف بصوت مسموع قبل أن تقول / أنا آسفة لأني أسأت الظن … و ، ماني عارفة إيش أقول والله ، بس من جد آسفة ، أوعدك إني ما راح أصدق أي شيء قبل لا أتأكد منه .
ليث بجدية / لا تكونين ضعيفة كذا .
هزت رأسها إيجابا وهي تسحب كفها منه ثم تقف / بروح دورة المياه .
لفت حجابها وخرجت بخطوات مسرعة ، حتى استقرت بدورة المياه .. دخلت إلى أحد الحمامات وأغلقت الباب .
أزاحت الغطاء عن وجهها لتمسح دموعها التي لم تتوقف سريعا .
كل ما مرّ يوم ، ومرت هي بموقف ما .. اكتشفت جانبا جديدا من شخصيتها .
كل جانب أضعف من سابقه .
كأنها بالسابق كان تتغطى بقشر رقيق مزيف .
لذا صارت المواقف توضح حقيقتها !
كانت متأكدة تماما أن ليث بالفعل كان يحب ابنة عمه ، والآن بعد أن قال بضع كلمات صارت تصدق العكس !
حتى متى ستظل هكذا ؟
صار صدرها يعلوا ويهبط فجأة ، وجسمها يصبح ساخنا حين تذكرت هيفاء .
أعماها الحقد تماما .
هي من وضعتها في هذا الموقف ، وهي من تذيقها هذا العذاب .
إن استمعت إليها أكثر ، ستتجرأ على إزعاجها أكثر بالتأكيد .
عليها أن تضع نصيحة ليث نصب عينيها ( لا تكوني ضعيفة كذا ) .
مسحت وجهها بقوة وخرجت ، لتغسل وجهها وتمسحه ثم تعيد لف حجابها .
عادت إلى ليث وهي تشعر بالتوتر الشديد .
حتى جلست أمامه مخفضة رأسها بخجل .
رفعت رأسها أخيرا لتقول / بصدقك هالمرة ، وأتمنى فعلا توفي بوعدك لنفسك وتكون صادق للنهاية .
ابتسم لها ليث وهز رأسه إيجابا .


عادت إلى المنزل بعد ساعتين ، وهي عازمة على فعل ما رغبت به بشدة حين كانت في المطعم .
كان المجلس مفتوحا ، سمعت بعض الأصوات الصادرة منه .
دخلت وألقت السلام على عمر وابناء إحدى شقيقاتها ، لتقف بجانب الباب / عمر أبي أكلمك بموضوع .
نهض عمر بعد أن ترك يد لعبة الفيديو ، واتجه إليها مستغربا / إيش صاير ؟
أمسكت بيده / تعال فوق .
صعدت إلى الأعلى وهو خلفها ، حتى دخلا وأغلقت الباب .
جلست على الأريكة مترددة ، تفرك يديها بقوة .
فكرت كثيرا وهي بالسيارة ، هل تخبره أم لا .
قررت أخيرا أن تفعل .
كانت ترغب بالتضحية بسعادتها وحياتها الطبيعية من أجل عمر ، من أجل سعادته .
كانت تظن أن سعادته ستكون برفقة هيفاء .
ولكنها للتو أيقنت أن ذلك كان خطأ .
هيفاء وإن بقيت معه حتى آخر العمر ، لن تنجب له الطفل الذي سيسعده .
لن يكون سعيدا إن علم أن زواج شقيقته الصغيرة كان من أجله هو !
سيغضب كثيرا بالتأكيد .
لذا ، ألا ينبغي عليها أن تنهي هذا وتتفادى غضبه منها منذ الآن .
قاطع عمر تفكيرها / نوف ، تكلمي إيش عندك ؟
أغمضت عيناها بقوة قبل أن تفتحهما مجددا وهي تقول دون أن تنظر إليه / كنت صادق ، لما قلت إنه فيني شيء يوم الملكة .
نظر إليها بصدمة وتعجب / وش قصدك ؟
نوف / ما أجبرت نفسي ، بس ما كنت مرتاحة أبد .
عمر / سمعتي شيء عن ليث ؟
هزت نوف رأسها نفيا / لا ، في سبب ثاني .
أكملت بعد صمت قصير / ترددت كثير قبل لا أقول لك ، وإلا الآن مترددة وخايفة ، بس أحس لازم تعرف الحين ، ما أبيكم تتزاعلون انت وهيفاء ، بس لازم تعرف يا عمر ، وأنا آسفة .
عقد عمر حاجبيه من كلامها الغير مرتب / تكلمي يا نوف .
شجعت نفسها أخيرا على النظر إليه / هيفاء هي اللي أجبرتني على الزواج .
قطب جبينه بتعجب / شلون ؟
عضت نوف شفتها بضيق / تذكر هذيك المرة لما راحت بيت أهلها زعلانة ومو ناوية ترجع ، ثم رجعت مرة ثانية ، وارحت ورجعت ؟ ما تدري إيش صار فيها .
أكملت بغصة / كنت أنا بموت من إحساسي بالذنب ، وإلى الآن يا عمر ، ندمانة على اللي صار .. وحسيت إني السبب في إنها راحت بيت أهلها ، أدري قد إيش تحبها وما ودك تخسرها ، عشان كذا صار هالشيء .
زاجت تقطيبة جبينه وهو يسمع ما تقوله ويحاول إستيعاب ذلك / نوف تكلمي كويس ، رتبي كلامك أنا مو فاهم شيء !
ابتلعت نوف ريقها تقول بصعوبة / هيفاء قالت إنها راح تسامحني ، وراح ترضى تكمل معك إذا … إذا تزوجت وخلفت ، وأعطيها ولدي أو بنتي .
نظر إليها لبعض الوقت فاغرا فاه بذهول وغير تصديق ، ثم ضحك / إحنا في فيلم ؟ وش اللي قاعدة تقوليه يا نوف ؟ إيش هالكلام الغبي ؟
نهضت نوف من مكانها واقتربت منه ، جلست وأمسكت بكفه / أرجوك يا عمر لا تزعل مني ، أنا كنت بكمل من دون ما أخبرك عشان هيفاء تقعد ، خفت تصير بينكم مشاكل وأكون أنا السبب ، يكفي إني كنت سبب فقدانكم بنتكم .. بس .. كل ما مر يوم حسيت إني أختنق أكثر عن اليوم اللي قبله ، تعبت والموضوع لسه في بدايته .
أبعد عمر كفها عنه / نوف ! انتي غبية ؟ وش هالكلام اللي تقولينه ؟ تسمعين نفسك ؟
هزت نوف رأسها والدموع تتجمع بعينيها / آسفة .
فزت حين نهض عمر وهو يصرخ / آسفة على إيش ؟
نهضت معه وهي تنظر إلى الأسفل ، ليمسك بعضدها بقوة / وش هالغباء ؟ أنا فاعلا عاجز أستوعب اللي قاعدة تقولينه ، وانتي تقولين آسفة ؟
نزلت دموعها وهي ترفع رأسها تنظر إليه بوجل .
ليكمل ووجهه محمر / انتوا بزران ؟ وش هالكلام السخيف؟ الحين هيفاء رجعت عشان انتي وعدتيها تعطينها ولدك بعد ما تتزوجين وتنجبين ؟ عشان كذا جايبة لك عريس من طرفها ؟
هزت رأسها بالإيجاب ، ليضحك بغير تصديق وهو يترك يدها / وانتي بكامل قواك العقلية ؟ كيف ضمنتي موافقة ليث ؟ كيف توقعتي إنه ممكن يرضى يعطي ولده لغيره ؟
نوف / ما فكرت كثير ذاك الوقت ، كل اللي كان هامني إنه هيفاء ترضى ترجع .
رفع عمر يديه وأمسك برأسه ، ثم ضحك مجددا / أنا أبصم بالعشرة إنه حتى الأطفال ما راح يفكرون بالطريقة الغبية ، وش صابك ؟
نوف بهدوء / يمكن الحين استوعبت وصحيت من اللي كنت فيه ، بس عمر … أرجوك ، لا تزعل من هيفاء ولا تسوي مشاكل ، أرجوك .. هي أم يائسة وزعلانة من فقدناها بنتها الصغيرة اللي جات بعد انتظار طويل ، كانت تبى أي شيء يريحها .
عمر بغضب / بس ما تحاول تستغلك بهالطريقة الغبية ، اللي ما يستوعبها انسان عاقل !
اقتربت منه نوف وأمسكت بيده بحنان / أرجوك عمر ، أنا الوحيدة الغلطانة ، إذا في أحد لازم تزعل منه فهو أنا ، ما قلت لك إلا لأني حاسة اني فعلا تعبانة ، ومستحيل أقدر أخدع ليث .
ضحك عمر بغير نفس / طبعا ، لأنها خطة في منتهى الغباء ، ما أدري شلون جات في بالكم .
سكت قليلا ثم أكمل / وهيفاء … هيفاء ، راح تتحاسب على خطأها بعد .
أبعد نوف عنه واتجه ناحية الباب ، لتسرع نحوه بعينين متسعتين ، خائفة مما قد يفعله دون تفكير .

____________


أظلمت الدنيا بالفعل ، وهي لا زالت بعيدة عن عائلتها وبيتها .
لا تدري إلى أين عليها الذهاب .
أنهكها التعب والجوع ، حيث لم تتناول شيئا منذ الصباح .
كرهت أن تأكل ما لمسته يد ذلك الخبيث اللعين سلمان .
مر يوم ونصف بالضبط ، أو ستكمل يومين وهي لم تضع شيئا بفمها سوى الماء !
كان عليها أن تأكل وتتقوى على الأقل !
حتى لا تنهار وتسقط بهذا الشكل مرارا وتكرارا ، وتحدث هذه الكدمات في أماكن مختلفة من جسدها الواهن .


سقطت جالسة مجددا ، وتأوهت حين احتكت يدها بالأرض الخشنة .
رفعتها وهي تحاول النظر إليها من خلال بعض الأنوار الخفيفة المنتشرة في أنحاء ذلك المخطط الحديث .
تشعر بالرعب يدب في أوصالها ، تخاف أن يخرج أحد من تلك المباني فيؤذيها .
كانت تفتقر الثقة إلى الغرباء على أي حال ، بالطبع ستنعدم الثقة أكثر بعد أن حصل ما حصل الآن !
في لحظة ما تمنت لو أنها بقيت بداخل الشقة ، ولم تخرج وتضيع بهذه الطريقة .
فالأمان ضائع على أي حال .
ولكن لو كانت هناك وفعلت ما قاله سلمان ، وخدعته .. لتمكنت من العودة على الأقل .
حينها كانوا اخوتها سيتصرفون بالتأكيد .
ولكنها لا تُلام ، لم تكن في موقف يسمح لها بالتفكير جيدا .
كل ما كان يهمها هو ان تفر من سلمان، ولا يُعاد ما خصل تلك المرة.
استجمعت قواها مجددا بعد أن زفرت أنفاسها ، ونهضت تسير ببطء وعلى غير هدى ، وهي تترنح من شدة التعب والوهن .
تسارعت دقات قلبها واتسعت عيناها حين أبصرت أنوار سيارة آتية من بعيد .
ابتلعت ريقها وهي تبتعد إلى جانب الطريق ، وتختبئ خلف صخرة كبيرة نوعا ما .
حتى اختفت السيارة بعد أن مرت من جانبها .
لتتأفف بعد ذلك ، هل كان عليها طلب المساعدة !
لمَ هربت إذا ؟ ولمَ هذا المكان خالٍ بهذه الطريقة المفجعة .
اتكأت بظهرها على الصخرة وأغمضت عيناها ، لتتبلل وجنتيها مجددا ، وهي تضع يدها على صدرها وتدعوا الله من كل قلبها أن ينقذها ويخرجها من هذه المصيبة .
بعد مضي بعض الوقت ، وبعد أن حاولت تقاوم الخوف وتطلب المساعدة من أي من يمر من الشارع ، ولم تتمكن من ذلك .
استودعت الله نفسها وهي تعود إلى المبنى الذي به شقة سلمان .
ستخبره أنها موافقة للزواج به بعد أن يعيدها إلى عائلتها ، ثم لكل حادث حديث .
بما أنه لا توجد أي حيلة مع ضعفها ذلك !
الآن فقط فهمت وعرفت الحقيقة ، وهي عائدة إلى وكر الثعلب .
أن نفسها حقيرة وضعيفة للغاية .
وأنها لا تستحق العيش في هذه الحياة .
التي لم تفعل بها شيء سوى قبول الضعف والهوان .
لو كان اللعن حلالا وجائزا ، لربما لعنت نفسها ألف مرة .. والعياذ بالله من لو ، وما تؤدي إليها ( لو ) !


رفعت رأسها تنظر إلى الشقة المضاءة أنوارها وهي تبتلع ريقها .
ترقرقت عيناها مجددا ودقات قلبها تتسارع أكثر ، حتى ظنت أنه ربما سيتوقف بعد قليل بسبب ذلك .
التفتت إلى الخلف حيث الطريق الذي أتت منه ، وهزت رأسها نفيا مرات عدة وهي تبصر سيارة سلمان .
لتسرع الخطى خلف المبنى .
وتختبئ هناك ، وهي تشتم نفسها مجددا .
إن بقيت تتردد وتختلف مع نفسها هكذا ، ستموت لا محالة !
الآن لا تعتقد أنها ستتمكن من الذهاب أمامه !
لا تأمن جانبه أبدا ، لن تثق به وبخطته الحمقاء بالتأكيد .
نعم ، تفضل الموت على العودة إليه .


___________


في السابق..

كان حبه ليُمنى لم يكن عاديا .
بل أشبه بالهوس .
في تلك القرية الصغيرة التي لا تضم إلا أقاربه وأبناء قبيلته ، وبعض الذين لا ينتمون إلى القبيلة ، إلا أن الجيرة كانت أقوى من الروابط العائلية بالتأكيد .
كانت هي ، هي فقط من تلفت انتباهه منذ أن كانت طفلة رضيعة .
لم يكن جمالها عاديا على الإطلاق ، كانت كفلقة القمر .
حتى أن البعض كانوا يمازحون عائلتها فيقولون أنها طفلة متبناة من عائلة أعجمية من الغرب .
لشدة اختلافها عنهم جميعا .
لا أحد ينكر أنها اكتسبت ملامح والدتها ، ولون بشرة والدها .
إلا أنها بالفعل كانت مختلفة للغاية ، جميلة للغاية ، فاتنة للغاية .
لذا لم يمر يوم لم يذهب به إلى منزل عمه لرؤيتها .
كان يلازم منزلهم في الأحيان القليلة .
كان سعيدا حين لم يجد من يهتم بها أكثر منه !
أو ربما لم يلحظ ذلك !
حين تذهب إلى الخارج يراقبها عن بعد .
حتى يتمكن حمايتها من أي من يحاول التعرض لها .
ربما يُمنى لا تتذكر تلك الأشياء الكثيرة التي فعلها من أجلها ، ولكنه حقا تعرض للضرب مرات عديدة من بعض المراهقين في ذلك الوقت ، بينما كان هو بمفرده يحاول ضربهم بسبب تحدثهم عن يُمنى !
شتم نفسه كثيرا على غفلته عنها حين حاول البائع اغتصابها ، إلا أنه كان سعيدا إذ أدركها قبل فوات الأوان .
لكم كان فرحا حين مدحه عمه وشكره ألف مرة ربما ، وظل كذلك .. ممتنا له كثيرا لوقت طويل .
حتى بعد أن صدمه وحطم قلبه ، حين زوجها بعايض !
عايض .. الشخص الذي كان يغار منه لحب جميع أعمامه له ، ثم هذا الأمر .. جعله يحقد عليه أكثر .
لمَ كان عايض وليس هو؟
تحمل الأمر بصعوبة .. ولكنه بالتأكيد لم يتمكن من قبوله .
لذا لم يفارق منزل عمه ، وحاول أن يستفز عايض كلما رآه .. لربما يترك له يُمنى ويرحل بعيدا .
ولكن الآخر كان يبدوا متشبثا بها للغاية ، لا يدري ما السبب .. هل من أجل وصية عمه ؟ أم شيء آخر !
ما أغضبه كثيرا أيضا ، أن يُمنى كانت تكن مشاعرا غير عادية لعايض !
حقا لم يتمكن من فهم السبب ، بالرغم من انها كانت تشكوا له تصرفاته التي تغضبها .
تلك الشقية لم تكن تفهم لتلميحاته أبدا .
لذا وبعد مُضي بعض السنوات ، وأصابه اليأس..
ثم أتته الفرصة على طبق من ذهب، وأتته هي بقدميها .. لم يتمكن من تفويت تلك الفرصة على الإطلاق !
أحاطت به الشياطين من كل جانب، فلم يقدر على الفرار من تلك الرغبة .
فحصل ما حصل ، وضيع حتى تلك الفرصة الضئيلة في أن يتمكن من الزواج بها بعد أن يجعل عايض يطلقها رغما عنه بطريقة أو أخرى .
ليت الشائعة التي تدور حتى الآن عنه وعن يُمنى ، بأنه جذبها من يدها فقط بينما منزلهم خاليا ، كانت صحيحة !
لتمكن من إثبات براءته ثم الزواج بما أن عايض طلقها فور أن سمع عنها ذلك الأمر .


قبل ساعتين ..

بقدر لهفته على نيله ليُمنى ، كان متلهفا على سماع خبر ولادة زوجته آمال .
لذا ما إن وصله إتصال زوجة أخيها ، ترك كل شيء خلفه وهرع إلى الخارج دون أن يفكر بـأي شيء.
ولكنه بالتأكيد لم ينسى إغلاق الباب حتى لا تهرب منه .
ولكنه ما إن سار بعض الطريق تذكر إخوة آمال ، وأنهم ربما سيقطعونه إربا حالما تسنح لهم الفرصة لفعل ذلك .
لذا أكمل طريقه إلى تلك المدينة ، ولكنه لم يذهب إلى المستشفى .
بل بقي ينتظر بضع ساعات حتى بعد انتهاء وقت الزيارة ، لكي يضمن إمكانية ذهابه بينما المكان خالٍ تماما إلا من زوجته وعهود.
حين اطمأن خاطره اشترى بعض الورد والحلويات ، وذهب إلى المستشفى فرحا سعيدا .
على الرغم من أنه كان خائفا ، إلا انه اضطر على تجاهل ذلك الشعور .
ولم يكن لديه أي خيار سوى أن يثق بعهود !
ولكنه ما إن اقترب من هناك ، ونزل من سيارته حاملا تلك الأشياء .. انقض عليه من لم يتوقع رؤيته على الإطلاق !
وأخذ يضربه ويركله على مختلف أنحاء جسده ، حتى أوقفه والده بعد أن أمسك به من الخلف / يكفي مساعد ، لازم يطلع من هنا حي ، سوي فيه اللي تباه بعد ما يأخذنا ليُمنى .
رفع رأسه بصعوبة ينظر إليهما ، سعود ومساعد إبنه .
كان مساعد يلهث بشدة ووجهه محمر تماما ، أما سعود فكانت ملامحه جامدة .
رغب بالهروب من أمامهما ، ولكن ذلك مستحيلا ..
مساعد وسعود لم يكونا بمفردهما ، بل هناك آخرون غيرهما .. أحد إخوة يُمنى ، واثنين من أبناء اخوتها .
لم تكن لديه أي فرصة للتفكير ، حين انقض عليه مساعد مجددا وضرب خده بقبضته بقوة ، ثم جعله ينهض .
دفعه نحو سيارته بعد ذلك / اركب وخذنا ليُمنى ، الحين .
لا يدري ما الحماقة التي جعلته ينطق بما نطق ، حين قال بصوت منخفض / مين قال لكم إنه يُمنى عندي ؟
اتسعت عينا مساعد للحظات ، قبل أن يصرخ ويلكمه مجددا / والله يا سلمان إنك لا تصير جثة على يدي لو حاولت تتلاعب وتلف وتدور ، الحين تودينا عندها ، أو تعلمنا وينها واحنا نتركك لأخوان زوجتك اللي ينتظرون مع الشرطة .
التفت إلى ناحية ما ، ليلتفت هو معه ويبصر اخوة آمال ، اتسعت عيناه حين رفع أحدهم صوته بغضب / ما عليك خلصوا شغلكم معه ثم سلمونا إياه .
ابتلع ريقه وهو يعاود النظر إلى مساعد ويهمس / يُمنى مو عندي ، ما أعرف وينها .
اقترب منهما سعود يقول بحدة / يعني سبحان الله ما اختفت إلا يوم ظهرت انت فجأة وعرفت عنك بنتي ؟ وما تدري وينها ؟ علمنا بسرعة وينها قبل يبكون عليك أهلك .
ضحك سلمان بقهر رغم خوفه وارتعابه ، بالطبع الآن ليست لديه أي فرصة للهروب أو الكذب ، وهو محاط بأعداءه أجمعين !
ولكنه حقا إن نطق وأعلمهم عن يُمنى ، سيفقد فرصته الأخيرة للعودة إلى حياته الطبيعية !
إلى تلك الدرجة كان يائسا في تلك اللحظة ، ويتمنى أن تحصل معه معجزة تمكنه من الفرار منهم بأي طريقة حتى يعود إلى يُمنى ويقنعها بفكرته الحمقاء للغاية !
نطق بسخرية / وإذا ما قلت ؟
التفت حيث اقترب أحد إخوة آمال ، والذي ربما لم يبلغ العشرون سنة / أقدر أعرف من جواله وين كان .
نظر إليه مساعد للحظة قبل أن يخرج هاتف سلمان من جيبه ثم يمسك بإبهامه ويجعله يفتحه ، ثم يرميه على الشاب بعد ذلك .
كان ماجد مهووسا بالأجهزة الإلكترونية ، ويعرف كل شيء يخص الالكترونيات.
تعلقت عينا سلمان بذلك الشاب وهو يشتمه ويسبه بداخله ، خاصة وأنه يشبه آمال كثيرا .. لأنه لم يكن سوى تؤامها .
يذكره بزوجته ، ويجعله يتحسر ألف مرة في آن واحد .
انتهى ماجد في غضون عدة دقائق ، ليناول الهاتف لسعود قائلا / كان بهالمكان قبل كم ساعة .
نظر إلى سلمان بقهر / خلهم يرجعون بنتهم ، والله لا أشرب من دمك يا خسيس .
ويبدوا أن تلك العبارة لم تكفيه لإفراغ غضبه ، حين اندفع ناحيته وأبعد مساعد ثم أخذ يضربه بكل غضب.
دون أن يدرك أنه بفعلته تلك سنح لسلمان فرصة الهروب من قبضة مساعد القوية .
ولكن الآخر ما إن تحرك ونوى الهروب أمسك به شقيق يُمنى ، وأدخله بسيارته بمساعدة ابنه/ بجيبه معي اسبقنا مساعد بنجي وراك.
ماجد الذي أمسك به ثامر بغضب / مجنون انت ؟ بعد شوي راح يكون عند الشرطة ، إيش راح تسوي إذا اتهمك بالإعتداء .
ماجد الذي لم يتمكن من منع نفسه على الإنفعال بتلك الطريقة / خليه يموت على يدي وأنسجن ما همني ، كيف تجرأ يكذب على أختي ويخدعها .
هز سعود رأسه بأسى ثم ربت على كتف ثامر وابتعد مع الآخرين .
سعود والآخرون لحقوا بسيارة مساعد الذي قادها متجها حيث الموقع الذي تشير إليه الخريطة بهاتف سلمان .


وصلوا إلى هناك خلال نصف ساعة تقريبا .
كان سلمان منهك القوى ، تؤلمه الكثير من أعضاء جسده .
خاصة وجهه الذي تلقى به الكثير من اللكمات ، حتى من ذلك المراهق !
حتى توقفت السيارة أمام المبنى ، أخرجه شقيق يُمنى بالقوة .
وجعله يقودهم إلى شقته .
اتسعت أعينهم جميعا حين وجدوا الباب مفتوحا ، وبقعة من الدماء بجانب الباب!
تسارعت دقات قلوبهم جميعا من الخوف ، سلمان أكثرهم بالتأكيد .
ابتلع ريقه وهو يسرع إلى الداخل ، والأخرون خلفه .
اتجه ناحية الغرفة التي كانت بها يُمنى ، خرج منها حين وجدها خالية .
ثم صار يفتح أبواب الغرفتين الأخرتين ، أبواب دورات المياه .. المطبخ الذي كان مفتوحا ، وبعض الأدوات على الأرض بعشوائية .
عاد إليهم بوجه شاحب / ما هي موجودة .
نظروا إليه بعينين متسعتين ، ثم تفرقوا بعد ذلك يبحثون عنها .
بعضهم بداخل الشقة نفسها ، والآخرون في المبنى .


___________


لا يدري بأي سرعة قاد سيارته ، وهو يتجه نحو الموقع الذي أرسله مساعد منذ لحظات قليلة .
حتى وصل خلال خمس دقائق .
ترجل من سيارته بعد أن أوقفها بجانب السيارات الأخرى ، ورفع هاتفه يتصل بمساعد .
ولكنه قبل أن يتمكن ، لفت انتباهه صوت خطوات صادرة عن يمين المبنى .
ثم صوتها المنخفض ، وهي تنادي بإسمه / عايض .
اتسعت عيناه بدهشة وصدمة وهو يبصرها ، وحالتها التي بالتأكيد لا تسر حتى العدو .
أعاد الهاتف إلى جيبه ببطء وهو يقول بصدمة / يُمنى !
نظرت إليه بوهن ورجاء ، قبل أن يسرع نحوها ينظر إليها وحالتها المزرية .
ليشهق وهو يرى يدها اليسرى التي تحولت إلى الأحمر من الدماء !
وما إن وصل إليها حتى أظلمت الدنيا بعينيها مجددا ، وسقطت على الأرض بقوة، مغشيا عليها .
وضج المكان بصوته وهو يصرخ بإسمها مفجوعا.


__________


انتهى الفصل



أتمنى يعجبكم
وأتمنى تعذروني للمرة الأخيرة إذا تأخرت عليكم في تنزيل الفصل الجاي
لأني جدا حايسة والترم على وشك ينتهي ، واحنا ضايعين تماما
والله المستعان




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس