عرض مشاركة واحدة
قديم 05-04-20, 12:48 AM   #92

Dalia bassam

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 410881
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 321
?  نُقآطِيْ » Dalia bassam is on a distinguished road
افتراضي

الثامن و العشرون
" صباحًا"
فتحت عينيها المرهقتين ... التعب نال من جسدها جزءا يسيرا فأعياه بشكل كلي...
تطلعت حولها
وجبينها يتغضن منزعجا من الضوء الذي غزا ظلمتها السابقة مستغربة و لم تستوعب بعد غربة المكان ... ولا تتذكر بعد ما الذي حصل معها أيضا ......!
تغضن جبينها وقد أدركها الألم مجددا .. شاعرة بثقل ما فوق يدها ... فوجدت ابنتها زلفى تحتضن كفها ..ويبدو ان النوم تمكن منها حتى غطت به ...
حاولت سراب تحريك لسانها ... لكنها بدت أكثر تعبا من أن تنطق بأي كلمة ...
الأنفاس التي تلفظها تترك وخزا مؤلما بجُدرِ قلبها...
بعد لحظة من يقظتها أدركت متذكرة ما حصل...
انقبض قلب سراب ....
كيف لها أن تنهار ..؟
كادت ان تنقلب موازين فرحة ابنها إلى عزاء
تجمعت الدموع بعينيها... يبدو أنه مكتوب لأيوب أن تكون افراحه مشيدة بغصة مريرة..!
صوت الجهاز ارتفع عندما تحركت سراب قليلا مما جعل زلفى تنتفض مجفلة
تطلعت إلى امها واتسعت عينيها المرهقتين ادراكا بيقظتها أخيرا ....
قبلت كفها... ووجها ... هتفت زلفى بصوت بدت آثار النوم واضحة عليه .. وهي تتلمس وجه امها
" لا تتعبي نفسك ماما ... ارتاحي... سأنادي الطبيب "
وخرجت من عندها بلهفة
بعد برهة.. نقلت سراب إلى غرفة أخرى... وجه الطبيب كان يحمل بشائر مطمئنة على استقرار وضعها ...
لكن زلفى .. التفكير يغرس مخالبه الوحشية بعقلها.. فيدمي افكارها
كادت أن تخسر امها ...
طوال ليلة الأمس اتعبها التفكير و ما الحل ؟
وما نهاية وجودهم بهذه البلد التي من المفترض أن يكون لفترة محدودة قد طالت الآن!!...
جلست على كرسي الانتظار... وسرحت بأفكارها ... لأول مرة تشعر بثقل المسؤولية...
شنفت اذنيها...
صوت خطواته أصبح مألوفا...
خطوات بطيئة ... توحي ان صاحبها متردد قد يغير مسارهُ بأي لحظة ...
عقد ذراعيه خلف ظهره ... وتوقف بجانب الكرسي الذي تجلس عليه زلفى متمتما بتحية خافتة
... نطق اخيرا بصوت هامس
" عمي أخبرني أن امي استيقظت اخيرا ..."
هزت رأسها بتأكيد ..
الا انه تابع بصوت مرتعش.. يستشف إجابة حسنة تريح سهده
" هل هي بخير؟"
ارتفع وجهها لتنظر إليه... تتمعن بالتحديق بعينيه الشبهتين بعيون امها ...
حتى تقاسيم وجهه كان لها نصيب من ذلك الشبه...
قالت زلفى وهي تقف أمامه
" هي بخير...ستراها بنفسك لتتاكد من ذلك "
أرادت أن تغادر ... إلا أن شيئا ما .. يجبرها أن تتحدث معه.. وتدخل لسريرته ...
همست مبتسمة ..
" تعال لنخرج قليلا .. ريثما ينتهون من فحصها " ..
..
كان الجو لطيفا مختلطا بنسمة هواء باردة ....
يخطوان بين الحشائش صامتين ... لا يكسر صمتهما إلا صوت خطوات أقدامهما ..
قال أيوب بتعب ..
" لا أعرف كيف سأراها.. اشعر اني السبب بصدمتها ..."
اشتدت شفتيه عن متابعة الحديث ... مختنقا بكلماته ..
تطلعت زلفى لايوب تترصد اختلاجات وجهه القاتم ... ثم قالت بنبرة غريبة تحمل بطياتها تأنيبا
" رغم خطئك بإقصائها .. بعد أن دنت منك ... الموضوع ليس صدمةً بعروسك التي ارتبطت بها! ... وإنما ارتباطك دون دعوتها او اخبارها ... وكأن وجودها بحياتك وعدمه واحد ... جعلها تحمل زعلا كبيرا..اتعب قلبها "
اليوم لا تعرف ما بها ... كان ستار الجهل وقع .. لتبدأ رحلة الإبحار بمعرفة أيوب..
شحوب وجهه .... ولمعة عينيه اللتان تحكيان حزنه
وتحكيان وجه الشبه بينه وبين امها
وكأنهما وجهان لحزنٍ واحد "
ابتسامة صغيرة منحته اياها وهي تقول بمودة
" لكن لا تحمل نفسك الذنب كاملا ... امي انفعالية بطبعها ... ولم تحتمل المفاجأة .."
رغمً عنها ترفقت به ...ورغما عنها حملته جزءًا من السبب !
رد أيوب وقد شعر بذنب حقيقي ...
" طوال ليلة الأمس كنت اعيد حساباتي... يبدو اني تسرعت "
صمتت والى هنا توقفت عن النصح ... فالطريق طريق ايوب وحده !
اما ايوب شعر الآن بالمسؤولية مما اختاره...
بداية طريقه شائكة صعبة ... فكيف له ضمان الوصول سالما لوسط الطريق على الأقل ؟
وبالمقابل ملاذ لا تساعده …
فكر كثيرا بحالهما ...
هل الحب هو ما دفعه حقا ليخطبها ؟؟ ...
ام دافع الإنتقام تأجج بداخله ليحرم عمران من ابنته...
وقد اختلطت الحجتين …
طوال الامس جلس يفكر وقد قرر اخيرا .. قرارا حتميا لا رجعة فيه !...
و البادئ اظلم ...
____
فتحت ام شهم الباب ... لتجد سراب واقفة ..
اتسعت عينيها بمفاجئة لهذه الزيارة العرضية
فقالت بترحيب كبير.. يحمل سعادة اكبر
" هذا أجمل صباح والله... اهلا يا ابنتي .. تفضلي "
دخلت سراب بهدوء ... ثم نظرت للبيت كأنها تراه اول مرة .. بكل مرة تأتي إليه..
تشعر برهبة ما... تقبض على قلبها ..
.. أغلقت ام شهم الباب... ومشت أمامها وهي تشير إليها مرحبة بمبالغة … حتى تكسب ود كنتها
" ادخلي يا ابنتي هذا سيصبح بيتك بالنهاية... "
قالت سراب بصوت بارد ... و ملامحها تقسو
" هل شهم هنا "
ردت ام شهم التي توترت ابتسامتها
" لا .... اقصد ..... سيأتي بعد قليل "
هاجس جعل ام شهم تعرف أن وراء كنتها أمرا ما تخفيه ... وجاءت لاجله …!
جلستا سويا بالشرفة ... حيث كانت أم شهم قد رتبت هذه الشرفة بشكل جميل ملفت ...
رائحة الريحان تغزو الرئتين عندما .. تدخل إليها... تجعل من يدخلها يستنشق عبيرها دون زفير ..
شكل الورود الصفراء المتفتحة مع خضار النبتة الكثيفة التي تمسك الحائط ..ممتدة من بداية الجدار.. حتى نهاية سور الشرفة ...
للحق حماتها إمرأة تصنع جنةً على طريقتها ...
قالت ام شهم بترقب ... لملامح كنتها الواجمة
" بصراحة يا خالة لم أجد وقتا مناسبا حتى اتحدث مع شهم ... لكن شهم أخطأ بحقي "
ارتفع حاجبي ام شهم ... وهي تهتف بحرج ..
" ماذا فعل ولدي..؟ إن أخطأ بحقك سأشده من اذنيه أمامك.."
رفعت سراب ظهرها .. ثم قالت ببطئ ..
" شهم حدد موعد الزفاف "
ضحكت ام شهم بجذل لتقول معاتبة
" وهل هذا أمر يدعو للزعل؟؟.. ابني متلهف للزواج .. وهذا دليل كبير على حبه لكِ"
تنهدت سراب وهي تهمس بداخلها يبدو أن كلماتها لم تصب بعد ... هذه الامرأة ساذجة كفاية... حتى لا تستوعب مقصدها ..
قاطعت حديث حماتها لتقول بحدة مستنكرة ..
" شهم يريد أن نعيش ثلاثيتنا في بيت واحد .. وانا اعترضت على ذلك... "
شبح الصمت خيم على التي تقابلها .. بينما تابعت سراب قولها
" أتفهم تعلقه بك ... أتفهم كل ذلك .. لكن من حقي أن يكون لي منزلي المستقل و الخاص بي... دون شريك ...!
كما أنه من حقك انت أيضا الشعور بالاستقلالية..."
وجهها الابيض تخضب بحمرة حزينة...
رمشت ام شهم بعينيها الصغيرتين ... قائلة بعتب
" وأين اذهب بنفسي ... هذا بيته أيضا ... وهو و حيدي "
كادت أن تبكي الا ان كرامتها أبت ... فقالت وهي
تتطلع إلى سراب ... تسبر ودها
" انا ليس لدي أحد... و بالمقابل ولدي يحبك ... تخيلي اني امك انت لا هو ... هل كنت ستتركيني وحيدة ؟"
رمشه خفية هو ما التقطته من وجه سراب الرخامي ...
بينما سراب قالت بنبرة باترة ...
" هذا شرطي لإتمام الزواج ...."
صوت ما قصف من ورائها ..
" حسنا ... لن يتم إذن "
اجفلت سراب وقد استدار وجهها خاطفا.. لتجد شهم واقفا ... متصلبا بطوله أمام الباب...
اقتربت أمه منه قائلة بتدارك وصوتها يرتعش ... من
هية ملامح ابنها الواجمة ...
" ما هذا الكلام يا حبيب امك ... كلامها صحيح ... انا من رأيي أيضا أن..."
قاطع استرسالها قائلا بقسوة للتي امامه ... وعينيه تشزران سراب دون حياد ...
" ما تريده سراب لن يحصل ..."
خمد غضبها ...وأمام عينيه المتعمقتين ... ثمة اشتعال آخر رهيب يسري بأوصالها اوقدته نار الغيرة وهو ينحى بصره عنها ... !
عضت شفتها السفلى غيظا
... مقهورة منه و من قبلته التي حطها على جبين امه ...
اشتدت كفيها المتعانقين بحجرها وهي ترى سرعة حال تبدل نظراته بينهما ....
مشت سراب ناحيته دون حمل حقيبتها .... بينما أمه قالت بهدوء ...
" سأحضر لكما شيئا لتشربانه... لا شيء يستحق أن تغضبا لأجله
كل شيء وله حل يريضكما "
وذهبت أمه متوجهة للمطبخ ... اما سراب عينيها السافرتين لا ترمشان ... تتحديان عينيه الصقريتين القويتين
لمن غلبة الانتصار بالنهاية ... ؟
لحمرة الشفق ... أم لأشعة الشروق الذهبية ؟
...
اخفضت نظراته لتتأمل كل شبرًا به ...
شكله اليوم يبدو غريبا ...
بنطاله بلونٍ ترابي فاتح ...
وبلوزته سوداء داكنه لا يتخللها اي بياض...
ابتسامة مغوية خطت شفتيها المحمرتين ... بينما عينيها تهبطان من عينيه إلى شفتيه ...
اقتربت برأسها منه لتلفح أنفاسها الرتيبة ذقنه الذهبية ..
وعلى رؤوس أصابعها وقفت لتتلاعب على أوتار قلبه ....
قبلت شفتيه ....
تنازلت اخيرا... وبادرت ...!
عينيها مغمضتين … ويديها تحيطان كتفيه كأفعى ماهرة بأعتصار فريستها ....
دوار قوي شعرت به ... وهو يلفها و يدفع بها إلى الحائط مبتعدا عن اي نظرات متلصصة قد تراهما ...
تأوهت بخفة عندما اصطدمت بالحائط .. رغم انه كان حاميًا ظهرها بكفه الصلبة .. !
همس شهم قائلا بصوت أجش خافت .. قريب جدا من شفتيها .. يكاد يفترسهما.. انتقاما لغضبه ونشوة لفرحه .. !
" وقتٌ رائع لتخرسيني بقبلة... لكن ليس أمام الناس على الأقل... ماذا يقولون عني ؟ محكوم ؟"
عينيه تأسران عينيها المسبلتين ... وتأمرانها .. أن تعيد قبلتها ... فلا ترحم هدير قلبه المختص تاثرا بها...!
و بإرادتها فقط انصاعت سراب له ..
___ ***
كان ايوب يجلس على السرير بجانب امه ... يقبل كفيها ويعتذر ...
وهي تتمتم راضية عنه ... !
ابتسامتها لم تبارح شفتيها منذ دخوله ..
كانت انجود تشعر بنيران حارقة تأكل قلبها ...
بسببه هو كادت أن تخسر امها
هربت من الغرفة قبل أن تدخل لكنها ارتطمت بصدر حازم و اندفعت للوراء ...
قال حازم بصوت أجش .. وهو يمسك مرفقها حتى لا تقع
" انتبهي ..."
سحابة الدموع... تغشيان عينيها الزرقاوين كبحر غاضب ... هائج!
نفضت ذراعه عنها ... وابتعدت شاهقة بدموعها
اراد اللحاق بها ... لكنه بقي واقفا .. متسمرا ...
هذه الفتاة المسترجلة ... غريبة الأطوار ..
دخل للغرفة ... سلم على ايوب بحرارة .. بينما ايوب ... قال بتشكك وهو يبتعد عن امه
" هل هي حقا بخير .. وجهها شديد الصفرة "
نظر حازم لايوب...ووضع إحدى يديه بروبه الطبي بينما بالأخرى يعدل من نظارته .. ليقول مستطردا بالشرح...
" لا أخفيك أمرا... قلبها كان متعبا عندما اتت ... لكن الآن وضعها شبه مستقر ... طوال ليلة الأمس كان وضعها امنًا ... سنراقبها ليومين آخرين ... وبعدها نحكم "
هز ايوب راسه ... بينما عينيه القلقتين تنظران إلى أمه التي تحاول مكابرة وجعها أمامهم ...
طرقات خفيفة ... وكلمات تحمل دفعة إيجابية قالها محمود ... بينما ديالا تتبعه وهي تلقي تحية خافتة بلباقة ...
قال محمود وهو يقرأ تقرير حالتها
" وضعك ممتاز الحمد لله ..."
قالت سراب بخفر
" هل أقدر على الخروج اليوم... ؟؟.."
نظر محمود إلى ديالا بينما يقول لسراب حقيقة الأمر ...
" وضعك الصحي سليم إلى الآن ... الدكتورة ديالا ستشرف على حالتك خلال وجودك اليومين القادمين هنا .. "
قالت سراب بمقت
" ماذا يعني .. ستطول مدة مكوثي بالمستشفى ؟ "
قالت ديالا بعملية...
" وجودك هنا لا يعني انك بحالة سيئة ... هو إجراء احترازي … نجري به جميع التحاليل والكشوفات اللازمة فقط "
أطرقت سراب براسها …
بينما ديالا تابعت حديثها ...
" الليلة سنجري لك تخطيطا آخر للقلب ... حتى خلال نومك أيضا "
قالت سراب مستسلمة ... وهي تنظر لمحمود
" حسنا ... لكن بالله عليك يا محمود اذا كان وضعي الصحي جيدا اخرجني بأسرع وقت ..."
ضحك محمود بينما يقول بنبرة مرحة
" طبعا لن نحتجزك... ستخرجين من هنا لتجهزي لعرس ولدك... وتفرحين به كما تتمنين .."
اخفض ايوب راسه عن عيني امه اللتان ، عادت نظرة الحزن لتشوبهما مجددا ..
بينما ديالا استدارت بنية المغادرة وهي تتمنى الشفاء لها ...
ألقت تحية سريعة مقتضبة ...على أيوب ... الذي تعرفت عليه سريعا بيوم الطُلبة… وغادرت
___
" الطابق العلوي كله لنا ... الشقة تعتبر منفصلة ... نحن لا نشترك سوا بمخرج واحد "
يحتضن كفها الموضوعة فوق صدره...
يرسم احلامه ... ويخبرها أن القادم سيكون مفرحا ... بينما هي لازالت تنظر لعينيه بشجن متطلب ... بعد تلك القبلة التي حطها على جبين امه ...!
همست بصوتها الأبح
" ماذا عن موعد الزفاف ؟.. اظن انك استعجلت الأمر "
قال لها و ابهامه يداعب كفها ..
" كل شي جاهز .. لما الانتظار يا سراب "
اسبلت اهدابها ... لتقول ببطئ
" قبلني... "
دفعه قوية من الدماء ضخت بأوردته ...
ما بها اليوم ؟
بينما تابعت بخبث ..
" على جبيني "
صدرت ضحكة خشنه ... شعرت باهتزازات خروجها من صدره النافر
بينما قالت سراب بتلاعب ..
" إذا قبلت جبيني ... سأوافق "
كيف تكون روحها أكثر تأثرا ...
و اكثر رضا وهي تشعر بشفتيه تحطان فوق جبينها ...
اشتدت يدها فوق بلوزته...
بينما عيني شهم تلمعان بعاطفة جامحه ... وشفتيه تعودان لتلثم جبينها ..
اطبقت جفنيها بقوة ... وذاك الشعور الذي تكرهه يغزوها
.....
شعور حب التملك الذي أصبح يراودها كثيرا اتجاه شهم ... !
&&&
صرختها شقت سكون الليل ....
عاد حزامه ليسقط مرة أخرى فوق جسدها الضئيل
بينما تنادي امها بعويل مزق أوتار صوتها
سحبها من قدمها حتى ارجعها لزاوية الغرفة ....
صوت لهاثه يعلو بشكل مخيف ....
كسرت كلمته ...
وكسرت هيبته أمام عائلة اخته
انتهت حجج ياقوت ..
وانتهى رجائها لأبيها حتى يعفيها من هذا الزواج البائس
صوت الشيخ بأذنه هو يسألها صراحة
" هل أنت راضية يا ابنتي .. توافقين على أيمن زوجا لك ؟ "
عيني ابيها تشزرانها
مما جعلها تبتلع ريقها هلعه ...
فهتف الشيخ بقوة ..
" هي كلمة واحدة اما أن نكمل بها ... أو تتراجعين "
هتف مؤيد بضجر
" موافقة يا شيخ "
" لا "
صيحت استنكار لفظتها وهي تنفض رأسها رافضة بقوة
" لاااا ... لم اقبل يا شيخ ... لا اريد "
صدره بدأ ينهت .... غارقا بالخزي والمهانة
...
وبعد مغادرة الشيخ، رمقته اخته بسخط قائلة باستهزاء... بعد أن أهدرت كرامتهم على يد فتاة قاصر !!
" عندما تشور على بناتك .. وقتها فكر بتزويجهن... "
بكت عائشة بقوة مريرة.. تطرق الباب عليه... تهتف راجيه بتوسل متضرع
" .. اترك ابنتي ... اضربني انا ...لكن أرجوك اتركها!
صرخة أخرى
هجرت الطيور من اعشاشها عندما أمسك يا قوت من شعرها ورطمها بالحائط . لتسقط على الارض محطمة الجسد... و الخاطر !.
&&&
" بعد أسابيع.."
تجهيزات الزفاف .. بدأت تزيد من توتر سراب ...
ليلة الحناء بنهاية الاسبوع ...
وزوجة عمها مشغولة بتحضيرها الامر بنفسها!
ضحكت سراب وهي تشعر أن الفرح الحقيقي هو لنهلة .... التي تخلصت منها بسهولة ...
صوت والدها يعلو مناديا عليها …
استدارت سراب على اثره مبتسمة مع إغلاق آخر حقيبة لها...
بينما تسارعت خطواتها لتعانق والدها ...
ربت على ظهرها ... بينما يقول جذلا .
" هل ينقصك شيء ... ؟"
قالت بسعادة جلية .. تفوق حدود السماء
"تنقصني رؤيتك .. قبل ان أغادر هذا المكان "
اختلج صدره بشعور مؤلم ..
بينما يقول مهددا
" سأخلع اذنيه إن طلبت مبيتك هنا ورفض"
ضحكت بينما هتفت متخصرة
" ما بال الجميع .. يتوعد لاذنيه "
اتصال هاتفي جعله يتحرك مسرعا.. بينما يشير لسراب أنه سيعود ....
لم ينتبه قاسم لتلك الصورة التي وقعت أرضا....
انحنت سراب بجذعها واخذتها وما إن فتحتها حتى قبضت عليها بقوة شديدة سحقتها .... !
على أنغام الماضي قبل أعوام سعيدة مضت وصوت سعدون جابر يصدح من المذياع
" يا أمي يا أم الوفا يا طيب من الجنه... يا خيمة من طيب و وفا جمعتنا بالحب كلنا "
تذكرت سراب امها التي كانت تستمع إلى هذه الأغنية لساعات طويلة ... مستغربة لبكاء امها عليها بكل مرة
" تعلمت الصبر منك يا يمه ... الهوى انتي الهوى ومحتاج أشمه "
لكن الآن وبعد سنوات طوال ... مرت ولم تُنسى
سقطت دمعتين عزيزتين من عيني سراب ... مسحتهما سريعا... وهي تنحى قشعريرة شوقها لامها …
تنحى ذاك الحزن الدفين الذي ينبش بكل حلوة ومرة .،..
من كان يدري أن تنقلب الأحداث وتصبح تلك الصغيرة التي تستمع لتلك الكلمات العابرة دون فهم
كبرت ولم تعبر الكلمات الا فوق حدود وجعها....
ولم تدهس إلا قلبها ....
شهقة نادرة غدرتها خرجت من اعماق روحها الطفولية فسارعت لتغلق الباب .. حتى لا يراها أحد
بينما عينيها تزدادان حمرة ، وصوت امها الحزين الشجي ... الذي كانت تدندن به مع المغني ...يبكيها غصبا .. !
" كبرت يايمه والايام تمشي .. شفت مايعادل الام ثمن كل شي
يايمه الشمس من تمشين تمشي
ياتربه طاهرة ودار .. ربينا بحضنك صغار
المحبة تنحني وتبوس ايدك .. ويصلي الوطن لعيونك ياجنه
يا امي .. يا امي .. يام الوفا …"
مع انتهاء الأغنية ... انتهت آخر شهقات البكاء...
جمعت قوتها مكتفية بهذا القدر الضعيف ... ونهضت لتغسل وجهها... وتمسح غبرة الحزن عنها بعيدا
متوجهة لغرفة الطعام .... قبل وصول اي أحد
****
" هذه الصورة تخصك ..."
اعطتها لوالدها ثم استدارت بهدوء قاتل .... لتنظر من الشباك مكتفة الذراعين...
قال قاسم والحرج يرسم الوانا على وجهه
" سراب... كنت أود اخبارك " ...
ضحكت بتهكم... لتنظر إليه وتشزره بقوة ملهبة.. غلفتها البراءة
" متى ؟؟.. بعد أن يمضي عامين ام ثلاثة؟ "
اطرق قاسم برأسه...
ثم قال بدفاع واهي ....
" هذا حقي...."
هتفت سراب مستنكرة وهي تصيح بوالدها
" وحقي أن اعرف ... ان والدي متزوج..."
عم السكوت بالغرفة ...
و ذاك الشريان... يبرز بجبهتها جعله يعرف أن ابنته تشتعل غضبا ... مسح وجهه الندي بحرج
فقال قاسم ...
" هل ستحاربينني بحقي يا سراب لأني تزوجت على امك "
ابتسامة ساخرة رمقتها ... لوالدها .. بينما تهمس بخفوت
" لا ... انت لم تتزوج على امي بابا ...
امي توفيت ولا يعد هذا زواجا عليها بغيبابها"
تتفنن بإيلام الجميع حتى نفسها
قاطعها قائلا...
" تعرفين أن هذا حقي..."
ارتفع حاجبيها
استنكارا لتقول بفحيح مخيف
" حق !!....
الذي يفعل حقه سرا ولو كان حلالا ... لا يعتبر حقا... إن كان صاحبه يخاف من فضيحة اكتشافه..."!!
نهرها والدها صارخا ... وهو يرفع سبابته
" سراب ... الزمي حدودكِ .. امتنعت عمرا كاملا عن الزواج لأجلك "
اسبلت اهدابها .. ثم اقتربت من والدها خطوتين قائلة بسخط....
" هل تعرف شيئا بابا ...! ما عهدتك الا رجلا يقول الحق... انت صبرت لأجل الوالي ... لأجل الأعمال التي حملك اياها ... وانت خفت .. خفت كثيرا يا بابا ان تخذله !
… لهذا زهدت النساء بالسابق..."
راحة تسربلت لقلبها وهي تكمل البوح
" لكن الآن أمجد عاد ... خليفة الوالي وامتداده أتى... وانتهى دورك ..."
مشت من جانبه مسرعة لكنها سرعان ما التفتت إليه قائلة بصدق
" انا لا احاسبك .. احضر زوجتك إلى هنا و اسكنا بالقصر... لكما فيه كحال غيركم...لكن لا تبقي الامر سرا"
و عادت لغرفتها... تاركة الهم جاثما على قلب قاسم...
تأمل الصورة المجعدة التي أخذت مع زوجته وهو يمسك كفها بقوة... ثم وضعها بجيبه!..
كيف نسي وضعها بمنزله ذاك .. !
___€€€
هربت ...
واخيرا فعلتها ...
وأمام الحرية ...
تخدرت من الوجع ..
ركبت السيارة أجرة
... ثم اعطته عنوان قصر الوالي!
*&^*
كان الوضع هادئا جميعهم يجلسون على مائدة واحدة ...
اصوات الضحك الذي لم يصدح بالقصر منذ زمن ، عاد مجددا
..
تجاهلت سراب الأمر تماما ... رمته خلف ظهرها ..
بينما امسك قاسم كفها قائلا بأسف
" حقك أن تزعلي مني ... لكن والله ما أهمني الا أنتِ .. ولم أخف الا عليكِ"
ربتت على يده ... ثم قالت بنبرة هادئة
" لا عليك بابا ...!
على الأقل لم تعد لوحدك .."
&&&
نظرت ديالا اتجاه أمجد بعد ان تعمدت سراب التحدث بشكل عادي مسموع .. ثم قالت بحيرة وبصوت هامس
" هل حقا هي لا تهتم ...؟ .. أم أنها جبارة كفاية لتداري ذلك.."
ارتفعت نظرات أمجد ناحية سراب... ثم قال لديالا بكلمات مقتضبة .. و مبهمة
" لا أظن ذلك "
... أعاد نظره ناحية سراب التي رمقته بحاجب مرتفع ..
بعد أن أخذت قطعة من الطعام ووضعتها بفمها
ربما فكرهما متضادين...
الا انه يعرف أن شهية سراب تنفتح أثناء حزنها....!
&&&
صراخها الباكي ... وهي تنادي بانتحاب
" ديالا ... ديالا "
ضربت الباب بقوة ... حتى فتح ... بعد أن ذهب نمر لنقد
صاحب السيارة .....
ركضت مهرولة وهي تبكي بقوة ...
ثم سقطت أرضا ... لتنهض مجددا....وصراخها يعلو بكاءً ..
" ديالاا ..."
&&
بينما ديالا كانت بالداخل ... تجلس مع العائلة ...
" ديالااااا"
تبادل الجميع نظراتٍ مصدومة...
بينما أمجد نهض ...من مكانه وقد وصله صوت فتاة تبكي منتحبة
....
اما ديالا لحقت به.... وقلبها انتفض هلعا.. وقد صدمت من وجود ياقوت هنا !!
بينما الأخرى صعدت الدرج حتى خرّت منهارة أمامها...
" ارجوكِ .. ساعديني "
متصلبا بمكانه ... نظر امجد ناحية ديالا التي حبست أنفاسها...!
اغمض عينيه بقوة... متذكرا عودة موقف مماثل حدث منذ سنوات....!
وكأن راية الهروب انتقلت من نسمة لياقوت....
انتهى الفصل الثامن والعشرون


Dalia bassam غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس