عرض مشاركة واحدة
قديم 05-04-20, 03:09 AM   #7

رؤى صباح مهدي

كاتبة في قسم وحي الاعضاء وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقاصة بقصر الكتابة الخياليةوقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية رؤى صباح مهدي

? العضوٌ??? » 349300
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,054
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » رؤى صباح مهدي has a reputation beyond reputeرؤى صباح مهدي has a reputation beyond reputeرؤى صباح مهدي has a reputation beyond reputeرؤى صباح مهدي has a reputation beyond reputeرؤى صباح مهدي has a reputation beyond reputeرؤى صباح مهدي has a reputation beyond reputeرؤى صباح مهدي has a reputation beyond reputeرؤى صباح مهدي has a reputation beyond reputeرؤى صباح مهدي has a reputation beyond reputeرؤى صباح مهدي has a reputation beyond reputeرؤى صباح مهدي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
New1

السلام عليكم احبائي اتمنى لكم الاستمتاع بالاحداث
اصابه خدر الحب
كتابة رؤى صباح مهدي
وقتنا الحالي
دع كل شيء ينساب من حولك.. كل الذكريات... كل الألم ... كل العذاب والخيبات.. كلها دعها تنساب كما تنساب هذه السفينة بين موجات الماء الصاخبة. بوداعه .. بشراسه تحارب كي تصل الى مقصدها... لا يشعر من على متنها سوى بتموجات بهيجة... وحين الوصول هم لا يعرفون ما جرى كي يصلوا.. ولا يهمهم ان يعرفوا لان كل ما يهم هو ان شخصا اخر استطاع التغلب على كل خدع البحر لاجلهم.. حتى نالوا مقصدهم.
على دكة السفينة العملاقة حيث هدير الأمواج وزقزقة النوارس ورائحة الماء التي تضرب انفها وتحرك حواسها الخمس, هنا ستكون زهرة مجبرة معه على استرجاع ما مضى من ذكريات عندما كانت في كنف عمتها محال ان ينسياها.. ذكريات حصلت لهما قبل ان يصبحا جسدا واحدا.. هذه الذكريات عجنت بلحمهما وتخللت عظامهما ونبتت مع شعرهما وكونتهما ... يال الايام كيف تقودنا بعشوائية مدروسة الى ما نهرب منه فنسير اليه... ويظل يكبر فينا اذا لم نواجهه حتى ياكلنا احياء..
حياتهما كالماء الأزرق الذي هو شارع تلك الباخرة العملاقة الان... وكرائحة الدم كانت ذكرياتهما ... مريرة وتلتصق باقنية انفهما كما تلتصق أيامهما الماضية بخلاياهما الرمادية..
استيقظ طه بعد ان دخلت الشمس من الشباك الدائري الصغير في وسط الغرفة الصغيرة على متن الباخرة الكبيرة. طوابق وطوابق حتى يصل الراكبون الى اعلاها .. نظر الى الساعه وعلم لما كان فراشه خال منها... من ملئت عليه حياته وغيرته وغيرت قدره بعد ان ارتبط بها الى الابد. ولكن ليس ما يربطهما مأذون وحسب.. بل كل الذكريات التي راوحت جيئة وذهابا بينهما. كل المواقف التي تولدت بينهما وكل الليالي الي بكاها فيها عليها وكل الليالي التي قضاها في احضانها. شاء ام ابى هو سيعيش بحبها الى الابد... ما هو الحب الا جنونه فيها.. ولعه ولهه انقسامه بين عينيها.. جنته حين يراها تضحك وجحيمه حين يرى انسياب الدموع من مقلتيها.
على عجل دلف الى الحمام الصغير واغتسل لينتعش ثم نظر الى حاسوب وفتحه.. رغم انه واعد نفسه الا يقرأ الاخبار طوال فترة رحلتهما على الباخرة العملاقة الا انه لم يقدر على المقاومة وبينه وبين نفسه قال... فقط هذه المرة ولن افعلها مجددا... ثم فتحه واصابته الدهشة... مظاهرات في عموم العراق.. ابتدأت بالبصرة والجيش منتشر في الكثير من المحافظات العراقية... يطالبون بتحسين الأوضاع السيئة بالبلاد كتابة الدستور من جديد.. الى اخره ..
كبت زفرة قهر وهو يتابع الاخبار بعيون متلهفة. في احد الصور شاهد صديق عمره.. امير يحمل العلم ويقف جنبا الى جنب مع متظاهري ساحة التحرير ببغداد. أراد الاتصال بامير ليفهم منه مايحصل لكنه لم يستطيع تحصيله عبر الانترنيت. ثم قرأ في الاخبار ان النت مقطوع على العراق هذه الأيام.. لم يكن بيده الكثير ليفعله مع كل تلك الظروف . فقال أخيرا وبعيون ملؤها الفخر :
"احسنتم.. اسود"
وحانت منه التفاته الى النافذة الدائرية في وسط غرفته وكان البحر يحيط بهم لابعد نقطة ممكنه تراها العين. بكفه شد شعره وهو يعرف جيدا ان لا شيء بيده ليفعله وسط البحر الاعزل.
ثم قرر ان يكمل ماجاء من الأساس في هذه الرحلة لاجله .. اعترافات مع حبيبته... يجب ان ينتهي منها حتى تتوقف اشباح الماضي من مطاردتهما. لبس قميصه الأسود الذي لطالما فضله على غيره من القمصان.. لبسه ثم وضع يشماغه الذي لا يتخلى عنه. هرع الى سطح السفينه وكانت جالسه.. كأنها حورية بحر يتراقص شعرها الجميل كلما هب النسيم وعيناها تنظر في الأفق تخرج من تحت القبعه البيضاء العريضة التي تحجب عن بشرتها الناعمة اشعه الشمس... اقترب من خلفها وانحنى ليقبلها فانتفضت.. ثم استرخت عندما رأته. رغم انها تركت الماضي بيد ان الماضي لم يرض ان يتركها.. لازالت تنتفض اذا ما باغتها احد او سمعت صوتا عاليا او رأت شخصا يتطلع بها من بعيد. قال لها:
"وأخيرا... سنتكلم عن سنة 2012"
تبسمت وارتشفت بعض القهوة المثلجة واجابته:
"اذا لم نتكلم عنها ستبقى تطاردنا بكل مآسيها"
هز رأسه وقال لها:
"الماضي اليم وكل الذين فقدناهم والحب الذي خسرناه بعدهم مستحيل لنا نسيانه"
هزت رأسها موافقة ثم قالت:
"صحيح"
ثم اردفت:
"وأيضا كنوع من العلاج فمهما كابرنا من المستحيل ان نعيش تجربة لا تغير فينا ولو قليل"
همهم وهو يمسك يدها وينظر في عينها:
"حبيبتي عندما تشعرين انك مستعدة للامر نبدأ واذا شعرت انك غير قادرة على الاستمرار بإمكاننا التوقف"
هزت رأسها وبان التأثر على وجهها حتى قبل ان تتحدث.. ثم تحدثت.. استرجعت كل ما اخفته وصدمت بمقدار ما تتذكر وبمقدار ما نسيت منه وصدمت اكثر بمقدار ما كانت تجهله عن زوجها وما اخفاه عنها...
كان عليهما التناوب في الحديث بعض الاحداث شاركاها سويا.. سنوات قضياها معا لم يتحدثا باحداث سنة 2012 وما بعدها ... تلك السنة التي لعبت دورا عظيما في مستقبلهما وما وصلا اليه.. ومهما سار بهما الوقت يشعران ان عليهما الجلوس والحديث بما يخفيانه عن بعضهما ولكن دائما يؤجلان الامر حتى قررا ان يحجزا تذاكر الرحلة العملاقة ويركبا مع الراكبين فيها فيعزلهما الماء عن اليابسة ويجبران على مواجهة ما واجهاه مرة أخيرة وبعدها سيمحيان تلك الاحداث تماما من رأسهما.
---
الفصل 1
الاحداث وما يلاحقها حصلت في سنة 2012 وما تلاها .....
هو وهي
وقف امام شباك بيتهم المتواضع ذا الحديقة الصغيرة المزروعه بشجرتي نارنج متزاحمتين تعيشان في ذات البقعه منذ عاش هو مع جدته العجوز الطيبة وهذا كان وقتا اخرا عندما كان كل شي مقلق ليس من شانه ولا يعنيه. نظر الى عش الطير الذي يزعجة مع اول نسمات الصبح الدافئه حيث لا يحتاج الى منبه وقت مع وجود الصديق المزعج المرابط على احد الشجرتين منذ وقت واعتبرهما مكانا اهلا للسكن فبنى عشه عليهما قشة بقشة كما بنى جده المرحوم هذا البيت حجارة على حجارة واختار لها الطابوق الجمهوري الجيد النوعية كي لا يتندم تاليا بعد 10 او 11 سنة عندما تتعفن الاساسات ويسقط البيت على ساكنية لسبب او لاخر. حفر الأساس وملأه بالاسمنت واغدق على الحائط بصافي الاصباغ التي لم تتضرر بسبب الرطوبة وظل يحارب الارضة التي تنخر الأبواب الخشبية والمنتشرة في حيهم المتواضع حتى بات بيتهم المتواضع الوحيد تقريبا الخالي تماما منها. تبسم طه الشاب الطويل الحنطي ووضع الغترة بين رقبته وبين ياقة قميصه كي تمتص العرق المتساقط من رقبته وشم منها رائحة جميلة فقد تعلمت جدته منذ ان بدأ العمل كسائق تاكسي بسيارته السايبا الصفراء التي كتب عليها في الخلف على لوحة التسجيل "اجرة" تحت الرقم..
سمع نداء العجوز المتعبه له كي يتناول افطاره:
"يا ولدي تعال وكل قبل ان تخرج"
اجابها بصوته العميق الهادئ:
"حاضر"
ذهب لها وقبّل يدها كعادته فتبسمت هي كعادتها وقالت له:
"رزقك الله يا ولدي وحماك. كل يوم يركب معك أنواع الناس وفي هذا الزمن لا يمكن معرفة معدن الناس ولا يعرف جيدهم من سيئهم"
شرب "استكان " الشاي المذهب بشربه واحدة واجابها:
"الله هو الحافظ يا جدتي . ساذهب لاني تأخرت ويجب ان اخرج الان فالفتيات اللاتي انقلهن الى الجامعة لديهن امتحان ولا نريد التأخر عليه"
بدأت تدعو له بالتوفيق بينما جلست بسرعه على احد الكراسي بسبب الروماتيزم الذي أصابها منذ سنوات هي غير قادرة على الحركة بسهولة كما السابق.
ركب السايبا الصفراء وكانت رائحتها تخنق الانفاس ففتح كل الشبابيك على مصارعها كي يتبدل الهواء في سيارته واتجه الى اول بيت كي ينقل منه احد طالبات الجامعه اللاتي سجلن عنده خطا صباحيا ينقلهن من البيت الى الجامعه في الصباح فقط مقابل مبلغا شهريا او أسبوعيا بحسب الاتفاق وهذا الامر ساعده كثيرا على كسب بعض المال الجيد وأيضا عدم تنقله في الصباح الباكر بلا ركاب.
بعد ان اقل جميع الطالبات واوصلهن تفاجأ باحداهن تنحني على شباك سيارته وتقول له:
"طه ممكن طلب؟"
اجابها بابتسامته الهادئة :
"الجميل يأمر"
عقفت حاجبيها وتمتمت:
"أتمنى الا يكون كالمرة السابقة عندما قلت الجميل يأمر وعندما تشجعت وطلبت فاذا بك ترفض"
ضحك وعدل غترته وأجاب:
"اطلبي وسنرى"
قالت له بنكهة لطيفة:
"لدينا فتاة طالبة بكلية الطب وهي بحاجة الى توصيلة يوم الجمعة الى الجامعة الساعة العاشرة صباحا وفي الحقيقة هي بحاجة الى شخص ثقة وجميل يوصلها فهل تقبل؟"
نظر امامه وأجاب ضاحكا:
"للأسف انا لست جميل لذا اعتذر منك هذه المرة ايضا"
تفرسته متضايقة وقالت له:
"تمزح؟"
اجابها بجدية لانه لاحظ استيائها:
"بل انا جاد جدا لاني غير قادر على العمل في هذه العطلة لدي التزام اخر يجب ان اذهب مع جدتي لاجل الفحوصات الطبية لو كان يوما غيره لفعلتها وبدون مال لاجلك فقط"
هدأت ملامحها الغاضبة وقالت له:
"ليست مشكلة. شكرا على أي حال "
تركته وذهبت وانطلق هو بحال سبيله ينظر في الشوارع عسى ان يؤشر له احدهم فيكسب بعض المال من جراء تلك التأشيرة..
---
نظرت زهرة لساعتها التي لاتفارق يدها اليسرى. ساعه يدوية قديمة الموديل ذات سوار رفيع انيق جدا من الذهب الخالص مرصع ببعض الأحجار الكريمة صغيرة الحجم مرتبة على طوله بشكل بالغ الاناقة. اشاحت نظرها ناحية زين اخيها الأصغر المصاب بمرض وراثي ورثه من عائلة والده وكان هو تعيس الحظ ليحمل هذا المرض الذي شوه تفاصيله الجسمانية وحوله الى شكل طفل رغم بلوغه ما بعد ال20. رأس صغير وجسد قصير وكفين ككفي الطفل الصغير. تعرض زين لضربة على راسه قبل عدة سنوات بسبب حادث عندما كان طفلا جعل ادراكه للامور ضعيفا ولا يكاد يستطيع الاعتماد على نفسه بلا مساعدة .. ومازاد الطين بلة انه مصاب بالزكام بسبب تعرضة لموجات حر وبرد حيث يتصبب منه العرق أوقات غياب الكهرباء الوطنية ويجلس امام مكيف الهواء والعرق يتصبب منه فاصيب بالزكام واحتقان الرئتين.
وهذا ما كانت زهرة قلقة بشأنه فهي عليها الذهاب الى الجامعه لا تستطيع ترك زين لوحده .. فقد خرجت العمة صباحا لتحضر بعض المواد لصنع الفطور وزهرة لا تستطيع ترك زين مع زوج عمتها .
زين وزهرة يعيشان مع عمتهما منذ وفاة والديهما قبل عدة سنوات. وهي وزوجها اصرا على الوصاية على زهرة وزين رغم ان جدة الأخيرين من جهة والدتهما على قيد الحياة وارادتهما عندها.
تأفأفت زهرة وهي تنظر الى الوقت فها هي هي ستتأخر مجددا على الامتحان وحظها قد ينفذ مع الدخول بعد الوقت وحجتها بان الازدحام هو سبب التأخير قد لا تعمل.
سمعت صوت الباب يفتح وصوت عمتها عواطف تدخل وتنادي:
"زهرة ذهبت الى الجامعه ام لا؟"
هرولت زهرة عبر الدرج المؤدي من الطابق الثاني حيث غرفتها وغرفة زين الى الطابق الأول حيث عمتها تضع الأغراض في المطبخ وقالت لها:
"سأتأخر على الامتحان "
لم تجبها عواطف بل تركتها تسرع راكضة خارج الباب وسمعت انطباقه القوي . لعنت زهرة صاحب الخط -الذي أجرته منذ بداية السنة مع مجموعه من الفتيات ليأخذها للجامعه كل يوم - لانه خذلهن مع بداية الامتحانات . والقصة انه طلب زيادة على المال الذي يأخذه وعندما رفضن الفتيات مجتمعات تركهن ولم يستطعن سوى تدبر امرهن لوحدهن وكان هذا نوعا ما مستطاعا في أيام الدوام ولكن في أيام العطل حيث يذهن للدراسه في الجامعه ومن اجل المختبرات - التي سمح عميد الكلية ببقائها مفتوحة كي يتسنى للطلاب استخدامها وقت الامتحانات- فقد كان الذهاب الى الجامعه في تلك الأيام صعبا جدا لان سيارات الخطوط والاجرة في أيام العطل لا تتجه الى ذلك المكان لذا من الصعب إيجاد وسيلة مواصلات اليه.
أوقفت زهرة سيارة كيا ذات 11 راكب وانزوت على طرف الكرسي بجانب شاب هو الاخر انزوى بعيدا كي لا يلامسها اثناء الجلوس. ثم بعد ان وصلت الى وجهة معينة نزلت من الكيا وركبت سيارة اخرى توجهت بها الى الجامعه. دخلت بسرعه متجاوزة التفتيش الصباحي لجميع من يدخل الجامعات وركضت الى قاعه الامتحان وبالفعل كان الطلاب قد ابتدوأ امتحانهم منذ ربع ساعه تقريبا. طرقت الباب فنظر لها المدرسان ولم يتكلما بل اشر احدهما وهو الأكبر سنا ومن الواضح انه مدير القاعه الامتحانية . أشار لها بالدخول بسرعه فدخلت وهي تحمد الله على سلاسة الامر. جلست وبدأت تكتب بعد حصولها على ورقتها واندمجت بشكل رهيب مع الإجابات.
---
توقف طه بجانب مطعم شعبي مكتظ بالناس. بعض يجلس على الطاولات القديمة المغطاة بكيس بلاستيكي قديم اغبر لونه بسب الشمس. وبعضهم يقف منتظرا "التيك اوي" الذي طلبه من صاحب المطعم والذباب يلف حول راسه. ترجل طه من السايبا بعد ان ركنها في مكانها وظل يدور برأسه يمنة ويسرة حتى رأى شابا يعرفه يقف في احد اركان المطعم. ذهب اليه وتصافحا. قال طه للشاب متعجبا:
"هنا الموعد؟"
أجاب الشاب واسمه امير عبد الواحد صحفي ويتواصل أيضا في بعض الأحيان مع فريق ويكيليكس الذي يسرب وثائق سرية شديدة الخطورة تخص أناس متنفذين في كافة الدول العالمية:
"بلى هنا تعال"
ذهب طه مع امير يتبعه وسط الحشود المزدحمة حتى وصلا الى درج ضيق جدا يؤدي الى اعلى المطعم فقال طه:
"امير ... لست مرتاحا لك يارجل"
ضحك امير وقال:
"حتى انا لست مرتاحا لنفسي لكن مع هذا ما عسانا نفعل. لم اجد مكانا اخر فالامريكان قد ضيقوا علينا الخناق جدا هذه الأيام"
أجاب طه:
"الله يلعنهم. "
وصلا الى غرفة في نهاية الدرج مباشرة حيث دخلا وكان فيها اثاث قديم متسخ بفعل القدم تراكمت عليه الدهون والدخان المتصاعد من اسفل المطعم عبر السنين. قال طه لامير:
"هذه المرة لا اكذب عليك.. الصراحة خائف لان المرة السابقة كانت الحراسة مشددة جدا"
نظر له امير بجدية وأجاب:
"طه لايزال يوجد وقت كاف للانسحاب صدقني اهم شيء حياتك واذا امسك بك الامريكان سوف يكون سجن أبو غريب محطتك النهائية او احتمال سجن غوانتنامو"
تنفس طه نفسا عميقا جدا وقال:
"الامر لا يخص الامريكان يا امير. انه موضوع اكبر بكثير. هذا موضوع بلد يحتاج لكل تضحية ممكن ان نضحيها حتى يرجع لازدهاره. العراق اعطاني حياتي والان يجب ان اساعده ليعيد حياته"
تبسم امير بثقة وأجاب:
"طه ... وانا عندي ثقة بك...لكن احذر فاذا احسست باي خطر ارجوك لا تجازف"
رد طه:
"لنراجع الخطة وبلا تضييع للوقت "
---
عادت زهرة الى البيت متعبة بشكل لا يوصف. اتجهت الى غرفتها التي هي بجانب غرفة زين واستلقت على السرير بملابسها وغفت خلال ثواني. لم تستيقظ حتى خيم الظلام بعبائته السوداء . كانت الغرفة مظلمة الا من شعاع فضي دخل غرفتها من شباكها المفتوح. تنحنحت مفزوعه فلديها امتحان بعد غد ويجب ان تدرس له جيدا ولم تعتمد يوما على عمتها كي تصحيها. نهضت من رقدتها وأول شيء فعلته دلفت الى غرفة زين حيث كان لايزال صاحيا في سريره . نظرت الى وجهه وقالت له:
"تركتني نائمة للان؟ لماذا؟"
وتبسمت فتبسم لها بالمقابل. نظرت الى علبة دواءه وكانت منتهية. سمعته يسعل بصوت يقطع القلب. قالت له:
"كان المفروض ان تحضر عمتي الدواء اليوم"
ذهبت الى الطابق السفلي حيث كانت عمتها عواطف جالسة تشاهد برنامجا تلفزيونيا مع زوجها زامل. فور ان لاحظ زامل زهرة اعتدل في جلسته وظل ينظر لها كعادته نظرات تملأها العاطفة... قالت زهرة لعمتها:
"عمة هل اشتريت دوا ء لزين؟"
اجابتها عواطف بدون ان يحيد نظرها عن التلفاز:
"لقد نسيت يا زهرة كان من المفترض ان اذهب الى الصيدلية لكني نسيت"
نظرت زهرة الى الساعه وكانت حوالي ال9 فقالت لعمتها:
"ساذهب انا اذا لاحضر الدواء له عسى ان تكون الصيدلية لازالت مفتوحة"
نهض زامل وقال لها:
"لوحدك؟ وهل يعقل ان تذهبي لوحدك في هذا الوقت؟"
اجابت زهرة بخشونة:
"هو ليس ببعيد انه على ناصية الشارع لن اتأخر. دقيقتان واعود انتما فقط راقبا زين ان احتاج لشئ"
ولم تقبل من زامل أي نقاش وعمتها لم تعلق على خروجها. ظل زامل ينظر لها بعينيه الضيقتين الحادتين وهي تلبس حذائها "الفلات" الخالي من الكعب وتضع حقيبتها وتخرج. اسرعت زهرة الخطى ناحية الصيدلية خوفا من ان يغلق صاحبها فيظل زين بلا دواء طيلة الليل وهذا سيؤذي رئتيه ويعكر مزاجه مما يؤدي الى صراخه طيلة النهار . وصلت الى الصيدلية وسرعان ما اعتلى وجهها خيبة امل وتوقفت عن السير. كانت الصيدلية مغلقة. فكرت قليلا ونظرت الى ساعتها وقررت الذهاب الى صيدلية ابعد كي تحضر الدواء. وقفت في المكان المعتاد الذي تقف عنده وأشارت الى تاكسي... ركبت معه حيث اقلها الى اقرب صيدلية وكانت الأخرى مغلقة. شعرت بخيبة امل اكبر وقررت العودة الى البيت.. حيث ظل زين يسعل طيلة الليل وظلت هي مستيقظة معه تحاول الدراسة تارة وتهدئته ببعض السوائل الساخنة تارة أخرى.


رؤى صباح مهدي غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس