عرض مشاركة واحدة
قديم 07-04-20, 04:57 AM   #11938

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الجزء السابع عشر
البارت الثاني


لم تكتفِ فجر بالصفعة بل فقدت سيطرتها على نفسها بالكامل وهي تنهال على رند بالضرب بهستيريا وسط صدمة رند وبكائها ومحاولاتها بالإفلات منها دون ان تعلم السبب لكن قلبها يخفق برعب من تصرف فجر ، سقطت اثر صفعة اخرى تلقتها من فجر ، لتنكمش على الارض محاولة حماية نفسها من ثورانها اللامنطقي تبكي بصوت عال قائلة : خلاااص تكفيين خلاص شسويــــــت انا !!
اجتمع الخدم برعب ينظرون إلى مايحدث ، إلى أن تدخلت فتحيه وهي تجر رند وتضمها وهي تنظر إلى فجر قائلة : ماكفايه حرام عليك ..
فجر وهي تحاول التقاط انفاسها : حراااام علي انا ؟؟ حرام عليها هــــي خليـــــها وربي ما تعدي عليها هالليلة على خير ، انا اعطيتك وسويتلك كل شيء تبيــــه ليش بتوطي راااسي ؟؟ ليش بتشمّتي الناس فيّا ؟ واخرتها يابنت الكلب ج....
بترت كلامها وهي تبكي بحرقه : من متــــى وانتِ مع رشاد يارند ؟
لتدفن رند وجهها بحضن فتحيه تبكي بألم ، بينما صرخت فجر بكامل صوتها : ايــــــش اللي صار بينكم تكلمــــــــــي ؟ من متى تقابليــــــه ؟ من متــــى وهو يجي الفيلا يختلي فيك ؟؟ من متى ..
اقتربت فجر منها بغضب ، لتشد فتحيه بعناقها لرند : بالراحه يا ست فجر ما يصحش كده !
فجر : اتركيـــــها يافتحيه اتركيها لا تخليني اتجنن عليك .. البنت هذي بتموتنـــــي !!
جرّتها فجر من يدها بقوة لتأخذها من حضن فتحيه وتوقفها امامها وهي تقول بألم : والله اول مرة يجي ..
فجر : سوالك شيء ؟
لم تنتظر ردها لتصرخ بخوف واضح : لمسك ؟؟ دخل عليك ؟؟ رنــــــــد .
رند وهي تشعر بالخزي والخوف : لااا والله ما قرب مني والله ماصار شيء (حاولت التقاط انفاسها من بين دموعها) والله والله هو يبغى يخطبني بس امه مو موافقه ...
فجر : وانتِ صدقتي ذا الكلام صح ؟ رنــــــد انقلعي عن وجهي لا اشوفك هنا ولا اقسم بالله اموتك بيدي .
صعدت إلى غرفتها واغلقت الباب تبكي بحرقة وصدمه والم ..
لم تتوقع يوماً ان تكون فجر بهذه الشراسه معها ، لم يسبق لفجر أبداً أن ضربتها بهذا الشكل الهستيري ..
تشعر أنها بداخل كابوس مزعج ، انينها يعج بالمكان تحاول معانقة نفسها ، لا تشعر بالأمان ، فقط الخووف والانكسار ، التشتت والحيرة ، ماذا سيحدث لرشاد ؟ تعلم ان والدتها ن تتركه ابداً ..

\\

في منزل رشاد ، وقد عادا للتو هو ووالدته ، دخل هو لغرفته في نفس اللحظة التي رن فيها هاتف والدته وردت ..
لم يستمع للحوار الذي دار بالخارج لأنه قد اغلق باب غرفته والابتسامه ترتسم على شفتيه ، تمدد على فراشه بعد ان خرج من الخلاء وهو يتذكر تفاصيل هذا اليوم وقُبلتهم الأولى ..
امسك بهاتفه ليكتب لها : ادري دوبني شايفك بس وحشتيني â™،
ما إن ضغط على زر الإرسال حتى دخلت رحمه بتجهم دون أن تطرق الباب وبصوت غاضب : رشااااد يا زفـــــت .
قام بفزع : بسم الله ايش فيه ؟
رحمه : وين كنت قبل شوي ؟؟؟؟
رشاد بمراوغه : بالبيت وين بكون ؟
رحمه : بالبيت ياكذاب ما كنت عند رند ؟
بهتت ملامحه لوهله لكنه قال بإستغراب : رند ؟
لتقول رحمه بغضب واضح وهي تقترب منه : كنت عند رند ولا لا ؟؟؟ تكلم لا تجلس تكذب !!!
سكت رشاد قليلاً : مين قالك ؟
رحمه وهي تضرب يده بخفه : مين قالـــــي الله يسود وجــــــهك فجر اللي قالتلي ، الله يقلع ابليسك انا مو قلتلك وخر عن البنت ؟ مو قلتلك شيلها من راسك ؟ تروح لها البيت تبغـــــى فجر تذبحــــــك ؟ تبغى تفشلني عندها ؟ رشاد تحبها ما تضرها !! ما تروح لها البيت ماتشوهه سمعتها ما تخلي احد يتكلم عنها !!! ايش استفدت انت دحين قول لي !!! فجر عرفت تدري ايش يعني فجر عرفت ؟؟
رشاد بقلق واضح : ايش صار ؟
لم تجبه رحمه بل ظلت توبخه مع سيل من الشتائم .. ليقاطعها رشاد بقلق على رند وهو يقوم ويدور بأرجاء الغرفة : انا قلتلك اخطبيها لي انتِ اللي عاندتي !!
رحمه : تروووح تقابلها من وراي وورى اهلها ؟؟ بالحلال بالحرام ما تفرق معاك المهم تكون معاها ؟ ماتفكر انت ماعندك مخ ؟ ماتفرق بين صح وخطأ ؟ ..
لم يستمع لباقي كلامها لأن عقله توقف عن التفكير من الخوف على ما حدث لرند وهو يضع سماعة هاتفه على أذنه محاولاً الإتصال بها لكن لا أحد يجيب .
عاود الإتصال مجدداً ، مرة واثنتين وثلاث ، لتقترب منه رحمة : ايش قاعد تسوي انت ؟؟؟ اكلمك ومطنشي ياقليل الحيا ؟؟
رشاد وهو ينظر إلى والدته : رند ماترد !
رحمه وضعت ردها على راسها : يارب صبرني على هذا الولد الحمار ، يا ولد افـــــهم امها درت يعنـــي مالها وجه تكلمك حتى هذا لو ما انكسر الجوال على راسها ..
رشاد : اخاف تكون فجر سوت لها شيء ؟؟
رحمه : وانت شرايك ؟؟؟ بنتك شايفها مع واحد بتصفق لها ؟
رشاد بترجي : امي الله يوفقك كلمي فجر اخطبيها لي ما ابغى تصير لها مشاكل بسببي !! تكفين الله يخليك والله لك اللي تبينه بس اخطبيلي رند .
رحمه : انقلع عني ، اذا تخاف عليها لهالدرجة كان ماحطيتها بهالموقف يا قليل الحيا ، كأني ماربيتك !! طول عمري اقول عنك فاهم وعاقل طلعت غبي ..
رشاد : يا ماما افهميني أحبّها , ترى لو ماتزوجتها ماراح أتزوج ولا وحدة غيرها .
رحمه : انت شفيك ماتفهم !! رشاد الحب مو كل شيء هذي إذا تزوجتها كيف بتعيّشها ؟؟ يا حبيبي هي ربطة شعرها وهي ربطة شعر بالميتين والثلاث ميه حسبالك إذا تزوجتها بتقدر تجاري الرفاهيه اللي كانت تعيشها ؟ ولا بتحاول تعيّشها بمستوانا يعني ؟ يا رشاد البنت مدلعــــه وفجر مو مقصره عليها بشيء ولا حتى عبدالله , تجي انت بتاخذها وما تقدر تعيشها نفس ما كانت تعيش عند أهلها ماراااااح ترتاح افهم .
رشاد : بس هي قالت انه ماتفرق معاها .
رحمه : البنت صغيـــرة وقاصر بتاخذ بكلامها ؟؟ هي تقولك هالكلام لأنها متأثرة تحبّك .. لكن إذا تزوجتها صدقني الحب هذا ماراح يستمر .
رشاد : ماهي قاصر عمرها 18 يعني عارفه ايش تبغى !
رحمة : لا ياشيخ !! رشاد حبيبي انا عارفه ومتأكدة انك إذا تزوجتها بتعيش أسعد لحظات حياتك بس لفترة مرة قصيرة .. لين تبدأ مشاكلكم على النفقة والمصروف والأولويات لين تحس انك مقصر معاها وممكن تعتبرك بخيــل .. وانت تشوفها مبذرة وماعندها مسؤولية ولا إدارة للفلوس ولا لشيء ماتعرف تسوي ولا شيء .. لا تطبخ ولا تغسل ولا شيء راح تحس انك متزوجها ديكور صدقني راح تكرهها وتكرهك تخيل انك تعيش مع شخص تحت سقف واحد وكل واحد فيكم ماهو طايق الثاني , حياتك راح تصير جهنم .. رشاد ما أبغاك توصل لمرحلة اللي تبدأ تدور وحدة غيرها ولا كأنها هي اللي مصرّ عليها دحين .. ما ابغاكم توصلوا لمرحلة الكرهه !
رشاد : انتِ ليش تحاولي تحسسيني ان لما كل واحد ياخذ شخص مناسب له بالطبقة الإجتماعيه والمادية بيكون مرتاح .. ليش ماتحطي اسباب ثانية ممكن تخرب الزواج برضو زي مثلاً اني اتزوج وحدة خاينه .. او اتزوج وحدة نكدية , او أتزوج وحدة عصبية او كئيبة او نمامه او خبيثه .. رند تحبك وتحترمك وانتِ تحبيها بس تخيلي لو تزوجت وحدة وطلعت ماتتقبلك !! تحاول قد ماتقدر تخرب بيني وبينك .. مو هذا أسوأ ؟ يا ماما مشاكل الزواج كثيرة ولازم منها سواء على الفلوس او على أي شي ثاني .. وبرضو أبغى رنـــد .
رحمه هزت رأسها بإستياء : انت وربي مافيك فايده , أنا لو أروح اكلم الجدار بيفهمني أكثر منك .
تركته وخرجت من داره غاضبه منه ..
أما هو ظلت الأفكار تتلاطم في رأسه , الحيرة والقلق والخوف اجتمعوا في دائرة أفكاره .. لكنه تجاهل كل ذلك وصبّ تفكيره في رند وعاود الإتصال بها ..

*****

بإحدى الفلل الصغيرة في جدة ..
وقفت وهي تشير : مو لو حطيناه هنا بيكون احلى ؟ ولا شرايك ؟
رواد : ممكن برضو يجي سواء هنا او هنا .. انتِ فبالك شكل محدد للمكان ؟
جنى بحيرة : ماني متأكدة إذا بيطلع التنسيق زي ما أنا متخيلته ولا لأ .
ثم استدارت تنظر إليه عندما جلس هو على الأريكة ينقل نظراته بالمكان : رواد ..
جلست بجانبه : شرايك باللي صار بين روان ورعد ؟
رواد : والله صراحه هو صدمنا كلنا بالطلاق و..
قاطعته جنى : ما اقصد الطلاق أقصد انه من الأساس اتزوج عليها وهما حتى ماكملوا شهرين ..
تنهد رواد بحيرة : والله مدري رعد دايماً عليه شطحات غريبه محد يتوقعها .
جنى : بس انت كنت تدري صح ؟ يعني من يوم ما اتزوج وكلكم تدروا سواء انت ولا اخواتك صح ؟
رواد : لا والله انا مادريت الا قريب (اكمل بضحكة) الظاهر مايعتبروني من العايلة , كيفها روان ؟
جنى بأسف : ما اعرف حاولنا انا والبنات نكلمها بس يعني ترد علينا بأسلوب بارد وبكلمتين وخلاص حسينا انها لسه ماتبغى تتكلم او إنها لسه مو مستوعبه ولا مدري .
رواد : والله ما ادري ايش اقولك بس الله يعينها .
جنى : اللي يقهر انها حبته يعني احنا اول مرة نشوف روان تتكلم عن أحد وهي مبتسمه بدون ماتحس ودايماً تقول لنا انها مرتاحه وان الزواج حلو وان رعد مو مقصر معاها بشيء .. أوكِ بصراحة احنا كنا ندري انه متزوج عليها بس ماكنا متأكدين لكن الطلاق صدمنا .
رواد بإستغراب : كيف دريتوا ؟
جنى بضحكة : تمارا قالت للعنود بس احنا ماصدقناها توقعنا انها بتختبر العنود .
ضحك رواد : تمارا الفضيحة حتى انا هي اللي قالتلي .
عند وصولهم لمنزل جنى وقبل ان تنزل هي من السيارة .. مد لها رواد كرت الدعوة قائلاً : جنى هذا الكرت لك .. رعد وسهام وخليين الدخول ببطايق ف أمي عطتني هالبطاقة لك ..
جنى ظلت صامته تنظر إلى الدعوة للحظات ثم امسكت بها قائلة : عادي لو ماجيت صح ؟
ابتسم رواد : أصلاً انا كنت متردد أعطيك لأن مدري بس ... بالنهاية روان صحبتك وعزيزة عليك وحسيت ان شكلي بيكون غلط بس يعني انتِ زوجتي وهو اخوي ولازم اعطيك , بس انتِ حره إذا بتجي أو لأ أنا أكيد ماراح اتضايق .
جنى بإبتسامه : اوك .. اشوفك على خير .

\\

مرت الأيام برتابة مقيته , وثقيلة جداً على قلب روان
لم تفارق مضجعها ولم تفارقها دموعها كذلك خصوصاً بعدما عرفت بأمر زواج رعد .. دموعها لاتكاد تتوقف اللحظات الدافئة والجميلة بينهما تكاد تقتلها من الألم .. هل كل تلك اللحظات كِذبة ؟؟
هل حتى أصدق شعورها كِذبة ؟ هل حتى أنقى إبتساماته لها كانت كِذبة ؟
أخبرها بأنه يحبّها , كلمة لامست قلبها والآن تقتلها من الشك هل كان الحب كِذبةً أيضاً ؟؟
لم تعد تدري ما الشيء الحقيقي الذي كان بينهما ؟؟ هل كلّ شيء كان مزيّف لهذه الدرجة ؟
ليس هذا فقط ما أراق دم قلبها من الألم , بل هناك شيء آخر جعلها تشعر بالأسى .. فقبل أيّام ..
وهي منكمشة تحت بطانيتها تقلّب بهاتفها وتشعر أن الوقت يكاد يقتلها والشوق أيضاً ..
طُرق الباب وصوت الخادمه ينادي : مس روان .. رعد يجيب أغراض .
خفق قلبها عند ذكرها لإسمه لكن خفق بخوف من الكلمتين الاخيرتين , هل ستكون هذه النهاية بينهما !
فتحت الباب لتجد الخادمة تحثّها على النزول وعلى وجهها علامات الإستغراب .
لم تكترث روان لنظرة الخادمه , لكنها نزلت لترى ما الذي أحضره رعد هل أحضر جميع الأشياء أم بعضها ؟
لكن بمجرد وصولها إلى منتصف الدرج وهي ترى الخدم يدخلون أكياس سوداء بلاستيكية الخاصة بالقمامة , و مليئة .. وأكثر من 6 أكياس ..
توسعت عينيها بصدمه وهي تشير وتكمل طريقها بإستنكار : هذا ايش ؟
الخدم : سير رعد قول هذا اشياء روان .
ظلت للحظات تنظر بصدمة , لم تستطع الوقوف أكثر بل فتحت الأكياس بعنف لترى ملابسها .. أدواتها .. عطورها .. مكياجها .. كل شيء ملقى بعشوائية بأكياس القمامة ..
رائحة العطور المكسورة تفوح بالأرجاء .. وقفت الدموع على أطراف عينيها والغضب يعتليها اتصلت عليه وهي تنهال بالشتائم ليقول ببرود : مو انتِ مارضيتي تاخذيه بنفسك وقلتيلي أجيبه لك ! انا جبته لك بالطريقة اللي تناسبك ليش زعلانه ؟؟؟
روان : انت إنسان واطي وااااااطــــــي وسافل انت حثاله أصلاً ...
اغلق الخط في وجهها قبل أن تكمل شتائمها , أما هي مشت بخطوات غاضبة إلى جناح والدتها والدموع تملأ وجهها .. طرقت الباب بعنف ولم تنتظر حتى إجابة سما .. فتحت الباب باكيه قائلة بسخط : هذا ولدك اللي ماتبغي تروح معاي المحكمه عشان خاطره !! جايبلي اغراضي بأكياس زبالة ويقول لي هالطريقة تليق فيك ؟؟ هذا اللي انتِ ماتبغي المشكلة اللي بيننا تكبر ؟؟
ظلت سما واقفه لبرهه تنظر إلى وجه روان تحاول إستيعاب ماقالته , وسرعان ماخرجت مسرعة لتجد أنّ ما قالته روان قد صار فعلاً !!
شعرت بالغيظ هي الاخرى من تصرفات رعد الحقيرة ..
استدارت وهي تحاول تهدئة روان الساخطه لكن روان اشارت للخدم بصرامة : كل الأكياس زي مادخلت تطلع من البيت ما أبغى ولا شيء منها , أي شيء جاي من بيت رعد ينعاف .
ثم استدارت مغادرةً إلى غرفتها .. ويتحوّل الحزن إلى غضب , والشوق إلى نفور , والحب إلى كره عظيــــم ملأ قلبها ..
نظرت احدى الخادمات إلى سما وهي تقول : ماما مافي مشكلة انا ياخذ هذا ملابس ؟
سما : حلالكم خذوا اللي تبغوه , ما اتوقعها أصلاً لبست ولا ربع الملابس حتى .

ثم مرت الأيام بعد هذا الحدث بشكل كئيب .. لم يرها أحد منذ ذلك اليوم , لازمت غرفتها , ترفض رؤية أيّ أحد حتى والدتها .. لا تريد أيّ شيء , لا تفعل أيّ شيء سوى البكاء ..
استسلم سلطان من محاولته المستميته بالتحدث إليها ونزل مجدداً إلى سما ..
جلس قائلاً : لين متى بتجلس كذا ؟ كيف تخليها توصل لهالحاله .
سما : ايش بيدي أسوي ؟ هي حتى أنا ماهي راضية تكلمني لأني رافضة أروح معها المحكمه عشان إجراءات الطلاق .. ورعد مايرد .
سلطان : وانتِ ليش مابتروحي المحكمه ؟
سما : تبغاني أوقف ضد رعد بالمحاكم ؟
سلطان بتهكم : لا أحسن استني روان تموت من القهر , يمكن رعد وقتها يرتاح !
سما دفنت وجهها في كفوفها بحيرة : انا تعبت خلاص ماني عارفة ايش اسوي ضعت بينهم .. قلبي مايطاوعني اخليها بس برضو مايطاوعني اكون ضد رعد .
سلطان زفر بضيق : وسليمان ؟ ماكلمه ؟
سما : ايش بيد سليمان ؟ صح اني تهاوشت مع سليمان وميار بس برضو انا عارفة ان مالهم دخل ولا لهم حيلة انت عارف رعد لما يحط براسه يسوي شيء بيسويه ولا بيأخذ رأي أحد فيه , وبعدين رعد ماهو صغير .
سلطان : والله ما ادري ايش اقولك بس لازم روان تطلع من غرفتها حرام البنت لا تكتئب .. لا تسوي بنفسها كذا عشانواحد ماكان يستاهلها من البداية !
سما : وانت حسبالك ان عاجبني وضعها ؟ كلمتها نطلع أي مكان تبغاه عشان تغيّر جو , لكنها رافضة رااافضه مابتكلمني .
سلطان : وصحباتها ؟ ليش ماتكلمينهم يزورونها يحاولون يطلعونها من الوضع اللي هي فيه .
سما : مين صحباتها انا مااعرف اللي ..
قاطعها سلطان : خطيبة رواد والبنات اللي معاها اللي كانو مع روان .
سما بتفكير : صح كيف راحوا عن بالي !

\\

باليوم التالي عصراً ..
وروان تجلس على الأريكة ثانيةً اقدامها وسارة وجنى والعنود حولها يحاول خلق حوارات بعيــدة جداً عما حدث لروان ..
يحاولن كبح أسئلتهن .. نظرات الأسف على حال روان ووجهها المتورم من فرط البكاء .. يحاولن جاهدين خلق اجواء مرحه علّها تخرج من صمتها وتكسر هذه النظرة الحزينة التي تعتليها ..
لتقول العنود التي تجلس بجانب روان وهي تأكل بذور دوار الشمس : وربي أحس قلبي قارصني على الله ما انقبل بالشريعة لأن من جد حرسب بجدارة وبعدين حرام انا وين والشريعة وين .
سارة : ليش محسستني انك من بني قريضة ؟ ايش الصعب بالشريعة ؟
العنود : مو عن صعب بس تخيلي أدرس وما أطبق ؟ حرام والله ماخذ ذنب ف ان شاء الله انقبل بتخصص حلو .
جنى : ما ابغى أخرب عليك بس ترى باقيلك سنه زيادة عالتخرج لا تتحمسي .
العنود : جنى تموت لو ما نكدت علي وذكرتني اني برجع لنفس الثانوية الزباله اللي ادرس فيها !!
روان : ليش ماتنقلي عندي ؟
العنود وهي تضع يديها على خاصرتها : لحظة بقرر اول أي كِلية من كلاويه ابيعهم عشان اجي ثانويتك .. ولا الكبد اغلى يا بنات ؟؟
ضحكن على سخافة العنود , لتقول العنود بسخرية : والله من جدي مدرستك اهلية أي اجي فيها الله يصلحك بس !
روان وهي تبتسم : عادي والله لو وافقتي بخلي امي تجيبك لي .. بس بقلعتك روحي كملي بثانويتك وجيبي درجات خايسه والله ما بيقبلك غير الشريعة وتشوفي .
العنود : روان لاتتفاولي علي ما تحزني على مستقبلي ؟ الا قوليلي ايش برجك ؟
ضحكت سارة قائلة : والله من جد مو وجه شريعة لو دخلتي شريعة وسألتيهم عن الأبراج وربي لا يكفروك .
العنود : هيا من جد ايش برجك روان ؟
روان : الحوت ليش ؟
العنود بتفكير : اوووه وربي حوته أصليه .
روان : وليش ان شاء الله ؟
العنود : انا اقولك لأن ابرز صفات الحوت المزاجية , والعاطفية وحساسين .. اممم بس اللي مو فيك انهم مسالمين .. إيوه صح ومعروفين الحوت اغلبهم جذابين , وبهذي المناسبة أحب اهديك أغنية يا أجمل عيون .
ضحكت روان .. لتقول سارة : ياسلام وانا ؟ مالي اهداءات ؟
العنود : ايش برجك ؟
سارة : اتوقع العقرب .
العنود : اممم مدري ما مو مرة أحسك عقروبه !
سارة : ليش ؟
العنود : منتي حساسه ..
سارة : ماعلينا ابغى اهداء .
العنود : مافي اغنية لبرج العقرب أنا اسفة , اللي بعدو جنى ايش برجك ؟
جنى : الجدي .
العنود : لا عاااااد مرة صفر بالمية مواصفات ..
روان : ليش ايش المواصفات ؟
العنود : أبرز أبرز شيء ف برج الجدي حب التنظيم والجدية والعجله وانهم صعبين المراس .. جنى عكس كل هذا .
جنى : هههههههههههه قصدك اني فوضويه ؟
العنود : والله انتِ والفار عبدالرحمن ادرى باللي سويتوه بالبيت اخر مرة !
سارة : دحين انتِ تصدقي كلام الأبراج ؟
العنود : صراحة اتسلى فيه يعني مو ان اؤمن فيه واصدق ان برجي كذا راح اكون سعيدة وتعيسه وكئيبة حسب الأيّام لا ..
سارة : بس برضو يدخل بالتنجيم وماتنقبل صلاتك 40يوم .
العنود ظلت تنظر إلى سارة للحظات ثم قالت : صدمتيني ماتوقعت هالكلام منك توقعته من جنى بس انتِ دايماً جانبك الديني يبهرني !
ضحكت سارة , لكن حلّ الصمت بينهم للحظات عندما قاطعتهم روان قائلة : انتو من جد ماحتسألوني عن اللي صار ولا تتحاشوا تسألوني يعني ؟
جنى : والله صراحة ..
لتقاطعها العنود : نتحاشى .. بس اذا انتِ تحسي انك لو تكلمتي بترتاحي تكلمي .
سارة جلست بجانب روان وابتسمت وهي تضع يدها على كتفها : احنا ماحبينا نسأل عشان خفنا إنك مو حابه تتكلمي , مو إننا ما نبغى نسمعك يعني !
روان زفرت بضيق : أحس بحرارة بقلبي يابنات , وندمانه اني عرفت اهلي بدون استثناء .. يعني ايش اللي لقفني ادور عليهم ؟
بدأت بالتحدث والتحدث والتحدث ودموعها بدأت بالانسياب , تحاول وصف ماتشعر به .. من ألم .. من قهر .. من خذلان .. من صدمه .. من مرارة .. والأدهى انها تشعر بالفراغ ..
مر الوقت وهي تتحدث وهم يستمعون محاولين مواساتها بكلامهم , يحاولون تهدئتها .. اقناعها بأن في الأمر خيره ..
قامت فجأة من بينهم وهي تلتقط شيئاً من الرف ثم جلست وهي تلقي بطاقة الدعوة على الطاولة امامهم وتقول بغيظ : السافل بكل وقاحة ونجاسه راسل بطاقة الدعوة لأمي يعزمها , على اساس انها بتروح يعني !!
التقطت العنود بطاقة الدعوة وفتحتها بفضول وهي تقرأ محتواها بصوت ساخر إلى أن وصلت إلى "المكرّم : رعد سليمان ...." لتقول بعدها : والزق والله الله يخرب له زواجه بس الكلب .. هو وزوجته بنت (ثم قرأت اسم العروس المكتوب بالبطاقة)
عقدت حواجبها وهي تشيح إلى سارة التي قالت بشك : بنت مين ؟؟؟؟
العنود مدت لها الكرت بغرابه : مو كأن اسمها يشبه لإسمك ؟
امسكت سارة الكرت وهي تقرأ الإسم مراراً وتكراراً حتى تجهم وجهها ..
كانت نظرات الجميع مصوّبه عليها , لتقول جنى بتردد : تقربلك ؟
انزلت سارة البطاقة لحجرها ونظرت إليهم بنظرات جامده : أختي .
تعلقت نظرة روان عليها بصدمة , لتقول العنود : انتِ عندك اخوات ؟
سارة : بس سهام .
تبادلتا النظرات بصمت سارة وروان , ليشعر الجميع بغرابة الموقف عندما حلّ الصمت بينهم ..
اشاحت روان عينيها وهي تبلع ريقها قائله : ماقد تكلمتي عنها !
جنى : صح انتِ حتى قلتي انك كنتِ عند جدتك لوحدك !
سارة نظرت للفراغ : ما احس اني بدخل بالتفاصيل بس هي اخذها عمي يربيها لأنها اخت بنته بالرضاعه بس انا اخذتني جدتي .. انا ما اعرف عنها شيء من لما دخلت الاحداث ..
لتقول روان مدعيه اللامبالاة : اجل خذي الدعوة إذا حبيتي تروحي تشوفيها .
نظر الجميع لروان التي سندت رأسها على الأريكة قائلة والدموع تهلّ من عينيها : انا مو طايقة البيت يا بنات كل زاوية تذكرني برعد .. مو طايقة اشوف سلطان ولا طايقة أكلم امي .. احس اني مكتوووومه وما احس اني بمكاني اللي المفروض أكون فيه .
وضعت سارة يدها على يد روان : تعالي عندنا اذا البيت هذا يضايقك ارجعي عيشي معانا ..
رفعت رأسها تنظر إليهم : وراح تستقبلوني ؟
جنى : طبعاً مايبيلها سؤال !!
العنود : أفرشلك عيوني لو ماوسعك البيت .

\\

بمجرد ان فَتح الباب نظر إليها بإستغراب ، عانقته بشده وهي تبكي : الحمدلله على السلامه .
صُعِق من الفتاة الغريبة التي تعانقه ، وما إن ابتعدت عنه وهي ترى الاستفهامات تعتلي وجهه ، لتبتسم وهي تمسك يده قائلة : انا سارة ..
تحوّلت ملامح الاستغراب إلى الدهشة ، اخذ ينظر إليها بلهفه وهو يتحسس وجهها بعدم تصديق : سارة !!
عانقها بشدة ودموعه تهلّ على خده : سارة ..
سارة بنبرة متحشرجه : ايوة سارة .
والدها : كيفك يابوي ؟ ، تعالي تعالي اجلسي ، قوليلي وينك وين اختك ؟ ووين عايشين ؟ كيف عرفتيني ؟
سارة ابتسمت بحزن : انت اللي قول لي وينك طول هالسنوات !! ليش محد جابلنا سيرتك ؟ ليش محد قالنا إنك حي ؟
شد بقبضته على يدها ليقول بأسف : انحرمت منك انتِ واختك بسبب غلطه طايشه ماحسبت حسابها ، بس طمنيني عليك ، مرتاحه ؟
سارة : ما قابلت احد من اعمامي ؟
والدها تنهد : محد يدري اني رجعت ، ولا عندي ارقامهم ، ومحد زار البيت عشان يعرف الا انتِ ، انتِ اول وحدة تجيني بعد ماخرجت !!
القت نظرة على المكان الرث ، المتسخ ثم نظرت إليه : ياحظي لاني الاولى اللي عرفت بخبر خروجك .. تغديت ؟ جبتلك معي غدا ، قلت بتغدا معاك اليوم ..
ابتسم لتظهر التجاعيد على وجهه اكثر : مو مصدق عيوني ، مرة كبرتي .. مو مصدق انها مرت 20 سنه ، تركتك وانتِ عمرك 4 سنوات ، واشوفك الحين وانتِ بنت ال 24 سنه
شعرت بمشاعر عذبه تخالج صدرها لأنه يعلم كم اصبح عمرها الآن ولم ينسى : الله يرزقك طولة العمر وتشوفني حتى لما اول الـ50 سنه .
استأذنت منه وقامت لتجهز مائدة الغداء .. ليكملوا أحاديثهم المتلهفه أثناء تناولهم الطعام .

*****

في الخامس والعشرين من شهر شوّال ..
بالمعرض المُقام من قِبل المدرسة النموذجية لعرض جميع أعمال الطالبات , وقد وجّهت الدعوات لهن ولأهاليهن أيضاً ..
كانت الحفلة بإحدى قاعات جدة الواسعة جداً , بتنظيم وترتيب مدروس بدقة .
كانت اللوحات الفنية المرسومة بانامل الطالبات معلقة على الجدران وأيضاً طاولات مليئة بالأعمال اليدوية المختلفه ..
عِوضاً عن وجود آلة البيانو الضخمة التي تعتلي المنصه لتجلس إحدى الفتيات وهي تعزف مقطوعة موسيقيه هادئة ..
لم تقتصر الدعوة على النساء بل هناك أيضاً بعض الأباء والإخوة اللذين أتو برفقة بناتهن ..
الجميع مندهش من تنسيق المكان وترتيبه , كل قطعة وُضعت بالمعرض كانت بانامل الطالبات بلا استثناء , الجميع شارك لإحياء هذا الاحتفال المبهر بالمعرض ..
وبينما كان يمشي متسائلاً : وانتِ ايش سويتي ؟ ولا دخلتي فاشلة وطلعتي فاشلة ؟
رمقته بنظرة إزدراء : مستقل فيّا ؟
ضحك : لا طبعاً بس ماني شايف شيء عليه اسمك .
جرته من يده وهي تقول : تعال أوريك ..
اوقفته أمام منحوتات واشارت على واحدة بفخر : هذي انا سويتها .
اقترب منها وهو ينظر إليها بتفحص ثم قال : لا والله فنانه .. وايش كمان ؟
قالت : والله عاد وشاركت معهم بديكور المسرح وترتيب الطاولات وخلاص يكفي .
ضحك بشدة لكنه قطع ضحكه عندما وقعت عينيه على لوحة معلقة على أحد الجدران , عقد حاجبيه بإستنكار !! ترك ياسمين ومشى متجهاً للوحة يريد التأكد من أن الرسمه لا تشبهه لكنه كلما اقترب يشعر وكأنه هو صاحب الوجه المرسوم !
ظل واقفاً أمام اللوحة واسئلة كثيرة تدور في باله , وسرعان ما أخذ يبحث عن الإسم لكن لم تحمل اللوحة اسم صاحبة الرسمه , لكن قطع عليه صوت ياسمين قائلة : تشبهك مو ؟ حتى انا اول ماشفت ارجوان مخلصتها حسيت كأنها انت .
نظر بصدمه إلى ياسمين : مين اللي راسمتها ؟؟
ياسمين بحماس : أرجوان صحبتي (ثم نظرت حولها) بس شكلها لسه ماجات ماشفتها .
تميم لم يقدر على استيعاب هذه المفاجأة !! كانت ارجوان قريبة منه إلى هذا الحد دون أن يدرك !! : لازم توريني ارجوان إذا جات .
ياسمين : وليش ان شاء الله ؟
ليقول بتهكم : والله على ذي اللوحة شكلها من معجباتي السريات .
ياسمين : ياشيخ سرّي بس مادريت عنك ولا عن شكلك .
تكتف : وايش تفسيرك للشبه الواضح بيني وبين رسمتها ؟
ياسمين : والله صراحة انت وجهك مكرر يعني عندك 160 شبيه مو بس 40 ف يمكن هي رسمت واحد يشبهك بس مو انت .
تميم بعناد : وليش مايكون انا ؟
ياسمين : لأن الصورة أحلى منك بثلاث مرات .
تميم رفع حاجبيه بدهشه : يا قرده هذا وانا الوحيد اللي وافقت أجي معاك !!
ياسمين : الله اكبر ما كأن ماما هي اللي غاصبتك تجي .
تميم : لا ماهي غاصبتني انا تكرماً مني على أختي العنقوده جيت معاها ..
وبينما هما يتشاجران سكتا فجأة وهما يستديران على الصوت الذي قال مشيراً للوحة : هذي انا رسمتها .
كانت ارجوان تخاطب لورا التي اثنت على رسمتها , في حين قالت ياسمين بحماسها المعتاد : جونــــــــــا أخيراً وصلتي ..
لم تكمل كلمتها الأخيرة الا وهي تخنق أرجوان بعناقها .
بينما تميم تعلقت عينيه على أرجوان التي اغمضت عينيها بإختناق : يا زفته بتموتيني وخري .
وبمجرد ان تركتها ياسمين وهي تصافح لورا : كيفك خاله لورا ؟
لورا بإبتسامة : هلا ياسمين , انا كويسه الحمدلله , انتِ كيفك وكيف مامتك ؟ وينها ؟؟
ياسمين : ماما ما جات بس (جرت تميم من يده) جا أخوي معايا .
انحبست أنفاس أرجوان وهي تنظر إلى تميم لتستوعب أن اللوحة التي خلفها لوجهه , شعرت بالدوار من الهلع والتوتر .
أما لورا التي قالت مبتسمه : كيف حالك ؟
تميم : هلا , الحمدلله بخير .

(ملاحظة , لورا ماتعرف تميم ولا قد شافته , وماكانت تعرف الا اسمه لما طلعته من السجن)

لم يطل النظر إلى لورا بل سرعان ماتصادمت عينيه بعينيّ أرجوان التي ولّت ظهرها له وهي تنظر إلى اللوحة , تشعر أنها ستنفجر من الإحراج , ما الذي سيطرأ في باله او ما الذي طرأ في باله عندما رأى اللوحة !
حاولت السيطرة على توترها لكنها لم تستطع تشعر ان ارتجافها اصبح واضحاً .. وبينما لورا تتبادل أطراف الحديث مع ياسمين , قالت أرجوان بإستعجال : ماما انا بروح اعدل طرحتي واجي .
لورا : طيب يا ماما انا حستناك هنا لا تتأخري .
ارجوان : اوك ..
مشت بسرعة لتهرب من نظرات تميم المسيطرة عليها وارتباكها منه .. وما إن وقفت عند أحد الممرات المليئة بالمرايات , ولم يتواجد به أي احد .. اخذت تلفظ أنفاسها وهي تضع يدها على قلبها , نظرت بالمرآة واستدارت بقوة عندما راته يقف خلفها .. ظلت تنظر إليه بهلع قائلة : بســــــم الله ؟
ابتسم ابتسامة أقرب للضحك ثم قال وهو يستند على الجدار الذي خلفه .. ورغم ذلك كانت المسافة بينهما صغيرة جداً : حلوة لوحتك ما كنت أدري انك رسامه .
كساها اللون الأحمر , أشاحت عنه بصمت , ليقول : ما كنت أعرف انك صحبة ارجوان .. انا لو ادري كان قطعت على نفسي كل هالفووووضــــى وعرفت اوصل لك بدون تعب .


تنفست بعمق : ايش تبغى ؟
تميم اعتدل بوقفته وانحنى للأمام قليلاً : انا اللي ايش ابغى ولا انتِ اللي ليش ملازمه أفكاري كذا ؟
ثم اتسعت ابتسامته : بس الظاهر مو انتِ لحالك اللي ملازمه أفكاري .
أرجوان همّت بالمشي لكنه سرعان مامد يده ليمنعها ..
ارجوان برعب : تميم خليني أروح .
تميم : ماراح تروحي هالمرة وربي الا إذا عطيتيني رقمك او سنابك او تويترك او ان شاء الله تعطيني الفيس بوك أي شيء , وإذا ما رضيتي انا راح اخذهم من ياسمين ف بكيفك يا تعطيني برضاك او باخذه غصباً عنك .
ارجوان : انت ليش مصرّ ؟
تميم : ليش مصرّ , يا بنت اكلتي راسي وانا افكر فيك مو قادر أطلعك من بالي .. إيرام تطلع مو إيرام .. وحتى ماهي بالجامعة زي ما قالت .. وفوق كذا بدر اللي راسلها وفوق كذا تطلع صحبة ياسمين .. هذا غير انها ممكن تكون هي اللي مطلعتني من السجن !
ارجوان : ايش دخلني بالسسجن ؟
تميم : الله اعلم الا لو كانت لورا اللي كفلتني هي نفسها لورا امك !
ارجوان : وايش راح تستفيد اذا اخذت رقمي وكلمتني طيب وبعدين ؟
تميم : انتِ عارفه انا ايش ابغى !
أرجوان : لا موعارفه ..
قاطعها تميم : انا بكل مرة كنت أصحى فيها وما ألقاك واحس اني ماراح أرجع اشوفك او ماني عارف اوصل لك كنت أحس بـ قلة الحيلة اوك ممكن نسميها كذا .. وكنت أحس اني انا لحالي اللي أفكر فيك و .. (ضحك بإرتباك) أحبّك .. بس لما شفتك بالـ..
قاطعته أرجوان : يمكن تكون حبيت إيرام !
تميم : ايش الفرق انتو شخص واحد !
ارجوان : شخص واحد بس مو شخصيه وحدة , لا تنسى اني بإيرام كنت تحت التنويم ..
تميم : ارجوان لا تضيعينا أبغى رقمك (وعندما لمح التردد في عينيها اكمل) اوك عشان اتأكد ان ارجوان وايرام شخصية وحدة ..
ارجوان : واذا ماطلعنا شخصيه وحدة ايش بيصير ؟
تميم : ولا شيء بكون تعرفت على شخصيتك الحقيقيه .
ارجوان : مدري يا...
قاطعها قائلاً : يعني هوا لازم اقولك اني ابغى اخطبك بس ابغى اكون صورة كاملة عنك اول !
ارجوان بإرتباك : بس انا ما ابغى اتزوج دحين .
تميم بنفاذ صبر : يا ارجوان ..
قاطعته : طيب هات رقمك .
تميم : لا ما بعطيك مو كل مرة انا اللي بجلس استناك تحزني وتتصلي وتحزني وتجي ..
امالت شفتها وهي تمد يدها له , ابتسم بحماس واضعاً هاتفه في يدها .. أخذت تكتب رقمها للحظات وهو يقول : رقمك الحقيقي لو سمحتي .
ضحكت وهي تعيد هاتفه له , نظر للشاشة قائلاً : الرقم الاول كان رقم مين ؟
ارجوان : ما اعرف ما اتذكر .
قطع كلامها رنين هاتفها ثم صوت تميم قائلاً : لا خلاص صح رقمك الحقيقي .

*****

النرويج .. الساعة السادسة صباحاً
الأفكار تأكل رأسه لم يستطع حتى الجلوس وظل يدور بالغرفة ينظر إليها وهي نائــــمه , لا يعلم هل ما سمعه كان صحيحاً أم لأ ؟؟ لكنه يشعر بالتوتر هل كانت بيان تعلم بذلك سابقاً ولم تخبره ؟
شعر بالغيظ أكثر من هذه الفكرة , وانقطعت افكاره عندما رن جرس الباب , ذهب بسرعة ليفتح الباب قبل ان يوقظ صوت الجرس بيان ..
نظر إلى الخادمه التي ابتسمت بمجرد أن رأته , تنهد بضيق لم ينتبه أنه أكّد على مجيء هذه بالذات .. لا يعلم ماذا ستفعل بيان عنما تراها حالما تستيقظ , لكن لا يملك خياراً آخر سواها الآن .. ابتعد عن الباب لسمح لباسكال بالدخول قائلاً بجمود : باشري بالعمل الآن وكوني حذره من اصدار أيّ صوت عال ..
ثم ذهب هو للاستحمام قبل أن يحين موعد دوامه ..
في هذه الأثناء بدأت باسكال بتنظيف الصالة ..

الجدير بالذكر أن باسكال سبق لها تنظيف منزلهم لمدة لا تتجاوز الساعتين والسبب أنها وفي ذلك اليوم تحديداً وبينما هي تنظف المكان .. كان خالد جالساً في الدار يقرأ كتاباً , وبيان كانت تزور الجاره صوفي منذ قرابة الساعة تقريباً أي قبل مجيء باسكال ..
لم يستمر الأمر طويلاً حتى دخلت باسكال غرفة النوم حيث يجلس خالد وبدأت بالتنظيف ..
لكنها أخذت تحاول خلق حوار مع خالد , لم يكترث خالد كثيراً لكنه بدأ بالإستغراب من إصرارها على التحدث إليه ، رفع رأسه عندما شعر أنها قريبه منه ، عندها انحنت إليه قليلاً واقتربت وهي تمسح زاوية السرير من خلفه ، قام خالد من مكانه بتوتر : لمَ لا تقولي لي ان ابتعد .
ابتسمت بطريقه مريبه : لا بأس .
وضع كتابه وخرج من الغرفة يشرب كوباً من الماء .. وبمجرد ان استدار رآها واقفه عند الباب وبيدها إحدى قلنسواته : هل هذه متسخه ؟
خالد : اظن ذلك ..
ثم اقترب منها قائلاً : ما رأيك ان تبدئي بتوضيب الغرفة المجاورة أولاً ؟ اقتربت منه بشدة وهي تستنشق عطره قائلة : رائحتك زكيه جداً ..
خالد : شكراً .
هم بالعودة للغرفة لكنها امسكت بيده وحين استدار واعتدل بوقفته : ماذا ؟
اقتربت منه بشكل صادم وهي تمسح على وجهه : هذا اول يوم لي بالعمل وهذا ثاني منزل آتي إليه ، هل استطيع أن آخذ قسطاً من الراحه قبل ان استأتف عملي ؟
تخشّب في مكانه إثر لمساتها ، اصابه القلق حيال تصرفاتها ، ما بالها أهي ثمله ام ماذا !! تضاربت الافكار في رأسه ، حاول التركيز قليلاً في رائحتها علّها تكون ثمله ، لكن انقطع كل هذا على صوت بيان وهي تقول بإستنكار وصدمه : خااالد !!! هذا ايش ؟؟؟ ايش تسوو ؟
ابتعدت الخادمه عنه معتذرة بأنها لم تكن تعلم أن هناك احداً آخر يعيش معه ، لكن بيان استشاظت غيظاً ..
احتد النقاش بين خالد وبيان لينتهي المطاف بطرد الخادمه من المنزل ..
بالتأكيد بعد محاولات مستميه من خالد بإقناع بيان عما حدث بالضبط ، استطاع كسر غضبها منه لكنها ختمت كلامها قائلة : انا بصدقك بس هذي لاعاد اشوفها هنا .

عاد بأفكاره مجدداً وهو يغلق صنبور المياه ، اخذ يمسح جسده بالمنشفه ، نظر إلى انعكاسه بالمرآة وتنهد لا يعلم كيف ستكون الأيّام المقبلة بينه هو وبيان ! لا يشعر أنه يودّ التحدث إليها ولكنه اشتاق فعلاً ، عِوضاً عن أنه سئم الإدعاء باللامبالاة في كل مرةٍ يراها تبكي فيها محاولةً التحدث إليه ..
خرج من الخلاء دون ان يعير الخادمه أدنى إهتمام بوجودها خوفاً من تكرار ما حدث .. اغلق باب الغرفة واخذ يرتدي ملابسه .. وبمجرد انتهائه وخروجه من الغرفة وقبل ان يغادر المنزل قال للخادمه : ارجو ألا تغيري ترتيب أي شيء ، اعيدي كل شيءٍ كما كان عليه ..
هاتفه لم يكف عن الرنين .. وهو لم يكف عن إغلاق المكالمه التي جعلته يتذكر شيئاً أثار غضبه وجعله يعقد حاجبيه وهو يغلق الخط بسخط .. استيقظت بإنزعاج على صوته وهو يتحدث إلى أحدٍ ما بالخارج !! مما أثار استغرابها لتغادر السرير وتخرج من الغرفة لترى إلى من يتحدث خالد .. اتسعت عينيها وهي تراها ، نظرت إلى خالد بغضب : هذي ايش تسوي هنا انا مو قلتلك ما ابغى اشوف وجهها مرة ثانيه ؟؟
ارتفع صوت خالد بقلة صبر : شسويلك يعني مالقيت غيرها اخلي البيت مغبر ومقربع ؟؟؟
بيان : سبحاااان الله من كل موظفات الشركة مالقيت الا هذي انحجزوا كلهم فجأة يا سبحان الله ..
خالد : بيان خلي الادميه تخلص شغلها وتمشي مالي خلق اجادلك ولا لي خلق بوجع الراس مع ذا الصباح .
بيان بغضب : اقسم بالله ماتجلس دقيقه هنا .
خالد بغضب اكبر : اقسم بالله لو مشيتيها وانا رجعت من الدوام ومالقيت البيت نظيف ومرتب ويمين الله ما راح يحصل لك خير .
بيان : تهددني ؟
خالد بتأكيد : اهددك .
بيان نظرت للخادمهget out : (اخرجي)
الخادمه : But .. (ولكن)
بيان بصوت عال : geeeeeet out now . (اخرجي الآن)
وضبت الخادمه اشياءها بإستياء
لتقول بيان : Never come here , never (لاتعودي إلى هنا أبداً , أبداً ) .
ابتعد خالد قليلاً عن الباب وهو يشعر بالغبن من تصرفها وبمجرد خروج الخادمه قال : ارتحتي ؟ هيّا والله لو رجعت والبيت مايلمع انك ما راح تشوفي خير .
خرج واغلق الباب خلفه بعنف ..
تجمعت الدموع بعينيها بغضب منه تشعر أنها اكتفت من كلّ هذا ..
بعد ما يقارب النصف ساعة عندما استعادت نشاطها بعد ان صلّت مافاتها وتناولت إفطارها أيضاً ..
فتحت هاتفها لتطلب خادمة اخرى لتأتي ، حاولت تقديم الطلب مرة واثنتين وثلاثه ويعود طلبها بالرفض لأن من شروط هذه الشركه طلب خادمه واحدة فقط في اليوم لنفس العنوان ...
حاولت البحث عن شركات أخرى لكن لم تجد أي طلب متاح الا بوقت الظهيرة .
عقدت حاجبيها بضيق : ايش ذا الحظ ياربي ، مالي خلق اتخاصم معاه ذا الثاني .

//

الثالثه والنصف مساءً ، فتح باب المنزل ودخل عقد حاجبيه بصدمه عندما رآها تجلس على الارض وهي تفركه بإسفنج وتبكي ، رمقته بغضب ثم اكملت دعك الارض ..
اقترب منها لتقول بحدة : لا توسسسسخ الارض دوبني ماسحه ذا المكان .
جلس بجانبها وهو يمسك بيدها لتتحول ملامح الاستنكار إلى غضب : انتِ ايش قاعدة تسوي ؟؟؟
دفعت يده عنها بقوة : وخر عني مو انت تبغى بيتك ذا يلمع .
خالد : بس ماقلتلك انتِ اللي تنظفي !!
بيان : وايش قصدك لما تقول لي أبغى أرجع وألقى البيت نظيف ومرتب وانت عاااارف شروط الشركة اللي نتعامل معاهاً .
خالد : بيان بلا جنان انتِ حامل واكيد اني ما قصدت انك تنظفي بنفسك !!
بيان : لا ماشاء الله مهتم ، ما كأنك اللي من الصباح جالس يهدد فيّا .
زفر خالد بضيق : والله انا ما عاد ادري انتِ ليش تسوي اشياء غبيه كذا ؟؟
بكت بقهر : كل شيء أسويه صاير غلط بعيونك كل شيء ، حتى وانا منظفة عشانك عشان ما أبغى نتخاصم ما ابغى نتزاعل زيادة على أشياء غبيه انا طفشــــــــــت انت صاير كأنك تدور الزلة علي كل شيء اسويه غلط مو عاجبك ولا شيء ...
مسحت دموعها بقوة مكملة : طالما ما تبغاني ماعاد تتقبل وجودي وصايره ثقيله على قلبك لهالدرجة ومو طايق مني ولا شيء ؟ خليني ارجع جدة ليش مخليني هنا ؟ عشان تذلني ؟؟؟ أصلاً انا مجنونه لما كنسلت سفرتي عشانك ..
ألقت الاسفنجة الصغيرة من يدها وذهبت للخلاء ، اقفلت الباب وهي تجهش بالبكاء ، خلعت ملابسها المبلله ودخلت تحت الـ"دش" لينساب الماء على شعرها نزولاً إلى جسدها علّها ترتاح وتهدأ بعد هذا اليوم المرهق ..
ظل القلق يجتاحه وبمجرد دخولها للغرفة جلس هو على السرير ينظر إليها بتمعن ، لكنها لم تنظر إليه ، كانت ملامحها عبوس جداً وآثار البكاء باديه على وجهها ، جلست على التسريحه لتدهن جسدها بالمرطب ..
ثم قامت لترتدي ملابسها حينها سأل خالد : انتِ كويسه ؟
لم تجبه ، بل عبست ملامحها اكثر متجهةً نحو السرير حتى تمددت عليه وهي تغطي نفسها لتعود للبكاء مجدداً ..
تمدد بجانبها مقترباً منها من الخلف : بيان كلميني فيه شيء يوجعك ؟
دفنت وجهها بالوسادة وهو يكرر سؤاله مرة تلو أخرى لتصرخ بقلة صبر : قلبي قلبي اللي يعورني سيبني خلاص , والله العظيم تعبانه .
عانقها ليهدأ صوتها وهي تقول : لاتجلس تأملني فيك وتحسسني اننا راح نرجع زي ماكنا وبالنهاية مايتغير شيء ! سيبني .
شد بعناقه عليها وهو يقبّل كتفها : ما كان هذا قصدي بيان .. لو ادري انك مجنونه بتنظفي بنفسك ما كان كلمتك ولا قلتلك شيء .
امسكت بيده التي تعانقها وهي تقول : بطني يوجعني ، وظهري يوجعني كل جسمي يوجعني ..
قعد وهو يبعد الغطاء عنها : قومي ، قومي خليني اوديك العيادة انا ما حرتاح كذا .

خرجوا من العيادة بعد ان قالت الطبيبة ان الالم ناتج عن الاجهاد فقط ليس هناك أيّ ضرر قد حلّ بها ..
لكن بيان كانت تشعر بألام غريبة أسفل بطنها ، وفي نفس الوقت لا تريد القلق وقررت تجاهل الألم بما ان الطبيبة قالت ان الامر طبيعي ، فقط عليها أن تأخذ قسطاً من الراحه دون القيام بأي مجهود آخر مرة أخرى .

في المساء ، بعد منتصف الليل ..
استيقظ بفزع من نومه عندما غرزت أظافرها بيده ، عقد حاجبيه وهو يسمع انينها وهذيانها الغريب ، فنح الاضاءة التي بجانب السرير وهو يراها بحالة يرثى لها تبكي وتهمس بإسمه وكأنها تحتضر ، تحاول لمسه لكن يبدو أنها فاقدة لقواها ..
قام من مكانه بفزع وهو يضيء مصابيح الغرفة ، تلفظ انفاسها بصعوبة ، نظرت إليه عندما وقف بجانبها بهلع وانحنى لها : بيان سامعتني ؟
لتقول بصوت بالكاد يسمعه : بموت .. مو قادرة اتنفس ...
لم يستمع لباقي كلامها ف سرعان ما ابعد البطانية عنها ليصدم من بقعة الدماء الكبيرة تحتها ..
جلس على ركبتيه قائلاً بخوف وهو يمسك يدها : بيان بيان حاولي تركزي معاي حاولي ماتفقدي وعيك ...
ثم قام بسرعة وهو يمشي بخطى سريعة وبتشتت واضح ، فتح باب الغرفة وباب المنزل ، حملها واخرجها وهو يكرر بإسمها لكيلا تغيب عن الوعي ، لكنها بدت منهارة تماماً وكأنها غير واعيه أصلاً .
ادخلها إلى السيارة بسرعة وصعد ايضاً ، حرك سيارته وهو يحاول التحدث إليها ، كان انينها وهذيانها يطمئنانه قليلاً انها مازالت مستيقظه لكن ما إن هدأت ، نظر إليها بفزع : بيان تسمعيني ؟ بيان لا لا تفقدي وعيك ..
وضع يده على رقبتها موضع النبض ، ثم امسك بيدها وهو يضغط عليها وينادي : بيان الله يخليــــك قومي قومي .
يقود بسرعة جنونية ، يحاول مسابقة الزمن وايصالها للمشفى بأقصى سرعة ، قلبه يخفق برعب وخوف من فقدانها ، كل دقيقه يلتفت إليها ليتأكد من أنها مازالت تتنفس ..
يشعر وكأن المسافات طالت أكثر من السابق .. يشعر بأنه المسؤول عما يحدث لها الآن ، يشعر أنه تمادى كثيراً بمعاقبتها وصدها عنه ، يشعر بالرعب والخوف والقلق والندم والحسرة ، ظلت الافكار تتصارع في رأسه بينما هو يحاول الضغط على يدها علها تهدئ سرّه وتستيقظ لكن بلا فائدة .. وأخيراً اوقف سيارته امام باب الطوارئ ، حملها بيديه ودخل كالمجنون ينادي ، قميصها تلوّن بالدماء .. قطرات الدم بدأت تقطر على الارض ، اسرعت الممرضات بوضعها على السرير الأبيض وهي فاقده للوعي كلياً ، حاولوا اسعافها بأقصى مايمكن ..
ادخلوها للغرفة بينما هو وقف بالخارج مع افكاره ينتظرها برعب ..
يدعو بشدة ألا يصيبها مكروه ، يشعر بنار في صدره سخطاً على نفسه .. لم يستطع حتى الجلوس من فرط توتره وقلقه ، اخذ يمشي جيئةً وذهاباً خرجت الممرضه تسأله عن فصيلة دمه ، ثم طلبت منه التبرع بدمه لبنك الدم لأن بيان قد نزفت كثيراً وتحتاح لنقل الدم .
لم يعارض بل على الفور ذهب للتبرع .. بعد مرور فترة من الزمن ، هدأت الغرفة من حركة الممرضين والطبيب ، خرج الطبيب ليطمئنه أن حالتها استقرت وايضاً حالة الطفلة مستقرة ، لكن حذره الطبيب من اي جهد تقوم به بيان قد يؤدي إلى مضاعفات ونزيف آخر ..
دخل إلى الغرفة وهو يراها تغط في نوم عميق ، جلس بجانبها يمسح على شعرها ، اقترب منها وقبّل خدها بلطف ، امسك بيدها وضمها لصدره : انا مو مستعد اخسرك والله .
وضع رأسه على كتفها ثم عانقها لم يشعر بدموعه التي بللت قميصها ، كيف يقول انه خاف من فقدانها جداً !
كان يظن ان حبها بقلبه بدأ بالانحسار ، لكنه وفي هذه اللحظة تأكد أن قلبه متعلق فيها لا محاله ، أنه يعشقها ، لا يستطيع تخيّل حياته بدونها ..
لا يستطيع تقبّل حياة خاليه من بيان ! حبيبته ووجف قلبه .

*****

في مركز الشرطة , هز كتفه بمعنى "مالقينا شيء"
نظر سلطان إليها وهي جالسه ودموعها تهلّ على وجنتيها , جلس امامها قائلاً : ما راح تتكلمي ؟
لتقول من بين دموعها : انا قلتلكم كل شيء أعرفه .
مسح سلطان وجهه : بس احنا مالقينا ولا شيء من اللي قلتيلنا عليه , لا مكالمات ولا اتصالات ولا حاجه تدل على ان كلامك صح .

\\

بالعودة إلى ذلك اليوم , الرابع عشر من شهر شوّال ..

عقد حاجبيه فجأة وهو يقطع كلامه عندما بدأ يتجه إلى طريق ترابي مظلم بلا إنارات نظر إليها : متأكدة من الموقع ؟
هي نظرت للهاتف : ايوة على حسب الخريطة هنا بيتها .. هي معلمة بقرية ف أكيد انها مستأجرة هنا عشان تكون قريبة من القرية .
كان يشعر ببعض التوترلكنه سرعان ما ابتسم عندما شعر بالأمان عندما فكّر بأنه من الأفضل جداً انهما بعيدان عن أي احد من الممكن ان يعرفهما .. وبعيداً حتى عن البيوت ولا احد سيعلم مالذي سيحصل بينهم ولا أحد يرى : يلا احسن عشان ناخذ راحتنا .
ضحكت : طبعاً .
بدأ يلقي عليها كلمات وعبارات وإيحاءات جنسيه , يمسح بباطن كفه على فخذها , بينما كانت هي تضحك محاولةً ابعاد يده برفض مزيّف لتشعل رغبته فيها أكثر ..
لم يستطع إكمال الطريق .. بل أوقف سيارته قائلاً : مو لازم نروح الشقه هنا محد بيشوفنا !
ابعدت جسده عنها قائلة بإرتباك واضح : لا لا هنا لا (ثم ابتسمت بمكر) وبعدين انا مجهزة البيت لهذي السهرة , راح تنبسط هناك أكثر .
ضحك بفرحه وهو يتنهد قبّل خدها قائلاً : والله ياحظي .
واكمل الطريق ....
عند وصولهم للمكان المطلوب .. ترجلا من السيارة بينما أخذ هو ينظر إلى المكان بغرابه : متأكدة ان هذا هو البيت ؟
وقفت بجانبه وهي تمسك ذراعه وتمسح على كتفه : طبعاً متأكدة انا زرتها قبل كذا .
سبقته وهي تفتح الباب ثم أشارت له بالدخول .. دخل بخطى ثابته وهو مندهش من المكان .. كان منزل قديم بغرفة واحدة فقط وحمام صغير جداً .. وبزاوية الغرفة ادوات مطبخ صغير ..
سرير لشخص واحد مزيّن بالورد .. الشموع الصناعيه تملأ المكان .. وأيضاً طاولة خشبية بوسط الغرفة مغطاة بقماش أبيض وكرسيين خشبيين عليها أطباق بيضاء فارغة واطباق كبيرة أخرى مغطاة بغطاء فضي مقعر , لم يلبث كثيراً وهو ينظر بالمكان حوله بدهشة .. استدار وهو يقول : اما تعيش هنا لوحدهــ ...
بتر كلامه اثر ضربة قوية على رأسه وسقط مغشياً عليـــه ..

\\

بالخارج .. اوقف سيارته عندما رأى سيارة بدر واقفة أمام هذا المنزل الطيني الصغير ..
اقترب من النافذه الصغيرة جداً بحذر , لتتسع عيناه بصدمة وهو يراها تحاول رفع جسده من الأرض وإجلاسه على الكرسي .. عرقه بدأ ينحدر من جبينه عندما همت بلف الحبل عليه لتثبت جسده على الكرسيّ ..
لم تكن لمياء الرقيقه الطيبه التي لطالما عرفها , بل كانت نسخه مرعبه منها , الإبتسامة ترتسم على شفتيها بينما هي تحضر إناءً متوسط الحجم وترشّ الماء الذي فيه على وجهه بدر .
فتح فمه وهو يحاول إلتقاط انفاسه , تلاعبت به .. سلطان وقع بغرام فتاة ظنّها طيبه , لطيفه , مثقفه , ذكيّه , جميلة .
كيف لتلك الملامح العذبه ان تخفي كل هذا الشر !!
أكان طوال هذه المدة يفصح عن صعوبة قضيته ومخططاتهم للقبض على المجرم للمجرم نفسه !! كيف خُدع فيها ؟؟ كيف لم يشكّ بها حتى !
راقبها لمدة اسبوعين تقريباً كانت تحركاتها طبيعية لم يشكّ بها حتى ظن بأن شكوك هاني تجاه لمياء مجرد هراء ..
لكن اليوم !! أخرجته لمياء من الشك إلى اليقين بأنها محترفه جداً بالتخفي !
لا يدري هل يصوّر مايحدث ليفضحها , ام يراقب بصمت , لأنه ظل يراقبها طوال هذه المدة سراً بدون أن يعلم أحد , ولا حتى هاني , شريكه بهذه القضية !

بالداخل
استيقظ بفزع عندما رُشّ وجهه بالمياه البارده يتنفس بسرعة ينظر إليها بتعجب وهي تجلس امامه مبتسمه : ايش ؟ ايش تسوي ؟
شعر بالحبل الملفوف على جسده لينظر إلى حالته ثم ينظر إليها بهلع : ايـــــش هذا ايــش قاعدة تسوي ؟
لمياء بضحكه : اسوي اللي جيت عشانه (ثم تحوّلت ملامحها للحقد وهي تنحني بإتجاهه) ولا لايكون تحسبني غبيه ورضيت بهالسرعة عشان سواد عيونك ؟ لا يكون صدقت إني رجعت طحت بغرامك من جديد ؟؟ والله صراحة توقعتك أذكى من كذا !! كيف تثق ف بنت ضيّعت لها عمرها وهي تبكي عليك وعلى موتك .. (تهدج صوتها) قتلت ناس مالهم ذنب تحسبهم اخذوك منها ويطلعوا اصحابك أصلاً !! انت كيف حتقدر تنسيني أصواتهم وهما يترجوني أسيبهم وإنك عايش وان الموضوع كان مقلب ولا صدقتهم؟ الكل , الكل كان صادق معاي إلا انت , انت خليتني اشوف دمهم يسيل قدام عيني وبسببي وبدال ما أحس بحزن أحس بتشفّي , أحس إني أخذت حقك بيدي ..
نزلت دموعها واكملت : وبالنهاية أكتشف انهم ما قتلوك أصلاً وان دمهم اللي استبحته بقلب بارد كان ظلم .. بس صدقني , صدقني ماراح أخليك .
بدأ العرق ينساب من جبينه برهبه لكنه مازال يحاول السيطرة على أفكارها قائلاً : انا ادري أدري إنك مو ناوية تئذيني عشان سوء الفهم اللي صار .. واضح أصلاً من عيونك إنك قاعدة تسوي كذا غصباً عنك بس عشان تعبري عن شعورك بالسخط ناحيتي , بس انتِ ما تبغي تسوي لي شيء انا عارف ومتأكد لأن هذا اللي واضح من عيونك , انتِ ماتبغي تئذيني , لازم تتعايشي مع شعورك لمياء .
ضحكت بشدة لتتحول ملامحها المستاءة إلى سخرية : والله ماشاء الله كل هذا استنتجته من عيوني ؟ بدر حركاتك هذي ماعاد تأثر فيّا على فكرة , توقعتك بتستخدم حيل وحركات جديدة بس انت انت ما تتغيّر .

مازال يشاهد مايحدث بأفكاره ومشاعر مختلطه , ممسكاً بجهازه اللاسلكي لكن لا يعلم هل يطلب النجدة ام ينتظر أكثر !!
لم يلبث كثيراً في تساؤلاته ف سرعان ما استدار بإستغراب على أصوات السيارات المقتربه وفي نفس اللحظة أطلقت سيارات الشرطة صافراتها وهي تحيط المنزل من جميع الجهات وصوت شرطي يقول بمكبر الصوت : المكان كله محاصر , أيّ مقاومه راح يتم إطلاق النار اطلعي من المكان وسلمي الرهينه وسلمي نفسك .
وقفت بفزع من الأصوات التي احتشدت بالخارج من صافرات سيارات الشرطة واصواتهم , وحين صرخ بدر مستنجداً وجّهت فوهة المسدس عليه قائلة : ماراح اطلعك من هنا إلا جثه ..
قام سلطان من مكانه متوجهاً لهاني الذي خرج من سيارته ليقول بدهشه : انت ايش تسوي هنا ؟
سلطان : البنت معها سلاح أي حركة غلط منكم ممكن تضيّع حياته !
هاني : ماجاوبتني انت ايش تسوي هنا ؟
سلطان : كنت اراقبها من فترة وشفتها طلعت معاه , ماتطمنت ولحقتهم لهالمكان .
هاني : وماعرفت تكلمني ؟ ولا ترد على اتصالاتي ؟
سلطان : انت اللي كيف جيت لهنا ؟
زفر هاني بضيق : زرعنا أجهزة تجسس بجوالها من فترة ..
ليقاطعه سلطان بغضب : كيف تسوي كذا بدون ماتستشيرني .
هاني : حاب تناقشني بالأسرار ؟
تقدم هاني عنه لكن سلطان اوقفه قائلاً : قلتلك البنت ممكن تقتله لو دخلتم فجأة ..
هاني : ويعني ننتظرها برا لين تطلعلنا جثمانه بنفسها يعني ولا وش موضوعك انت ؟
سلطان : انا راح ادخل .
نظر هاني إليه بإستنكار .. ليصرّ سلطان : انا اللي راح أدخل .

بالداخل وهو ينظر إلى ارتجاف يدها : لمياء اهدي اهدي وانا اوعدك إني راح أصلّح كل شيء .. كل شيء والله , بس انتِ ماتبغي تقتليني انا عارف .. لمياء مهما حاولتي تنكري مشاعرك انتِ لسه تحبيني .. ولا ماكان قتلتيهم عشاني .. خليني , خليني والله اوعدك راح اطلعك من السجن وماراح اخليهم يئذونك ولا يعدمونك بس خليني , لا تغلط وتقتليني وتوسخي يدك بدمي .
شدت قبضتها على المسدس صارخه : قلتلك اسكت ما أبغى اسمع منك كلمة انت ماتفهم !! أيّ حب تتكلم عنه انا ما أبغى شيء دحين غير إني أفرّغ هالمسدس براسك .. دام إنهم راح يعدموني بكل الأحوال فأنا مو ناوية أخليك تعيش من بعدي أصلاً ..
بدر : انا آسف والله آسف اوعدك را...
انقطع صوته بطلقة خرجت من سلاحها , طلقة أخرست جميع من بالخارج على إثرها , وهم يتبادلون النظرات بفزع ..
وعينيّ هاني متعلقه على المنزل متسائلاً هل قُتِل ؟ ....


قال تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا)

كتابة : حنان عبدالله .


حُرر يوم الثلاثاء الموافق :
14-8-1441 هجري
7-4-2020 ميلادي




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس