عرض مشاركة واحدة
قديم 25-04-20, 08:55 PM   #92

أمل بركات
 
الصورة الرمزية أمل بركات

? العضوٌ??? » 463957
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 184
?  نُقآطِيْ » أمل بركات is on a distinguished road
افتراضي

الفصل العاشر
( لقلبي أنصتِ)
.................................................. ..
أحبكِ ولكن ...
لا تعاتبي
ودعِ اللوم ...
ولقلبي أنصتِ
يمر الوقت ...
وأنتِ كما أنتِ
لطبعي وعقلي..
دومًا تجهلي
أريد الوصل..
وأتوق للحْنِهِ
أتيت إليكِ ...
والشوق في عيني
لكنكِ أبيتِ..
إلا أن تبعدي
ولِما يضيرك
تتذكري
ونسيتي أنني رجل
شروطك عليّ
لن تنطلي
وهل في الحب
قيود للأسر ؟
أم في العشق
أوامر بالهجر ؟
..........................................
الرغبة بجعل النفس محط أنظار الجميع ليس قاصر على جنس بعينه وإنما هو حاجة بشرية لتعويض النقص الراسخ بين جنباتها ... ويبقى السؤال الأهم من سيتمكن من تجاوز تلك الرغبة بسلام ؟
استقل سيارته ولا يعلم أين ستكون وجهته , لا يريد الذهاب إلى المقهى القريب بعد أن رآه هيثم مع شمس , ظلّ يتجول في الشوارع , يفكر بما حدث , هل كان عليه أن يسمعها ؟ هل هي تمادت لتملي عليه شروطها قبل أن يمسها ؟ حدث نفسه قائلًا :
ــ أنا رجل لابد أن تتمنى قربي , لا تملي علي شروط ...هه قال نتعاتب قال ! لقد فقدت عقلها وتظن ثقافتها ستجذبني نحوها ، رن هاتفه , تخلله التوتر ما إن رأى الاسم , لكنه بالنهاية ردّ :
ــ أهلًا أنسة شمس .
ردت عليه بحنو :
ــ كيف حالك يا آدم ؟
قال ممتعضًاً :
ــ ألا تظنين أن الوقت متأخر لمهاتفتي في تلك الساعة المتأخرة ؟
ازدردت ريقها قائلة :
ــ أنا آسفة , لكن وددت أاا .
زفر قائلًا :
ــ أنا اسمعك .
ــ وددّت أن أعلم سبب رفضك للقدوم لحفلة ذكرى مولدي ... قالتها وهي ترجوه أن يعدل عن قراره .
تأفف قائلًا :
ــلقد قلت لكِ مسبقًا , عندي موعد هام .
سألته بنوعٍ من اللوم :
ــ لماذا تغيرت معي ؟
ضحك ساخرًا :
ــ ليس هناك شيء يجمعنا لأتغير , آنسة شمس .
ــ ولكن ... قبل أن تكمل قاطعها قائلًا :
ــ أنا رجل متزوج و لديّ طفلة , أظنّك تعلمين ؟
ــ بلى ؛ أعلم ... لكنني عهدتك أكثر لطفًا , أنت أحد أسباب السعادة لي في الشركة , صدقني .
كانت لجملتها الأخيرة وقع مختلف على نفس آدم , شعر بالارتياح و الغرور لأن هناك أنثى غير أمنية تسعى إليه , حدثه عقله قائلًا :
ــ بربك , أليس هذا أجمل شعور ؟
حدثها بلين قائلًا :
ــ صدقيني مشغول , ولولم أكن كذلك لكنتُ حضرت .... تابع ضاحكًا :
ــ من يفوت فرصة كهذه ؟
ضحكت شمس ملئ فيها وكأن ما قاله أعلن إذعانه لرغبتها , قالت :
ــ ما قلته كفيل بقلب حال ليلتي رأسًا على عقب .
ــ حقًا ؟ ... سألها بحماس
تتابعت ضحكاتها التي سلبت لبّه , ثم قالت :
ــ بالطبع ياعزيزي , كان يومي بائسًا بعد ما حدث في الصباح , لكن كونك عدت كما كنت فذلك يسعدني كثيرًا ... نتحنحت متابعة : أنتَ لي أكثر من صديق .
ــ يشرفني أن أكون كذلك ... قالها وقلبه يتراقص من فرحته بأنه محط اهتمام إحداهن , من ترنو له بدون شروط , تسعى له , تهتم لأمره ... آه من ذلك الشعور الذي يدغدغ المشاعر ويقلب حال صاحبه رأسًا على عقب , فيضيع على أثره أي تقدم يمكن إحرازه لإصلاح تلك الشخصية .
.........................................
عندما تتحطم القلوب , تُنهك الأرواح , كل ماعلينا فعله حينها هو البحث عن ذاك القلب الذي لن يمل سماعنا ولن يفتر تقفي أخبارنا للإطمئنان علينا , وهل هناك أفضل من ذلك ؟
وجدته أخيرًا على الكمود , أخذته بيدها المرتعشة ثم ضغطت الرقم وانتظرت الرد , مرت الثواني وكأنها ساعات , حتى ردت أخيرًا ومع ذلك صمتت عوضًا عن إجابتها , فبادرتها سحر :
ــ أمنية , هل أنتِ بخير ؟
أخذت تنظر لنفسها عبر زجاج النافذة المطلة على الشرفة , وما إن تذكرت كيف نحى آدم يديها بعيدًا عنه وغادر البيت في تلك الساعة , انفجرت باكية , قالت وسط شهقاتها :
ــ لقد أصبحت رخيصة حد الإمتهان ... استكملت نحيبها .
ــ اهدئي حبيبتي لأتمكن من سماعك , ما الذي حدث ؟... سألتها سحر بشيء من القلق .. قصّت عليها أمنية ماحدث , ختمت حديثها قائلة :
ــ ليتني لم اتبع مانصحتني به .
ــ لكنكِ بالفعل لم تعملي بنصائحي ... قالتها سحر فتوقفت أمنية عن البكاء سائلة :
ــ ماذا ؟
تنهدت سحر قائلة :
ــ لم يكن هذا هو الوقت المناسب للعتاب يا حبيبتي .
عادت أمنية لبكائها قائلة :
ــ أنتِ كذلك يا سحر تلومينني على العتاب .
ــ اهدئي , أرجوكِ ... قالتها سحر منزعجة مما حدث لصديقتها ...
ــ يريد زوجة جميلة بلا شعور , لا عتاب , لا نقاش , لا اعتراض .. تابعت أمنية وسط نهنهاتها :
ــ أنا أكره الزواج , أكرهه و أكره نفسي الضعيفة التي لم تظهر إلا هنا ...
ــ لأجل خاطري اهدأي ... تابعت سحر قائلة :
ــ لا يفهم معظم الرجال لغة العتاب , يظنونها كآبة .. لذلك غضب منك زوجك .
ــ وماذا عنّي ؟ ألا يحق لي أن أغضب ؟ سألتها أمنية , ثم تابعت :
ــ لقد انتظرت أن يصالحني لكنه لم يفعل .
ــبلى ؛ فعل ... قالت سحر فتوقفت أمنية عن البكاء قائلة :
ــ لا , لم يفعل .
سألتها سحر :
ــ ألم يمدحك , ويطلب قربك ؟
أجابت أمنية : بلى , فاستطردت سحر :
ــ هذا هو أسلوبه في التصالح لكنكِ صددتيه بعتابك .
تلعثمت أمنية قائلة :
ــ ومتى سيعلم أنه أخطأ في حقي ؟
ضحكت سحر قائلة :
ــ تتقبلي صلحه أولًا , ولتعلمي أنه لا يوجد رخص أو إمتهان بين الزوج وزوجته .
صمتت أمنية هنيهة ثم قالت :
ــ إنه عنيد وصعب المراس , لقد أخطأت بالزواج منه .
ــ لا تقولي ذلك , هو نصيبك واختيار الله لكِ ... تابعت سحر قائلة : تذكري ريم التي لابد أن تحيا بوئام بينكما , هي الآن صغيرة لكنها ستكبر وتفهم كل شيء.
ــ لقد تعبت من كثرة التفكير بكيفية التعامل معه , هل هو يفعل ذلك ؟ قالتها أمنية بشيء من الألم .
ــ لعله يفعل , لكنكِ لا تعلمين .... تابعت سحر :
ــ وهن علاقتكما نَجم عن قصوركما أنتما الإثنين , هو أخطأ لكنك أيضًا مخطئة , اعذريني ان قلت ذلك , لابد من التدرج في إصلاحه .
زفرت أمنية بضيق قائلة :
ــ أخشى أن يكون على علاقة بغيري .. لقد سمعته يقول : شمس .
سألتها سحر بخبث :
ــ هل تغارين عليه ؟
ردت أمنية بامتعاض :
ــ مزاجي لا يسمح بالمزاح ... ردت سحر :
ــ لكنني لا أمزح , صدقيني ، أنتِ تحبيه يا رفيقتي , بخصوص شمس فهو يحتمل أن يكون اسم رجل , لعله زميله بالعمل أو صديقه .
توترت عندما سمعت دوران المفتاح في الباب , فأنهت المكالمة , ظلت واقفة تنظر من نافذة الشرفة , عندما وَلج آدم و رأها واقفة ممسكة الهاتف , ظنّ أنها حاولت مهاتفته بنفس الوقت الذي هاتفته فيه شمس , شعر بالحرج حيال ذلك , ازدرد ريقه , سألها :
ــ لماذا تقفين هكذا ؟
لم ترد عليه , فاقترب منها و أمسك كتفيها لتستدير له وما إن فعلت , سألها :
ــ لماذا تبكين ؟ ... تابع وهو ينظر لعينيها الدامعة وقد رق لحالها كثيرًا :
ــ أولستِ من أراد ذلك ؟
هزت رأسها نافية , فقطب جبينه و ابتسم قائلًا :
ــ لم تفسدي الليلة فقط , بل فعلت أيضًا بمساحيق وجهك التي اختلطت بدموعك.
ضحكت أمنية , فأخرج من جيبه منديلًا ورقيًا , وقام بمسح وجهها , ثم قال :
ــ تعلمين ! تبدين أجمل بدونها.
ــ حقًا ؟ سألته أمنية وهي تنظر لعينيه , فأومأ بنعم , غمرتها السعادة لاستئناف صلحه مجددًا , سألته بدلال :
ــ هل تحبني يا آدم ؟ ... أومأ برأسه موافقًا .
أشارت بلا وقالت :
ــ قُلها .
ضحك قائلًا : أحبكِ .
هزّت رأسها نافية ثم قالت : أرفقها باسمي الذي تأبى نطقه .
ــ أحبك يا أمنية ... قالها ثم غمرها بدفئه وقد شدّ وثاقه حولها ليغرقها بعناق لخص معنى العشق بين دفاته وقد استسلمت له مستشعرة صدق تلك النبضات التي تطرق صدره هاتفة باسمها .
.................................................. ......
مهما حاولنا تناسي ذكريات موجعة جمعتنا بأحدهم سيأتي من سلالته من يعيد الماضي بحذافيره ليذكرنا أن الأيام دول تسلم الأدوار من الأباء للأبناء ...
تنفس الصبح , ناثرًا أشعة الشمس الذهبية في كل مكان , ليعلن ميلاد يوم جديد مليء بالحكايا و الأحداث التي ستنفرج عن الغيب لتقتسم جزءًاً من حياة أصحابها .
كانت واقفة أمام المزينة تدندن بأغنيتها المفضلة , تضع الحمرة كخطوة أخيرة لإنهاء رسم مكايجها , رتبت هندامها ثم التقتطت حقيبتها وخرجت من الغرفة باتجاه المطبخ لتشرب عصير قبل الذهاب للشركة , كانت رنا قد خرجت لتوها من دورة المياه وماء الوضوء يقطر من وجهها , نظرت لشمس قائلة :
ــ سبحان مغير الأحوال .
رفعت شمس أحد حاجبيها قائلة :
ــ لا تعكري صفو مزاجي يا رنا .
مطت رنا شفتيها قائلة :
ــ لقد أصبحت حياتنا معكِ رهن مزاجك يا شمس ... أشاحت شمس بيدها وذهبت لتحضر كوب العصير , فوجدت والدتها تعد الفطور , صبّحت عليها لكنها لم ترد , بل تركت ماكانت تعده وخرجت من المطبخ , امتعضت شمس وحدثت نفسها قائلة : ــ حتى أنتِ ياسعاد ! هل اتفقتما عليّ ؟
انشغلت سعاد بترتيب البيت , لكن شمس اتجهت نحوها و وقفت أمامها , فأشاحت سعاد بوجهها وتأففت قائلة :
ــ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
عقدت شمس مابين حاجبيها قائلة :
ــ هل رأيتِ شيطان لتقولي ذلك ؟ ... لم ترد سعاد وتابعت ماكانت تفعله .
انتهت رنا من صلاتها واتجهت نحو شمس معاتبة :
ــ ما الذي تريدينه يا شمس ؟ ألا يكفيكِ ما فعلتيه بالأمس ؟
ــ أنا المخطئة لأنني أحاول مصالحتها ... تابعت بصوت أعلى :
ــ هل هكذا تتقبل اعتذاري ؟
قلّبت رنا كفيها سائلة :
ــ وأين ذلك الاعتذار ؟ تابعت وهي تشير نحوها : لم تكلفي نفسك عناء نطقه حتى .
ــ لعلّها تريد منّي شيئًا ... قالتها سعاد وهي ترتب وسائد الأريكة .
غمزت شمس قائلة :
ــ يعجبني ذكائك يا سعاد ... تنحنحت متابعة : تعلمين أن ذكرى مولدي اليوم و ... قاطعتها رنا قائلة :
ــ هل تقبلين على نفسك ما قلتيه لأمي بالأمس ؟ كيف تجرؤين على طلب مساعدتها بعد ما فعلتيه ؟
اتجهت شمس لسعاد و قبّلت جبينها ثم أمسكت كفها راجية :
ــ ألن تسامحيني ؟ ... تابعت وهي تبتسم : أنا أعلم أن قلبك طيب و ستسامحي .
كانت سعاد واقفة أمامها بوجوم , في حيرة من أمر ابنتها التي تتقلب أحوالها بين جنبات الليل والنهار , أعادتها الذاكرة لسنوات خالية حينما كان يفعل والدها ذلك , يغضب , يهين ويضرب ثم يعود وكأن شيئًا لم يكن , فقط عندما يحتاج منها شيئًا ... وهاهي شمس تعيد ماضٍ حاولت سعاد نسيانه بل إخفاؤه من ذاكرتها لكن أنّى له ذلك في وجود ابنة أبيها .
.................................................. ..........
لقاء الأحباب أروع ما تقدمه الحياة , لكن ماذا عمن تلاقت بشقيق لخّص معاني الإخلاص في شخصه ليخبرها أن الأخوة أسمى معاني الحب ؟ ...
انتهت من التسوق حاملة الأكياس , رنّ هاتفها ليعلن انتظار مازن لها , خرجت من المتجر , تنظر يمنة ويسرة حتى وجدت سيارته , ما إن رآها تحمل الأكياس حتى ترجل من السيارة صوبها ليساعدها ...
ــ تبدين سعيدة اليوم ؟ سألها مازن وهو يبتسم .
ردت عليه أمنية والبسمة على شفتيها :
ــ وأنت كذلك .
ــ ليتكِ أحضرتِ ريم , فقد اشتقت لها .. قالها مازن وهو يصف الأكياس بصندوق السيارة .
ردت عليه أمنية :
ــ وهي أيضًا اشتاقت لكَ , لكنني تركتها مع جدتها لأتمكن من التسوق .
ــ من قال أن التسوق يغير نفسية المرأة .. صادق لا محالة ... قالها وهو يستأنف القيادة .
ضحكت أمنية ومازحته :
ــ من قال ذلك ؟
حكّ مازن رأسه قائلًا :
ــ لا أعلم ؛ فليكن أنا , أولست مهمًا في هذه البلد ؟
ــ بلى ؛ أنتَ الأهم على الإطلاق ... تابعت وهي تربت على كتفه :
ــ حان وقت فتح التحقيق ، قل لي أين كنت ؟ ولماذا ؟ وقبل ذلك عليك أن تحكي لي سر سعادتك اليوم .
أشار بيده قائلًا :
ــ على رسلك , لعلكِ تتابعين كونان مع ريم ؟
ضحكت أمنية على مزحته , فبادرها قائلًا :
ــ لقد كان لديّ موعد في أكاديمية الفنون الجميلة القاطنة على بعد عدة أمتار من هنا ... لقد لخصت إجابات أسئلتك في تلك الجملة ...
ضيّقت أمنية عينيها قائلة :
ــ هل تمزح معي ؟
ضحك مازن قائلًا :
ــ لقد توقعت ردة فعلك تلك ... استكمل وهو يتابع الطريق :
ــ لقد قمت بثورة سلمية بالأمس .
قطبت أمنية جبينها قائلة :
ــ لِما كل ذلك ؟ في جميع الأحوال لن يحدث تعارض بين الدراستين .
قال مازن وهو ينظر أمامه صوب الطريق :
ــ أعلم ذلك , لكنني أردت التمرد لأرى ما الذي يمكنهما فعله بعدما أخبرتني أمي بالأمس عن نيّة أبي بعمل بيت كبير ننتقل إليه لأتزوج معهما .
اتسعت حدقتا أمنية في عدم تصديق قائلة :
ــ لا ؛أنا أحب بيتنا كثيرًا , أرجوك أطلب من أبي يعدل عن قراره .
ــ حدث بالفعل , لا تقلقي ... تابع وهو يشير بيده : عقد أبي معي صفقة رائعة , وعدني بعمل مرسم و معرض لي , بالإضافة لمساعدته بالشركة , الحوار مع أبي مثمر يا أمنية لكن مشكلته الإنشغال .
غمزت له أمنية مازحة :
ــ وأين ستعيش حال زواجك ؟
ضحك مازن قائلًا :
ــ سيشتري أبي لي شقة مميزة بإحدى الأحياء الراقية .
ابتسمت له أمنية قائلة :
ــ هنيئًا لك , لقد وجدت أخيرًا الطريق المفضي للسعادة , سعدت لك كثيرًا .
التفت لها مازن سائلًا :
ــ الحمد لله , لكن ماذا عنكِ , هل وجدته ؟ أم لازلتِ تبحثين عنه ؟
ازدردت ريقها , ولم ترد فبادرها :
ــ ألا تودين العمل بالشركة أيضًا ؟
زمّت عينيها قائلة :
ــ ولماذا أفعل ذلك ؟
ــ لحماية مالك , كما قال أبي أمس ... تابع : فهو يتمنى ذلك .
ــ لا أريد , كما أن آدم لن يوافق .... استكملت قائلة :
ــ بصراحة أنا أتمنى المضي قدمًا في الدراسات العليا .
ــ ومالذي تنتظرينه ؟ ... تابع محفزًا إياها : كلنا سندعمك , لكن قومي بأول خطوة .
ــ لا حرمني الله منكم ... قالتها ثم نظرت للأبنية العالية بالحي من نافذة السيارة و قالت :
ــ لقد أخذنا الكلام ونسيت إخبارك بوجهتي , وها نحن اقتربنا منها كثيرًا , أشارت بسبابتها قائلة :
ــ بعد شارعين من تلك البناية .
ــ لمن سنذهب ؟ تابع ضاحكًا : لا يُعقل أن أكون سائقكِ الخاص ولا أعلم إلى أين ؟ و إلى من سأذهب ؟
ضحكت قائلة :
ــ سأخبرك , لكن لا تقلل مما أود فعله ... أومأ برأسه قائلاً :
ــ لكِ ذلك .
استطردت قائلة :
ــ جئت لمساعدة امرأة فقيرة , تعمل بخدمة البيوت , كنت قد وعدتها بالقدوم لأجلها , وسأفعل كلما سنحت لي الفرصة بإذن الله .
ابتسم مازن قائلًا :
ــ وفقكِ الله لما يحبه ويرضاه , فلتسمحي لي بمرافقتك في كل مرة تأتين لها ... توقف عندما أشارت له أمنية , قام بصف السيارة ثم ترجلا حيث ستكون وجهتهما .
.................................................. .....
لكل منّا طاقة لتحمّل الصعوبات , لكن ماذا إن كانت الصعوبة قَدَر تمثل في زوجة تأبى أن تعترف بالخطأ وترفض سماعه ؟ هل حينها ستتسع طاقتنا لتحمل المزيد في صمت ؟ أم سنتمكن من البوح والتمرد ؟
قامت من نومها , لم تجده , خرجت من الغرفة باتجاه غرفة ولديها , فوجدته يقوم بمساعدة الولدين على ارتداء ملابسهما , وقفت أمام باب الغرفة , فركت عينيها ثم رمقته بنظراتها تسأله :
ــ ماذا تفعل ؟
ــ كما ترين ؛ أجهزهما للخروج معي ... قالها وهو يتلاشى النظر لها
تأفّفت قائلة :
ــ وأين ستذهبون ؟
قال :
ــ إلى أمي .
أشاحت بيدها و عقدت جبينها قائلة :
ــ اذهب وحدك , هل جننت لتأخذهما بدون علمي ... تابعت وقد ارتفع صوتها :
ــ ماذا لو لم أكن استيقظت الأن ؟
ــ كنت سأذهب إليكِ و أوقظكِ لأخبركِ بنفسي .... تابع هو يمط شفتيه :
ــ ظَننتكِ ستقولين سآتي معكم .
صرخت قائلة :
ــ ألن ينتهي فيلم الكآبة هذا مذ بدأ من الأمس , ما الذي جرى لك ؟
زفر محمود بضيق قائلًا :
ــ اخفضي صوتك عندما تتحدثين معي .... وقف بعدما انتهى من تجهيز ولديه ثم قال : فيلمك بدأ منذ الأمس ؛ أما معي بدأ مذ تزوجتك .
صفقت بيديها ثم قلبتهما قائلة بصوتٍ عالٍ :
ــ لم أضربكَ على يديك لتفعلها , هل كنت نائم حينها ؟
ــ لم تكوني هكذا ... تابع وهوينظر لعينيها : لقد أحببت نور الطيبة التي ماتت طيبتها بعد زواج أخي من امرأة طيبة وتفاقم الوضع بعد زواج أختكِ من طبيب ثري , أسعى جاهدًا لتحقيق متطلباتك بكل حب لكنّكِ تأبين رؤيته , الحياة بالنسبة لكِ تلخصت في وجود المال أو بالأحرى ما تملكه أختكِ و غيرها ممن تنظرين إليهن , أليس كذلك ؟
ــ ما الذي تهذي به أيها المجنون ؟ ... قالتها وقد اتسعت حدقتاها وانتفضت بها خطوط دقيقة بلون الدماء ، أشار بيده لتهدأ ثم قال :
ــ كلما أردّت التحدث تسكتيني هكذا , لكنّه لن يغير من الواقع شيء صدقيني .
صمتت لأنّه أوقظ الحقيقة التي حاولت جاهدة توريتها , ومع ذلك ظلّت غافلة كل هذه المدة ولا تعلم بأنه كشف أمرها وكانت الحقيقة واضحة كما الشمس أمام عينيه .
قطع صمتها قائلاً :
ــ ألن تغيري رأيك يا نور وتأتي معنا ؟
هتفت به قائلة :
ــ اتركني وحدي طالما خططت وحدك .
ــ مالذي فعلته أمي لكِ لتمتنعي عن زيارتها ؟ ... قالها وهو يقلب ذراعيه.
أشارت بيديها قائلة :
ــ تحب سلفتي أكثر منّي , رغم أنها لم تُرزق الذكور مثلي .
هزّ محمود رأسه نافيًا ثم قال :
ــ هل فعلتِ كما فعلت هي ؟ ..زوجة أخي التي لطالما ناديتها بأم البنات , تحب أمي و تقوم على رعايتها دون تذمر أو تململ ولم يضغط عليها أخي , تعيش معها معيشة واحدة لضيق حال أخي ورغم ذلك لا تشتكي .. تابع وهو يشير نحوها بسبابته : وافقت على البعد عن أمي طامعًا في أن تتغيري وتحاولي إصلاح علاقتكِ بها , علّ البعد يكسبكِ الحنين , لتعلمي أن أمي لا تطمع في خدمتك لها وكل ماتريده منك وجه بشوش وبضع زيارات تشعرها أنها على بالك , لكنّه لم يحدث , إلى متى سأتحمل ؟ ... جاء "عليّ" وشدّ أبيه من ساقه قائلًا :
ــ ألن نذهب يا أبي ؟ بينما كان "عمر" يتابع ذلك الحوار بإنصات كي يقوم عقله بترجمته بشكل عملي حالما يكبر .
قال ما لديه و أخذ الولدين ثم غادر البيت بعدما صفق الباب خلفه , تاركًا إياها تنظر حولها , تقلب ماقاله في رأسها , تتأرجح كلماته في رأسها فتمزق نفسها إربًا , شعرت بأن الأرض تدور بها فاتجهت نحو أقرب كرسي , صدمتها فيه كانت كبيرة , لم تكن تتوقع أن ذلك المطيع يمكن أن يتمرد أو ينطق بما يَضِيْرَه حدثت نفسها قائلة :
ــ هذا أخر مايقوى عليه , الكلام الذي لاقيمة له ، تذكرت حماتها قائلة :
ــ ليس هناك غيرها أمه اللئيمة التي أفسدته عليّ في الهاتف وستكمل دورها بلقاءه اليوم .
.................................................. ......
إفشاء الخطايا أصعب من صنيعها , لأنها ستزلزل صورة من قام بها في عيون مريديه , هذا إن تم نقلها لمريديه , لكن ماذا لو انتقلت لحاقديه ؟ أليس هذا الأسوء على الإطلاق ؟
استقل أيمن سيارته , متجهًا نحو جهاز مدينة القاهرة الجديدة لشراء كراسة الشروط الخاصة بقطعة الأرض , وما إن وصل حتى ترجل نحو الداخل , ليجد عددًا لا بأس به ممن يرغبون في ابتياع الكراسة , اتخذ ركن قَصِيّ حتى يأتي دوره لكنّه وجد هناك من يبتسم له , اتجه نحوه ليسلم عليه .
ــ أهلًا أهلًا ... كيف حالكَ يا أيمن ؟ قالها هيثم وهو يبتسم ، صافحه أيمن قائلًا :
ــ بخير , ماذا عنّكَ ؟
ــ الحمد لله .. تابع هيثم : لقد طالت غيبتك يا رجل .
هزّ أيمن رأسه موافقًا ثم قال : لم تطل كثيرًا ؛ فقد عدّت منذ شهرين .
هزّ هيثم رأسه ثم قال :
ــ حمد لله على سلامتك , لكن فترة غربتك ليست كافية لجمع مال تلك الأرض !
ضحك أيمن قائلاً :
ــ ليست لي ؛ إنها لخالي , فقد استأنفت العمل معه بالشركة , لم أحب الاغتراب أبدًا
ــ امممم , وفقك الله , لطالما عهدناك بالطيبة مذ كنا معًا بالدراسة.. تابع هيثم سائلًا: ــ وكيف حال خالك ؟
ــ بخير الحمد لله ... استكمل أيمن وكأنّه تذكر شيء : لقد جئتَ على بالي بالأمس .
ضيّق هيثم عينيه قائلاً :
ــ خيرًا !
ــ كل خير , ضَحِكَ أيمن متابعًا :
ــ كيف تستمتع بوقتك هذه الأيام ؟
فهم هيثم مايرمي إليه أيمن , تخلّله الغضب من كلماته , قال له :
ــ لا تتقمص دور الشريف كي لا يحدث معك كماحدث لصهرك .
قطب أيمن جبينه سائلًا :
ــ من تقصد ؟
مط هيثم شفتيه قائلًا :
ــ آدم جابر .
انتبهت حواس أيمن عندما سمع الاسم , فسأله بفضول :
ــ ماذا حدث ؟
أشار هيثم بيده قائلًا :
ــ أوووه , لقد حدث الكثير أيّها الطّيّب لكنّك بعيدًا عنًا ... قصّ عليه ماحدث وأيمن منصت له باهتمام , لا يود أن يفوت أي جزء من تفاصيل مارآه هيثم , قلبه يتراقص و روحه انتشت بالفرحة , فقد وقع "آدم" أخيرًا تحت أنيابه .


أمل بركات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس