عرض مشاركة واحدة
قديم 06-05-20, 07:32 AM   #70

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل التاسع عشر

________



تفتح عيناها ببطء شديد ، ثم تعود وتغلقهما مجددا حين آلمتها بسبب النور القوي .
سمعت صوته يقول متلهفا / صحيتي يُمنى ؟ أقفل لك الأنوار تعور عيونك؟
هزت رأسها إيجابا، وهي تشعر به ينهض بسرعة ليجعل الأنوار أقل سطوعا.
نظرت إليه حين جلس على المقعد بجانبها / فديتك يُمنى كيف حاسة الحين؟
ابتسمت بوهن / انت كيف حاس؟ شايف وجهك كيف صاير من التعب؟ وعيونك تفجع والله.
ابتسم لها بحنان / أهم شيء انتي تكونين بخير يا قلبي.
نظرت إليه بامتنان ثم عادت تغمض عيناها مجددا وهي غير قادرة على بذل أدنى جهد لتتنفس حتى .
أطال سعود النظر إليها وهي ساكنة بلا حراك ، لا شيء بها يتحرك .. سوى تلك الاهتزازات البسيطة بسبب تنفسها ، والتي تثبت له أنها ولله الحمد حية حتى الآن .
ظل كذلك منذ الأمس ، يتأملها وينظر إليها كما لو أنه لم يرها منذ زمن طويل .
وكأنه يخشى عليها حتى من نسمة الهواء لا تؤذيها .
مدّ يده إلى يدها بتردد وأمسك بها بحنان بالغ / طمني قلب أخوك يا روحه .
فتحت عيناها تنظر إلى السقف بشرود ، أو تحاول أن تتحاشى النظر إليه بالأصح / ما صار شيء .
نظر إليها باستغراب / شلون ؟
يُمنى بنبرة هادئة للغاية / ما صار شيء قبل خمس سنين ، ولا أمس وقبله ، تخيل ؟ كل اللي صار معي مجرد كابوس .
ربت سعود على كفها حين شعر أنها تريد الهروب من الواقع فقط / ما عليه يُمنى ، سلمان راح يتحاسب على كل اللي سواه ، ما راح يقدر يهرب من يدينا بعد الحين .
التفتت إليه بقوة / سعود أنا قاعدة أقول لك الحقيقة .
عقد حاجبيه باستغراب / وش قصدك يُمنى ؟ وش تقولين مو فاهم عليك .
يُمنى بملامح متصلبة للغاية / أمس ، أسيل كانت عندي صحيح ؟
سعود / إيه ، وأنا سمحت لها تجيك ، قالت لي إنك كنتِ نايمة وما قدرت تكلمك .
يُمنى / تكلمنا ورجعت نمت .
سعود بتساؤل / طيب ؟
ابتسمت يُمنى بسخرية / سلمان ما سوى لي شيء لما خطفني ، بس كان يبيني أقول لكم إني أبي أتزوجه ، إنه وده يرجع يعيش حياته الطبيعية مع أهله .
رفع سعود حاجبه بحدة / وبعدين ؟
يُمنى بنبرة مؤلمة للغاية / تخيل ، أمس … أسيل تقول لي ، إنها كانت موجودة في بيتهم هذاك اليوم .
اتسعت عينا سعود بصدمة وهو يقول / وش تقولين ؟ أسيل كانت موجودة ؟
هزت رأسها بخفة / إيه .
كان قلبها يخفق بعنف في تلك اللحظة ، وهي تتذكر الموقف الذي حصل بالأمس ، ثم تسرده على شقيقها .



كانت مغمضة عيناها وجسدها ساكن تماما ، لا يصدر أي شيء يوحي بأنها على قيد الحياة.
لا تشعر بأي شيء حولها .
حين دخلت إليها أسيل كانت لا تزال غائبة عن الوعي ، أو ترفض الاستيقاظ لمرارة الموقف الذي مرت به قبل أن تفقد وعيها .
حتى عاد وعيها على صوت بكاء أسيل الخافت .
واهتزازات جسدها على سريرها .
فتحت عيناها بصعوبة وهي تشعر بجسدها يتقطع من الألم .
وعيناها تحرقانها من الدموع التي ذرفتها قبل أن تصبح بهذا الوضع .
لتسأل بصوت منخفض للغاية / مين انتي ؟
رفعت أسيل رأسها بلهفة / يُمنى يا روحي إنتي بخير ؟
تفاجأت بها يُمنى / أسيل !
مسحت أسيل دموعها وهي تقول / الحمد لله على سلامتك ، آسفة إذا أزعجتك .
اكتفت يُمنى بالصمت وهي تغمض عيناها وتحاول تنظيم أنفاسها ، تحاول إبعاد ما يشتت ذهنها ويتعبها فور استيقاظها .
لتقاطعها أسيل قائلة بهدوء / سوى لك شيء؟ أقصد …. سلمان ؟
يُمنى بعد صمت قصير / من متى وانتم تتواصلون معه ؟ أو متى رجع لكم ؟ممكن أعرف ؟
تنهدت أسيل بارتباك / من زمان ، أذكر إنه ما قاطعنا إلا كم شهر ، يمكن .. أقل من سنة .
نظرت إليها يُمنى بعتاب / وظليتوا تتستروا عليه وتحموه إلى هاليوم ؟ لين سوى اللي سواه فيني ؟
أكملت وهي تضحك بسخرية / الفترة الأخيرة كانت مجنونة بالنسبة لي ، خاصة بعد ما انخطبت ، ما تدرين شكثر تعبت وأنا أعيش كل المشاعر اللي عشتها بعد اللي سواه فيني أخوك قبل خمس سنين يا أسيل ، كأنه عقلي كان قاعد يمهد لي اللي صار ، أقصد خطفه لي .
نهضت أسيل من مكانها وجلست بجانب يُمنى على طرف السرير تقول بنبرة صادقة / أنا أعتذر لك يا يُمنى من كل قلبي ، على كل شيء سواه سلمان حتى خلاك بهالحالة .
يُمنى وعيناها بعيني أسيل وبنبرة حادة / صدقيني الاعتذار لوحده حتى لو منه ما يكفي .
هزت أسيل رأسها إيجابا / أدري ، راح ينال عقابه ، ونال شوي من اللي يستحقه على قولة سعود .
عقدت حاجبيها باستغراب / ليش ؟ صار شيء ؟
أسيل / أنا ما عندي وقت أشرح لك كل شيء الحين يُمنى ، بس بقول لك كم كلمة وأمشي .
نظرت إليها يُمنى بترقب ، تنظر إلى ملامحها وهي تتغير وتتباين ، توضح صراعها الداخلي .
حتى أغمضت أسيل عيناها أخيرا ، وهي تنطق بغصة / ذاك اليوم ، أنا كنت بالبيت يُمنى .
شعرت يُمنى بقلبها تتوف نبضاته من شدة الصدمة / وش تقولين ؟

عضت أسيل شفتها بارتباك / كنا في بيت خالتي ، تعبت فجأة ورحنا لها كلنا ، لدرجة اني نسيت اللي طلبتيه مني ، صحيح جهزته وخليته عندي بالغرفة بس نسيت أوصل لك ، ويوم تذكرت رجعت لوحدي عشان أجيبها لك …. لما دخلت البيت تفاجأت من الأصوات اللي جاية من غرفة سلمان ، أصوات أشياء قاعدة تنرمي وتتكسر ، طلعت بسرعة أشوف ايش قاعد يصير ، يوم فتحت الباب انصدمت أكثر ، شفته هو بنفسه قاعد يرمي هالأشياء ووجهه أحمر من الانفعال ، سألته إيش صار وليش هو كذا ، مسكني وخرجني برة قال مو شغلي ، وقال لي لا أعلم أحد ، حتى ما أعطاني فرصة أعتب داخل غرفته أشوف الوضع ، والله يا يُمنى إني ما دخلت ولا شفتك أو شفت شيء ثاني ولا دريت عن شيء ، إلا بعد ما انتشر الخبر عنك وعن سلمان ، ومن ثاني يوم كان هو مو موجود ، هرب وصار اللي صار .
كانت يُمنى تنظر إليها بصمت وملامحها متصلبة ، حتى انتهت الأخرى من حديثها وهي تبكي ووجهها محمر ، لتسأل بجمود / طيب ؟ وش الفايدة من كلامك الحين ؟ إيش تبين توصلين لي ؟
أسيل بتردد / لما وصلت البيت كان منظر سلمان كأنه انسان طبيعي ، يعني … أقصد ما كان باين عليه شيء ، إنه ممكن … قرب منك مثلا .
يُمنى بشيء من الذهول / كيف يعني طبيعي ؟
أسيل بعد أن ابتلعت ريقها / أقصد انه كان مرتب يا يُمنى ، لو فعلا …. اغتصبك أو قرب منك كان راح يبان عليه هالشيء ، عشان كذا أنا وقتها ما اهتميت وخرجت ولا فكرت بالموضوع ، قلت يمكن كان معصب أو تهاوش مع أحد عشان كذا كان يبي يفرغ عصبيته بالغرفة ؟
أطالت يُمنى النظر إليها قبل أن تقول بحقد وغل / إذا تبين تبرئين أخوك قدامي عشان أسامحه ويطلع من الموضوع مثل الشعرة من العجين ، فتحلمين يا أسيل ما نلتي اللي تبغينه .
أمسكت أسيل يدها برجاء / صدقيني يا يُمنى أنا ما أكذب أو أحاول أبرأه ، أنا أكثر وحدة تبيه يتعاقب على اللي خلاك تمرين فيه انتي وعايض ، بس أبي أريح ضميري على الأقل ، والله تعذبت كثير خلال الفترة الماضية وأنا أشوف حياتكم تضيع انتي وعايض اللي ما له ذنب ، كنت شاكة بالموضوع من يوم سمعت الإشاعة عنك وعنه ، لكن كل ما مرت الأيام وشفت سلمان حاقد على عايض ويتمناك ويتكلم عن حبك حتى وأمي معصبة منه ، كل ما زاد يقيني إنه كل اللي صار تمثيلية علشان عايض يتركك وينالك هو ، مستحيل يأذيك وهو يحبك هالكثر .
ضحكت يُمنى بسخرية / يعني الحين هو استفاد من اللي سواه ؟ كل اللي كسبه انفصالنا أنا وعايض ، خسر حياته الطبيعية بعد اللي سواه ، كيف تقولين هالكلام الغبي اللي ما يدخل العقل يا أسيل ؟ بعدين أنا ….
أغمضت عيناها لصعوبة الكلمة التي تنوي نطقها ، والتي جعلتها تشعر بالسكاكين تمر بحلقها وتؤلمها حد الموت / أنا أتذكر اللي صار يا أسيل ، أنا متأكدة انه اغتصبني ….
أسيل / طيب ليش لما جيت ما كان لك حس ؟ ليش ما طلعتي صوت على الأقل ؟ ليش ما وضحتي لي انك موجودة عشان أطلعك من هناك ؟
أجفلت يُمنى من تلك الأسئلة التي لم تمر على عقلها .
شعرت وكأنها للتو تعود بذاكرتها إلى الوراء لتتذكر التفاصيل .
زادت حيرتها حين تابعت أسيل / ليش انصدمتي قبل شوي لما قلت إني كنت في البيت ؟ انتي ما تدرين عن جيتي ولا عن شيء ثاني ، كل اللي تتذكريه إنه حاول يغتصبك .
يُمنى بحيرة / طيب ليش ؟ إيش استفاد من اللي سواه إذا كنتي صادقة ؟ ما قدر يتزوجني بعد كل شيء ، بس …. خرب سمعتي وخرب اللي كان بيني وبين عايض .
أكملت بهدوء / هذي مجرد تخمينات يا أسيل بس عشان تقدرين تريحين ضميرك مثل ما تقولين ، ما في شيء من الحقيقة في كلامك .
عضت أسيل باطن شفتها / لا يُمنى ، أنا أتمنى إنك انتي ترتاحين وترجعين تعيشين حياة طبيعية ، سواء مع عايض أو مع غيره ، والله هذا كل اللي أبيه .
أدمعت عينا يُمنى وهي تقول بغصة / يعني قصدك ….. أمي ماتت مفجوعة من اللي سمعته مني وهو ما صار ؟ وخليت عايض يطلقني ويعيش كل هالوجع بسبة شيء ما صار ؟ وجعته كل هالسنين وتعبت معي كل اللي حولي عشان شيء ما صار يا أسيل ؟
نظرت إليها أسيل بقلة حيل دون أن تقول شيء .
ليرتفع صوت يُمنى قليلا قائلة بحدة / ليش طيب كنتي ساكتة كل هالوقت ؟ ليش خليتي عمري يضيع ؟ ليش خليتني أعيش كل هالحسرة والضياع ؟ وألوم نفسي طول حياتي على وفاة أمي ؟
بكت أسيل وهي تمسك بكف يُمنى وتضغط عليها برجاء / ما كنت عارفة كيف أتصرف ، ما كنت متأكدة من الموضوع ، ما بغيت أخرب الموضوع أكثر .
يُمنى بغضب / كيف كنتي بتخربين الموضوع ؟ إيش كان راح يصير أكثر من اللي صار ؟
أكملت بعد صمت قصير وهي تضحك وتبكي بذات الوقت / بس تطمني يا أسيل واعتبري إنه ما لك صلة بالموضوع أبد وأنا كمان مثل الفترة الماضية ، لأنه أخوك مو غبي لهالدرجة ، ولا كان راح يضيع خمس سنين من عمره وهو يعيش مثل المجرم الهارب على شيء ما سواه ، سلمان فعلا اغتصبني ، وأنا ما أتذكر اللي صار كويس لأني كنت شبه فاقدة للوعي ، ومهما حاولت ما أقدر أتذكر ، بس تدرين إيش اللي أثبت لي الموضوع ؟ غير العلامات اللي تركها بجسمي ، وهو نفس الشيء اللي خلى أمي تموت من الصدمة !
أكملت بهمس حارق وهي تشعر بجسدها يحترق من تلك الكلمة / إني كنت حامل .
عمّ الصمت أرجاء الحجرة ، وعينا أسيل متسعتان تماما ، تحت أنظار يُمنى الساخرة والمؤلمة بذات الوقت ، قبل أن تقطع يُمنى ذلك الصمت قائلة / والحين اخرجي لو سمحتي ، تأذيت منكم كفاية ، لا تحاولي تسوين أي شيء من الحين ولا تفكرين الموضوع ، أكثر شيء وجعني حتى الحين ، سكوتكم وتستركم على الحقير اللي حتى ما يستحق يكون على وجه الأرض ، اخرجي يا أسيل .
أسيل بغير تصديق / يُمنى تتكلمين جد ؟ كنتي حامل ؟
يُمنى بحقد وغل / إيه ، إيش شعورك الحين بعد ما عرفتي انك انتي وأهلك كنتوا تحمون مجرم وزاني ؟ كيف تحسين !
أخرس لسانها الصدمة ولم تعرف بماذا تجيب ، لتكمل يُمنى / طلب أخير منك ، لما تطلعين قولي للي موجود برة وأظن إنه سعود ، إني نايمة وما قمت أبد ، ما أبي أحد يعرف عن اللي انقال من شوي ، لأنه وقتها بتلحقين أخوك لو قاعد يتعاقب الحين مثلا ، ووالله يا أسيل لو أحد درى عن موضوع حملي إنك لا تندفين وانتي حية ، أحسن لك تبلعين لسانك وتسكتين وتكملين تمثيليتك اللي بدأتيها من خمس سنين ، إن شاء الله تموتين إنتي وأهلك وانتوا صدوركم ضايقة من تأنيب الضمير ومن إحساس الذنب .
أسيل التي تعجبت من قوة النبرة التي صدرت عن يُمنى ولم تتوقعها منها أبدا / يُمنى أنا ….
أخرستها يُمنى / اسكتي يا أسيل ما أبي أسمع شيء ، اخرجي برة .
نظرت إليها أسيل بقلة حيلة وحزن ، قبل أن تخرج من الحجرة ذليلة صاغرة ، تنتظر سماع شيء آخر من يُمنى ، يريح قلبها .
إلا أن يُمنى التزمت الصمت تمام حتى خرجت وأغلقت الباب خلفها .


عادت يُمنى إلى الواقع تقول بغصة / تخيل لو فعلا ما صار شيء مثل ما قالت أسيل ؟ صح يمكن الموضوع كان إيجابي ، بس كنت راح أظل ندمانة على كل شيء صار من ورى هالموضوع .
تنهد سعود بضيق / تعوذي من الشيطان يُمنى واستغفري ربك ، كل شيء راح يكون تمام لا تشيلي هم ولا تفكري كثير ، بس ريحي بالك واسترخي .
يُمنى / قدرتوا تمسكوه ؟
ارتبك سعود من سؤالها ، إلا انه ابتسم / إيه أبشرك .
ابتسمت هي أيضا ، وتغيرت ملامحها حين وقعت عيناها على الشاش الأبيض الذي يلف معصمها ، لتسأل بتردد / وعايض ؟ أظن اني شفته أمس ، ولا … تهيأ لي ؟ ما أدري .
سعود / صحيح كان موجود ، وهو أول واحد شافك .
نظرت إليه وكأنها تتنظر منه الإكمال ، إلا أنه غير الموضوع حتى بعد أن فهمها / ترى مديرتك درت انك بالمستشفى ، كانت تبي تكلمك عن شيء متعلق بالحفل ، والظاهر انها كلمت حسناء بعد ما عجزت توصل لك ، قالت لها انك تعبانة وبالمستشفى ، يعني احتمال تجي تزورك .
ارتبكت يُمنى بشدة / تكفى .
سعود وهو ينهض / للأسف الموضوع مو بيدي ولا كنت منعتها أكيد .
بروح أجيب لك شيء تأكلينه ، انتبهي لنفسك يُمنى أنا راجع الحين .
خرج بعد أن التفت إليها عدة مرات قبل أن يفعل ذلك .
لتتنهد يُمنى بضيق وهي تفهم مقصده .
رفعت يدها تنظر إلى معصمها الملفوفة بالشاش ، لتعض شفتها بضيق وتزفر أنفاسا حارقة .
لتغمض عيناها ، وتتمنى لو أنها تنام مجددا لوقت طويل .
ولا تعيش هذا الصراع المزعج ، بين عايض .. والشخص الذي ربما ستأتي والدته للاطمئنان عليها .


_________________


يرفع ذراعه عن عيناه بملل بعد أن ظل مستلقيا قرابة النصف ساعة.
صلى الفجر وعاد إلى شقته يريد النوم وإراحة ذهنه قليلا، إلا أن الأرق حرمه من ذلك.
ظلت الأفكار المزعجة تأتيه وتشغل ذهنه دون توقف.
حادثة يُمنى، ما فعله عايض بسلمان حتى أصبح وراء القضبان، و…. موضوع نجد بالتأكيد!
الذي انشغل عنه بسبب بحثه عن يُمنى، إلا أنه لم ينساه قط.
بما أن الأمر له صلة بطيف، معدومة الضمير والمشاعر.
سأل من بُشرى عبر رسالة نصية، عما إذا استجد شيء أم لا، لتخبره أن الأمور على ما يرام، وأنه لا داعي للقلق على الإطلاق.
لم يُتعب نفسه بالسؤال عن التفاصيل، فقط أغلق الخط وأغلق هاتفه ونام.
وما إن استيقظ حتى وجد باله منشغلا بها مجددا.
نهض من سريره ببطء وملل، قبل أن يأخذ هاتفه وينظر إلى الساعة.
خرج بعد ذلك من حجرته متجها إلى المطبخ بشعر أشعث، ولباس غير مرتب.
جلس على أحد الكراسي ينتظر غليان الماء، ينوي شرب القهوة، علّ هذا الأرق والتعب يتركانه وشأنه.
عيناه لا تبرحان الهاتف منذ جلوسه، لديه رغبة قوية في محادثتها هي شخصيا وسؤالها.
ولكن أيضا آلاف الأشياء تمنعه من ذلك.
رغبات مجهولة لا يستطيع فهمها .
حتى ضغط على رقمها أخيرا واتصل .
انتظر عدة ثوانِ قبل أن يحاول إغلاق الخط سريعا بسبب توتره الشديد ، إلا أن صوتها المبحوح أوقفه / هلا .
أغمض عيناه نادما على اتصاله دون التفكير جيدا ، ولكن كان لا بد من الرد حين قالت / مساعد انت معي ؟
تنهد يقول بخفوت / صباح الخير .
نجد / صباح النور .
ساد صمت قصير أربك الإثنين ، لتتحدث نجد أخيرا تسأل ببطء / بغيت شيء مساعد ؟
مساعد / كيف الأوضاع في بيتكم ؟ أكيد اللي صار مع عايض صدمكم ؟
نجد بضحكة / ما انصدمت ، كنت متوقعة الأسوأ .
ابتسم لضحكتها / شلون يعني ؟
نجد بصدق / مساعد انت ما تدري عايض شكثر يحب يُمنى ، وكان عايش طول هالسنين كأنه على نار ، يعني أكيد إذا لقى اللي عذبها هي واياه أكيد بيسوي كذا وأكثر ، ومتأكدة بعد انه مو ندمان على اللي سواه .
مساعد بابتسامة / واضح انك مرتاحة حيل .
نجد / هممم مرتاحة من ناحية انه سلمان الزفت انمسك أخيرا ، بنتظر الحلقة الأخيرة عشان أعرف إيش راح يصير فيه ، بنفس الوقت مقهورة انه امه مو راضية تسامح عايض ولا راضية تتنازل لين يقوم سلمان على قولتها ، يعني فعلا في ناس بهالعقلية إلى هالوقت من الزمن ؟ لا وكمان تقرب لي ، فشلتنا .
ضحك مساعد من انفعالها وحماسها / بس أنا ما أقصد هالموضوع ، أقصد … صورك ومشكلتك مع طيف .
يبدوا أنها ارتبكت هذه المرة ، إذ تلعثمت وهي تقول / إيه .. نسيت .
مساعد بتساؤل / نسيتي ؟ معناته خلاص الموضوع انحل ؟
نجد بابتسامة وراحة عظيمة / إيه الحمد لله ، أمس المغرب اتصلوا فيني وقالوا انهم مسكوها ويحققون معاها ، قالوا يبوني بعد أروح لهم يحققون بخصوص الصور وكيف وصلتها أصلا وإيش مشكلتي معاها ، يعني … الحمد لله .
تنهد مساعد براحة عظيمة / الحمد لله ، بس ما دامها عندهم ما أعتقد في داعي تروحين .
نجد / عادي ما عندي مشكلة ، وعدوني انه الموضوع راح يظل خاص ما حد يدري عنه من أهلي ، على قولتهم لازم يقتلعوا المشكلة من جذورها عشان ما تتكرر ، ما تدري شكثر ارتحت من كلامهم ، الحمد لله عندنا جهة رسمية تتعامل مع هالمواضيع كويس ، ولا والله يا مساعد كنت مذبوحة الحين ، يمه تخيلت وبغيت أموت .
احمرّ وجه مساعد من الضحك من تلك النبرة التي عبرت عن شعورها الحقيقي لو حدث العكس فعلا .
ضحكت معه نجد ووجهها يحمر من الإحراج .
حتى هدأ هو قائلا / خلاص تبتي الحين ؟ ولا لسه بتصورين ؟
نجد بجدية / أكلمك من جوال كشاف .
اتسعت عيناه باستغراب / تمزحين .
نجد / والله ، على الأقل بعاقب نفسي وأقعد من دون جوالي لفترة لين أنسى سالفة التصوير .
ابتسم مساعد / الله يقويك .
نجد بتردد / انت بخير ؟ صوتك تعبان .
مسح وجهه بإرهاق / الحمد لله ، باقي بس لو عايض يطلع بكون مرتاح تماما .
نجد / يارب بأسرع وقت .
مساعد / بإذن الله .
ساد الصمت المربك مجددا ، وقطعه مساعد هذه المرة / تمام أجل أخليك ، بس بغيت أتطمن وأعرف وين وصلت السالفة .
نجد / مشكور مساعد ، وأنا آسفة لأنه طيف حاولت تقحمك في الموضوع وتربطك فيها مرة ثانية بسبتي .
مساعد / ما عليك نجد ، انسي واسترخي .
نجد / إن شاء الله .
أغلق الخط مبتسما ، وضحك مجددا وهو يتذكر ردودها وانفعالاتها .
لينهض من مكانه ويبدأ بإعداد الفطور الخاص به .
وهو يشعر بشيء من النشاط يعود إليه بعد هذه المكالمة .
وفكرة الارتباط بنجد تدور في عقله مجددا .


_________________


في مكانها المعتاد بصالة شقة حسناء .
تستلقي على الأريكة الصغيرة وهي تتدثر جيدا من اللا شيء .
جميع الأجهزة التكيفية مغلقة ، إلا أنها تشعر بالبرد الشديد .
ربما بسبب إصابتها بالحمى .
تنظر إلى حسناء حينا ، وإلى بشرى حينا آخر .
حتى انتهت الاثنتان من تناول إفطارهما ونهضت حسناء تحمل بيدها صحنين ، نطقت حين عادت / إيش فيكم كأنكم تبون تذبحون بعض ؟
نظرت حسناء إلى بشرى بطرف عينها واكتفت بالصمت ، وبشرى فعلت المثل .
قبل أن تقول حسناء / يلا بروح الدوام تأخرت ، لازم أرجع بدري عشان أزور يُمنى .
قالتها ودخلت إلى حجرتها بسرعة قبل أن تقول هديل شيئا آخر .
وخرجت في غضون دقائق ترتدي عباءتها وتحمل حقيبتها وهاتفها .
التفتت هديل إلى بشرى / صار بينكم شيء ؟
هزت بشرى رأسها نفيا / مو شيء كبير لا تشيلين هم .
هديل / كيف ما أشيل هم والله باين ما تبون تطالعون في بعض حتى .
بشرى / يعني انتي عارفة يا هديل حسناء ما تطيقني أبد ، الحين وأنا قاعدة في بيتها أكيد ما راح تتحملني ، أمس واحنا نتكلم اختلفنا شوي ، يمكن عشان كذا زعلانة مني .
هديل / الله يصلح اللي بينكم يا رب ، ترى صدق أتمنى يجي يوم وأشوفكم فيه تعاملون بعض كويس .
بشرى بعتاب / أفاا يا هديل أنا ما أعاملها كويس ؟
هديل بابتسامة / لا يعني أقصد …..
قاطعتها بشرى / فاهمة قصدك يا هديل ، وأنا مثلك أتمنى انها تتقبلني على الأقل ، ما أبيها تحبني بس تتقبلني ، الحين أنا كم لي مع أبوك !
زمان كنت متفهمتها هي وزعلها ، بس الحين مر كثير على زواجي وكلكم كبرتوا قدام عيوني ، حتى الحين ترى كنت بمشي الموضوع ولا اهتميت لأني ما أبي تصير بيني وبينها أي مشكلة حتى لو صغيرة ، بس شلت هم الطفل اللي ببطني ، ما أبيه يجي على الدنيا وأخته تكره أمه ويمكن تكرهه بعد .
تغيرت ملامح هديل على اثر حديث بشرى عن الطفل ، لتلاحظها بشرى وتنهض لتجلس بجانبها / آسفة هديل مو قصدي أضايقك بالموضوع .
ابتسمت هديل وهي تضع كفها على بطن بشرى / بالعكس يعني ليش بتضايق ؟ أنا مثلك متحمسة أشوف أخوي الصغير ، يمكن أعتبره طفلي بعد إذا ما عندك مانع .
بشرى وهي تضع يدها على خد هديل وتضحك / أكيد يا روحي .
بعد صمت قصير وبشرى تتأمل ملامح هديل الغامضة / هديل يا بنتي ، إذا تبين تتكلمين عن الموضوع أنا عندك ، افتحي لي قلبك .
هديل بهدوء / اممم الصراحة إني ما ودي أتكلم أبدا ، خلاص قررت أقفل الموضوع ، لأني صغيرة مثل ما قال الكل ، إن شاء الله العمر قدامي وربي راح يعوضني .
مسحت بُشرى على شعرها بحنان / أكيد يا روحي .
وسألت بتردد / وصدق إنه …. أم حمود ما لها دخل ؟
ضحكت هديل / واضح الكل يبي أم حمود تكون غلطانة ، وأنا بعد ودي لو انها هي اللي دفتني عشان أقدر ابتزها وتسامح عايض المسكين .
بشرى بضحكة / الله يصلحها إن شاء الله قلبها يحن أو تستوعب اللي صار من ورى ولدها .


_____________________


تدخل إلى حجرة والدتها وبيدها سطل بيدها ماء بارد ، وبعض الكمادات .
جلست بجانبها على الأرض حيث تفضل أن تستلقِ حين يشتد عليها التعب والمرض .
وبعتاب / يا يمه ليش مو راضية تروحين المستشفى ؟ والله حرارتك مرتفعة حيل لو تروحين مو أحسن ؟
والدتها بوهن / نوف يا بنتي انتي خففي هالقلق ما فيني شيء ، كله يوم أو يومين وبتخف هالسخونة وبرجع لوضعي الطبيعي .
لم تتمالك نفسها وهي تضع الكمادة على جبين أمها ، والتي تكاد تجف على الفور من حرارتها / يمه أرجوك ، تعالي نتطمن على الأقل .
أمسكت والدتها بكفها تبتسم لتطمأنها / انتي لو كنتي بخير يا نوف أنا ارح أكون بخير.
شدت على كفها بضيق شديد ، لم تتمكن من النوم جيدا طوال الليل وهي تستلقِ بجانب أمها تمرضها وتطمأن عليها كل حين .
لم تنزل الحرارة ولو قليلا .
ومع ذلك ترفض الذهاب إلى المستشفى رغم محاولاتهم الكثيرة وإصرارهم هي وهيفاء وعمر .
نظرت إلى أمها حين سألت / شلونك مع زوجك ؟
احمرّت وجنتيها على حين غرة / تمام يمه ، كل الأمور تمام الحمد لله .
ربتت على كفها / الحمد لله ، أهم شيء راحتك وسعادتك يا بنتي ، وإن شاء الله انه ليث يستاهل الثقة ، أنا متأكدة ومتطمنة من ناحيته .
ابتسمت نوف / إن شاء الله .
خلال لحظات نامت والدتها بعد أن قرأت عليها نوف بعض المعوذات ونفثت عليها .

خرجت نوف وأغلقت الباب ببطء حتى لا تزعج والدتها.
سألتها هيفاء التي كانت في المطبخ / كيف حالها الحين ؟
نوف بتعب وهي تجلس على الكرسي / لسه الحرارة ما نزلت ، حاولت أقنعها نوديها المستشفى مو راضية تسمعني أبد .
هيفاء / ما راح تقتنع أبد ، بس يرجع عمر من الدوام راح يوديها بنفسه ما نقدر ننتظر كثير ، الحرارة الزايدة خطر عليها .
نوف بضيق / خايفة عليها كثير ، أمس ما قدرت أغمض عيوني من خوفي والله ، كل ما لمستها بيدي انفجع .
جلست هيفاء بجانبها وهي مشفقة عليها ، ملامحها التي توضح خوفها العظيم والحقيقي على والدتها ، وكأنها لا زالت الطفلة الصغيرة المتعلقة بأمها / اهدأي نوف لا تخافي كثير ، إن شاء الله راح تصير كويسة .
نوف ووجهها محمر من الانفعال والضيق بداخلها / تراها من زمان تعبانة يا هيفا ، صح حرارتها ارتفعت الحين بس لها قريب الأسبوع مريضة .
أمسكت هيفاء بذراعها / تمام نوف اهدأي ، ادعي لها وطمني قلبك ، خوفك ما راح يفيدك بشيء .
مسحت نوف دموعها القليلة التي نزلت دون أن تشعر ، لتقول وهي تنظر إلى هيفاء / لحظة ، ترى حاسة انك صايرة لطيفة هالأيام ؟
هيفاء / أنا دايم هيفاء متى صرت لطيفة .
ضحكت نوف بملل / يمه من السماجة ، ترى صدق كأنك قاعدة ترجعي لطبيعتك الأولية .
ابتسمت هيفاء / اممم انتي حاسة كذا ؟
نوف بقلة صبر / هيفاء بلا سماجة .
هيفاء بضحكة / تمام أجل لو انتي حاسة اعتبري انه احساسك بمحله .
نوف بشيء من الراحة / ليش يعني فجأة ؟
وبتردد أكملت / أقدر أقول انك سامحتيني الحين ؟
نظرت إليها هيفاء لبعض الوقت قبل أن تهز رأسها إيجابا / طولتها كثير أدري ، أزعجتك بما فيه الكفاية و ….. بس ، رند ما راح ترجع .
تجهمت ملامح نوف وهي تشعر بألم في قلبها ، لتكمل هيفاء / بس ربي قادر يعوضنا بغيرها ، ما راح تجي في مكانها ، بس أكيد راح يخفف شوي من هالوجع .
تابعت بابتسامة وهي تمسك بكف نوف / سمعت اللي قلتيه لعمر ، وانك قررتي تعطينا مهرك نروح نتعالج ، صح اني ما أبي أحرمك من حقك ، بس صدقيني تضحيتك عشان أخوك وسعادته تعني لي الكثير .
توترت نوف وشعرت بالإحراج / صدق ؟ هو قال لك ؟
هزت هيفاء رأسها نفيا / لا ، أنا سمعتكم بنفسي .
ابتسمت نوف بسعادة / يعني خلاص صدق سامحتيني ؟
هيفاء / إيه ، الحين جا دورك تسامحيني .
ضحكت نوف والدموع تتجمع بعينيها من التأثير / يا شيخة أسامحك على إيش ، صحيح كنت أتضايق منك ، بس في قرارة نفسي كنت أدري اني أستحق كل اللي مريت فيه ، بس بهاللحظة مسامحتك لي عندي بالدنيا تعرفين ؟
ابتسمت لها هيفاء وهي تشعر بالضيق من أجلها ، لتجذبها الأخرى إليها وتضمها بقوة وهي تبكي .
وتشكرها على مسامحتها لها !
وكأنها تريدها أن تشعر وتتذكر كم كانت مؤذية لتلك الإنسانة التي لم ترتكب أي ذنب ، غير أنها أرادات ان تسعد طفلتها ، فجرى أمر الله عليهما .
ماتت الأولى والثانية تنام وتستيقظ على العذاب وتأنيب الضمير ، غير عذاب رجلها الصناعية !


_________________


لا زالت كما كانت منذ ما يقارب الساعة ، تجلس على السرير تضم ركبتيها إلى صدرها ، وأبصارها شاخصة على سرير طفلها المسكين .
تراه وهو يرفع يده الصغيرة ثم يخفضهما بكل لطف .
تصدر عنه أصوات خفيفة ، تحرك قلبها وتجعلها في شوق لحمله وضمه إلى صدرها.
تود أن تفعل ذلك الآن ، ولكنها حقا متعبة .. متعبة للغاية لتثير في نفسها أي من تلك الاحاسيس والمشاعر .
تعبت من كثرة التفكير والذي حرمها حتى من النوم .
عيناها انتفختا من بكاءها المتواصل .
كذلك وجهها محمر بشكل مفجع .
إن حاولت التفكير بشكل إيجابي ، فالشيء الوحيد الإيجابي فعلا .. أنها لم تعد زوجته .
ذهبت عهود بالأمس ، وسافرت إلى المدينة حيث أمها التي لم ترَها منذ مدة طويلة .
وبسببها هي .
لتحل محلها شقيقتها الكبرى ، التي تركتها منذ عدة دقائق وذهبت تتمشى في الخارج.
بعد لحظات صارعت بها نفسها حتى شعرت بالتعب ، اعتدلت بجلستها تغمض عينيها بقوة ، ثم تنزل قدميها إلى الأرض ، وتقف بتردد .
سارت ببطء نحو عربة الصغير وعيناها تمتلآن بالدموع .
قلبها يخفق بعنف وكأنها على وشك ارتكاب جريمة مروعة .
حتى وقفت على رأس طفلها الذي تبصره للمرة الأولى منذ أن خرج على هذه الدنيا .
وصارت تشهق وتبكي وهي تمد يدها ناحية وجهه وتتلمسه .
انحنت بظهرها وهي غير قادرة على التحمل .
حتى لمست شفاهها جبينه الصغير .
وصارت تمرر يدها على خده تتحدث إليه بصوت منخفض , وكأنها ترجوه أن يسامحها على ما فعلت .
حملته بلطف وعلى شفاهها ابتسامة واسعة بعد أن مسحت وجهها الغارق بالدموع.
جلست على طرف السرير تنظر إليه وتتأمله بكل حب ، وتأنيب الضمير بذات الوقت على ما فعلته بالأمس ، لتهمس في أذنه مجددا / آسفة يا روحي ، ما كنت بوعيي أمس.
ضحكت حين تحرك في حضنها وقبلته بحنان ، لتقول بعد أن تأملته قليلا / الحمد لله انه ما فيك منه ولا شوي ، وإن شاء الله حتى لما تكبر ما تشبهه أبد ، ما أبي أتذكره بعد اليوم .
تنهدت بضيق وهي تتذكر موضوع ابنة عمه ، تريد أن تعرف ماذا حصل معاها حتى الآن ، وأن تعرف ماذا حل به هو الآخر .
سألت أختها وأخبرتها أنها لا تعرف شيئا .
لذا قررت انتظار اخوتها علهم يخبروها بأي شيء حتى يرتاح صدرها من الهم على من لا تعرف عنها شيئا سوى انها هي الأخرى ضحية لطليقها النذل .
رفعت رأسها والتفتت إلى الباب حين فتحه أحدهم ، قالت بابتسامة / نجوى تعالي شــ……..
اختفت باقي الأحرف واختفت ابتسامتها ، واتسعت عيناها وهي ترى من يقف بجانب الباب !


___________________


يذرع الحجرة الصغيرة جيئة وذهابا .
والتي وضعوه بها مؤقتا حتى يأتيهم القرار بشأنه .
يكتف يديه بغضب وعلى محياه نظرة غاضبة وحادة للغاية .
نعم حتى الآن في قرارة نفسه متأكد بأن سلمان نال أقل مما يستحق ، حتى لو مات بين يديه لكان استحق ذلك على كل ما فعل .
ولكن هو لا يستحق أن يبقى وراء القضبان على تلك الأفعال !
فهو لم يتركب شيئا خاطئا سوى أنه أراد تحقيق العدالة لنفسه ولمحبوبته المسكينة .
يتذكر ما قاله عاطف قبل ذهابه حين غضب من عدم سماحهم له بالخروج / صحيح سلمان يستاهل وكنت تبي العدالة على قولتك ، بس في قوانين في الدولة وشرطة تتعامل معه ، ما كان لازم تورط نفسك بهالشكل .
غضب أكثر من حديثه ، إلا انه لم يمتلك أي حيلة لفعل شيء آخر .
رغبته في الاطمئنان على يُمنى أكبر من رغبته بالخروج والعودة إلى المنزل .
انتبه إلى نفسه حين تأفف واحد ممن هم بالحجرة معه ، بسبب ازعاجه لهم بالسير يمنة ويسرة .
ليتنهد بضيق وهو يجلس في مكانه .
مرّ بعض الوقت قبل أن يأتي الحارس ويناديه .
نهض سريعا واتجه ناحيته بلهفة ، ليخبره أن والده والمحامي بانتظاره .
شعر بشيء من الراحة كونه أحضر محاميا .
يعني أنه ربما إن تمكن من تقديم حجة مقنعة سيتمكن من الخروج دون أن يكون هناك داعي لمحاكمة أو انتظار أو ما شابه .
قاده الحارس حيث ينتظره والده والمحامي ، اقترب من والده الذي بدى عليه التعب والوهن ، وقبل رأسه ثم صافح المحامي .
همس لوالده برجاء / يبه طمنني عليها ، كيف صارت ؟
راشد / قالوا لي انها بخير وبدأت تتحسن ، بس للحين ما شفتها ، الزيارة راح تكون بعد المغرب .
تنهد براحة / الحمد لله .
بدأ المحامي يتحدث إليه ويسأل عن التفاصيل ، ومذ متى بدأ هذا الصراع والحقد بينهما .
كان عايض منفعلا للغاية وهو يسرد عليه ما يتذكره من الماضي !
كل تفصيل وكل شيء يشعره بالقهر والغضب الشديدان ، كل ما يحرق روحه وجسده من الغيرة الشديدة .
كل ما آذى يُمنى وأوصلها إلى هذه الحالة .
انتهت مقابلتهم ليغادر المحامي بعد ان استمع إلى جميع أقواله ، ووعده بأنه لن يدخر جهدا في إظهار الحقيقية كما هي ، وفي مساعدته للخروج بأسرع ما يمكن .
حين نهض راشد للخروج أسرع عايض ناحيته وأمسك بكفه برجاء / يبه تكفى طلبتك.
نظر إليه راشد / نعم .
عايض بتردد / أبي أكلم يُمنى ، وأتطمن عليها بنفسي ، لما تروح تزورها اتصل هنا وقول انه أمي بتكلمني ، يعني ما ارح تكذب بكلم أمي وأكلمها بعد ، أرجوك .
تأمل راشد ملامحه وعينيه لبعض الوقت قبل أن يتنهد بضيق من حال ابنه / بشوف يا عايض .
عايض / يبه عاد لا تكون محبط أو تحس الموضوع مستحيل ، ترى ما سجنوني على جريمة قتل أو جريمة كبيرة ، أكيد راح يسمحون .
راشد بحدة / ما هي جريمة قتل لكن مثلها ، ولا تحسب في فرق كبير بين القتل والشروع في القتل .
عايض بصدمة من حديث والده / يبه وش تقول ؟
راشد / حركاتك وانفعالاتك وكل كلمة تنطق بها في مركز الشرطة اعتبرها محسوبة ضدك ، هم عارفين انه كان ودك تقتله وحتى القتل ما كان راح يبرد دمك ، لا تهون الموضوع كثير وتحسبه سهل يا عايض وخليك منتبه ، صحيح المحامي وعدك انه راح يسوي كل شيء يقدر عليه ، بس برضوا خليك منتبه عشان مصلحتك .
جلس عايض على الكرسي بإحباط ينظر إلى يديه المقيدتين / بس يبه ، تعرف انه اللي سواه هو مو هين ، وانه ………….
قاطعه راشد / إياك تقول انه يستاهل ، هذي الكلمة اللي راح توديك في داهية ، وراح تحسب ضدك على انك كنت ناوي تقتله من زمان .
هز عايض رأسه بضعف وعجز / أبشر يبه ، بس أرجوك …حاول .
أومأ راشد رأسه إيجابا ومنظر ابنه يؤلم قلبه / إن شاء الله ، إذا هي وافقت تكلمك ، يلا بروح الحين ، استودعك ربي .
ضحك عايض بسخرية بعد أن غادر والده ، فعلا لن يتمكن من التحدث إليها إلا ان وافقت ، تلك العنيدة التي لا تفعل سوى ما يعجبها !
ليكن الله يعونه إن كان الأمر صعبا وعظيما مثلما صوره له والده .



________________


تترجل نجد من سيارة عاطف بلهفة شديدة ما إن توقفت أمام المستشفى .
ووراءها ضحى .
والتي أسرعت بدورها خلفها حتى استقلتا المصعد .
وصلتا أمام حجرة يُمنى ، ولم يكن الجمع أمام الحجرة مفاجئا أبدا .
أغلب إخوة يُمنى وأبناءهن قدموا للاطمئنان عليها ، ولمحاسبة والدة سلمان على حمايتها ابنها المجرم بالتأكيد .
اقتربتا من النساء وسلمتا عليهن ، حيث كان جميع الرجال بالداخل .
كانت هناك والدة طراد وشقيقته أيضا .
المرأة التي تجلس بجانبها شقيقات يُمنى ويتحدثن إليها .
لم يعرفها أي أحد سوى شقيقاتها بالتأكيد ، بما انها أمرت بالتكتم على الموضوع حتى يتم .
بحثت نجد بعينيها عن بشرى حتى تسألها عن هوية تلك المرأة الغريبة التي يبدوا عليها الوقار والاحترام الشديد ، إلا انها لم تكن موجودة .
لتشير بعينيها لحسناء التي كان التعب باديا عليها بشكل فظيع .
نهضت الأخرى واتجهت إليها / هلا .
نجد / مين هذي اللي كلهم جالسين عندها ؟ أول مرة أشوفها .
ارتبكت حسناء التي لم تحضر نفسها جيدا لهذا الموقف ، إلا انها أجابت بثقة / هذي تصير مديرتها بالمدرسة وبنتها صديقة يُمنى ، جارتي بنفس الوقت .
نجد باستغراب / جارتك ؟ كيف مديرة مدرسة تسكن بسكن الأطباء ؟
حسناء / مو معي بنفس العمارة ، أقصد بيتها بنفس منطقتنا يعني .
أومأت نجد برأسها دون أن تقول المزيد .
إلا انها لم تتمكن من إبعاد ناظريها عن المرأة وشقيقات يُمنى ، حتى لو كانت والدة صديقتها ومديرتها الأمر ليس معقولا .
تعني احترامهم الشديد لها والاهتمام بها هكذا !
حسناء التي توترت وارتبكت وشعرت بالقلق ، أمسكت بذراع نجد / شكلهم مطولين الرجال ، تعالوا تحت نتقهوى ونرجع ، مصدعه مرة من الصباح وأنا برة .
وافقتها نجد وهي تسير برفقتها ، بعد أن دعت حسناء الشابات الأخريات لتناول القهوة على حسابها .
سألتها / وين بشرى ؟
حسناء / قاعدة مع هديل اليوم ، ومن بكرة راح تجي تقعد مع يُمنى مرافقة إذا ما كتبوا لها خروج يعني .
حلّ بينهما صمت قصير بعد أن أومأت نجد برأسها بإيجاب .
سألت حسناء / عايض شلونه ؟
نجد بإحباط / القضية صارت كبيرة نوعا ما ، وأمي منهارة من جهة اختها الكبيرة تعبانة ومن جهة عايض متهمينه بالشروع في القتل .
حسناء بأسف / يا عمري والله قد إيش محزنني هالولد ، والله لو حبني بدال هاليمنى كنت تركت كل شيء وراي ورحت له كاسر خاطري .
ضحكت نجد / أجل كويس ما حبك ، صحيح ما قلتي لي ، وش صار على موضوع ولدك ؟
فضلت حسناء أن تصمت ولا تقول شيئا بدل أن تفتح الجروح وتؤذي نفسها مجددا .
يكفيها ما عانت بمفردها ، ويكفيهم هم ما يعانوه .
حتى تغير الموضوع / صحيح عطيني رقم نوف أكلمها وأحاول أزور أمها في أقرب وقت ، كان عندي بس مدري وينه الحين شكله انحذف بالغلط .
زمت نجد شفتيها بضيق حين علمت من نبرة حسناء أنها تخفي الكثير ، وأنها مرت بشيء جعلها بهذه الحالة الغريبة .
عكس ما كانت عليه طوال حياتها ، من شخصية مرحة باعثة للأمل والتفاؤل في نفوس من حولها .





في الداخل …

تستلقِ هي على سريرها نصف استلقاء بسبب ألم جسدها .
واخوتها وابناءهم يلتفون حولها .
يتحدثون ويضحكون في محاولة واضحة لتغيير مزاجها .
خاصة مساعد الذي يجلس بجانبها ، ويتجاهل تعبه من أجلها .
كأنها للتو تلاحظ .. أن كل من لهم صلة قريبة بها يبدون متعبين للغاية !
يبدوا أنهم سهروا من أجلها طويلا .
حتى انهم لم يتمكنوا من إعطاء هديل الاهتمام الكافي .
كانت تحاول أن تتفاعل معهم وتجيب على أسألتهم إن سألوها عن شيء ما .
مع انها لا ترغب بالتحدث أبدا وعلى الإطلاق .
إلا أن اهتمامهم وخوفهم الواضح على محياهم جعلها تشعر بتأنيب الضمير ، لذا لم تقوى على الاستسلام لتعبها .
لاحظ الجميع أن يُمنى وطوال وجودهم معها تحاول اخفاء معصمها عن أنظارهم ، تغطيها في كل ثانية بكم رداءها .
وهي أيضا لاحظت أنهم يتحاشون النظر إلى تلك المعصم !
والحديث في ذلك الموضوع .
يبدوا أنهم تلقوا تحذيرا شديد اللهجة من سعود بشأن ذلك !
شرد ذهنها لبعض الوقت وهي تتساءل في نفسها عن عايض ، بداخلها شوق عظيم وغريب له .
نعم لا تشعر بأي شيء سوى الشوق .
حتى أمسكت بيد مساعد وشدت عليها دون أن تشعر .
ليلتفت هو إليها متسائلا .
رفعت أنظارها إليه بضياع ، وسألت بنبرة هامسة / وين عايض ؟
أجفل مساعد من سؤالها وتغيرت ملامحه ، لتتسارع دقات قلبها من الاحساس الغريب الذي راودها / فيه شيء ؟
هز رأسه نفيا وهو يبتسم / أبد ما فيه إلا الخير ، وأكيد انه في البيت الحين ، تدرين اليوم ويكند .
تأملت عيناه كأنها تريد أن تعرف اليقين / متأكد .
هز رأسه إيجابا / إيه ، إذا ودك أوصل له شكرك عنك أبد ما عندي مشكلة .
ابتسمت يُمنى / تمام .
قاطعهم شقيقها الكبير / يُمنى انتي متأكدة الحين ؟
نظرت إليه باستغراب / بخصوص ؟
حامد / خطوبتك اللي المفروض انها تتم بكرة واللي أكيد بنأجلها لين تتعافين ، بس أنا أسألك عن قرارك ، متأكدة انك موافقة وراضية ؟
توترت وارتبكت حين عم الصمت بالغرفة / قبل فترة كنت راح تجبرني أوافق على الزواج ، ليش مستغرب الحين ؟
احتدت ملامحه من ردها ، إلا انه تمالك نفسه / مستغرب لأنك وافقتي فجأة بعد ما كنتي ترفضين بقوة .
ازداد ارتباكها ، ردت وهي تنظر إلى الأسفل / أحتاج …شوية وقت ، أبي أفكر أكثر .
هز رأسه بتفهم / خذي وقتك يا يُمنى وفكري زين .
نظرت إليه متعجبة من تفهمه السريع لها .
إلا انها علمت انه تأثر مما حصل مؤخرا ، ولا يريد لها المزيد مما سيتعبها في المستقبل .
مثله مثل جميع اخوتها .
وكأنها للتو تدرك أن وجود الاخوة في حياة كل انسان نعمة عظيمة .


في مواقف سيارات المستشفى ..
خرج راشد بعد ان اطمأن الى ابنة أخيه ، ضائق الصدر عليها وعلى ابنه المسكين .
كان يود لو تمكن من تحقيق رغبة ابنه ، ولكن ذلك كان مستحيلا .
مع وجود اخوتها هناك جميعا ، وصعوبة الأمر في مركز الشرطة أيضا .
بالتأكيد ذلك المسكين لن ينام طوال الليل بعد أن ينتظر كل الوقت حتى يتصل به والده ويسمح له بالتحدث إلى يُمنى .
ماذا عليه أن يفعل ! ليس بيده أي حيلة حقا .
خرج من المستشفى سريعا وقبل الجميع ، حتى دون أن ينتظر بناته بعد أن أخبره عاطف أنه بحاجة إلى مساعدته ، فهو غير قادر على السيطرة على والدته المنهارة تماما .
ما إن وصل إلى سيارته حتى سمع صوت أحدهم يناديه / عمي راشد .
التفت إليه وابتسم / هلا طراد .
اقترب منه طراد وصافحه / شخبارك يا عمي ؟ إن شاء الله انك بخير .
راشد / بخير يا ولدي ، أخبارك انت من زمان عنك ؟
طراد / إيه لنا فترة ما تقابلنا أنا وعايض ولا جيته من زمان ، ومن أمس أحاول أوصل له هو وعاطف بس ما قدرت ، عسى ما شر ؟ فيهم شيء ؟ ومين جاي تزور عسى الأهل ما فيهم شيء ؟
تنهد راشد بضيق ليخبره عن إصابة ابنة اخيه طليقة عايض وعن حادثة الاختطاف التي ورطت عايض دون المجرم وجعله وراء القضبان .
أصابته الدهشة مما سمع / ليت عاطف رد عليّ على الأقل أتطمن عليهم ، الله يعين عايض ويفك أسره بأقرب وقت .
راشد / آمين الله يسمع منك ، وانت وش تسوي بالمستشفى ؟
طراد بإحراج / أبد جايب أهلي يزورون خطيبتي ، قالوا انها تعبانة ومنومة بهالمستشفى .
ابتسم راشد / ما شاء الله يا طراد خطبت وبتتزوج أجل ، سلامة خطيبتك ما تشوف شر .
قبل أن يرد عليه طراد بشيء قاطعهما صوت رنين هاتف راشد ، الذي رد على عاطف / خلاص أنا بالطريق توني طالع من عند يُمنى ، بكون عندكم خلال ربع ساعة .
أقفل الخط ونظر إلى طراد / اسمح لي يا ولدي عاطف مستعجل يبيني بسرعة خالتهم تعبانة .
ركب سيارته دون أن يسمع رد طراد ، الذي لم يتمكن من الرد أصلا بسبب الصدمة الذي أصابته وربطت لسانه .
ابتعد عن طريق راشد ووقف في مكانه مذهولا وحائرا ومصدوما .
هل قال يُمنى ؟ هل نطق اسمها للتو !
خطيبته التي أتت والدته من أجل الاطمئنان عليها ، خطفها أحدهم قبل الأمس ، وهي نفسها طليقة عايض ! طليقة صديقه المقرب !
عاد إلى سيارته بخطوات بطيئة ، غير مصدق ما سمع ، غير مستوعب تلك الحقيقة الغريبة التي كانت بمثابة الضربة التي أيقظته من غفلة وضعتها به تلك الــ يُمنى !
أمسك برأسه حين جلس على مقعده في السيارة وهو يشعر بالصداع الفظيع .
ماذا عليه أن يفعل الآن ؟


___________________


كان عاطف في سيارته المتجهة إلى مستشفى آخر ، برفقته والدته المنهارة وشقيقته لينا .
منذ أن أوصلهم خبر نقل والدة نوف إلى المستشفى وهنادي تبكي دون توقف .
تارة تبكي على ابنها ، وتارة على شقيقتها الكبرى .
ولينا تجلس بجانبها في الخلف تحاول تهدئتها .
كان هو الآخر متوترا للغاية وبالكاد يركز على الطريق .
بكاء والدته المحزن ، وحزن محبوبته المسكينة .
خلال ربع ساعة كانوا يقفون بجانب غرفة الطوارئ التي أدخلوا إليها والدة نوف .
ساعد عاطف والدته على الجلوس على أحد المقاعد ، ثم اقترب من عمر يسلم عليه ويصبره .
حيث كان هو الآخر شبه منهار والخوف واضحا عليه .
أما نوف فأسرعت ناحية لينا وضمتها وهي تبكي .
خلال لحظات قليلة كان بعض الأطباء المتواجدين في قسم الطوارئ يسرعون نحو تلك الغرفة ، مما جعل نوف تشهق وتبكي أكثر وتذهب خلفهم .
وهنادي كذلك .
أمسك عمر بنوف من الخلف حتى يمنعها من الاقتراب من والدتهم في تلك اللحظة المؤلمة ، وعاطف فعل المثل لوالدته .
الا أن عمر لم يتمكن من السيطرة على نوف التي فلتت منه بقوة واقتربت من والدته متجاهلة كل من حولها .
لتمسك بيد والدتها ترجوها أن تبقى معها ولا تتركها .
جلست لينا على المقعد بعجز ، تنظر إلى الوضع الفوضوي بضياع .
كذلك فعل عمر ووجهه غارق بالدموع ومحمر من الانفعال المكبوت بداخله .
وعاطف أيضا يضم والدته وينظر إلى نوف بحزن ، وقلبه يؤلمه بشدة على حالتها .
يتمنى لو كان بإمكانه الربت على كتفها على الأقل والتخفيف عنها !
حلّ صمت قصير وسكون مفاجئ بالمكان مع توقف جهاز تخطيط القلب الخاص بوالدة نوف ، ارتفع بعدها صوت صراخ نوف الذي ضج بالمكان .


_________

انتهى الفصل

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
لا تنسوني من دعواتكم

الله يبارك لي ولكم ، ويتقبل صالح أعمالنا .
ويزيح الغمة عن هذه الأمة ، ويشفي مرضانا ومرضى المسلمين .
ويرحم جميع أمواتنا يا رب.
اللهم آمين .



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس