عرض مشاركة واحدة
قديم 25-05-20, 03:21 PM   #42

روح الوسن ..

? العضوٌ??? » 455523
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 91
?  نُقآطِيْ » روح الوسن .. is on a distinguished road
افتراضي


.. الفصل الرابع والثلاثون ..

.
.

[ حنين الذكرى ]

.
.

دخل ضاربا الباب خلفه بقوة لتفزع من كانت تجلس على الأريكة بكل استرخاء تمسك في يدها مبردا حديديا لتزين أظافرها ، نظرت بتوجس للذي أخذ يخلع سترته ثم رماها على الأرض بكل عصبية ، تنهد بحنق ممررا أنامله في خصلات شعره والغضب قد نال منه ، قالت بتوتر تنظر إليه :
- عزيزي ماذا بك ..؟!!
زفر الهواء يخرجه كالإعصار من جوفه ولم يرد عليها بل توجه نحو الحمام ساحبا المنشفة البيضاء معه وأغلق الباب خلفه بقوة كادت تقلع الباب من مكانه ، نظرت إليه باستغراب ترفع حاجبا، يا ترى ما الذي جرى له !! ولماذا كل هذا الغضب !! وسرعان ما عادت لتبرد أظافرها تدندن لحنا لكنها لم تستطع منع الشهقة المفزوعة حين فتح الباب بقوة وخرج متوجها نحو الخزانة ، والتي لم يرحم بابها أيضا ، سحب زيا آخر وعاد للحمام ، تنقلت بنظراتها المستفهمة مع خطواته إلى أن استقرت على بابا الحمام والذي سمعت من خلفه صوت سكب المياه المتدفقة بقوة وصوت حركته الغاضبة على أرضيه الحمام ، كم تستغرب تصرفات هذا الرجل فصباح اليوم كان في مزاج حسن فما الذي قلبه له هكذا ، تنهدت بضيق ونهضت حين خرج الذي يبدو بأنه لم يستحم فقط بل أحدث فوضى في كل مكان مدمرا كل شيء بسبب غضبه الأسود الذي أتى يحمله معه ، تقدمت نحوه بخطواتها المتمايلة وفستانها الأبيض المصنوع من الحرير والشيفون والذي كشف عن ساقيها لقصره ترمي بشعرها الأسود خلف ظهرها ، اقتربت منه وجلست بجانبه حيث اختار طرف السرير الكبير ليجلس عليه يدس رأسه بين كفيه وقد اسند مرفقيه على ركبتيه ينظر إلى الأرض وكأنه مفصول عن العالم ، مسحت على ذراعه بيدها وقالت له بهمس :
- عزيزي مازن ماذا بك لا تبدو لي بخير هل حدث لك أي مكروه أخبرني ..
فتنهد بعمق وقال بضياع :
- مصيبة يا دلال مصيبة ..
وضعت يدها على صدرها بخوف وقالت بقلق :
- أي مصيبة يا مازن اخبرني ما لديك ..
قال وقد رفع عينيه بها :
- السيد رأفت أمرني بأن أزوج إحدى ابنتي لرجل من جنود الإمبراطور عامر أتصدقين ذلك ..!!
شهقت بفزع ولم تسعفها الكلمات على قول أي شيء فأكمل قائلا بغضب :
- جندي معدوم حتى العربة لم تكن معه بل جاء على فرسه ولا يملك إلا ذلك الفرس ومعطفه البالي على ما يبدو ، لا مال ولا خدم ولا حرس ولا أي شيء ويريد مني أن أزوجه إحدى ابنتي لنوطد العلاقة بيننا وبذلك سنصبح في حمى الإمبراطور عامر أتصدقين كل ذلك نحن في ورطة كبيرة معه ومع السيد رأفت ..
قالت مباشرة ودون أدنى تفكير :
- ارفضه إذا وانتهى ..
هز رأسه نافيا وقال :
- لا يمكنني رفضه يا دلال لا يمكن ..
قالت بملامح مرتبكة :
- ما العمل الآن ..
قال بتنهيده يمسح وجهه بيديه :
- كم أتمنى أن يرفض ذاك المعدوم فالسيد رأفت أعطاه مهله لكي يفكر أتصدقين ذلك لا اعلم كيف نال إعجابه إلى هذه الدرجة فلو رأيته فهو يكاد لا يملك شي إلا وسامته تلك التي لا تنفع ولا في أي شيء ..
قالت دلال محتجة وبغضب :
- كيف أزوج ابنتي لرجل مثله لا يملك المال ما الذي نستفيده منه إذا نحن نريد أن نزوجهن لتجار كبار أو قادة أو أمراء أو شيء من هذا القبيل لننال المزيد من المال وليس لجندي ..
وأخذت تضرب بقدمها الأرض دلالة على توترها الشديد وغضبها المكبوت تنفث الهواء بقوة ، فقال مازن بتفكير :
- يجب أن ندبر له مكيدة نوقعه فيها ..
أماءت برأسها إيجابا والسعادة شعت في وجهها من الفكرة وقالت :
- نعم يجب أن نتخلص منه بأي طريقة ..
تنهد من حماسها الشديد وقال :
- ليس بهذه السهولة يجب أن ندبر له مكيدة معقدة فالسيد رأفت كما تعرفينه حاد الذكاء ولن يخفى عليه الأمر وسيبيدنا جميعا إن علم السبب ..
قالت يتوجس تنظر إليه بقلق :
- والحل الآن يا إلهي ما هذه المصيبة التي وقعنا فيها ما الذي سنفعله ..
قال لها مخللا أنامله في شعره ينظر إلى الأرض :
- لا أعلم ، لا أعلم كم أشعر بأن رأسي سينفجر من التفكير فستصبح سمعتنا في الحضيض إن زوجنا إحدى ابنتينا لجندي يحمل دماء رجل خائن في عروقه وسيسخر الكل منا فمن المؤكد بأنه لن يقيم حفلا وسيشاع الخبر بين الناس ونخسر منزلتنا المرموقة بينهم ..
لحظات صمت طويلة قبل أن تقف دلال وتقول بحماس :
- وجدتها .. وجدتها يا مازن وجدتها ..
قال ينظر إليها فوقه :
- ما هي بسرعة اخبريني ..
جلست بقربه وقالت بهمس وكأنها تخشى أن يسمعهم أحد :
- سنزوجه بغير ابنتينا ولن يعلم أحد بالحقيقة ..
ابتسم ساخرا وقال :
- ومن بربك سنزوجه ..
قالت بمكر :
- دع الأمر لي فلن نخسر ثقة السيد رأفت بهذه السهولة بل سيزيد من تقديرنا ومحبتنا..
نهضت وبدلت ثيابها سريعا وتركت الذي بقي ينظر إليها بحيرة وتوجهت نحو خارج الغرفة ومن ثم خارج القصر متوجهة نحو الحظيرة المهجورة التي تقع خلف القصر ، فتحت الباب الخشبي المتهالك بقدمها بقوة وشعورها بالقرف يزداد شيئا فشيئا لكن يجب عليها أن تتم الأمر بنفسها لتضمن عدم تسرب أي فكرة وخطة خبيثة تفكر هي وزوجها بها ، انتفضت التي كانت تتخذ الأعلاف مفرشا لها تستلقي عليه بتعب فالتقدم بالسن قد أهلكها ، قالت دلال بلسانها الساخط صارخة بها :
- هييه أنتِ أين ابنتك السافلة تلك ..
قالت العجوز بارتباك شديد تفرك يديها بتوتر :
- ماذا هناك سيدتي ..
صرخت بحدة قائلة :
- لا تردين على سؤالي بسؤال ومن أنتِ تسأليني من الأساس ..
همست العجوز معتذرة :
- آسفة سيدتي ..
قالت وقد نفذ صبرها فهي لا تتحمل وجودها في هذا المكان القذر والمقرف الذي لا يناسب منزلتها أبدا :
- أين هي بسرعة ..
قالت بحروف متقطعة من الخوف الشديد منها :
- ا..إنها تسقي الزهور وتطعم الطيور ..
ضحكت متهكمة وخرجت مسرعة لتقف فجأة فالتي كانت تبحث عنها أصبحت تقف أمامها مباشرة ، اقتربت منها بسرعة وجذبت ذراعها النحيل بقوة وقالت صارخة بها :
- أين كنتِ لقد اتعبتني في البحث عنك يا وقحة ..
فرمت بذراعها لتفقد الأخرى توازنها لكنها تماسكت في آخر لحظة ، رمقتها دلال بتعالي من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها ، فتاة صغيرة تعمل خادمة عندهم منذ ما يقارب الخمس سنوات أو يزيد ، وجدتها في أحد رحلاتها التجواليه داخل المنطقة فانبهرت من جمالها وقررت أن تهينها بأن تكون خادمة عندهم ولحسن الحظ لم يكن لها عائلة كما يبدو وهي لم تمانع فكل ما كانت تريده المأوى وأن تهرب من الذئاب البشرية فلن يرحمها أحد إن رآها لشدة جمالها متناسين عمرها الصغير ، مسّدت الأخرى ذراعها والألم ظهر جليا في ملامحها التي أقل ما يقال عنها فاتنة وساحرة وكم يغيضها هذا الجمال الخلاب ، عينين رمادية واسعة محجوزة بين صفي رموش كثيفة تحفها غرتها المقصوصة لتحجب حاجبيها الرقيقين خلفها ، بشرة بيضاء صافية وشفاه وردية مغرية ، ملامح طفولية جذابة تأسر الناظر لها وتطرحه صريعا من النظرة الأولى ، ليزيدها جمالا ذلك الشعر الحريري الأسود بلمعته الأرجوانية المميزة والذي انسدل على ظهرها مغطيا له بكل عنفوان ، صرت على أسنانها بغيض فهي لا تريد أن يكون أحد أجمل منها كائنا من كان لكن التي تقف أمامها فاقت درجات الجمال والجاذبية كلها ، قالت باشمئزاز ترمقها بنظراتها المستنقصة لها ترفع رأسها بتعالي :
- جهزي نفسك فزواجك اقترب يا بشعة ..
وغادرت بسرعة وصوت ضحكاتها الساخرة عمت الأرجاء فهي ستتخلص منها برميها على الجندي المعدوم كما تزعم ولن يكون أحد في المنطقة بأكملها أجمل منها وستقدمها كقربان للسيد رأفت لكي تزيد علاقتهم به ترابط وقوة وتحمي ابنتيها من تزويجهم للحثالة الفقراء ، لتصفع تلك الكلمات التي تركتها خلفها وتسقط الزهرة اليتيمة كحالها التي كانت تحملها والتي بدأت أوراقها بالتساقط لذبولها ، هل ما سمعته صحيح ؟! هل بعد أن استعملوها كخادمة تعمل حتى عند خدمهم وتخدمهم يزوجونها ؟! هل يريدون التخلص منها لكن لماذا هي لم تكن إلا الفتاة بل الخادمة المطيعة التي تعمل بجد ليل نهار ولم تتذمر بل تتحامل على أحزانها وتعمل وهذه هي منذ قدومها هنا بغض النظر عن الشتائم والتحرش بها طيلة الوقت من الجميع فهي كانت تحتمي بالخادمة العجوز والتي كانت الوحيدة التي عطفت عليها واعتبرتها كابنتها وأخذت هي أغلب الأعمال التي كانت مرمية على عاتقها ، امتلأت تلك الأحداق الرمادية بالدموع وركضت سريعا لداخل الحظيرة حيث تعيش هي ومن اعتبرتها والدتها فيها لتصطدم بها بقوة أفقدت الاثنتين التوازن ، نظرت إليها باستنجاد فمدت الأخرى لها ذراعيها لترتمي في حضنها تبكي بقوة ، ومن المصادفة أنها قد سمعت ما دار بينهما وما قالته السيدة دلال لها ، كيف سيزوجون طفلة لم تبلغ الخامسة عشر وتحت أي مسمى وأي قانون يسمح بذلك ولمن وهذا السؤال الذي جعل عينيها تدمع رغما عنها ، قالت مطمئنة لها رغم صدمتها مما سمعت ورفضها الشديد للأمر :
- لا تقلقي يا صغيرتي لا تقلقي فأنا بجانبك ..
هزت رأسها نفيا ولا زالت تخبئ وجهها في صدرها وارتفعت شهقات بكائها فهي تخيلت أي نوع تعذيب قد يعذبونها بها إلا أن يزوجوها ويرمونها على شخص مجهول وكم تخشى أن يكون أحد أصدقاء السيد مازن الخبثاء الذين يسعون خلف المال فقط ، ولا تعلم ما الذي يخبئه لها الزمن من صدمات وكأنه ينقصها المزيد منها .

*****

رفع القوس لمستوى نظره ثم التقط السهم ليمرره خلال وتره ، شده ببطء إلى الوراء ، يفتح عينا ويغلق الأخرى ليصوب هدفه المعلق على الشجرة أمامه على بعد ما يقارب العشر أمتار أو يزيد ، حدده بدقه ولم يبقى له إلا أن يرميه لكنه توقف على وضعه لتأخذه الذكرى إلى أصوات حفرت في مخيلته إلى اللحظة الحالية ولم تمحها السنين الطوال ، ونبرة مسيقية متهكمة كم رن صدى ذكراها في أرجاء كيانه وعقله ، تذكر أول يوم له في تعلم الرماية بالقوس والسهم وكيف أصر فارس على أن يتعلم ويعلمه لكن وسام جذبه حينها من يده فهو من كان يريد تعليمه وتركوا فارس يتبعهم يصرخ برفض متذمر على ما فعلوه به ، تذكر كيف كانا يتشاجران لأجله لكن دائما ما يفوز وسام على فارس بالرغم من كونه أصغر سنا منه إلا أنه صعب المراس وحاد الطباع وفارس طيب القلب دائما ما يخسر أمامه ، ابتسم بألم فكم يشتاق إلى ذكراه الجميلة معهم فهم عائلته التي لم يحصل عليها من قبلهم ولن يحصل عليها بعدهم لكنه سرعان ما بدد ذلك الحنين إلى ذكرياته وإلى ماضيه إلى سواد قاتم أعمى بصيرته حين احتدت عينيه وبرقت ببريق الحقد فأطلق السهم بقوة ليصيب الهدف لكنه انحرف عن مساره قليلا فشتم هامسا وأغمض عينيه بألم عندما تذكر قول وسام له في السابق وحين كان يعلمه التصويب وكان يخطئ مرارا وتكرارا :
- صفاء الذهن .. يجب أن يكون ذهنك صافي بالكامل لا تشغله بأي تفاهات لتصيب هدفك بدقة ..
تسارعت أنفاسه بشدة من تلك الذكرى وسحب قوس آخر وحاول أن يصوبه لكن لا جدوى فاتبعه بالثالث والرابع ولم ينجح ، صرخ بأعلى صوته وقال بقهر :
- أنت السبب يا وسام أنت السبب في كل ذلك سحقا لك ..
رمى القوس من يده وجذب سيفيه المربوطان بسلسلة حديدية ، سلاح كانوا يستخدمونه ثلاثتهم في السابق في مهماتهم السرية ضمن جماعة قراصنة الموت ، أمسك كل سيف بيد وأشار به أمامه على شكل تقاطع واضعا السيفان على بعضهما في وضع دفاعي ، لكن الذكريات تتقاذف في ذهنه عندما صدح في الأرجاء حيث لا يوجد أحد سواه هو وماضيه صوت تهكمي وبارد قائلا :
- لا تعتمد على قوة جسدك فحسب فهناك ما هو أهم منها كالتركيز والانتباه والدقة والسرعة ..
وبدون شعور منه تبع صوت عقله وأخذ وضعية الهجوم يشد بقبضتيه على سيفيه ليقول له صوت من الماضي وكأنه عاد إليه :
- كن متوازنا في حركاتك تتحرك بتناغم وخفة مع سلاحك وكأنكما جسد واحد لتصيب الهدف بقوة ودون أي خطأ ..
تذكر صوته الطفولي حين دفعه الفضول لطرح سؤال آخر قائلا بحماس :
- حقا يا وسام إن أتبعت تعليماتك سأكون قويا مثلك ولن يقف شيء في طريقي ..
صرخ بقوة وهو يركض نحو الشجرة ليقفز عاليا ويقطع أحد أغصانها المتفرعة بنصل سيفيه الحادين ليسقط على الأرض بكل قوة وتهرب الطيور الصغيرة التي اتخذت ذلك الغصن سندا لعشها تأوي إليه كل حين بعيدا لعلها تنجوا من الغضب المستعر الذي اتقد في جوف سيف ، قال بصوت عالي يتلقط أنفاسه :
- لن أكون مثلك يا وسام .. أنا لن أكون مثلك أيها الخائن ..
ورمى سيفيه جانبا بقوة ونظر إلى يديه التي بسطهما أمام وجهه ، قال بهمس حاقد :
- سأقتلك يا وسام بيدي فكن مستعدا لذلك ..
التفت بسرعة حين سمع صوت تصفيق من خلفه ليقترب منه الذي كان يبتسم له ولم يكن إلا بهاء ذو الملابس الغريبة والملونة بشكل مبالغ فيه يتمايل في خطواته لتتطاير تلك الخصلات السوداء الطويلة مع مشيته ، قال بابتسامة لعوب :
- يااي ما هذا أنت بارع يا سيفي كم تعجبني قوتك ..
قال له سيف ببرود :
- أين كنت يا بهاء ألم نتفق على أن نتدرب معا ..
جلس يتململ في جلسته وقال بنزق :
- كنت استمتع بوقتي بما أنك رفضت أن تأتي معي المرة السابقة ، لقد فاتك الكثير يا رجل وأنت مع خردتك هذه ..
رمقه سيف بحدة وقال بضيق :
- أي خردة تقصد يا بهاء تكلم ..
ضحك بهاء بسخرية وقال يهز رأسه نفيا :
- أنا آسف يا عزيزي أنا آسف حقا لم أقصد جرح مشاعرك أنا فقط ....
وضحك عاليا ويبدو أنه يهذي ليزفر سيف الهواء بقوة وقال بغضب :
- بهاء هل أعدتها وذهبت إلى ذلك المكان السافل ..
فمد حينها بهاء رجليه أمامه واستند براحه كفيه خلف ظهره وقال ينظر إليه بمكر :
- فاتك الكثير والمرة المقبلة ستأتي معي لنمرح قليلا ..
هز سيف رأسه نافيا وقال بجمود :
- أنا أتدرب يا بهاء ولا وقت لدي لك ولرفاقك ..
قال بضيق مصطنع وبنبرة صوته الخبيثة :
- يا رجل أنت أقوى مني فلماذا تتدرب كل الوقت استمتع قليلا بوقتك ..
قال سيف بحدة ينظر إلى سيفيه الملقيان أمامه وجذع الشجرة الكبير الملقى على الأرض :
- هذا لا يكفي يا بهاء لا يكفي أنا أريد أن أقتل وسام وأنت لا تعرفه ..
نهض بهاء بقفزة واحدة فجسمه النحيل يساعده على ذلك ، جلس بجانبه وضم كتفيه بذراعه وقال بنزق :
- تستطيع فعلها وأنت أقوى من ذلك الجرذ وأنا هنا بجانبك ولا تستخف بقدراتي فالسنين التي جمعتنا معا تشهد لي ولك بمدى براعتي في السموم التي تسقط أقوى الأعداء في ثوان ..
ابتسم له سيف وقال :
- نعم أعرفك جيدا فلا داعي لتريني ذلك ..
وختم جملته بضحكة شاركه بهاء بها سريعا ، فقال بهاء :
- عندي لك خبر سيسرك جدا ..
تنقلت نظرات سيف في ملامحه وقال بتساؤل :
- ماذا هناك ..!!
هز بهاء رأسه وقال بنزقه الخبيث المعتاد :
- لا لا فهناك شرط يجب عليك أن تنفذه أولا ..
قال يرمقه بمكر :
- إن أعجبني خبرك لك ما تريد ..
صرخ بهاء بذهول وقال بحماس :
- حقا تفعلها يا رجل ..!!
رمقه سيف بتحد وقال :
- نعم فأنا إن قلت شيء فعلته كما تعلم ..
ضحك وقال :
- نعم نعم تفعل دائما فكن كما أعرفك أرجوك ..
قال سيف:
- إذا قل ما لديك ..
فاقترب أكثر منه ليهمس في أذنه :
- سمعت من الإمبراطور جاسم بأننا سنذهب اليوم إلى الإمبراطورية الخضراء وفي غضون ساعات قليلة ..
اتسعت عيني سيف بصدمة فهاهو حلمه قارب على تحقيقه ، الحلم الذي يتمثل في الانتقام من وسام لفارس أخيرا سيناله وبيديه .. يااه عشر سنوات مضت وهو يتحرق شوقا لهذه اللحظة وهذه المواجهة التي ستجمعهم ويتخلص منه ليتخلص من كل شيء سيء في حياته ويخلص الآخرين من وسام الخائن ليعيش بعدها في سلام تام ويا له من واهم ، قال بهاء بابتسامة بعد صمت طال بينهما :
- ألم أخبرك بأنه سيعجبك ..!!
فنهض بهاء وسحب سيف من ذراعه ليقف الآخر ولا يزال تحت تأثير وقع الخبر عليه فهو كان يعلم بأنهم سينتقلون إلى الإمبراطورية الخضراء لكن لم يتوقع أن يكون هكذا سريعا واليوم .. اليوم حقا لهو أمر لا يصدق ، قال بهاء بعد أن تنهد بيأس من سيف :
- هيا هيا أنت وعدتني بأنك ستنفذ شرطي ..
وأخذ يجره معه وقال بسعادة غامرة وهو يحكم قبضته على ذراع سيف وكأنه يخشى أن يغير رأيه بسعادته بالخبر ولا ينفذ شرطه :
- إذا لنتوجه حيث رفاقي ونكمل ما كنا به إلى أن نغادر ونستمتع بوقتنا برفقة الجميلات ..
فابتسم سيف له وقال بعد أن شعر بنشوة الانتصار بالرغم من أنه لم يحقق ولا أي شيء إلى الآن لكن شعور السعادة فاق كل شيء :
- إذا فلنسرع لكي لا يفوتنا شيء ..
صرخ بهاء الذي انطلق يركض بسرعة وقال بحماس صارخ :
- نعم هكذا يا سيف استمتع بوقتك ..
وسرعان ما تبعه سيف يركض خلفه والحقد وسوء الظن قد أعمى بصيرته فرمى نفسه في هاوية الانحراف حيث لا وجود إلا للخبثاء الباحثين عن المال فقط يرمون بأنفسهم وبمن يعرفونه لينالوا مبتغاهم بحجة سخيفة ألا وهي الاستمتاع بالوقت ، وهكذا يكون الصديق حين يسحب صديقه معه حيث كان وإن لمنحدر خطير وعندما يعمي الحقد البصيرة فلا يعد بإمكانه تميز الصحيح من الخطأ .





نهاية الفصل , قراءة ممتعة لكم أحبتي ..
بقلم محبتكم : روح الوسن ..


روح الوسن .. غير متواجد حالياً