عرض مشاركة واحدة
قديم 28-05-20, 12:32 AM   #61

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيلينان مشاهدة المشاركة
***
في وقت متأخر من الليل
فتحت مرزاقة باب الشقة لتجد ابنها الحبيب مستندا على إطار الباب و الإرهاق متمكن منه ، اقتربت منه تأخذه في حضنها وتقول بصوت باك :" اشتقت لك يا فلذة كبدي"
طبع قبلة على رأسها المغطى بمحرمة صفراء :" وانا ايضا يا اماه"
تساءلت بأمل مخادع :" هل من أخبار عن خالك "
" ليس بالكثير يا امي ..كل ما اعرفه أنه ربما يكون بمدينة '..' "
شهقت مرزاقة بعدم تصديق :" ما الذي أخذه هناك يا علي ..المدينة بعيدة عن البلدية "
توسلها قائلا:" أخفضي صوتك يا امي أرجوك لا نريد إيقاظ البنات ..لا أعرفه ما اخذه هناك ..لكني تركت صورته ومعلومات عنه لدى أصحابي هناك ولدى الشرطة أيضا...وغدا منذ الصباح سأستأنف البحث عنه إن شاء الله "
لم ينتبه كلاهما للمتلصصة التي تسترق السمع وراء الباب وهاهي ذي عائدة لغرفتها بخطوات مكتومة بعد أن عرفت من الاخبار مايرضيها ، أمسكت أرنبتها العوراء بوسي وبدأت بالتربيت على رأسها الابيض ثم همست في أذنها :"بوسي يا عوراء

لقد التقيت أخيرا بالسمكة الذهبية التي تسبح في حوض الشركة ، وأقصد بذلك المدير ... الأستاذ عاصم عسال بشحمه ولحمه ، وكما خططت ظن أنها مصادفة ، لم تكن كذلك ، يظن أني لا أعرفه ... وظنه خطأ فأنا قضيت الثلاثة أشهر الماضية أجعله شغلي الشاغل ، لقد رأيت نظراته ويمكنني القول أن السمكة الذهبية ابتلعت الطعم وغدا سأبدأ عملية الاصطياد... لكن ماحيرني أنه يعرف اسمي ... هل تصدقين ، لقد ناداني به ... تعلمين أن نصائحك تعلق في ذاكرتي خاصة تلك الخاصة بالحب :" من الأفضل الوقوع في حب رجل غني على الوقوع في حب رجل فقير " معك حق يا بوسي ...لا يجب أن أكون حمقاء رومانسية .. ففي الأخير أنا امرأة ..اه ! كدت أن انسى ..لقد تخلصت من والدي اليوم ..أنا اعرف انك أخبرتني أن اتحمله حتى اتزوج من غني احمق..وان لا الوث يدي..ولكن صورته المثيرة للشفقة وهو جالس فوق الصخرة استفزتني بشدة ويبدو أن ابن خالتي الغبي لم يجد له أثر..واتمنى ان لا يفعل ..فلا اريد ان يضيع مجهودي هباءا

إلى الغد بوسي !
وضعت الارنبة بجانبها على السرير واطفأت الإنارة لتنام قريرة العين .
***
غريب ! أمر غريب حقا ! ...كيف لها أن تنام بل كيف للنوم أن يرضى لمثلها ان تنال قسطا من رفاهيته ، أين العدل في ذلك ؟ كيف لمن ارتكب المعاصي أن ينام ، كيف لمن سرق ونهب أن ينام ، كيف لمن قتل وشرد أن ينام كيف لمن رمى والديه في الشارع أن ينام ، كيف لمن عذب قطة بكسر قوائمها أن ينام كيف لمن وضع جروا في كيس وجره على صخور مدببة دون أن يرأف لأنينه أن ينام ربما حواء لم تفعل كل تلك المعاصي ولكنها فعلت ما يسرق النوم منها دون أن تجد له قرار ولكن هاهي ذي نائمة بوجه صاف وذهن خالي تحتضن ارنبتها ولا تبالي بمدى تأثير فعلتها الشنيعة على من حولها ، فبينما هي نائمة كانت أختها في الغرفة المجاورة جالسة على سجادة الصلاة وكتاب الله بين يديها ، والدمع يملأ مقلتيها بينما الحزن يطغى على قلبها ، دخلت عليها عمتها مرزاقة واتجهت تستلقي على السرير بعد أن انهكها الإرهاق ، تدثرت جيدا بغطاء من الذنب كان ثقيلا على جسدها الضعيف وكأنها تحمل جبلا يكتم نفسها فاختنقت به ، أخذ لسانها يلهج بالدعاء ، تناجي ربها القادر على كل شيء ان يحفظ اخوها من كل سوء ويرده سالما غانما .
أما علي فكان يتقلب على الكنبة الصغيرة الموضوعة في الصالة بعد أن جافاه النوم..فهو لم يستطع النوم على فراش خاله بينما عقله لا يتوقف عن التفكير في حاله وبأي أرض يكون .


اليوم الموالي ...صباحا
نطقت فاتن أخيرا وصوتها يقطر ذهولا:" والدك مختفٍ يا حاوء ؟!"
أزمات حواء وهي تحشر أخر قطعة من الكرواسون في فمها وتبتلعها مع العصير :" منذ يوم أمس ...للاسف لم نجد له أثر " رفعت رأسها للسماء وأضافت بحزن :" وجهي عليك يا أبي ...المسكين عقله يأتي ويذهب "
واستها فاتن بعطف حقيقي:" لا تقلقي حواء ...هو في حفظ الله ...ولكن ألم تنادي ابن خالتك ليساعدكم في عملية البحث عنه ؟"
ردت حواء بانزعاج مصطنع:" ابن عمتي ! لا تذكرين به ارجوك... وجوده كعدمه الحقير... هل تعلمين ماكان أول شيء فعله عند وصوله ... لقد تحرش بي النذل ، هل تصدقين ؟"
هتفت فاتن بانشداه:" لا تقوليها!"
أومات حواء بتأكيد :" بلى، ولأعلمك لقد تحرش بي في جنازة أمي رحمها الله وأسكنها فسيح جناته "
علقت فاتن بصدمة :" حسنا ! ابن عمتك هذا ليس لديه كياسة اطلاقا "
سخرت منها حواء قائلة:" أقول لك نذل حقير وانتِ تقولين كياسة "
تساءلت فاتن بصدمة متأخرة:" حواء والدك ضائع... ما الذي تفعلينه في الشركة اليوم "
ردت حواء بلا مبالاة:" أنت تعلمين إن غبت اليوم سيلقين بوكرش أمام الباب بلا رحمة "
" ولكن يا عزيزتي لديك عذر مقنع ، ولا يد لبوكرش أن يتفهم الوضع "
" لن يصدقني! بالإضافة أنني بالفعل بحثت عن والدي ولم يحالفني أي حظ، الأمر متروك بيد الشرطة الآن "
فتحت فاتن فمها لتقول شيء ما إلا أن قدوم فتاة قاطعا:" فاتن ! الأستاذ شعبان يناديك "
نهضت فاتن لتلحق بالفتاة بعد أن قالت لحواء :" علي الذهاب الآن ، اطلعيني إذا استجد شيء ما ... لا تحزني عزيزتي ستجدونه بإذن الله"
ابتسمت لها حواء بينما في سرها تدعي:" معاذ الله! قولي خيرا بديت مرأة أو صمتي "
رن هاتف حواء الموضوع على المكتب أمامها، وجدت المتصل حبيبها ياسر ، فكرت بحنق كم اتصل اليوم ؟ هل هي المرة العاشرة بعد المئة، أمسكت هاتفها وكأنها تحدث المتصل :" عندما لا يتم الرد لا تلح بالإتصال أيها الغبي " ، ردته على الوضع الصامت ثم أعادته إلى المكتب ، فكرت وهي تنظر لشاشة هاتفها التي تنبض وتبنض ثم تنطفئ بسكون لعاود النبض من جديد ، لقد رمت شباكها في البحر وعلقت به سمكة الأنشوجة ، وبينما هي فرحة بما اصطادته قنصت عينها أكبر سمكة تونة في المحيط فسال لعابها بشراهة ورغم ذلك لم تترك سمكة الأنشوجة بل اصطادت معها سمكة سلمون والتي هي حبيبها ياسر ورمت شباكها من جديد في محاولة يائسة للصطياد سمكة التونة تلك، لم تكن حواء تدرك أن البصر خائن ، فسمكة التونة تلك لم تكن سوى قرش ضخم اشتم رائحتها هو الآخر واقترب منها بخبث منتظرا اللحظة المناسبة ليفتك بها ، فكرت بغرور أن حبيبها ياسر الحالي عريس لقطة ، فهو تاجر أبا عن جد وماله كثير...كثير جدا ولكن هذا العاصم، نسب وأصل ومنجم ذهب .
حواء عبد الجبار امرأة فاتنة بحق ...تخرجت من كلية العلوم ...وأتبعتها بشهادة في السكرتارية من إحدى المعاهد الخاصة ...تقلبت كثيرا بين الأعمال ، فهي تشعر بالملل سريعا فلا تستطيع إكمال عمل بدأته وكم تحمل في رصيدها من أعمال غير منتهية ...هي الآن في الخامسة والعشرين من عمرها شابة وجميلة ولعوبة للغاية ! والآن هي موظفة عادية في شركة ضخمة ، لم تجتهد كثيرا للحصول على هذا العمل ، ولماذا تفعل وهي لا تحتاج إلى ذالك ، يكفي أنها تعرف كيف تنقر على لوحة مفاتيح الحاسوب وتجيد استخدام بعض البرامج ومع القليل من الحركات المغرية حصلت على الوظيفة ولكن هل هذا كافٍ بالنسبة لها ؟ لا! ليس كافيا هي تريد أن ترتقي سلم النجاح، ليس درجة درجة ، بل تريد أن تصل للقمة بسرعة ، قد يقول المتكاسلون: مستحيل! أما هي حواء فلا توجد كلمة كهذه في قاموسها محدود المفاهيم، حواء أشبه بعلقة طفيلية تتربص بفرائسها وتختار الفريسة الدسمة بينهم لتنقض عليها وظهر هو بشخصه المبهر " عاصم عسال" رجل الأعمال الخطير ، جذاب بشكل لا يوصف وأهم ما فيه هو خزنة الذهب الجالس عليها، كانت لتتزوجه ولو كان كهلا يرشها بلعابه من بين أسنانه المتساقطة ، لحسن حظها أن عاصم هذا شاب مفعم بالحيوية ، لا تنكر ابدا وسامته التي لا يختلف عليها إثنان بجسده الخاطف للانفاس ووشعره الطويل الجذاب ولكن وجهه حكاية أخرى، يجب أن تحصل عليه، مهما كلفها الامر ... حتى لو استدعى النوم في فراشه ، يكفي أن يتراءى لها قصر ال عسال لتشهر كل أسلحتها ، عند هذه الفكرة انتفخت أوداج حواء وارتفعت معنوياتها حتى خرقت سقف المكتب الذي تتشاركه مع متدربتين أقل ما يقال فيهما أنهما مثال للغباء، أعطت لنفسها قبلة هوائية في مرآتها الصغيرة بعد أن أطلقت تنهيدة راضية عن شكلها المتقن الصنع ابتداءا من عينيها السوداوتين المخطتين بكحل زاد في حجمهما نزولا إلى وجنتيها المرفوعتين بتحدٍ ثم شفتيها المصبوغتين بلون أحمر قاتم ، شعرها البنفسجي مرتفع لأعلى في عقدة فرنسية أنيقة ، التقى حاجبيها الرقيقين في انزعاج بسبب همسات المتدربتين و التي تجزم أنها محور الحديث، هزت كتفيها بلامبالاة وكأنها تكترث بما يتكلم عليها الناس ،أنتصبت واقفة على حذاءها الأحمر ذو الكعب العالي وعقلها يومئ باشارات كلها تحمل صورة المدير ، تهادت في مشيتها قاصدة المصعد وما إن فتح بابه حتى اختارت رقم الطابق الأخير في ناطحة السحاب هذه حيث يقبع عرش الملك ينتظرها هي ، لم تنسى طبعا عذرها في التواجد هنا هي موظفة الإختزال البسيطة، واجهتها نظرات سكرتيرته الحاقدة، فكرت حواء بسخرية :" لست الوحيدة إذن من تخوم حول المدير" ، كانت إيمان الحرباء تجلس خلف مكتبها المبالغ في ترتيبه تقذفها بسهام مسمومة، سهام امرأة غيرورة، طبعا حواء لم تعرها أي اهتمام وكأنها لا ترتقي لتنافسها .

كانت إيمان أول من يكسر حاجز الصمت هذا قائلة بحنق:" ماذا تفعلين هنا؟"
اقتربت منها حواء بتأن مستفز ثم قالت بصوت أجش:" لقد أحضرت بعض الأوراق الخاصة بالصفقة الأخيرة"
احتقن وجه إيمان حتى سكت حواء في أنه سينفجر:" لماذا تحضرينه أنت هذه مهمة الساعي ، هل انقرض السعاة في هذه الشركة،"
انحنت حواء قائلة بهدوء :" لا أرى سببا لهذا الغضب ، أحببت فعل الخير فقط ، اهدأي وخذي نفسا وإلا ستصابين بجلطة ترقدك في المستشفى، أو أسوء القبر ، يقولون واحد تقلق فمات"

ضربت إيمان سطح مكتبها بقوة والكلمات تتعثر على فمها من شدة الغضب :" أنتِ ..أيتها الوصولية...الحقيرة ...وضيعة الشأن "
كتمت حواء ابتسامة كادت تفلت منها ، لم تدر أن لها هكذا تأثير على الناس .
" إيمان ما كل هذه الجلبة؟"
صوت رخيم نفذ لداخلها مسرعا نبضات قلبها ، أخفت ارتباكها بسرعة مذهلة ثم ارتدت أكثر وجوهها براءة ثم التفتت ناحية صاحب الصوت بحرج مصطنع وانطلق صوتها المبحوح في ترنيمة حزينة:" أنا آسفة سيد عاصم، لقد كان عبد الله تعبا يعاني من ألم في ساقيه فتطوعت لأحضر بعض الملفات "
انعقد لسان ايمان من تمثيل حواء الصاعق بينما حدق عاصم في حواء شزرا ثم قال بنبرة جليدية:" سألت إيمان لا أنت، تعلمي متى تفتحي فمك، بالتحديد عندما يوجه لك سؤال و الآن عودي لمكان عملك ولا تتركيه ثانية واحتفظي بكرمك في فعل الخير لنفسك المرة القادمة " واستدار عائدا لمكتبه ولكنه توقف قليلا أمام الباب :" آه ! كدت أنسى ، يمكنكِ اخبار عبدالله أن خدماته غير مطلوبة بعد الآن"

وتركها بشفة متدلية لامست الأرضية المصقولة، أعادها لواقعها ضحكة إيمان المتشفية:" آنسة حواء ، لقد سمعتِ المدير ، هل تعرفين طريق الخروج أم أدلك عليه بنفسي "





******
داخل حمام السيدات ... ضربت حواء رخام الحوض الأبيض بسخط وشتمت بصوت عالٍ عدة مرات ، حاولت تهدئة نفسها بالكلمات المعتادة :" اهدئي ! اهدأئي ! ستظهر تجاعيد الغضب حول عينيكِ و تصبحين ساحرة شمطاء تفزع الأطفال وتجهض الحوامل .... نعم ...آه نعم .... هكذا "

نظرت لصورتها المثالية في المرآة وقالت بحب :" مرآتي يا مرآتي ! هل توجد أجمل من حواء في البلاد " ...سكت لبرهة ثم قالت :" طبعا لا "
سمعت صوت المياه يتبعه خروج سيدة متوسطة العمر تنظر لحواء وكأنها جنت ، بادلتها حواء النظر دون أن يرف لها جفن وكأنها تخبرها:" تجرئي ووانطقي بحرف "
تجاهلت السيدة وجودها فقامت بغسل يديها وتجفيفهما ... اتجهت ناحية الباب وتمتمت قبل خروجها بكلمات تعمدت أن تصل لمسامع حواء :" اللهم ثبت علينا العقل و الدين "
وتركت حواء ترغي وتزبد .


انتهى ...قراءة ممتعة
رائعه حبيبتي
وكأن هناك شيء جعل من قلب حواء صلب 😱 عاصم ربما يغير من حواء😊ا وأشعر بانه اسوأ منها 😱


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس