عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-20, 09:07 PM   #874

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

المقهى
صمت سيد والعامل يضع أمامه كوب الشاي ..وما أن ابتعد حتى مال مسعد على الطاولة مرتكنا بكوعيه عليها ومشبكا كفيه معا وهو ينظر لعينيه قائلا بتهكم:
"اذا فأنت تخبرني أنك كنت تذهب لتقف أمام الجامعة لرؤية رؤى من بعيد لأنك تكن لها مشاعر عاطفية ...وأنك لم تحاول الاقتراب او محادثتها احتراما لوعدك لي ..اذا كانت تلك الحقيقة فلمَ لم تأتي لي وتطلب يدها مني ؟! "
ازدرد سيد لعابه وأطرق ناظرا لكوب الشاي يحركه بكفه غير عابئ بسخونته وهو يقول بحزن:
"آتي اليك واخبرك بماذا ؟ّ! ..أأقول لك عماه أنا احب ابنتك وارغب بالزواج منها ..لكني لا أملك مالا ولا وظيفة ولا شقة ولا مستقبل مضمون ..وأحمل على كاهلي عبئ اسرة انا المسئول عنها ولا يوجد في مستقبلي بارقة أمل تجعلني اعطيك ضمانة او موعدا ما ( ورفع عينين ممتلئتين وجعا وقهرا وهو يضيف) صدقني عماه فكرت كثيرا وتمنيت أن آتي اليك لطلبها ...لكني وضعت نفسي مكانك.. فلو جاءني من يطلب الزواج بأختي وهو بمثل ظروفي ... لم أكن لأقبل به ....فوفرت على نفسي ذل الاهانة والرفض...ولكني لم استطع أن ابتعد ...قلبي غلبني رغم كل محاولاتي ..لم يطاوعني لأبتعد تماما ..وخاصة عندما قمت ...خاصة ..."
صمت للحظة وهو ينتبه لما كاد يقوله فلسانه المنفلت كاد يذل ويخبره بشجاره معها بسبب سوء ظنه بها...فنعت نفسه بالغباء ليس فقط لصعوبة أن يخبره بالمشاجرة وسببها ولكن أيضا لأنه سبق وأخبره بأنه نفذ وعده ولم يحتك بها أبدا ..فضغط بكفه على الكوب امامه حتى كاد يحطمه ..ليخرجه من شجاره من نفسه صوت مسعد المتوجس سائلا:
"خاصة عندما قمت بماذا ..أفصح!! "
هرب بعينيه يمينا ويسارا يفكر بما يمكن ان يقوله ليداري ما كاد يزل به لسانه فقرر أن يخبره بنصف الحقيقة:
"خاصة عندما قمت مؤخرا بعمل مشروع جيد مع اصدقائي وبدأت ظروفي تتحسن ....ففكرت أنه ربما يكون هناك فرصة لي معها ...لذا كنت اذهب لأراها من بعيد على أمل ان استجمع شجاعتي لأقترب منها وأسألها إن كانت يمكن ان توافق على لو تقدمت لها وتقبل أن تصبر عليّ بضع سنوات حتى اتمكن من الوقوف على قدمي واوفر متطلبات الزواج"
نظر له مسعد بتمعن وملامح جامدة وارتكن بظهره على كرسيه مربعا يديه وهو يقول ساخرا:
"وهل هذا من الأصول يا ابن الأصول... هل عندما ترغب بالارتباط بابنتي تذهب لتتحدث معها هي أولا .. أم تدخل البيت من بابه وتأتي لتحدثني أنا قبلها"
ظل سيد مطرقا بخزي دون أن يرد ليرفع رأسه مع سؤال مسعد :
"وهل سألتها ؟!"
ليهز سيد رأسه نافيا:
"اخبرتك أني لم اجد فرصة ذهبت لمرتين ..مرة بالأسبوع الماضي ووقفت بعيدا وحينها سمعتها تتحدث مع بعض زملائها عن رحلة او حفلة ما كانوا يرغبون أن ترافقهم إليها.. وعدت اليوم صباحا لأراها مبكرا على أمل ان استطيع محادثتها فرأيتها وهي تخرج مع زميلة لها وتركب سيارة يقودها شاب ما فشعرت بالقلق ولحقت بهم"
نظر له مسعد بحدة وأخذ يتفرس بملامحه وهو يستجوبه :
" والمفروض أن اقبل واصدق أنك شعرت بالقلق لدرجة جعلتك تقود خلفهم حتى العين السخنة وتتبعهم وتنقذ ابنتي من يد هذا الشاب وهو يحاول ان ينتهكها "
ليكمل بداخله بخزي وغضب وقهر تنقذها من براثن من ذهبت معه باختيارها ومليء ارادتها كأي فتاة منحلة لا أهل لها "
وكأنما ادرك سيد ما يجول بعقله فرفع عينيه قائلا بحمية رغم قلبه الملتوي وجعا :
"لا عماه ....لا تقل هذا ... لم يلحق أن يفعل لها شيء ......رؤى صحيح اخطأت عندما رافقتهم للحفل بدون علمك ..لكني واثق أنه تم الايقاع بها من قبل زميلتها تلك ... وخاصة أنه كان هناك حفل بالمنتجع بالفعل ...لقد رأيت الاعلان بنفسي على الباب ... صحيح لا اعرف كيف استطاعوا استدراجها للمنزل لكني واثق انها لم تكن تعرف ما يريده او ينتويه هذ الحقير... (ليزدرد لعابه بصعوبة ويضيف بإقناع لنفسه قبل أن يكون لمن أمامه ) لقد كانت تقاومه كلبؤة شرسة عندما اقتحمت المكان ...لم يلمسها عماه صدقني ...لقد اخرجتها من هناك قبل ان يضع يديه عليها .."
أغمض سيد عينيه داعيا الله أن يكون ما يخبر به الرجل المقهور أمامه حقيقة ...فهو حقا غير واثق ... يعلم ان هذ الوغد لم يغتصبها ..لكنه لا يعلم إلى أي حد استطاع الوصول معها ولأي مدى لمسها قبل وصوله...لكنه لن يوجع ابيها بهذه الأفكار التي تنحر قلبه ..يكفي وجعه هو وخيالاته التي تصور له الأسوأ .. ليضيف محاولا اقناع من أمامه:
" عماه أنت تنظر لي بشك وعدم تصديق لكن اقسم لك بالله العظيم واعطني مصحفا لأحلف لك عليه أنني تتبعت رؤى من الجامعة لأني شعرت بالخوف عليها دون أن ادري السبب وقتها لكن هناك شيء بداخلي دفعني للحاق بها ..ربما كانت الغيرة... وخاصة عندما رأيتها تركب مع هذا الشاب رغم انها لم تكن وحدها معه ..وأقسم لك ثانية انني ما ان استطعت الدخول خلفهم للمنتجع ولمحت تلك الحقيرة زميلتها تسير وحدها حتى اجبرتها على ان توصلني لمكان رؤى ..ولم يكن قد مر وقتها اكثر من بضع دقائق على دلوفهم قبل لحاقي بهم... وما أن اقتربت من المكان الذي اخبرتني به حتى سمعت صرختها مستغيثة فاقتحمت المكان بسرعة ورأيتها تقاومه وتضربه بعنف وكان واقفا بصالة الشقة "
أغمض عينيه للحظة يحاول اخفاء ألم الذكرى التي لا تغيب عن رأسه.. فلا داعي ليعرف اباها حالتها عندما دخل هناك ...يكفي ان يتذكر هو ما رآه عندما كسر الباب بدفعة من كتفه ليجدها ساقطة أرضا بلوزتها ممزقة و الحقير يجذبها من إحدى ساقيها لا يدري إن كان يحاول جرها أو خلع بنطالها ....وهي تصرخ وتتلوى محاولة تخليص نفسها دون جدوى ...مشهد لن يزول من رأسه طوال حياته ...
حاول الهرب من تلك الذكري المريرة وركز على عيني الناظر له بمزيج من الخوف والرجاء قائلا :
"صدقني عماه لم يلحق ان يمسها بسوء وهي لم تدعه يضع يده عليها كانت تقاومه بشراسة فتاة حرة ابية"
نكس مسعد رأسه قائلا بخزي وهو يفكر ساخرا فتاة حرة ابية ؟!! وهل الحرة الأبية تقبل الركوب مع شاب والذهاب لبيته ليترجم لسانه بعض ما يحرق جوفه وعقله دون انتباه قائلا:
"كيف قبلت الذهاب معهم دون علمي ..كيف ؟!"
ازدرد سيد لعابه بألم ...يكاد الغضب يفتك به ...يتمنى ان يذهب إليها ليمسك بها ويظل يضربها حتى يفرغ فيها بعضا من غضبه وغله ...وبعدها يسألها عن السبب ..يسألها لماذا ذهبت معه ؟ ..لماذا قبلت دخول البيت معه؟ ..لكنه حاول التماسك و ادعاء هدوء لا يملكه حقا وهو يقول مبررا لها رغم عدم اقتناعه:
" اخبرتك عماه ...لابد انهم خدعوها بطريقة ما"
شتت مسعد نظراته بعيدا وهو يقول :
" هذا ما تدعيه هي ..أخبرتني أنهم اقنعوها بمرافقتهم للحفل ..وأن الكثير من زملائهم سبقوهم إليه ..وأنها لم تكن ستذهب لولا أنها وجدت محاضرات اليوم الغيت وزميلتها تلك ضغطت عليها وشجعتها لتذهب معها وترى مطربها المفضل وأن الأمر لن يتجاوز بضع ساعات.. وفى السيارة أدعت تلك لفتاة أن العصير سقط على ثوبها فطلبت ان يمروا على شاليه يملكونه هناك لتغير ثيابها "
نظر لسيد كما لو كان يستجديه بنظراته أن يؤكد كلامها:
"أقسمت لي انها لم تكن لتدخل لولا أنها رغبت بدخول الحمام ..ولوجود زميلتها معها ...ولم تتخيل انهما سيتلاعبان بها ويكونا بتلك لحقارة ..اقسمت أنه لم يمسها ..وأنك حضرت قبل أن يضع يده عليها "
هز سيد رأسه مؤكدا لمسعد:
"وانا واثق أن هذا ما حدث عماه ...صدقني رؤى لن تخزيك قصدا ابدا ...هي فتاة جيدة ..أنا ..أنا راقبتها طويلا عندما كنت أعمل بمحطة المترو وكانت تمر من أمامي يوميا ذهابا وايابا ...قد تكون مندفعة بعض الشيء ..لكنها فتاة رائعة ..مستحيل أن تقبل بالخطأ عمدا ...(ليغمض عينيه مكررا الكلمة كمل لو كان يقنع نفسه بها) مستحيل... لن تفعلها رؤى ابدا هي اكثر غرورا وتكبرا واحتراما لنفسها من ان تهينها بهذا الشكل"
أطرق مسعد برأسه دون رد للحظات ساد فيها صمت مربك موجع لكليهما ..قبل أن يمد يده يخرج حافظته ويشير لصبي المقهى وهو يقول:
" لكن تهورها .. ورعونتها .. ودلالي لها جعلها تظن أنها قادرة على أن تفعل ما تشاء وتهرب من العقاب ...اندفاعها الذى كنت دوما اراه فيها دون أن اقومه كاد أن يضيعها ..رؤى كسرتني بني بما فعلته ...حتى لو كان الله لطف بها وبي ووضعك بطريقها ونجاها.. وهو ما أشكر الله واشكرك عليه ...لكن ما حدث سيظل نقطة سوداء تلطخ ثوبها وتكسر ظهري ...سأعيش دوما هامتي محنية لأن ابنتي كادت بلحظة تنتهك نتيجة تهاوني في تربيتها واهمالي لأخطائها ...."
حضر النادل فناوله حسابه وتحرك دافعا كرسيه للخلف ليقف بجسد منهك وأكتاف متهدلة ... كما لو زاد عمره سنوات خلال ساعات فقط ..وقال لسيد بصوت متحسر:
"لو كنت تقدمت لي قبل أن يحدث ما حدث واخبرتني بحبك لها ورغبتك بالارتباط بها ووجدت منها قبولا لك لكنت وافقت على ان تخطبها ولو بدبلة فقط ولسنوات حتى تكون قادرا على الزواج ..لأنني لم اتمنى لبناتي يوما إلا رجل بحق يصونهم ويقدرهم ...يحبهم ويحميهم ..لكنه القدر جعل باب النصيب يغلق بينكما"
نظر له سيد بذهول ..وتطلع لوجهه بعدم تصديق ....هل حقا سمعه يقول أنه كان سيوافق عليه لو تقدم لها سابقا.. كان سيوافق ويزوجها له رغم كل ظروفه ليمسك بمعصمه ويسأله راغبا بالتأكد :
"هل حقا كنت ستوافق على ان تقدمت لرؤى؟؟؟"
نظر له مسعد بجمود قائلا :
"سابقا نعم ..الآن ..لا "
ازدرد سيد لعابه وهز رأسه بعدم فهم ليسأله بتوجس:
"لماذا الآن لا؟؟؟ ...بالعكس سابقا ظروفي كانت اسوأ ..الآن أنا... "
قاطعه مسعد وهو يزيح كفه من على معصمه :
"الآن لم يعد ينفع فأنت رأيتها في أسوأ موقف يمكن لرجل رؤية فتاة يرغب بالارتباط بها فيه .. هذا الموقف لن تنساه يوما ..ولن تتقبله رجولتك بسهولة ...ولو غلبتك عواطفك ناحيتها الآن مدعيا تجاوز ما حدث .. الا أني متأكد أنك عند كل خلاف بينكما ..وما اكثرهم بين أى اثنين مرتبطين ...ستعايرها به ..او ربما اسوء ...فقد يدفعك ما حدث للشك فيها ...وهذا سيجرحها ويكسرها ...ويوما سيكون سببا لتحويل أي عاطفة بينكما لكره ونفور ...الرجل بني صعب أن ينسى ما يمس أمرأته خاصة لو شهدته عيناه.. والأصعب أن يسامح أو يتجاوز في أمر كهذا خاصة لو كانت هي تتحمل جزءا من الخطأ فيما حدث لها .. وأنا رغم كل شيء ..لن اعرض ابنتي لهذا الوجع ...لن اكسرها بك لترى دوما خطأها وذلتها بعينيك ..انساها بني ..فرؤى لم تعد تصلح لك ..ولا أنت تصلح له ..وشكرا على كل ما فعلته"
تركه وخرج بخطوات مهزومة ليلقى سيد بجسده على المقعد يتابعه بنظراته حتى اختفى من امامه ..ليدفن بعدها رأسه بين كفيه ويقول لنفسه بحرقة " آآآآآه ...آآآه يا رؤى آآآه ..لماذا ..لماذا الطريق إليك مسدود دوما بألف حائط "
شرد يفكر فيما قاله ابيها ...لا ينكر أن في كلامه بعضا من الحقيقة ..فهو غير قادر على نسيان ما حدث ...على محو ما رآه بعينه ..بل على عدم تخيل ما لم يره ... هناك نار تحرق جوفه ...تشعل أوردته ..وتساؤلات تمزقه ..ألمستها يداه ..هل استطاع تقبيل ثغرها ..هل لمس شيئا من مفاتنها.. ..وماذا لو تأخر بضع دقائق اخرى ..عشرات التساؤلات بين هل وماذا لو ..تجعله يشعر بالغضب والجنون ...يتمنى أن يعود الى هذا الحقير ليقضي عليه تماما...لا يكفيه أنه اشبعه ضربا و كسر له يده وعدة اضلاع... كل ما فعله به لم يطفئ ناره ...هو واثق انه لو لا تدخل تلك الفتاة ومحاولتها سحبه من فوقه عنوة وهو يخنقه ويكاد يقضي عليه ا لكان قتله .. لم يوقفه عن ازهاق روحه إلا عندما ضربته بشيء ما لم يتبينه على رأسه ...ضربة قوية تركت اثرا متورما بمنتصف رأسه لكنها افاقته قبل أن يقضى على هذا النجس ويضيع نفسه لأجل حقير مثله ... ضربتها وصراخها الذى اخترق غمامة جنونه وهي تهدده بأنها ستبلغ الأمن جعلته ينتبه لحظتها لتلك المكومة على بعد خطوات تبكي وتحتضن نفسها ارضا بانهيار.. فينتفض ملقيا بالحقير من بين يديه ويتجه اليها يرفعها بين كفيه ناظرا لملامحها الشاحبة شاملا جسدها بنظرات مشتعلة عند رأى حمالة صدرها ظاهرة من خلف قماش بلوزتها الممزقة وهي تحاول جمعها ومدارة جسدها بيدها دون جدوى ... ليبعدها للحظة كادت تسقط فيها ارضا ..فيعود بسرعة لإسنادها بكفه وهو يخلع قميصه بالأخر ويلبسها اياه دون أن يهتم بكيف سيخرج وهو يرتدي فانلة داخلية ..كل ما يهمه أن يسترها ويخرجها من هناك ...سحبها من زندها وتحرك خارجا فيمر بجانب هذا الملقى ارضا يصرخ بألم من شدة وجعه... تجاوره تلك الاخرى وتحاول مساعدته .. ليضربه بحذائه على خاصرته ضربة اخيرة قبل خروجه يفرغ بها بعض غضبه ..ويطفئ القليل من اشتعاله بسماع صرخاته تعلو أكثر ...ليسرع بعدها للخارج قبل قدوم أحد .. يجر رؤى معه دون أن يعير النظرات التي القاها عليهم أمن البوابة اهتمام ..يكفيه أنهم لم يوقفوهم ليسألوهم شيئا ..فيبدو انهم معتادون على جنون ابناء الطبقة التي تقطن المكان ..وتركيزهم يكون على الداخل وليس الخارج ..
ظل يسندها فهي تكن قادرة على السير وحدها حتى وصل لمكان سيارته ففتح باباها واجلسها ..وظل بعدها لحظات يقف بجوار الباب ينظر للسماء بقهر ويزفر انفاسه بوجع وهو يسمع صوت نحيبها المكتوم .. حتى عندما دخل السيارة وقادها على مدى ساعتين لم ينظر ناحيتها ولا لمرة واحدة ...ولم يحاول الحديث معها.. بل لم ينبس ببنت شفة واحد طوال الطريق .....
لم يسألها شيئا رغم عشرات الاسئلة التي تموج برأسه...لقد خاف ..نعم خاف عليها من نفسه أن يؤذيها ..أن يفقد اعصابه بلحظة انفعال لو تحدثت فينقض عليها فاتكا بها ...ظل يتلوى بقهره وغضبه وتساؤلاته دون ان ينطق حرفا ...يشتعل وينطفئ مع كل شهقة ..ونحيب.. ودمعة منها فيرغب أن يربت على رأسها مواسيا لحظة... ليتذكر ما حدث فيلجم نفسه قسرا ان يشد شعرها لتنتحب اكثر ...يمنع كفه من أن يضرب رأسها بحائط السيارة وهو يصرخ فيها لماذا؟ ...لماذا فعلت به وبنفسها هذا؟! ...لماذا قبلت وركبت السيارة مع شاب مثله ؟ ...لماذا دخلت معه لشقته ؟.. لماذا؟ ..
لكنه لم يسأل وهي لم تنطق إلا بجملة واحدة عند وصولهم العاصمة ( أن ينزلها عند شقة أختها ) قالتها بصوت انهكه البكاء فخرج متقطعا وهي تخبره بالعنوان دون ان تنظر له كما كانا يفعلان طوال الطريق و عندما نزلت من السيارة لم تلتفت ناحيته .....بل خرجت مهرولة تتكفى حتى دخلت العمارة واختفت عن ناظريه ..ليحرك لسيارة بعدها بسرعة وينطلق بها بتهور كاد يتسبب له بعدة حوادث ..ليقضى بعدها باقي يومه كانسان آلى ينفذ المهام المفروضة عليه دون وعي او تركيز.
ظلت ذكرى ما حدث تتلاعب بعقله وعيناه معلقتان بكوب الشاي البارد أمامه دون أن يبصره ..حتى افاق على صوت صبي المقهى وهو يرفع الكوب من أمامه سائلا ان كان يريد وأحدا اخر فنظر له بجمود للحظات جعلت الاخير يتراجع نصف خطوة بتوجس من ملامحه الاجرامية.. ليكملها خطوة وسيد يقف فجأة مزيحا كرسيه بعنف ارعب لواقف أمامه قبل أن يزفر انفاسه براحه وهو يراه يخرج باندفاع من باب المقهى
ظل سيد يسير دون هدف لأكثر من ساعة يدور في دوائر حول المنطقة وينظر حوله بتيه...لا يدري عما يبحث تحديدا ..لكنه يشعر أن هناك شيئا ضاع منه ...شيئا هاما لن يستطيع تعويضه او العيش بدونه ..
************



رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس