عرض مشاركة واحدة
قديم 20-06-20, 06:16 PM   #2

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي



🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹المقدمة🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

تراقب الرياح وهي تعصف بكل ما ألقي مهملا عبر اسفلت الشوارع، حتى بعض من بني البشر تلمحهم يهرولون مندفعين بفعل قوتها، ينشدون التخلص من جبروتها، أغلبهم لا يحبها ويلعن ألف مرة كلما ثارت بأمواجها تعصف بنواياهم وتحدث فوضى هي فقط من تراها عاصفة ترتيب أو تنظيف.
رمشت بجفنيها الناعسين منذ أن أضحت النظرة تحتهما جامدة تومض ببقايا نضارة كانت يوما ما مضى قبل أن تفقد شغفها وتتعلم الدرس بأقسى الطرق، لتتحول نظراتها داخل القرصين بلون البن المحروق إلى جمود يكاد يرعب قلب من تحط بهما عليه.....سوى في حضرته!
تتتبع ذلك الكيس البلاستيكي المتقاذف به في الهواء وسنفونية عصف الرياح تتخلل مسامعها مستمتعة به على عكس أغلب غيرها من بني موطنها، فتطفئ المذياع ونيس وحدتها الاختيارية، لتقف أمام النافذة الأمامية لمحل الأزهار خاصتها، تراقب نفس المشهد المتكرر على الأقل مرتين في الشهر، حين تثور الرياح مستنكرة على سكان الأرض معاصيهم، تود لو تنسفهم نفسا جزاء لجرأتهم واستهانتهم بجلالة قدر خالقهم، لولا رحمته عز وجل من خلقها وخلقهم لسويت بهم الأرض في رجفة عين.
أسدلت أهدابها في لحظة خشوع متيحه لأذنيها مزيدا من التركيز، حبها لصوت الرياح ليس اختياريا بل هو حنين قلبٍ وبقايا ذكرى عصفت هي الأخرى بها رياح الأقدار فتلاشت أحداثه كما تضمحل الألوان على لوحتها وتبهت كلما توالت الأيام لتنقضي.
رفعت كوب القهوة بين كفيها تقربه من فتحتي أنفها فتشعر بدفء وقشعريرة يتسلل عبر أوردتها، رفيق وحدة آخر وأنيسٌ طُبع في الخيال وذكرى أخرى تبقت كلونٍ أبى إلاّ أن يتشبث ويعلق بصفحة لوحةٍ عتيقة.
انفتح باب المحل فتخللت رنات الأجراس المعلقة أعلاها سكون سهوها المحلق مع صفير الرياح، التفتت وكوب القهوة رهين قبضتيها بينما طرف تنورة فستانها يسابق أطراف صاحبته، لتجد أمامها امرأة تغلق الباب خلفها بسرعة الفار من الأهوال، **كارهة أخرى للرياح** ومضةٌ عبرت خيال بالها وهي تقف جامدة مكانها في انتظار المرأة التي نظرت نحوها فتجسدت بسمة محرجة غير فاقدة للثقة على شفتيها الشاحبتين بفعل برودة الجو على ما يبدو.
كانت الغريبة طويلة القامة، غريبة الملبس، غرابة لا تكمن في سروالها الفضفاض البني ولا في قميصها الأسودء المخفي تحت معطفها بنفس لون السروال، أو حتى ذلك الحذاء الرياضي الأبيض المخالف لكل ألوان ملبسها، لكنها الطرحة فوق رأسها ليست بنفس النمط الذي ألفته بل ذاك الذي يخص سكان الصحراء في الجنوب، قطعة ثوب طويلة بلونين متجانسين باهتين تلف رأسها بطريقة دائرية كعمامة لينسدل طرفيه على جانبي عنقها فتلفهما حوله.
وإن كانت المرأة الغريبة تنتظر رد فعل منها، فهي ستنتظر كثيرا، (السلام عليكم ورحمة الله...)
بادرت الغريبة بنفس البسمة المحرجة بينما هي جامدة مكانها كتمثال منحوت بتعبير هادئ لا ينم سوى عن... لا شيء، فقط رموشها تتحرك بتمهل، كما منحها مؤشر للحياة منحها هيئة مهيبة ومخيفة بعض الشيء كونها لا تبدي أي نية للتحرك فقط نظرات تسلطها على من أمامها بتمهل ناعس مريب: (أنا الدكتورة وداد الوعد ..... أنا...)
نطقت الغريبة مرة أخرى وهي تقترب منها بينما إحدى يديها تمسد بها على حزام حقيبة ظهرها الرمادية والثانية تمدها نحوها لتصافحها بها.
نظرت إلى كفها الممدودة لثواني مرت على الأخرى كدقائق محرجة قبل أن تقرر أخيرا ترك الفنجان رهن قبضتها اليسرى لتصافحها باليمنى بينما ترد عليها بنبرة هادئة متمهلة تناسب تماما هيئتها المهيبة: (أعرف من تكونين... لكن ....)
علقت حروفها وهي تسحب يدها بروية تعيدها إلى مكانها حيث تطوق كأس القهوة بإحكام، عيناها تابثتان على خاصة المرأة بتفحص مريب لا تنكره الأخيرة كما لا تنكر قشعريرة سرت عبر أوردتها وهي تسمع بقية حديثها الهادئ ببرود مغيظ: (ما لا أفهمه ... ماذا تفعلين هنا؟... في متجري المتواضع؟)
رغما عنها فرت وداد بعينيها تتلفت حولها، مدعية تفحص المكان بينما ترد عليها بلباقة تعلمتها حتى أتقنتها ببراعة طوال سنوات حياتها التي تعدت الأربعين بسنتين وفي مجال عملها الذي لا يرحم: (سر نجاحه وجماله في تواضعه ... لا أستطع إنكار حميميته رغم صغره ...)
تجاوزت وداد مفاجأتها بتلك البسمة الخفيفة على جانب ثغر من تقف أمامها بكل ذلك الثبات، مجددا كأنها تمثال شامخ لا يتزعزع، لتنتفخ أوداجها زهوا وتزيد ثقة بنفسها والأمل ينتشر عبر أحشائها في قضاء ما جاءت إليه.
(هناك من قال ذلك قبلك ....)
نطقت صاحبة المتجر بنبرة حتى أقل تمهلا وهي تطرق برأسها لتنظر إلى القهوة بين قبضتيها، فلم تلمح تهدل كتفا وداد بإحباط، فهي لم تكن سر البسمة التي منحت التمثال مؤشر حياة أخرجها من جمود الصقيع، بل ذكرى خاصة لها مكانة هامة على ما يبدو حتى انتشلتها في تلك اللحظة نحو سحرها فتركت لها تمثال شمع ساهم.
(عفوا ... أنت تعرفين من أكون!!)
لم تجد بّدا من أن تعيدها إلى الحاضر، فلا جدوى من براعتها في عملها إن لم تحافظ على اهتمام مخاطبتها التي رفعت مقلتيها ببرودتهما وجمودهما إليها فتعود بها إلى إحساس الهيبة وبعض من الخوف لم تشعر به من قبل، حتى وهي تواجه تهديدات بإنهاء حياتها كلما تجرأت على دق أبواب الفساد: (نعم أعرفك.... بدأت كصحفية من الدرجة الثانية تترصدين أخبار وفضائح الفنانين و المشهورين ثم بدا لك ذاك الطريق غير مناسب لطموحك فانتقلت إلى برامج أكثر جدية ... أهمهم البرنامج الواقعي قضايا مستورة... وهو سبب شهرتك الحقيقي...)
كانت تتحدث بنبرتها المتمهلة وعيناها الناعستان مثبتتان على خاصة وداد بشكل راكد ومتفحص بطريقة مريبة جعلتها هي' وداد الملقبة بعيني الصقر جراء براعتها في ترصد الأخبار والاتيان بها من بين الدهاليز المخفية، تبتسم بسمة مرتعشة مع كلمات رسمية مختارة: (لابد من أنك كنت مهتمة بي ... لذا تعرفين عن مسيرتي المهنية الكثير...)
ما تزال عينيها عليها وشفتاها مزمومتين بخفة بينما الكأس جامد بين كفيها في مكانه، لكنها لن تكون وداد الصحفية المحنكة إن لم تخرج من تلك المعركة فائزة مثل السابق من معارك حربها الدائمة مع التحديات والعقبات في حياتها.
لو فقط ترمش بجفنيها أكثر من ذلك!! نطق لسان حال وداد وهي تشعر بصدرها يطالبها بأنفاسه، فضغطت عليه أكثر مصرة على الفوز وعدم إزاحة عينيها عن ذلك التحدي المظلم من مقلتيها الأكثر ظلمة، وبكل بساطة محبِطة أسدلت صاحبة المتجر جفنيها إلى قهوتها بينما تسألها بنبرة مشابهة لكيانها الغريب والمهيب بريبته: (هل تعلمين لماذا تسمى قهوة حتى لو كانت بضع نقاط مضافة لكأس مليء باللبن المغلي؟)
أصابها الإجفال بالبلادة اللحظية لكنها سرعان ما استجمعت أفكارها وردت بدهاء أو هذا ما ظنته: (لأنها قوية المذاق والرائحة... فقط قطرات منها تؤثر على بياض وخفة اللبن، فتطغى عليا وتستحق أخذهما تحت كنف اسمها...)
كانت قد عادت إليها بعينيها الرّاكدتا النظرة ووداد تفسر بكل فخر وثقة حتى انتهت، فساد الصمت لدقيقة كاملة لا يُسمع فيها سوى صفير الرياح قبل أن تقرر التحدث بنبرتها الهادئة الباردة: (مممم.... غريب! ..مع أنها ليست مذكرا ... ففي اللغة إذا وجد ذكر واحد مع جيش من النساء تصرفت أفعالهم بصيغة الجمع المذكر... حتى لو كان هذا الذكر صغيرا واللبن هنا مذكر... غريب حقا!... لا بأس! ... هناك ما هو أغرب في هذه الحياة..... على الأقل القهوة مذاقها لذيذ مع اللبن ... حتى إن طغى على اللبن الأبيض وسلب منه هويته وحتى اسمه لمجرد بضع قطرات منَّ بها عليه...)
لن تعلم أبدا ما يدور في خلد تلك المرأة حتى وهي تميل برأسها بينما مقلتيها الغامقتين وسط بياض راكد كأنه الموت بعينه، ترمقانها بنفس الترصد وهي تستطرد: (لم تخبريني بعد .... لماذا أنت هنا؟)
هزت وداد رأسها بخفة تطرد عنها تلك الحالة التي تلبستها ولم تكن تعلم أن ما سيواجهها مختلف عن النبذ أو الرفض الذي جهزت له نفسها جيدا وهي تحضر لمشروعها الجديد بكل تركيز وبكل ما تعلمته وتشربته مع مرارة تحديات عملها، لتقول لها بحذر: (سأخبرك باختصار... أنا أجهز لتأليف كتاب يجمع قصصا لمجموعة من النساء نال منهن السجن سواء كن مظلومات أو ظالمات لا يهمني .... بل ما يهمني هي قصصهن من وجهة نظرهن كي يتعلم القارئ منهن...)
ضمت وداد شفتها السفلى تنتظر من قطعة الحجر أمامها التحرك أو حتى تعبيرا يشق برودة ملامحها، لكنها انتظرت كثيرا حتى شعرت بالإحراج يتسلل إلى خلاياها مجددا، لتستأنف الحديث بثقة بدأت بالتراجع لأول مرة، فهذا الركود يصعب عليها التعامل معه عكس الرفض أو حتى العنف، لديها من الطرق الكثير لتواجهه به، لكن!: (أتمنى أن تساعديني فقضيتي ذات هدف نبيل ...)
(ولماذا تظنين أن قصص بضع مسجونات ستساعد أحدا ما؟)
سألت ببساطتها المحبطة ووداد تجاهد لتواكب سباقها المتقلب الحارق ولا يبدو على هدفها أي أثر للمراوغة أو التعب: (كل مشكلة في هذه الحياة هي تجربة فيها موعظة للغير...)
ما تزال على جمودها ونظراتها الناعسة الراكدة الموجهة لملامح وداد التي استدركت واليأس قد شق طريقه إلى حماسها: (لن أزعجك... أي سؤال ترفضينه سأتجاوزه...)
حتى وهي تبلل شفتيها تفعلها بتمهل وكأن كل الوقت ملك لها تتعمد استغلاله، كانت تلك أفكار وداد حين قرر التمثال النطق أخيرا كما تحركت لتضع الكأس على قطعة خشبية دائرية فوق الحاجز الرخامي حيث تصطف مزهريات تحوي أنواعَ ورود مختلفة الأنواع والألوان: (حسنا .... لقد اقتنعت ...قد تجدين في قصتي فعلا بعض الموعظة...)
ترددت وداد قبل أن تخبرها بتصميم دون أن تتجرأ على الخطو نحوها خطوة واحدة: (سعيدة جدا بموافقتك ... لكنني أحب أن أكون واضحة منذ البداية.)
استرسلت وداد بينما صاحبة المكان تنشغل عنها بترتيب بعض الورود في مزهريات إضافية: (أتمنى الحصول على قصتك منذ البداية.. حتى...)
تلكأت قليلا ثم أكملت بحذر: (حتى يومنا هذا....بل حتى هذه اللحظة...)
لمحت تجمد جسدها وتوقفها عما كانت تقوم به، فأدخلت نفسا كبيرا قبل ان تكمل بنبرة فيها رجاء: (أظن أن قصتك لم تنتهي بعد .... أليس كذلك؟)
ظلت على جمودها ولم تستدر حتى نفد صبر وداد، فتقدمت نحوها إلى أن تسمرت في نصف المساحة نحو التي قالت لها بجمود وبنبرة تغير الركود فيها إلى برودة: (ابقي على وضوحك يا دكتورة وتحدثي بصراحة....)
عضت وداد شفتها السفلى بتفكير ثم اعتدلت ترفع رأسها لتجيبها بتصميم: (أريد قصة حياتك قبل دخولك للسجن وحين قضاء عقوبتك وبعد خروجك من السجن .... أريد كل ما جمعك ب.....!)
تلكأت مجددا ثم خطت نحوها تستدرك وهي تتمنى رؤية وجهها عند ذكرها للاسم: (خاتمة العلامي ..... حرم عبد السلام الأجاويد ووالدة أثير الأجاويد .... زوجك يا سيدة ضحى الشعباوي...)

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 23-10-22 الساعة 01:34 AM
**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس