عرض مشاركة واحدة
قديم 24-06-20, 09:03 PM   #211

أغاني الشتاء..

كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 472215
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 578
?  نُقآطِيْ » أغاني الشتاء.. has a reputation beyond reputeأغاني الشتاء.. has a reputation beyond reputeأغاني الشتاء.. has a reputation beyond reputeأغاني الشتاء.. has a reputation beyond reputeأغاني الشتاء.. has a reputation beyond reputeأغاني الشتاء.. has a reputation beyond reputeأغاني الشتاء.. has a reputation beyond reputeأغاني الشتاء.. has a reputation beyond reputeأغاني الشتاء.. has a reputation beyond reputeأغاني الشتاء.. has a reputation beyond reputeأغاني الشتاء.. has a reputation beyond repute
Icon26 [♥الـفـصـــل الأول..[لا أمـــان فـي نـبـــض الـقـلـب..



♥▄الـنـبـ«24»ــضــة▄♥


:
:
:


في الغـــد ...~


استيقظت من نومها متأخرة .. كما أمرتها زوجة والدها .. أرادتها أن تبدو مشرقة .. مرتاحة...فرِحة...
لكن تلك الملامح التي قابلتها بالمرآة ...لم تكن كما تمنت لها...
كانت مرهقة .. شاحبة .. مسلوبة الفرح ...!!

نامت طويلاً نعم .. لكن نومها لم يخلو من تلك الكوابيس التي كانت تفزعها .. لتصحو كل ساعة ..
تستغفر و توكل أمرها لله .. و تعود لتغفو مرة أخرى ..
لذا ها هي تصحو متعبة..متوجسة...لا تملك طاقة تواجه بها يومها الحافل..!!

أول شيء فكرت فيه ما إن صحت .. والدتها ..لتتسآئل هل ستأتي..؟؟
هل سيسمح لها زوجها أن تحضر لبيت والدها ؟؟ بالأخص بعد كل الذي مروا فيه خلال هذا الأسبوع..!!
و إن لم تحضر ..!
فرحتها التي بالكاد تتماسك .. من أين تأتي بالقوة لتكملها ..؟؟

لتُهدأ نفسها القلقة...و تبث فيها إطمئناناً واهياً...(لاااا لو كلمتني و اعتذرت ماراح اترجاها..ماراح اضايقها أكثر..أدري إنها تتمنى تجي بس لو عمي رفض ماراح اضغط عليها)
ستتظاهر أنها تملك القوة .. لتمضي بهذا اليوم دون وجودها بجانبها ..

و ليت همومها تقف عند هذا فقط ..
هناك ما يزيد .. و يرعبها...مهما حاولت أن تتناسى التفكير به ..
مالك..!! وسكونٌ مخيف يتلبسه .. على ماذا ينوي..؟؟!
ليتها تصدق وهمها .. أن زواجها بغيره جعله يستسلم و يمضي بعيداً بحياته ..
لكنها تعلم أنها مجرد أماني كاذبة لن تصدق ..

لا .. لاااا .. ترفض التفكير فيه مجدداً .. ترفض أن يرعبها لهذا الحد ..
لو تمادت بتفكيرها...و توجسها...سيسلب منها طاقتها...و فرحها...و حتى أمانها..!

زفرت ضيقها و أبعدته عن تفكيرها..
و هي تلتفت لترى ذاك الفستان الليلكي الذي ينام براحة على أريكتها ..
لتبتسم بأمل شحيح لتلك الحياة الهادئة التي تتمناها معه.. و تنتظرها ..

طرقات خفيفة على الباب .. جعلتها تفيق من خيالاتها .. لتبتسم هذه المرة بحق .. و هي ترى وجه صبح الحبيبة .. يطل عليها من الباب ..

صبح / صباح الخير لأحلى عروس
سلام بإبتسامة اذهبت ضيقها / صباح الخير يا وجه الخير

صبح تفسح المجال لتدخلا فجر ..و ضحى ..التي كانت تحمل صينية الفطور الأنيقة .. التي امتلأت بالورد...و توسطتها هدية مغلفة بأناقة...

ضحى / وفطور سبيشل لعروستنا الغالية

دمعت عيناها بمحبة .. و هي تستقبل فجر التي ركضت إليها لتحتضنها أولهم .. بعدها ضحى .. ثم صبح ..

ضحى تبكي معها / لاااا .. حنا نبيك ترتاحين و تسترخين..مو تصيحين
سلام تمسح دموعها / الله يخليكم لي

و امضت صباحها معهم...بطمأنينة...و فرح...ترجو أن يدوم...
يغرقون بأحاديثهم...ضحكاتهم...تخيلات هم لهذه الليلة...و تخطيطاتهم...



♥▓♥▒♥▓♥



كانت تجلس على طرف السرير...متعبة...ضائقة...شارد? ?...
منذ الصباح لم تغادر غرفتها .. رغم نهوضها بوقت مبكر ..و ما زالت تفكر...و تفكر...لتصل دائماً إلى طريق مسدود...

هل حقاً ستقوى على أن تتصل بها و تعتذر عن الحضور...من أجله ..؟
هل تتخلى عن هذا اليوم الذي طالما حلمت به و تمنته لها ..؟
هل تحرم نفسها من رؤيتها بتلك الفرحة .. و الخجل..و هي ترتبط بمن اختارته ..؟
هل تواصل ظلمها و تقصيرها بحقها ..؟

عادت لها مجدداً ذكرى تلك الأيام الموجعة..
منذ الأمس...و طفولة تلك الصغيرة لا تغيب عن بالها .. لا تدري لما ..؟؟
هل هو ذات التقصير الذي اهملتها به لسنوات.. وتنوي اليوم إكمـاله؟؟




مضت السنة الأولى بعد عودتها لسعود...صعبة...بوجود سلام معها...
كانت تريد أن تبعدها عن وجهه .. لأنه كلما رآها يغضب .. ويلومها على زواجها من غيره...
أيضاً يغار من زيارات والدها المتكررة حين يأتي كي يأخذها لبضعة أيام عنده...
خشيت أن يستبد به غضبه و غيرته..فيقسم عليها أن ترجعها إلى والدها...
فـرضيت أن تحرم منها و هي بين يديها .. على أن ترحل بعيداً مع والدها فلا تعلم بأي طريقة ترجعها..؟
كان مايزيده غضباً أيضاً... جواهر التي كلما رأتها تدخل في نوبة بكاء هستيري..!
...لذا حُرمت من طفلتها و حرمتها من حنانها .. إكراماً لهما..!

لتترك طفلتها الوحيدة .. فرحتها الصغيرة ..
بين يدي ذاك الطفل الذي أتى من خالته غاضباً ..و الذي بالكاد تجاوز الثانية عشر..!!
لكنها لم تجد في المنزل سواه .. يكن عوناً لها...
لتتركها أغلب ساعات يومها...و نومها...معـه..!!
فـتعتاد صغيرتها عليه أكثر منها...و يعتاد هو أن يكون أكثر حباً و حرصاً و خوفاً عليها...منها...

سلبها برغبتها...أمومة أول طفلة لها...
لتعيش هي على ما تبقى لها من ساعات...تخطفها من يومها...بعيداً عن زوجها...عن جواهر...
لتبقى معها...
فتجدها حتى بتلك اللحظات القصيرة...تتعلق بمالك...و لا تريد أن تنفك عنه....!!


ذات مـســاء ..~


عادت إلى المنزل...تسند جواهر بيدها...بعد أن أمضيتا ثلاث ساعات في المستشفى...حين سقطت جواهر فجأة...و هما تحضران الغداء...
لتفزع و تتصل بسعود...و تخرج سريعاً معهما...رغم أنها ليست المرة الأولى...فمنذ أشهر و هي بهذا الحال...لا يكاد يمر أسبوع إلا و تسقط من شدة تعبها...بلا سبب...
فتمضي معها أغلب ساعات يومها...ترافقها في المستشفى...

بعد أن تركتها نائمة في فراشها...خرجت لترتاح...فمنذ وقوعها بين يديها و هي حتى لم تشرب كوب ماء واحد...
لكنها شهقت بذعر...و هي للتو تتذكر صغيرتها التي تركتها مع مالك...مضت ساعات و تلك الطفلة لم تتناول طعامها..!!
لتركض إلى غرفتها بخطوات فزعة...تفتح الباب...و تصدم حين لا تراها...و لا ترى مالك..!!

أصبحت كالمجنونة تبحث عنهما في أرجاء البيت...تسأل أطفالها الصغار لتجدهم يلهون فيما يتابعونه على التلفاز...غير مهتمين بما يجري من حولهم...
قلقة...مذعورة...و لا تعرف بمن ستستنجد..؟؟
هل تخبر سعود..؟؟
هل سيهتم لتلك الصغيرة التي لا يطيقها..إكرماً لخوفها؟؟
أو سيغضب حين يعرف أنها تتركها مسئولية ثقيلة على أكتاف ابنه الصغير..!!

كانت تقف بحيرة...و عجز...حين سمعت باب المدخل يغلق...لتذهب إليه راكضة...
لا يهمها من القادم...فأي شخص ستراه...ستفضي له بخوف تعجز عن إحتماله...

لكنها زفرت براحه...و الدمع ينساب على خدها...و هي ترى مالك يدخل...و سلام معلقة على كتفه...كحالها طوال اليوم...
و يحمل...لا يكاد يجر بيده...حقيبة أغراضها...لتهب إليه...تلتقطها من بين يديه...تحتضنها ...رغم بكائها...

العنود تعاتبه / ويييين كنت يا مالك مت من الخوف عليكم ؟
مالك و يداه تداعب شعر سلام التي بحضنها لتهدأ / تاخرتي و هي تصيح جوعانة..رحت لجارتنا خليتها تسوي لها سيرلاك أنا ما أعرف...لازم تعلميني






ذات صبـــاح...

كانت توقظ أولادها للمدرسة...حين دخلت لغرفة مالك فلم تجده...و لا تستغرب ذلك...
فأغلب لياليه...إن لم يكن معظمها...تجده في غرفة تلك الصغيرة...
رمتها عليه في البداية كمسئولية ثقيلة...كانت ترجوه ليهتم بها...في حين تأتي موافقته على مضض...
ذاك الطفل الذي أتى لها...مشبعاً بكره خالته لها...لكن رغم كرهه...لم يرفض الإهتمام بتلك الصغيرة...
كثيراً ما أفزعتها الهواجس أنه قد يفعل بصغيرتها شيء لينتقم لخالته...لذا كانت تراقبه طويلاً...

لتجد حب تلك الصغيرة التي بدأت تتعلق به...و لا تبتسم إلا حين ترى وجهه...تضحك لأي حركة يناغيها بها...
بدأ يمحو أي كره في قلبه...إتجاههما...ليهتم فيها أكثر...يحبها أكثر...و يقضي من نفسه أغلب أوقاته معها...

نسي أن يعيش طفولته...اتسعت الفجوة العمرية بينه و بين إخوته...و أصدقائه...وهو يبتعد عنهم ليجالسها كل الوقت...
و إن ذهب معهم كان يحملها على أكتافه أينما ذهب...و هم يلعبون الكرة...يتسابقون...و يتعاركون...

دخلت إلى الغرفة لتجده حملها من سريرها...لينام على الأرض...و هي بجانبه...

العنود تهزه...و بهمس / مالك قوم روح المدرسة
مالك يستفيق سريعاً و كأنه لم ينم أبداً...فمجاورته لهذ الصغيرة لسنتين جعلته يتعلم كيف ينام نصف واعي / لاا مابي اداوم اليوم
العنود / ليه وش فيك تعبان؟
مالك يلتفت لتلك الطفلة النائمة بهدؤ بجانبه / لا بس سلام تعبانه
العنود تطمأنه / لا تخاف أنا عندها
مالك لا يقتنع / لا...أخاف أبوي يشوفها معك و يعصب.. ويصرخ عليك وهي تخاف من الصوت العالي..ان صرخ عليها بتصيح ومب ساكته..و إذا صاحت تنكتم ما تقدر تتنفس..ماراح أداوم قولي لأبوي إني احس بتعب و أخاف اروح واتعب زياده


أربع سنوات!!...كانت تمارس أمومتها بالخفاء...
أربع سنوات!!...لم يتقبل سعود وجود تلك الصغيرة معها...
كان يغار من حبها القوي لتلك الصغيرة..يغار لأنها فتاتها الأولى...ويغار لأنها من آخر و ليست منه...
لم تهدأ غيرته إلا حين انجبت سمو.. ليتعلم كيف يحب تلك الفتاة الصغيرة...و يعتاد على محبة أختها أيضاً...

لكنها كانت قد فقدت سيطرتها على سلام...فقدت حق أمومتها...فقدت محبتها..!!
و هي تراها تلتصق أغلب يومها...بمالك...
تردد خلفه كلماته...و تقلد جميع حركاته...
فتمضي بها السنوات...لتكون ابنته أكثر...و يتركها تكتفي بسمو فقط...
حتى كبرتا...و الإثنتان أصبحتا مهووستين به...فسمو تقلد سلام في كل ما تفعله...و سلام لا ترى في عالمها الصغير سوى مالك..!

تفعل ما يخبرها أن تفعله...و تبتعد عما لايرغب أن تفعله...
تخبره قبلها بكل صغيرة...و كبيرة...تحدث معها في المدرسة..و في بيت والدها...
تنهاها عن فعل فلا تنتهي عنه حتى يخبرها هو بذلك...
تشتري لها كل ما تقع عليه عينها من ملابس...فلا تلبس منها إلا ما يعجب مالك..!

هو من جعلها تلك المدللـة...الجامحة...التي لا يرد لها طلب...و لا جنون...
...لا ترد عما ترغب...و لا أحد يعترض طريقها...
جعلها أنانية به...لا ترى ممن حولها سوى نفسها...وهو...
كانت طفلته العنيدة....المتمردة...على الكل...لكنها الأهدأ بين يديه...

لم يكن رابط أخوة الذي بينهما...
كان أكبر من ذلك...كان أعمق...كان شيئاً يستعصي عن التفسير...!!
كانت طفلته التي كبر بعمره سريعاً من أجل أن يستحق أبوّتها..!!

لذا حين كبرت و أبعدوها عنه...
رأتها تذبل كورقة سقطت من شجرتها الأم...رأتها تضيع كالغريبة بين أهلها بعد أن اطلقتها يداه...
لتتبدل بعد ذلك فتصبح أكثر عناداً...و عصبية...تتكلم بحدة...و تتصرف بشراسة...و لا أحد يمكنه السيطرة عليها...
أصبحت بعيدة عن الكل...دوماً شاردة...مجهولة الأفكار...
لتظنها بمرور السنوات...نسته...حين بدأت لا تتحدث عنه أبداً...
لكنها بعد زواجه...و ابتعاده...مرضت مطولاً بلا سبب...
كثيراً ما كانت تسألها...لكنها كانت كصندوق مقفل...لا تفصح عما بداخلها بشيء...

لتتأرجح هي بشك كبير و هاجس يقلقها...أن ذاك التعب سببه إفتقادها لتلك الأم التي رعتها لسنوات...
لذاك الحضن الذي لم ترتضي غيره...

كانت تموت رعباً أن تفقدها...لكنها و الحمد لله...انتهت من تلك الأزمة على خير...
كبرت...تغيرت...و أخيراً هدت أطباعها المستنفرة...
أصبحت ترى روحها الصافية تظهر الطمأنية على وجهها...
باتت لا تقلقها...تأمنها حتى و هي بعيدة عنها...





أفاقت من شواردها وخرجت من صدرها آهة...مليئة بالحسرة...و اللوم...
على عمرٍ طويل انقضى...خسرت فيه الكثير معها...!!

التفت إلى الحمام...بعدما سمعت صوت إنقطاع الماء...سوف يخرج...كيف ستخبره؟؟
كيف تراه ضائقاً فتزيده ضيق..!!
كان قد عاد إلى البيت بعد غيابه لأسبوع...منذ نصف ساعة...
رأت في عيناه هماً كدر ناظريه...لم يقوى حتى على التحدث معها...وهو يطبع قبلة على رأسها...و يدخل ليستحم...

...و ها هو يخرج الآن...ليجلس قريباً منها...شارداً ينظر للبعيد...

العنود بقلق / وش أخبارك يا سعود
سعود يجيبها بسؤال / أنتم وش أخباركم؟
العنود / الحمدلله كلنا بخير..دامك بخير
سعود..و اسمها يخرج دامياً من صوته / و جواهر؟!
العنود تطمأنه / حتى جواهر بخير..و بس تسأل عنك..إذا تبيها تكون بخير خلك أنت بخير
سعود بتنهيدة عميقة / الله كريم..الله كريم

وقف ينوي الخروج...لم يتحدث عن رسالتها له...
لذا قبل أن تتراجع...أغمضت عيناها بقوة...تزفر نفساً ثقيلاً...

لتتمتم وجعاً / سعود..أنا بأروح لملكتها..تكفى لا تزعل..و لا تقول لي لا تروحين
سعود لم يلتفت إليها..لكنه أجابها بتسامح / روحي يا أم ساري..الله يوفقها و يتمم فرحتك فيها على خير...أنا بأروح اشوف جواهر

و تركها...ليخرج من الغرفة مرةً أخرى...يحمل ضيقته بملامح وجهه المظلمة...
ظلت تراقب الباب الذي خرج منه...سعيدة بموافقته...لكن قلبها يتآكل من قلقها عليه...
لم تكتفي بالراحة التي نشرتها موافقته بروحها...لتتناساه هو...و تلك الأخت التي قاسمتها أيامها...و أبنائها لسنوات...
هي و هو وجواهر...دوماً كانوا شخصاً واحداً...همهم واحد...و فرحتهم واحدة...

لذا لحقت به...بعد أن تطمئنت روحها على سلام...و إكتمال فرحتها هذا اليوم...
عليها أن تتطمن على جواهر...لتتشاركا الفرح...و الأماني...لابنتيهما...معاً كما كانتا دوماً...

دخلت عليهما بعد أن طرقت الباب...عدة طرقات...تعلم أنهما لا يسمعانها...

لتدخل الغرفة...تجدها مثقلة...بأنات الندم...و زفرات الفقد...
كان يحتضنها هرباً من رؤية دمعها...و هي تبكي بنحيب بين ذراعيه...

جواهر بصوت مبحوح / أنا مسامحتك يا سعود و لا عمري فكرت ألومك..أنا اللي قلت لك ما أبيها! أنا اللي قلت لك تبعدها لأني ماكنت أبي شي يربطني فيه! مابي شي يذكرني فيه! لكن كل ما مرت سنه كان قلبي يشفق عليها..صرت ما أنام و أنا اتخيل ملامحها..صرت اسمع صوت صياحها..بس كنت ميته خوف إني ارجع اشوفه هو من جديد !!...استودعتها الله و حاولت أنساها بعيالك بس مانسيت..ما نسيت
سعود بصوت مثقل بالعتب / ليه ما قلتي يا جواهر..ليه ماقلتي..و أنا اجيبها لك..أجيبها لك لو إنها قطعه من روحه
جواهر و ندم تلك السنوات له صدى مؤلم بصوتها / مع مر السنين عرفت إن مالي حق فيها..بنت رميتها بلفتها البيضاء..بأي قلب اشوفها..؟خفت تكرهني إذا رجعت لها..خفت إن لها أم و أكسر فرحتها فيها ..بس ماعاد أقدر اصبر أكثر..أخاف أموت ما شفتها..و لا رجيتها تسامحني

وجهه بدى لها قاتماً...و كأنه يختنق...عيناه تلتهب بالقهر...و الحسرة عليها...
خافت عليه..تعلم أنه لن يحتمل المزيد...لذا تقدمت منهما...لتطمأنه بنظراتها...أنها ستبقى معها...
و تتلقاها من بين يديه...و هي تهدأها...

أم ساري / لا تفكرون باللي راح..و لا تلومون نفسكم..ربي كاتب لنا هالشي يصير علينا..و ربي يعوض لك السنين اللي راحت بخير..و تقر عيونك بشوفتها إن شاءالله..عسى ربي يهديها لك و يرتاح قلبك

يسمعهما...تنسجان له الأعذار خيوطاً واهية لا تصدق...
تلك الحماية التي كان يحيطهما بها أصبحت زوراً...وهو يراها اليوم أغلالاً كانت تقيد حنانهما حتى جف و نضب...
فعجز أن يبقى...تركهما...يجر خلفه ذنوب فتاتان صغيرتان...و جروح بقلبهما على مر السنوات لم تلتأم...
متعب...يحمل خيبات كل تلك السنين وزراً على ظهره المتشضي...
انهزمت الروح داخله...و أنفاسه الضائقة تلهث بألم و ندم في درب لا نهاية له...
لا رغبة له في الحديث...أو الحياة...يريد أن يبتعد و لا يرى أحداً وجهه...أن لا يقرأوا ذاك الجرم الذي يملؤه...و يدينه...

سحقاً له...كم يستحق هذا الوجــع الذي لن ينتهي...!!



♥▓♥▒♥▓♥



فــي الــمــســــــاء ..~



تكللت الليلة بالفرح...و السعادة...التباريك تعج في المكان...و الأجواء تمتليء بعبق البخور...
الكل سعيد بسعادتها...و إن كان هناك هموم تملأهم...فالجميع ركنها بعيداً عن بهجة هذا اليوم...

انهت إرتداء فستانها...و وضع مكياجها...وسط أحاديثهم و ضحكاتهم...
لتقف أمامهم بكامل أناقتها...بكامل فرحتها...تزهو اليوم بينهم...تزداد سعادتها بسعادتهم...
ترافقها دعواتهم...و تعويذاتهم...




وصلتا مساءً إلى منزلها...في حين سبقتهما كادي و سمو منذ العصر...
لكنها تأخرت قليلاً لتقنع جواهر بالمجيء معها...فلن تكتمل فرحتها...و لن يطمئن قلبها...
و هي تتركها خلفها في المنزل وحيدة...
و لم تخرج من المنزل حى رافقتها...
حين دخلتا إلى الصالة رأتها تتقدم منهما بلهفة...و ترحيب...
ها هي تقابلها للمرة الأولى في حياتها..!! بينهما عمر امتد لأكثر من عشرون سنة...تحمل لها بقلبها عظيم إمتنان لإحتواءها سلام طوال تلك السنوات...
لكنها لم تقابلها ...أبداً...

أم صبح / حياكم الله يا أم ساري..نور البيت بوجودكم
أم ساري / الله يحييك و يبقيك..ماشاءالله تبارك الله..ربي يعطيك العافيه ما قصرتي
أم صبح / والله كله قليل بحق سلام..ربي يسعدها و يتمم لها على خير
أم ساري / آمين..و عقبال ما تفرحين بخواتها إن شاءالله
أم صبح / آمين...أم يوسف موجود تسلمين عليها؟ أو تشوفين سلام أول
أم ساري بلهفة / لا بأشوف سلام..قلبي ياكلني عليها من الصبح
أم صبح / والله إني موصيتها تقولكم تجون بدري عندها..الدور الثاني كله تحت أمركم تاخذون راحتكم و تكونون معها
أم ساري / ماتقصرين يا أم صبح..والله قالت لي بس كان عندنا ظروف ما قدرت أجي إلا اللحين
أم صبح / ربي ييسر أمركم..تعالوا أجل نروح لسلام

تبدل حالها بلحظة...حين رأتها حقاً أمامها...
أخبرتها سمو أنها قادمة...حتى هي اتصلت بها لتؤكد حضورها...لكن لم تصدق فرحتها...حتى رأتها الآن..!

تناثر الدمع فرحاً من عينيها...و اندثرت لمحات الحزن من وجهها...
لتسمو فرحتها...فوق أي خوف...و هي تلقي بنفسها بين ذراعيها...

قوية هي بهم...لا شيء سيرعبها و هي بحماهم ...بأمانهم...





بعـد سـاعـات...بلغـت لحظتها الأهـم...و لحظتـه الأغــلى...~


خفق قلبها...حين خرجوا أخواتها من عندها...لتبقى في ذاك المجلس وحدها...
لحظات فقط...حتى انفتح الباب...و تحس بهم يتقدمون إليها...
احتضنها والدها مطولاً...لتتعلق به تكاد تبكي و هي بين ذراعيه...ليضمها بشده وهو يبارك لها...صوته يملؤه الفخر...و الحب...
لتتركه أخيراً يستقبلها ساري ليحتضنها هو الآخر...و يبارك لها...
و من بعده اتسعت ابتسامتها...و دمعة تنسل من عينها لتمسحها بسرعة...و هي تحتضن باسل...الذي لم تتخيل أنه سيحضر...
هو لم يذهب لملكة ساري حين أعلن إعتراضه على تلك العروس...و حين اعترض على يوسف أيضاً كانت متأكدة أنه لن يحضر...

كل شيء اكتمل في هذه الليلة...فلما هذا الثقل الذي يقيد صدرها...لتختنق كل نبضاتها..؟

ابتسمت براحة أكبر...و هي ترى تميم الذي احتضنها بحب...ليجلسها بعد ذلك بجانب يوسف...
الذي لم تقوى حتى على النظر بوجهه..
و يجلس هو أيضاً بتملك بجانبها الآخر...بعد أن تعلقت يداها به...رافضةً تركه...

نبضات قلبها تكاد تخرج من صدرها...من فرط قلقها...و سعادتها...
شعوران متنافران...يتجاذبانها بذا ت القوة...
كانت تسمع صوت والدها و تبريكاته...و دعواته...لكن بقية الأصوات تختلط برأسها...فلا تعي الأصوات...و لا تعي جيداً ماذا يقولون...

تميم يهمس بأذنها / سلام وش تسوين؟ تحفرين لك حفرة بهالأرض بعيونك! والله عورتني رقبتك و أنا اشوفك...طيب شوفي خوذيلك لمحة..تأكدي من عريسك! ترى يوسف مادري وين راح مالقيناه؟ و جبنا واحد مكانه!

رغم سخافة مزحته...إلا أنها لامست وتراً مشدوداً بأعصابها التالفة...فصدقتها بغباء...
لتلتفت بذعر...تبحلق بوجه يوسف الذي كان يجلس قريباً جداً منها...
جذبه إلتفاتها القوي...ليلتفت إليها...و تقابل نظرتها المذعورة...نظرته الهائمة...التي كان يشوبها الإستغراب...
كان قريباً جداً...لذا احست بوجنتيها تشتعل حرارة من شدة إحراجها...و غبائها...

تميم يكتم ضحكة انفلتت منه لصدمته بتصديقها...و يهرب بنظراته من نظرة ساري المعاتبة و بحرج من والدها...ليهمس لها من جديد وهو يضحك...

تميم / اللحين كل البنات يصيرون مخفه يوم ملكتهم..و إلا بس أنتي اللي مبدّعه؟

لم تقوى أن تتحدث...و هي تعي قرب يوسف الشديد منها...لذا كتمت حتى أنفاسها و هي تصمت من جديد غير مدركة لما يقولون لها...
زفرت نفساً مرتجفاً و هي ترى والدها يقف...ليقف معه إخوانها...و يخرجون بعد أن باركوا لهما مرة أخرى...

لحظة ...و التقط يدها المخملية...المترفة بالزينة...ليقبلها...فينتشر عطرها في عروقه...و يزهر لها صدره...
منذ سنوات يراقبها من بعيد...لا يجرؤ على الإعترف...أو الإقتراب...
منذ الخفقة الأولى...يخبئها في أعماقه...يحلم بها بلطف...و سرية...
و اليوم ها هي نجمته الأغلى...تبرق بين يديه...أمام الكل...
ها هي أمانيه تتحقق...و عيناه لا تكاد تشبع من رؤية وجهها...
دقات قلبه تتهافت لسماع صوتها تحدثه...تخصه بكلامها...
يريد أن يصمت ليتأملها طويلاً...يتأمل لحظة تحقيقه حلماً مستحيلاً...
لكنه يريد أن يتحدث ليعي أن الحلم أصبح حقيقة...و يخشى إن تحدث معها أن لا يصمت أبداً..!!

ليتحدث بصوت قلبه / مبروك
لتجيبه بهمس ناعم / الله يبارك فيك

ليبتسم لا بل اطلق ضحكة فرح صرف ...
غير مصدق أنه حقاً يستمع لصوتها..ليعترف بأعذب الصدق / تدرين يا سلام أنتي حلم من سنين احلم به..و للحين مو مصدق إنه تحقق

ابتسمت بحب و اطمئنان...تدعو الله بسرها...أن يتم لهما هذا الحلم بخير...
أن لا تصدق تلك الهواجس التي تملأها...أن تكذب ولو مرة معرفتها العميقة به...

كاد أن يلقى حتفه من تلك الإبتسامة...التي أضاءت روحه...
لكنها سرعان ما تلاشت من وجهها...لتشرد بعيداً عنه...و عيناها تظلمان بحزن عميق...
تبدلت بغرابة من حال لحال بلحظة...و رحلت بفكرها بعيداً عنه...
لا يؤكد له وجودها جانبه إلا تلك الأصابع الرقيقة التي شدت بها على يده التي ما تزال تحتضن يدها...

تبددت فرحته ليقلق عليها...و يسأل وهو يضم يدها بكلتا يديه / سلام وش فيك؟
عادت إليه و كأنها تذكرت أنها ماتزال بجانبه..لتتلعثم بخجل / مـ..ما فيني شي
يوسف و عيناه لا تغادر وجهها / أكيد
ابتسمت لنبرة الإهتمام الدافئة بصوته..لتؤكد / ايـه

لم يصدقها...لأن ذاك الحزن أكبر من أن تنكره...لكنها بالتأكيد لن تتحدث عنه...معه...الآن...
لذا بدأ يهذر بسعادة لإبعاده عنها...لا يريدها أن تشرد...أن تبتعد عنه...لتضيق من جديد...






بـعـــد ســــاعــــة ...~


سمو وقفت على الباب تناديها / سلام العيال بيسلمون عليك قبل يروحون..هههه يقولون قبل شوي عيت تنطق..بنتأكد هي موافقه أو مغصوبة
رهف تضحك / اتخيل بس سلام مستحيه و ما تتكلم ! والله لاعبه على اخوانك و اخوي....هههه يوسف بينصدم من كثر قرقتك
سلام بمزاح / أشوف بدأ شغل الحماوات من اللحين! ترى يمدي أهون
رهف / هوني و عطيني واحد من اخوانك رضاوه

رمقتها شوق بعتب...و الجميع يضحك على تعليقها...لكنها لم تهتم...

سمو تجاري مزحتها / ههههه يلا اجل قومي معنا اتنقي رضاوتك..على عينك
رهف تغمز لها / يله بس اتضبط و ألحقكم

تركتهم هي و سلام...لتلتفت رهف لكادي...مكملة حديثها...

رهف / و أنتي كدووو ما عندك علومن زينه
كادي / هاه! كيف يعني
ضحى / هههه يعني ما عندك اخوان حلوين
كادي تضحك / يا قلبي أنتي يا بخته اللي بياخذك..بس ما عندي غير اخو واحد..و اخترنا له العروس ربي يكتبها من نصيبه

و ظلت الإبتسامة تسكن وجهها...و هي تتأمل صبح...تحلم بيومٍ كهذا يجمعها بسامي...
لتفكر بضيق...أنها كانت تنوي الحديث مع خالتها عنها...لتتحدث مع والدتها اليوم عن خطبته لها...
لكن الصدمة التي عرفتها منذ أسبوع...بددت كل أحلامها...
لتصبر نفسها...لم يتبدد الحلم بل تأجل قليلاً فقط...و بالتأكيد لن تتنازل عنها...زوجةً لأخيها...




كانت تجلس معهم...تغرق بالفرح...و الحب...و الخجل...و الهدايا التي قدموها لها...

سلام / الله يخليكم لي..و لا يحرمني منكم..والله شوفتكم اليوم كلكم حوالي..مابي غيرها

لتنزل من جديد تلك الدموع على خديها...كل فرحة لها اليوم تراها كبيرة جداً بعينها...
من شدة قلقها...و ترقبها للأسوأ...

تميم / كم مره صحتي اليوم سلالم؟
سمو / يووووه لا تعد...هذا غير صياح الصبح اللي قالت لي عنه صبح

اكملوا حديثهم...و فرحتهم...لكن قلبه هو توقف على تلك الكلمة (صبـح!)...
ليشرد بخياله و لا يعي باقي حديثهم...

ليفكر بإستغراب لما لا يمر عليه اسمها...كغيره من الأسماء..؟
يصيبه غباء غريب...حين يتعلق الأمر بها..!
دائماً كان سيد قراره...لا يفعل شيء إلا على رغبته...غير مهتم بكل من حوله مهما كان...
و اليوم يأتي هنا؟ لهذا البيت! يبارك لذاك العريس الرث!!
فقط من أجلها..؟!
فقط لأنه يخشى أن تعرف بعدم حضوره..!!
يالسخافته..!! لماذا يقلق..؟؟
من هي ليهتم ..؟؟
كيف مازالت تؤثر عليه للآن..وهو حتى لا يهتم لأمرها؟؟
ألا يكفيه أنها رفضته...ليلفضها من عقله...و تفكيره..!!



♥▓♥▒♥▓♥



بعيداً عن بهجة و فرح .. سكنت الجميع في هذه الليلة ..
نبضُ وحيد .. مضى به الوقت وهو يتأرجح بين يأس...و قهر..!!!

ما زال يجلس في غرفته .. التي اظلمها الليل .. وهو لم يغادر مكانه منذ ساعات ..
يخشى أن يتحرك خطوة واحدة .. فيقوده جنونه إليها .. ليدمر تلك المهزلة التي تحتفل بها...ليملكها سواه ..

هل حقاً تركت يداه..! لتمسك بيدين ذاك الغريب..؟؟

لن يعرفها كما يعرفها هو.. لو عاش عمراً على عمره ..!!
لن يفهمها كما يفهمها هو ..!!
هو..من تهجت أبجديتها الأولى منه .. من خطت خطواتها المتأرجحة فوق قدميه...
هو..من يدرك ما يجول في داخلها من نظرة عينيها .. من حركة يديها ..
من يعرف سكناتها...و تحركاتها...
هو من يحفظ ما تحبه .. و تكرهه...عن ظهر قلب ..

ليست ذكرى سنتان...أو عشر...حتى يستطيع إقتلاعها من فكره...و قلبه..
هي كل العمـر...و حين يخونه العمـر...على أي أيام رثة يعيش..؟؟


رحل بخياله لتلك السنوات...لأيام عشق ملأته به...
تصفحها كما يفعل بجميع خلواته...و كأنها السبب الأوحد لوجوده...
ليمضي به الوقت...و القهر...وهو يتذكر...و يتذكر...

و بالأخص تلك الذكرى...التي افقدته تماسكه...و ارهقت قلبه..!!
هناك حين بلغت به أقصى حدود صبره...حين صد شياطينها..التي تراقصت بإغراء أمامه...
حافظ جاهداً عليها...و ها هو اليوم يدفع ثمن محافظته عليها غالياً..!
لو كان استفاد من تلك الفرصة التي اهدته نفسها فيها...لما رحلت الآن...؟
معتزة بتلك النفس الجديدة التي تدعي أنها تملكها..؟!
وهو أحق بتلك النفس منها...!





على طول ذاك الطريق الصحراوي...الطويل...
كانت لاتغيب عن باله .. بين لحظة و أخرى يبتسم حين يفكر بها ..
حتى عطرها يخيل إليه أنه ما يزال يتنفسه...حتى بعد أن امضى ثلاث ساعات في طريقه ...
كم كانت غاضبة منه لسفره هذا .. في حين أنها أتت لتقضي أسبوع الإجازة كاملاً في منزل والدتها...بجانبه...


بعد سـاعة ..~


وصل إلى الشاليه الذي اتفق مع أصدقائه أن يجتمعوا فيه ..
أتى قبلهم بيوم...حتى يجهز ما يحتاجونه...
و كانوا على إتفاق أن يلحقوا به في الغد...حين يخرجون من عملهم...

لكن قبل أن ينزل من سيارته ...اغمض عينيه...ليريحهما قليلاً من تركيزهما طوال الطريق...لساعات..
وما إن فتحهما براحة...حتى انتفض وهو يرى وجهها المبتسم .. المتحدي .. يرتسم أمامه في المرآة ..

أي جنون حلّ بأفكاره لتجلبها إليه الآن...؟؟

ظلّ يتأملها لحظه و أخرى...و لا تختفي...
و لايختفي ذاك الوجه الذي مازال يرتسم أمامه ...لتبلغه تلك الأنفاس التي توترت و علت...
بعد أن ادركت غضبه .. أنها حقاً خلفه ..!!!

ليلتفت صرخته تسبقه / وش تسوييييين هنا ؟؟

رأى الرعب يمحي تلك الإبتسامة التي كانت تتحداه بها .. لكن عناداً رباه فيها كان أقوى ..

لترد عليه بصوتٍ واثق ../ ليييه تسافر و تتركني!

ليغمض عيناه بتعب...كم ترهقه هذه الصغيرة..؟؟
حتى أيام قليلة أراد أن يريح ذاك القلب الذي بدأ يلهث من مجاراتها...استكثرتها عليه..!
ماذا يفعل معها..؟
و جنونها يتزايد مع عشقها..حتى بات لا يردها وعيد منه...و لا تهديد..!!
كم تهلكه..!! فــلا يعود قاوياً حتى على الغضب أمامها...

يقسم لنفسه سيقتلها يوماً .. غضباً .. أو عشقاً ..؟؟

ليتمتم بعجز / ماتفكرين؟! ..أنتي ماتعرفين تفكرين باللي يصلح تسوينه و اللي ما يصلح...حرام عليك وش اسوي فيك اللحين؟ كم مرة أقولك.............

لتقاطعه حين رأت أنها كعادتها قوت على إخماد غضبه / محد بيعرف...أبوي على باله أنا عند أمي..و أمي قلت لها إني بارجع لبيت أبوي..و كلهم مايكلمون بعض كيف بيدرون؟؟ واااااااااو البحر يجنن

أملت شروطها الساذجة كعادتها...و تركته ببساطة...
لتفتح الباب و تنطلق راكضة على طول الشاطيء الرملي...ترمي بحذائها بعيداً و هي تركض بفرح...و تتجه نحو البحر ..

زفر بعجز...أن يسكنها العقل يوماً...أو أن يرتاح هو ولو ليوم من جنونها...
نزل من السيارة التي كاد أن يختنق فيها...
أغلق بابها...ليقف متكئاً عليه...و عيناه تتأملها من بعيد...

شعرها الغجري الطويل...المموج...تعبث به الرياح بجنون يشبه أطباعها...
و تلك العباية التي كانت تلتف بها...فتحتها و راحت تجاري الريح...لتكشف عن جسدها الرشيق...
ثقلت أنفاسه...و أصبحت أبطأ...
و عيناه العاشقة تلتقط بهيام تفاصيل جسدها الفتي في ذاك البنطال الضيق...
و بلوزتها القصيرة...التي احتضنت مفاتنها برقة...

عادت أفكاره تقوده...بجنون...لطريق...دائما? ? بصبرٍ مر يتحاشاه..!!

نعم...اقترب منها كثيراً...في خلواتهما اعطت كثيراً...و أخذ...
لكن دوماً كانت هناك حدوده...و مخاوفه...
لقاءاتهم السرية لم تكن ذات حرية كاملة...دوماً يحكمها قلقه...و حذره...

لكن هنا..!!

بهذا الجمال الذي تتباهى به أمامه...بكل مايشتعل بداخله لها..
ما إن يخطو خطوة واحدة لها...حتى لا يعرف أين يمكن أن ينتهي..؟؟

مشى إليها هائمــاً...خطواته تنساق خلف مشاعره المتلهفة...

لكن خطاه بدأت تتباطأ أكثر...كلما اقترب منها أكثر...
ليتشتت كثيراً بين فتاة يعشقها...و يجن ليملكها...
و بين خوفه على طفلة تربت بين يديه...من طريق لاتتخيل عواقبه...

هل يكسرها..!!
هل ينحر بيديه بياضها...و يجعلها تتجرع النقص عن مثيلاتها..!!

وصل إليها...ليختار أخيراً قراراً لا رجعة فيه...
وهو يعتصر يدها بقسوة .. بكل ماتلهبه لمستها بقلبه ..
ليسحبها بقوة...و هي بالكاد تجاريه بخطواتها .. القصيرة .. المتخبطة .. و تساؤلاتها التي لا يعي ما تقول فيها...
اتجه إلى الشاليه...و كادت تتعثر خلفه بدرجات المدخل .. لكنه كان يجرها غير عابئاً بشيء...
يخشى أن ينتظر...يلتفت...ينظر للحظة...ليلمح وجهها العذب قريباً منه ..فتقوده نفسه لما يتوق إليه...و يخشاه عليها...

رمى بها ... وسط صيحاتها الغاضبة...المستنكرة...في أقرب غرفة قابلته...
ليخرج...و يقفل الباب عليها...و يرمي بالمفتاح بعيداً عن يداه...و وساوسه...


بعــد ســاعـــات ..~


كان يجلس على عتبات المدخل يلهث بأنفاسه المتسارعة...
منهك...من تلك السباحة الطويلة التي اشغل بها أفكاره...و طاقته...
يصله بين لحظة و أخرى...من بعيد صوتها الذي لا ينقطع...تصمت للحظات...لتعود لندائه من جديد...

سلام / مااااالك افتح الباب...مالك والله آسفه مادريت انك بتزعل كذا..افتح الباب..

لكنه لن يستمع لها...يقنع نفسه أنها ليست موجودة حقاً معه هنا...
يرحل بخياله بعيداً عن هذا المكان الذي يفزعه...
كان يتمنى لو يرحل منه...لكن إن عاد بها الآن سيصل بعد منتصف الليل...فماذا ستقول والدتها حين تراها تعود من بيت والدها كما تدعي في هذا الوقت!!!

لذا قطع نذراً على نفسه لن يفتح هذا الباب حتى الصباح...حين يأخذها ليعود بها من حيث أتت...






هذا ما قاده لخطبتها..!!
لأنه أصبح يخشى عليها من هذا الحب الذي يسكنه...
و يخشى أكثر من جنونه أن ينقاد معها...و مع ما ترغب...

ليتذكر لحظة تحقيره...و كيف استصغره والده ..؟؟
يتذكر غضباً ملأ نظرته...و شكا و تهديداً سكن صوته..!!
كيف يخطب منه فتاة مراهقة مازالت في السابعة عشر من عمرها .. في حين وصل هو لأعتاب الثلاثين..؟؟
لمـا العجلة هكذا للزواج من فتاة طائشة...صغيرة..؟؟
هل خان ثقة والده..و إخوته.. ليعبث معها..؟؟

لـذا كرهها ..!!
لأنه لم يكن قادراً على أن يواصل في ذاك الحب بدون خسائر..؟!

ليتعاظم كرهه المزعوم لها .. وهو يرى نفسه كما وصفه والده...
مجرد خائن يجاري طيش فتاةٍ صغيرة...في حين كان يفترض به أن يكون هو من يربيها...و يروض جنونها...

لكن رفضه لها...و قطعه لعلاقتهم...جعلاها تجن أكثر...
تهدد...و تتوعد...و تتحدى أن تسيّره لما تريد حتى و إن كان لا يرغب...

ليقوى كرهه بتحديها...ليثبت لنفسه إنتصاره الواهم عليها...و يتزوج سريعاً...من فتاة بعيدة كل البعد عنهم ..
لينتهي به الأمر بعيداً عن أهله .. و عنها .. و عن أي طريق قد يؤدي لها ..

آملاً بذلك أن ينسى..!! و ها هي تجعله اليوم يدفع ثمن ذلك التناسي الذي حافظ عليها به...




في صمت الذكرى التي ضيعته بها...قطعت نغمات هاتفه هيبة الذكريات...ليستفيق أخيراً منها...
و ينظر بإستغراب لإسم المتصل..!!

رد على إتصالها...بعد أن ملّ نفسه...و الظلام حوله...و إجترار تلك السنوات حد الوجع...
و إن كان لتشمت به...رد عليها... ليداوي بوجعها ... وجعه الأكبر...

عذاري بإستهجان / ملكتها اليوم يا مالك !
مالك أدرك أن ظنه كان بمحله / ...............
عذاري بسخرية مريرة / بعتني؟ و بعت عشرة السنين اللي بيننا..عشان وهم! علقت نفسك فيه سنين والبنت كبرت و تغيرت و نستك
مالك بصوت متهالك قهرها أكثر / وش تبين يا عذاري؟
عذاري بقهر / اليوم بس ذقت القهر و الخيبه الي كسرتني فيهم و أبيك تعرف إني أدعي عليك ماتشوف فرح حرمتني منه.................

اغمض عينيه...و تظاهر أنه يسمعها...أنه مجروح حقاً بما تخبره به...
لكنه حقيقةً لم يكن يسمع..لم يكن يستوعب حديثها...
لم تجرحه...لأنه لا مكان في قلبه للجرح...
قلبه المقفر...الموحش...لا يحس فيه سوى صدى فراغ هائل...
فأي ضوضاء أتت هي تفتعلها...تريده أن يجمع روحه المشطورة لنصفين لها لتوجعه كما تشاء...



♥▓♥▒♥▓♥



فـي الغــد ..~

كان في سيارته عائداً من عمله ليغير طريقه مرغماً رغم إنشغاله الشديد طوال اليوم... إلى منزل عمها...
فلينتهي هذا اليوم الطويل...بدون تلك الأفكار التي تشغله عنها...و تحيل نومه إلى سراب لا يقوى الوصول إليه...

حين التقى بعمها...كان ينتظر عتباً على تأخره في زيارتها...لكن على العكس...ما حصل...
تهلل وجه عمها حين رآه...رحب به بحرارة...و كأنه يشكره على قدومه...

هل كان يظن أن لن يأتي...؟!
إذن...هل أخبرته بقرار الطلاق الذي حدثها عنه؟
لكن عمها لم يذكر ذاك الموضوع بحديثهم القصير أبداً...كل حديثه كان يؤكد على ذاك الرباط بينهما أكثر...حتى قفز سريعاً ليخبرها بقدومه...
قبل حتى أن يطلب هو رؤيتها...

ليتركه مع تساؤلاته...بعد ذاك اللقاء الصامت...كيف ستكون؟
كيف لا يملك رغم إحتلالها تفكيره معظم الوقت...حواراً سيحدثها به..
كيف يقطع كل هذا الطريق ليقابلها دون أن يعرف ماذا يريد منها..؟
لم هذا التردد يسكنه...لم ينتظر ردة فعلها..؟
لم لا يقوى على أن يمضي بقراره على غير اعتبار لما يحصل..!!






دخلت عليها الغرفة بدون أن تطرق الباب كعادتها...
كأنها تأكد لها في كل مرة أنها لا...و لن تملك خصوصية لها في هذا المنزل...
و إن كان فقط في هذه الغرفة الرثة...التي أبقتها بها...
غرفة شبيهة بالمخزن...تنام منذ أيام بجوار تلك الصناديق...و الأغراض المتكدسة بكل مكان في هذه الغرفة الصغيرة...

و قفت قريباً منها...و لأول مرة منذ قدومها إلى منزلهم...تراها بدون تلك النظرة الضائقة التي تكسو عينيها...
بل على العكس...كانت تملأها الحماسة لشيء تجهله...

زوجة عمها / منوه
منوه / نعـم
زوجة عمها بحماس عجزت أن تخفيه / تعالي للمجلس..زوجك فيه و يبي يكلمك يقول ماراح يطلع من هالبيت إلا اذا تكلم معك

أكدت بشدة على كلمة (زوجك)...و كأنها تنفيها من قرابتهم لتلصقها به...
كادت تضحك بشدة على كذبتها المبهرة التي اخترعتها...
هه تتخيل ساري...يصر كل هذا الإصرار على رؤيتها..! حتى لو رأته بعينها لن تصدق؟!

منوه بإستسلام / شوي و أجي
زوجة عمها براحة / يلــه بنتي لا تتأخرين

خرجت و أقفلت الباب بهدؤ...و هي ما تزال جالسه تحدق بمكانها بإستغراب..!
هل تستغرب من كلمة ابنتي التي لم تنطقها يوماً لها..؟
أم تستغرب أكثر من إغلاقها الباب بكل هذه الرقة...عكس تلك المرات القليلة التي دخلت عليها فيها...لتصفقه خلفها بغيض مكبوت..؟

نهضت بلا أي حماس...أو لهفة...للقائه...
لكنها لا تريد أن تغضب عمها أو زوجته...حين ترفض هي مقابلته...
لا تدري لما يجتهد بمحاولات لا يرغبها..؟؟
لما لم يكتفي بقراره...و عدم ردها على إتصالاته...لينتهي منها كما يريد..!!
إن كان يؤجل هذا الطلاق شفقة بحالها الآن..؟ ستنهيه هي قبل أن يسأم شفقته عليها..






رفع لها عيناه حين أحس بوقوفها متكأه على الباب...ليطيل النظر إليها...و ملامحه تلين عطفاً عليها...
كانت بحال رثه...وجهها شاحب كالأموات...و عيناها و هالات سوداء تحيطها تحكي قصة التيه الذي تعيشه...
بدت نحيلة جداً بذاك التيشرت الأسود الذي ترتديه...و شعرها ينام ذابلاً على كتفها الأيمن بتلك الجديلة المشعثة...

ساري بعطف طغى على صوته البارد / تعالي اجلسي يا منوه..ابي اتكلم معك و .........
منوه تقاطعه بقوة تناقض التعب البادي على وجهها و جسدها / أنا مرتاحه كذا..قول اللي عندك....._و كأنها تتحدث مع نفسها_أو ليه تقول؟ أنت قلت لي قبل كل اللي بقلبك..اسمع اللحين اللي عندي أنا..إذا كنت ما تبيني أنا بعد ما أبيك و لا كنت أبيك من الأول...تبي الصدق أنا ما أبيكم كلكم و لا أحبكم..لأني تعبت منكم...لا تجون تتفضلون علي و تمثلون الطيبة و الرحمة و عيونكم تقول إنكم تتمون تفتكون مني! أنا خلاص بأطلع من حياتكم عشان ترتاحون..مو محتاجه لك..أقدر اتحمل مسئولية نفسي و بأصير احسن منكم كلكم..و تشوفون

تركته بالكاد تجر خطواتها لتبتعد عنه... غير مهتمة بما سيرد عليها به..
عاشت طوال عمرها تنتقد تفكير والدتها...و حين نطقت..!!
لم تجد بداخلها سوى تلك العقد العتيقة التي زرعتها والدتها في روحها منذ صغرها...
أرادت طوال عمرها أن تفك تلك القيود التي تكبل بها كلامها...و علاقاتها بالناس...
و حين أتتها الفرصة...لم تجد بعقلها الخاوي...حلماً أو أملاً تريده...لتتمسك به..!!
لم تجد داخلها أي حياة..؟!!
فقط تريد مكان بعيد لا تسمع فيه عنهم أي شيء...
أن تنتهي من عمرٍ طويل...من الأحقاد...و المقارنات...
أن تنتهي منهم و من ذاك الماضي الذي قيدتها بها والدتها...
رحلت والدتها...فلترحل هي أيضاً عنهم...



♥▓♥▒♥▓♥







توقف النبـض مؤقتاً××♥
ღ بإنتظـار ღ إنعـاشكـم ღ




التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 03-07-22 الساعة 07:28 AM
أغاني الشتاء.. غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس