عرض مشاركة واحدة
قديم 05-09-09, 02:32 AM   #10

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

مشت ساندي مطيعة أوامره , تحمل حقيبتها , صعدت الدرجات وتمكنت رغم الأنارة الخفيفة من رؤية الباب الخارجي , ولاحظت فورا قدم الباب وحاجته الى دهان وتصليح , كان فوق الباب جرس قديم متدل, أمسكت به لتقرعه , فوجئت بمسكته تنقطع وتبقى في يدها قبل أن يسمع للجرس رنين , لم يكن الجرس موصولا بأي سلك كهربائي وهو غير صالح أصلا لأي أستعمال , حاولت ساندي أعادة المسكة لمكانها ولكنها لم تفلح بل سقطت من يدها وأحدث سقوطها قرقعة عندما أرتطمت بالأرض , ألتقطت المسكة وأحتارت ماذا ستفعل بها , سمعت وقع أقدام على الحصى , ثوان وظهر ليماند , قفز الدرجات بخفة ونظر الى يدها الممسكة بالجرس المقطوع.
" حاولت قرع الجرس , وقعت المسكة ...".
كانت ساندي تشرح له ما حصل وتمد يدها وبداخلها مسكة الجرس.
" أرجو أن لا تكوني من هؤلاء الناس الذين يخربون كل ما يلمسون ".
كان ليماند يكلمها بلهجة ساخرة وقد مد يده وأخذ مسكة الجرس ووضعها مكانها وأكمل :
" لأن قصر دانكريغان كله يحتاج لمن يمسك بأشيائه بلطف وأنتباه وألا يتفتت ويخرب , الباب لا يقفل أبدا , كان عليك أن تديري مسكة الباب الخارجية فيفتح".
فتح لها الباب وأشار اليها بالدخول , دخلت الى قاعة كبيرة تدلت من سقفها ثريا قديمة خافتة الأضواء لأن بعض أقسامها كان خاليا من اللمبات , وسط القاعة سجادة هندية خيوطها بالية ولونها باهت , كانت تغطي قسما مربعا من الأرض الخشبية , توجد سلالم تؤدي الى الطابق الأول الى يمين القاعة , لم تكن السلالم مغطاة بأي سجاد , في طرف القاعة بعض الكراسي الأثرية ويوجد على الحيطان بعض الصور الزيتية في أطارات فخمة مطلية بالذهب , حيطان القاعة لونها أصفر باهت.
فتح باب الى اليمين وخرجت منه أمرأة وخرج معها من الغرفة صوت تلفزيون مسموع , تمنت ساندي أن تكون تلك المرأة أبنة خالها مرتا ولكن أملها خاب لأن المرأة أطول وأكبر سنا من مرتا , قالت المرأة:
" سمعت الباب يفتح , هل وجدت الفتاة القادمة من أنكلترا يا ليماند؟".
" نعم , هذه ساندي فيليبس".
" أهلا وسهلا في دانكريغان "
قالت المرأة وهي تبتسم , كانت ترتدي تنورة من قماش التويد الصوفي وفوقها كنزة صوفية , شعرها الأسود يخالطه البياض مما أعطاه لونه الرمادي , تعقصه بضفيرة حول رأسها.
" هذه تان كوري وهي مدبرة المنزل منذ عشرين سنة".
" تشرفنا".
" أين مرتا؟".
" ذهبت الى نادي اليخوت مع جوني".
| ط وأين الولد؟".
" نائم بعد أن قصصت عليه القصص العديدة".
قالت نان وهي تبتسم , ثم ألتفتت الى ساندي وقالت:
" أنت متعبة جدا بعد هذه الرحلة الطويلة , كذلك لا بد أن الجوع قد أستبد بك , سأضع أبريق الماء على النار من أجل الشاي , ضعي حقيبتك في أسفل السلالم وستحمليها الى غرفتك في الطابق العلوي بعد العشاء, الى اليسار ستجدين حماما صغيرا , أغسلي يديك وأتبعيني الى المطبخ من أجل الطعام , نحن لا نستعمل غرفة الطعام في هذه الأيام الا نادرا".
سرّت ساندي بترحيب نان بها , غسلت يديها ومضت لتوها الى المطبخ عبر ممر الى يمين القاعة , جلست الى طاولة كبيرة يغطيها شرشف زاهي الألوان , نظيف , أكلت وجبتها التي وضعت أمامها بنهم بدون أن تنبس ببنت شفة , كان يجلس معها ليماند يأكل وجبته التي أمامه بدون كلام .
المطبخ مربع وواسع وله أرض حجرية , كان لهيب نار خفيف يخرج من الموقد القديم , منظر بديع في ليلة شديدة المطر .وألسنة اللهب تنعكس على أدوات المطبخ النحاسية المعلقة على الحيطان , خزانته الخشبية دهنت بلون أصفر في محاولة لتجميله , زهور ونباتات عديدة من النوع الذي يعيش داخل المنازل هنا وهناك فوق الرفوف أو على ظهر الخزائن.
كانت نان تقوم على خدمتهما أثناء العشاء , تصب الشاي الغامق من أبريق فخار وهي تسأل ليماند أسئلة تتعلق برحلته من والى دمغريز وتسمع أجاباته , وترقب ساندي بطرف عينيها.
شعرت ساندي بنظرات نان الفاحصة لها , كما لاحظت الشبه الكبير بينها وبين ليماند , الأثنان لهما شعر أسود وعينان سوداوان , بشرتهما مائلة الى الأسمرار وتقاطيع وجهيهما غريبة عن أسكوتلندا , ربما بعض الجدود قدم من الشرق الأوسط وربما تكون نان والدته.
" كلا , أنا لست والدة ليماند , ولكنني أبنة عم والده كافن كالدويل وجدودنا واحدة , والدتي كانت شقيقة والدة كافن".
قالت نان كأنها قرأت ما كانت تفكر به ساندي".
" أوه".
أستغربت ساندي ونقلت بصرها بين ليماند ونان بسرعة وسألتها :
" كيف عرفت بما كنت أفكر فيه؟".
" أنت صغيرة , وعيناك صافيتان تعكسان ما في داخلك ".
أجابتها نان بصوت جهوري واضح , كانت عيناها السوداوان ترسلان بريقا ساحرا , ثم أكملت :
" لم تتعلمي بعد يا صغيرتي كيف تخفين ما بداخلك , أنت واضحة كالنهار وهذا ما يجعلك طيبة ومحببة , مع أنه يشكل خطرا عليك".
" هل عدت الى تكهناتك ؟".
سألها ليماند ونظر الى ساندي وخاطبها :
" تزوج أحد أبناء كالدويل قديما , غجرية صغيرة , كانت أبنة ملك الغجر في هذه الضواحي , تحمل نان في عروقها دما غجريا بالوراثة , وتتكهن أن هذه القطرات الغجرية تمكنها من قراءة الأفكار والتنبؤ بالمستقبل , لا تأخذي ما تقوله على محمل الجد فهو لا يحمل من الحقيقة قدر ذرة ملح".
" لا تضحك ولا تسخر مما ورثناه أنا وأنت من جدودنا ".
أجابته نان وهي تبتسم بحنان.
كانت ساندي تفكر أن الدم الغجري بينهما يمكن أن يكون السبب في سواد الشعر والعينين عندهما , علم أجناس البشر وأصوله يثبت ذلك , أذن نظريتها صحيحة بالنسبة الى عائلة كالدويل من أن أحد جدودهم قدم من الشرق الأوسط , أن كلمة غجري تشتق من كلمة مصري , وهي كلمة أعطيت لجماعة من الرحل قدموا من أنكلترا في القرن السادس عشر , وربما يكون الشعر الأسود والعينان السوداوان وراثة عن جماعة أستوطنت أسكوتلندا في قديم الزمان تعرف بالنكنس ( هم جماعة غريبة لا يعرف عنهم الا القليل تاريخيا).
وكانت ساندي قد سرحت برحلة عبر التاريخ , كعادتها , فلم تسمع ما دار من حوار بين ليماند ونان , وأجفلت قليلا حين أبعد ليماند كرسيه ليقوم , بعد أن أكمل طعامه , قال يخاطب نان وهو واقف:
"هل عندك مكان لتنام فيه ساندي؟".
" نعم , في الغرفة المجاورة لجناح الطفل".
" أظنك ستقولين لي أنك عرفت أنها قادمة الى هنا كي تساعد مرتا في رعاية الصغير , مع أن مرتا أهملت كليا أن تخبرني أنها دعت أبنة عمتها لتبقى معنا لنهاية الصيف ".
كان ليماند يخاطب نان بجفاء وقد رفع حاجبيه وأنفرجت أساريره عن أبتسامة ساخرة.
أتسعت عينا نان من المفاجأة وجالت نظرها بسرعة بين ساندي وليماند وأجابت:
" كلا , كلا لم أعرف , فقط لأنني ظننت أن وجودها قرب غرفة ابنة خالها مطمئن لها".
صمتت نان وقد بدا على وجهها هم كبير , ثم خاطبته بسرعة:
" لن تعيدها الى أنكلترا؟ لن تحرمها ضيافتك لأن مرتا لم تصرح لك حقيقة رغبتها؟".
" لن يعيدني الى بلدي , بل أنا التي أخترت العودة بنفسي , سأعود غدا بعد أن أرى أبنة خالي , سأعود بعد أن أعرف منها حقيقة ما حصل"
دافعت ساندي عن كرامتها بصوت متهدج , وأضافت:
" متى يرحل الباص من كيركتون الى دمغريز غدا؟".
وران صمت لفترة بين الثلاثة , حدق ليماند لأول مرة في وجه ساندي , أنها المرة الأولى التي يوجه اليها نظرة ويرى وجهها بوضوح , مرت فترة وجيزة وهو يتفحصها بعينيه السوداوين , أحست ساندي بثقل نظراته وق جسمها كله , تسربت حمرة الخجل الى وجهها الشديد البياض , كان ليماند يفكر بالحل السريع لهذه المشكلة الجديدة , وبسرعة كمن توصل الى قرار مهم قال:
" لا لزوم لذهابك بالباص غدا , يمكنك البقاء أسبوعين فقط تساعدين فيها مرتا في رعاية الصبي , تذكري دائما أنني أنا مضيفك وأنا دعوتك للبقاء في منزلي".
كانت لهجته آمرة , وهذا جزء من طبيعته , ولكن وجهه الصارم لم يكن خاليا من الطرافة وعدم الأكتراث والبرودة كالسابق....
" شكرا".
قالت ساندي ببطء وأنكسار , أحتارت , هل عليها أن تنحني له أجلالا لكرمه , لم يجبها ليماند على شكرها , هز رأسه ودار خارجا من المطبخ , نظرت ساندي الى نان نظرة أستغراب , كانت نان تخفي ضحكة واضحة على وجهها وهي تصب المزيد من الشاي لنفسها, ثم قالت:
" يستطيع ليماند أن يكون متعجرفا حين يشاء , كنت أتساءل متى يعود لطبيعته الآمرة من جديد , منذ حضرت أبنة خالك مرتا الى هنا , وجلبت معها خبر موت كروفورد بقي ليماند منطويا على نفسه ,هادئا وحزينا , لم يكن أحد يستطيع التكلم معه , الأنباء المحزنة قلبت كيانه وغرق في حزن شديد على أخيه , بعد ذلك مر بفترة شك في صحة زواج أخيه بأبنة خالك!".
قاطعتها ساندي:
" أوه , لماذا الشك؟".
" لم يكن لديه علم بزواج أخيه وظن أن مرتا محتالة ومزيفة".
ودافعت ساندي عن أبنة خالها قائلة:
" لا يمكن لمرتا أن تفعل ذلك , أنا واثقة من صدقها , كانت زوجة كروفورد بالتأكيد ".
" تأكد ليماند من صدقها بعد أن رأى وثيقة زواجها , في البداية لم يصدقها".
" كم هو كثير الشك!".
" أنه ليس شكا بقدر ما هو حذر , أن ليماند يعرف أخاه أشد المعرفة , كما تعرفين أنت أبنة خالك , كان من المحتمل أن يعيش كروفورد مع مرتا بدون زواج وبالتالي يكون الصبي ولدا غير شرعي ".
" أفهم الآن تفكيره وسبب حذره".
سرت من شرح نان لهذه الأمور الدقيقة .
" هل تعرفين كروفورد؟".
سألتها نان تستوضحها المزيد من المعلومات لأن ذلك من صلب أختصاص عملها في منزل دانكريغان وأسراره وأكملت:
" هل حضرت زواجهما؟".
" كلا , لم أكن موجودة يوم تزوجا , كان الزواج في باريس حيث كانت تعمل مرتا عارضة أزياء لأحد بيوت الأزياء هناك , ذات ليلة ألتقت كروفورد في حفلة وتزوجا بعد اللقاء بثلاثة أيام".
" نعم".
أومأت نان برأسها موافقة :
" هذا ما قالته لنا مرتا , كان زواجهما رومنطقيا ! ألا تظنين ذلك؟".
" أوافقك الرأي ".
أجابت ساندي , وأردفت:
" ولم نرها بعد ذلك في أنكلترا الا يوم عادت مع ديرميد ابنها في الربيع الماضي بعد الحادث المشؤوم , كانا يتنقلان كثيرا".
" نعم, كان كروفورد يحب التنقل ويكره الأستقرار , ترك دانكريغان بعد أن غادر ليماند المنزل في دانكريغان".
تنهدت نان وسرحت عبر ذكرياتها , قامت ساندي تمع الصحون الوسخة , كان عليها أن تبدي رغبتها في المعاونة في أعمال المنزل بالرغم من شدة تعبها , أعترضتها نان بلطف:
" أتركي , لا عليك".
" لكنني أرغب في مساعدتك فترة أقامتي هنا".
وتمتمت:
" لو أن مرتا أستأذنت السيد كالدويل قبل دعوتك لتمضية الصيف هنا؟". ألا يكفيه أن يعيلها هي وأبنها؟ هو الآن مثقل أيضا بضيافتي!".
كانت تجمع بقية الصحون وتضعها في المغسلة :
" عليّ أن أعمل لقاء سكني ومعيشتي هنا...".
" لا تهتمي , أرجو أن لا يكون ليماند قد أثقلك بشرح أعبائه المالية؟".
قالت نان وهي تضحك.
" نعم , ذكر لي أن عليه ديونا متراكمة ورثها عن والده وهو يعمل لسدادها , كذلك ذكر لي أن السقف يرشح في فصل الشتاء ويحتاج للترميم , ثم لحظت بنفسي أنه يحتاج لسيارة جديدة بدل سيارته المكسرة والمحطمة التي يستعملها , ...".
كانت ساندي تتكلم وهي مهمومة , فتحت حنفية الماء الساخن وبدأت عملية جلي الصحون المتراكمة أمامها .
" كل ذلك صحيح".
أجابت نان وهي تحمل الى ساندي بقية الصحون الوسخة لتنظفها .
" لقد تعب كثيرا خلال السنتين الماضيتين حتى تمكن من أيفاء جميع ديون كافن , لكنه أنتهى من هذه الأزمة تقريبا".
" سيدة كوري...".
" نادني نان , الكل يناديني بهذا الأسم".


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس