عرض مشاركة واحدة
قديم 01-07-20, 10:46 PM   #6

رضوى جاويش

? العضوٌ??? » 474091
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 111
?  نُقآطِيْ » رضوى جاويش is on a distinguished road
افتراضي

كان القطار يتهادى مبتعدا عن محطة قنا وامامه اكثر من ثلاث عشرة ساعة سيقضيها يمخر عباب الطريق من قلب الصعيد حتى القاهرة و منها للأسكندرية .. كانت عيناه فى سبيلها للنعاس الذى جافاه بعد كل ما حدث عندما استيقظ بكامل وعيه مع صوت رئيس القطار مناديا رغبة فى الاطلاع على التذاكر ..
مد كفه بداخل سترته الثقيلة و أخرجهما ليهز رئيس القطار رأسه فى استحسان و يندفع متجها لأحد المقاعد الأخرى .. لاحت منه نظرة جانبية على محياها .. كانت قد راحت فى النوم منذ مدة قصيرة فقد جافاها النعاس بدورها .. فما حدث خلال الساعات الماضية يشيب له الوليد .. اشفق على حالها و هو يراها تضم ذراعيها حول جسدها رغبة فى بعض الدفء ..
نهض و خلع عنه سترته ووضعها برفق عليها و رغم انه حاول الا يوقظها بفعلته الا انها انتفضت فى ذعر متطلعة اليه فى شرود لدقيقة و اخيرا تذكرت ما حدث فدفعت سترته بعيدا فى رفق و بدأت الدموع تترقرق بمآقيها و استدارت تولي وجهها لنافذة القطار الزجاجية التى لمح دموعها الصامتة منعكسة على صفحتها .. تنهد فى قلة حيلة و ادار ظهره لها بدوره و هو يتساءل فى اضطراب و تيه .. هل ما فعله كان صحيحا !؟.. و هل كان عليه الهرب برفقتها !؟.. لم يجد نديم ما يجيب به على تساؤلاته التى شعر انها متأخرة بعض الشئ عن موعدها الطبيعى و المنطقى اناذاك غير زفرة قوية خرجت لاأراديا من اعماق صدره مؤكدة على كم المعاناة التى يرفل فيها عقله و مدى التيه الذى يسربل قلبه …
********************
ما ان هم عفيف بوضع عصاه جانبا و شرع فى خلع عمامته حتى سمع رنين هاتف يلح فى طلبه .. اندفع ملبيا ليؤكد عليه عامل الفندق انها مكالمة لأجله .. جاءه صوت مناع هاتفا فى لهفة :- رچعت يا عفيف بيه .. الداكتورة اخت الباشمهندس توك راچعة ..
هتف عفيف فى عجالة :- طب خليك مطرحك .. و راجب مدخل العمارة و كمان خلى عينك على السلم الورانى اللى هربت منيه .. و انا چاى مسافة السكة .. سلام ..
اغلق عفيف الهاتف و اندفع يضع عمامته على عجالة و يجذب عصاه مندفعا للخارج ليلحق بها ..
لم يمر بعض الوقت الا و كان عفيف امام البناية من جديد .. اندفع باتجاه مناع متسائلا :- هااا .. خرچت و لا لساتها فوج !؟..
اكد مناع :- لاااه .. تخرچ فين و انا چاعد من ساعتها كيف الصجر !؟.. لساتها چوه ..
هتف عفيف امرا :- طب تعال وراي ..
اندفع عفيف بداخل البناية و خلفه مناع في عقبه كظله .. ما ان هم بطرق باب شقتها حتى وجدها تفتح فى هدوء و بجوارها حقيبة ملابسها التى كانت مشرعة منذ ساعات قليلة على فراشها و هى تقف فى ثبات هاتفة بنبرة حازمة :- انا جاهزة يا عفيف بيه ..
هتف و على شفتيه ابتسامة صفراء كرهتها من فورها :- كنت عارف انك هترچعي .. اتفضلى يا داكتورة..
مد مناع كفه متناولا حقيبتها حاملا إياها وهبط الدرج فى صمت لتغلق هى باب شقتها خلفها .. ليهبط عفيف الدرج بدوره و هى خلفه تتبعه فى هدوء ..
ما ان وصلا حتى العربة السوداء الفارهة حتى توقفت للحظة و عفيف يفتح بابها الخلفى هاتفا :- اتفضلي..
وقفت فى تيه للحظات لا تعلم هل ما تفعل فى صالح نديم !؟.. هل ذهابها سيكون رمانة الميزان التي ستحفظ التوازن عندما تحل الكارثة و يجده ذاك الرجل !؟.. ام انها تقدم نفسها الان كبلهاء على طبق من فضة كطعم لاصطياد اخيها ليقع بين براثن ذاك العفيف!؟..
تاهت فى خواطرها و نزاعات نفسها و لم تستفق الا على طلب عفيف هاتفا :- اتفضلي يا داكتورة اركبى !؟.. و لا غيرتي رأيك !؟..
كان ردها هو اندفاعها داخل العربة و قد سلمت امرها لله و استودعته نفسها و أخيها .. و ليقض الله امرا كان مفعولا .. مرت لحظات حتى انتفض قلبها بين صدرها و ازداد وجيبه عندما بدأت السيارة فى المسير لتبدأ رحلتها الى ارض لم تطأها اقدامها من قبل .. رحلة لا تعلم مداها و لا ما يخبئه لها القدر خلالها .. ألتقطت انفاسها فى عمق و تطلعت من النافذة فى اتجاه المجهول ..
*******************
نهاية الفصل الأول


رضوى جاويش غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس