عرض مشاركة واحدة
قديم 01-07-20, 11:04 PM   #55

إسراء مظلوم

? العضوٌ??? » 413109
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 67
?  نُقآطِيْ » إسراء مظلوم is on a distinguished road
افتراضي

الفصل العشرون

تذكرت(إينار)اليوم الذي أرسل(يوسف)إليها رسالته وأنها كانت مجرد لعبة بالنسبة إليه وهي علمت في ذلك الوقت أنها تحمل طفلهما في أحشائها كانت ستجن لتخبره بنفسها ولكنه سبقها و أخبرها بشيء أصاب حبها في مقتل...وهبطت من منزلها لتمشي في الطرقات على غير هدى مقررة الرحيل ثم جلست عند سيارة ووجدت صوت رجل ليس غريب عن أُذنيها يهتف بها:
-(إينار) بجد إنتي؟
التفتت(إينار)ونظرت بالكاد من خلال دموعها وهي تمسحهما
بظهر كفها:
-مين؟

اقترب منها رجل في منتصف الخمسينات ومعظم شعره أبيض وذقن نامية بنفس لون خصلاته والوسامة ما زالت بمحياه وقال:
-إزاي متفتكرنيش يا(أبانوس الشرق)؟
ظهرت ملامحه لها وقالت بدهشة:
-(وجيه)بيه ياااه.
ضحك(وجيه)أكثر:
-ياااه صحيح بقالي سنة مشفتكيش وقلت أروح الكباريه اللي كنتي فيه عرفت من(البرنس(إنك مشيتي و اتجوزتي واحد مليونير إسمه (يوسف عدنان).
عندما سمعت اسم(يوسف)أجهشت بالبكاء تعجب(وجيه)وسألها:
-مالك يا(إينار إيه حصل ؟
قصت(إينار)عليه ما حدث لها إلى أن راسلها(يوسف)برسالته وبحملها منه.

تأثر(وجيه)وقال:
-شوفي يا(إينار)أنا عمري ما أنسى إنك كنتي السبب في إني مرجعش الكبارية تاني و أرجع إنسان نضيف لما جيت أتكلم معاكي و كنت ناوي أنتحر فاكرة لكن إنتي نصحتيني و أتكلمتي معايا و كأنك بنتي وعلشان كده أنا عندي فكرة.
هزت(إينار)رأسها:
-هي إيه يا(وجيه(بيه؟
ابتسم(وجيه)بحنو:
-أنا إنسان وحيد ومعنديش ولاد.
نظرت إليه(إينار)بشك وتراجعت خطوة للخلف:
-إيه يا(وجيه(بيه إنتَ لسه قايل إنك بقيت حد كويس هتوغوشني منك ليه؟
ضحك(وجيه)ونفى بيده:
-لأ فهمتيني غلط والله أسمعي بس. أنا راجل لوحدي في فيلتي و عندي فلوس كتير و مقطوع من شجرة مفيش حد هيورثني و أنا شايفك من أول مرة بعد ما كلمتيني و صعبت عليكي إنك واحدة كويسة رغم شغلك نتجوز صوري على الورق و هكتبلك الولد ولا البنت باسمي...و عايز ونس.
وضعت(إينار)سبابتها بين أسنانها:
-بس ده إزاي ده؟ اللي اعرفه إنها متنفعش تكتب إسم العيل إلا باسم أبوه.
ضحك(وجيه):
-يا(إينار)الفلوس بتعمل كل حاجة و أنا مفيش أكتر منها عندي...الولد ده مش هيعترف بيه(يوسف)ولما تولديه ممكن ياخده و متشوفيهوش.
أمسكت(إينار)بطنها وكأنها شعرت بالخوف:
-يا لهوي كله إلا ده...أنا موافقة يا(وجيه)بيه.
عادت(إينار)بذاكرتها وتنهدت:
-ياااه على الأيام الله يرحمك يا(وجيه).
سحبت هاتفها من على سطح مكتبها وضغطت زر قائلة:
-أيوة يا(خيرية)طمنيني على(آمن)عامل إيه الحرارة نزلت؟
أجابت(خيرية):
-أيوة يا ست(إينار)متقلقيش خالص سي(آمن)بقى زي الفل والحرارة راحت خلاص. و عملتله الرضعة و أخدها كلها الحمد
لله.
تنهدت(إينار)براحة:
-الحمد لله أنا كنت قلقانة عليه أوي بس طمنتيني. دفيه كويس بقى إحنا دخلين على شهر ديسمبر وأنا هحاول آجي بدري علشان وحشني.
ضحكت(خيرية):
-ربنا يخاليهولك يا ست(إينار)وما يحرمكم من بعض أبداً.
ابتسمت(إينار):
-يا رب يا(خيرية)يلا كفاية لوكلوك بقى و خلي(سامي)يعملنا أكلة حلوة إنهاردة.
سألتها(خيرية):
-أقوله يعملك إيه يا ست(إينار)؟
صمتت(إينار)قليلًا ثم قالت:
-خليه يعملنا ممبار و عكاوي.
بُهتت(خيرية)وقالت بصدمة:
-إيه؟! عكاوي وممبار؟
هتفت(إينار)وهي تشهق لاوية فمها:
-مالك يا ولية إتخضيتي ليه أه نفسي فيها الله.
حاولت(خيرية)تهدئتها:
-خلاص يا ست(إينار)هقوله متزعليش نفسك.
تأففت(إينار):
-أووف خلاص يلا بقى روحي يا(خيرية)وإطمني على(آمن) سلام.
وأنهت المكالمة مع(خيرية)عبثت بهاتفها لترى طفل جميل ذو عيون زرقاء وشعر مائل للشقرة يجلس على الفراش بوضع مائل نظرًا لعمره الصغير وقالت بنبرة حانية:
-وحشتني يا(آمن)حبيب ماما هجيلك جري.
ثم تأملت ملامحه وكأنها تحنو للماضي هامسة:
-شبهُ أوي يا حبيبي. فيك كتير منه ما أخدتش مني إلا بوقي بس. تقولش كنت بتوحم عليه.




وضحكت بمرارة مكملة:
-بس هو مدنيش فرصة أكمل وحم. أنا إتخدعت خدعة كبيرة يا (آمن)يا بني بس نصيبك ميكونش ليك أب حتى(وجيه)اللي أخدك إبن ليه بردو مات.
ثم زفرت بحرقة وهي تعود برأسها للخلف مما جعل خصلاتها تنسدل كالستار الأسود على ظهر المقعد ودموعها انسابت بجانب عينيها مغذية خصلاتها وهمست أكثر: نصيبنا يا بني نعيش لوحدنا...لا أب ولا حبيب...
***********





في صحراء جليدية ب"موسكو" مجموعة من الرجال حاموا حول شخص ضعيف البنية وكان الآخر ينظر حوله غير مصدق من كم الأسوار البشرية التي حاوطته من كل صوب حتى هتف بذعر بلغة روسية: ميلوست (الرحمة).
ظهر في مقدمتهم شخص غامض يبدو أنه رئيسهم يرتدي ملابس ثقيلة نظرًا لبرودة البلدة والتي تمتاز بالثلوج الدائمة وتقدم منه وبين شفتيه سيجاره مشتعلة بسخرية لاذعة:
-أنت من جنيت على نفسك(جارفيان).
هتف(جارفيان)وهو يتقطر عرقًا رغم اختفاء الشمس محاولًا الدفاع:
-كلا دون(رامز)لقد وقع لساني بالخطأ.
ضحك(رامز)وهو ينظر إلى رجاله الذين ضحكوا معه وكلما تعلو ضحكاته تعلوا ضحكاتهم معه حتى انقلب وجههُ وأمسك بتلابيب

ثياب(جارفيان)بغضب مخيف:
-يقع لسانك بالخطأ ها...لا أيها الأحمق.
ثم صرخ في وجه(جارفيان)جعل الآخر ترتعد فرائسه:
-أنت أوشيت بنا إلى الشرطة.
شهق(جارفيان)وهو يجثو على ركبتيه يقبل حذاء(رامز):
-براستي مينيا(سامحني).
أوقفه(رامز)بهدوء ولكنه ليس أي هدوء وإنما الهدوء الذي يسبق العاصفة ،ونفض عن كتفي(جارفيان)نُدف الثلج الذي يشبه حبات الرمال الناعمة في الصحراء الحارة وقال وهو يمسك وجههُ:
-لا تخف يا رجل...لن أفعل لك شيئاً.
ابتسم(جارفيان)براحة وعاد(رامز)خطوتين للخلف وقال وهو يخرج مسدسه من بين طيات معطفه الأسود ويرفعه في وجه هذا المسكين:
-وإنما الرصاصة التي ستفعل.
لم يلحق(جارفيان)التبسم حتى انطلقت الرصاصة من الفوهة إلى منتصف جبهته التي شهق بعدها بصوت متحشرج والدماء تنبثق من جبهته كالنافورة حتى تناثر رذاذها على عدة من الرجال الذين لم يطرف لهم جفن وإنما أزاحوا بقفازاتهم وتأمل(رامز)جثة
(جافيان)وقال بغضب وهو يشير إليه قائلًا بلهجة مصرية:
-أنا حذرتك قبل كده...لكن هقول إيه غبي.
ثم أشار لأحد رجاله بلغة روسية:
-بايديوم(هيا بنا).
ثم أشار إلى(جارفيان)الغارق في دمائه:
-لا تنسوا دفنه.
ركب السيارة ورحل إلى منزله الواقع على كاتدرائية "المُخلِّص على الدم المراق" أشهر المعالم السياحية بموسكو بمدينة "سانت بطرسبرغ" وضع مفاتيح بيته على المنضدة ووقف أمام النافذة يتأمل تلك الكاتدرائية فما لفت انتباهه قبابه الرفيعة ذات الألوان المبهجة
والغريب أن القباب منها ألوان مختلفة والشكل أيضًا فهناك قبة وكأنها مرصعة بالجواهر المربعة بلونها الأزرق والأخضر والأصفر والأبيض وقبة ثانية ذات لون ذهبي ملساء الملمس وأخرى تشبه حلوى الهلام الطولية بألوانها الأبيض و الأزرق و الأخضر وإذا أتى الليل تنير كل هذه الأشياء محدثة بهجة للناظر إليها...قاطعه صوتها بلغتها العربية التي لم تغب عن أُذنيه منذ أول مرة إلتقاها:
-كيف حالك أيها العربي المثير.
-التفت إليها(رامز)مبتسمًا بسخرية:
-(فيراشكا)عزيزتي قطتي الشرسة.
وضعت(فيراشكا)مفتاحها الخاص بها بجانب مفتاح(رامز) واقتربت من لتلصق جسدها به هامسة عند أُذنه:
-لقد اشتقت إليك حبيبي.
ثم قبلته عند شفتيه لحظة وتراجعت برأسها لتنظر إليه:
-ماذا بك؟ هل فعلتها ثانية؟
زفر(رامز)وتركها حتى دار حول مقعده الوثير عند النافذة ووقف خلفه وهو يتكأ بكفيه عليه:
-ثانية فلتقولي مائة(فيراشكا).
ثم زفر وهو يحني رأسه ثم رفعها ثانية:
-أجل(فيراشكا)لقد قتلته.
لمعت عيني(فيراشكا)واقتربت منه وهي تقف بجانبه تسأله بشغف:
-من هو(رامز)؟
اعتدل(رامز)في وقفته ونظر إليها يتآكل زرقاويها الهالكة وذم شفتيه:
-إنه(جارفيان).
دُكنت حدقتيها وهتفت من بين شفتيها بغضب:
-ذاك الحقير...ذاك الحقير.

ثم تركته وبعدت وهي تدور في مكانها وكأنها شعلة من اللهب وهي تتمتم:
-اللعنة عليه...فلتحل لعنة السماء عليه ذاك الحقير.كم أود حرقه حيًا و أنزع أظفاره.
ثم صمتت مفكرة وبعدها نظرت إلى(رامز)مستفسرة:
-وماذا قال للشرطة؟
أشار إليها(رامز)بعدم القلق:
-لا تقلقي لقد قال أشياء بسيطة ولكن يمكننا التعتيم عليها.
اقتربت(فيراشكا)منه بسرعة وقبلته من شفتيه:
-كم أعشق ذكائك(رامز)عندما رأيتك في بادئ امر علمت أنك ماكر وتصلح للعمل معنا.
ابتسم(رامز)ببهتان ثم ملس على خصلاتها:
-أجل وعملت معكما بعد أن...

وضعت(فيراشكا)أناملها على شفتيه:
-ششش لقد إشتقت إليك.
بعد فترة من الوقت ترك(رامز)عشيقته(فيراشكا)تغط في نوم عميق محتضنة الوسائد المنتفخة الناعمة.
وخرج من الغرفة بصدره العاري جالسًا على مقعده ثم اتكأ بظهره على ظهر المقعد وهو يشعل سيجارته محدث سحابة رمادية فوقه وتذكر كلمات(فيراشكا)إليه.
فلقد عاد بذاكرته إلى سنة ونصف ليتذكر صراخه على
(فيراشكا)وكأنه الأمس:
كاد أن يتقدم(رامز)من(فيراشكا)ولكن هذه الأخيرة كانت أسرع منه فلقد صوبت نحو فخذه وأطلقت رصاصة أخرى صارخة: -
-توقف.
وقع(رامز)عند قدمي(فيراشكا)صارخًا بألم:
-والله ما هقول حاجة.
ولكنه وجد رجل ضخم الجثة مرتدي سترة سوداء جلدية على ذراعه وشم نار ملتفة بكوبرا وقال الرجل ورائحة الموت تفوح من بسمته:
-نعلم أنك لن تتفوه بكلمة لأنك ستلقي حتفك في الحال.
علم(رامز)أن هذه نهايته من خلال هذا السلاح وسيحصل زميله (كامل)المسجى على الأرض بجانبه. وانتهى الأمر بصوت رصاصه فقط.
ولكن(رامز)رغم إغلاق عينيه إلا أنه لم يشعر بأي ألم ولا زال أيضًا بالدنيا فتح عينيه ليجد(فيراشكا)قد رفعت مسدس الرجل للأعلى حتى لا تصيب(رامز)هاتفة:
-انتظر(إيفانوف).
ثم أكملت و(إيفانوف)ينظر إليها متسائلًا بعينيه الرمادية:
-سيفيدنا ذاك المصري.
ثم طلبت من الرجل الذي كان خلفها:
-(شلينكو)أحضره إلى مقرنا يجب أن يتعلم.
لم يستطع(رامز)التحدث فلقد أصبح وعيه ضعيفًا بسبب إصابته وفقدانه للدماء. وبدأ يرى خيالات حتى غابت الرؤية.
وفجأة صرخ ألمًا بسبب إلقاء الماء المثلج عليه من كل صوب وهو عاري الصدر ويضعوه في غرفة شديدة البرودة وكأنها "سيبيريا" وبعد أن طيبوا جرحه وضعوا عليه رطلًا من الملح كان الألم لا يوصف هكذا واصلوا تعذيبه ثلاثة أيام حتى فاق فجأة على صوب من الماء ينسكب على وجههُ حتى صاح من الألم وكأنه على وشك التعذيب مرة أخرى ولكنه تفاجأ ب(فيراشكا) تجلس على المقعد المقابل لفراشه الحديدي مبتسمة:
-مرحبًا بك أيها المصري العربي...لقد نجحت في الاختبار.
رفع(رامز)إحدى حاجبيه باستنكار وهتف بغضب:
-اختبار اي اختبار أنتم ممسوسين بالتأكيد أو لدى عقلكم شيئ غير طبيعي.

غضبت(فيراشكا)وقالت بصرامة:
-صه أيها الثرثار هل تظن أنه من السهل الانضمام إلينا يجب أن يكون لديك قوة تحمل لا تضاهي آلاف الرجال و لازال هناك الكثير أمامك عزيزي.
تعجب(رامز)ثم نظر إليها وهي يميل رأسها جانبًا:
-ومن أخبرك بموافقتي في الانضمام إليكم(فيراشكا)لقد قتلتم صديقي(كامل)أمام أعيني.
لمعت زرقاويها:
-(رامز)أنتَ تختلف عن(كامل)ذاك الأحمق الفرق واضح وجلي (كامل)ببنيته هذه كان لا يصلح خادم لدينا ولكن أنتَ.
ثم لمست وجنته التي نمت شعيرات ذقنه مما أعطاه وسامة رجولية: -أنتَ أرى ما فيك من مواهب فذة(رامز)ويكفي المال الذي سيرتمي عليك من كل صوب.
هنا عند ذكر عدة حروف مكونة كلمة "المال" حتى التمعت عيني(رامز)وسألها:
-هل يمكنك التوضيح أكثر؟
ابتسمت(فيراشكا)وقد كانت تشبه شقيقة الشيطان:
-سأعلمك كل شيء حتى تصبح ذراعنا اليمنى(رامز).
وهكذا توالت الأيام والشهور حتى تدرب على كل شيء بما فيه بنيانه الذي تغير ببروز العضلات والوشم المكتوب على جانب عنقه بالروسية(بلاشينستفو آده)أي "نعيم الجحيم"...
كما أصبحت(فيراشكا)عشيقته أيضًا.
وكم جعلوا قلبه بارد يستطيع أن يقتل أي شخص أمامه هذا الثمن ومقابلها مركزه المرموق وحياته التي يعيشها كما تحلو له.



ولكنه ينتابه نوع من البرود عند قتل أي ضحية تهدد "المافيا الحمراء" وبعدها تساوره ذكريات الماضي...
هز(رامز)رأسه وهو يعود لواقعه ثم دلك بكفه اليمنى أسفل مؤخرة رأسه وهو يحنيها ثم عاد يريحها على رأس ظهر المقعد وهو يتأمل سقف الغرفة وفكر لذاته:
-هكذا إذن(رامز)محيت كل ما لك علاقة به في حارة(الكوفتي) وتخليت عن والدتك التي لا تعرف عنها شيء منذ تغيره وقد أصبح رجل يده ملوثة بالدماء وأصبح رجل خطر معظم الرجال يهابونه ولكن لا يعلم إلى متى فهو من وضع نفسه بهذه الهوة السحيقة التي لا قرار لها...
*************



دلف(مروان)إلى بيته وهو يفتح باب شقته وبداخله ألف اعتراض ولكن أيضًا هناك ألف نعم أمامها كم كان مشتت لا يعلم ماذا يفعل؟
لقد تفاجأ بقراره بالتوجه إلى بيته ووجد ذاته داخل البيت ويغلق باب الشقة خلفه حتى وصل إلى مسامعه صوت افتقد هدوئه إنه صوت(بسملة)التي قالت هاتفة بتساؤل من داخل غرفتهما:
-حضرتك جيتي يا طنط؟ طنط(سعاد).
أغمض(مروان)عينيه ثم فتح عينيه بخطى ثابته ودلف إلى حجرة نومه ليجدها جالسة على حاسوبها النقال مولية ظهرها له وقال وهو يتأملها وينظر إلى شعرها الذي طال مرة أخرى لمنتصف ظهرها ولكنه أخف بعض الشيء من أثر الجرعات الكيماوية التي كانت تأخذها ثم زفر بحرارة قائلًا:
-إنتي عارفة إنك وحشتيني أوي.

تجمدت(بسملة)في مجلسها وأصابتها قشعريرة سرت في سلسلة عمودها الفقري وصمتت:
-أحقًا هو هل هذا(مروان)؟
التفتت ببطيء لتراه وقفت تواجههُ ثم تذكرت ككبرياء أنثى ما عليها فعله ربعت ذراعيها وجمدت نظرتها تجاههُ:
-عايز ايه يا(مروان)؟ جاي ليه؟
علم(مروان)أن المواجهة ليست باليسيرة ولكن عليه تحمل عواقب ما حدث ،خطى(مروان)خطوتين بخطوة واحدة وأصبح عند(بسملة)التي تراجعت خطوة بقلق وراقبت رد(مروان)الذي قال:
-اسمعي يا(بسملة)اللي حصل بينا ده ما كانش لازم يحصل.
هتفت(بسملة)بغضب:
-بس هو حصل يا(مروان).

قاطعها(مروان)وهو يشير إليها:
-إنتي السبب يا(بسملة)؟
تراجعت(بسملة)بصدمة:
-أنا!؟ أنا بردو اللي بعدت و بقيت بتعصب و مش بس كده دا أنا جبت معايا زميلتي في الشغل مش كده أنا !؟
أمسكها(مروان)من كتفيها هاتفًا بغضب:
-إنتي اللي بدأتي شرارة فراقنا إنتي اللي أقعدتي تقطعي في خيوط حبنا يا(بسملة)تقدري تقوليلي ليه أول ما عرفتي بمرضك يوم ما كنا راجعين من عند الدكتور(محمود)و كنا عند ماما عاملتيني وكأني ابوكي حطتيني في قفص إتهام مش بتاعي تقدري تقوليلي ليه دا أنا يا(بسملة)مكنتش بستحمل عليكي الهوا النسمة اللي تدايقك ابعدها و أخليها تجيلي أنا؟ تعرفي تردي عليه و تفهميني أنا عملت إيه علشان تجرحيني كده و كل ما أحاول تقتليني.

صرخت(بسملة)وهي تحاول نفض كفيه عنها:
-علشان كنت عايزة أفضل محتفظة جوه قلبي نظرتك ليه بحب قبل ما تقلب كره وقرف زي نظرة بابا لماما الله يرحمها علشان شعرها اللي وقع كنت عايزة أفضل حاطة جوه وداني صوت دفاك ليه وكلام حبك جوة قلبي. عرفت ليه عملت كده...سيبني يا(مروان).
هزها(مروان)بقوة صارخًا أكثر:
-فوقي يا(بسملة)فوقي...حبنا بيضيع إنتي عارفة إن فيه واحدة دخلت حياتي غيرك. أنا اللي بقولك و عايزاني أخطبها.
ثم بكى بحرقة بعد أن توقفت(بسملة)عن التملص ناظرة إليه بصدمة وإلى عبراته التي انسابت:
-هتسيبيني أكمل يا(بسملة)هتسيبي(مروان)حبيبك لواحدة تانية.

بكت(بسملة)وهي تتراجع للخلف ومع شهقتها التي قطعت نياط قلب(مروان):
-إحنا إيه وصلنا لكده؟ فين حبنا يا(مروان)؟ فين الذكريات اللي بنيناها سوا. إنتَ حب عمري يا(مروان). أنا إفتكرت إني بموت وخلاص قلت أبعدك عني و احفظ الذكرى الحلوة بينا.
أخذها(مروان)في صدره واحتواها وهي تجهش في البكاء وترتعش قائلة:
-وحشتني يا(مروان)وحشتني أوي.
بكى(مروان)مبتهلًا:
-الحمد لله يا رب...يااااه يا(بسملة)وحشني كلامك اوي.
ثم تراجع وهو يكفكف دموعها بسبابتيه:
-متخافيش يا حبيبتي عمري ما هسيبك إوعي تخافي.
نظرت إليه(بسملة):
-و(ملك)هتعمل إيه معاها؟
صمت(مروان)وأخذها بين أحضانه مهدئًا إياها:
-ششش هتصرف متخافيش المهم إننا رجعنا و هنفضل مع بعض لآخر العمر.
نظرت إليه(بسملة)وأجلسته بجانبها على الفراش متكأه على صدره براحة فلقد عاد أمانها بعد أن شعرت بأنها وحيدة وتذكرت حديث(سعاد)معها بالأمس في الصباح.
تتذكر أنها أتت إليها وجلست بجانبها على الأريكة وهي تعدل خصلتها خلف أُذنها:
-(بسملة)حبيبتي لازم تعرفي إني بحبك وبعتبرك زي(سالي) بالظبط.
نظرت إليها(بسملة)وابتسمت:
-أيوة يا طنط عارفة حضرتك زي ماما الله يرحمها.
ربتت(سعاد)على يدها:
-وعلشان كده جوزتك(مروان).
قلبت(بسملة)وجهها ضغطت(سعاد)على كفها أكثر:
-هنصحك نصيحة يا بنتي إلحقي(مروان)وتنازلي عن كبريائك وعن عندك(مروان)بيحبك يا(بسملة)وإنتي عارفة كده كويس إنتي جرحتيه و كأنك زقتيه من على جبل واتفرجتي عليه وهو بيقع وبتشاوريله كمان.
ثم صمتت وأكملت:
-أنا مش هقولك إن(مروان)ملاك. ده بشر والبشر بيغلطوا بس العيب لما الإنسان بيزيد في غلطه ويعاند ويكابر.
ثم ضحكت وهي ترى أن حديثها هذا أولى أن تحدثه إلى ذاتها.
ثم تنهدت مكملة:
-فكري يا(بسملة)في اللي قلتهولك فكري كويس العمر بيجري و(مروان)مش هيلاقي زيك ولا إنتي هتلاقي زي(مروان).


ثم مسحت دمعة نافرة من حدقتيها:
-(بسملة)إنتوا إتخلقتوا لبعض و شبه بعض متديش فرصة لعندك إنه يتحكم فيكي إنتي ربنا كرمك وبقيتي والحمد لله بخير مبقاش فيه أورام و شيلنا الورم بعد كده بعملية و راح في داهية. وبقيتي زي الفل مش آن الأوان الفترة الطويلة دي إنك تفتحي الباب ليه؟
تنهدت(بسملة)وهي تعود لدفء(مروان)وتشعر بأنفاسه في خصلات شعرها وتشبثت أكثر بأناملها حتى ربت على خصلاتها وقبلها من مقدمة رأسها إنه لن ينسى حديث والدته معه اليوم فهي السبب الرئيسي في عودت أحدهما للآخر.
***************




ذهبت(سلسبيل)إلى ساحة الاستقبال بالمشفى ونظرت بجانب عينيها لترى(وعد)و(رائد)وهما يتضاحكان ذهبت إليهما مبتسمة بكل هدوء:
-صباح الخير عاملين إيه؟
ابتسم(رائد):
-صباح النور يا(سلسبيل)تمام الحمد لله.
نظرت إليها(وعد)وبداخلها مقت دفين ولكن بسمة رسمتها على شفتيها:
-صباح النور يا(بيلو).
هتف(رائد):
-شفتي يا(سلسبيل)الدكتورة(وعد)وعما يلها.
نظرت إليها(سلسبيل)وقالت بسخرية مستترة:
-هي(وعد)متخصصة عمايل.

ضحك(رائد)وابتسمت(وعد)ببرود:
-ظريفة يا(بيلو).
ابتسمت(سلسبيل)بمكر ثم نظرت إلى ساعتها:
-طب يا دكاترة عن إذنكم .
وتركتهما ذاهبة إلى مكتبها ثم أخرجت هاتفها من حقيبتها مهاتفة(طارق):
-وحشتني يا(روقة).
ابتسم(طارق)وقال بنبرة حب:
-قلب(روقة)وحشتيني أوي أنا هاجي كمان شوية عندي محاضرة هخلصها و آجي علشان متزهقيش.
ابتسمت(سلسبيل) ببراءة:
-براحتك يا عمري أنا مش زهقانة ده حتى(رائد)و(دودو)كانوا واقفين سوا وعمالين يضحكوا بس دمهم خفيف.

هتف(طارق)بغضب:
-نعم بيحكوا إزاي يعني؟
أكملت(سلسبيل)وتكاد ضحكة شيطانية تخرج من شفتيها:
-عادي يا(روقة)متاخدش في بالك وبعدين إنتَ زعلان ليه؟
تلعثم(طارق)وقال بتبرير:
-أه..ط..طبعاً أزعل. دي مستشفى يا(سلسبيل)ليها إحترامها.
ضحكت(سلسبيل):
-طب اهدى يا حبيبي...أنا هقفل بقى علشان جاتلي حالة...باي.




أغلقت(سلسبيل)معه وهي تعلم أنها تزرع بذور الشك بينه وبين (وعد)منذ سنة ونصف بدأت في بادئ الأمر بأن ألقت(رائد)في طريق(وعد)حتى تعلقت به ثم بدأت ترى تغير وجه(طارق)عند رؤيته ل(رائد)وبعدها بدأت في إلقاء بعض الجمل الاستفزازية كما فعلت الآن هي تقوم بزرع الشك بينه وبين(وعد)بهدوء حتى تثمر شجرتهما وهي من تقوم بعنايتها وستحصد ثمارها قريبًا.
قريبًا جدًا...
**********


إسراء مظلوم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس