الموضوع: أرواح هائمة
عرض مشاركة واحدة
قديم 20-07-20, 10:55 PM   #12

سمر شكري

? العضوٌ??? » 474025
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » سمر شكري is on a distinguished road
افتراضي أرواح هائمة

الفصل الخامس








وقفت (بتول) أسفل منزل (عِمران)، تتردد بالصعود وإخباره بحقيقة من يظنها خطيبته. شعرت بوقوف (قوت) جوارها، التفتت إليها تسألها:
- هل تعتقدين أنه سيصدقني؟
ابتسمت لها (قوت) بهدوء:
- بالتأكيد سيصدقك.

صعدت درجات السلم إلى شقته بالدور الثاني، طرقت الباب ودَعت ربها أن يمر الأمر بسلام. فتح لها (عِمران) الباب، لاح شبح ابتسامة على وجهها وهي تُلقي عليه التحية:
- السلام عليكم، أنا بتول العامري.
رحب بها ودعاها للدخول:
- أهلًا بكِ، أنا في انتظارك منذ أن تلقيت اتصالك.
سألته وهي تتلفت حولها:
- هل حضرت خطيبتك؟



- نعم، هي في الداخل. فلتعذريني ولكني في الحقيقة لا أعرفك، وأشعر بالحيرة منذ اتصالك بي ورغبتك بمقابلتي وخطيبتي هنا بمنزلي.
- سأشرح لك كل شيء، ولكن أمام خطيبتك.

اصطحبها إلى غرفة المعيشة حيث تنتظر (سچى) التي استولت على ملامح (قوت)، نظرت إليها (بتول) بتركيز، تفرست في ملامحها، هي بالفعل نفس الفتاة التي تظهر لها بالمرآة. اقتربت منها ونظرت إلى عينيها:
- مرحبًا يا سچى.

لاحظت (بتول) توترها وارتباكها والتفاتتها السريعة تجاه (عِمران) لتستشف وقع نطق الاسم أمامه، تلعثمت وهي تجيبها:
- أنا قوت، سچى كانت صديقتي رحمها الله.
تحدثت (قوت) غضبًا:
- يا لكِ من حقيرة مخادعة.


نظرت إليها (بتول) نظرة سريعة، ثم التفتت إلى (سچى) تحدثها مرة أخرى:
- أنا أعلم من أنتِ، أنا أكيدة أنكِ سچى ولستِ قوت، أنتِ قتلتِها واستوليتِ على ملامحها وحياتها.
أوقف (عِمران) حديثها:
- من أنتِ؟ وما هذا الهراء الذي تتفوهين به؟

التفتت إليه (بتول):
- هذه هي الحقيقة، تلك الفتاة التي تقف أمامك ليست خطيبتك قوت، بل هي سچى صديقتها.
صرخت بها (سچى) لتوقف استرسالها بالحديث:
- اصمتي، هل جئتِ للإيقاع بيني وبين خطيبي؟ ارحلي من هنا في الحال.

كانت تحاول جذبها من ذراعها تجاه باب المنزل، فانتزعت (بتول) ذراعها وأكملت حديثها ل(عِمران)، قصَّت عليه ما أخبرتها به (قوت) من خداع صديقتها لها ولجؤها لأحد الدجالين لكي تُتم لعبتها الحقيرة.


استمع إليها (عِمران) وملامح الصدمة تحتل وجهه، لم يعرف بم يجيبها، كان ينظر إلى (سچى) بعدم تصديق، لم يستطع أن يتفوه بحرف من شدة صدمته، نظر إلى (سچى) يتوسلها أن تثبت كذب (بتول)، سألها بخوف من معرفة الحقيقة:
- هل هذا صحيح؟ أنتِ لستِ قوت؟ أخبريني الحقيقة.

اقتربت منه (سچى) تتحدث بعصبية:
- لا، لا تصدقها فهي كاذبة، أنا قوت خطيبتك وحبيبتك، لم تشك بي من قبل فلمَ تشك بي الآن؟
قاطعت (بتول) حديثها:
- إن كنتِ قوت حقًا فأخبريه بسره الذي استأمنك عليه وعاهدتيه أنكِ لن تتحدثي معه بهذا الأمر طوال حياتكما، هيا أخبريه بسركما الذي لا يعرفه سواكما.

اقتربت منها (سچى) تحاول الهجوم عليها وصفعها، ولكن (عِمران) أمسكها من معصمها مانعًا إياها، نظر إلى عينيها قائلًا:


- أجيبي على سؤالها، ما الأمر الذي أخبرتك به وأقسمتِ أننا لن نتحدث به مرة أخرى؟
تلعثمت (سچى) ولم تعلم بم تجيبه:
- هل تصدقها يا عمران؟ هل تصدق تلك الكاذبة؟ لم تأتِ سوى للإيقاع بيننا.
صرخ بها (عِمران):
- أجيبيني، قوت لم تكن لتأتي مطلقًا إلى منزلي وهي تعلم أني أمكث بمفردي، ولكن أنتِ أتيتِ فور أن أخبرتك أن هناك من يود التحدث معنا بمنزلي. هيا أخبريني، من أنتِ؟

أثناء انشغالهما بشجارهما، تحدثت (قوت) إلى (بتول) مشيرة إلى السوار الذي ترتديه (سچى) بمعصمها:
- السوار! انزعيه من يدها.
اقتربت (بتول) من (سچى) ونزعته من يدها بقوة، فالتفتت إليها تصرخ بها:
- أيتها الحمقاء! ماذا فعلتِ؟


حاولت أخذ السوار من (بتول) ولكنها لم تستطع؛ شعرت بالاختناق، لم تستطع التنفس، امتدت يدها إلى عنقها تحاول التخلص من شيء وهمي يضغط عليه، نظرت إلى (عِمران) تستجدي مساعدته، ولكنه ابتعد بخطواته إلى الوراء من الصدمة؛ فقد رأى ملامح (قوت) تختفي من وجهها لتحل مكانها ملامح (سچى) التي نظرت إلى (بتول) تسبها وتلعنها بصوت مختنق:
- أيتها البلهاء! لقد حذرني الدجال من خلع السوار من معصمي، إن خلعته سأنال نفس مصير قوت.

أنهت جملتها وسقطت فاقدة للحياة، اقتربت منها (بتول) لتتأكد إن كانت ما زالت على قيد الحياة، ولكنها تيقنت أن نبضها قد توقف، نظرت إلى (عِمران) الذي أخذ يهز رأسه يمينًا ويسارًا ويتمتم:
- مستحيل، مستحيل.

وقفت (بتول) أمامه لتوضح له الأمور:


- أنا أستطيع التواصل مع الأرواح بشكلٍ ما، قوت هي من أخبرتني بما فعلته سچى معها، كما أنها أخبرتني بسركما كدليل لكي تصدقني؛ أخبرتني أنك قد أدمنت المخدرات لفترة ما، وأن صديقك قد توفي بين يديك إثر تعاطيه جرعة زائدة، أخبرتني أنك ذهبت بنفسك لتتعالج خشية أن تموت كصديقك، أنت فضَّلت أن تخبرها كل شيء عن ماضيك لتكون أمامها كتاب مفتوح تعلم عنه كل شيء ولكي لا تعرف الحقيقة من شخص آخر.

انسابت الدموع من عينيه وهو ينظر إلى جسد (سچى) الممدد على الأرض، لم يكن يتخيل أن الحقد والكره قد يصل بها إلى حد اللجوء للسحر لتتخلص من صديقتها، نظر إلى (بتول) قائلًا:
- أخبري قوت أن تسامحني، فأنا لم أشك للحظة أنها لم تكن هي.
توجهت (بتول) بنظرها إلى حيث تقف (قوت):
- هي معنا الآن وتسمع حديثك، أخبرها بما تريد.


نظر إلى موضع نظرها وتحدث:
- أرجوكِ فلتسامحيني، لم أشك للحظة بها، سأفتقدك كثيرًا يا قوت.
لم يستطع أن يسيطر على دموعه، نظر تجاه جسد (سچى):
- كيف سأتخلص من جسدها؟ فهي متوفية بنظر القانون، لن يصدقني أحد إن أخبرته بحقيقة ما فعلته.

تحدثت (قوت) إلى (بتول) بشيءٍ ما، فنقلت بدورها حديثها إلى (عِمران):
- ستحتل روح قوت جسدها لكي تأخذ ملامحها مرة أخرى، وعليك بالإبلاغ عن وفاتها، وبالكشف الطبي سيتبين أن سبب الوفاة طبيعية جراء سكتة قلبية نتيجة لهبوط بالدورة الدموية.

رحلت (بتول) بعد أن أنهت مهمتها، وقبل رحيلها شكرتها (قوت) ممتنة لمساعدتها. غادرت (بتول)


متجهة إلى المشفى؛ فهناك مهمة أخرى بانتظارها؛ ألا وهي اكتشاف حقيقة (حازم حسن وهبه).
**********

وصلت (بتول) إلى المشفى وتوجهت إلى مكتبها، استدعت الممرضة لتسألها إن كان شقيق (نجوان) قد زارها اليوم، فأجابتها الممرضة بالنفي. قررت التوجه إلى غرفة (نجوان) والتحدث معها بشأن شقيقها، فربما تحصل منها على إجابة لما تريد معرفته، ومن المحتمل أن تتفاجأ بأنه هو السبب في وصولها إلى تلك الحالة أو يكون له يد بقتل طفلتها.
دخلت (بتول) إلى غرفة (نجوان) لتجد الممرضة تمسك بها تحاول تهدئتها، وهي كانت تصرخ وتهذي، تشير إلى الحائط قائلة:
- ابتعد عني، لا تقتلني، أنتَ من قتلت طفلتي.

هرعت إلى (بتول) التي انتبهت إلى وجودها بالغرفة:



- أرجوكِ أبعديه عني، سامحيني، أخبريه أنكِ سامحتني حتى يتركني، فهو يقسم أن يقتلني.

تعجبت (بتول) من حالتها، فهي المرة الأولى التي تجدها تتهم شخصًا آخر غيرها بقتل طفلتها، شخصٌ غير مرئي. أمسكت ذراعها جيدًا حتى تستطيع الممرضة إعطائها حقنة مهدئة، واصطحبتها تجاه الفراش لتغط بنوم عميق لم يخلُ من هذيانها وأحلامها التي تؤرقها.
لفت نظرها تلك الصورة التي تقبض عليها (نجوان) بكلتا يديها، راودها الفضول لتنظر إليها، أخذتها بهدوء، ولكنها شعرت بالصدمة؛ وقفت بجوار فراش (نجوان) لا تقو على الحراك، لقد كانت صورة عائلية تجمع (نجوان) بطفلتها التي لم تكن سوى الفتاة التي تأتي ل(بتول) بأحلامها، وما زاد من صدمتها الرجل الذي معهما بالصورة، والذي لم يكن سوى زوجها؛ (أدهم).
**********


دلفت (بتول) إلى منزلها بهدوء، ولأول مرة منذ فترة تجد زوجها بالمنزل، لم تلق عليه التحية ولم تتحدث على الإطلاق، بينما هو نظر إليها ثم نكس رأسه أرضًا.

جلست بجواره على الأريكة وأطلقت تنهيدة ألم، أخرجت الصورة من حقيبتها وألقتها على المنضدة أمامه، حاولت أن تتحدث بهدوء ريثما تفهم منه حقيقة الأمر، سألته:
- هل لك أن تشرح لي ما يوجد بهذه الصورة؟ من أين تعرفهما؟
زفر بهدوء:
- لا يوجد غير تفسير واحد؛ زوجتي وابنتي. تزوجنا منذ خمس سنوات، ورزقنا الله مَيس بعد عام واحد من زواجنا.

نظرت إليه بصدمة، وانسابت دموعها على وجنتيها، لم تتوقع أن يخبرها الحقيقة هكذا بمنتهى البساطة،


ظنته سينكر الأمر، أو على أقل تقدير يخبرها أن الصورة مُفبركة، أو ربما يكذب ويخبرها بأنه صديق زوج (نجوان) الراحل وهو يرعاها وطفلتها. توقف تفكيرها عند هذه النقطة؛ زوج (نجوان) الراحل، شهقت وازداد بكاؤها، تحدثت بصوت متحشرج:
- مستحيل! لا ما تقوله غير ممكن، زوج نجوان….

لم تستطع أن تُكمل جملتها، أخذت تهز رأسها يمينًا ويسارًا غير مصدقة، بينما هو نظر إليها بعينين تحملان حزن دفين داخلهما:
- بل هذه هي الحقيقة، أنا زوج نجوان المتوفي، أنا مجرد شبح يا بتول.

تعالى صوت بكاؤها، تمتمت بصوت خفيض:
- أنت كاذب، لا أصدقك، لا تخبرني بأنك ميت. هل هذه كذبة لتتركني وتحيا مع نجوان؟ هل اتفقتما على هذا معًا؟ إن كنت تريد أن تستمر بحياتك معها لعدم قدرتي على الإنجاب فلتفعل، ولكن لا تتركني، لا


تخبرني بتراهات، أنا أحبك يا أدهم ولا أستطيع أن أحيا بدونك. لقد كنت أشعر بتغيرك تجاهي منذ الحادث وابتعادك عني، اعتقدت أنك ربما لديك مشاكل بعملك، ولكن….

اقتربت منه تحاول لمسه فلم تجد سوى سراب، تراه أمامها ولا تستطيع لمس جسده، صرخت بقوة:
- لا، كيف؟ متى حدث هذا؟ أنا لا أتذكر.
أغمض عينيه، بالرغم من أنه مجرد شبح لكنه يشعر بالألم لأجلها، تمنى أن يكون أحد أفراد أسرتها معها ليهون عليها، تحدث إليها:
- لقد كنا معًا بحادث السيارة، لقيت حتفي يومها.
صمت قليلًا ثم عاود الحديث ليخبرها بصدمة أخرى:
- لقد كان حادث مرتب، وكنتِ أنتِ المقصودة به، حازم ونجوان هما من رتبا للحادث. لقد أرادا التخلص منكِ.
**********


سمر شكري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس