عرض مشاركة واحدة
قديم 03-08-20, 07:50 PM   #295

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

( سيارة رأفت )
منذ خروجهما من حفل زفاف أخيه وكلاهما لم ينطق ببنت شفه , الصمت هو السائد بينهما ولا يقطعه سوي تلك الأفكار التي تتزاحم بقلبيهما وروحهما ! كلاهما كان غارق بشيء ما ! .
استندت سلمي علي ظهر الكرسي الأمامي تنظر للطريق ولا تري شيء تتخبط بأفكارها , تحاول ترتيب دقات قلبها التي أعلنت تمردها عليها والتي بعثرها لها رأفت الليلة , وربما كل محاولاتها بترتيب أمرها عبث لكن لا بأس هي محاولة لن تخسر شيء , هي لم تتوقع أن يومها سيكون كذلك ولا بذاك التغير الذي لاحظته علي رأفت , هو دائما مشاكس , مرح يقابل عنادها بمشاكسته ومرحه , أما اليوم غير ! , مشاكسته كانت بشكل آخر , أكثر دفء وحب , اتسعت حدقة عينها السوداء وهي تتأكد الآن بـأن رأفت بات يرفض فكرة وجود حواجز بينهما , كل حركه وكلمه بتلك الليلة أعلن لها ذلك ! .
بينما رأفت كان بعالم آخر ربما أفكاره تلك ستساعد قلبها أكثر علي تمرده عليها .
فجأة أوقف رأفت السيارة بجانب الطريق بمكان هادئ ليلتفت لها وقد عادت من شرودها إثر وقوفه المفاجأ متسائلة بقلق " لماذا توقفت رأفت ؟ هناك شيء ؟ " وضع احدي يديه علي رأس الكرسي ونظر لها للحظه كأنه يرتب أفكاره ويده الأخرى يفرك جبهته ثم وضعها علي عجله القيادة , لتتنبه ملامح سلمي أكثر وتقول " ماذا رأفت ؟ " رد بهدوء يناقض ملامحه القلقة "سلمي .. سأنتظر منك أن تتحدثي مع والدتك كي أأتي مع عائلتي لطلبك للزواج ".
هتفت وعينيها تتسع من المفاجأة " ماذا ؟ "
قال ولا زال راسما ملامح باردة "كما سمعتِ " , قالت وهي تتلعثم بحروفها " لماذا هذا التغير المفاجأ رأفت ؟" .
رد بكل هدوء وكأنه لم يسمعها " سلمي سأنتظر ميعاد قريب مع والدتك ".
قالت وأنفاسها تضطرب أكثر " أنت صبرت الفترة السابقة لما ... ؟"
قاطع كلامها قائلا وهو يعتدل بجلسته ناظرا للطريق " ها قد قلتيها بنفسك _صبرت _ وها قد نفذ صبري ".
نظرت له وهي تراه بملامح غاضبه لكن رغم ذلك لم تغطي علي حبه ثم قالت " حسنا رأفت لتكن خطبه رسميه " .
قال وهو يخبط بخفة علي مقود السيارة " حين أأتي لبيتكم سيكون عرض خطبة وزواج وحناء وكل ما تريدينه لكن بوقت واحد " .
كلامه كان واضحا لا يحتمل الجدال لكنها قالت بصوت مترجيا أن يتفهمها وبعينها دمعه تتلألأ " رأفت ! " .
عيناه تلاقت بعينيها ليلتفت عنها بسرعة وهم بقيادة السيارة وقد ارتعشت عضله بفكه تأثرا بدمعتها التي تعلن هطولها فحاول التماسك وقال" انتهي الحديث سلمي "
وساد الصمت مرة آخري وهي تعود لتستند علي كرسيها ووجدت الأمر منتهيا علي الأقل من جانبه , تنظر له مرة وتعود للطريق مرة , ملامحه الصامتة تقلقها , صمته المتعب لها يحرك شيء ما داخلها , هي لم تعتاده صامتا هادئا هكذا ! . لم تدري متى وصلا لبيتها إلا حين توقف أمام بيتهم دون حديث منه !
قالت وهي تترجل من السيارة " ألن تأتي لتسلم علي أمي رأفت ؟ "
قال دون أن يلتفت لها " أبلغيها سلامي ! وسأأتي بحاله واحدة ! قرري وتعلمين كيف تجدينني سلمي "
ثم انطلق بالسيارة دون أن يسمع ردها وهو يتابعها من مرآة سيارته قائلا
" لا أقسو عليكِ بل أريدك أن تستفيقي أن لا نخسر حبنا في زحمه الحياة , أنت تبعدينني عنك دون أن تدري , دعينا نبدأ حياتنا ونستكمل العمر معا حبيبتي "
********
صف سيارته بمكانها المخصص لها بأحد أركان الحديقة الخاصة بالفيلا وترجل منها يخطو بمهل هائم مع أفكاره التي تتلاطم بعقلة تكاد تطيح به .
لم يتخيل اليوم ينتهي هكذا , كانت بدايته كالحلم المبهج منذ لقاء سلمي بشهد وذالك الوقت الذي جمعهم كلهم , كان كأنه صلح عما حدث كل الشهور السابقة , لم يكن بنيته أبدا هذا الحوار الذي دار بينه وبين سلمي بالسيارة ولم يعد يدري إن كان ما فعله صحيح أم لا ؟ فردت فعل سلمي كسرت شيء بقلبه لكنها يتفهمها وكان يريد منها أن تتفهمه هو الآخر , تلك الدمعة التي لمعت بعين سلمي وقت حديثهما , صوتها المترجي باسمه كي يتنحي عن رأيه , هل صبره الفترة السابقة ليس كافيا ؟ لما لم تأخذ بيده وتقول حسنا رأفت كفانا صبرا لنبدأ حياتنا معا .
سحب نفسا عميقا وهو يفتح باب الفيلا , يشعر بنفسه يحتاج لحمام منعش يزيح به بعض الأفكار المتلاطمة بداخله , أو ربما نسي تلك الدمعة التي تلألأت بعين العنيدة .
شعر بحرارة تجتاح جسده إثر تذكرة لتلك الدمعة أراد أن يحتضنها لحظتها ويقول انسي ما قلت ولا أري دمعتك ولكنه لم يفعل فكلاهما يحتاج لأن يستفيق ويرتب أموره , كفي عناد ومشاكسة , هما يحتاجا مع هذا حبا ,خلع سترته من عليه وحملها علي كتفه , يصعد السلم ويخبط بخفة علي الدرابزين , يتذكر فرحه أخيه وشهد فيبتسم , ثم تجتاحه داخله مشاعر لم يستطع إخمادها وهو يتذكر عنيدته تلك الطفلة البريئة والأنثى الشهية وتختفي ابتسامته حين تذكر دمعتها .
صوت أمه انتزعه من شروده وهي تقف أمام باب غرفتها قائله " لما تأخرت رأفت ؟" ضيق حاجبيه قليلا متعجبا لتساءل أمه فهي لم تعد تهتم بمواعيده ما الجديد بل كيف تنتظره إلي الآن فهي إما بأحد حفلاتها أو بغرفتها نائمة .
رد وهو يحاول رسم ابتسامه " لم أتأخر أمي " ثم نظر لساعته وهو يتيقن أن هذا بالفعل ميعاد متأخر ليتابع بهدوء " كنت بعشاء عمل لذا تأخرت "
ردت بتفهم " حسنا ابني كنت انتظرك كي أجهز عشاءك لأن نعمات نامت "
كاد يضحك لما سمعه لكنه حاول التماسك فمنذ زمن لم تعد تنتظره وتركت الأمر لنعمات وقليلا ما تجمعهم طاوله طعام , ليرد عليها بمحاوله لعدم مضايقتها بحديث يختلج قلبه " لا بأس أمي لا تحملي هم فأنا بالفعل تناولت طعامي " .
كل ما يريده الآن سريرة وحماما منعش كاد يقول لها هذا لكنها قاطعت ما انتوي قولة وأردفت " رأفت ... "
تنبهت حواسه وهو يشعر بأن ما تريد قوله سيصدمه وقال باهتمام " ماذا هناك أمي ؟ "
قالت وعلي وجهها ابتسامه واسعة توجي بفرحتها التي لم تستطع تخبئتها " خالك طلق شهد لذا سافرت لخالتها "
رد بهدوء "ومتى علمت أمي؟ "
ردت ولا زالت ابتسامتها تملئ وجهها "اتصلت بخالك اليوم واخبرني " صمتت برهة وتنهدت براحه وقالت " أخيرا لم يعد لشهد علاقة بعائلتي ! "
ابتسم وهو يرفع حاجبه وقال " نعم أمي انتهت علاقتها معنا ! الآن فهمت لما وجهك بشوشا مرتاحا هكذا "
قالت وهي تربع يدها علي صدرها " كلامك سخريه أم ماذا ابني ؟ "
اقترب منها بابتسامه لم يدعيها وهو يقبل جبينها وقال ناظرا لوجهها " لم يخلق بعد من يسخر منك أماه " وهمس داخلة " فقط تمنيت بشاشتك تلك بوقت زفاف أخي اليوم , كم كنت أفتقد وجودك وكنت أري فقدان طلتك البشوشة تلك بعين أخي ولكن ليس باليد حيله "
قالت وهي تضيق عيناها " أين شردت ؟ " ,
ابتسم وهو يعاود قبله علي جبينها وقال " أنا هنا ! لكني بحاجه للنوم تأذني لي "
ربتت علي كتفه بحنان وقالت " بالطبع ابني وأنا أيضا سأخلد للنوم "

فتح باب غرفته ينظر بأرجائها وأغلق الباب خلفه وألقي سترته علي السرير وقال كأن غرفته سترد عليه " متى سأجدها هنا بعنادها ومشاكستها ودفئها الذي أحتاجه كثيرا ولا استطع الشرح لها متى تتحول برودة غرفتي إلي حضن دافئ بك يا سلمي ؟"
انتهي الفصل العشرون ♥♥♥يسعدني رأيكم ♥♥♥


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس