? العضوٌ???
» 475418 | ? التسِجيلٌ
» Jul 2020 | ? مشَارَ?اتْي » 1,362 | ?
نُقآطِيْ
» | | البارت الرابع عشر المصائب لا تأتي فرادى
فيما كان الفندق و عماله , يرزح تحت وطأة البركان الذي انفجر فجأة ,
كانت ملك تغط في نوم عميق في فندقها , رغم أن الساعة تجاوزت منتصف النهار ,
لم يسبق أن فعلتها حتى بعد مناوباتها المنهكة , لكنها كانت على حافة الانهيار من شدة التعب و التوتر ,
و لم تستفق الا حينما استمر الهاتف في الرنين , للمرة الثالثة و أقلق راحتها
أخرجت ملك يدها من تحت الغطاء , تناولت الهاتف و دون أن تفتح عينيها ردت
" ألو "
قالت بصوت خافت
و رد الطرف الآخر بحماس
" ألو صباح الخير آنسة ملك "
بما أن ملك لم ترد قبلا , فقد اعتقدت أمينة أنها لن ترد عليها , و لكنها تفاجأت بها تفتح الخط في المرة الثالثة ,
بمجرد أن سمعها علي , حتى أشار لها بأن تفتح المكبر , و أن تتبع التعليمات التي يكتبها لها ,
لم تعرف ملك من معها على الهاتف
" صباح الخير , عفوا من معي ؟ "
" أنا أمينة مسؤولة العلاقات العامة من فندق فينوس "
بمجرد أن سمعت ملك اسم الفندق , حتى تذكرت كل ما حصل ليلة أمس ,
فتحت عينيها و جلست في مكانها بسرعة ,
و بدأت بالتفكير في الوضع و هي تشبك أصابعها في شعرها
" هل يعقل أن ذلك المجنون لا يزال يلاحق الأمر ؟
و قام بالاشتكاء عليها الى مسؤولي الفندق ؟
ربما كان عليها أن تشتكي عليه أولا و ألا ترحل بكل بساطة "
فكرت ملك بينها و بين نفسها دون أن تبدي شيئا , و كانت أمينة من بادر بالكلام
" في الحقيقة آنستي , اتصلت لأعتذر عن الفوضى التي حصلت بالأمس ,
أعلموني صباحا أنك غادرت باكرا , بعدما حصل خطأ في الحجز "
تنهدت ملك باطمئنان لأن الأمر لا يتعلق بذاك الرجل المستفز , و أجابتها بتهذيب كعادتها
" لا بأس سيدتي , لا داعي للاعتذار أنا فعلا بخير "
شعرت ملك ببعض الارتياح , مادام مسؤول من الفندق قد اتصل للاعتذار ,
أكيد أن الموضوع قد تمت تسويته ,
و أن ذلك الرجل قد أخذ جزاءه , و لن تتعرض لمضايقته مجددا
" لا آنستي أنا مصرة على التعويض , اسمحي لي أن أتصل لاحقا لأحدد موعدا على الغداء "
قالت أمينة قاطعة عليها تفكيرها , لكنها رفضت بلباقة
" لا داعي لأن تتعبي نفسك سيدتي , لم يكن الأمر خطأك ,
ثم أنا فعلا لا أفكر فيما حصل الآن "
لم ترد ملك أن تكون لها أية علاقة بذلك الفندق مجددا , فالأمر يثير سخطها و توترها .
لكن أمينة أصرت مجددا بايعاز من علي , حتى رضخت ملك لطلبها لتنهي الحاحها المحرج ,
و ما كان منها الا أن أعطتها عنوان الفندق حيث تقيم , كان يبعد خمسمائة متر فقط عن فندقهم .
بعد تبادل حديث عادي , و تكرار الاعتذار أقفلت أمينة الخط ,
كان علي بما فعله يريد جس نبضها و عدم ارباكها , حتى لا تتخلص سريعا مما أخذته .
ان شعرت أنه عرف الحقيقة , و أنها متهمة بالسرقة ستختفي دون أثر ,
لذلك قرر التصرف بترو و عقلانية حتى يستعيد ممتلكاته .
" لم تبتعد كثيرا "
علق علي ردا على مكان تواجدها , ثم توجه بالسؤال الى أمينة
" كيف بدت حينما ردت عليك ؟ "
فكرت المرأة لبرهة ثم أجابت بكل بساطة
" كانت تبدو نائمة "
"....."
حسنا ليست الاجابة التي توقعها , هو يعترف الآن أن هذه اللصة تصدمه في كل مرة بتصرفاتها .
" ضع مراقبة لصيقة عليها , خاصة هاتفها و فتش غرفتها بدقة ,
اعرف بمن تتصل الى أين تذهب و ما خططها ؟
أريد كل تفاصيلها اليومية ثانية بثانية "
قال علي موجها كلامه لكريم , و هما في طريق العودة الى الشركة ,
لم يعد هناك ما يفعلانه في الفندق , فالجهاز ليس هناك بالتأكيد .
فكر علي قليلا ثم أضاف
" أريد تقريرا دقيقا عن حياة هذه المخادعة , منذ ولدت الى هذا اليوم ,
أقسم أنها لن تفلت بما فعلته , سأجعلها تلعن اللحظة التي فكرت فيها اعتراض طريقي و الاحتيال علي "
بعد أن دخلا المكتب بساعة , و فيما علي غارق في التفكير في كيفية الخروج من هذا المأزق ,
رن هاتف كريم و بعد أن أجاب , تغيرت ملامح وجهه الى الاستياء
بالنظر اليه راود علي احساس سيء , لم يبدو بأن هذا اليوم لن ينتهي على خير ؟
و ما لبث كريم أن أكد هواجسه و مرر له الهاتف
" سيدي مسؤول الاعلام و الاعلان في الشركة يريد التحدث معك "
هذا الرجل مهندس اعلام آلي محنك , مكلف مع فريقه بادارة الاعلانات , و الصفحات الالكترونية الخاصة بالشركة و أعمالها ,
عمله أن يقوم يوميا بتمشيط المواقع بحثا عن أخبار تخص مجموعة
" العلي للسياحة و الفندقة "
السيئة منها قبل الجيدة , عادة يتولى الأمور بنفسه , لا يتصل بعلي الا في الأزمات الكبرى ,
و اتصاله الآن مؤشر سيء جدا , صحيح صدق من قال أن المصائب لا تأتي فرادى .
أخذ علي نفسا عميقا و مد يده و تناول الهاتف من كريم
" أنا أستمع "
" مساء الخير سيدي , هناك أمر خطير أود ابلاغك به "
" تكلم "
أعطاه علي الاذن بصوته الجهوري , و صمت الرجل لثانيتين قبل أن يسترسل
" ظهر اليوم مقطع فيديو في قناة على اليوتيوب , يحظى بنسبة مشاهدة عالية ,
أعتقد أنه يخص حضرتك ,
أنا بصدد التعامل مع المشكلة بالفعل , لكن أرتأيت أن تطلع على الأمر بنفسك "
طوال الوقت هناك اشاعات كثيرة تحوم حول علي , كونه رجل أعمال مشهور و شخصية عامة ,
بين زواج طلاق خسائر في الأعمال , جدل حول المشاريع و الثروة و الكثير غيرها .
لكنه لم يكن يرد على معظمها , لأنها دون مصداقية و دون أدلة , لذلك كان يكتفي بتجاهلها , و هي ما تلبث أن تختفي سريعا و تلقائيا ,
لكن ما تحدث عنه المهندس للتو أمر مغاير تماما , ورطة حية بالصوت و الصورة ,
أغلق علي الخط سريعا , و فتح هاتفه على القناة التي ذكرها الرجل قبل قليل و صدم لما رآه
كان فيديو من خمس دقائق , يصور ما حصل ليلة أمس , من لحظة خروج ملك مطرودة من غرفته ,
ثم تم تقطيعه الى غاية خروجه بعدها من الغرفة , و نظرة الاحتقار على وجهه , فيما ملك تجلس في الرواق بيأس ,
وصولا الى لقطة رجلي الأمن , و هما يحاولان اخراجها من المكان , و جدالها معهم بشراسة .
تمت منتجة الشريط بطريقة احترافية , ليظهر علي كوحش شديد القسوة , يطرد امرأة ضعيفة من غرفته بعدما استغلها , و تركها لعماله حتى يقوموا بطردها
كانت الوجوه مموهة و لم يتعرف أحد على ملك , لكن الكثيرين تعرفوا على علي ,
كيف لا و هو شخصية عامة معروفة , حتى أنهم أشاروا اليه بأحرف اسمه الأولى .
لكن كل ما في التسجيل شيء , و عنوان الفيديو مصيبة لحالها
" فضيحة رجل أعمال مع بائعة هوى في فندقه "
كلمات قاتلة بالنسبة لرجل في مثل مكانته .
شعر علي بأن كل حواسه شلت , أغرق عرق بارد جبينه و ظهره , و ارتجفت يداه مع كل تعليق قرأه تحت الفيديو
" وحش يتخفى خلف قناع البر و الاحسان "
" بسبب أمثال هذا الحيوان انحط المجتمع و فسدت الأخلاق "
" يعتقد أن بامكانه معاملة الآخرين كالحيوانات مادام لديه بعض المال "
" حسبنا الله و نعم الوكيل على هذا ال..."
وابل من الشتائم و غضب عارم من المعلقين , أجمعوا كلهم على ادانته و التعاطف مع ملك .
أغلق علي الصفحة و عاود الاتصال بالمهندس
" اتصل بالمحامي و أعلمه بالموضوع ,
لديك الضوء الأخضر , افعل كل ما يلزم ليختفي الفيديو "
قال بصوت بارد لكن نبرة الغضب كانت واضحة جدا
" حاضر سيدي "
أجاب الرجل باحترافية و أغلق الخط .
طبعا الأمر هين فيما يتعلق بصفحة اليوتيوب , لأنهم بمجرد أن يصلهم اخطار من المحامي برفع قضية على قناتهم , فانهم سيوقفون بثه مباشرة ,
فمن ذا الذي يجرؤ على الوقوف , أمام رجل مثل علي في المحاكم في قضية تشهير ؟
المشكلة كانت في باقي الصفحات , و الأفراد الذين حملوا الفيديو و بدأوا ببثه ,
كان لزاما على الفريق تقفي أثرهم واحدا واحدا , و الزامهم بالتوقف عن نشره ,
و ان لزم الأمر قرصنته , فعلي طلب محوه بأية طريقة و الأمر واضح .
بعد انتهائه من المكالمة , فتح علي صفحة البورصة ,
و كما توقع بدأت خسائر أسهمه , على وطأة الأخبار المنتشرة , و هي مستمرة و بوتيرة سريعة , بما أنه لا يزال هناك وقت على الاغلاق ,
لا يمكن ألا يؤثر خبر كهذا على أعماله , هذه ضريبة الشهرة و الثراء .
زاد غضب علي حتى بانت عروق رقبته , ألقى الهاتف بغيظ ناحية الحائط مقابله و الذي تفكك الى أجزاء
ضم يديه الى جانبي كرسيه بكل قوة , حتى كادت تتحطم مفاصله ,
محاولا ألا يفقد أعصابه في المكتب و أمام عماله , لكنه لم يلبث أن مد يده , و ألقى ما على المكتب الى الأرض
" جيد جيد جدا , منحرفة نكرة لا تساوي فلسا ,
تتلاعب بي و تسرق أغراضي , و تتسبب في فضيحة بهذا الحجم ,
تجعل العالم كله يلعنني , و أخسر بسببها كما لم يحدث في حياتي "
قال مكلما نفسه بغضب , و هو يكز على أسنانه و يمسح على جبينه , مع ابتسامة استياء على جانب فمه
كان علي ساخطا و قلبه يملؤه الحقد , لو كان تعرض لسطو مسلح مباشر , ما كان ليغضب الى هذه الدرجة ,
لكن ما يحز في نفسه , أنها احتالت عليه و تسببت في اهانته و اذلاله ,
ففكرة أن يخدعه أحدهم , و يستولي على ما يخصه و يشهر به , أمر يجرح غروره و كبرياءه , و يهز ثقته في نفسه ,
علي الذي كان طوال عمره , يعتز بذكائه و هيبته التي لا يهزها شيء ,
تأتي امرأة عديمة الأخلاق بائعة هوى , لتضرب بكل هذا عرض الحائط ,
لا يمكنه الا أن يحقد عليها و يخطط للانتقام منها , حتى لو استعاد ما أخذته ستدفع الثمن غاليا ,
يريدها عبرة لمن تسول له نفسه اعتراض طريقه ,
هو الآن فعلا يريد أن يضحك بصوت عال على نفسه ,
كيف كان غبيا ليتركها تفلت من بين يديه بتلك البساطة , و تغادر تلك المحتالة تحت أنظاره هكذا ؟
حتى أنها سلمها الأغراض بيده
" أدع الله ألا تقعي في يدي , لأنني لن أرحمك أيتها الساقطة "
قال محدثا نفسه ثم خاطب كريم
" شدد المراقبة عليها بقدر ما تستطيع , و ضع مراقبة على حراس الأمن و عامل الاستقبال "
الفيديو الذي شاهده علي , كان مقتطعا من كاميرات المراقبة الخاصة بالفندق ,
لم يكن تسجيلا عشوائيا على هاتف أو كاميرا ,
لا يعقل الا أن يكون قد سرب من طرف العاملين فيه , لأن لا أحد يمكنه الولوج الى التسجيلات عداهم ,
اضافة الى أنه أدرك أن هذه المرأة محترفة , و أكيد هناك من يقف خلفها ,
و الا ما خططت للأمر بهذه الدقة , و هو الآن يريد العصابة كلها .
" حاضر سيدي " .
.
.
.
.
.
.
.
.
.
. البارت الخامس عشر لم يكن خطأ أنا رتبت الأمر
في الفندق كانت ملك قد استفاقت تماما , بعدما أنهت المكالمة مع أمينة ,
و بدأت تشعر بالجوع فقد فوتت الافطار , و على وشك تفويت الغداء .
مدت يديها و مددت جسمها و قد شعرت أنها استعادت حيويتها , بعد ليلة الرعب التي عاشتها ,
و أول شيء فعلته كان أن اتصلت بوالديها , قبل أن تغادر الفراش لطمأنتهما
" صباح الخير ماما "
" صباح الخير حبيبتي , كيف حالك ؟ "
" بخير اشتاق لكما كثيرا "
" كيف سار الأمر البارحة , هل وفقت في تقديم عرضك ؟ "
كانت ملك قد تفادت الاتصال بوالدتها , البارحة مساءا لأن الوقت كان متأخرا , و لم تواتها الفرصة الا الآن
" أجل حبيبتي كل شيء سار على ما يرام , لا تقلقي "
طبعا ملك لن تخبر والدتها شيئا مما حصل , و الا ستنتابها نوبة ذعر و ستكون معها خلال ساعات ,
ما دام لم يحصل مشكل كبير و هي بخير فلا داعي لذكر الأمر .
استمرت المكالمة لدقائق , و أغلقت ملك بعد أخذها وابلا من التعليمات , للاعتناء بنفسها و الاستمتاع بوقتها و عدم تفويت الوجبات .
قامت بعدها ملك و أخذت دشا ساخنا , ثم غيرت ملابسها استعدادا للمغادرة ,
كعادتها لم تتكلف في لباسها , مجرد قميص أسود بكمين , مع سروال جينز بنفس اللون و حذاء رياضي أبيض ,
ثم أضافت سترة جلدية خفيفة , تحسبا لبعض البرد في الخارج .
بعد تناول غدائها خرجت ملك للتجول , كانت قد وضعت قبل وصولها برنامجا عبر الانترنت ,
لزيارة الأماكن السياحية الأكثر شهرة , و وزعته على عدد الأيام التي تبقاها هنا ,
أرادت رؤية غروب الشمس من مصاعد برج خليفة ,
و الاستمتاع بمنظر النافورة الراقصة التي ذاع صيتها عالميا ,
أرادت الاسترخاء في حديقة الزهور ليوم كامل , أخذ أنفاس نقية و التقاط الصور للذكرى .
دون أن تنسى برمجة زيارة لأكواريوم دبي , و الاستمتاع بمنظر الكائنات البحرية هناك .
الآن فقط أدركت أن عدد أيام بقائها هنا قد لا يكون كافيا , و ربما هي بحاجة للعودة مجددا في مناسبة أخرى ,
لكنها قررت أنها في المرة القادمة , ستقوم باصطحاب والدتها لقضاء عطلة , لعلمها بولعها بهذه الأمور الممتعة .
.
.
في الطرف الآخر كان الفيديو قد اختفى دون أثر , بعد ستة ساعات من العمل الجاد من طرف الفريق ,
كما أن خسائر البورصة استقرت مباشرة بعد اغلاقها ,
لكن الشيء الوحيد الذي لم يهدأ هو حنق علي , و غضبه الذي تسبب له في أرق شديد .
.
.
.
بعد يومين كانت ملك قد استرخت كلية , و نسيت ما واجهته في أول يوم ,
كانت تستيقظ باكرا لتبدأ جولتها , تتنقل من مكان الى آخر , تلتقط الصور و تستمتع بالتسوق ,
حيث حرصت على ابتياع الكثير من الهدايا , لنفسها و لعائلتها و أصدقائها , لدرجة أنها اضطرت لاقتناء حقيبة أخرى .
في هذه الأثناء كان علي يعيش على أعصابه , لا يغادر مكتبه و يعمل طوال الوقت , على محاولة استرجاع المعلومات التي فقدها .
كان يجري اتصالات مكثفة مع مديري البنوك التي يتعامل معها , من أجل اعلامهم بالاستيلاء على معلوماته الخاصة ,
حيث كان يقدم طلبات لتغيير كلمات المرور و الأرقام السرية ,
كان الأمر هينا فيما يخص البنوك المحلية , لكن نظيرتها الأجنبية اقترحت تجميد التعامل بالأرصدة , مادام هناك شبهة استيلاء , الى أن يقدم علي طلبا شخصيا و يحضر بنفسه ,
بما أن الأمر يتعلق بملايين الدولارات , لن تتغير الأمور بمجرد اتصال هاتفي , حتى مع حضوره قد تستغرق الاجراءات وقتا مطولا ,
لم يجد علي بدا من قبول الأمر , رغم أن وقف الصرف من أرصدته , و مناقشة كل معاملة مهما كانت بسيطة معه شخصيا , سيؤثر على تمويل مشاريعه في الخارج ,
لكنه لم يجد مفرا من ذلك , في انتظار تنقله بنفسه الى هناك ,
رغم تعقد الوضع الا أنه يبقى أفضل الحلول المتاحة , فهو لا يريد المغادرة الآن , و ترك المشكلة معلقة دون حل , خاصة أن أمينة أخبرته أن ملك سترحل بعد أيام .
هو يعلم ان ركبت هذه المحتالة الطائرة و عادت الى بلدها , فعليه أن ينسى تماما مسالة استعادة حاسوبه .
فيما هو غارق في التفكير , يحاول التخلص من الصداع الذي لازمه لأيام ,
دخل عليه كريم و قد بدا مصدوما , و تكلم دون أية مقدمات
" سيدي خسرنا المناقصتين اللتين دخلناهما منذ شهرين "
كانت احدى المناقصتين لبناء برج سكني مع مول وسط المدينة ,
و الأخرى لقرية سياحية على شاطئ البحر في امارة عجمان .
نزل الخبر كالصاعقة على علي , فقد كان واثقا من تحصله عليهما ,
لأن الاستطلاعات كانت تقول أن عرضه كان الأفضل , لكن خاب ظنه و حساباته ,
كانت هذه ضربة موجعة أخرى , بعد خسائر البورصة قبل أيام ,
كان علي كمن يخرج من ورطة ليقع في مصيبة , حتى أنه فقد القدرة على النقاش ,
تنهد بعمق حنى رأسه الى الخلف , أغمض عينيه المحتقنتين و مرر يده على شعره بتوتر
" لمن ذهبت الصفقات ؟ "
" الأولى لشركة سباركل الايطالية , و الأخرى لشركة الزعفري للبناء و التعمير "
أجابه كريم و عبس علي
هذا كان أكبر منافس له في مجاله , لطالما تنافسا بضراوة للظفر بالمشاريع .
غمغم علي بينه و بين نفسه لكن كريم فهم قصده , لا يعقل أن تكون مجرد مصادفة بحتة ,
أكيد لها علاقة بما حصل قبل أيام , بادراك الأمر بدأ الخوف يدب في قلب علي
" هل هذا معناه أنهم تمكنوا من الدخول , و فك شفرات مختلف الملفات في الداخل ؟
هل يعقل أن هؤلاء هم من استخدموا تلك المرأة ؟
أم أنها تعاملت مع آخرين غيرهم ؟
هل هذا معناه أنه سيخسر كل صفقة يدخلها مستقبلا ؟ "
لم يعرف علي فيم عليه أن يفكر , فقد انهكت قواه و استنزفت أفكاره
" ما أخبار المراقبة ؟ "
سأل مجددا بصوت خافت
" آسف سيدي فتشنا غرفتها ثلاث مرات دون جدوى , لا تتصل بأحد عدا أهلها و بعض معارفها من بلادها ,
لا تتواصل مع أحد هنا , و لم تلتق أحدا منذ أيام ,
قصدت بعض الأماكن السياحية و العامة , لا أماكن مشبوهة لحد الساعة ,
يعني تستمتع بوقتها كأي سائح عادي , حتى أنها لا تغادر غرفتها بعد العاشرة مساءا "
" و اتصالات الانترنت ؟ "
رد كريم بصوت خائب
" لا يمكننا الاطلاع عليها , هي تستخدم هاتفها طوال الوقت ,
لكن لا نعرف ان كانت على اتصال بأي شخص أو لا "
استمر علي بالسؤال
" و التقرير الذي طلبته ؟ "
" استغرق الأمر مني بعض الوقت , حتى أجد شخصا موثوقا للقيام به , كما تعلم لا حلفاء لدينا هناك ,
لا يمكنني أن أطلب من أي كان , التحقيق في خلفية المرأة و الا اتهمنا بالتجسس ,
الأجهزة الأمنية هناك لا يستهان بها , و على أعلى مستوى من اليقظة , لكنه سيكون جاهزا خلال أيام "
نظر علي الى كريم بحيرة و سأله
" أتعتقد أنها لا تزال تحتفظ به بعد كل هذه التسريبات و الفضائح ؟
أنا متأكد أنها سلمته و انتهى "
فكر كريم قليلا قبل أن يجيبه
" ربما سيدي و لكن قد لا تكون فعلت بعد ,
أو على الأقل تخبرنا لمن سلمته و نحن نتصرف "
كانت الأخبار التي قالها كريم , بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس , بعد التفكير في الأمر أصدر علي آخر أوامره
" أخبر أمينة أن تحدد معها موعدا على الغداء غدا , في أحد مطاعمنا و استدع مارك "
لمعت عينا كريم بتوتر , فهو يعرف أن استدعاء علي لمارك , كاستخدامه لقنبلة نووية لحل المشكلة ,
و أنه وصل حد اليأس لايجاد حل على طريقته , لكنه لم يسعه الا تنفيذ الأوامر
" حاضر سيدي " .
.
.
.
في مطعم فاخر متخصص في المأكولات البحرية وسط المدينة , مجهز بغرف خاصة من أجل الزبائن المميزين و المهمين ,
عند منتصف النهار وصل علي يرافقه كريم و مارك ,
كانوا قد اجتمعوا لساعتين قبل القدوم الى هنا , حيث قدم علي شرحا مفصلا لكل تفاصيل أزمته لمارك .
هذا الأخير هو مستشار أزمات ملم بكل التخصصات , يلجأ اليه المشاهير و الساسة , للحصول على حلول للخروج من أزماتهم و فضائحهم ,
مهما كانت نوعيتها سياسية مالية أو أخلاقية , هو دائما لديه الحلول المشروعة و غير المشروعة ,
المهم أن ينقذ زبونه من الورطة التي وقع فيها , مقابل الحصول على مبالغ خيالية .
لم يتوقع علي يوما أن يحتاج رجلا مثله , ليحل مشاكله و لكن للضرورة أحكاما .
بعد جلوسهم مباشرة دخلت ملك المطعم , كانت قد اتفقت مع أمينة على الالتقاء هنا ,
دنت من النادل و سألت عن الغرفة رقم عشرة , و اقتادها هذا الأخير الى أمام الباب قبل أن ينصرف ,
دقت بعدها ملك برفق ثم دخلت الغرفة , توقعت أن تجد السيدة في الداخل , لكنها فوجئت بوجود ثلاثة رجال ,
اثنان يجلسان الى الطاولة , و الآخر يقف قرب الباب ,
شعرت ملك بالاحراج و سارعت للاعتذار
" آسفة لقد أخطأت المكان "
قالت بارتباك دون أن تحدق في وجوه الحاضرين , ثم همت بالعودة تريد معاودة الاتصال لتصحيح مكان اللقاء .
لكن قبل أن تخطو خطوة واحدة , سبقها كريم و أغلق الباب من الداخل , ثم وقف خلفه مانعا اياها من المغادرة ,
كان كريم يسد الباب بجسمه الضخم , و يضع ذراعيه أمام صدره بطريقة متحدية ,
ناهيك عن نظرته الباردة , التي تجمد دماء من يقف أمامها .
جفلت ملك من هذه الحركة المفاجئة , و دب الخوف في قلبها ,
فهذا الرجل يبدو و كأنه يجهز نفسه لجولة مصارعة , مع عضلاته المفتولة التي تكاد تمزق البدلة التي يرتديها ,
و قامته التي تقارب المائة و التسعين , كما أن ملامحه المتجهمة لا تحسن في الوضع شيئا .
لم تفهم ملك لم يبدو بأن هذا الرجل يحاول احتجازها هنا
" عفوا أريد المغادرة "
ابتلعت ريقها و قالت بصوت هادئ , طالبة منه بكل أدب أن يدعها تمر ,
كانت يداها ترتجفان , و هي تضم حقيبتها الى جانبها محاولة تخفيف توترها .
لكن كريم كان يقف كالصنم دون حراك , و كأنه لم يسمع ما قالت , هو حتى لا يرمش لتعرف ان كان حيا أو لا
"...."
بعدها انطلق صوت من ورائها , قاطعا وصلة تأملها مع كريم
" اليوم لم يكن خطأ أنا رتبت الأمر " .
في رأيكم كيف سيكون الصدام الثاني بينهما ؟
💞💞💞
......... |