عرض مشاركة واحدة
قديم 31-08-20, 05:49 PM   #208

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

تنظر إلى خالتها التي ترتب بعض الحافظات الحرارية فتبتسم برقة : هل تريدين مساعدة يا خالتي ؟!
ابتسمت منال برقة : لا يا حبيبة خالتك ، اذهبي إلى زوجك واخبريه أن يأتي ليحمل هذه الأشياء بمؤخرة السيارة .
أومأت برأسها وهي تتنفس بعمق تتجه نحو زوجها الواقف عند السيارة يرتب الحقائب بها لتهمس بخفوت : أحمد خالتو تريد منك أن تذهب إليها لتأت ببعض الأشياء التي ستأخذها معها .
زفر بضجر : ألن تنتهي أمي من حمل الأشياء ؟!
اتته ضحكة خالد الخافتة ليجيبه من أمام السيارة : توقف حتى لا تستمع إليك .
تحرك لينظر إليه : ألا نستطيع الاستعانة بتأثيرك عليها يا خواجة لتتوقف عن جلب الأشياء معها ؟ هز خالد رأسه نافيا ليتابع أحمد بتساؤل – هل تركت ماما شيئا بالبيت لم تحمله معها ؟
قهقه خالد ضاحكا ليشير إلى أميرة : تعالي يا أميرة هنا حتى إذا أتت حماتك واستمتعت إليه لا تخرج غضبها عليك ، اتركيه بمفرده يتلقى عقاب امه .
همت بالحركة نحو خالد ليتمسك بها بقربه : أميرة لن تبتعد عني ، ستبقى معي لنتلقى عقاب ماما سويا أليس كذلك ؟
ابتسمت برقة فجذبها من خصرها إليه لتدفعه بعتب في صدره وتهم بالابتعاد : توقف يا أحمد أبيك هنا .
رجف فكه ليبتسم هاتفا بتفكه : إنه عمي وليس بابي .
عبست بتعجب تنظر إليه بتساؤل عم يقوله فيهتف خالد بجدية : ماذا تقول يا أحمد ؟
تمتمت أميرة سريعا وهي تنظر إليه بعدم فهم : لا شيء يا عماه إنه يمزح معي ليس أكثر .
تحرك خالد نحوهما ليقف في مواجهة ربيبه ينظر إليه بتفحص فيبتسم أحمد مهمهما بخفوت : كنت أمزح مع أميرة .
راقبه خالد بانتظار ليتمتم بحشرجة : يا دادي .
رمقه خالد بثبات ليهمس بهدوء : اذهبي إلى خالتك يا أميرة ، لعلها تريد منك شيئا .
توترت حدقتيها فابتسم أحمد إليها مطمئنا ليتحاشى النظر إلى عيني خالد القاتمة ليهمهم مبتسما بمرح زائف : ماذا حدث يا خواجة ، إنها مجرد كلمة القيتها بمرح لزوجتي ليس بشيء هام .
ابتسم خالد ببرود : حقا ؟!عبس أحمد بتعجب : بالطبع ، يا دادي ، أنا فقط كنت أمزح مع أميرة لتتوقف عن الخجل الغير مبرر .
سحب خالد نفسا عميقا لينظر إليه دون مواربة : بل خجل زوجتك مبررا ولكن أنت من تقلب موازين الكون لأجل فكرة مخبئة في رأسك لا يعلمها سواك .
زفر بقوة : إنها زوجتي يا ابي وأنا لا أفعل ما يشين ، ولا أفهم ما الخطأ في أن اضمها إلي أو أمزح معها في وجودكم .
هز خالد رأسه في يأس : لا فائدة من النقاش معك ، فقط احترم حيائها وخجلها واحترم وجود الكبار منا .
أشاح أحمد بعينيه بعيدا ليتابع خالد بجدية وثبات : وتذكر دوما يا بني ، أنا أباك من رباك وأستطيع بسهولة النفاذ إلى داخلك ولكن أمنحك الفرصة كاملة لتأتي بمفردك دون أن اجبرك .
رجفا جفنيه لينظر إلى خالد بتساؤل فيبتسم خالد ببرود : فكر بتروي وتفهم حديثي جيدا وإذا أدركت ما قصدت ستجدني في انتظارك .
راقب خطوات خالد المبتعدة لزم شفتيه بضيق ويغمض عينيه متمتما : تبا لي ولغبائي.
نفخ بقوة وعاود ما يفعل قبل أن ينتبه على هذرة صاخبة حلت عليهم فجأة ليبتسم إلى سيارة زوج شقيقته التي وقفت بباحة منزل عائلته يصدح منها أغاني عالية باللهجة الشامية ليقفز أبن شقيقته من السيارة يعدو نحوه ليفتح له ذراعيه على وسعهما ليتلقفه يضمه إليه بقوة : اشتقت إليك يا ولد ،
فيهتف خالد بقوة : وأنا الآخر يا خالو .
اتسعت ابتسامته ليتلقى ابنة اخته بترحاب مضاعف يقبل رأسها ويحتضنها بحنو جم قبل أن يحي مريم التي وصلت معهم برأسه في ترحاب وهو يضم أبناء شقيقته بتملك ليصدح صوت هنا هاتفة : احتضنت الطفلين وأنا لا .
تعالت ضحكاته ليقترب من شقيقته يضمها إليه يقبل رأسها قبل أن يصافح تيم الذي تبادل معه الحديث بأريحية وشقاوة عمت على الحديث الذي شاركت فيه هنا بمشاغبات كثيرة وهي تقف من خلف زجاج نافذة الصالون تراقبهم عن كثب وتشعر بغصتها تتكاثف بحلقها ، تتأمل عودته إلى ابنة شقيقته ليحتضنها ثانية يضمها إلى صدره ويسأل عن أحوالها باهتمام يشاكس الصبي بمداعبات رجولية تخصهما سويا لنبض قلبها بألم وعقلها يتساءل عن سبب رفضه للإنجاب فهو رائع مع اطفال شقيقته ، بل إنه رائع مع الأطفال الغريبة اللائي يقابلونهم بالمصادفة في الخارج ، دمعت عيناها وهي تتذكر أنها ظنت قبلا أنه لا يقو على الإنجاب لتستغل مرة كان يفحص بها الفحص الدوري المعتاد والذي تطلبه المؤسسة كل فترة زمنية محددة لتطلب من جنى مساعدتها والتي فعلت دون تأخير وخاصة أنه يجري الفحوصات اللازمة في المشفى خاصتهم لتزيد جنى بضعة اختبارات يجريها المعمل لتأتي لها بنتائجه ، يومها بكت كما لم تبكي من قبل حتى تلك الأيام التي كان يمنعها أبيها عنه لم تبكي حينها مثلما بكت يومها وهي تتأكد أنه سليم ، تتأكد أنه بخير ، تتأكد أن ليس لديه أي مانع من الإنجاب !!
كما رددتها عليها الطبيبة التي ذهبت إليها بنتائج التحاليل فيم بعد لتجري بعض من الفحوصات هي الأخرى لتخبرها الطبيبة إنهما سليمان معافان وإذا أرادت الإنجاب لا يمنعها أي شيء سوى القدر ومشيئة الله ، ومن حينها وهي تحاول أن تحمل طفله ولكن من الواضح أن القدر ومشيئة الله لم تأت بعد .
زفرت بقوة وهي تنظر إليه من جديد لتنتفض بخفة على كف زوج خالتها الذي ربت على كتفها ليسالها بهدوء : أنت بخير يا ابنتي ؟!
التفتت إليه بعيني دامعة لتتسع عينا خالد بصدمة لتهز رأسها نافية وهي تتمتم : لا يا عماه لست بخير .
***
جلست أمام ابنة خالها التي خلعت حذائها من قدميها لتهمس بتعب : قدماي لا أشعر بهما يا يمنى ، كتمت يمنى ضحكاتها لتتبع حبيبة بتأفف - لا أفهم كيف صمدت كل هذه المدة وأنت ترتدين هذا الحذاء ذو الكعب العال
تمتمت يمنى : لم اقض وقتا طويلا .
تأوهت حبيبة وهي تضع ساقا فوق أخرى : أنا ساقاي تؤلماني فأنا منذ الصباح اتسوق مع عمر لقد دعاني إلى الغذاء وظللنا نتسوق إلى أن هاتفتني كنت سأرفض أن ات إليك ولكنه هلل مرحا وهو يستمع أنك هنا ليهتف بأنه يريد المجيئ إلى التسوق ، اتبعت وهي تحرك ظهرها بألم لا أفهم ما كل هذه الأشياء التي يشتريها ؟!
ضحكت يمنى رغم عنها لتتبع حبيبة : انه شره في التسوق يا موني ويبتاع كل ما يعجبه ويعجبني وحينما حاولت أن أدفع ثمن مشترياتي زجرني بحدة لم يتبعها معي من قبل .
تعالت ضحكات يمنى لتعبس حبيبة بضجر فترقص إليها يمنى حاجبيها هاتفا بمشاكسة : ألم تفكري أنه يتسوق لأجل الزواج ؟!
توردت حبيبة لتخفض عينيها بحرج : بالفعل هو يفعل.
اتسعت ابتسامة يمنى لتغمغم حبيبة : لقد أخبرني بذلك حينما اعترضت على بعض الملابس الشتوية التي ابتاعها لي وله فأخبرني بمنتهى الأريحية أن نولا أخبرته أن عليه أن يبتاع ملابس لأجل زواجه ، ضحكت يمنى بخفة لتتبع حبيبة بنقمة - وهو ينفذ أوامر والدته .
رمقتها يمنى قليلا قبل أن تهمهم : اسمعي يا حبيبة طريقتك في الحديث عن استماعه إلى كلام والدته ليست صحيحة وما يفعله عمر ليس بهذه الطريقة التي تلمحين إليها
اتبعت يمنى بجدية : خالتي منال تؤثر في حياة أولادها ولكن ليست بهذه الطريقة وما يفعله عمر ليس لأنه يستمع إلى كلام والدته بل لأنه يريد أن يبتاع الملابس التي تنتقيها أنت له ويريد أيضا أن ينبهك بأنه يستعد لزواجكما .
بهتت ملامح حبيبة لتكمل يمنى بجدية : فليس هناك ما يمنع الآن من إتمام الزواج واقامة العرس يا حبيبة ، أم هناك ؟!
هزت حبيبة رأسها نافية لتبلل شفتيها برقة : أعلم وأدرك ما تقولينه ولكني كلما فكرت في الأمر أشعر بخوف غير طبيعي يتملكني .
ابتسمت يمنى برقة : إنه لأمر طبيعي يا ابنة خالي فأنت مقبلة على بداية جديدة ..على حياة في بيت جديد بعيدا عن عائلتك .. عن أهلك ، مع شخص مهما تعرفت عليه عن قرب لازال يخفي داخل شخصيته شيء لن تدركيه أبدا سوى بالمعاشرة والحياة اليومية والاحتكاك سويا .
هزت حبيبة رأسها بتفهم لتتابع يمنى : الخوف أمر طبيعي فقط لا تدعيه يمتلكك ويتملك منك .
تنفست حبيبة بعمق لترفع عيناها إلى ابنة عمتها تبتسم إليها برزانة قبل أن تهمس : هل لي أن أسأل عن أمر ما ؟!
ابتسمت يمنى باتساع : عمار أليس كذلك ؟!
اومأت حبيبة برأسها : أشعر أنه مختلف ، يتحاشى الاقتراب منك والتحدث إليك وأنت الأخرى تتصرفين وكأنه ليس معنا ، هل حدث شيئا ما بينكما يا يمنى ؟!
رمشت يمنى بعينيها لتهمهم بصوت أبح : لا لم يحدث ، بل عدنا إلى قواعدنا سالمين .
عبست حبيبة بعدم فهم لتغمغم : عدتم إلى قواعدكم سالمين ، اتبعت بضحكة ساخرة - ومنذ متى وهذه قواعدكم يا يمنى ؟!
رفعت يمنى عينيها بعدم فهم لتتابع حبيبة : اعذريني ولكن أنت وعمار كنتما دائما كالقط والفار تتشاجران تثرثران ، يشاكسك فتغيظيه ، تثيرين ضيقه فيحتد عليك فتتشاجران من جديد ثم تعودان ثانية تثرثران ، أنت وعمار دوما كنتما تندمجان في عالمكما الخاص ولا تسمحان لأحد بالاقتراب منه ، بل كنتما تطردان أي أحدا يحاول الاقتراب من محيطكما وخاصة هو ، كان يبعد أي أحدا يحاول الاقتراب منك لطالما تشاجر مع حسام وسليم حتى لا يقتربان منك ، ابتسمت حبيبة بمكر أنثوي - وللآن لازال يغار عليك منهما .
تخضبتا وجنتا يمنى بحمرة قانية لتهمس باسم ابنة خالها بخفوت لتتبع حبيبة : لن اصمت يا يمنى ، سأقول ما رأيته ، عمار كاد أن ينفجر غضبا يوم مولد آسيا مما فعله سليم ، وحينما وصل لأقصى حدود احتماله أعلن عن ملكيته لك بتزكية من الأمير نفسه .
اتبعت حبيبة بجدية : ولكن ما أراه الآن غير متفق مع ما رأيته يومها ، لذا أسأل هل حدث شيء بينكما ؟!
سحبت يمنى نفسا عميقا لتهمس بخفوت : عمار تقدم للزواج مني يا حبيبة ولكني رفضته .
شهقت حبيبة وعيناها تتسع بصدمة لتهتف بحدة : هل جننت يا يمنى ؟!
نظرت يمنى حولها لتهمس بحدة : اخفضي صوتك يا حبيبة من فضلك هو فقط تحدث مع أبي وأخبرني وأنا أجبته بالرفض ، عبست حبيبة بعدم فهم لتكمل يمنى شارحة - لم يأت بعائلته وهكذا بل أخبر أبي وأخبرني أنه تحدث مع أبي ولكني أجبته بالرفض .
تمتمت حبيبة وهي تقترب منها بحدة : لهذا أسألك هل أنت مجنونة ، أم ماذا ؟!
عبست يمنى بضيق لتهم حبيبة بالحديث ولكنها التقطت اقتراب عمر وعمار منهما لتغمغم بعصبية : لنا حديث آخر ولكن حينما نكون بمفردنا .
زمت يمنى شفتيها برفض لتشيح بعينيها بعيدا ليقتربا الشابين منهما يضع كلا منهما ما يحمله ليهتف عمر بمرح : أتيت إليك يا بيبا بالسيزر سلاد التي طلبتها وأتيت إليك بشطيرتين من الفراخ المشوية .
هتفت حبيبة برفض : لا أريد أن اتناول الطعام يا عمر.
هز رأسه رافضا وهو يقرب منها الطعام : بل ستفعلين أنت تدورين معي طوال النهار ولم نتناول الطعام منذ الغذاء .
عضت شفتها لتهمهم بجانب اذنه: لا سأكتفي بالسلطة فأنا اتبع نظام غذائي للمحافظة على الوزن .
عبس عمر لينظر إليها بصدمة : نظام غذائي ، ومحافظة على الوزن ، ومن أخبرك أني موافق على النظام الغذائي أو أن تحافظين على وزنك مثاليا ؟! اتبع وهو يقترب منها بخفة - أنا أحبك وأنت بطة هكذا يا بطتي .
لكزته بعتاب : تأدب يا عمر .
ضحك بخفة ليهمهم إليها بمكر : لم أقل شيئا بعد ، اتبع وهو يقرب منها الطعام - فقط تناولي طعامك كله حتى نذهب ونبتاع الآيس كريم هناك متجر للمثلجات سيعجبك جدا.
هتفت بصدمة : مثلجات ؟!
فشاكسها بملامحه : أينعم سأعوضك عن الوزن الذي فقدته معي اليوم.
كتمت يمنى ضحكتها لتلف رأسها بعيدا عنهما فتبتسم بتوتر حينما وجدته ينظر إليها ليهمس : أتيت اليك بطعامك المفضل ، نظرت إلى الحقيبة الورقية أمامها فاتبع - اتمنى أن لا تكوني تتبعين نظام غذائيا محددا .
ابتسمت رغم عنها لتجيب بأريحية : لا ، أنا لا اتبع نظاما غذائيا فأنا أقوم بتماريني الرياضية دوريا .
تمتم : أعلم ، قرب طعامه منها ليهتف - تذوقي أيضا هذا سيعجبك .
عبست بتساؤل فهمهم وهو يتناول طعامه بالفعل : أنه نوع من الطعام الآسيوي سيعجبك .
ترددت فقدم لها عصايتين خشبيتين ليشير إليها بأن تؤكل فتحاول لتنفلت منها قطع الخضروات ليضحك ويقترب منها بخفة هامسا : انظري يا مونتي ، حرك العصايتين أمامها لتما برأسها في تفهم لتعيد حركته بسلاسة فيهتف بحبور - رائع
تناولت بعضا من الطعام بمهارة فاتبع : لطالما كنت سريعة التعلم وماهرة به
تحاشت النظر إليه لتهمس بهدوء حينما سألها عن رأيها : انه جيد .
همس بجدية وهو يقرب طبق الطعام منها : إذا أردته سأتركه لك وات بغيره .
هزت رأسها نافية : لا شكرا لك ، بحثت بالحقيبة الورقية لتهمس بجدية : ما ثمن الطعام يا عمار ؟
احتقن وجهه بقوة ليغص بطعامه ناظرا إليها بحدة قبل أن يتمتم : احترمي نفسك يا ابنة خالتي وتناولِ طعامك بصمت من فضلك .
همت بالحديث ليزجرها بعينيه في غضب تملكه لتزم شفتيها بضيق وتتحاشى النظر إليه فيهدر بها في حدة : تناولي طعامك ، عبست بضيق ليتبع بصوت هدأ غضبه - تناولي الطعام يا يمنى من فضلك .
القى كلماته بهدوء وهو يخرج إليها الطعام من حافظته الورقية ليهدهدها بخفوت : هيا يا ابنة خالتي تناولي طعامك قبل أن يبرد .
لوت شفتيها بنزق ولكنها بدأت في تناول الطعام فعليا ، فيبتسم قبل أن ينشأ حديث ثرثر فيه مع عمر لتشترك حبيبة فيه لتشاركهم أخيرا الحديث بنبرة مرحة منغمسة في الطعام الذي تناولته بتلذذ وهي تشاركهم جلستهم فيشعر – أخيرا - أنها بجواره ليتنفس بعمق شاعرا بوجودها الذي اشتاق إليه والذي لم يحس به منذ وقت طويل
***
يتحرك بتوتر في كرسيه لينسل بسيارته إلى الطريق الجانبي وهو ينظر إليها عن طريق المرآة الأمامية فيجدها تغمض عينيها تدعي النوم كما تفعل منذ أن بدأ رحلتهم ، تنفس بعمق وهو ينظر إليها ثانية ويفكر لماذا اختارت المقعد الخلفي ولم تركب إلى جواره كعادتها وخاصة أن والدته اصرت أن تجلس بالخلف هاتفه بأنها تريد أن تدلل طوال السفر ، فابتسمت حينها وهمست أنها ستشارك امه الدلال وتركب إلى جوارها بينما جواره خالد في عفوية وهو يهمهم إلى امه أن تتدلل هي وابنة شقيقتها كما تحبا فهما خلقا للدلال فقط .
انتبه من افكاره ونظراته المنصبة عليها إلى صوت خالد الهادئ يزجره بلطف أن ينتبه إلى الطريق فنظر أمامه ليهمهم إليه خالد بجدية : سأقود أنا المتبقي من الطريق .
هتف بسرعة : لا يا بابا ، لا تتعب نفسك سأنتبه لا عليك .
ابتسم خالد واخفض بصره ليهمهم إليه : حسنا توقف في الاستراحة وأخبر زوج أختك وعمك وليد أننا فعلنا .
هز رأسه بتفهم وهو يصف سيارته في مكان صف السيارات الخاص لتنتبه والدته فيهتف خالد بهدوء : هيا يا مدللات انزلن فانا سأدعوكم على العشاء .
استجابت إليه منال الذي فتح لها باب السيارة برقي كعادته فتتمسك بطرف سترته الكتانية الفاتحة لترفع جسدها على أطراف أصابعها لتقبل جانب ذقنه : لا حرمنا الله منك .
ابتسم بعشق تغلغل في عروقه على مر الزمن ليضمها إلى صدره همت بأن تلتفت لتدعو أميرة فيشير إليها خالد بعينيه وهو يضمها إليه اكثر ليدفعها بلطف أن تسير معه قبل أن يرفع رأسه الى ابنه الذي أنهى محادثة زوج اخته ليهتف إليه : سأتحدث أنا إلى وليد .
أومأ احمد رأسه بتفهم ليبتسم بتوتر وهو يلتقط ايماءة عيني خالد التي حطت على أميرة قبل أن يتحرك صاحبا منال معه ، زفر أحمد بقوة وهو ينظر إليها من خلال نافذة السيارة المغلقة عليها فيجدها مغمضة العينين وكأنها نائمة فعليا فيلتف حول السيارة ليدلف إليها من الباب الآخر هامسا باسمها في خفوت ، مقتربا منها بهدوء قبل أن يلثم وجنتها بخفة فتنتفض جالسة ، تنظر إليه بحدة وجسدها يتخشب برفض وصله جيدا فتتسع عيناه بصدمة ليهمس بعدم فهم : ما بالك يا حبيبتي ؟!
رفعت رأسها بشموخ لتغمغم وهي تعيد ترتيب خصلاتها : لا شيء أنا بخير .
رمقها بتفحص قبل أن يهمهم ببطء : أشعر أنك غاضبة ، هل فعلت ما ازعجك ؟!
أشاحت برأسها بعيدا عنه لتكتم تنهيدتها الحارقة التي كادت أن تخرجها في وجهه لتهمس ببطء : لا يا أحمد ، أنت تصرفت على سجيتك ولكني أحرجت بسبب وجود عمو خالد .
عبس بعدم فهم ليهمس بتلعثم : أنت تقصدي حينما ..
قاطعته : نعم ، فانا لم أعد اتحمل أن تخجلني هكذا على الملأ .
اهتزت حدقتيه بخوف أخفاه خلف جفنيه اللذين اخفضهما ليهمهم بخفوت : اعتذر أني صرحت بشوقي إليك على الملأ يا أميرة ، اعدك أني لن افعلها ثانية .
تحكمت في دموع اغرقت مآقي عينيها لتهمهم بصوت مختنق : لا عليك ، لست غاضبة لهذا الحد .
القتها لتنهمر دموعها في صمت فاغمض عينيه ليجذبها نحوه يضمها إلى صدره بحنو سائلا : ما بالك يا أميرتي ؟ أخبريني هل ازعجتك ماما ؟ هل ضايقتك هنا أو أي من طفليها ؟ ما الذي احزنك ؟
همهمت بنحيب : لا شيء .. لا شيء .
ضمها أكثر إليه ليهدهدها بحنان يغمرها باحتضانه القوي ويقبل رأسها بحنو : حسنا اهدئي يا أميرتي ، وتوقفي عن البكاء فأنا لا احتمل دموعك .
تمسكت بقميصه في رجاء لم يفهم معناه ليضمها إليه اكثر وهو يقبل جبينها .. عينيها .. وجنتيها .. انفها ، قبل أن يحنو رأسه إليها فيقبل شفتيها بعاطفة .. بحب .. بتوق .. وبعشق تملكه ليهتف من بين أنفاسها : آسف لو ازعجتك .. اغضبتك .. احزنتك ، أنا آسف ولكن اعلمي أن كل ما افعله لأني أحبك .. اعشقك .. مجنون ومتيم بك ، رفع رأسها لينظر إلى عمق عينيها – أنا لا أقو على العيش دونك يا أميرة ، أنت عمري . حياتي .. غايتي .
انهى كلماته بين ثغرها الذي امتص رحيقه بلهفة اججت لهيبها حينما علقت ذراعيها حول عنقه لتضمه إليها أكثر قبل أن ينتفضا سويا على نقر رقيق فوق زجاج النافذة فيلتفت سريعا لينظر إلى ملامح وليد المعاتبة وضحكته اللطيفة والتي تخفي خلفها غضب طفيف لمع بعينيه وهو يهتف من بين أسنانه : أين أباك يا فياض المشاعر ؟
اخفضت رأسها ليكح أحمد بحرج : ذهب إلى المطعم يا عماه .
رمقه بنظرة حادة قبل أن يهتف به : حسنا سأذهب إليه ، توقف قبل أن يبتعد عنه – ألن تأتي أنت الآخر ؟
هتف أحمد بصوت أجش : سأفعل .
رمقه وليد قليلا قبل أن يزجره بسخرية : من الأفضل ان تفعل ، فزجاج النافذة يظهر ما يحدث بالداخل إن كنت لا تعلم .
أومأ برأسه متفهما : أعلم يا عماه ، أعلم .
حرك رأسه لينظر إلى ابنة اخيه المنكمشة خلف ظهر زوجها ، تتمسك بظهر قميصه من الخلف وتخفي وجهها فيه كطفلة تتهرب من معاقبة ذويها ، ليهز رأسه في عدم فهم وهو يبتعد عنهما نحو سيارته ليتحدث إلى ياسمين الجالسة بالداخل : هيا يا جاسي ، فخالد ومنال ينتظرانا بالداخل .
تحركت لتنزل من السيارة تسأله باهتمام : مع من كنت تتحدث اذا ؟!
اغلق السيارة ليشير إليها أن تسير بجواره : أنه أحمد .
نظرت إليه بتساؤل فغمغم : هذا الولد يثير تساؤلاتي واوشك على اثارة غضبي .
رفعت ياسمين حاجبيها بدهشة : غضبك ؟!
نفخ بقوة : نعم ، أشعر بالحيرة كلما رأيت تمسكه القوي بأميرة .
هتفت ياسمين بطبيعية : إنه يحبها ، هو فقط مشاعره جياشه ووقح كحميه .
ضحك وليد بخفة : دوما تذكرين وائل بكل خير .
هزت كتفها : هل اتبلى عليه ؟ هز وليد رأسه نافيا لتومض عيناه بإدراك لحظي – بل أنت محقة يا ياسمين أحمد يشبه وائل كثيرا .
نظرت إليه بتعجب : كيف لم تلاحظ هذا ؟ إنه متعلق بأميرة مثلما وائل كان ولازال متعلق بفاطمة .
زم شفتيه بتفكير ليهمهم : ولكن وائل كان لديه أسباب كثيرة لتعلقه بفاطمة ، ما أسباب تعلق أحمد التام بأميرة ؟
هتفت ياسمين بتعجب : لأنه يحبها .
رفع نظره إليها قليلا : الأمر يتعدى الحب يا ياسمين .
عبست بعدم فهم ليكمل بجدية : هناك ما يدفع أحمد للتعلق بأميرة هكذا ، هناك سببا كبيرا أيضاً .
هزت رأسها بتفكير : من الممكن أن يكون رفض وائل إليه في أول الأمر هو ما أدى إلى تمسكه الشديد بها .
حرك رأسه : ممكن ، وممكن أن يكن لديه دافع قوي لا يعرفه أحدا منا .
نظرت إليه قليلا قبل أن تهمس : هل تلمح لعدم إنجابها ، أم أن هناك شيئا أخر ؟
زفر بقوة ليغمغم حينما التقط وجود خالد ومنال : لا أعلم ولكن من الجائز جدا أن يكون هذا سببه .
همت بالرد عليه ليشير إليها بعينيه : خالد ومنال .
فابتسمت برقة وهما يقتربان من الطاولة التي يجلس عليها الآخران فينضما لهما قبل أن ينضم اليهم أسرة هنا الصاخبة بحديثها الغزير وضوضاء صغارها .
***
أنهوا طعامهم لتنهض واقفة : من يريد القهوة ؟
رفع رأسه ليهتف بجدية : اجلسي يا يمنى .
اتبع عمر بمساندة : لن تذهبا للإتيان باي شيء ونحن موجودان .
عبست يمنى بغرابة فأكمل عمر : نحن نحترم وندعم استقلالكما. . شخصيتكما .. ووجودكما ولكن لن تذهبا لأي مكان ونحن هنا .
جلست ثانية : لأول مرة اكتشف أنك شرقي حتى النخاع يا عمر بك .
تمتم عمر بجدية : لا تحاولي إيقاعي مع حبيبة يا يمنى ولكني سأخبرك أمرا ما ، اتبع وهو يقترب منها عبر الطاولة - أنا صعيدي
ضحك عمار ليربت على كتف عمر : عاش يا أبو الصعيدي .
التفت عمر لحبيبة : هل لديك اعتراض يا حبيبة هانم ؟
ضحكت حبيبة بخفة واحنت رأسها بطاعة افتعلتها : وهل لي قول بعد قولك يا عمر بك
ضجت ضحكاتهم لتهتف يمنى : بعتي استقلاليتك لأجل عمر بك يا حبيبة .
هتفت حبيبة بمشاكسة : بل لأجل عيون عمر بك ابيع العالم كله .
قهقه عمر ضاحكا ليهتف من بين ضحكاته : لا أعلم لماذا اشعر باني سأرى اليوم ما لم أراه من قبل في حياتي .
هتف عمار بمشاكسة : أنا الآخر أعتقد ذلك ، انها تمنحك وضعك أمامنا فقط ليس أكثر
هز عمر رأسه ليشاكسها : لا تعلم أنت يا دكتور عمار حينما تنقلب حبيبة هانم إلى الوجه الآخر أنا أرى النجوم في عز الظهر
نظرت إليه حبيبة بصدمة : هكذا إذا يا عمر .
أشار إليها عمر : ارايت يا عمار لم تنتظر لتنصرف ، ضحك عمار لينهض عمر واقفا متبعا - هيا بنا لنذهب إلى مقهي قريب يقدم قهوة ستعدل مزاج الأستاذة ونبتاع الآيس كريم لبطتي .
لكزته بمرفقها : تأدب يا عمر .
ضحك وهو يقربها منه ليدفعها بخفة من خصرها فتلتفت إليه تزجره بعينيها ليضحك بخفة وهو يحمل حقائبهم ليسيرا سويا .
وقف منتظرا أن تتحرك لتحمل حقائب مشترياتها همس بجدية : ألا تريدين المساعدة؟
تمتمت بجدية : شكرا لك .
سحب نفسا عميقا ليقف أمامها يعيق حركتها ،هاتفا بجدية : اسمعي يا ابنة خالتي ، طالما تواجدت معك احترمي وجودي واحترمي القرابة بيننا لا تعرضينا لمواقف محرجة بسبب تصرفات لا أهميه لها .
رفعت نظراتها إليه بتساؤل فيكمل : أعتقد أنك حينما تحرجينني تحرجين نفسك معي فلا داعي لكل هذا ، أنت لا تريدين قربي وأنا احترمت رغبتك ولم اتجاوز أبدا من حينها وأعتقد أن من حقي عليك ومن حق قرابتي لك أن تحترمي وجودي حينما أتواجد معك .
اشاحت بعينيها بعيدا ليسأل بهدوء : هل فهمت يا يمنى ؟!
اومأت برأسها في تفهم ليبتسم باتزان : جيد .
أشار إليها بأن تتقدمه : حسنا تفضلي واتركي الحقيبتين الثقيلتين لأحملهما يكفيك حقيبتك تلك التي تشبه الصندوق .
ضحكت رغم عنها لينظر إليها بتساؤل وهو يحمل الحقيبتين التي تركتهما بالفعل لتهمهم : أمي تكرهها وتشبها كما فعلت أنت للتو .
ابتسم بدوره ليسأل بجدية : هل رأتك خالتي وأنت تغادري البيت اليوم ؟
عبست لتهز رأسها إيجابا فيرفع حاجبيها بتعجب فسألته بدهشة : لماذا ؟!
أجاب بعفوية : تعجبت أنها تركتك تغادري البيت بهذا الفستان
همهمت بحدة : ما به الفستان ؟
أطبق فكيه ليهمهم بضيق : أنه قصير.. رفعت حاجبها بتعجب فاتبع : أريد ان أعلم هل كنت هكذا بالعمل ؟ه
ابتسمت رغم عنها لتجيب بمكر أنثوي : لا لم أذهب اليوم نزلت من البيت بغرض التسوق ، اتبعت بعفوية - فانا لا أذهب هكذا للعمل
زفر براحة : أفضل .
سحبت نفسا عميقا لتغمغم وهي تتجه نحو متجر يقع بطريقهما : هلا انتظرت قليلا سأرى هذا الفستان ؟!
اتبع وهو يدلف خلفها : أعتقد الجامب سوت منه سيكون أفضل .
التفتت إليه تنظر إليه بتعجب فأكمل : فهو فضفاض ومغلق ايضا من الأمام .
التفتت إليه تبتسم برقة : ولكنه ليس مناسب ، فأنا أريد الفستان لأني سأرتديه فوق رداء السباحة فلا أريده أن يعقني
جمدت ملامحه ليهتف بجدية : أخرجي من المتجر يا يمنى ، هيا معي .
ابتسمت لتهمهم بدلال لم تقصده : انتظر يا عمار سأبتاع الفستان وخف ايضا يتماشى معه
رفع حاجبه ليسألها : وهل ابتعت رداء السباحة أم لا ؟
ضحكت بخفة : نعم فعلت .
اقترب وهو يطبق فكيه : أخرجي امامي يا يمنى ، وإياك ان أراك ترتدين رداء السباحة هذا هناك ، اسمعت؟
تمتمت بخفوت وهي تتحرك للخارج بالفعل : كيف سأسبح إذًا ؟!
تمتم بغضب : إن شاء الله عنك ما سبحت يا ابنة الأمير ، ضحكت برقة ليتبع بحدة - سعيدة لأنك اغضبتني ؟
توقفت عن الضحك وسحبت نفسا عميقا لتجيب بهدوء : ليس لك حق في الغضب يا عمار .
رمقها قليلا قبل أن يهمهم بصوت محشرج وهو يقف أمامها فلا يسمح لها بالابتعاد عنه : بل لي كل الحق حتى لو لم تعترفين بحقي هذا يا يمنى .
عم الصمت عليهما يتبادلان النظرات تشمخ أمامه بعنفوان فيحتد بتملك يزأر به بقوة دون تراجع ليصدح صوت حبيبة القريب : يمنى أين ذهبت ؟
ابتسمت برقة وهي تسبل اهدابها قبل أن تجيب ابنة خالها : أنا هنا .
رمقتهما حبيبة ليهتف عمر بمرح : حسنا هيا بنا .
***
دلف إلى بيته بعد أن قضى السهرة في بيت زوجته المستقبلية ليزفر براحة نفسية لم يشعر بها منذ وقت طويل ، تحرك بخطوات هادئة متجها نحو غرفته ليتوقف وهو ينظر إلى غرفة ابنته المضيئة بضوء باهت آت من الباب الموارب قليلا فيتجه نحوها بخطوات بطيئة يدفع الباب بحذر وهو ينظر إلى ابنته الجالسة على حافة فراشها بجوار حقيبة متوسطة الحجم مفتوحة بها ملابسها
وقف فلم يدلف إليها فترفع رأسها إليه بعينين دامعتين ونظرات لامعة بعتاب قوي فيهمس ساخرا : أتيت لتأخذي بقية ملابسك
رجفا جفنيها وقابلته بالصمت قليلا قبل أن تهمس بصوت محشرج : أتيت لأحضر حقيبتي فأنا سأسافر غدا مع عاصم وعمار .
هز رأسه متفهما : جيد ، ستذهبين مع ابني عمك .
أومأ ت برأسها إيجابا : حسنا هل تحتاجين لأي شيء ؟! هزت رأسها نافية فهمهم وهو يستدير ليبتعد عنها - تصبحين على خير
هتفت بنشيج باكي : بابا
توقف وقلبه يرق لأجلها فاستدار إليها من جديد ليتراجع جسده إلى الوراء بنفضة اجتاحته حينما اندفعت نحوه تتعلق برقبته تبكي بنحيب ونشيج آلم قلبه فاحتضنها بحنو كعادته ليربت على رأسها بحنان هامسا : توقفي يا جنى توقفي يا حبيبتي لا تبكي وتوجعي قلبي ، توقفي يا ابنتي
نهنهت ببكاء خافت : أنا آسفة أرجوك لا تغضب مني .
زفر بقوة ليربت على ظهرها بلطف : لست غاضبا يا حبيبتي .
دفعها بلطف ليجلسها على الأريكة بغرفتها ويجلس إلى جوارها : اهدئي يا جنى وتوقفي عن البكاء من فضلك .
سيطرت على دموعها بصعوبة لتمسح وجهها بكفيها فيربت على ظهرها بحنو لتهمس بجدية : أنا اعتذر يا أبي فقط خانني التفكير و.. صمتت قليلا - لست متقبلة لفكرة زواجك نهائيا ولا أستطيع أن أكذب حيال شعوري معك .
هم بالحديث فقاطعته : أعلم كل ما ستقوله ، قلته لنفسي من قبل وقاله لي أسعد اليوم ولكني لا أستطيع يا ابي ، لا أستطيع .
صمت قليلا ليهتف : أعلم انك لست متقبلة للفكرة ولكن ألا استحق منك المحاولة يا جنى ؟! ألا استحق أن تجبرين نفسك على التقبل والتأقلم مع ما أريده أنا ؟
جرت دموعها على وجنتيها من جديد لتغمغم بصوت مختنق : بل تستحق أن افديك بحياتي يا أبي .
ربت على رأسها ليهمهم : لا أريدك أن تضحي بحياتك لأجلي يا حبيبتي ، بل أريدك أن تظفري بحياتك ، أنا احررك من قيدك الذى التزمت به من صغرك يا جنى ، ها أنا اخبرك بأني سأكون سعيدا فاسعدي أنت الأخرى واظفري بحياتك يا ابنتي .
ابتسمت بألم لتهمهم : من التي اخترتها يا أبي لتحل محل والدتي ؟!
رجفا جفنيه ليهمهم بصوت ابح : لا علاقة لها بوالدتك يا جنى ، فامك لن يحلها محلها أحدا .
تمتمت باختناق : هل أعرفها ؟
أجاب بهدوء : لا ، أنت رأيتها مرة بمكتبي ولكنك لا تعرفيها ، أتمنى أن أن تتعرفي عليها وتقتربي منها فهي الأخرى تستحق أن ترحبي بها .
ازدردت لعابها بجفاء لتشيح برأسها بعيدا لتسأله بحشرجة : هل أنا أنانية يا أبي ؟ عبس بتعجب فأكملت أسعد يرى أني أنانية لأني رفضت أمر زواجك ، هل أنا أنانية فعلا ؟
ابتسم أحمد بحنان ليربت على رأسها : لا يا حبيبتي ، أنت لست كذلك ما تشعرين به طبيعي وأنا اتفهمه .
رجفا جفنيها وانفاسها تتوالى بنحيب توقف عن الهطول مع دموعها التي توقفت ليسالها أحمد باهتمام : هل قابلت أسعد اليوم ؟
ازدردت لعابها ليرجف جفنيها : نعم هل هناك شيء ما بخصوص مقابلتي لأسعد ؟
ابتسم برزانة : لا ، ولكن أعتقد أن عريسك لن يقبل بهذا الأمر بعدما ترتبطا
انتفضت بهلع مرددة : عريسي .. نرتبط ، لم أوافق يا ابي .
ابتسم أحمد : أعلم أنا لا أتحدث عن باهر ، أنا أتحدث عامة ، أي زوج يا حبيبتي لن يقبل بصداقتك لأسعد ، صمت ليتبع بجدية - حتى لن يقبل بصداقتك لعاصم .
هتفت بحدة : لن اتزوج يا بابا فتوقف عن الحديث بهذا الأمر .
رمقها أحمد مليا : لماذا يا جنى ؟! ما سبب هذا الرفض الصريح والمستميت في عدم رغبتك في الزواج ، إنها ليست المرة الأولى أن ترفضي بها عريس يتقدم إليك ، بل إنك دوما ترفضينهم سواء علمت بهم أم لم أعلم ، تطلع إليها قليلا - هل هناك أحدا لا أعرفه ؟
انتفضت بخفة لتهمهم بتلعثم : ما هذا الحديث يا أبي ؟ ارتجفت رغم عنها - لا طبعا ..
ارتعشت كفيها ليقبض عليهما براحتيه هامسا بأمر جاد : انظري إلي يا جنى ، هل أنت مرتبطة عاطفيا ؟
رفعت رأسها تنظر إليه فتهتز حدقتيها قبل أن تنهمر دموعها ببكاء غزير لترتمي في حضنه فيضمها إليه بحنان يهدهدها بأبوة هاتفا بحزم : اشش اهدأي وتوقفي عن البكاء لنستطيع الحديث سويا يا ابنتي ، فقد حان وقت الحديث
***
تأففت بضيق وهي تنظر إلى شاشة هاتفها بعبوس داعب ملامحها لتهتف بحدة : عمر هلا اوصلتني مع حبيبة فعادل بك منشغل بمرضاه وسيقضي ليلته بالمشفى حتى يستطيع أن يحصل على إجازته الأيام القادمة .
ضحكت حبيبة ليهتف عمر : بالطبع يا يمنى أنت تؤمري .
أطبق فكيه بغضب يتنامى بداخله بسبب ابتعادها عنه فمنذ أن كانا بالمتجر وهي تتجنبه .. تتحاشاه .. تنأى عنه وتحرمه وجودها ، و كأنهما عادا إلى نقطة الصفر من جديد هتف بجدية : بل أذهب أنت يا عمر وأنا سأعيد يمنى إلى البيت ، اكمل وهو يرمقها بحدة - فأنا اقرب إليها منك .
عبس عمر بريبة ليهمهم : ولماذا تشغل نفسك وتتعب نفسك بإيصال يمنى يا عمار ، أنا ذاهب هناك على أي حال فأنا سأعيد حبيبة إلى البيت الواقع بجوار بيت يمنى .
أطبق عمار فكيه وهو يرمقها بحدة : ليس هناك تعب ، أنا فداء ابنة الخالة.
مطت شفتيها وهمت بالرد ليصدح هاتفها برنين فتبتسم بمكر وتجيب بهدوء : مرحبا يا أسعد .
أدارت ظهرها لهم : نعم لقد انتهيت وكنت أنتظر عادل ليعيدني ولكنه لن يقو على المجيء فسأعود مع عمر وحبيبة .
شهقت بصدمة حينما انسحب الهاتف من يدها ليضعه على اذنه هاتفا بحدة: مرحبا يا أسعد كيف حالك ؟
أتاه صوت أسعد الهادئ : بخير الحمد لله ، مرحبا بك كيف حالك أنت ؟ صمت قليلا ليسأل بجدية - أنت مع يمنى ؟
ازدرد عمار لعابه بهدوء ليهتف بجدية : كنت اتسوق وقابلت عمر صدفه فانضممت لهم ، وسأعيدها للمنزل الآن .
اكمل وهو يستدير ينظر إليها بحدة : فليس من اللائق أن تعود مع عمر وأنا موجود .
هتفت حينها بحدة : عمر سيعيد خطيبته التي تكون ابنة خالي بالمناسبة .
صاح بدوره : حتى إن كان زوج ابنة خالك ، أظل أنا الاقرب اليك .
زمجر حينما اتته ضحكة أسعد الخافتة ليصيح : أحببت ان ابلغك أنها ستعود معي إلى اللقاء ، اتبع قبل أن يناولها الهاتف - شقيقتك معك.
رمقته بتحدي وهي تضع الهاتف فوق اذنها ليأتيها صوت أسعد الهادئ : يمنى ؟
ازدردت لعابها وعيناها تنضح بعاصفة اوشكت على الهبوب فتجيب اخاها بهدوء : أنا معك .
هتف أسعد بجدية : عودي معه يا موني ، انغلق حلقها ليتابع أسعد - اجذبي وارخي يا شقيقتي ، وحالة عمار الآن تحتاج للارتخاء فلو عاندته أكثر سيهاتف بابا وماما ليحصل على ما يريد .
انفلتت أنفاسها لتهمهم بصوت ابح : حسنا يا أسعد ، لن أتأخر .
اغلقت الهاتف ولم ترمش بعينيها لوهلة بل ظلت تطلع إليه بتحدي وهامتها تعلو بكبرياء ليبتسم بهدوء قبل أن يهتف بعمر : اذهب أنت يا عمر ، يمنى ستعود معي .
نقل عمر- الصامت برزانة كعادته - نظراته بينهما لينظر إلى حبيبه بتساؤل فتمأ برأسها إيجابا ثم تجذبه معها : حسنا يا موني ألقاك بالمنزل .
توقف عمر فلم يتحرك مع حبيبة مشيرا إليها برفض ليرفع نظره إلى يمنى هاتفا بجدية : ماذا ستفعلين يا موني ؟
ابتسمت بمكر لتحيد بعينيها إلى عمر مجيبة : أذهب يا عمر ، سأعود مع ابن الخالة .
هز عمر رأسه بتفهم ليكتم ابتسامة كادت أن تنزق على شفتيه قبل أن يهتف بجدية : حسنا ، تصبحون على خير .
جذب حبيبة من كفها معه ليبتعدا عنهما مهمها إليها : عمار سيرى ليلة سوداء على رأسه .
كتمت حبيبة ضحكتها لتماثله في طريقة حديثه : أينعم ، فيمنى لا تأتي بالعناد وفرض السيطرة أبدا .
تنهدت بقوة وهي تدلف إلى السيارة فتجاوره بأريحية – ولكن بعض الأوقات اشفق عليه فيمنى ند قوي وعقل لا يستهان به ، وهو يحبها كما هو واضح للعيان .
التفت إليها دون أن يدير السيارة هاتفا بمكر ضاحك : امم ، أنت تشفقين عليه .. تتنهدين لأجله .. وترين كما هو واضح أنه يحبها .
ابتسمت رغم عنها وهي تنظر إلى عيناه اللامعتان بتسليته : نعم ، هل لديك اعتراض يا سي عمر بك .
قهقه ضاحكا : أبدا يا حبيبة هانم ولكن لدي تساؤل ، صمت قليلا ليقترب منها بخفة هامسا بصوت اجش - ألا تشفقين علي يا بطتي ؟
رمشت بعينيها ووجهها يتورد بحمرة خجل قانية فتهمس بخفوت ورقة : لماذا أشفق عليك ؟
همهم وهو يقترب أكثر منها : اليوم أنا وحيد ، أمي وأبي غادرا وتركونني مع هذا الكائن المسمى بتؤامي ، لا أملك أحدا يهتم بي ولا يعتني .
شهقت بخجل حينما شعرت بذراعيه تلتفان من حولها فيجذبها إليه أكثر وهو يتابع : ألا تهتمين أنت وتراعينني يا بطتي ؟
جف حلقها وهي تقع في حدقتيه الوامضتين بلون أزرق صاف كسماء صافية في صباح مشرق فتهمهم بصوت اجش : كيف افعلها ؟
همس وانفاسه تختلط بأنفاسها : فقط عانقي أنفاسي .
فقدت التركيز والفهم وعقلها يرتبك مع تشتيته لها باحتضانه .. كلماته .. وعيناه اللتان ترسلا الكثير من الإشارات تخطئ في تفسيرها فعقلها لا يدركها : كيف لا أفهم ؟!!
لهث بتوق : إذًا دعيني أشرح لك .
هم بتقبيلها كما أراد وتمنى منذ أن اقترن بها ليصدح هاتفها بصوت رنين عال فتنتفض برفض وهي تدفعه بعيدا عنها هاتفة بخوف حقيقي لمع بعينيها : بّابّا .
غمغم بعدم فهم وهو يحاول أن يظل متمسكا بها : ماذا به ؟
دفعته بجدية تلك المرة : إنه على الهاتف .
زم شفتيه بضيق ليعود إلى كرسيه يلهث بعنف وغضب تملكه لتجيب هاتفها بتوتر : مرحبا يا بابا ، أنا عائدة الآن ، لست بمفردي أنا مع عمر .
استمع إلى صوت بلال الغاضب يهدر : الساعة اقتربت على منتصف الليل يا حبيبة .
همت بالرد ولكنه سحب الهاتف من يدها يسيطر على أنفاسه المتلاحقة بجبروت ويستمع إلى حميه الغاضب على ما يبدو فيهتف أخيرا : مساء الخير يا عماه .
صمت بلال قليلا قبل أن يهتف بجدية : عودا الآن يا عمر ولنا حديث عندما تصل بإذن الله ، فأنا اريدك .
سحب نفسا عميقا قبل أن يجيب بأدب : سأفعل يا عماه ، أراك قريبا .
أغلق الهاتف ليمنحه إليها فتلتقطه منه بكفي مرتعشين هامسة : سيغضب ابي كثيرا ، لقد تأخرنا .
رمقها بجانب عينه ليحدثها بهدوء بعدما أدار سيارته لينطلق بها : لا تخافي ولا تجزعي يا حبيبة ، أنا معك وبجوارك .
انتفض جسدها لتهمس بصوت هش : لا أريده أن يغضب ، أنا احب أبي كثيرا ولا أحب أن اغضبه .
تأملها بجانب عينه : سأعتذر منه واراضيه حتى لا يغضب منك يا بطتي فقط لا تخافي أنت .
رفعت نظراتها إليه لتساله ببراءة : حقا ستفعل ؟
التفت إليها يرمقها بنظرة سريعة سائلا بدهشة : ماذا سأفعل ؟
تمتمت بشرود : ستحتمل غضب أبي وتعتذر منه أيضا ، سترضيه وترتضي قوانينه لأجلي ؟
التفت إليها ليهمس بوعد : سأفعل كل شيء وأي شيء لأجلك يا حبيبة ، أكمل بصوت هادي واثق مليء بالوعود – فأنت بطتي .. حبيبتي .
***
تحركت بخطوات واسعة إلى جواره ليشير إليها أن تتجه نحو سيارته الرياضية القابعة أمامهما فتقف تنظر إليها بتعجب قبل أن تسأل بجدية : ألم تبدلها للان ؟!
ابتسم بمكر وفتح إليها باب السيارة بعدما وضع الحقائب الكثيرة في مؤخرة سيارته : بلى فعلت ، إنها الأحدث من طرازها .
رفعت حاجبيها بدهشة : ولكنها تشبه الأخرى كثيرا .
اقترب منها وهو يقبض على إطار الباب بكفيه : أنا انتقيتها تشبه الأخرى كثيرا ، فأنا أعشق الأخرى لو تتذكرين .
التفتت تنظر إلى وجهه القريب منها لتهمس بهدوء : أنت تحاول محاربة الزمن يا عمار ، تريد أن تعيد كل شيء إلى الوراء ولا تريد الإقرار بأن هذا مستحيل .
أشار إليها بأن تدلف إلى الداخل ليغلق الباب بعدها ثم يدور فيستقل مقعده يدير السيارة منطلقا بها قبل أن يجيبها بهدوء : من أخبرك أني أريد محاربة الزمن يا موني ، أو اعادته ؟!
التفتت إليه بكليتها لتسأله بجدية : ماذا تريد اذا ؟
التف إليها ينظر اليها لوهلة قبل أن يعيد بصره إلى الطريق أمامه : أريد صنع زمن جديد يضمنا سويا من جديد .
هزت رأسها بيأس لتهمهم ضاحكة : على رأي الست يا عمار ، اكملت بدندنة خافتة وصوت يائس رغم قوته – عايزنا نرجع زي زمان قول للزمان أرجع يا زمان .
صمت قليلا ليهتف بها : أكملي الغناء .
عبست بعدم فهم ليكمل بصوت شجي : وهات لي قلب لا داب ولا حب ولا انجرح ولا شاف حرمان
ردد المقطع على مسامعها ثلاث مرات فشاركته الغناء بصوتها القوي ليتجلى معها بصوته منمق النبرات :
تفيد بأيه .. إيه يا ندم يا ندم يا ندم
وتعمل إيه .. إيه يا عتاب
طالت ليالي ليالي .. اه ليالي الألم
واتفرقوا الأحباب .. اتفرقوا
صمتت ليكمل وهو ينظر إليها برجاء لمع باخضرار عينيه الذي طغى على العسلي فيهما :
وكفاية بقى تعذيب وشقى .. وكفاية بقى تعذيب وشقى
ودموع في فراق .. ودموع في لقى
صمت وهو يناجيها بعينيه وانفاسه اللاهثة لتبتسم بمرارة نضحت بحروف صوتها الذي خفتت قوته بعتاب تجلى بين حروفها وانظار أشاحت بها بعيدا عنه :
تعتب عليا ليه .. أنا بأيديا إيه
أنا بأيديا إيه .. أييييه
فات المعاد .. فات .. فات المعاد .
أطبق فكيه بقوة قبل أن يهتف بجدية غير قابلة للتفاوض : لم يحن المعاد بعد يا ابنة الأمير .
أشاحت بوجهها نحو النافذة لتكتم ابتسامتها على قدر ما استطاعت وهي تقرر تجاهله إلى أن يصلا للبيت .
***
رمشت بعينيها لتنفرج ملامحها بسعادة تشكلت على ثغرها لتهمس : أتيت ؟!
لامس خصلاتها البنية بوهج الكراميل المفروشة على الوسادة من حولها : بالطبع فأنا لا أقوى على النوم دونك يا حوريتي
تمطائت بسعادة لتهمهم: ظننتك ستأتي بعد غد ، كما أخبرتني .
اقترب برأسه منها : لم أقو على الصمود دونك ، القصر موحش دونكم ، فأتيت .
فتحت عيناها لتبتسم برقة : اشتقت إليك .
لامس ارنبة أنفها بأنفه : وأنا الآخر ، اتبع بعدما لعق شفتيه وعيناها تومض ببريق خاص بها - اشتقت لك برداء السباحة الاحمر .
جلجلت ضحكتها لتغمز بطرف عينها في شقاوة : تريد النزول إلى البحر الآن ؟!
هز رأسه نافيا : بل سنكتفي بحوض الاستحمام
انطلقت ضحكتها المائعة ليشاركها ضحكها قبل أن يدفعها بلطف : هيا انهضي فأنا أريد الحصول على حمام دافئ ، اقترب يقبل ثغرها بتوق - دافئ جدا
انطلقت ضحكتها مرة أخرى لتهم بالنهوض قبل أن ينفتح الباب فجأة فتنكمش ثانية تحت مفرش الفراش الخفيف حينما هتف أدهم بتعجب : مع من تضحكين يا مامي ؟
زمجر وائل بحدة وهو يشيح بذراعه : أنت أيها الحمار ، هل تدلف إلى الغرف دون أن تطرق بابها ؟
ارتفع حاجبي أدهم بدهشة قبل أن يهمهم : لم أعلم أنك موجود ، متى أتيت ؟
هتف وائل بحدة : موجود أو لا ، لا يحق لك أن تدلف إلى الغرفة دون أن تطرق الباب
لوى أدهم شفتيه ليغمغم بحرج وهو يخفض رأسه : المعذرة يا بابي ، لم أقصد ، أتيت اطمئن على أمي فأنا تعجبت حينما أسمعت إلى صوت ضحكاتها .
أجاب وائل ساخرا : من الممكن أن تضحك معي في الهاتف يا رئيس العسس ، كتمت فاطمة ضحكتها ليزمجر وائل متابعا - هيا تفضل إلى غرفتك .
زفر أدهم : حمد لله على سلامتك يا بابا .
نهض وائل واقفا ليتبعه بخطوات حانقة : سلمك الله يا روح بابا .
اغلق الباب خلفه بقوة لينظر أدهم إلى الباب بدهشة وقبل أن يتحرك أتته نوران التي تسال بتعجب : هل مامي من كانت تضحك هكذا ؟
رمقها أدهم من بين رموشه : نعم .
عبست نوران لتسأل بتعجب : بمفردها؟
لوى أدهم شفتيه ليغمغم بنزق : بل مع أبيك .
اتسعت عيناها بفرحة : بابي ، تحركت لتدلف إلى الغرفة فقبض على ساعدها - انتظري ، من الواضح أنه لا يريد المقاطعة .
تمتمت بعدم فهم : مقاطعة ماذا ؟!
قبل أن يجيبها أدهم همس صوته بنبرة عابثة في سماعة اذنها الصغيرة : ادلفي إليهم يا نوران ، لا يصح أن لا ترحبي بوصول أبيك
تمتمت بعفوية : معك حق .
نظر إليها أدهم بعدم فهم : معي حق في ماذا ؟!!
رمشت بعينيها لتهمهم : لا أتحدث إليك
نظر إليها بعدم فهم لينظر حولهما : مع من تتحدثين إذًا ؟!
عضت شفتها لتهمهم : أتحدث مع نفسي ، أذهب يا أدهم لترى ماذا كنت بفاعل واتركني بمفردي .
عبس أدهم بريبة قبل أن يهز رأسه بتعجب ويتحرك مبتعدا ، أتاها صوته سائلا بهدوء : لماذا لم تخبريه أني معك على الهاتف ؟
تمتمت بحيرة : لا أعلم بدى اخباره ليس سهلا .
ابتسم عاصم بتفكير وهو يضجع على فراشه لتتابع حينما عم الصمت عليهما : انتظر سأرحب بوصول أبي ونتابع حديثنا .
اعتدل ليهدر بجدية : لا تفعلي .
توقفت ولم تطرق الباب كما كانت تنوي ليكمل : اتركيه ورحبي به في الصباح ، ثم لا تتركيني الآن ، سأنام بعد قليل حتى أقوى على القيادة غدا .
__ حسنا ، لن أتركك وهيا استعد إلى النوم حتى تحصل على قسط مناسب من النوم ، اتبعت وهي تدلف إلى غرفتها - متى ستغادر صباحا؟
همهم بكسل : في الثامنة بإذن الله
مطت شفتيها بطفولية لتساله بغيرة لم تستطع التحكم بها : لم تخبرني كيف اقنعت جنى بالقدوم معكم؟
ابتسم بمكر : تحدثت معها.
ردت بدهشة : يا سلام ، ولكنك لم تقنعها من قبل ماذا حدث هذه المرة ؟!
اتسعت ابتسامته ليغمغم بتفكه : قلت لها لأجل خاطري يا جنى فاستجابت على الفور
اطبقت فكيها بقوة : هكذا إذا ، أخبرتها أن لأجل خاطرك فهي استجابت على الفور .
كتم ضحكته ليهمس : هل عندك شك ؟
زفرت بحدة : بالطبع لا وهل يقوى أحدا على عدم الاستجابة إليك ، تصبح على خير يا عاصم بك .
تمتم بخفة : لم نكمل حديثنا .
أجابت بغضب : لقد اكتفيت من الحديث .
صمت قليلا قبل أن يزفر بقوة : حسنا على راحتك
رجفا جفنيها : هكذا إذًا ؟!
تنفس بعمق : أنت من تريدين إنهاء الحديث، صمتت ليتابع : وتمنيت لي ليلة سعيدة أيضا
اثرت الصمت فأكمل : كيف ستكون سعيدة وأنت غاضبة هكذا بالله عليك؟!
استكانت بفراشها لتهمس بخفوت : وماذا أن كنت غاضبة ، ماذا سيحدث إلى ليلتك ؟!
همس بصوت أجش : ستكون ليلة سيئة للغاية لأنك نمت وأنت غاضبة ، أرتجف قلبها وهي تتورد تلقائيا فهمس متبعا : هلا إذا طلبت منك أن تحولي الإتصال إلى مرئيا ستوافقين ؟!
غمغمت بصوت أبح : نعم فقط أخبرني عن السبب؟
لوى شفتيه ليجيب بعنجهية: دون سبب ، فقط هكذا ، هل ستفعلين ؟
تمتمت : لا فأنا أرتدي ملابس النوم
كز على شفتيه ليهمهم بصوت أبح وعيناه تومض بتوق : وما هي ملابس النوم ؟ أخبريني .
ابتسمت بمكر أنثوي لتهمهم : تأدب يا عاصم ، ضحك بخفة فأكملت – ما رأيك أن ابعث إليك صورتي ؟
لعق شفتيه ليهمهم بعبث : بملابس النوم ؟
ضحكت برقة : قصدت صورة وجهي فمن الواضح أنك اشتقت الي .
تنهد بقوة ليغمغم : حسنا سأقبل بالصورة إلى أن ات إليك غدا .
عضت شفتها : تصبح على خير يا عاصم .
همس باهتمام : لست غاضبة
هزت رأسها نافية : لا ،
فأجاب بحنو : وأنت من أهل الخير ،اغلق الهاتف ليتابع -يا قلب عاصم .
استلقى جيدا في فراشه وعيناه تومض بتفكير قبل أن يصدح هاتفه برنة رسالة قصيرة فيستقبلها بلهفة وعيناه تومض بشغف لملامحها الناعسة بابتسامتها المغوية بفطرتها فيملئ عينيه بها قبل أن يضع الهاتف بجواره فيظل ينظر إلى صورتها إلي أن غفت عيناه
***
رنين هاتفه المتواصل أقلق نومه فعبس بغضب وهو يستلقي على وجهه يضع الوسادة فوق رأسه، ليعاود الهاتف الرنين من جديد فيزمجر بحدة و هو يرفع رأسه لينظر إلى الهاتف ، انفرجت ملامحه بصدمة انقلبت إلى خوف فاعتدل واجابها بلهفة تملكته : مرحبا يا رقية ، هل أنت بخير؟
ابتسمت لتهمهم : الحمد لله ، ألا اهاتفك إلا لوجود كارثة لا سمح الله ؟!
حك رأسه قليلا ليهتف بحرج: لم أقصد و لكني تعجبت من اتصالك الآن.
عبست بتعجب قبل أن ترد بحرج: اوه المعذرة، لم أنظر إلى الساعة قبل أن اتصل بك، فأنا استغرقت في فحص الكاميرات و لم أنتبه إلى مرور الوقت.
استنفر جسده ليهتف بحدة : أنت لازلت في المستشفى؟
أجابت بعفوية : لا طبعا ، لقد غادرت في موعدي و لكني أخذت نسخه من محتوى الكاميرات لأستمر في البحث.
همهم و هو يعاود الاستلقاء على فراشه : هذا تعب عليك يا روكا.
تمتمت : أنا بخير لا تقلق ، صمتت لتتبع - فقط أريد أن نصل إلى هويته لأشعر بالراحة.
سحب نفسا عميقا ليهمس لها بصوت حان: إياك أن تخافي يا رقية، لا تخافي أبدا .
ضحكت برقة : أخاف و أنت هنا يا باشمهندس، لا يجوز.
اتسعت ابتسامته لتومض عيناه بزرقة غنية ، لتكح بخفة قبل أن تتابع : لقد هاتفتك لأخبرك أني وجدت شيء ما.
ومض الاهتمام بعينيه ،فاتبعت : من الممكن ألا يكون هاما و لكني آثرت أن اخبرك.
تحفز مخه و هي تثرثر إليه :لقد رأيت تحرك شخص ما في كاميرا أخرى، كان يخطو نحو الاستقبال ، و أعتقد أنه كان يراقب عادل أو هذا ما هيأ لي.
غامت عيناه بالأسود القاتم ليسألها بوضوح : من هو؟
لوت شفتيها : لم يظهر وجهه للكاميرا و لكن هيئته واضحه ،من الممكن أن تتعرف عليه أنت و عادل.
صمتت قليلا لتزفر بقوة: فهو طبيب بالمشفى!!

انتهى الفصل ال19
قراءة ممتعة


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس